• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟
    محمد أبو عطية
  •  
    مسائل وأحكام تتعلق برمي الجمرات في الحج
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    المقاصد الربانية للعشر المباركة (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (5)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446هـ
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (4)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    العيد في زمن الغفلة... رسالة للمسلمين
    محمد أبو عطية
  •  
    الأضحية ... معنى التضحية في زمن الماديات
    محمد أبو عطية
  •  
    خطبة الجمعة ليوم عيد الأضحى
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    صلاة العيد وبعض ما يتعلق بها من أحكام
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    وقفات مع عشر ذي الحجة (3)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر

فادي نضال عمر

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/10/2009 ميلادي - 24/10/1430 هجري

الزيارات: 67805

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

التأصيل في مسألة حكم أخذ جنسية بلد كافر


الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعدَه، اللهمَّ أعِن وسدِّد.

 

أما بعد:

فقد سألني أحدُ الأصدقاء الأعزاء سؤالاً مفادُه: أنَّ الناس حثُّوه على السعي لأخذ الجنسية الألمانية، وأنه بأخْذها سيَزيد رزقُه من الله - تعالى - فهل هذا صحيح؟

 

فأقول:

قال - تعالى -: ﴿ مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآَخِرَةَ ﴾ [آل عمران: 152]، ولا شكَّ أنَّ أكثر الناس في عصرنا هذا يريدون الدنيا، وقد قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 243]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يُؤْمِنُونَ ﴾ [هود: 17]، وقال - جلَّ وعلا -: ﴿ وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ﴾ [يوسف: 103].

 

فإنَّ عدمَ الشكر لله، وعدمَ الإيمان به يُفضي إلى حبِّ الدنيا، وعدمِ التعلُّق بالله - سبحانه وتعالى - وعدمِ الإيمان أو ضعفه باليوم الآخر، وهذا كلُّه إنما سببه هو الضلال، والجهل بالله وبشرعه؛ ولهذا قال - تعالى -: ﴿ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 38] لا يعلمون بالله، ولا بآياته ولا بأحكامه؛ لأنَّ العلم النافع له ثلاثة أقسام:

• العِلم بالله - تعالى - وأسمائه وصفاته.

• العِلم بأحكام الآخرة والحياة البرزخية.

• العلم بأحكام الشريعة مِن حلال وحرام.

 

فعلى الإنسان إنْ جهل شيئًا منها أن يسألَ أهلَ الذِّكْر من العلماء الربانيِّين، وطلبة العلم المخلصين؛ فقد قال - تعالى -: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ ﴾ [النحل: 43]، وفي هذه الآية قسَّم الله الناسَ إلى قسمين:

أناس يعلمون، وهم العلماء، وأناس لا يعلمون، وهم العوام.

 

ولذا قال بعضهم: الناس أربعة: إما عالِم، أو ساع إلى العلم - أي: طالب علم - أو محب لأهل العِلم، أو عوام رعاع، فكنِ الأولى، وإن لم تكن الأولى، فكنِ الثانية، وإن لم تكن الثانية، فكن الثالثة، ولا تكن الرابعة فتَهلِك.

 

ولا شكَّ أنَّ على الإنسان سؤالَ أهل العلم الربانيِّين المخلصين الذين يخشَوْن الله ويتَّقونه، ويجب عليه اجتنابُ سؤال مَن هم منتسبون إلى العلم لقوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من حديث حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - الذي قسَّم فيه المراحل الدعوية إلى خمس مراحلَ، تمرُّ على المسلمين، وهي الشرُّ المحض، وكان في الجاهلية، فقد مرَّ على الصحابة قبلَ إسلامهم، ثم الخير المحض، وهو عصر الرسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم الشرُّ غير المتمحض، ثم الخير غير المتمحض، ثم الشر المتمحض، وقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - في هذه المرحلة: ((دُعاةٌ على أبواب جهنمَ، مَن أجابهم إليها قذفوه فيها))؛ أي: سيكثر فيها أمثالُ هؤلاء، فقال حذيفة: يا رسولَ الله، صِفْهم لنا، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((هُم مِن جلدتنا، ويَتكلَّمون بألسنتنا))؛ متفق عليه.

 

فيجب على المسلِم التَّقيِّ الوَرِع أن يسأل أهلَ العلم من أهل السُّنة والجماعة، الذين شُهِد لهم بأنَّهم على صلاح وتقوى، ويقتفون أثرَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - أمَّا إن سأل الصنفَ الثاني، وهم طلبة العلم المخلصِين الربانيِّين، فهم من أهل العلم والذِّكْر أيضًا، إن شُهِد لهم بالصلاح والتقوى، وأمَّا إن سألتَ الصنفَ الثالث الذين هم يحبُّون أهل العلم، ولكنَّهم لا عِلمَ لديهم، فهم سيُعينونك على الوصول إلى أهْل العِلم لسؤالهم، إن كانوا فعلاً يحبُّون أهل العلم، ويتحرَّز من سؤال الصنف الثالث أيضًا؛ لأنَّ بعضهم قد يجيب على جهْل؛ لأنَّه قد يستحي أن يقول: إنَّه لا يعلم.

 

أما إن سألتَ الصنف الرابع، وهم العوام، وهم أكثرُ الناس، فسوف يضلُّونك، فيُدْلي هذا برأيه وذاك برأيه، فيكون الدِّين عندهم مجرَّد آراء يرونها تبعًا لهواهم... وهكذا؛ ولذا قال - تعالى-: ﴿ وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ﴾ [الأنعام: 116]، والعوامُّ هم الذين لا عِلم لهم بالدِّين وأحكام الشريعة، وليس كما يقول البعضُ: إنَّهم الذين لا يكتبون ولا يقرؤون، فأنت قد تجد أساتذة بالجامعات، ومدرِّسين ومحاضرين، ولكنَّهم من العوام الذين لا يعرفون أحكامَ هذا الدِّين أو بعضه.

 

ولذلك قال لك أكثرُ الناس بأنَّ الله سيرزقك أكثرَ، ويَزيدك مما عندَه، إن أنت أخذتَ الجنسية الألمانية، فأقول: إنَّ هذه المسألة قد أخطؤوا فيها ولم يصيبوا، وذلك للآتي:

أولاً: لأنَّ هذا تخرُّص وادِّعاء بمعرفة الغَيْب الذي لا يعلمه إلاَّ الله؛ فشؤون الأرزاق بِيَد الله - تعالى – وحده إعطاءً ومنعًا وعلمًا.

 

ثانيًا: أنَّ هذه النظرة هي نظرةٌ دنيوية بحتة، واعلمْ يا أخي، أنَّ العِبرة في البركة، وليست بالدخول والرواتب، فإنَّك قد تجد أناسًا هم من الأغنياء، ولكن أموالهم ذاهبةٌ سُدًى، لا يَعرفون أين صرفوها، وفيما أنفقوها، بل وتجد بعضَهم غارقين بالدُّيون، وقد تجد أناسًا بالكادِّ يجدون أقواتهم، ولكنَّهم في راحةٍ ونعيم، ورضًا بالله، شاكرون له على نِعَمه، وما عليهم مِن ديون، ولا شيء، بل راتبُهم يكفيهم، ويفيض.

 

ثالثًا: أنَّ هذا يُنافي كمالَ التوكُّل على الله - سبحانه وتعالى - فالله هو الرزَّاق الكريم، وهو يُعطي ويقسم الأرزاقَ للناس على حسب ما شاء، وعلى حسب تُقاهم، ولا شكَّ أنَّ على الإنسان أن يأخذ بالأسباب، فمعنى التوكُّل هو أن تأخذَ بالأسباب المعينة، وأن تركنَ قلبَك إلى الله - تعالى - بالكلية، وتُعلِّقه به، لا بتلك الأسباب، فأنت إن تركتَ الأسباب كنتَ متواكلاً، وإن ركنتَ إليها دون الله كنتَ غيرَ متوكل عليه، وهذا ضعْف إيمان، وربَّما أفضى إلى كُفْر، فالواجبُ هو أخْذ الأسباب والتعلُّق بمسبب هذه الأسباب الله - سبحانه وتعالى.

 

وقد يقول قائل: إنَّ أخْذ الجنسية أليسَ من الأسباب؟!

 

فنقول: إنَّ الأسباب منها ما هو منافٍ للتوكُّل؛ لأنَّه محرَّم في أصله، مثلاً كالذي أراد الأولادَ، وقال: أنا متوكِّل على الله، ولا بدَّ بأخذ السبب ألاَّ وهو الزواج، ثم هو تزوَّج زواجًا محرَّمًا كنِكاح الشغار، أو نكاح المتعة، أو نكاح بلا ولي، أو ما أشبه، فهذا سببٌ حرام، ومنها ما هو مباح أو واجب، ينبغي للمرء ألاَّ يدعَه.

 

وبقي الآن أن نرى أخْذ الجنسية الألمانية أو الأوروبية، أو أخْذ جنسية بلد كافر بشكلٍ عام من أيِّ الأسباب هو.

 

لقد فرض الإحتلال على بلاد المسلمين أمورًا كثيرة، هي ليست من الدِّين، فضُربت الحدودُ والحواجز، وأصبح لكل امرئٍ جوازٌ وجنسية، تعتبر كالعنوان له، فهذه الأمور فُرِضت فرضًا على الناس، والناس إن قسمناهم من حيثُ الكفر والإسلام، فهم إمَّا كافر أو مسلم، سواء كان الكفار أهلَ كتاب أم مجوس أم غيرهم، والسؤال الذي يطرح نفسَه الآن: هل يجوز للمسلِم حملُ جنسية بلد كافر، والسعي وراءَها لأخْذها؟

 

جاء جواب اللجنة الدائمة للإفتاء كالتالي:

"لا يجوز لمسلِم أن يتجنَّس بجنسية بلادٍ حكومتُها كافرة؛ لأنَّ ذلك وسيلةٌ إلى موالاتهم والموافقة على ما هم عليه من الباطل، أمَّا الإقامة بدون أخذ الجنسية، فالأصلُ فيها المنع؛ لقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَـئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ… ﴾ الآية [النساء:97 - 98]، ولقول النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أنا بريءٌ من كلِّ مسلِم يُقيم بين المشركين))، ولأحاديثَ أخرى في ذلك، ولإجماعِ المسلمين على وجوب الهِجرة من بلاد الشِّرْك إلى بلاد الإسلام مع الاستطاعة، لكن مَن أقام من أهل العِلم والبصيرة في الدِّين بين المشركين؛ لإبلاغهم دِينَ الإسلام، ودعوتَهم إليه - فلا حرجَ عليه إذا لم يخشَ الفِتنة في دِينه، وكان يرجو التأثيرَ فيهم وهدايتَهم. وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وآله وصحبه وسلَّم.

 

وجاء أيضا لهم:

"انتقال المسلِم من جنسية دولته المسلِمة إلى جنسية دولة أخرى مسلِمة يجوز، أمَّا انتقال مسلِم من جنسية دولتِه المسلِمة إلى جنسية دولةٍ كافرة، فلا يجوز.

وبالله التوفيق، وصلَّى الله على نبيِّنا محمد، وآله وصحبه وسلَّم".

 

وهذا هو الجوابُ الراجح، والذي عليه أكثرُ علماء هذا العصر: أنَّ هذا الأمر حرام؛ لأنَّ الجنسية حتى وإن فُرِضت عليك، فهي كعنوان لك، ولازِمُها أمور كثيرة إن كانت مِن بلد كافر، كالولاء للبلد الكافر، والخِدمة العسكرية، وغيرها.

 

وقد يقول قائل: إنَّ القاعدة الشرعيَّة تقول: "بأنَّ الحكم يدور مع عِلَّته وجودًا وعدمًا"، فهل إذا انتفت علَّة التحريم هنا، وهي الموالاة وغيرها، انتفى معها الحُكم بالحُرْمة؟

 

فنقول: لا؛ لأنَّ الحُكم لا يتعلَّق بالموالاة فقط، حتى وإن لم توالِهم، فتبقى الحُرمة لأسباب أخرى، ومنها:

• أنَّ أخْذ الجنسية هي ذريعةٌ وفتحٌ لباب الشر، فإن أمنت على نفسك، فلا تأمن على غيرك، والقاعدة الشرعية تقول: "دَرْء المفاسد مُقدَّم على جلْب المصالح"، فيجب سدُّ هذه الذريعة من أصلها، ثم أنت إن أمنت على نفسك، فلا تقدر أن تأمنَ على أهلك وأولادك من شرِّ هذه الجنسية، التي تُعطي الحرية الكاملة للولِد ليعُقَّ والديه، وكم رأينا أولادًا وبناتٍ في ريعان الشباب يهربون مِن آبائهم لأتْفه الأسباب، ويلجؤون إلى هذه الدول الكافرة التي يحملون جنسيتَها، ويبقى الوالدان في حسرتهما، وما كان لهم أن يفعلوا هذا لولا حملُهم لتلك الجنسيات.

• أنَّك ستظلُّ مربوطًا بهم، حتى وإن عشتَ خارج بلادهم، فالأحكامُ التي تسري على مواطنيهم داخلَ البلاد تسري أيضًا عليهم خارجها، ومعلومٌ أنَّ أحكامهم أحكامُ كُفْر.

• أنَّها ذريعة لبقائك في بلادهم، والبقاءُ في بلاد الكفر أصلُه الحُرْمة والمنع، خصوصًا لِمَن لم يكن عنده عِلمٌ يدفع به الشبهاتِ، وإيمانٌ يدفع به الشهواتِ عن نفسه وأهله، وهذا البقاء قد يُفضي إلى حبِّهم وموالاتهم، وإعطاء الدَّنية في الدِّين، وتعظيمهم وخشيتهم، نسأل الله العافية.

• أنَّك إن بقيتَ في بلادهم لرُبَّما أُجبرتَ على الخِدمة العسكرية، إن كنتَ حديث السِّن، أو لربَّما أُجْبِر أولادُك على هذا، وقد سمعْنا أنَّ بعضًا من أبناء المسلمين شارَك الأمريكان في الحرب على أفغانستان وغيرها، والله المستعان.

• أنَّك عند أخْذها ستضطر إلى التوقيع والقَسم، والتلفُّظ والتفوُّه بالكفر، من موالاة لهم ولأنظمتهم وللعلمانيَّة، وهذا لا يشابه قولَ المضطر للكفر، وقلبه مطمئن بالإيمان، فأنتَ هنا لستَ أبدًا في موقف إكراه ولا اضطرار.

 

والأسباب كثيرةٌ لحظرها، ولكن يكفينا مِن العِقد ما أحاط بالعُنق.

 

قد يقول قائل: إنَّ الحرام يُباح للضرورة، فنقول: نعم، ولكن الضرورة تُقدَّر بقدرها، وليس لأحد أن يُقدِّر الضرورة بحسب ما يرى، أو بحسب هواه، فإنَّ الذي حظر الأمر وأباحه للضرورة هو الله - سبحانه وتعالى - الرحيم الحكيم، فيشترط لها شَرْطان:

الأول: ألاَّ تجدَ إلاَّ هي؛ أي: إنَّه لا يوجد غيرها، والثاني: أن يغلبَ على ظنِّك أنَّها تفي بالغرض، (وحبَّذا لو مثَّلْنا على هذا لتتضحَ الصورة، مثلاً لو انقطعت من الزاد في الصحراء، وأوشكت على الهلاك، ثم رأيتَ جيفة ميتة، فلا بدَّ لك أن تأكلَ منها؛ لأنَّ هذه ضرورة، لكن إن كان معك بعيرُك أو شاة وجب عليك ذبحُها، فقد وجدتَ البديل الحلال، ومثال الشرط الثاني: لو أنَّك عطشتَ ولم تجد إلاَّ كأسًا من الخمر، فإنَّه يغلب على ظنِّك أنك لو شربتَه ستعطش أكثرَ فأكثر، فهنا نقول: لا تشرب.

 

وهذان شرطان يختصَّان بذات البدل، ولأمر الضرورة بشكل عام شرطٌ، وهو أن تُقدَّر بقدرها؛ أي: إنك إن وجدت جيفة في الصحراء، وقد أوشكتَ على الهلاك، ولم تجد غيرَها، وغلب على ظنِّك أنَّها تفي بالغرض، فوجب عليك الأكْل منها بالقدر الذي يُقيمُ صلبَك، ويدفع عنك أمرَ الهلاك فقط، فهذا من القَدَر المدفوع بقَدَر آخرَ، ويحرُم عليك الأكْلُ منها حتى تشبعَ، وتملأ بطنَك.

 

وإذا نظرْنا إلى أمر الجنسية، وحال الناس معها، والذين يدَّعون أنَّها ضرورة، فنقول: إنَّ معظمهم يأخذونها للعمل؛ أي: لطلب الرزق، وآخرين يأخذونها لتسهيل التنقُّل والسفر، وفي كلا الحالتين ليست ضرورةً؛ لأنك ستجد طرقًا غيرها في طلب الرِّزق أو في السفر والتنقل حتمًا؛ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لاَ يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 2 - 3].

 

وإن سلَّمْنا - جدلاً - أنَّها ضرورة من هذا الجانب، وعلمتَ أنَّ الضرورة تُقدَّر بقدرها، فهل ستتخلَّى عنها عند قضاء حاجتك؟! الغالب، والذي عليه الناس: أنَّهم لا يتخلَّوْن عنها أبدًا، بل هم لا يطلبون الرزق أصلاً ولا السفر والتنقل، فتجدُهم لا يعملون غالبًا، بل يعيشون على ما يأتيهم من الدولة مِن مساعدات، ولا يُسافرون إلاَّ نادرًا جدًّا، لربما مرَّة في العمر كله، ويبقَوْن في بلاد الكفر، فيَنسلِخون من دِينهم شيئًا فشيئًا، حتى إنَّك لا تفرِّق بين أبنائهم وأبناء الكفَّار من حيثُ المظهر والأفكار، وربما العقائد؛ إلاَّ بصعوبة بالغة، نسأل الله السلامةَ والعافية.

 

فيبقى مِن أهل الضرورات مثلاً مَن هو مهدَّد بالقتْل في بلاد المسلمين، أو ما أشبه، وعلى كلِّ حال الضرورات الشرعيَّة مرجعها إلى الشرع، فيجب على المرء سؤالُ أهل العلم عمَّا إذا كانت حالتُه ضرورةً تُبيح له المحظور، أم لا.

 

وأخيرًا أقول لأخي السائل:

ينبغي للمسلِم المؤمِن أن يُعلِّق قلبَه بالله وحده - سبحانه وتعالى - وأن يُلقي عن قلبِه همَّ الدنيا وحبَّها، فخذْ بالأسباب المشروعة الصحيحة، وتوكَّلْ على الله فهو حسبُك، وتذكَّر قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم - الثابت: ((مَن تَرَك شيئًا لله عوَّضه الله خيرًا منه))، وتذكَّر قوله أيضًا - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((إنَّ رُوحَ القدس نَفَث في رُوعِي: أنَّ نفسًا لن تموتَ حتى تستكملَ أجَلَها، وتستوعبَ رِزقَها، فاتَّقوا الله، وأجْمِلوا في الطلب، ولا يحملنَّ أحدَكم استبطاءُ الرزق أن يطلبَه بمعصية الله، فإنَّ الله - تعالى - لا يُنال ما عنده إلاَّ بطاعته)).

 

وعلِّقْ نفسك بالآخرة، وكنْ على يقين راسخ بأنَّ الله يُعوِّض أولياءَه بالنعيم التامِّ يوم القيامة، حتى وإن عاشوا في الدنيا بفقْر، فإنهم سيعيشون في الجَنَّة في نعيم، مِن قصور وأنهار، وثمار وحدائق، وسُرر مرفوعة، وأكواب موضوعة، وذَهَبٍ وحُلي وفضة، وحرير وحور عين، ولهم فيها ما يَشتهون، والأعظمُ من هذا أنَّهم سيرون ربَّهم - سبحانه وتعالى.

 

واعلمْ أنَّ أولياء الله هم الذين يتقونه ويخشَوْنه، ويُحبُّونه ويُطيعونه، وَيرجُون رحمتَه، ولا يُشرِكون به شيئًا، وتذكَّر قول رسولِ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمر بن الخطَّاب عندما قال عمر - رضي الله عنه - عندما رأى حالَ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: وإنَّه لعلَى حصير - يقصد رسولَ الله - ما بينه وبينه شيء، وتحت رأسِه وسادة مِن أدم، حَشوُها ليف، وإن عندَ رجليه قرظًا مصبوبًا، وعند رأسه أُهبٌ معلَّقة، فرأيت أثرَ الحصير في جنبه فبكيتُ، فقال رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - لعمر: ((ما يُبكيك؟))، فقال عمر: يا رسولَ الله، إنَّ كسرى وقيصر فيما همَا فيه - يقصد من نعيم الدنيا - وأنت رسولُ الله – يقصد: وهذه حالك من فقر وقساوة عيش - فقال رسول الله: ((أَمَا ترضَى أن تكون لهم الدنيا، ولنا الآخرة؟!))، وهذا سؤال محمولٌ على التوكيد، والتذكير بأنَّ للكفار الدنيا، وللمسلمين الآخرة، ونعيم الآخرة أكبرُ لو كانوا يعلمون.

 

و صلِّ اللهمَّ وسلِّم وبارِكْ على سيِّدنا محمد، وآله وصحبه أجمعين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • محكمة فرنسية ترفض منح الجنسية لمواطنة مسلمة
  • التأصيل العلمي وأهميته

مختارات من الشبكة

  • صدر حديثا كتب السنة وعلومها (86)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • شرح كتاب المنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي (المحاضرة الثانية: التعريف بالمنهج التأصيلي لدراسة التفسير التحليلي)(مادة مرئية - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • مفهوم الشمائل المحمدية بين التأصيل والتقعيد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إضاءة في التأصيل اللساني(مقالة - حضارة الكلمة)
  • التأصيل وبناء العلماء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التأصيل اللغوي لكلمة "مصطلح"(مقالة - حضارة الكلمة)
  • كلمات في التأصيل العلمي للعلامة الأستاذ عبدالكريم المدرس رحمه الله تعالى(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • التأصيل الفقهي لمسؤولية الدولة عن الضرر البيئي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التأصيل الإسلامي لعلم الوراثة(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التأصيل الفقهي والشرعي للسجل والتوقيع الإلكتروني(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 


تعليقات الزوار
7- عند التجنس بالجنسية الأمريكية لن نجبر على أي دين آخر
سلام محمد معزب - الولايات المتحدة الامريكية 02-06-2014 05:28 PM
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على مَن لا نبيَّ بعدَه،
أما بعد أنا ليس عالم أو طالب ولكن أحب أعرف
كل شيء عن ديننا الحنيف
عند أخذ الجنسية الأمريكية لا أحد يجبرنا
على غير ديننا حيث هنا تواجد قوانين تقول من
حق أي شخص أن يمارس أي ديانة أولا يمارس أي
ديانة حيث هنا الآن توجد مساجد كثيرة ومراكز
علم ومدارس إسلامية معتمدة ولا ينقص شيء
عن ما هوا موجود في بلداننا العربية
بشكل لا يتصور والحمد لله رب العالمين
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
6- AL JINSIA
MASKINI - ITALIA 30-04-2010 11:50 PM

ALJINSIA FI BILAD ALKOFR

تعليق الألوكة:

أخي الكريم.. نرجو الاطّلاع على الروابط أدناه:

http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/0/12758/1/الجنسية/

http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/0/12302/1/الجنسية/

http://www.alukah.net/Fatawa_Counsels/0/12354/1/الجنسية/

 

5- تعقيب
عبد الحكيم - الجزائر 21-10-2009 07:55 PM
شكرا على التعقيب اخي الكريم من قال بان اللجنة الدائمة قالت بان الاية نزلت في المسلم المقيم بين الكفار و نعم الفتية ارتدو ا و مامعنى انهم افتتنوا بقومهم و قتلو ا في بدر بعد خروجهم مع قومهم من مكة لقتال المسلمين , ان شخصيا لست عالم او طالب علم لكني اتبع رأى علماء كثر و الامر فيه سعة و الامور تقدر بقدرها لأن الهجرة إلى المدينة كانت واجبة، الهجرة إليه -عليه الصلاة والسلام- في المدينة كانت واجبة , لأن نصرة النبي-عليه الصلاة والسلام-، وأيضا كان المشركون يؤذون من يسلم ولا يهاجر؛ حتى يسلم بدينه ونفسه فأمر بالهجرة إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- سلامة بدينه ونصرة للنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه،وبارك الله فيكم
4- جزاكم الله خيرا
فادي عمر - ألمانيا 21-10-2009 12:55 AM
جزاكم الله خيرا

أخي الحبيب محمد :

أنا لست من أهل العلم و الفتوى ، ما أنا إلا طالب علم ، لذا سأمرر لك عنواني البريدي هنا و أرسل لي من خلاله سؤالك ، فإن علمت الجواب أجبتك و إن لم أعلم أحلتك على أهل العلم ، و جزاك الله خيرا يا أخي على حرصك على السؤال عن أمور دينك ، بريدي كالتالي :
alfadi_omar@live.de

أخي الحبيب عبد الحكيم :

حزاك الله خيرا على التعقيب و التعليق ، و لكن فيما أشرت إليه نظر و هو كذلك للتالي :
أولا من قال أن هذه الآية نزلت في الذين ارتدوا و أنها لا تحمل على المسلمين المقيمين في بلاد الكفر - أسأل الله أن يخلصنا من المقام فيها - ؟
ثم من قال أنهم ارتدوا ؟
في العنوان الذي أشرت إليه لم أجد شيئا مفاده أنهم ارتدوا و أنها لا تحمل على المسلمين
و هل قرأت يا أخي الفاضل تفسير الطبري و ابن كثير و غيرهم في هذه الآية ؟
ثانيا هل خفي هذا على علماء اللجنة الدائمة ؟ لو قلنا أنها خفيت عليهم لزمنا القول بأنهم أخطؤوا بالاستدلال و هذه جرأة على أهل العلم يا أخي الحبيب.
ثالثا القاعدة الأصولية في التفسير تقول " العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب " ، و إلا لو أخذنا فقط بالأسباب لعطلنا جزءا كبيرا من القرآن ، كما مثلا في آيات الظهار و اللعان و الحجاب و بعض آيات الصدقة و الزكاة و غيرها مما له سبب نزول .
يعني حتى لو فرضنا أنها نزلت فيمن ارتد عن دينه و هذا على فرضيةأنهم ارتدوا ، فهي جاءت بلفظ عام و أول من يدخل تحت هذا اللفظ هم المسلمون ، و إلا ما الفائدة من تخصيصها للمرتدين ، و هم بارتدادهم عن الدين خسروا كل شيء !! نسأل الله العافية.
ثم إن الرسول صلى الله عليه و سلم يقول : " أنا بريء من كل مسلم يقيم بين المشركين " و الحديث في صحيح مسلم
على كل حال جزاك الله خيرا على قراءة المقال و كثر الله من أمثالك ، و نفع الله بنا و بكم ، و جعلنا أجمعين من حماة هذا الدين الحنيف.
3- شكر و تنبيه
عبد الحكيم - الجزائر 16-10-2009 04:57 PM
بارك الله فيك و يبقى ان نشير ان الذين نزل فيهم "إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم " ارتدوا عن الإسلام في مكة و لم يبقوا على إسلامهم و شاركوا الكفار قتال المسلمين في بدر وقتلوا و عليه فلا تحمل الاية على المسلم المقيم في بلاد الكفر و لكن وجب التنبيه
للمزيد http://sirah.al-islam.com/display.asp?f=rwd3057.htm
2- جزيت خيرا وكفيت شرا
محمد - السعوديه 15-10-2009 08:41 AM
جزاك الله خيرا وياليتك ترسل لي عنوان بريدك الإلكتروني لأن لدىّ سؤال مهم جدا له علاقة بهذا الموضوع .. أنتظر منك رسالة بأقرب وقت وشكرا
1- جزاك الله خيرا
متابع - الأردن 14-10-2009 02:29 AM
شكرا لك أخي الكريم
وجزاك الله خيرا
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/12/1446هـ - الساعة: 11:34
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب