• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    قبسات من الإعجاز البياني للقرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    التقوى
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    نار الآخرة (10) سجر النار وتسعيرها
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: الفتاح
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    المحرم من الدعاء
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    البدعة في الدين
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    {إذ تصعدون ولا تلوون على أحد ..}
    د. خالد النجار
  •  
    نهاية عام وبداية عام (خطبة)
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    التواصل العلمي الموضوعي بين الصحابة: عائشة وأبو ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    راحة القلب في ترك ما لا يعنيك
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الإلحاد
    د. عالية حسن عمر العمودي
  •  
    يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإسلام يدعو إلى العدل
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    من مائدة التفسير سورة قريش
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    عناية النبي - صلى الله عليه وسلم- بحفظ القرآن ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    خطبة: فوائد الأذكار لأولادنا
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

إنه الله الذي لا إله غيره

إنه الله الذي لا إله غيره
أحمد محمد مخترش

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2015 ميلادي - 11/5/1436 هجري

الزيارات: 17523

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إِنَّهُ اللهُ الذي لا إله غيره


الخُطْبَةُ الأُوْلَى

الْحَمْدُ للهِ وَحدهُ، وَالشُّكرُ لَهُ لا لِغَيرهِ، تَعَالى فِي عَظَمَتِهِ وَمَجدِهِ، وَتَقَدَّسَ فِي أَسمائِهِ وَأَوصَافِهِ، وَأْشَهَدُ أَنَّ لَا إِلَهَ إِلَا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، لا نَبِيَّ بَعدَهُ، وَلاَ فَلاحَ إِلاَّ بِهديِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ، وَعَلَى آلهِ وَصحبهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثيراً إِلى يومِ الدِّينِ.

 

أمَّا بَعْدُ عِبَادَ الله:

فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُم وَتُوبُوا إِلَيهِ وَاستَغفِرُوهُ، وَانْظُرُوا مَا لأَنْفُسِكُمْ أَنْتُم مُقَدِمُوهُ، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18].

 

أيها الناس: اتقوا الله تعالى وخافوه واخشوه وحده ولا تخشوا أحدا غيره وكما قال الفضيل: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد قال تعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 176].

 

أيها الإخوة:

لقد بعد كثيراً من الناس عن الله، وتجرؤ عليه بأنواع المعاصي والذنوب التي ما ارتكبها هؤلاء الناس إلا بسبب ضعف جانب الخوف من الله في قلوبهم وبسبب غفلتهم عن الله ونسيان الدار الآخرة، فالخوف من الله هو الحاجز الصلب أمام دفعات الهوى العنيفة وقلّ أن يثبت غير هذا الحاجز أمام دفعات الهوى والشهوة والغفلة فالخوف هو الذي يهيج في القلب نار الخشية التي تدفع الإنسان المسلم إلى عمل الطاعة والابتعاد عن المعصية.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

إِنَّ أَعظَمَ مَا بُليَ بهِ الْمُسلمُ فِي حَياتِهِ، المعَاصِي الظَاهِرَةِ وَالبَاطِنة، الَّتِي لا يَعلَمُ عَنهَا أَحدٌ بَعدَ اللهِ إِلا صَاحِبَهَا، فَيكونُ قَلبُهُ مُقفَلٌ عَليهَا، مُتَلَبِسٌ بِها في الَخفَاء، لا يُحاوِلُ أَنْ يَتَخَلَصَ مِنهَا، وَلا أَنْ يَفتَكَ عَنهَا، لأَنَّ الشَّيطَانَ قَد اسْتَعمَرَ قَلبَهُ، وَاسْتَحوَذَ عَلَى عَقلِهِ، وَأَغْلَقَ قَلبَهُ عَلَى ظُلمِهِ، فَيَستَهِينُ بِتِلكَ المعَاصِي وَالذُّنوبِ وَيَقُولُ: لا أَحَدَ يَدري عَنهَا، ثُمَّ مَا هِيَ إِلا أَيامٌ وَشُهور، وَيبدأُ أَثَرُهَا وَشُؤْمُهَا عَليهِ، مِنْ قِلَّةِ التَّوفيقِ، وَضِيقِ الصَّدرِ، وَانْطِفَاءِ النُّورِ مِنْ وَجهِهِ، وَكَثرةِ المصَائِبِ وَالشُّرورِ، وَالتَّقصِيرِ فِي الطَّاعَاتِ وَالعِبَادَاتِ وَقِرَاءةِ القُرآنِ وَغَيرِهَا.

 

نَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الحَورِ بَعدَ الكَورِ، وَمِنَ الضَّلالَةِ بَعدَ الهِدَاية.

 

عَبدَ الله:

إِنِّي أَهمسُ في أُذُنَيكَ هَمسةً فَاسْمَعهَا وَأَرْعِهَا سَمعَكَ رَعَاكَ الله، تَذَكر وَتَأَمل وَتَدبر، مَنْ هُوَ الَّذِي تَعصيهِ! وَبالذُّنوبِ تَأتيه! أَليسَ هُوَ الله!؟ أَلَكَ قُدَرةٌ عَلَيه! أَمْ لَكَ مَلْجَأٌ مِنْهُ! وَمَهرَبٌ مِنْ بَينِ يَدَيْهِ! وَمَبْدَؤُكَ مِنهُ وَمَآلكَ إِليهِ!

 

قَلِّبْ نَظَرَك، أَمْعِنْ فِكْرَكَ، حَدِّقْ بَصَركَ، مَنْ تَكونُ أَنتَ حَتَى تَنسَى ضَعفَكَ وَقُوَّتِهِ سُبحَانَه، وَعَجزَكَ وَقُدرَتَه، وَفَقرَكَ وِغِنَاه، وَجَهْلَكَ وَعِلْمَهُ، وَغَضَبَكَ وَحِلْمَهُ، وَهَوَانَكَ وَعِزَّتَهُ، وَتَفَاهَتَكَ وَعَظَمَتَهُ، عَظَمَتُهُ الَّتِي َتَشهَدُ بِهَا مَخلُوقَاتُه، وَتَنْطِقُ بِهَا آيَاتُهُ، وَمِنْ عَظَمَتِهِ أَنَّكَ لا تُحيطُ بِعَظَمَتِهِ، فَالكَونُ كُلُّهُ بِمَا فِيهِ وَمَا يَعتَلِيهِ، يَبْرَأُ مِنْ ثِقَةٍ إِلا بِهِ، وَتَسْلِيمٍ إِلا إِليهِ، وَتَفوِيضٍ إِلا إِليهِ، وَتَوَكُلٍ إِلا عَلَيهِ، وَأَمَلٍ إِلا فِيهِ، وَرِضَاً إِلا عَنهُ، وَطَلَبٍ إِلا مِنْهُ، وَرَجَاءٍ إِلا بِمَا عِندَهُ، وَصَبْرٍ إِلا عَلَى بَابِهِ، وَذُلٍّ إِلا فِي طَاعَتِهِ، وَرَهبَةٍ إِلا لِجَلالِهِ، فَهُوَ الملِكُ لا شَريكَ لَهُ، وَالأَحَدُ الَّذِي لا نِدَّ لَهُ، كُلُّ شَيءٍ هَالِكٌ إِلا وَجهَهُ، فَلنْ يُطَاعَ إِلا بِإذْنِهِ، وَلَنْ يُعصَى إِلا بِعِلْمِهِ، يُطَاعُ فَيشكُر، وَيُعصَى فَيَغْفِر، فَمَا أَحْلَمَهُ عَلَى مَنْ عَصَاهُ، وَمَا أَكرَمَهُ عَلَى مَنْ أَمَّلَهُ، تَتَابَعَ بِرُّهُ، وَاتصَلَ خَيرهُ، وَعَمَّ عَطَاؤُهُ، وَكَمُلَتْ فَوَاضِلُهُ، وَتَمتْ نَوَافِلُهُ، وَبرَّ قَسَمُهُ، وَصَدَقَ وَعْدُهُ، وَحَقَّ عَلَى أَعدَاءِهِ وَعِيدُهُ وَلأَولِيائِهِ وَعْدُهُ.

 

أَيُّهَا المُؤمِنُونَ:

عِبَادُهُ سِوَانَا كَثِير، وَلَيسَ لنَا رَبٌّ سِوَاه، فَلا غِنَى لَنَا عَنهُ، وَلا مَهْرَبَ لَنَا مِنهُ، وَلا عِزَّ لَنَا إِلا فِي طَاعَتِهِ، فَسُبحَانَهُ مَا قَدَرنَاُه حَقَّ قَدرِه، وَلا عَبدنَاهُ حَقَّ عِبَادَتِهِ، وَلا شَكرنَاهُ حَقَّ شُكرِهِ، وَلا مَجَّدنَاهُ حَقَّ مَجدِهِ، وَلا عَظَّمنَاهُ حَقَّ عَظَمَتِهِ.

 

أَخِي الكَريم:

وَمَعَ ذَلكَ تَنسَى نَفسَكَ فَتَتَمَرَّدُ عَلَى مَنْ فَطَرَك، وَعَلَى مَنْ خَلَقَك وَسَوَّاكَ وَعَدَلَكَ، وَفي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ، فَتَغفُلُ عَنْ عَظَمَةِ خَالِقِك، وَجَلالَةِ رازِقك، فَتُحَارِبُهُ بِالمعَاصِي فَوقَ أَرْضِهِ، وَتحتَ سَمَاءِهِ وَفي مُلكِهِ، وَأَنتَ تَرَىَ الكَونَ بِمَا فِيهِ وَعَليهِ، خَاضِعٌ لله، خَاشِعٌ لمولاه، يَلهَجُ بِحمدِهِ، وَيُسَبِّحُ لمجدِهِ، وَيَهتِفُ بِذِكْرِهِ، وَيَنطِقُ بِشُكرِه، وَيَشهَدُ بِوَحدَانِيَّتِهِ، وَيَلهَجُ بِعَظَمَتِهِ، وَصَدَقَ اللهُ: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلَاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ ﴾ [النور: 41].

وفِي كُلِّ شَيءٍ لَهُ آيةٌ
تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ وَاحِدُ
فَوَاعَجَباً كَيفَ يُعْصَى الإِلَهُ
أَمْ كَيفَ يَجحَدُهُ الجَاحِدُ

 

فَالسَّمَاءُ وَنُجُومُهَا، وَالكَوَاكِبُ وَأَفْلَاكُهَا، وَالبِحَارُ وَمَا فِيهَا، وَالجِبَالُ وَمَا يَعتَلِيهَا، وَالأَنهَارُ وَمَجَارِيهَا، وَالقِفَارُ وَمَا يَحتَويهَا، وَالشَّجَرُ وَأَورَاقُهُ، وَالزَّهرُ وَأَحدَاقُهُ، وَالبَرقُ وَضَوءُهُ، وَالرَّعدُ وَصَوتُهُ، وَالَّليلُ وَأَستَارُهُ، وَالنَّهَارُ وَأَنوَارُهُ، وَالزَّمَانُ وَمَا يَطوِيهِ، وَالمكَانُ وَمَا فِيهِ، وَالطُّيورُ وَأَعشَاشُهَا، وَالوُحُوشُ وَأَوكَارُهَا، وَالدَّوابُ وَالحِيتَانُ، وَالحَشَراتُ وَالدِّيدانُ، كُلُّهَا سَاجِدةٌ عَابِدةٌ، كُلُّهَا ذَاكِرَةٌ شَاكِرةٌ، كُلُّهَا رَاكِعَةٌ سَاجِدَةٌ، كُلُّهَا مُسَبِّحَةٌ حَامِدَةٌ، ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]، {﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ... ﴾ [الحج: 18]، فَلَّمَا جَاءَ ذِكرُ النَّاسِ قَالَ: ﴿ وَكَثِيرٌ مِّنَ النَّاسِ ﴾، أَي لَيسَ كُلُّ النَّاسِ، فَمنهُم مَنْ يُقِرُّ بِوَحدَانِيَّةِ الخَالقِ سُبحَانَهُ كَهَذِهِ المَخلُوقَات، وَلهذَا قَالَ الحَقُّ عَنهُم: ﴿ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ ﴾، فَيَشُقُّ الإِنسَانُ الضَّعيفُ عَصَى الطَّاعَةَ لمولاهُ القَوِيُّ، وَهُوَ لِرَبِّهِ فَقِيرٌ، وَهُوَ عَنْهُ غَنِيٌّ، فَيُبَارِزُهُ بِالذُّنُوبِ العِظَام، وَالمعَاصِي الِجسَام، فَكُّلُ لحظَةٍ تَقَعُ مِنهُ للهِ خَطَيئة، وَتَرتَفِعُ مِنهُ للهِ مَعصِية، شَاذّاً عَنْ هَذَا الكَونِ بِرُمَّتِهِ، الكَونُ الَّذِي مَلَكَهُ الاشْفَاقُ مِنْ خَشيَتِهِ، وَاعتَراُهُ الخَوفُ مِنْ نِقمَتِهِ، وَاحتَواهُ الهَلَعُ مِنْ سَطوَتِهِ، لِفَرطِ جَبَرُوتِهِ، وَعَظَمَتِهِ سُبحَانَهُ وَتَعَالى، فَهُوَ الَّذِي أَضحَكَ وَأَبْكَى، وَهُوَ الَّذِي أَمَاتَ وَأَحيَا، وَهُوَ الَّذِي أَسْعَدَ وَأَشْقَى، وَهُوَ الَّذِي أَوْجَدَ وَأَبْلَى، وَهُوَ الَّذِي رَفَعَ وَخَفَضَ، وَهُوَ الَّذِي أَعَزَّ وَأَذَلَّ، وَأَعْطَى وَمَنَع، وَرَفَعَ وَوَضَعَ، أَرْغَمَ أُنُوفَ الطُّغَاة، وَطَأْطَأَ رُؤُوسَ الظَّلَمَة، وَمزَّقَ شَمَلَ الجَبَابِرَة، وَدَمَّرَ سَدَّ مَأْرِبَ بِفَأرَة، وَأَهلَكَ النُمرُودَ بِبَعُوضَة، وَهَزَمَ أَبْرَهَةَ بِطَيرٍ أَبَابِيل، وَأَهلَكَ عَاداً بِالرِّيحَ العَقِيم، الَّتِي مَا تَذَرُ مِنْ شَيءٍ أَتَتْ عَلَيهِ إِلا جَعَلَتهُ كَالرَّمِيم، وَأَهلَكَ ثَموداً بِالصَّيحَة، وَأَغْرَقَ قَومَ نُوحاً بِالطُوفَان، وَأَرْسَلَ الحَاصِبَ وَأَمطَرَ الحِجَارَةَ عَلَى قَومِ لُوط، وَأَمطَرَ النَّارَ المُحرِقَةَ وَأَرْسَلَ الصَّيحَةَ عَلَى قَومِ شُعَيب، وَخَسَفَ بِقَارُونَ وَبِدَارِهِ الأَرضَ، وَأَغْرَقَ فِرْعَونَ وَقَومَهُ فِي البَحَرَ، لماذَا حَلَّ كُلُّ هَذَا؟!

 

اسْمَعِ الجَوابَ مِنْ أَحكَمِ الحَاكِمينَ، وَأَعدَلِ العَادِلين، حِينَ قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ وَتِلْكَ الْقُرَىٰ أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا ﴾ [الكهف: 59]، وقال: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40]، ﴿ فَتِلْكَ بُيُوتُهُمْ خَاوِيَةً بِمَا ظَلَمُوا ﴾ [النمل: 52].

 

اللَّهُمَّ اقْسِمْ لَنَا مِنْ خَشْيَتِكَ مَا تَحُولُ بِهِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَعَاصِيكَ، وَمِنْ طَاعَتِكَ مَا تُبَلِّغُنَا بِهِ جَنَّتَكَ، وَمِنَ الْيَقِينِ مَا تُهَوِّنُ بِهِ عَلَيْنَا مَصَائِبَ الدُّنْيَا.

 

اللَّهُمَّ واجعَلنا هُدَاةً مُهتدين، غَيرَ ضَالينَ وَلا مُضِلِّين، وَاجعَلنَا مِنْ عِبَادَكَ المُؤمِنين، وَأَولِياءِكَ المُتَّقِين، الَّذِين لا خَوفٌ عَليْهِم وَلا هُمْ يَحزَنُون.

 

أَقُولُ مَا تَسمَعُون، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتِغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى إحسَانِهِ، والشُكرُ لهُ عَلَى تَوفيقِهِ وامتنانهِ، وأُصلي وأُسلمُ عَلَى رَسُولِهِ. أَمَّا بَعْدُ:

فَاتَّقُوا اللهَ عزَّ وجلَّ عبادَ اللهِ، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾، ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾.

 

أيها الناس:

اتقوا الله تعالى وخافوه واخشوه وحده ولا تخشوا أحدا غيره وكما قال الفضيل: من خاف الله لم يضره أحد، ومن خاف غير الله لم ينفعه أحد قال تعالى: ﴿ فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ ﴾ [المائدة: 44]، ﴿ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 176].

 

أيها الإخوة:

اتقوا الله ربكم، فإن عذابه أليم، وأخذه شديد، إنه سوط الله يقوّم به الشاردين عن بابه، ويردهم به إلى رحابه، كم فك الله به من أسير شهوة ملكت عليه نفسه وأبعدته عن ربه، كم أطلق من سجينِ لذَّاتٍ أطبقت عليه سُرادقها، وكم كسر من قيود مستعبِدٍ لهواه متألِّهٍ له من دون الله، كم أعان على خلق كريم، وكم كف عن خلق ذميم، كم أطفأ من نار حسد وحقد، وكم منع من إساءة وتعدٍّ وظلم، كم أيقظ من غافل عاش طول عمره في الشهوات معرضًا عن الله -تعالى- والدار الآخرة، كم به من زانية عفَّت، وغانية تنسَّكَت. إنه سمة المؤمنين وآية المتقين، وهو طريق الأمن في الآخرة.

 

لم لا نخشَى الله؟! أليس هو الله الذي خلق فسوى وقدّر فهدى وأخرج المرعى فجعله غثاءً أحوى؟! أليس هو الإله العظيم الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى؟! لم لا نخاف الله؟! أليس كل ما في هذا الكون شاهدًا على عظمته وقدرته؟! كله ساجد عابد ذاكر شاكر ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44]، لماذا لا نخاف من الله وهو العظيم الذي قهر بعظمته كل شيء؟! العظيم في صفاته، العظيم في قدرته وعلم لماذا لا نخاف من الله؟! أليس هو الذي يعطي ويمنع، ويخفض ويرفع، ويقبض ويبسط؟! بيده الملك وله الخلق والأمر، وكل يوم هو في شأن، يعز ويذل، يغني ويفقر، يُمرض ويشفي؟!

 

لماذا نخشى المخلوق وننسى الخالق، لماذا نستخفي من الناس ولا نستخفي من الله وهو الذي أحاط بكل شيء علمًا؟! لماذا لا نخاف من الله وقد علمنا في كتابه كيف عذب المعاندين من عباده؟! إنه الله الذي أهلك عادًا بالريح العقيم، وثمود بالصيحة، وفرعون وقومه بالغرق، وقوم سبأ بالسيل العرم، وقوم نوح بالطوفان، وقوم لوط بحجارة من سجيل؛ وللظالمين أمثالها، وما هي من الظالمين ببعيد.

 

إنه الله الذي إذا أراد شيئًا فإنما يقول له كن فيكون، ﴿ فَبِأَيّ آَلَاءِ رَبكَ تَتَمَارَى ﴾ [النّجم: 55]؟! فلا إله إلا الله.

 

إنه الله لطالما عصيناه دون حياء ولا خوف منه سبحانه فيرحمنا.

 

إنه الله لطالما عصيناه وهو يرانا ويسمعنا وقادرٌ سبحانه على أخذنا على معصيتنا فيمهلنا.

 

إنه الله لطالما عصيناه وعلى اطلاعه وعلمه بنا يسترنا ولم يفضحنا، إنه الله لطالما معصينا إليه صاعدة ورحمته إلينا نازلة.

 

إنه الله الذي يقبل توبة عبده ويفرح بها ولو كانت ذنوبه مثل زبد البحر.

 

إنه الله الذي خلقنا وصورنا فأحسن صورنا ومدبر امرنا، إنه الله الذي إليه معادنا، إنه الله الذي سنقف يوماً ما بين يديه، إنه الله الذي لا مفر ولا منجى منه إلا إليه، نعم والله إنه لا مفر ولا سبيل للنجاة لنا إلا إليه، لن نجد طريقا أو وسيلة نستطيع أن نتخلص من الوقوف بين يدي الله عز وجل، الكل سيقف أمام الله، الكل سيكلمه الله ليس بينه وبينه ترجمان، الكل سيسأله الله عن كل صغير وكبير، فهذه حقيقة ستأتي يوماً ما، حقيقة والله لتمر بكل واحدٍ فينا، فتخيلوا عباد الله عظمة الوقوف أمام الله، تخيل يا عبد الله وقوفك أمام الله تخيل كيف سيكون حالك، وما هو جوابك؟ لو كنت واقف أمام ملك من ملوك الدنيا لارتجفت سيقانك ولتلعثم لسانك، ولأحسست بالرهبة والخيفة، فكيف بوقوفك أمام الله عز وجل أمام ملك الملوك أمام القوي الجبار أمام الواحد القهار سبحانه، فالتوبة التوبة أحبتي، والرجوع الرجوع إلى الله، فما دام المصير محتوم والنهاية معروف إما إلى جنة أو نار فأولا لنا أن نطيع ربنا وأن نقدم لأنفسنا أعمالاً مخلصين لله عز وجل بها، فأولا لنا ألا تغرنا الدنيا والهوا والشيطان ولا يغرنا بالله الغرور.

 

هذا وصلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة عليه، فقال عز من قائل: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56]. فاللَّهُمَّ صلِّ وسلِّم على رسولك محمد، اللَّهُمَّ وارضَ عن أصحابه أجمعين وخُصَّ منهم الأربعةَ الراشدين، أبي بكرٍ وعمرَ وعثمانَ وعليٍّ، والتابعين وتابعيهم، وعنَّا معهم يا رب العالمين.

 

اللَّهُمَّ أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، ودمر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمناً مطمئناً وسائر بلاد المسلمين..

 

اللَّهُمَّ وانصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، اللَّهُمَّ كن لهم ولا تكنْ عليهم، اللَّهُمَّ وعليك بمن بغى وتجبر عليهم، اللَّهُمَّ وأهلك الظالمين بالظالمين وأخرج المسلمين من بينهم سالمين غانمين.

 

اللَّهُمَّ آمنا في دورنا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا واجعلهم هداة مهتدين يقولون بالحق وبه يعدلون. اللهم وأيد بالحق والتوفيق والهدى والتسديد إمامنا وولي أمرنا، اللهم وفقه لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفقه ونائبه وأعوانه إلى ما فيه صلاح البلاد والعباد، ﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].

 

﴿ سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل لا إله إلا الله
  • "لا إله إلا الله" بين العلمانيين وأبي جهل
  • شروط لا إله إلا الله
  • لا إله إلا الله (قصيدة)
  • إنه الله

مختارات من الشبكة

  • من فضائل النبي: أنه الأمي الذي علم البشرية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قل أنزله الذي يعلم السر في السموات والأرض إنه كان غفورا رحيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إنه الحسد الذي أكل قلوبهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ربكم الذي يزجي لكم الفلك في البحر لتبتغوا من فضله إنه كان بكم رحيما)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • البهاء يعلن أنه الموعود الذي بشر به الباب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تفسير: (يا إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنهار عندما أعلم أنه مع غيري(استشارة - الاستشارات)
  • إيطاليا: انتقادات لجزار يؤكد أنه غير مسلم إرضاء لزبائنه(مقالة - المسلمون في العالم)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • في حفل مميز.. تكريم المتفوقين من طلاب المسلمين بمقاطعة جيرونا الإسبانية
  • ندوة دولية في سراييفو تبحث تحديات وآفاق الدراسات الإسلامية المعاصرة
  • النسخة الثانية عشرة من يوم المسجد المفتوح في توومبا
  • تخريج دفعة جديدة من الحاصلين على إجازات علم التجويد بمدينة قازان
  • تخرج 220 طالبا من دارسي العلوم الإسلامية في ألبانيا
  • مسلمو سابينسكي يحتفلون بمسجدهم الجديد في سريدنيه نيرتي
  • مدينة زينيتشا تحتفل بالجيل الجديد من معلمي القرآن في حفلها الخامس عشر
  • بعد 3 سنوات أهالي كوكمور يحتفلون بإعادة افتتاح مسجدهم العريق

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 29/12/1446هـ - الساعة: 14:50
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب