• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

فضل الاستغفار

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/11/2014 ميلادي - 25/1/1436 هجري

الزيارات: 58763

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل الاستغفار [1]


إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران102]. ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء1 ].

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي رسول الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أستغفر الله ذنباً لست محصيه
رب العباد إليه القول والعمل

 

اللهم إن استغفارنا -مع إصرارنا- لَلؤم، وإنّ تركنا الاستغفار-مع علمنا بسعة عفوك- لعجز، فكم تتحبب إلينا بالنعم مع غناك عنا، ونتبغض إليك بالمعاصي مع فقرنا إليك، يامن إذا وعد وفّى، وإذا توعد تجاوز وعفا، أدخل عظيم جرمنا في عظيم عفوك يا أرحم الراحمين.

 

عباد الله، حينما يتباعد الناس عن نور الرسالة تتسارع إليهم ظلمات الضلالة، فتسهل عليهم الخطيئة فينسونها أو يتناسونها، وقد يجاهرون بها، وحينئذ تدلهم عليهم الخطوب، وتتوالى الكروب، وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.

 

أيها المسلمون، إن حصول الأضرار، ونزول الأخطار، وارتحال النعم، وحلول النقم ابتلاء من الله لعباده، ولعل هذا البلاء يردهم إلى باب الله خاضعين منكسرين.

 

قال تعالى: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم41].

 

أيها الأحبة الأفاضل، هل تذكرنا-ونحن نسير في هذه الحياة الرحيبة، ونواجه معضلاتها ومشكلاتها الخاصة والعامة- هل تذكرنا استغفار الغفور الغفار، وفكرنا في هذا السبيل للخروج من مضائق هذه الحياة؟


فربنا تبارك وتعالى يأمرنا باستغفاره، ويدعونا إلى المسارعة واللياذ بجواره فيقول: ﴿ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة199]. ويقول: ﴿ وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [آل عمران133].

 

فلماذا نرى أنفسنا متباطئين عن هذه الدعوة، وهي دعوة كريم رحيم؟!

عباد الله، إذا أردنا المتاع الحسن والرزق الكافي والسعة المحمودة وكثرة الخيرات والبركات فلنركب سفينة الاستغفار فهي وسيلة النجاة إلى شواطئ السلامة والسعادة.

 

قال تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح 10-12].

 

خرج أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه يستسقي فما زاد على الاستغفار فقالوا: "يا أمير المؤمنين ما نراك استسقيت! فقال: لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر"، ثم قرأ قوله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾[نوح 10-12].

 

وكان لأنس بن مالك رضي الله عنه مزرعة في البصرة أصابها قحط فقام فصلى ركعتين واستغفر. قالوا: "مالك؟ قال: أما سمعتم قول لله: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾[نوح 10-12]".

 

فما قام من مجلسه حتى أتت غمامة فطوقت مزرعته وأمطرت حتى سالت جداولها، وما جاوز الماء المزرعة.

 

أيها المسلمون، من شكا المرض فعليه بالاستغفار، ومن شكا الفقر فعليه بالاستغفار، ومن شكا قلة الولد فعليه بالاستغفار.

 

"جاء رجل إلى الحسن البصري رحمه الله يشكو الجدب فقال له: استغفر الله، وجاءه رجل ثانٍ يشكو الفقر، فقال: استغفر الله، وجاءه ثالث يشكو العقم، فقال: استغفر الله، ثم تلا قوله تعالى: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً ﴾ [نوح 10-12]".

 

من شكا الضعف وقلة الأعوان والأنصار فليلذ بالاستغفار. قال تعالى عن نبيه هود عليه السلام: ﴿ وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ ﴾ [هود52].

 

من استصعبت عليه الأمور وانغلقت أمامه الأبواب والحيل فليلجأ إلى نور الاستغفار. قال ابن تيمية رحمه الله: "إنها لتُعجَم عليّ المسألة الواحدة فأستغفر الله ألف مرة أو أكثر فيفتحها الله علي".

 

من كثرت ذنوبه، وأحرقه لهيب معاصيه فليتطهر من درن الأوزار بفرات الاستغفار.

 

عن زيد مولى النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قال: أستغفر الله الذى لا إله إلا هو الحى القيوم وأتوب إليه غفر له وإن كان فرَّ من الزحف) [2].

 

وحينما ألمّ ماعز رضي الله عنه بالفاحشة جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (يا رسول الله، طهرني، فقال: ويحك! ارجع فاستغفر الله وتب إليه، قال ذلك ثلاث مرات) [3].

 

فيا عبدالله، إياك أن يغلبك الشيطان على فعل المعصية، ثم يغلبك على ترك الاستغفار منها فتهلك، فاستغفر الله وتب إليه تجد الله غفوراً رحيما. فهو سبحانه وتعالى يناديك في الحديث القدسي فيقول لك: (يا ابن آدم، إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان فيك ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك ولا أبالي، يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة) [4].

 

هل وجد الخلق أكرم وأحلم من خالقهم سبحانه وتعالى وهم يعصونه صباح مساء، وهو يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها.

 

قيل للحسن البصري رحمه الله: " ألا يستحيي أحدنا من ربه يستغفر من ذنوبه ثم يعود، ثم يستغفر ثم يعود، فقال: ودّ الشيطان لو ظفر منكم بهذه، فلا تملوا من الاستغفار".

 

وقال قتادة رحمه الله: "إن هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم، فداؤكم الذنوب، ودواؤكم الاستغفار".

 

فأي عقل يحب صاحبه البقاء مع الداء ولا يتناول الدواء، وهو يُعرض عليه بدون مقابل!.

 

فأكثروا-يا عباد الله- من الاستغفار.

 

قال لقمان رحمه الله لابنه: "يا بني، عوّد لسانك الاستغفار؛ فإن لله ساعات لا يرد فيهن سائلا".

 

فمن أحب أن تسره صحيفته يوم القيامة فليكثر من الاستغفار، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارا كثيرا) [5].

 

أيها المسلمون، إن المسلم بحاجة كبيرة إلى الاستغفار الكثير خاصة النساء؛ فقد أمرهن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال: (يا معشر النساء، تصدقن وأكثرن من الاستغفار؛ فإني رأيتكن أكثر أهل النار) [6].

 

عباد الله، إننا مهما قلّتْ ذنوبنا، ومهما بلغنا المراتب العالية في الصلاح والتقوى فنحن بحاجة إلى عبادة الاستغفار، ولنا قدوة بأعبد الناس وخيرهم وهم الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فآدم عليه السلام عندما اقترف الخطيئة في السماء هبط بها إلى الأرض، فلم يرتفع بعد ذلك عند أهل السماء والأرض إلا عندما أناب واستغفر، قال تعالى: ﴿ قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف23].

 

وقال: ﴿ فَتَلَقَّى آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة37].

 

ونبينا محمد عليه الصلاة والسلام -الذي قد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر- كان يعدّ له في المجلس الواحد مائة مرة: رب اغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم [7].

 

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة)[8].

 

لقد كان عمر رضي الله عنه يطلب من الصبيان الاستغفار ويقول: " إنكم لم تذنبوا"، وكان أبو هريرة رضي الله عنه يقول للغلمان: "قولوا: اللهم اغفر لأبي هريرة، ثم يؤمن على دعائهم".

 

انظروا- يا عباد الله- إلى حرصهم على الاستغفار مع أنهم قد بُشِروا بالجنة وما زالوا يمشون على وجه الأرض.

 

معشر المسلمين، لا ينبغي أن يكون استغفارنا في وقت دون وقت، أو مكان دون مكان، بل علينا أن نلهج بالاستغفار في جميع أوقاتنا وفي كل مكان يشرع فيه ذكر الله تعالى.

 

فأكثروا من الاستغفار في بيوتكم وعلى موائدكم وفي طرقكم وفي أسواقكم وفي مجالسكم؛ فإنكم لا تدرون متى تنزل المغفرة، كما قال الحسن البصري رحمه الله.

 

أيها المسلم، إذا أصبحت فأكثر من الاستغفار، وإذا أمسيت فأكثر من الاستغفار، وإذا جئت إلى النوم فأكثر من الاستغفار.

 

وإذا ركبت فاستغفر الله؛ فرسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركب دابة قال:(بسم الله، فإذا استوى على ظهرها قال: الحمد لله، ثم قال: سبحان الذى سخر لنا هذا وما كنا له مقرنين وإنا إلى ربنا لمنقلبون، ثم قال: الحمد لله. ثلاث مرات. ثم قال: الله أكبر. ثلاث مرات، ثم قال: سبحانك إني ظلمت نفسى فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) [9].

 

أيها الأحبة الكرام، لقد شرع الله لعباده الاستغفار في ختام الأعمال الصالحة؛ ليقبل العمل ويجبر الخلل.

 

ففي ختام الوضوء يقول المسلم: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين.

 

وعندما ينصرف من صلاة الفريضة يستغفر الله ثلاثاً، ثم يقول بقية الأدعية.

 

وفي صلاة الليل يقول تعالى: ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الذاريات: 17، 18].

 

ونعمت البشرى لأولئك العابدين المستغفرين في تلك الساعة بقوله تعالى: (هل من سائل يعطى، هل من داع يستجاب له، هل من مستغفر يغفر له حتى)[10].

 

وفي الحج يقول تعالى: ﴿ ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [البقرة199].

 

وبعد التضحيات العظيمة، والجهاد الطويل، والصعاب المتتابعة والانتصارات الإسلامية الممتدة يقول الله تعالى لرسوله عليه الصلاة والسلام:﴿ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا ﴾ [النصر 1-3].

 

وعن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه، قالت: فقلت: يا رسول الله، أراك تكثر من قول: سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه؟ فقال: خبرني ربي أني سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثرت من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتها: ﴿ إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجاً * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّاباً ﴾ [النصر 1-3].)[11].

 

عباد الله، يجب على المسلم أن يكون صادقاً فيما يقول، فيقرن صدق القول بصدق الفعل، فالاستغفار النافع ما كان أوله العزم على الإقلاع عن الذنب والندم على اقترافه، ثم الاستجابة والإنابة والتوبة، فيجمع أعمال القلوب وأعمال الجوارح، فهذا هو الاستغفار النافع.

 

أما ذكر اللسان بدون مطابقة الفعل واستقامة الطريق فإنه استغفار قد لا ينفع صاحبه. فإذا كان استغفارنا هكذا فاستغفارنا يحتاج إلى استغفار.

 

أستغفر الله من أستغفر الله
من لفظة بدرت خالفت معناها
وكيف أرجو إجابات الدعاء وقد
سددت بالذنب عند الله مجراها

 

عباد الله، أحسن الاستغفار ما جمع الثناء على الله تعالى، والاعتراف بالفقر والحاجة إليه، وبنعمته على عبده، وجميل صنعه فيه، مع الدوام والاستمرار.

 

قال النبي صلى الله عليه وسلم: (سيد الاستغفار: اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي؛ فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت. إذا قال حين يمسي فمات دخل الجنة أو كان من أهل الجنة، وإذا قال حين يصبح فمات من يومه)[12].

 

بارك الله لي ولكم بالقرآن العظيم ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه،

أما بعد:

أيها المسلمون، إن نار الأخطار لا يطفئها إلا نور الاستغفار، فالاستغفار بوابة الفرج من الكروب العامة والخاصة، وهو الدليل إلى الحياة الهنية والعيش المطمئن.

 

في ظل هذه الأزمات التي نعانيها هل مر بنا قول الله تعالى فوقفنا عنده: ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ [الأنفال33].

 

قال أبو موسى رضي الله عنه: " كان لنا أمانان، ذهب أحدهما –وهو كون الرسول فينا- وبقي الاستغفار معنا، فإذا ذهب هلكنا".

 

فلو لزمنا الاستغفار -معشر المسلمين- لم تجد الكروب والهموم عندنا مكاناً أو مقاماً.

 

روي عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجا، ومن كل هم فرجا، ورزقه من حيث لا يحتسب) [13].

 

قال أحد الحكماء: " أنت لا تسطيع أن تمنع الطيور أن تحلق فوق رأسك، ولكنك تستطيع أن تمنعها أن تعشعش فيه".

 

قد نتساءل: ما سبب البلاء الذي حل بيننا ولم يرحل، والجواب ما قاله أحد الأعراب الحكماء حينما قيل له: ما للقطر لا ينزل في بلادكم؟ فقال: "لأنا هدأنا عن الاستغفار".

 

ولقد صدق في هذا الجواب الحصيف، فرحمة الرحيم الرحمن تنزل بدوم الاستغفار.

 

قال تعالى: ﴿ قَالَ يَا قَوْمِ لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [النمل46].

 

وللإنسان العاقل أن يعجب من أحوالنا! كيف نعاني آلام البلاء، ونحن نعرف طريق النجاة منها ولا نسلكه!.

 

قال علي رضي الله عنه: "العجب ممن يهلك ومعه النجاة، قيل: وما هي؟ قال: الاستغفار".

 

وكان يقول: " ما ألهم الله عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه".

 

فاتقوا الله-يا عباد الله- والزموا الاستغفار فما أقرب الفرج وأدنى المخرج.

 

وفقنا الله لدوام الاستغفار، ورزقنا عاقبته الحسنة في الدنيا والآخرة.

 

هذا وصلوا وسلموا على خير البشر....



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني في 9/ 11/ 1432هـ، الموافق 7/ 10/ 2011م.

[2] رواه أبو داود والترمذي، وهو صحيح.

[3] متفق عليه.

[4] رواه أحمد والترمذي والطبراني، وهو حسن.

[5] رواه ابن ماجه، وهو صحيح.

[6] رواه ابن ماجه، وهو صحيح.

[7] رواه الأربعة، وهو صحيح.

[8] رواه مسلم.

[9] رواه الثلاثة وابن حبان، وهو صحيح.

[10] رواه مسلم.

[11] رواه مسلم.

[12] رواه البخاري.

[13] رواه أبو داود وابن ماجه، وهو ضعيف.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الاستغفار
  • فضل الاستغفار
  • إظهار فضل الاستغفار
  • مناجم الأسرار في فضل الاستغفار
  • الاستغفار وأفضاله في حياة المسلم
  • فضل الاستغفار

مختارات من الشبكة

  • الاستغفار فوائد وثمار: أقوال ونصوص رائعة في الاستغفار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان شهر الاستغفار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الليلة السابعة والعشرون: الاستغفار وفضله (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الليلة السادسة والعشرون: الاستغفار وفضله(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل الاستغفار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إتحاف الأخيار بأربعين حديثا في فضل الاستغفار (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • فضل الاستغفار (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الاستغفار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- فضائل الاستغفار
مصطفى أبو عمار - Egypt 02-09-2021 10:10 PM

جزاكم الله خير الجزاء وبارك الله فيكم وتقبل أعمالكم ورزقنا وإياكم الإخلاص وحسن العمل.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب