• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الأسرة والمجتمع / قضايا المجتمع / في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
علامة باركود

وابك على خطيئتك

وابك على خطيئتك
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2015 ميلادي - 10/5/1436 هجري

الزيارات: 41367

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وابك على خطيئتك


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوى اللهِ، فَاتَّقُوهُ تَعَالى وَارجُوا رَحمَتَهُ وَخَافُوا عَذَابَهُ، وَاقْدُرُوهُ حَقَّ قَدْرِهِ وَاخشَوا أَلِيمَ عِقَابِهِ ﴿ وَاتَّقُوا يَومًا تُرجَعُونَ فِيهِ إِلى اللهِ ثم تُوَفَّى كُلُّ نَفسٍ مَا كَسَبَت وَهُم لا يُظلَمُونَ ﴾ [البقرة: 281].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، في أَزمِنَةِ تَسَارُعِ الأَحدَاثِ وَتَوَالي المُستَجِدَّاتِ، وَتَكَاثُرِ القَضَايَا وَتَنَوُّعِ المُشكِلاتِ، مَعَ تَعَدُّدِ المَصنُوعَاتِ وَالمُختَرَعَاتِ، وَالتَّكَالُبِ على المُغرِيَاتِ وَالمُلهِيَاتِ، إِذْ ذَاكَ يُصبِحُ مِن غَيرِ المُستَنكَرِ وَإِن كَانَ قَرِيبًا مِنَ المُنكَرِ، أَن تَستَرسِلَ النُّفُوسُ في مُتَابَعَةِ مَا لا تَنفَعُهَا مُتَابَعَتُهُ، وَتَستَلِذَّ الخَوضَ فِيمَا لا يُفِيدُهَا الخَوضُ فِيهِ، وَتُقَطِّعَ الوَقتَ فِيمَا لا تَملِكُ تَغيِيرَهُ، بَل وَلا تُبَالِيَ بِالمُسَارَعَةِ في تَتَبُّعِ العَوَراتِ، وَالاشتِغَالِ بِالعَثَرَاتِ وَالسَّقَطَاتِ، وَالانصِرَافِ إِلى النَّقدِ الجَارِحِ الهَادِمِ، وَالغَفلَةِ عَنِ العَمَلِ الجَادِّ البَنَّاءِ. وَالسَّعِيدُ الحَمِيدُ يَا عِبَادَ اللهِ مَن عَلِمَ أَنَّ العُمُرَ قَصِيرٌ، وَتَيَقَّنَ أَنَّ الرَّحِيلَ سَرِيعٌ، وَأَنَّهُ لا يَهتَمُّ بِالصَّغَائِرِ إِلاَّ الصِّغَارُ، وَلا يُفَتِّشُ عَنِ المَسَاوِئِ إِلاَّ البَطَّالُونَ الفَارِغُونَ، وَأَنَّهُ مَا شَغَلَ أَحَدٌ نَفسَهُ بما لا يُفِيدُ، إِلاَّ عَظُمَ انصِرَافُهَا عَمَّا يُفِيدُ.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَو تَأَمَّلَ مُتَأَمِّلٌ وَتَفَكَّرَ مُتَفَكِّرٌ، لَعَلِمَ أَنَّ كَثِيرًا مِن مُشكِلاتِ الأُمَّةِ وَمَآسِيهَا، وَغَالِبَ آلامِ النَّاسِ وَأَوجَاعِهَا، وَمَنشَأَ ضِيقِ صُدُورِهَا وَتَكَدُّرِ نُفُوسِهَا، هُوَ المُبَالَغَةُ في الاشتِغَالِ بشُؤُونِ السِّيَاسَةِ وَكَثرَةُ مُتَابَعَتِهَا، وَشِدَّةُ الاهتِمَامِ بِقَضَايَا الاقتِصَادِ وَالانصِرَافُ إِلَيهَا، وَنَقدُ هَذَا وَذَمُّ ذَاكَ، وَشَكوَى فُلانٍ وَالقَدحُ في عَلاَّنٍ، مَعَ الذُّهُولِ عَن أَلَدِّ الأَعدَاءِ، وَالغَفلَةِ عَن أَكبَرِ مَصادِرِ الشَقَاءِ، أَلا وَهُوَ تِلكَ النُّفُوسُ الضَّعِيفَةُ الهَزِيلَةُ، الَّتِي لم تُزَكَّ بما أَرَادَهُ اللهُ، بَل دُسِّيَت وَدُنِّسَت بِمُخَالَفَةِ أَمرِهِ وَالوُقُوعِ فيما نَهى عَنهُ، وَالسَّيرِ في مُشتَهَيَاتِهَا وَالاندِفَاعِ مَعَ مُبتَغَيَاتِهَا، أَجَل أَيُّهَا المُسلِمُونَ إِنَّ عَامَّةَ الصَّلاحِ وَبِدَايَةَ الإِصلاحِ، لا يَكُونُ إِلاَّ بِإِصلاحِ النُّفُوسِ مِن دَاخِلِهَا، وَإِلزَامِهَا مَوَارِدِ الحَقِّ وَالهُدَى، وَالبُعدِ بها عَن مَوَاطِنِ البَاطِلِ وَالرَّدَى، وَعَلَى ضِدِّ ذَلِكَ يَكُونُ الفَسَادُ وَالإِفسَادُ، يَعرِفُ ذَلِكَ وَيَتَيَقَّنَ مِنهُ مَن تَأَمَّلَ قَولَهُ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مِن حُسنِ إسلامِ المَرءِ تَركُهُ ما لا يَعنِيهِ " إِنَّ هَذَا الحَدِيثَ لَيُبَيِّنُ أَنَّ تَركَ مَا لا يَعنِي المَرءَ وَلا يَخُصُّهُ، لا تَقوَى عَلَيهِ إِلاَّ القُلُوبُ السَّلِيمَةُ وَالنُّفُوسُ الزَّاكِيَةُ، الَّتي تَنطَوِي صُدُورُ أَصحَابِهَا عَلَى الصَّفَاءِ، وَلا تَحمِلُ غَيرَ الطُّهرِ وَالنَّقَاءِ.

 

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ العَبدَ الَّذِي حَسُنَ إِسلامُهُ، لا يَشتَغِلُ بما لا يَعنِيهِ مِنَ الأَقوَالِ وَالأَفعَالِ، فَضلاً عَن أَن يُفتَتَنَ بما لا يَعنِيهِ مِنَ المُحَرَّمَاتِ وَالمُشتَبِهَاتِ، أَو يَتَعَلَّقَ بِالمَكرُوهَاتِ وَفُضُولِ المُبَاحَاتِ، الَّتِي لا تَندَفِعُ بها عَنهُ ضَرُورَةٌ، ولا تَحصُلُ لَهُ بها حَاجَةٌ، وَإِنَّمَا هِيَ ضَيَاعٌ لِوَقتِهِ وَتَبدِيدٌ لِجُهدِهِ. أَلا وَإِنَّ مِن أَولى ما يَجِبُ عَلَى المَرءِ اجتِنَابُهُ مِمَّا لا يَعنِيهِ، شَهوَةَ الكَلامِ وَإِطلاقِ الأَلسِنَةِ، وَفُضُولَ التَنَصُّتِ وَالاستِمَاعِ وَالتَّتَبُّعِ، فَكَم مِن خَائِضِينَ فِيمَا لا يَعنِيهِم، وَمُتَكَلَّمِينَ فِيمَا لا يَنفَعُهُم، وَمُستَمِعِينَ إِلى أُمُورٍ قَد طَهَّرَ اللهُ منها أَيدِيَهُم وَأَرجُلَهُم، فَأَبَوا إِلاَّ أنْ يَلُوكُوهَا بِأَلسِنَتِهِم وَيَفتَحُوا لها آذَانَهُم، غَافِلِينَ أَو مُتَغَافِلِينَ عَن أَنَّ مُوبِقَاتِ الأَسمَاعِ وَالأَلسِنَةِ، قَد تَكُونُ أَعظَمَ مِن مُوبِقَاتِ الأَيدِي وَالأَرجُلِ، وَأَنَّ صَلاحَ الأَلسِنَةِ وَاستِقَامَتَهَا صَلاحٌ لِلقُلُوبِ وَاستِقَامَةٌ لَهَا، فَفِي الصَّحِيحَينِ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " إِنَّ العَبدَ لَيَتَكَلَّمُ بِالكَلِمَةِ مَا يَتَبَيَّنُ فِيها يَزِلُّ بها في النَّارِ أَبعَدَ مِمَّا بَينَ المَشرِقِ وَالمَغرِبِ " وَرَوَى أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ عَنهُ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ أَنَّهُ قَالَ: " وَهَل يَكُبُّ النَّاسَ في النَّارِ عَلَى وُجُوهِهِم إِلاَّ حَصَائِدُ أَلسِنَتِهِم؟! " وَقَالَ سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ﴾ [الأحزاب: 70، 71] " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " لا يَستَقِيمُ إِيمَانُ عَبدٍ حَتَّى يَستَقِيمَ قَلبُهُ، وَلا يَستَقِيمُ قَلبُهُ حَتَّى يَستَقِيمَ لِسَانُهُ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَغَيرُهُ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ رَفَعَهُ قَالَ: " إِذَا أَصبَحَ ابنُ آدَمَ فَإِنَّ الأَعضَاءَ كُلَّهَا تُكَفِّرُ اللِّسَانَ أَيْ تَخضَعُ لَهُ فَتَقُولُ: اتَّقِ اللهَ فِينَا؛ فَإِنَّمَا نَحنُ بِكَ، فَإِنِ استَقَمتَ استَقَمنَا، وَإِنِ اعوَجَجتَ اعوجَجنَا " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَدِ اتَّسَعَ مَيدَانُ الكَلِمَةِ في هَذَا الزَّمَانِ وَتَنَوَّعَتْ وَسَائِلُهَا، وَتَعَدَّدَت مَصَادِرُها وَعَظُمَ أَثَرُها وَخَطَرُها، فَصَارَ مِنهَا المَسمُوعُ وَالمَكتُوبُ وَالمُشَاهَدُ، وَالمُبَالَغُ فِيهِ وَالمَكذُوبُ وَالمُلَفَّقُ، في صُحُفٍ وَمَجَلاَّتٍ، وَإِذَاعَاتٍ وَقَنَوَاتٍ، وَبَرَامِجِ تَوَاصُلٍ وَشَبَكَاتِ معلوماتٍ، في فُضُولِ كَلامٍ وَلَغوِ حَدِيثٍ، وَخَوضٍ في أَعرَاضِ النَّاسِ وَتَتَبُّعٍ لِعَورَاتِهِم، وَاشتِغَالٍ بِعُيُوبِهِم وَفَرَحٍ بِسَقَطَاتِهِم، وَتَلَذُّذٍ بِإِشَاعَةِ مَثَالِبِهِم وَنَشرِ مَعَايِبِهِم. وَيَا للهِ، كَم أَدَّى الجَهلُ بِعَظِيمِ الجُرمِ بِكَثِيرٍ مِنَ النَّاسِ، إِلى التَوَسُّعِ في السُّؤَالِ عَن أَحوَالِ النَّاسِ وَأَخبَارِهِم، وَاهتِمَامٍ غَيرِ لائِقٍ بِدَوَاخِلِ أُمُورِهِم وَالخَاصِّ مِن شُؤُونِهِم، مِن غَيرِ دَاعٍ صَحِيحٍ وَلا سَبَبٍ مَشرُوعٍ، وَأَعظَمُ مِن ذَلِكَ وَأَسوَأُ، مَا يَحصُلُ مِن عَدَدٍ مِن ضِعَافِ الدِّينِ وَقَلِيلِي المَروءَةِ، مِن خَوضٍ في أَعرَاضِ أَهلِ الخَيرِ وَالصَّلاحِ، وَتَنَاوُشٍ لأَهلِ الكَفَافِ وَالعَفَافِ، وَتَحرِيشٍ خَفِيٍّ وَجَلِيٍّ، وَغَمزٍ وَهَمزٍ وَلَمزٍ، وَاتِّهَامٍ لِلعَقَائِدِ وَاعتِدَاءٍ عَلَى النِّيَّاتِ وَالمَقَاصِدِ.

 

وَمِنَ الاشتِغَالِ بما لا يَعنِي: تَكَلُّمُ المَرءِ فِيما لا يُحسِنُهُ ولا يُتْقِنُه، وَتَعَرُّضُهُ لما لا يَعلَمُه وَلا يُحكِمُهُ، مِمَّا لَيسَ دَاخِلاً في تَخَصُّصِهِ وَلا تَصِلُ إِلَيهِ خِبرَتُهُ، وَأَسوَأُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ وَأَفدَحُهُ وَأَشنَعُهُ، التَّعَرُّضُ لأُصُولٍ وَثَوَابِتَ قَد اتَّفَقَت عَلَيهَا كَلِمَةُ الرَّاسِخِينَ مِن أَهلِ العِلمِ، وَادِّعَاءُ أَنَّها مِن مَسَائِلِ الخِلافِ، لا لِفَضلِ عِلمٍ عِندَ صَاحِبِهَا أَو مَزِيدِ بَحثٍ وَتَحقِيقٍ وَتَدقِيقٍ، وَلَكِنْ حُبًّا لِلظُّهُورِ وَالبُرُوزِ وَالتَّصَدُّرِ وَصَرفِ الأَنظَارِ، وَرَغبَةً في الغَلَبَةِ وَالانتِصَارِ لِلنَّفسِ وَالتَّعَالُمِ، أَوِ اندِفَاعًا مَعَ إِملاءَاتٍ شَيطَانِيَّةٍ في التَّعالي وَانتِقَاصِ الآخَرِينَ وَالحَطِّ مِن أَقدَارِهِم، وَيَزدَادُ الأَمرُ بَلاءً إِذَا قَادَ إِلى جِدَالٍ وَمُشَاكَسَاتٍ وَمُلاسَنَاتٍ، وَتَوَسُّعٍ في الظُّنُونِ وَالاتِّهَامَاتِ، وَنَشرٍ لِقَالَةِ السُّوءِ وَبَثٍّ لِلأَكَاذِيبِ وَالشَّائِعَاتِ، وَتَلفِيقٍ لِلأَخبَارِ وَافتِرَاءٍ لِلكَذِبِ، قَالَ سُبحَانَهُ -: " ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ ﴾ [الحج: 8 - 10].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الاشتِغَالَ بما لا يَعنِي، يُورِثُ قِلَّةَ التَّوفِيقِ وَفَسَادَ الرَّأيِ، وَخَفَاءَ الحَقِّ وَقَسوَةَ القَلبِ، وَمَحقَ بَرَكَةِ العُمرِ وَحِرمَانَ لَذَّةَ العِلمِ، وَقِلَّةَ الوَرَعِ وَسُوءَ العَمَلِ، وَالمُشتَغِلُ بما لا يَعنِيهِ، لا تَرَاهُ إِلاَّ ضَعِيفَ الصِّلَةِ بِاللهِ، مُتَثَاقِلاً عَنِ الطَّاعَةِ، جَاهِلاً بما يُصلِحُ شَأنَهُ، مُقَصِّرًا فِيما يَنفَعُهُ وَيَرفَعُهُ، مُنصَرِفًا عَن مَعَالي الأُمُورِ إِلى سَوَاقِطِها، مُفَرِّطًا في أَمَانَتِهِ، غَافِلاً عَن مَسؤُولِيَّتِهِ، مُستَسلِمًا لِعَجزِهِ وَكَسَلِهِ، وَ" المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُهَاجِرُ مَن هَجَرَ مَا نَهَى اللهُ عَنهُ " وَ" كَفَى بِالمَرءِ إِثمًا أَن يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ " فَاتَّقِ اللهَ يَا عَبدَ اللهِ فَإِنَّ المَسؤُولِيَّاتِ أَكثَرُ مِن أَن يَتَّسِعَ لها عُمُرُكَ القَصِيرُ، وَعُمُرُكَ أَقصَرُ مِن أَن يُصرَفَ فِيمَا لا يَعنِيكَ، وَتَركُ مَا لا يَعنِيكَ حِفظٌ لِلدِّينِ وَزَكَاءٌ لِلنَّفسِ وَتَربِيَةٌ عَلَى الجِدِّ، فَلا تُضَيِّعْ نَفِيسَ أَنفَاسِكَ وَلا دَقِيقَ دَقَّاتِ قَلبِكَ " وَلاَ تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إِنَّ السَّمعَ وَالبَصَرَ وَالفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنهُ مَسؤُولاً " أَعُوذُ بِاللهِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ: ﴿ لَا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلَاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 114].

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَمَن أَرَادَ صَلاحَ نَفسِهِ وَسَلامَةَ صَدرِهِ، وَنُورَ قَلبِهِ وَرَاحَةَ بَالِهِ، وَاستِجمَاعَ نَيِّتِهِ وَسَلامَةَ طَوِيَّتِهِ؛ فَلْيَشتَغِلْ بِعَيبِ نَفسِهِ، وَلْيَبكِ عَلَى خَطِيئَتِهِ، وَلْيَتَجَنَّبْ عُيُوبَ النَّاسِ وَمَثَالِبَهُم. وَلا يَعني ذَلِكَ أَيُّهَا المُسلِمُونَ أَن يَعِيشَ المَرءُ في مَعزِلٍ عَمَّا حَولَهُ وَيَترُكَ النَّصِيحَةَ، أَو يُقَصِّرَ في وَاجِبِ الأَمرِ بِالمَعرُوفِ وَالنَّهيِ عَنِ المُنكَرِ، أَو يَنكُصَ عَنِ المُسَاهَمَةِ في إِصلاحِ النَّاسِ وَدِلالَتِهِم عَلَى الخَيرِ وَأَطرِهِم عَلَى الحَقِّ، وَلَكِنَّ المَقصُودَ أَنَّهُ مَتى كَانَت مُخَالَطَةُ المُسلِمِ لِلنَّاسِ وَاشتِغَالُهُ بِأَحوَالِهِم ضَارَّةً لَهُ في عَقِيدَتِهِ أَو مُفسِدَةً لأَخلاقِهِ، أَو مُؤَدِّيَةً بِهِ إِلى الذُّهُولِ عَن إِصلاحِ شَأنِهِ، فَلْيَتَقَلَّلْ حِينَئِذٍ مِنَ الاشتِغَالِ بما لا يَعنِيهِ مِن شُؤُونِ الآخَرِينَ، وَلْيَسعَ لإِصلاحِ نَفسِهِ وَحِمَايَتِهَا مِمَّا يَضُرُّهَا، فَعَن عُقبَةَ بنِ عَامٍرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا النَّجَاةُ؟ قَالَ: " أَمسِكْ عَلَيكَ لِسَانَكَ، وَلْيَسَعكَ بَيتُكَ، وَابكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ " رَوَاهُ التِّرمِذِيُّ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ رَحِمَكُمُ اللهُ وَمَيِّزُوا بَينَ مَا يَعنِيكُم وَمَا لا يَعنِيكُم؛ وَسَلُوا اللهَ أَن يَهدِيَكُم لما اختُلِفَ فِيهِ مِنَ الحَقِّ بِإِذنِهِ؛ فَإِنَّهُ تَعَالى يَهدِي مَن يَشَاءُ إِلى صِرَاطٍ مُستَقِيمٍ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ابك على خطيئتك وامسح دمعك بيدك
  • وابك على خطيئتك

مختارات من الشبكة

  • أمسك عليك لسانك وليسعك بيتك وابك على خطيئتك(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أمك وأبوك .. كما أعطوك في صغرك ( بطاقة دعوية )(كتاب - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • نريد الزواج وأبوه يرفض، فكيف نقنعه؟(استشارة - الاستشارات)
  • لزوم البيت أمان من المعاصي والفتن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أريد إكمال دراستي(استشارة - الاستشارات)
  • من أدعية الاستفتاح: اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • المغفرة في النصرانية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الصدقات تكفر الذنوب وتمحو الخطايا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • علة حديث: (نزل الحجر الأسود من الجنة وهو أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب