• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد / مجلة براهين
علامة باركود

الداروينية .. إعادة المحاكمة

أحمد يحيى

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/9/2014 ميلادي - 19/11/1435 هجري

الزيارات: 16893

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الداروينية.. إعادة المحاكمة

 

يقول داروين في كتابه أصل الأنواع:

"إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يُرجَّح أنه قد تشكل عن طريق العديد من التعديلات المتعاقبة والطفيفة، فسوف تنهار نظريتي تماماً"[1].

 

يعتبر بعض المتحمسين لداروين مقولته السابقة دعوة "للتحدي"، في حين يرجعها المتابعون إلى "الشك" وعدم الثقة المتأصلين في نظريته التي تناقش "أصل الأنواع".

 

أيا كان المقصد، فأطروحتنا التي بين أيديكم اليوم هي استجابة لدعوة داروين أو تأكيدا لشكه والتبعات هو من وضعها.

 

ما هي الحياة وكيف يدحض تعقيدها الداروينية؟

ما هي تلك النظم الحيوية غير القابلة للاختزال، وكيف تمعن في تحدي الداروينية؟

كيف تعاطى أنصار التطور مع تلك المعضلة، وهل استطاع "كينيث ميلر" تخطيها وتفنيدها كما ادعى خلال شهادته في محاكمة التصميم الذكي الشهيرة "دوفر"؟؟

هل تكسب تلك النظم مضاربة داروين وتحقق توقعه بانهيار نظريته أم تؤكد أنها مازالت عقيدة مادية راسخة؟


هنا نحاول الإجابة على هذه الأسئلة فتابعوا:

"الداروينية.. إعادة المحاكمة"..

ما هي الحياة؟ الفرق بين (الحى والميت)، (الحياة والجماد) هكذا ظل منتهى علمنا بالحياة حبيسا داخل حدود هذا التوصيف، فالحياة هي اللغز الأعظم الذي حير الفلاسفة وأعجز البيولوجيون وأعيى أجيالا متعاقبة من الباحثين.

 

فـ"الروح" هي الكينونة المبهمة بداخل كل مخلوق حي تميزه عن الجماد وتفارق بدنه عند الموت، سألت عنها اليهود رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأجاب إجابة واضحة مباشرة بما أوحى به اليه ربنا ‏سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً ﴾ [الإسراء: 85].

 

كان هناك دائما ومنذ بدء الثورة العلمية نزاع تدور رحاه في أوساط المعرفة البيولوجية حول توصيف "الحياة" ومصدريتها كتصميم، انقسمت فيه الآراء إلى معسكرين: أحدهما يعلن أن الكائنات الحية ليست مختلفة إطلاقا عن المادة غير الحية، وكانوا يدعون أنفسهم أحيانا بالآليين mechanists أو الفيزيقيين physicalists وعلى الجانب المضاد؛ يقف معسكر يدعى أصحابه الحياتيين vitalists وكانوا ينادون برأي مفاده أن للكائنات الحية خصائص لا يمكن وجودها في المادة الخاملة وأن المفاهيم البيولوجية لا يمكن أن تكون خاضعة لقوانين الفيزياء والكيمياء.

 

استمدت الحياتية منهجاً راسخاً بداية من القرن السابع عشر، وشكلت عقبة قوية في وجه الفلسفة الآلية المادية التي قالت أن الحيوان ما هو إلا آلة، وأن كل مظاهر الحياة هي عبارة مادة في حالة حركة.

 

و تبنت الحياتية فكرة وجود مادة خاصة وقوة حيوية غير موجودة في الجمادات هي ما تميز الحياة، وكان كثير من أتباع تلك المدرسة من الغائيين teleolgists الذين يعتقدون أن الحياة وجدت لتحقيق غاية أخروية.

 

تسبب تشبث الحياتية بوجود تلك "القوة الحيوية" المبهمة في التعجيل من سقوطها باعتبارها فكرة ميتافيزيقية أكثر منها علمية حتى انزوت تقريبا من المشهد العلمي، مع بدايات القرن العشرين مع صعود الفلسفة المادية والنهج العلماني في تناول البيولوجيا.


ففي أواخر القرن التاسع عشر أتت الداروينية حاملة في كنفها نزعة مادية عاتية، كمخرج من سطوة الفكر الديني الأنجليكاني الذي تسيد المشهد البيولوجي آنذاك، فأنكرت وجود الغاية الكونية، واستبدلتها بقانون الانتخاب الطبيعي لقيادة التنوع الأحيائي من خلال مبدأ الصراع من أجل البقاء، بالإضافة إلى نهج التبسيط والارتقاء الذي يحاول تخطى معضلة تعقيد الحياة في الوقت الذي كانت فيه دراسة الطبيعة طريقا إلى معرفة الله، وحين كان مشاهير علماء التاريخ الطبيعي يلتمسون التقوى من خلال ذلك، مثل جلبرت وايت الذي ألّف كتابا عن اكتساب المعرفة بالملاحظة عنوانه "التاريخ الطبيعي لسلبورن" والباحث الموسوعي وفيلسوف العلم ويليام هيويل الذي ألّف "رسائل بريدجووتر" التي تناقش حكمة الله وقدرته ودوره المباشر في خلق العالم الطبيعي، والعالم الشهير ويليام بالي الذي كتب "التاريخ الطبيعي اللاهوتي" وعنوانه الفرعي "الأدلة على وجود الذات الإلهية وصفاتها مأخوذة من مظاهر الطبيعة"، ومنه انتشر تشبيه صانع الساعات الإلهي حين قال: "عندما نجد ساعة قابعة فوق الأرض نستنتج بداهة أن حرفيا ذكيا قد صنعها، وعندما نجد حيوانات ونباتات صممت تصميما معقدا وتتكيف على نحو رائع، ينبغي بالمثل أن نستنتج أن خالقا قديرا حكيما قد صنعها".

 

بيد أنه من المفارقات المتعلقة بهذا الشأن أن أحد أهم أسباب سقوط الحياتية هو ما ثبت صحته لاحقا مع سيرورة التقدم العلمي، فبالرغم من فشل الحياتيون في حل لغز تلك المادة المميزة للحياة والتي أطلقوا عليها آنذاك "البروتوبلازم"، فإن المشتغلون بالبيولوجيا اليوم يعلمون أن الحياتية كانت على حق في احتجاجها بتميز الكائن الحى عن الجماد بميزات مذهلة تم الكشف عنها تباعا مع تقدم العلم، وكان أهمها البرنامج المعلوماتي الجيني (الحمض النووي DNA).


ما هو النظام الحيوي؟

في عام 1931 أعلن عالم الفسيولوجيا هالدين J.S. Haldane أن علماء الأحياء (البيولوجيين) لم يجدوا بداً من التخلي عن الحياتية، بسبب كونها فكرة ميتافيزيقية في التوصيف المادي، ولكن في الوقت ذاته كان يقول إن أي تحليل آلي بحت لا يمكنه تفسير هذا التناسق المذهل للحياة، وبذلك فإنه رغم انحسار فكرة الحياتية عن قيادة الوجهة البيولوجية، لم تتسيد فكرة الآلية الميكانزمية التسطيحية على المشهد، بقدر ما مهد لظهور مدرسة أخرى تسلمت الراية من سابقتها ونحت وجهتها المادية بإتباع النهج الفيزيوكيمائى لتفسير النظام الحيوي وسميت بالعضوانية، لكن بالرغم أن هذا النهج قد تأهل لتوصيف الكثير من العمليات الحيوية على مستوى الجزيئات، فإنه يفتقد صلاحيته تماما في تفسير علة ذلك التكامل التكويني المذهل للكائن الحى، وكيفية وسبب حدوثه، وكلما ارتفع المستوى الذي يجري فيه الاختبار على طريق تكامل تكوين الكائن الحي، ارتفع معدل الفشل وخابت الآمال المرجوة، فعند النظر في المجاهر، تبين للعلماء أن حياة الكائنات المتنوعة، من بشر وحيوانات ونباتات، هي محصلة لتعاون مئات المليارات من الخلايا المنفردة الدقيقة غير المرئية التي تخصصت في وظائفها تخصصا عاليا لدرجة أن أي منها لم تعد قادرة على الحياة منفردة، ومن ثم أصبحت مهمة العلماء هي فهم وظائف الخلايا المنفردة وطريقة تعاونها، لأن المجال المرئي من العالم لم يقدم تفسيرا للحياة. وبدا لهم آنذاك أن من يستطيع أن يعرف لماذا تمكنت هذه الملايين من الخلايا، والتي توالدت جمعيها لدى كل حي من خلية (بويضة) ملقحة، من أن تتطور تطورا غائيا إلى العديد من الانواع المختلفة من الخلايا عالية التخصص الوظيفي، فإنه بذلك قد ملك سر الحياة، بيد أن هذا السر يأبى إلا أن يزداد غموضا فوق غموضه، فلا زالت مسألة التنوع الخلوي بدون حل حتى يومنا هذا، وما زاد الأمور تعقيدا هو اكتشاف العلماء طبقة أعلى من التعقيد تحت المستوى الخلوي بداخل عمق الخلية ذاتها، وكان هذا المسار خطوة أولى في ما يسمى مجال "البيولوجيا الجزيئية"، والتي أعطتنا الكثير من التساؤلات والألغاز المركبة بدلا من أن تمنحنا الإجابات.

 

و ظل التساؤل: كيف تنجز هذه الخلية مهامها؟ وما هي العوامل التي تنظم وظائفها المتعددة في كل واحد منسجم؟

وصف العلماء الكائنات الحية كنظم غاية في التعقيد، على مستويات وطبقات متعددة حيث تعتمد الخصائص المميزة لها على "تنظيم الكيان" أكثر من اعتمادها على "تركيب الكائن"، فارتباط الكل بأجزائه في عالم الحياة، لا يقتصر علي التكامل الكمي بينهما، بل يشمل أيضا ما ينتج عن ذلك من سيطرة الكل على أجزائه، وفهم الكائنات المتعضية الحية ينبغي أن يتم من منظور كلي كما يخبر s.j.smuts: "إن الترابط بين أجزاء أي كائن حي متعض ينطوي على نوع من التفاعل النشط بينها، فهذه الجزيئات في حد ذاتها يمكن اعتبارها كليات صغرى كما هو الحال في الخلايا التي يتآلف منها جسم أي كائن حي"

 

و يشرح ألكس نوفيكوف alex novikoff "إن الكل والجزء كلاهما كيان مادي، والتكامل ينتج مما يتم بين الأجزاء من تفاعل مرتب على خصائصها" فالكلية لا تنظر إلي الوحدات الفيزيوكيميائية التي يتكون منها الكائن الحي باعتبارها أجزاء في آلة، يمكن فكها ووصفها من دون اعتبار للجهاز الذي انتُزِعت منه"، وهو ما لخصه بيولوجيون آخرون في عبارة موجزة هي: "الكل شيء مختلف عن مجموع أجزائه". ومن ذلك فإن وصف الأجزاء المعزولة لا يمكن أن ينقل صورة عن خصائص الجهاز الحيوي ككل، ولا يمكنه أن يفسر وجوده، فالذي يتحكم في الجهاز كله هو ما يربط بين هذه الأجزاء من نظام يطلق عليه اسم التعضي Organiztion. وتكامل الأجزاء قائم على كل مستوى من مستويات التكوين: ففي الكائن المتعضي الواحد يتم التكامل في الخلايا، ثم بين تلك الخلايا، فالأنسجة، فالأعضاء، فالأجهزة العضوية التي بتكاملها يكتمل كيان الفرد. كيف يعمل هذا النظام؟ وما هو سر وجوده؟ وهل نجحت الداروينية -حاملةُ راية التفسير المادي- في شرحه، أم أن هناك نظريات أخرى بديلة؟ هذا ما نحاول استكشافه من خلال تتبع تسلسل المجريات التالية[2] [3].

 

التعقيد الحيوي في مواجهة الداروينية:

عندما رأى داروين التشابه في العضلات وبنية الجسم عبر العديد من الأنواع، لم يكن لديه المعرفة الكافية بهذه التعقيدات الهائلة الكامنة داخل تلك الأجهزة في ذلك الوقت المبكر من تاريخ العلم، لكنه -و بالرغم من ذلك- أدرك حجم الإشكالية التي تواجه فرضيته، ممثلة في بنية الأعضاء الحيوية المعقدة بداخل كيانات الأحياء، والتي أطلق عليها أجهزة "مفرطة الإتقان والتعقيد" "extreme perfection and complication".


أمام روعة هذه التصاميم الحيوية يقف داروين عاجزا، ويكتب عن تركيب العين في كتابه أصل الأنواع:

إن الافتراض بأن العين بكل ما أتيت من قدرات فذة لتعديل التركيز وفق مسافات متباينة، والسماح بكميات مختلفة من الضوء، وتصحيح الانحراف الكروي واللوني، قد صاغها الانتقاء الطبيعي، هو على ما يبدو افتراض سخيف غاية السخف، وأنا اعترف بذلك[4].

 

منذ الوهلة الأولى أعلنت الأعضاء الحيوية مفرطة الإتقان extreme perfection عن تحدي على نحو لا لبس فيه، لفرضية التطور المتدرج والتبسيط التي تبنتها الداروينية كتفسير مادى طبيعي لحدوث الحياة بمعزل عن التصميم، والتي تفترض أن هذه العضيات الحيوية تمر أثناء رحلة تطورها المزعومة عبر سلسلة من المراحل الوسيطة الطفيفة والمتتالية، يقوم خلالها الانتقاء الطبيعي بصياغة تكيفها تدريجيا، بالحفاظ على تغيرات المرحلة المفيدة والوظيفية وتدمير ما هو غير صالح أو أقل تكيفا، وهنا تكمن المعضلة المحورية، فهذه الأعضاء لا تستطيع أن تقوم بوظيفتها إلا بوجودها مكتملة، والكيانات الوسيطة المتتالية التي من المفترض أن يمر بها العضو أثناء رحلة تطوره ليس لها أي معنى وظيفي إلا بوصفها أجزاء من المنتج النهائي، ومن ذلك فإن كافة المراحل الوسيطة ليس لها أي ميزة انتقائية، وينعدم الدور المخول للانتقاء الطبيعي في الحفاظ عليها وتثبيتها، لأنها لا تحمل له أيّة قيمة تكيفية أثناء تطور العضو، بل هي مجرد أعضاء مشوهة ناقصة تمثل عبئ يجب التخلص منه.

 

فالانتخاب الطبيعي عملية لا غرض لها، عمياء عن رؤية المستقبل، ليس لها أهداف، ومعيارا التقييم الوحيدان لها هما: النجاح في البقاء، والنجاح في التكاثر، وهذا ما يجب أن يتوافر في كل خطوة من خطوات التغيير في نشوء العضو الحيوي، ولكن الطبيعة غير الاختزالية للعضيات الحيوية التي لا تقبل التدرج الوظيفي أو الإنقاص تُفْشِل هذه العملية تماما، فهي إما تكون ككل أو أبدا لن تكون.


بالرغم من اعترافه بحجم تلك الإشكالية، فقد تعاطا معها داروين بمنهجية ملتوية، ونقل عبئ الإثبات لجهة المشككين مطالبا إياهم بإثبات خطأ إدعائه الذي يطالب هو بإثباته كأصل لقبول فرضيته، وذلك لإدراكه الراسخ بأنها جولة خاسرة فقال في كتابه أصل الأنواع:

إذا كان من الممكن إثبات وجود أي عضو معقد لا يُرجَّح أنه قد تشكل عن طريق العديد من التعديلات المتعاقبة والطفيفة، فسوف تنهار نظريتي تماما[*].


علينا أن ندرك أن داروين كان حذقا في التعامل مع العقبات التي تعترض فرضيته، واستعمل المواربات الذكية على أمل أن تحل تلك العقبات آجلا، وفي المقابل سلم بالانهيار التام لفرضيته إذا لم تتمكن من تخطيها.


مرت عقود عديدة على طرح داروين وهو ما يمثل زمنا طويلا جدا بمقياس مسار العلم الحديث، ويبقى التساؤل البديهي الذي يفرض نفسه حتى الآن، هل نجح تلامذته في تخطي تلك العقبات؟

•     •     •


 

العقبة الكبرى:

رغم التقدم العلمي الهائل في رصد تعقيدات حيوية مذهلة، والتي من المفترض أن تزيد من صعوبات تفسيرها بالارتقاء والتطور عنها في عصر داروين، إلا أننا -وعلى نقيض ذلك- نلاحظ أن داروين كان أكثر معقولية واتساقا من أتباعه في مواجهة مشكلات التعقيد، رغم إحاطته المعرفية المحدودة بفداحته، وترفع عن سلوكهم المتعمد بذلك التدليس الانتقائي بتسطيح التناول حول تطور هذه الأعضاء، ويمكننا القول إنه من السذاجة أن نقبل وفق معرفتنا الحالية بكم هذا التعقيد بأنه من الممكن من خلال محاذاة بسيطة لسلسلة من الكائنات العائشة الأقل تعقيدا إلى الأكثر تعقيدا، أن نستنتج أن نوعا من التطور التدريجي على مدى ملايين السنين سيكون مسؤولا عن تفسير التعقيد الحادث به، وهذا السبيل بعينه هو ما يجادل به أنصار التطور منذ عهد داروين وحتى يومنا هذا، لتفسير وجود تلك النظم الحيوية المعقدة دون تقديم أيّة آلية فعلية لسيرورة هذا التحول المفترض، فعلى سبيل المثال: تعرض لنا الداروينية محاكاة لتطور العين، تشرح كيفية تحول بقعة حساسة للضوء كنظام رؤية بدائي تدريجيا إلى تجويف منخسف شديد التقعر، ثم نصف الكرة مملوءة بمادة شفافة، وبعد ذلك تحولت إلى ما هي عليه الآن في العيون الأكثر تعقيدا، معتمدا في ذلك على صنع اصطفاف لنماذج من العيون المختلفة في الكائنات العائشة اليوم، من البسيط إلى الأكثر تعقيدا.


تكمن الإشكالية هنا في خطأ منهجي متمثل في صحة الاستدلال على التطور، بالاستناد على خصائص بعض العيون الموجودة في الوقت الحاضر، فلا يمكن بأي حال من الأحوال تمثيل العيون التاريخية التي من المفترض أن تمثل الأسلاف من خلال سرد سلسلة من العيون الموجودة حاليا، والتي تمتلكها أنواع حية عصرية، لأن التطور يتطلب أن كل العيون الحالية لديها نفس القدر من التاريخ التطوري، وهن أبناء عمومة لا يمكن اعتبارهن أسلافا لبعضهن البعض. إن هذا النهج يتطلب اعتراف الداروينية بأن هذه العيون الحديثة 'البسيطة' في أول السلسة التطورية هي نظائر للعيون المفترضة للأجداد ومماثلة لها، وهذا يضعهم في حرج حقيقي لأنه بالتبعية يؤكد أن تلك العيون لم تتطور أو يطرأ عليها أي تغيير منذ أزمان سحيقة، وهو ما يناقض الفرضية التطورية برمتها حول سيرورة التطور الدؤوبة. داروين نفسه كان يدرك جيدا عدم صلاحية هذا الاصطفاف للاستدلال، وعلى الرغم من ذلك وقع هو نفسه في ذلك الخطأ، وتفشى في نهج أتباعه.


the crucial importance of this requirement to the theory of evolution was fully understood by Darwin, who stated that, in searching for the gradations through which an organ in any species has been perfected, we ought to look at its lineal progenitors. Indeed we ought; though he himself could not do so. It is deceptive to the reader to create a seriation beginning with eye spots as seen in unicellular organisms and call them, as does Duke-Elder (1958), the earliest stage of evolution [5]

 

 

 

حين نحاول التعاطي مع حجة التطور السابقة حول اصطفاف (تطور العين كمثال)، فإننا وبمجرد الخوض في أولى خطوات اختبارها، نصطدم مباشرة بالكثير من التناقضات، ونرصد خرقا جسيما لما تضعه الداروينية لنفسها من آليات وإلزامات وقواعد داخل إطار الاستدلال العام على التطور (وهذا ليس مستغربا)، ولكن على الرغم من ذلك لا تيأس من البحث عن مبررات لتخطيها، وتقع أغلبها تحت إطار الحجج الدائرية، أو المسكنات الموضعية للإشكالية، أو ما يمكن تسميته بمبررات الاستهلاك المحلي، فحين ننظر في محاذاة عيون الأنواع العائشة من البسيط إلى الأكثر تعقيدا لتبرير تطور العين نجد أنها تناقض شجرة التطور (الفيلوجينية) التي تم رسمها.

 

على سبيل المثال: تخبر الداروينية أن أسلاف الرخويات قد انشقت عن الفقاريات خلال عصور سحيقة من تاريخ الحياة، في عصر ما قبل الكمبري Precambrian ، مما يجعل البشر أكثر ارتباطا بنجم البحر، وديدان الأرض عن ارتباطهم بالأخطبوط (من الرأسقدميات) وبناء على ذلك فمن المفترض أن نرى العيون البسيطة البدائية في السلسلة متواجدة بالأخطبوط، لكن من الحقائق المثيرة للدهشة أن الأخطبوطات بالرغم من انحدارها في أسفل سلسلة التطور، إلا أنها تمتلك ذلك النوع من نظام الرؤية شديد التعقيد، والمعروف بعيون الكاميرا الذي يميزنا نحن البشر، والعجيب هنا أن التشابه بين عيون الإنسان والأخطبوط، رغم المسافة التطورية الشاسعة بين كلا النوعين يبدو متطابق في التراكيب على نحو مذهل.

التطابق البنيوي بين عين الأخطبوط وعين الإنسان لغز يتحدى العشوائية

 

هذه القفزة الهائلة في تشكل العين عبر سلسلة المحاذاة، لا يمكن تفسيرها بالانحدار من أي سلف مشترك، وتقف مباشرة في وجه السيناريو التطوري الذي يستدل بتدرج نماذج العيون الحالية كتمثيل لأسلافها، وكالعادة لا يمكن لأنصار التطور تحمل تبعات فرضياتهم فنجدهم يتملصون منها بالمجادلة حول كون كل من الأخطبوط والإنسان أبناء عمومة من سلف قديم جدا، عاش في عصور ما قبل الكمبري، ولا يمثل أحدهما سلفا للآخر، وتلك البنية المعقدة والمتطابقة في نظام الرؤية بين كلا النوعين قد تطورت بمعزل عن بعضها البعض بطريق تطوري تقاربي[6] convergent evolution .

 

و هذا الرد هو ما يعنينا الآن من طرح المثال السابق، وعليه نتساءل: إن كانت الكائنات العائشة لا يمكنها أن تمثل الأسلاف ولا تعبر عنها، فلماذا يحتج أنصار التطور بمصفوفات كائنات حية حالية لتبرير تسلسل تطور العين!

 

المثال السابق ليس استثناء فالتناقضات رصدت على نطاق كبير حيث لاحظ العلماء أن العيون في ثلاثة فئات رئيسية من الأنواع (الفقاريات والمفصليات والرخويات)، تنشأ من أنسجة مختلفة ومنه افترض أنصار التطور أن لدي هذه الفئات الثلاثة تاريخا تطوريا منفصلا، ​​و العديد من أوجه التشابه بينها نتجت أيضا بسبب التطور التقاربي[7].

 

مثل هذه التناقضات الشديدة في المسار التاريخي المقترح لتطور العين تداعت بأنصار التطور إلى الافتراض بأنها قد تطورت ونشأت أكثر أربعين مرة بشكل مستقل، وهو ما يفسد سيناريو الاصطفاف، ويؤكد عدم جدواه في الاستدلال[8] [9].

 

بالإضافة إلى تناقض هذا النموذج مع السجلات الجيولوجية التي لا تدعم هذا التدرج المزعوم، وتستعرض ظهورا فجائيا للعيون المعقدة، وبكامل تراكيبها المعروفة اليوم منذ أكثر من 540 مليون سنة فيما عرف بعصر الكمبري Cambrian ، ويشير إلى ثباتها منذ وجودها للوهلة الأولى، ولا زال أصلها التطوري يمثل لغزاً حقيقياً[10] [11] [12].

 

بتخطي هذا النهج المعيب نتحول إلى محور تناولنا، والذي يتعلق بتلك الإشكالية الكبرى التي تتعامى عنها الدراوينية، وهي آلية هذا التحول المطلوب لإنتاج ذلك الجهاز المعقد (العين).


فحدوث كل طفرة متتابعة في الحمض النووي داخل مقلة العين يتطلب تحولات جذرية ومتزامنة وشديدة التعقيد والترابط داخل بنية العظام، والأعصاب، ووظيفة الدماغ، ويجب سلوك مئات من المسارات التطورية في ذات الوقت عن طريق طفرات فاعلة في جميع الجوانب المتعلقة بالرؤية، ومثل هذه التغييرات تتطلب أكثر بكثير مما يمكن توقعه من الطفرات العشوائية والانتقاء الطبيعي[13]. ولتقريب مدى صعوبة تلك العملية باتخاذ مقياس واحد فقط، هو عدد الجينات المسئولة عن إنتاج العين، نجد أنه قد تم التعرف حتى الآن على 501 من الجينات المرتبطة بالعين في تلك الحشرة البدائية (ذبابة الفاكهة)، أي ما يعادل 3.5٪ من حجم جينومها بأكمله.

و في الكائنات الأكثر تعقيدا مثل الفقاريات نجد أن أكثر من 7500 جين يتداخل في تركيب وتنظيم شبكية العين، أي حوالي 30٪ من الجينات البشرية قاطبة، ومن ذلك فحدوث طفرات متزامنة على هذا العدد الهائل من المسارات والجينات هو فرضية مريعة تتخطى حدود المنطق وتتزايد مع مستويات التكامل الارقى بين أجزاء تشكل العين، وحتى على المستويات التكوينية الأقل تدرك الداروينية تلك المشاكل الخطيرة في وضع تفسير لتطور كل جزء من نظام الرؤية، بما في ذلك العدسة، ومقلة العين، وشبكية العين، والنظام البصري بأكمله، وفصوص القذالي في الدماغ[14].

مثل هذا التكامل والتنظيم أدى بالخبير تيرنر أن يسمى عملية الرؤية بالمعجزة، ويقول إن معجزة [الرؤية] الحقيقية تكمن في تلك العملية الحسابية التي يمكن أن تنتجها[15].

فكل هذه الأنظمة المختلفة يجب أن تعمل معا كوحدة متكاملة لتحقيق الرؤية، ويتعجب جراس في بحث خاص يدرس أعضاء أقل تعقيدا في تشريح أسد النمل، ويتساءل حول إمكانية إنتاج مثل هذه النظم المعقدة بواسطة الانتقاء الطبيعي لطفرات عشوائية، وفرص حدوث مثل هذه الطفرات المتزامنة التي يمكنها أن تفعل ذلك، وجدوى هذه الطفرات في إنتاج الهياكل التي تلائم بعضها البعض بدقة[16].

من المؤكد أن مثل تساؤل جراس سيلاقى طريقاً مسدوداً، فحتى أبسط نظم الرؤية وأكثرها بدائية (البقع الحساسة للضوء)، والتي استخدمت كحلقات أولية في سلسلة التطور، تتطلب وجود مجموعة كبيرة ومعقدة من النظم الإنزيمية في المكان والوقت المناسب لكي تعمل، وهي بحد ذاتها تعقيد لا يصدق ونظام لا يمكن اختزاله، وعندما اتخذ دوكينز وغيره من أنصار التطور البقعة الحساسة للضوء كبداية للصعود نحو سفح الجبل، فقد وقع في مغالطة منطقية بسبب تعقيدها الهائل، وبذلك فرحلته نحو القمة محكوم عليها بالفشل لأنه ابتدأ من القمة وهوى مباشرة نحو الهاوية.

•     •     •



على صعيد الجسم البشرى يشير الدكتور جوزيف كوهين Joseph A. Kuhn في ورقة نشرت مؤخرا من (جامعة بايلور المركز الطبي) بعنوان تشريح الداروينية، إلى أن الكثير من الأطباء من خلال دراستهم للتعقيد الهائل للجسم البشري يمكنهم تقبل حدوث انتقاء لبعض الطفرات التي تعمل على مقاومة الملاريا، وخصائص الجلد، والعديد من التغييرات الطفيفة الأخرى لا يمكنها تحويل النوع، ولكن مثل هذه الطفرات لا تقدم أي تفسير حقيقي حول منشأ وتشكيل الأجهزة والنظم المعقدة، فجميع عناصر النظم الحيوية تقريبا يجب أن تكون موجودة في وقت واحد بدلا من أن تتطور تدريجيا فيما أسماه نظام كل شيء أو لا شيء "all-or-nothing".

 

و في نفس السياق يقدم جيفري سيمونز أمثلة عديدة من داخل الجسم البشري للأنظمة المعقدة المتخصصة التي لا يمكن اختزالها أو يمكن تشكيلها من قبل الطفرات المتتابعة، حيث يتوجب على جميع المكونات أن تكون موجودة لتعمل تلك الأنظمة بشكل صحيح، وتشمل هذه النظم المعقدة الرؤية، والتوازن، الجهاز التنفسي، الجهاز الدوري، الجهاز المناعي، الجهاز الهضمي، الجلد، ونظام الغدد الصماء، الذوق، وغيرها من الأمثلة على المستويات البيوكيمائية والتشريحية ووظائف الأعضاء.

 

يشير كوهين إلى أن الداروينية لا يوجد لديها تفسيرات فعلية لأصل النظام المعقد الذي لا يمكن اختزاله، ناهيك عن شبكة مترابطة من الأنظمة غير القابلة للاختزال، التي تشكل جسم الإنسان ككل. وبالتالي فجسم الإنسان يمثل نظام معقد لا يمكن اختزاله على النطاق الخلوي والاجهزة والنظم[17].


•     •     •

 

" كل شيء.. أو لا شيء"
التعقيد غير القابل للاختزال

Irreducible Complexity

يستعرض مايكل بيهي Michael Behe أستاذ الكيمياء الحيوية في جامعة ليهاي بنسلفانيا، وأحد منظري التصميم الذكي، من خلال كتابه الشهير صندوق داروين الأسود "Darwin's Black Box: The Biochemical Challenge to Evolution" طبقة أخرى من النظم غير القابلة للاختزال على المستوى البيوكيمائي الجزيئي في الحياة المجهرية الدقيقة.


و يعرّف بيهي النظام غير القابل للاختزال Irreducible complexity بأنه: نظام مركب من العديد من الأجزاء التي تتفاعل بتناسق شديد لإنتاج الوظيفة المخولة بالنظام، ويتبع ذلك أن إزالة جزء واحد من أجزائه يعطل هذا النظام ويوقفه عن العمل، مما يعني أنه قد تم تصميمه من البداية مع جميع أجزائه، وبذلك لا يمكن أن يتكون نتاجا لطفرات طفيفة متدرجة يتم انتخابها، فالتطور لا يمكنه بناء عمليات بيوكيميائية معقدة خطوة بخطوة، لأن تلك الخطوات لا يمكنها توفير أي ميزة لحاملها, وهذا يعني أن الانتقاء الطبيعي لن ينتقي هذا النمو التطوري، ولن يسمح لنظام غير كامل وغير فعال بالانتشار من جيل لآخر، فهو لا يثبت سوى التغيرات الوظيفية، وهو ما تفتقده تلك النظم التي لا تعرف وظيفتها إلا بوجودها مكتملة.

 

يستخدم بيهي مصيدة الفئران كمثال تقريبي لشرح فكرته حول التعقيد غير القابل للاختزال، فهي لا يمكن أن تعمل إذا فقدت أيا من أجزائها المكونة من القاعدة، الزنبرك، الماسك، المطرقة، ولا يكفي وجود كل الأجزاء في الوقت والمكان المناسبين، بل يجب أن تكون متناسقة مع بعضها بدقة حتى يمكنها القيام بوظيفتها مما يجعل من فرضية الفرص العشوائية محض جنون.

 

ينتقل بيهي لشرح العديد من تلك النظم البيوكيميائية، منها آلية استشعار الضوء في نظام الرؤية، ونظام تخثر الدم البشري، والسوط البكتيري الذي تستخدمه الكثير من البكتيريا للحركة.

 

فالعين تحمل طبقة أخرى من التعقيد على المستوى البيوكيميائى الدقيق، فعندما يضرب الضوء الخلايا الحساسة في العين، تحدث سلسلة من التفاعلات الجزيئية المتعاقبة المذهلة تماما، والتي يمكن تشبيهها بانهيار قطع الدومينو المتراصة حين نسقط أول قطعة، لتؤدي في النهاية إلى نقل النبض العصبي إلى الدماغ.


و إذا ما فقد أي جزيء في هذه السلسلة من قطع الدومينو أو كان معيبا لا يمكن بث النبض العصبي مما يعنى ببساطة انعدام الرؤية والعمى التام، ومن ذلك فهذا النظام لا يمكنه العمل على الإطلاق ما لم تكن كل أجزائه حاضرة في ذات الوقت.

 

و في مثاله الثاني: شلال تخثر الدم في الإنسان، والمسئول عنه أكثر من عشرة جزيئات بروتين شديدة التناسق، يجب أن تتفاعل مع بعضها البعض بشكل متسلسل لإنتاج الجلطة في الوقت والمكان المناسبين لإيقاف نزيف محتمل، وفقد أحد هذه الجزيئات يعنى فشل نظام التخثر تماما (كما في حالة مرض الهيموفيليا).


و
المثال الثالث: هو سوط البكتيريا flagellum الذي يبدو مثل خيوط خارجية طويلة تساعد على دفع البكتيريا، وتمكنها من السباحة والحركة خلال السائل المحيط بها، يتحرك السوط بآلية ميكانيكية تماما فعند قاعدة كل سوط محرك دوار يحركها آلاف المرات في الدقيقة الواحدة.

 

يتكون السوط البكتيري من الخيط Filament الذي يرتبط مع الجسم القاعدي Basal body بواسطة قطعة وسطية تسمى الخطاف Hook. يحاكي السوط البكتيري أنظمة الحركة الميكانيكية بوسائل النقل المائية بآلية الدفع اللولبي، بواسطة محركات دوارة التي لا يمكنها العمل مع فقد أحد أجزائها، ومثل هذا النظام لا يقبل التدرج في التكوين، فالتطور بطريق الانتقاء الطبيعي والطفرة يجب فيه المضي الحثيث نحو تحسين وظيفية واحدة في كل خطوة، فكيف يمكنه بناء جهاز لا يمكن اختزال خطواته مثل المحرك الدوار الذي لا يمكن أن يعمل على الإطلاق إلا إذا كانت جميع أجزائه في مكانها الصحيح؟ [18].

 

 

حجج الدروينية المضادة:-

في عام 2005 أقامت منظمة الدفاع عن حريات المواطنين الأمريكية "American Civil Liberties Union"، بالاتفاق مع إحدى عشرة أسرة ممن يتعلم أبناؤهم في مدارس منطقة دوفر التابعة لولاية بنسلفانيا، دعوى قضائية ضد المجلس التعليمي للمنطقة[19].

و كان السبب وراء ذلك هو أن مجلس التعليم في مدينة دوفر قد قرر دعوة الطلاب من خلال بيان مقتضب يتلى عليهم لدقيقة يعرفهم على "مبدأ التصميم الذكي" لتفسير الحياة بجوار نظرية التطور بالإشارة إلى بعض الكتب في مكتبة المدرسة، وانطلقت حيثيات تلك الدعوى بأن التصميم الذكي ينطلق من أسس دينية، وتدريسه في المدارس العامة يخالف حقوق الدستور (التعديل الأول) الذي نص على فصل الدين عن الدولة.

 

كينيث ميلر Kenneth Miller هو أحد الشهود الخبراء، ممن استعان بهم الادعاء في القضية، وظهر مايكل بيهي Michael Behe الشاهد الخبير للدفاع. وأثناء استجواب ودي طرحه عليه الادعاء، أكد ميلر أن نظرية التصميم الذكي "ليست قابلة للاختبار"، وبذلك فهي ليست من العلم في شيء، ولكن في وقت لاحق أثناء شهادته يناقض ميلر ادعائه هذا، ويثبت أنها نظرية قابلة للاختبار حين جادل أن العلم قد اختبر حجة النظام غير المختزل وأثبت زيفها.


بالتغاضي عن تناقض ميلر الذي لم ينتبه إليه القاضي أو المحلفين في حينه، لنرى كيف أثبت زيف حجة بيهي حول التعقيد الذي لا يمكن اختزاله:
يمكن للمطلع بسهولة أن يدرك أن ميلر ارتكز خلال شهادته وفي كتاباته العديدة على تشويه الحجج وطرح تعريف مضلل للنظام غير القابل للاختزال، ومن ثم يقوم بدحض هذه الفكرة المضللة والمشوهة التي صنعها بنفسه مرتكبا بذلك حيلة منطقية يجيدها تعرف بمغالطة رجل القش[20].


دلس ميلر في تعريف النظام غير القابل للاختزال بادعائه بأن حجيته تكمن في كون الأجزاء المكونة له لا تحمل أي معنى وظيفي خارجه، وبذلك يمكن تفنيده إذا ما تم العثور على وظيفة ثانوية لهذه الأجزاء في نظم أخرى، ويستخدم مثال بيهي "مصيدة الفئران" للبرهنة على ذلك بنزع أحد أجزائها واستخدامها كدبوس لرابطة العنق، ومن ذلك يدعي أن مفهوم التعقيد غير القابل للاختزال في السوط البكتيري قد تم دحضه، لأن ما يقارب ¼ البروتينات المستخدمة في وظيفة سوط البكتيريا تقوم بوظائف في نظام آخر في أنواع بكتيرية مختلفة، هو "آلة حقن السم وتسمى (نظام إفرازي النمط-III،أو T3SS)، مما يدل على أن السوط البكتيري من الممكن أن يتطور تدريجيا من نظام آلة الحقن الأقل تعقيدا[21].


للتعريف بخدعة ميلر وتدليسه في اختبار النظام غير المختزل نضرب لكم هذا المثال: بما أننا قد وجدنا أن كلا من جهاز الكمبيوتر والموقد الكهربائي لديهما سلك الطاقة المسئول عن توصيل التيار الكهربائي، إذًا نستنتج من ذلك أن جهاز الكمبيوتر لم يعد تعقيدا غير قابل للاختزال، وذلك لأن الكمبيوتر يتطلب عددا من قطع الغيار اللازمة من أجل وظائف ثانوية في أجهزة أخرى.

 

نعلم جيدا أن توافر بعض قطع جهاز الكمبيوتر الذي نستعمله الآن أو كل أجزائه في أي مكان أخر لا يغني عن تلك الخطوات الذكية التي يجب أن تكون مسئولة عن تجميع كافة الأجزاء في الوقت والمكان المناسبين، وفق مخطط إنشائي مسبق، وتعليمات موجهة والطريقة الصحيحة لتفسير تعقيده هي تتبع كافة خطوات تركيبه.


في مقالة نقدية نشرتها خدمة التصميم الذكي لكيسى لوسكن Casey Luskin حول مجريات وأحداث محاكمة دوفر، يضع مقاربة تصويرية رائعة لمنطق ميلر السابق ممثلا في تفسير التعقيد غير الاختزالي من خلال شكل القوس[22].

الشكل A: باعتبار القوس وظيفة معقدة لا يمكن اختزالها مقسم إلى العديد من القطع، بما في ذلك القطع T وS:

 

الشكل B: برفع القطعة T من القوس ينهار القوس، ولكن تبقى القطعة S شاخصة ليس لها أيّة قيمة

 

من خلال الرسم السابق نطرح سؤالا: هل فسر أو دحض وجود الجزء القاعدي (s) من القوس التعقيد غير القابل للاختزال للقوس؟
بالطبع لا. وإذا قمنا بتمثيل القطعة (s) بقاعدة إبرة الحقن T3SS، فكونها مشتركه مع السوط لم يدحض التعقيد غير القابل للاختزال في تركيب السوط، ويفشل تماما في تفسيره، والاختبار الحقيقي الوحيد الذي يمكنه دحض هذا النظام هو إظهار قدرة الطفرات العشوائية والانتقاء الطبيعي على بناء هذا النظام تدريجيا خطوة بخطوة كما اشترط داروين، فبروتينات نظام حقن السم T3SS المشتركة مع السوط البكتيري لا تمثل أكثر من وظيفة المساهمة في تثبيت كلا منهما في غشاء الخلية، ولا تساهم في الوظيفة غير الاختزالية للسوط.


إذا ضربنا مثالا أكثر ملائمة وقمنا بتشبيه السوط البكتيري بمحرك دفع خارجي لقارب، ونظام الحقن T3SS كرشاش مياه، وحتى نستطيع تثبيت كليهما على ظهر القارب (الذي يمثل بدوره جسم البكتيريا) يتوجب علينا استخدام قاعدة تثبيت (البروتينات القاعدية المشتركة)، ومنه يمكننا القول إنه من السذاجة استنتاج أن وجود جزء التثبيت القاعدي في رشاش الماء دليلا على نفي التعقيد غير المختزل في تركيب المحرك الخارجي، ويمكن اعتبار هذه الحجة في أحسن الأحوال مثل القول إنه بإمكاننا السفر سيرا على الأقدام من لوس أنجلوس إلى طوكيو لأننا اكتشفنا جزر هاواي "بتشبيه ويليام ديمبيسكي"[23].

 

ما هي متطلبات دحض نظام معقد غير اختزالي؟

لتتمكن الداروينية من وضع اختبار حقيقي حول تفسير أصل آلة جزيئية متكاملة غير قابلة للاختزال وظيفيا، يتوجب عليها تتبع الخطوات والشروط الآتية التي تم تلخيصها وفقا لمنيوج Angus Menuge:

أولا: توافر وإتاحة كل الأجزاء اللازمة لتشكيل النظام المطلوب.

ثانيا: تموقع الأجزاء في موقع البناء في الوقت الذي يتطلب وجودها فيه.

ثالثا: التنسيق والتوافق لتلك الأجزاء في الوضع الصحيح لملائمة التركيب في النظام وفقا للتوقيت والمكان المناسبين لتتفاعل بشكل صحيح داخل النظام[24].

الإخلال بأحد هذه الشروط يفشل الاختبار ويؤكد عدم صلاحيته، والحقيقة التي لاحظناها بوضوح أن ميلر في اختباره لم يفعل سوى توفير جزء صغير من الشرط الأول، متمثلا في إتاحة الجزء القاعدي لإبرة الحقن والسوط الذي لا يمثل سوى 20% من مكونات السوط، ولم يفسر وجود أجزاء المحرك الدوار الأكثر تعقيدا في السوط، أو يجد لها مثيلا بأية وظيفة ثانوية أخرى في أي نظام آخر، وبالتبعية لم يقترب قط من الشرط الثاني أو الشرط الثالث للاختبار ليشرح كيف تزامنت أجزاء النظام أو تواجدت في نفس مكان البناء، وكيف توافقت في تنسيق بعينه لإنتاج الوظيفة المخولة، وبدلا من ذلك بادرنا باستعراضه المسرحي والهزلي باستخدامه لأحد أجزاء مصيدة الفئران كمشبك لرابطة العنق.


ادعى ميلر زورا -حانثا باليمين الذي أقسم به قبل الإدلاء بشهادته- أن بيهي قد افترض عدم وجود وظيفة ثانوية لأجزاء النظام في تراكيب أخرى، والتي يمكنها بحسب ادعائه أن تتكيف فيما بعد لإنتاج النظام الجديد، وأطلق عليها فرضية الخيار المشترك Co-option أو التكيف المسبق exaptation، الذي تم اصطلاحه للتعبير عن الخصائص التي تظهر في سياق وظيفي ما، قبل أن يتم استغلالها في سياق آخر، حيث يمكن لسمة معينة كانت تخدم وظيفة بعينها أن تتحول في وقت لاحق لوظيفة أخرى.


ومن الأمثلة الشهيرة للتكيف المسبق هو ريش الطيور. الذي تفترض الداروينية وجوده لتدفئة الحيوانات قديما قبل أن يتكيف كعامل رئيس في الطيران، ومثل هذه القصص من السذاجة بمكان بحيث يمكنها أن تصلح فقط كقصص ما قبل النوم التي كانت تحكيها لنا الجدات، فالريش بشكله الحالي وجد خصيصا بتركيب وتوزيع ليساعد على الطيران، وكونه يحمل وظيفة أخرى تفيد في العزل والتدفئة لا يعني بالمرة أنه تكيف من هذه الوظيفة تماما كما لا يعني وجود جيوب بمعطف التدفئة نضع بها متعلقاتنا بأن المعطف الشتوي قد صنع في البداية للاحتفاظ بالمتعلقات، ومن السذاجة بمكان ربط تطور الطيران بوجود الريش فالخفاش يمكنه الطيران بدون ريش، كما تفعل الفراشة ويفعل اليعسوب، وإن احتاج الحيوان ليصبح طائرا فلن ينفعه زغب التدفئة في تطوير تلك الخاصية، ومثل تلك الطرق الاستدلالية تقع تحت إطار مغالطة الهجوم على رجل القش.

 

و من ذلك المنطلق فقد وضع القاضي جونز في حيثيات حكمه أن بيهي كان جاهلا بآلية التكيف المسبق لتفسير تحول الوظيفة، والحقيقة أن القاضي جونز هو من يجهل تماما مثل هذه القضايا المتخصصة، فبيهي تناول هذه الحجة تفصيليا من خلال كتابه (صندوق داروين الأسود) حين تكلم عن كيفية استخدام مجموعة من القطع التي تمتلك وظائف ثانوية في نظم أخرى كما في تطور أهداب الحركة في البكتريا، وشرح ذلك من خلال مثاله الشهير مصيدة الفأر، حين أشار إلى فرص تكوين تلك الآلة من مهملات المرآب التي كانت تستعمل لأغراض أخرى سابقة، فقطعة خشبية يمكن استخدامها كثقالة أو لأي غرض آخر، ونابض مستخدم في ساعة قديمة مهملة وغيرها من أجزاء تشكيل المصيدة، ويقول بيهي إن الإشكالية الحقيقية تكمن في إدخال مثل هذه الأجزاء في نظام وظيفي جديد، وحاجاتها إلى سلوك مجموعة من التعديلات الملتوية بالغة التعقيد، وفيها ينعدم الدور المخول للانتقاء الطبيعي تماما، وهذا هو سر فعالية الحجة، فحتى مع توافر جميع الأجزاء الضرورية المطلوبة كالقاعدة، النابض، عصا توقيف، فإنه يتوجب عليها أن تتواءم مع بعضها بدقة، وإلا فالمصيدة ستكون فاشلة ولن تعمل.

أنصار التطور يدركون جيدا حجم الإشكالية، ومن ثم يجادلون في استنادهم على حجة التكيف المسبق؛ بأن النظم الحيوية المعقدة التي تبدو غير قابلة للاختزال يتم بناؤها بطرق غير مباشرة بعملية تشبه عملية التسقيل (دعم بسقالات)، والتي يمكنها المساعدة في رفع البناء وإيصال المكونات إلى مكانها في النظام حتى يكتمل، ومن ثم يتم إزالة هذه الأجزاء (السقالات).

 

و الإشكالية هنا تكمن في الإجابة عن هذا التساؤل المحوري: أي قانون طبيعي بلا هدف يمكنه أن يوجه تلك الأجزاء (بعملية التسقيل المزعومة) إلى موقعها المطلوب، في الزمن المطلوب، بالتناسق المطلوب، وما هي فرص حدوث مثل هذا الحدث، ومن ناحية أخرى فالاستناد إلى مثل هذا التشبيه مرتد علي صاحبه فعملية البناء بالتسقيل للأبنية المعقدة بالقياس هي عملية ذكية نتاج توجيه هندسي محكم، وليست عشوائية حيث تتطلب دقة متناهية في توجيه السقالة في مكان محدد ونزعها في توقيت دقيق. دعونا لا نستبق في الحكم.. ونتوجه مباشرة لاختبار هذه الفرضية، ونضع نموذجا افتراضيا لآلة جزيئية تتألف من مكونات البروتينA,B,C,D ، والتي تتفاعل مع بعضها لتنتج الوظيفة البيولوجية المخولة بتلك الآلة البيولوجية.

 

الشكل1. مكونات A، B، C، D، وتتفاعل لإنتاج الوظيفة البيولوجية

إذا كان لا يمكن لهذه الوظيفة البيولوجية أن تقوم إلا بواسطة التفاعل بين المكونات السابقة، يتوجب ساعتها على أنصار التطور استدعاء فرضية التكيف المسبق لتفسير حدوثها. وفيها يفترض أن كل جزء بروتيني من الأجزاءA ، B، C، D، كان يحمل في الأصل وظائف ثانوية سابقة.

 

و من ثم يتفاعل مع بروتينات أخرى على مر الزمن التطوري، ويخضع النظام ككل لعمليات متكررة من التحول الوظيفي، وهذا هو جوهر التكيف المسبق، كما هو موضح في الشكل2.

الشكل2. المكونات تحمل وظائف ثانوية لا علاقة لها بالوظيفة الرئيسية للنظام الكلي، ويجب أن تنتج وظيفة جديدة مع كل خطوة تدريجية في سبيل تحولها إلى خطوة أخرى.

 


ندرك جيدا أن الآلات الجزيئية يتم بناؤها من أجزاء فردية من البروتينات، فالسوط البكتيري من السالمونيلا يتكون من 42 من أجزاء البروتين، منها MotA وMotB (البروتينات الحركية)، FlgE (المحور).. الخ.


هذه الأجزاء البروتينية تتفاعل مع بعضها بتكامل دقيق للغاية، يحدده أشكالها ثلاثية الأبعاد، التي يتم تعشيقها لتتآلف وتتعاون لإنتاج الوظيفة المخولة بالنظام النهائي حيث يتوجب على بروتين يمتلك شكل به نتوءات معينة أن يقابله بروتين آخر يمتلك شقوقا متكاملة معها تماما.

 

الشكل (3)

في الشكل(3) نرى آلة معقدة تتكون من خمسة عناصر (بروتينات) هي: A، B، C، D، E.

و هذه البروتينات هي مكملة لبعضها البعض، العنصر A هو مكمل لـ B، C، D، والعنصر D يعتبر مكملا لـ A، C، E. سيناريو التكيف المسبق يحملنا على الاعتقاد بأن أجزاء الآلة من A إلى E كانت تعمل أصلا في سياقات مختلفة، وتشكلت كل واحدة منها بصورة مستقلة عن طريق الانتقاء الطبيعي. ومن ثم اجتمعت هذه الأجزاء لتتكامل في الوظيفة الجديدة، ولكن في خطوة التكامل هذه ينعدم تماما دور الانتقاء الطبيعي، ويبقى العامل الوحيد المتحكم في تكامل هذه الأجزاء داخل النظام الجديد هي الصدفة وحدها، فليس هناك شيء في الانتقاء الطبيعي من شأنه الدفع نحو موائمة أشكال البروتينات لبعضها البعض، ومن المهم أن نتذكر ما شرحناه مسبقا بأن التطور غير غائي، ولا يوجد لديه بعد نظر، على عكس المهندس الذي يتحرك وفق خطة إنشائية مسبقة ويضع السقالات في المكان الملائم ليرفع أجزاء البناء لتتكامل في نهاية المطاف، ومن غير المعقول تماما أن نتوقع أن تلك العمليات غير الغائية يمكنها خلق هذه البروتينات فقط في الطريق الصحيح لتتوائم بدقة متناهية في الشكل والتموضع لأداء الوظيفة الكلية للنظام، فكما يشير كل من Scott Minnich وStephen Meyer أنه حتى مع توافر البروتينات اللازمة لتكوين السوط البكتيري الدوار فإنها يجب أن تترتب وفقا لتسلسل زمنى صحيح تماما كما يتم تركيب السيارة أثناء خطوات تصنيعها، ومن أجل حدوث ذلك فإنها بحاجة إلى نظام إنشائي مسبق من الشفرات، والتعليمات الجينية، وأدوات التجميع والتركيب المتمثلة في آلات جزيئية من البروتينات


المتخصصة لمهمة ترجمة تلك التعليمات وتنفيذها[25].

 

مما سبق يتضح أن حجة أنصار التطور المركزية حول التكيف المسبق عاجزة تماما في تفسير التعقيد الحيوي وتفسير نشوءه، ويتضح أيضا أن ميلر لم يقترب بأي حال من الاحوال من تفنيد التعقيد غير القابل للاختزال، بل حوّل وجهة النقد إلى مهاجمة رجل القش، الذي صنعه بتحريف حجة بيهي واختزالها، ومن ثم وضع الاختبار في المسار الخاطئ، والحقيقة أن فرضية الخيار المشترك بتحول الوظائف وتكيفها إلى أخرى مجرد حيلة أخرى من حيل تمرير الداروينية الشهيرة التي أجاد ستيفن جاي جولد

(في الهامش: يعتبر StephenJay Gould أحد أشهر مؤرخي الداروينية والمتحمسين لها، وكان له أثر قوي في بلورة الكثير من أفكارها والبحث عن حلول لإشكالاتها المحورية، واختراع العديد من الفرضيات التي يمكن توصيفها في الحقيقة تحت إطار الحيل مثال فرضية التطور المتقطع Punctuated Equilibrium لتخطي فقر السجل الأحفوري وانحرافه عن دعم الداروينية التدريجية، وفرضبة التكيف المسبق Exaptation لتبرير ظهور النظم الحيوية غير القابلة للاختزال)

 

اختلاق الكثير منها للهروب من الإشكاليات، ولكنه لم يقدم للتطور سوى نوع من تكييف المشكلة وتحويل مسارها إلى طرق جانبية ملتوية، لا تقدم أيّة حلول.

أيهما وجد أولا.. السوط البكتيرى أم نظام الحقن T3SS؟

كل التصورات السابقة قائمة على نقد سيناريو تطور السوط البكتيري تدريجيا من نظام أبسط هو إبرة الحقن T3SS كما تخبر الداروينية.

 

فماذا لو علمنا أن وجهات الفحص تصب في صالح تصور معاكس تماما؟! حيث تفترض الدراسات أن السوط البكتيري كان سابقا لإبر الحقن، وأن البكتيريا لابد أنها احتاجت للدفع والحركة قبل أن تحتاج أدوات الافتراس، التي تستخدم لمهاجمة خلايا حقيقيات النواة التي تطورت في وقت لاحق من البكتيريا. ومن الأسباب الداعمة أيضا لتلك الفكرة هي أنه قد تم العثور على T3SS في نطاق ضيق من البكتيريا، في حين وجدت الأسواط البكتيرية على نطاق واسع في المجموعات البكتيرية المختلفة، وهو ما يعني أنها قد نشأت في وقت مبكرعن سابقتها. كما يشيرHoward Ochman باحث الكيمياء الحيوية في جامعة أريزونا إلى تطور TTSS من السوط وليس العكس، فكيف يمكن للداروينية تخطي ذلك الأمر[26].

 

التعقيد غير المختزل.. دليل إيجابي على التصميم وليس فجوة معرفية:

مما لا شك فيه أن فكرة عداء العلم للدين في الغرب تعود بقسم كبير منها إلى ذلك الإرث الكنسي اللاهوتي القديم المغرق في السطحية، الذي وضع برهانا خاطئا على وجود الله ينحصر في نوع من المعجزات، مرتبط بما لا نستطع تفسيره، وكان تبني تلك الفكرة المهينة بأن الله لا يتواجد إلا في الجزء غير المفسر من العالم بمثابة الحبل الذي لفه اللاهوتيون حول أعناقهم، ومن ثم كانت الفرصة الذهبية لتنهي العلمانية المهمة بسهولة، وتركل الكرسي من تحت أقدام اللاهوتيين.


و عليه لا يمكننا تشديد اللوم على المادية في اصطلاحها المشهور "إله الفجوات المعرفية"، ولكن في المقابل من ذلك نجد أنه من الأهمية تصحيح المفاهيم وإعادة توجيه التوصيف إلى مساره، فتغيير الفكرة السائدة حول مرض الصرع، ومعرفة أسبابه، وتصحيح الفكرة التي سادت حوله باعتباره تلبس بروح شريرة وأن علاجه يكمن في استجلاب معجزات إلهية بالصلوات في الحقيقة لا يعتبر هدما للإله وانزواء لدوره في مقابل الحل المادي بقدر ما يمكن اعتباره هدما للفكرة الخاطئة التي تبناها اللاهوتيون حول دور الله وتوظيفه بالخطأ، والذي اعتمد على الالتجاء إلى نوع من التواكل وعدم السعي لمعرفة الأسباب وتتبعها، ومن ذلك ظلت العلمانية تكسب جولات زائفة بتراجع دور الإله بذلك المفهوم، لكنها في الحقيقة لم تجابه إلا رجل القش الذي ساهم في خلقه هذه المرة اللاهوتيون أنفسهم. فنجاح المادية في تفسير كيفية عمل الآلة المعقدة التي كانت تبدو من قبل ذلك للبعض كالسحر والمعجزة، لا يمكنه أن ينفي وجود صانع لتلك الآلة، ويرجع الأمر برمته إلى القوانين الطبيعية مدعيا قدرة تلك القوانين على صنعها، بل على النقيض من ذلك يجب أن يزيد يقيننا في قدرة الصانع وبراعته، ويؤكد قناعتنا بحتمية التصميم الحكيم.


ومن جهة أخرى.. فإن الفجوات المعرفية المحيطة بقضية ما -على فرض صحتها- يتوجب عليها أن تعطي لدى الباحث المحقق انطباعا من الحيادية أو اللاأدرية بخصوص تلك القضية وعدم استباق الأحكام حولها، لكن في الوقت الذي يدعي فيه أنصار المادية استعانة المعارضين بإله الفجوات لسد تلك الثغرات المعرفية، فإنهم في المقابل يسدونها بإله آخر هو الصدفة العشوائية، وينصبون التفسير المادي الطبيعي ليقعوا تحت نفس إطار الاتهام (سد الثغرات بإله الفجوات).

 

و حتى لا نتشعب كثيرا في تفاصيل فرعية يمكن للإشارة السابقة أن تكون كافية لإلقاء الضوء علي ذلك الادعاء الشائع، الذي يروج له أنصار المادية والنهج العلماني بأن التعقيد الحيوي غير الاختزالي لا يمكن اعتباره برهانا إيجابيا داعما للتصميم، بقدر ما هو برهان سلبي مبني علي استغلال فجوات معرفية متعلقة بجهل آليات نشوء هذه الاعضاء الحيوية، والتي يمكن سدها في المستقبل. ولكن الحقيقة علي غير ذلك، فهذه النظم تبدي علامات التصميم الحكيم التي يستحيل تفسيرها من خلال عمليات طبيعية عشوائية، فمن خلال قياس بسيط يمكننا إدراك تلك الحقيقة؛ لو وجد شخص ما كوخا حجريا مصقولا وسط الجبال، سيستنتج أنه تم صنعه بفعل مصمم. لكنه أيضا لن يبرر بنفس الادعاء إذا وجد قطعا صخرية عشوائية الشكل ومن نفس الحجم.

 

تتميز الحياة بتعقيد تفشل في مضاهاته أيّة معقدات غير حية، لأنها لا تتعدى بوصفها معقدات عشوائية ترتبط خلالها الوحدات الصغيرة من خلال روابط كيميائية كأحجار الكريستال، كما نرى في نماذج التتابع الجزيئي في الجزيئات البيولوجية الوظيفية مثل النظام المعلوماتي للحياة المعروف بالحمض النووي DNA، والتي أسماها ويليلم ديمبسكي التعقيد المتخصص specified complexity، ويعرفه كعلامة واضحة من علامات التصميم الحكيم بقوله: عندما يبدي شيء ما تعقيدًا متخصصًا، أي عندما يكون معقدًا ومتخصصًا بنفس الوقت، فإننا نستطيع أن نقول أنه قد أُنتج من قبل مسبب ذكي، عوضًا عن القول بأنه كان نتيجة للعمليات الطبيعية[27]. فالتعقيد المتخصص نظام لا يكتفي بالتعقيد العشوائي بل بتخصص التعقيد لأداء أدوار ومهام محددة، ويستخدم ديمبسكي المثال التالي:

الحرف الأبجدي هو متخصص دون كونه تعقيدا.

جملة طويلة من الأحرف العشوائية هي تعقيد دون كونه متخصصا.

قصيدة لشكسبير هي تعقيد متخصص.

 

يضع ديمبسكي نموذجا رياضيا لتقنين التعقيد المتخصص، في إطار ما قام بتعريفه بـ "حد الاحتمال الكوني"، فلو كان عدد الجسيمات الأولية داخل الكون هو 1080، وعدد العمليات الفيزيائية التي يمكن حدوثها في الثانية الواحدة هي 1045، وعمر الكون منذ الانفجار الكبير بالثواني هو 1025، فحاصل ضرب العوامل السابقة يمكن أن يعطينا الحد الاقصى للأحداث التي يمكن أن تكون قد حدثت للجسيمات الاولية منذ الانفجار الكبير حتي وقتنا هذا، ومن ذلك فإن أقل احتمالية لحدوث حدث ما بشكل عشوائي خلال تاريخ الكون هو واحد من 10150، أما الأحداث التي تكون قيمة احتمالها أقل من هذه القيمة فمن غير الممكن حدوثها بكوننا بشكل عشوائي، ومنه يعرف ديمبسكي المعلومات المعقدة المتخصصة بأنها أي شيء احتمال حدوثه في الطبيعة أقل من 1 من 10150[28].

 

بالعودة إلي السؤال الذي طرحناه في التمهيد حول سر وجود النظام الحيوي، يمكننا الآن أن نكون تصورًا للإجابة عنه، في ظل التقدم العلمي في مجال "البيولوجيا الجزيئية"، الذي منحنا نظرة أكثر عمقا عن سيرورته، وتكشف لنا مع ذلك التقدم أن الكثير من التفاعلات المهمة بين مكونات أي كائن متعض لا تتم على المستوى الفيزيوكيميائي، بل على مستوى تكاملي أرقى منه ومتسيد عليه هو "البرنامج المعلوماتى" المتمثل في " الحمض النووى DNA"، الذي يتواجد داخل نواة كل خلية حية، وهو بمثابة أبجدية مكونة من أربعة أحرف تحمل المعلومات ذات التعقيد المتخصص "تماما مثل الجمل العربية" أو برامج الكمبيوتر، والتي لا يمكن تفسيرها بكيمياء الحبر أو فيزياء المغناطيسية، ولكنها ترجع بالضرورة إلى التصميم الحكيم. هذا البرنامج يمكن اعتباره القاسم المشترك بين جميع الكائنات الحية من البكتيريا إلى الإنسان، وهو ما يقوم بوظيفة توجيه الأجزاء إلى الترابط في تلك النظم الحيوية على نحو دقيق وقيادتها ويحمل مخططات بناء الكائن الحي ووظائفه بكل تفاصيله المدهشة.

 

يشير بول ديفيز Paul Davies عالم الفيزياء النظرية والبيولوجيا الفلكية إلى تلك الحقيقة بقوله:

بإرجاء الحياة إلى قوانين الفيزياء أو الكيمياء نراها تبدو مثل السحر، إنها تتصرف بطرق غير عادية لا مثيل لها في أي نظام فيزيائي أو كيميائي آخر، ولكنها تحمل خصائص نابضة بالحياة تتميز بالاستقلالية والقدرة على التكيف، والسلوك الموجه نحو الأهداف، وتسخير التفاعلات الكيميائية لتمرير أجندة مبرمجة مسبقا، بدلا من أن تكون عبدا لتلك التفاعلات"[29].

 

و في نفس السياق يقول:

"نعرف الآن أن سر الحياة لا يكمن في المكونات الكيميائية على هذا النحو، ولكن في البنية المنطقية والترتيب التنظيمي للجزيئات، فالحياة هي نظام معالجة المعلومات، وبرنامج الخلية الحية هي السر الحقيقي، وليست الأجهزة، ولكن من أين أتى البرنامج؟ كيف لذرات غبية بشكل عفوي كتابة البرامج الخاصة بها؟ لا أحد يعرف.."[30].

 

هذه الفجوة المعرفية التي يدعيها النهج العلمي العلماني حول مصدر البرامج والمعلومات الحيوية هي في حقيقتها ليست إلا فجوة مصطنعة يتم الترويج لها، بغرض الهروب مما تؤول إليه التحليلات المنهجية من نتائج في هذا الصدد.

 

و على النقيض من ذلك نجد أن الكثير من الأبحاث المعنية تؤكد حتمية تصدر التصميم لخلق مثل هذه البرامج المعلوماتية الحيوية، ففي بحث بعنوان "In the Beginning Was Information" لجيت فيرنر "Gitt Werner" ( أستاذ الفيزياء ومدير قسم معالجة المعلومات في معهد الفيزياء والتكنولوجيا، براونشفايغ) يخلص إلى هذه النتيجة بقوله:

"نظام الترميز يستلزم دائما عملية عقلية. النهج الفيزيائي لا يمكنه أن ينتج رموز المعلومات. تظهر جميع التجارب أن كل قطعة من المعلومات الإبداعية تمثل بعض الجهد العقلي"[31].

 

وفي نفس السياق يعترف كل من L.Lester وR.Bohlin بتلك الحقيقة:

"الحمض النووي هو رمز المعلومات.. الاستنتاج القطعي هو أن هذه المعلومات لا يمكن أن تنشأ تلقائيا من خلال عمليات آلية. الذكاء ضرورة في الأصل لأى رمز معلوماتي، بما في ذلك الشفرة الوراثية"[32].

 

من خلال التحليل التتابعي السابق بالطرح نخلص إلى النقاط الآتية:

• الكائن الحي ليس تراكمات مجردة لمجموعة من المفردات، وإنما نظام دقيق متكامل لا يقبل الاختزال والتطور التدريجي.

 

• يتحكم في سيرورة هذا النظام (برنامج معلوماتي) إنشائي وتشغيلي مسبق، يمثل نوع من التعقيد المتخصص.

 

• البرنامج المعلوماتي يستحيل تفسير وجوده بالنهج الفيزيوكيميائي والقوانين الطبيعية، وإنما هو نتاج حتمي للتصميم الحكيم كما أثبتت التجارب والدراسات في هذا الشأن.

 

دمتم بود..

 

و إلى لقاء آخر بإذن الله مع فصل جديد من فصول: إعادة محاكمة الداروينية.

 

ينشر بالتعاون مع مجلة "براهين" العدد الثاني

www.braheen.com



[1] "If it could be demonstrated that any complex organ existed, which could not possibly have been formed by numerous, successive, slight modifications, my theory would absolutely break down."
- Charles Darwin, "The Origin of Species", Harvard University Press, 1964, p. 189.

[2] Ernst Mayr, "This Is Biology: The Science of the Living World", Harvard University Press, 1998.

[3] David Quammen, "The Reluctant Mr. Darwin: An Intimate Portrait of Charles Darwin and the Making of His Theory of Evolution (Great Discoveries)", W. W. Norton 2006.

[4] Charles Darwin, "The Origin of Species", Harvard University Press, 1964, p. 190.

[*] "If it could be demonstrated that any complex organ existed, which could not possibly have been formed by numerous, successive, slight modifications, my theory would absolutely break down."

[5] "the crucial importance of this requirement to the theory of evolution was fully understood by Darwin, who stated that, in searching for the gradations through which an organ in any species has been perfected, we ought to look at its lineal progenitors. Indeed we ought; though he himself could not do so. It is deceptive to the reader to create a seriation beginning with eye spots as seen in unicellular organisms and call them, as does Duke-Elder (1958), the earliest stage of evolution."
- Cousins, F.W., "The Anatomy of Evolution, Duffett Publications", London, p. 125, 2003.

[6] Atsushi Ogura. et al, "Comparative Analysis of Gene Expression for Convergent Evolution of Camera Eye Between Octopus and Human", Genome Res. 2004.

[7] Fernald, R.D., "The evolution of eyes", Brain, Behavior and Evolution 50 (4):253, 1997.

[8] Frank Salisbury, "Doubts About the Modern Synthetic Theory of Evolution", American Biology Teacher, September 1971, p. 338

[9] Fernald, R.D., "Eyes: variety, development and evolution", Brain, Behavior and Evolution 64(3):141–147, 2004; p. 1917.

[10] Croft, L.R., "The Last Dinosaurs", Elmwood Books, Chorley, Lancashire, p. 57, 1982.

[11] Land, M.F. and Nilsson, D.-E., "Animal Eyes", Oxford University Press, New York, p. 1, 2005.

[12] Duke-Elder, S.S., "System of Ophthalmology. Volume 1: The Eye in Evolution", The C.V. Mosby Company, St. Louis, p. 237–238

[13] Breidach, O. and Kutsch, W., "The Nervous Systems of Invertebrates: An Evolutionary and Comparative Approach." With a coda written by T.H. Bullock, 1995.

[14] Fernald, R.D., "Casting a genetic light on the evolution of eyes", Science 313:1914–1918, 2006; p. 1914.

[15] Turner, J.S., "The Tinker’s Accomplice: How Design Emerges from Life Itself", Harvard University Press, Cambridge, MA, p. 161, 2007.

[16] "Have you ever seen a mutation simultaneously affecting two separate components of the body and producing structures that fit one another precisely? … have you ever beheld three, four or five simultaneous mutations with matching structures producing coordinating effects? … These are vital questions that demand an answer. There is no way of getting around them, or evading the issue. Every biologist who wants to know the truth must answer them, or be considered a sectarian and not a scientist. In science there is no “cause” to be defended, only truth to be discovered. How many chance occurrences would it take to build this extraordinary creature [Myrmelion formicarius]’?"
- Grassé, P.P., "Evolution of Living Organisms", Academic Press, New York, NY, p. 163, 1977.

[17] Joseph A. Kuhn, "Dissecting Darwinism", Proc (Bayl Univ Med Cent). Jan 2012; 25(1): 41–47.

[18] Michael Behe, "Darwin's Black Box: The Biochemical Challengue to Evolution", 10th ed. (2006) Free Press, New York.

[19] TAMMY KITZMILLER, et al. v. DOVER AREA SCHOOL DISTRICT, et al. - Case No. 04cv2688 - Middle District of Pennsylvania Court.

[20] عادل مصطفى، "المغالطات المنطقية"، المجلس الأعلى للثقافة 2007 ص 163.

[21] Dr. Kenneth Miller Testimony, Day 1, PM Session, page 16.

[22] Casey Luskin, "Do Car Engines Run on Lugnuts? A Response to Ken Miller & Judge Jones's Straw Tests of Irreducible Complexity for the Bacterial Flagellum.", CSC - Discovery Institute, April 19, 2006.

[23] Dembski, Rebuttal to Reports by Opposing Expert Witnesses , p 52.

[24] Angus Menuge, "Agents Under Fire: Materialism and the Rationality of Science", p 104-105, Rowman & Littlefield, 2004.

[25] Scott A. Minnich y Stephen C. Meyer, "Genetic Analysis of coordinate flagellar and type III regulatory circuits in pathogenic bacteria", Discovery Institute p 8.
<discovery.org/scripts/viewDB/filesDB-download.php?id=389>

[26] Dan Jones, "Uncovering the evolution of the bacterial flagellum," New Scientist (Feb 16, 2008).

[27] Dembski. "Intelligent Design", p. 47
<designinference.com/documents/2003.08.Encyc_of_Relig.htm>

[28] Dembski, (ed.) "Mere Creation: Science, Faith & Intelligent Design.", Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 1998, 209-213.

[29] "To a physicist or chemist life seems like 'magic matter,'" Davies explained. "It behaves in extraordinary ways that are unmatched in any other complex physical or chemical system. Such lifelike properties include autonomy, adaptability and goal-oriented behavior -- the ability to harness chemical reactions to enact a pre-programmed agenda, rather than being a
slave to those reactions."
- Skip Derra, "ASU researchers propose new way to look at the dawn of life", asu news Posted: December 12, 2012.

[30] a) Paul Davies, "The Origin of Life: Fifth Miracle", Penguin UK.
b) New way to look at dawn of life
c) Origin of Life Needs a Rethink, Scientists Argue

[31] "A coding system always entails a nonmaterial intellectual process. A physical matter cannot produce an information code. All experiences show that every piece of creative information represents some mental effort and can be traced to a personal idea-giver who exercised his own free-will, and who is
endowed with an intelligent mind."

- Werner Gitt, "In the Beginning Was Information", CLV, Bielefeld, Germany, pp. 107, 141

[32] "DNA is an information code. . . . The overwhelming conclusion is that information does not and cannot arise spontaneously by mechanistic processes. Intelligence is a necessity in the origin of any informational code, including the genetic code, no matter how much time is given."
- L. Lester and R. Bohlin, "The Natural Limits to Biological Change", (Dallas, TX: Probe Books, 1989), p. 157





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • النسق المعرفي العلماني: الداروينية الاجتماعية الحديثة
  • الداروينية والتنين المجنح ( اختبار قابلية نظرية التطور للتخطئة )
  • صندوق داروين الأسود: تحدي الكيمياء الحيوية لنظرية التطور
  • ليس الإنسان مفصلا على طراز داروين
  • تأثر المستشرقين بالفكر الدارويني
  • خرافة التطور الدارويني على لسان علماء الغرب
  • إشكالية الاختصاص في المحاكم العامة

مختارات من الشبكة

  • جيري بيرغمان: الداروينية أكثر خطورة على الإنسانية من النازية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • خطبة الست.. المحاكمة..(محاضرة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مخطوطة السنن الأبين والمورد الأمعن في المحاكمة بين الإمامين(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة الإنصاف في المحاكمة بين الإسعاف والإتحاف(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المحاكمة بين السعد والجرجاني في اجتماع التبعة والتمثيلية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • المحاكمة ( قصة )(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الدعوى الجزائية وإجراءات المحاكمة في نظام الإجراءات الجزائية السعودي (WORD)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • الدعوى الجزائية وإجراءات المحاكمة في نظام الإجراءات الجزائية السعودي (PDF)(كتاب - موقع الأستاذ الدكتور فؤاد عبدالمنعم أحمد)
  • الفرار من المحاكمة!(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • تأملات داروينية(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- مقال أكثر من رائع
زكرياء - الجزائر 18-09-2014 01:41 AM

مقال مفصل مرتب متناسق بشكل رائع

نشكركم على هذا الجهد و نسأل الله عزوجل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم و أن يستمر جنبا إلى جنب مع تقدم العلم و البحوث المختلفة

-------------------------------------------------

لدي إقتراح بسيط بخصوص المقالات التي تكون بهذا الطول أن من الأفضل تقسيمها بشكل صفحات ليتم تحميلها بسهولة أكبر كل منها على حدى خاصة للإخوة الذين يملكون سرعة إنترنت ضعيفة

دمتم بود

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب