• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

تفسير سورة العصر

تفسير سورة العصر
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/9/2014 ميلادي - 22/11/1435 هجري

الزيارات: 58578

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير سورة العصر


الذي ألقاه بمسجد الإمام الشافعي حضرة صاحب الفضيلة علامة عصره، وفقيه وقته بقية السلف الصالح الشيخ عبد المجيد سليم مفتي الديار المصرية بحضرة جلالة الملك فاروق الأول؛ ووزراء وأعيان الدولة المصرية في يوم الأحد 28 رمضان سنة 1357هـ.

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله الذي أكمل لنا الدين وأتم علينا النعمة ورضي لنا الإسلام دينا. والصلاة والسلام على خير خلقه خاتم الأنبياء وصفوة المرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه واتبع صراطه المستقيم. أما بعد فإن كلام الله كله هدى ونور وشفاء لما في الصدور وموعظة للمؤمنين وقد وجدت من المناسب لمجلسنا هذا من الإمام الشافعي رضي الله عنه أن أختار لموضوع كلمة الليلة التي يشرق علينا فيها جلالة مولانا الملك المعظم فاروق الأول بطلعته الميمونة سورة العصر، لما جاء عن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى أنه قال فيها "لو لم ينزل الله على الناس إلا هذه السورة لكفتهم".

 

فأقول وبالله التوفيق:

بسم الله الرحمن الرحيم ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ [العصر: 1 - 3].

 

يقسم الله تعالى في مواضع عدة من كتابه الكريم ببعض خلقه ويأتي في ثنايا ذلك القسم بما يعلم القارئ والسامع أنه هذا المقسم به بعض خلق الله وأثر من آثار قدرته فأقسم مثلا بالشمس وضحاها؛ والقمر إذا تلاها، والنجم إذا هوى، وبالملائكة. وساق معها من آيات تغيرها ودلائل حدوثها ما يرجع المفتونين بها عن ضلالهم ويردهم عن عبادتها إلى عبادة خالقها وفاطرها. ويقسم بالزمن وأبعاضه، كالليل إذا يغشى، والنهار إذا تجلى وأمثالها، ليدل بذلك على ما لهذا الزمن عند الله من مكانة تفهم الإنسان أنه ما خلق هذا الزمن عبثاً، وما أنعم الله به عليه ليشغله باللهو واللعب ويقطعه بالهزء والسخرية وزور القول ومنكره، بل ليشغله بعبادة الله المنعم به؛ وعمل ما ينفعه ويفيده، فإن الله جاعل في مقابلة هذا الزمن القليل حياة آخرة أبدية لا تفنى ولا تنتهي، فكل لحظة من زمن الإنسان وعمره هنا يقابلها آلاف السنين بل أضعاف ذلك في جنات تجري من تحتها الأنهار؛ أو نار وقودها الناس والحجارة، فما كان هذا شأنه كان جديراً بأن يقسم الله به ليرد اللاهين اللاعبين فيه عن غيهم وإضاعتهم لهذا الوقت الثمين.

 

ويرد أيضاً على من ينسب إلى الزمن النحس والشر والفساد فيسبه ويقول هذا زمن سوء وفساد وما إلى ذلك مما هو من عمل الإنسان وسوء تقديره، ولا عيب على الزمان ولا ذنب له في فساد الإنسان وسوء عمله.

 

ولينبه على ما في هذا الزمان من عظيم آيات الله الدالة على بليغ قدرته وبديع حكمته. فإنه قسمه إلى ليل ونهار، وظلمة وضياء؛ وجعل في النهار الشمس سراجا وفي الليل القمر نورا، وفي تعاقبهما وعدم إدراك أحدهما الآخر أجلّ الآيات وأبلغها لقوم يفقهون.

 

﴿ وَآَيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ * وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ * لَا الشَّمْسُ يَنْبَغِي لَهَا أَنْ تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ﴾ [يس: 37 - 40].

 

وإن في مرور الليل والنهار واعتدالهما تارة وأخذ أحدهما من صاحبه تارة؛ واختلافهما في الحر والبرد؛ والربيع والخريف والشتاء والصيف، وانتشار الحيوان وسكونه، وانقسام العصر إلى السنين والشهور والأيام والساعات، إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون.

 

﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِضِيَاءٍ أَفَلَا تَسْمَعُونَ * قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ النَّهَارَ سَرْمَدًا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلَا تُبْصِرُونَ * وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [القصص: 71 - 73].

 

لهذا ولغيره أقسم الله تعالى بالعصر الذي قال ابن عباس رضي الله عنهما وأكثر المفسرين أن المراد به الدهر والزمن كله.

 

(الإنسان) هو الذي جرت سنة القرآن الكريم بتوجيه الخطاب إليه وهو العاقل البالغ في أي زمن كان وفي أي عصر وجد.

 

و(الخسر) غير مقيد بدنيوي ولا أخروي بل هو عام يشملهما مجتمعين ومتفرقين ﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ ﴾ كل إنسان يتوجه إليه خطاب الله ويتأهل لسماع دعوة الله لا بد أن يصيب حظا من الحسرات ونصيبا من الخيبة في الدنيا أو الأخرى إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر.

 

"الإيمان" ذكر الله تعالى الإيمان بصفاته وآثاره وأعماله وأهله وعاقبته في الدنيا والآخرة فقال ﴿ آَمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آَمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285].

 

وقال ﴿ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآَخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ * أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 3 - 5].

 

وقال ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ ﴾ [البقرة: 177].

 

وقال ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آَمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15].

 

وقال صلى الله عليه وسلم في حديث جبريل المشهور "الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسوله واليوم الآخر وأن تؤمن بالقدر خيره وشره".

 

وغير ذلك من الآيات والأحاديث التي تبين حقيقة الإيمان الذي يحبه الله ويرضاه لعباده ويدعوهم إليه ليكونوا راشدين مفلحين. ليس الإيمان مجرد ما يدعيه الناس من الإيمان تقليداً لآبائهم وأجدادهم وبيئاتهم بدون أن يكون له اتصال بالروح والقلب والوجدان والأعمال وسيطرة عليها فإن مثل هذا الإيمان لا يفيد صاحبه شيئا ولا يكسبه حظا من فوز المؤمنين الصادقين. وكم خسرت أمم وجماعات زعمت أنها مؤمنة برسل صادقين ومتبعة لأنبياء هادين مغترة بهذا الإيمان التقليدي الزائف الذي لا يكف صاحبه عن شر ولا يدعوه إلى خير لأنه في واد والقلب في واد ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آَيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ ﴾ [الأنفال: 2 - 4].

 

والأعمال الصالحة هي التي يحبها الله ويرضاها والتي يكون بها صلاح الإنسان وسعادته في دنياه وآخرته في نفسه وأسرته وأمته وهي إما أعمال ظاهرة من الجوارح كإعطاء الصدقات ومعونة الضعفاء ونصر المظلومين والصدق والكلمة الطيبة وإقام الصلاة وما إلى ذلك من كل خير وبر يقع من تلك الأعضاء الظاهرة وإما أعمال باطنة مما ينعقد عليه القلب وتتحلى به النفس من الأخلاق الكريمة والصفات المحمودة والملكات الطيبة كحب الله ورسوله وحب ما يحبه الله ومن يحبه؛ وموالاة من يوالي الله ومحادة أعداء الله ورسوله والوفاء بالعهد وحب الخير والإخلاص لله ومحبة الإحسان إلى الخلق وما إلى ذلك مما هو أصل لفعل الخير وينبوع كل بر ورحمة.

 

وقد تكفل القرآن الكريم والسنة النبوية ببيان هذه الأعمال الصالحة وتفصيلها وهي في الحقيقة لازمة للإيمان الصادق لزوم الضوء للشمس والنور للنهار. ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾ التواصي أن يوصي كل واحد صاحبه ويتعهده بالوصية كلما رأى منه تكاسلا أو غفلة عنها.

 

والحق ضد الباطل فالباطل ما ليس له حقيقة ثابتة أو ماله حقيقة موجودة ولكن ضرها وشرها يجعل عدمها أجدر من وجودها.

 

فالحق على هذا ما يكون وجوده متمحضاً للخير أو يكون خيره أكثر من شره ونفعه أكثر من ضره. وقد أطلق الله على كتابه الحق وعلى دينه الحق وعلى وعده الحق وعلى ذاته العلية الحق.

 

فالحق من الأعمال كلمة جامعة لكل ما يؤدي القيام به والمحافظة عليه إلى سعادة الإنسان وفوزه في الدنيا والآخرة.

 

والحقوق كثيرة فحق الله على عباده وحق الإنسان على نفسه وحق لكل من الزوجين على صاحبه وللوالد على ولده وللولد على والده وللصديق على صديقه وللملك على رعيته وللرعية على ملكها ولمجموع الأمة على كل فرد فيها وكم هناك من حقوق يعلق الله النجاة من الخسران في الدنيا والآخرة على أدائها ورعايتها لأهلها والقيام بها على وجهها وعدم التحيف والميل فيها. وملاك أمر هذه الحقوق وجماعها الذي من قام به وحفظه وفق للقيام بكل حق. هو حق الله الذي يبينه حديث البخاري ومسلم عن معاذ، إذ قال له النبي صلى الله عليه وسلم أتدري يا معاذ ما حق الله على عباده؟ أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، أتدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ أن لا يعذبهم.

 

فالفلاح والسعادة في حفظ هذه الحقوق، وأن يوصي كل واحد منا صاحبه بالقيام بهذه الحقوق والاستمساك بها.

 

(والصبر) من أمهات الأخلاق الفاضلة بل هو ملاك كل خلق كريم ومساك كل ميزة حميدة بل هو من الإيمان بالمنزلة التي تشير إليها تلك الكلمة الخالدة من علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ يقول:

"لا يرجون عبد إلا ربه، ولا يخافن إلا ذنبه، ولا يستحي من لا يعلم أن يتعلم ولا يستحي إذا سئل عما لا يعلم أن يقول: لا أعلم؛ واعلموا أن منزلة الصبر من الإيمان كمنزلة الرأس من الجسد، فإذا ذهب الرأس ذهب الجسد، وإذا ذهب الصبر ذهب الإيمان".

 

وقد أشاد الله به؛ إذ كرر ذكره في القرآن الكريم نحو تسعين مرة. فمرة أمر به ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ ﴿ وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ﴾.

 

ومرة جعله شرطا في حصول النصر ﴿ بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آَلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 125].

 

وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم أن يبشر الصابرين بأن عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأنهم هم المهتدون.

 

وأثنى به على صفوة خلقه فقال عن أيوب ﴿ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ ﴾ وقال لخاتم أنبيائه ﴿  فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ وقال ﴿ إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ فوعد عليه من الأجر ما لم يعد به على عمل صالح غيره وقال ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾ [البقرة: 153] وهذا من عظم منزلة الصابرين وكرامتهم على أن شرفهم الله بمعيته الخاصة وهي معية الحفظ والكفاية والنصر والتأييد.

 

وكل ذلك يدل على أن الصبر أجل مقامات الإيمان حتى أنه لينال به الصابر مع إيمانه ويقينه منزلة الإمامة في الدين كما قال الله تعالى ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآَيَاتِنَا يُوقِنُونَ ﴾ [السجدة: 24].

 

ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو كثيراً اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد.

 

وقال: "ما أعطى أحد عطاء خيراً وأوسعَ من الصبر".

 

ونختتم هذه الكلمة بالابتهال إلى الله تعالى أن يحفظ حضرة صاحب الجلالة مولانا الملك الصالح فاروق الأول وأن ينصره نصراً عزيزا وأن يبوئه مكانة الإمامة في الدين مع الصابرين الموقنين وأن يمده بمعونته ويؤيده بروح من عنده وأن يجعلنا جميعاً من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر حتى نكون من المفلحين الفائزين في الدنيا والآخرة.

 

وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم

المجلة

السنة

العدد

التاريخ

الهدي النبوي

الثانية

العشرين

ذو القعدة سنة 1357 هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • سورة العصر
  • تأملات في سورة العصر
  • منهج التربية في سورة العصر
  • تفسير سورة العصر للأطفال
  • سورة العصر وأصول النجاة (خطبة)
  • تأملات تربوية في سورة العصر
  • في ظلال سورة العصر (خطبة)
  • سورة العصر (بطاقة)
  • كلمة عن سورة العصر
  • وتواصوا بالصبر: في رحاب سورة العصر (4) (خطبة)
  • تفسير سورة العصر

مختارات من الشبكة

  • تفسير سور المفصل 212 - سورة الأعلى ج 1 - مقدمة لتفسير السورة(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير السور المئين من كتاب رب العالمين تفسير سورة يونس (الحلقة السادسة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير سور المفصل (34) تفسير سورة قريش (لإيلاف قريش)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سورة المفصل ( 33 ) تفسير سورة الماعون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 32 ) تفسير سورة الكوثر ( إن شانئك هو الأبتر - الجزء الرابع )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 31 ) تفسير سورة الكوثر ( فصل لربك وانحر - الجزء الثالث )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 30 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الثاني )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 29 ) تفسير سورة الكوثر ( إنا أعطيناك الكوثر - الجزء الأول )(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 28 ) تفسير سورة الكافرون(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • تفسير سور المفصَّل ( 27 ) تفسير سورة النصر (الجزء الثاني)(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب