الإنجليزية أسلوب حياة

الإنجليزية أسلوب حياة

صار المجتمع يهتم بالإنجليزية - لغة وثقافة - أكثر مما يهتم بدينه، حتى نجد ممن يبدو منهم حرصٌ على العربية مَن صاروا يستخدمون تعريبًا لمصطلحات إنجليزية، ولا يقتصر الأمر على الإنجليزية فقط - وإن كانت على رأس قائمة اللغات -، لكن كلٌّ منقادٌ إلى ثقافة يختار لغتها، ويرجعنا ذلك إلى نبوءة النبي صلى الله عليه وسلم: ((لتتَّبعنُّ سَننَ الَّذين من قبلِكم، شِبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتَّى لو دَخلوا في جُحرِ ضبٍّ لاتَّبعتموهم))، قُلنا: يا رسولَ اللهِ، اليهود والنَّصارَى؟ قال: ((فمَن؟)).

الراوي: أبو سعيد الخدري - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 2669 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

ونجد في الحديث إشارة إلى أن الانقياد الذي سيصيب الأمة - وقد أصابها - سيجعلها تفعل ما تستخبثه النفس في سبيل الاتباع (كمن لا يعقل)، وهل من عاقل يدخل جحر ضب؟! هكذا نفعل؛ يلبسون فنقلد، يتكلمون فنقلد، يبتكرون فنقلد، يتعلمون فنقلد، حتى صرنا نُعلي قدرهم في نفوسنا، ونقول: "أُمَّة سبقت"، و"أُمَّة متقدمة".

صارت الأمة الوسط الشهداء على الناس تشعُرُ بالدونية، وما رِفْعتها إلا في دينها، وما يزيدها الانقياد إلا ذلاًّ، ويدل هذا الواقع المرير في الأساس على غياب الهدف عند كثيرين من هذه الأُمَّة، فمن هو منشغل بعَرَض الدنيا وزينتها يجد عند النصارى واليهود ما تلتمع له الأعين، لكن المسلم الذي يعلم من أمر دِينه ما له وما عليه، وينظر إلى قضايا الأُمَّة ونجاتها نظرة المهموم المنشغل، سينظر بعين المقاتل لا المنقاد المساق إلى حَتْفه وهو لا يرى.

ومما يغفل عنه الكثيرون أن المخالفة أمر يُتبع في ديننا:

((خالفوا المشركين: وفِّروا اللحى، وأحفُوا الشواربَ))، وكان ابنُ عمرَ إذا حجَّ أو اعتمر قبض على لحيتِه، فما فضل أخذَه.

الراوي: عبدالله بن عمر - المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 5892 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

((جُزُّوا الشَّواربَ، وأرخوا اللِّحَى، خالِفوا المجوسَ)).

الراوي: أبو هريرة - المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 260 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

((خالِفوا اليهودَ والنَّصارى؛ فإنَّهم لا يُصَلُّون في خِفافِهم، ولا في نِعالِهم)).

الراوي: شداد بن أوس - المحدث: ابن حبان - المصدر: صحيح ابن حبان - الصفحة أو الرقم: 2186 - خلاصة حكم المحدث: أخرجه في صحيحه.

((صُومُوا يومَ عاشوراءَ، وخالفُوا فيه اليهودَ، صومُوا قبلَه يومًا، وبعدَهُ يومًا)).

الراوي: عبدالله بن عباس - المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير- الصفحة أو الرقم: 5068 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

((انتعلوا وتخفَّفوا، وخالفوا أهل الكتاب)).

الراوي: أبو أمامة الباهلي - المحدث: السيوطي - المصدر: الجامع الصغير - الصفحة أو الرقم: 2720 - خلاصة حكم المحدث: حسن.

((بُعِثتُ بين يدي الساعةِ بالسَّيفِ، حتى يُعبَدَ اللهُ تعالى وحده لا شريكَ له، وجُعِلَ رِزْقي تحت ظِلِّ رُمْحي، وجُعِلَ الذُّلُّ والصَّغارُ على مَن خالفَ أمري، ومن تشبَّه بقومٍ فهو منهم)).

الراوي: عبدالله بن عمر - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 2831 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

((ليسَ منَّا من تشبَّهَ بغيرِنا، لا تَشبَّهوا باليَهودِ ولا بالنَّصارى؛ فإنَّ تسليمَ اليَهودِ الإشارةُ بالأصابعِ، وتسليمَ النَّصارى الإشارةُ بالأَكُفِّ)).

الراوي: جد عمرو بن شعيب - المحدث: ابن حجر العسقلاني - المصدر: تخريج مشكاة المصابيح - الصفحة أو الرقم: 4/315 - خلاصة حكم المحدث: [حسن، كما قال في المقدمة].

فيتبين لنا أن هذه الأمة متميزة عن غيرها، ظاهرًا وفعلاً، ولكن الأمة - حاليًّا - صارت موبوءة بالاتباع!

متاع الدنيا عند المسلم ما هو إلا أداة لتحقيق نفع في الدين، حتى اللقمة والزرعة، لا تكون نمطًا لحياة، بل هي وسيلة للمسلم ليُتم مهمته في الدنيا، لا لاستقراره وتزيين حياته في هذه الفانية، وقد حذَّرنا النبي صلى الله عليه وسلم من الانشغال بالدنيا، والإعراض عن الدِّين، بقوله صلى الله عليه وسلم: ((إذا تبايعتُم بالعِينةِ، وأخذتُم أذنابَ البقرِ، ورضِيتُم بالزَّرعِ، وتركتُمُ الجهادَ، سلَّط اللهُ عليكم ذُلاًّ، لا يَنزِعُه حتى ترجِعوا إلى دِينِكم)).

الراوي: عبدالله بن عمر - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 423 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

هذه هي قضية الأمة وعزتها، لا التكنولوجيا (التي لا يعدو المباح النافع منها كونه مجرد أداة يستخدمها المسلم لأمر دينه)، ولا أبحاث الفضاء، ولا غيرها من الشواغل الدنيوية، ويصدمنا قائل بأن تعلُّم هذه العلوم يزيد الإيمان، وأنه دعوة للتدبر، رحماك يا الله! فما بالك أيها المتأمل إن كانت أبحاثهم تحمل من الأخطاء ما يصل إلى معارضة دِينك وعقيدتك؟! وأين أنت من تأملاتك في القرآن؟ وهل موضوع تأملك هو إنجازات الباحثين أم قدرة أحسن الخالقين؟! الأجر في اتباع نهج النبي صلى الله عليه وسلم، لا باتباع أي ناعق، حتى وإن وافق قوله ما جاء في دينك، وانظروا فَهْم الاتباع عند خير القرون: ((الحياءُ لا يأتي إلاَّ بخيرٍ))، فقالَ بَشيرُ بنُ كَعبٍ: مَكتوبٌ في الحِكمةِ: إنَّ مِنَ الحياءِ وقارًا، وإنَّ منَ الحياءِ سَكينةً، فقالَ لَه عِمرانُ: أحدِّثُكَ عن رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وتحدِّثُني عن صحيفتِكَ؟!

الراوي: عمران بن الحصين - المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6117 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

"ولكن ديننا أمرنا بالتعلم!".

هنا الضابط الشرعي: ((إنَّ اللهَ تعالى يُبغِضُ كلَّ عالِمٍ بالدنيا، جاهِلٍ بالآخِرَةِ)).

الراوي: أبو هريرة - المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الجامع - الصفحة أو الرقم: 1879 - خلاصة حكم المحدث: صحيح.

فعِلم الآخرة هو العلم الحق، وأدوات الدنيا هي لتحصيل الآخرة في الأساس.

أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم.