• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / نوازل فقهية
علامة باركود

استقدام الخادمات بدون محرم

علي بن أحمد المطاع

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/8/2014 ميلادي - 17/10/1435 هجري

الزيارات: 20324

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

استقدام الخادمات بدون محرم

 

بين يدي المسألة:

كثيرًا ما يحتاج المرءُ إلى مُعين ومساعد في شؤون حياته، ولا غناءَ عن ذلك؛ فقد جبَل اللهُ - عز وجل - البشرية على ذلك، وجعل بعضَهم في خدمة بعض، وهو القائل: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُون ﴾ [الزخرف: 32].

 

والناسُ للناسِ من بَدْوٍ وحاضرةٍ
بعضٌ لبعضٍ وإن لم يشعروا خَدَمُ

 

وكان الناس قديمًا لهم عبيد وإماءٌ يقومون بحاجاتهم، ويقومون هم برعايتِهم وكِفايتهم، فذاك يبذل الجهد وذاك يكفي المؤْنةَ، وأيضًا كان الناس ولا زالوا يتعاونون ويخدم بعضهم بعضًا؛ لتستقيم أمورُ الحياة وشؤون المعاش وكفاية العيش، وتشتد حاجةُ بعضهم إلى بعض حين يعرض عارض؛ من مرضٍ، أو عجز، أو قلة عدد، أو نحو ذلك، فخادمٌ ومخدوم، ذاك يُقيم صُلبَه بتعب جسدِه، وذاك بإنفاقِ ماله.

 

وفي أيامنا مع تسهيل الخدمات اليومية بتوفير الأجهزة، والأدوات المعينةِ على قضاء الحاجات، ونيل الأوطار المتعددة، إلا أن الحاجةَ إلى العنصر البشريِّ لا غنى عنها، فكثير هم الذي يفتقرون إلى مُقيمٍ ومُحْضرٍ للطعامِ، ومُنظِّفٍ للبيتِ والثيابِ، ومُوكلٍ بقعيدٍ طريحِ الفراشِ لا يجدُ له مُمرِّضًا، وغير ذلك من الاضطرارات التي يتفاوت فيها الناس، فيَخدم ذو الحاجة غيرَه من الناس ذكرًا أو أنثى - بحسب الحاجة - مقابلَ عطيَّة يعطيها إياه، فيقوم بحاجة بيته وأهله وشأنه.

 

وقد جدَّ جديد في عصرنا؛ أنْ وفَد إلى بعض البلاد وافدون ووافداتٌ للخدمة في البيوت؛ في الحراسة، أو الطباخة، أو رعاية الأهل أو الأطفال، أو شؤون المنزلِ، أو غير ذلك، وأصلُ المسألةِ من حيث كونُها استقدامًا واستخدامًا لا إشكالَ فيها شرعًا، إلا ما يُراعَى من قبيل الحِيطة والنظرِ في استخدام الكافر أو المجيء إلى بلاد المسلمين ليرتع فيها، وربما كان غير مأمونٍ، وأما من حيث ما يحصُلُ من خلوة بالمحارم، أو بالخادمات، أو مجيئهن من غير مَحرَمٍ، أو نحو ذلك، فهذه أمور مضافةٌ إلى أصل المسألة، وزائدةٌ عليها، لكِنَّ لها أثرًا على حكم المسألة؛ سدًّا للذَّريعة، واجتنابًا للتعاون على الإثم والعدوان، ودفعًا للضررِ، ونحو ذلك.

 

حكم استخدام المرأة من الرجل:

واستئجارُ الرجلِ لامرأةٍ تخدمُه جائزٌ، إذا التزَمَ الآداب الشرعية معها، قال الإمام أحمد: يجوزُ للرجلِ أن يستأجِرَ الأمَةَ والحُرةَ للخدمة، ولكن يَصرِفُ وجهَه عن النظر، ليست الأَمَةُ مثلَ الحرةِ، ولا يخلو معها في بيتٍ، ولا يَنْظُر إليها متجردةً ولا إلى شعرِها. ا.هـ.

 

وقال أبو حنيفةَ: أكرَهُ أن يستأجِرَ الرجلُ امرأة حرةً يستخدمها، ويخلو بها، وكذلك الأَمَةُ. قال الكاسانيُّ: وهو قولُ أبي يوسفَ ومحمدٍ؛ أما الخلوةُ، فلأن الخلوةَ بالمرأةِ الأجنبيةِ معصية، وأما الاستخدامُ، فلأنه لا يُؤمَنُ معه الاطلاعُ عليها، والوقوعُ في المعصية. ا.هـ.

 

فالمقصودُ أن خدمةَ المرأةِ للرجلِ إذا لم تتطلَّب خلوة ولا اطِّلاعًا على عورةٍ - أمر جائز، ما لم تُخْشَ فتنة[1].

 

وما يهمُّنا في هذا المبحث - ما نحن بصَدَدِ التفتيشِ عنه - هو جزئيةُ الاستقدامِ للخادماتِ بدون مَحرَمٍ، وهل كونُها آتيةً بدون مَحرَم يحرمُ استقدامها أم لا؟ فلانتشار هذه الظاهرة كانت هذه الدراسة.

 

عمومُ البَلْوَى بالمسألة:

القولُ بأن هذه المسألةَ داخلة في قاعدة عموم البلوى يحتاج إلى واقع مساند، يؤيِّدُ وجودَ الضرورة، أو الحاجة إلى استقدام خادماتٍ من خارج البلادِ، وهنا أمران:

• استقدامُ خادماتٍ: وهذا يقتضي وجودَ الحاجة إلى ذلك، والافتقارَ إلى مُعينٍ وقائم بأعمال وشؤون البيت والأهل، وغير ذلك.

 

• كونُ ذلك من خارج البلاد، مما يعني أنه لا بد من سفر تلك الخادمة، ويعني ذلك أنه غير ممكن استخدام خادمات من داخل البلاد.

فإذا تحقق هذان الأمران، فعسى أن يكون ذلك مما عمَّتْ به البلوى، فيُنظَر حينئذٍ موقفُ الشرع منه.

 

والنظر في متطلبات الحياة اليوم يكشف لنا: أن بعض الناس مضطرٌّ إلى وجود الخادمةِ؛ لكِبرٍ في السنِّ، أو إعاقةٍ في البدن، أو كثرة في عدد أفراد الأسرة ومن ثَمَّ كثرة في مطالبهم، أو مرض في الزوجة، أو صعوبة في القيام بشؤون التغسيل، والتنظيف، والطبخ، والتجهيز، وأمور الأولاد، مما يُثْقلُ كاهلَ المرأة، ويزيدُ من عبء وتعب الأسرة، وتَحمُّل مشاق كثيرة، ويقضي استخدامُ الخادمة في البيت على تلك المشاق، لا سيما إن وافق ذلك أجرًا زهيدًا مقابلَ عمل الخادمة في غالب الأحيان.

 

وأيضًا: ففي عدد من المجتمعات يقل وجودُ القابلين للخدمةِ في المنازل، والذهابِ إلى البيوت، ويَأنفُ الفقيرُ والمتعفِّفُ من بعض الأعمالِ الخَدميَّةِ في بيت أحد؛ تحكيمًا لأعرافِ وعادات المجتمع، ولربما امتهَن مهنةً أخرى غيرَ الخدمةِ في المنازل، لا يبالي ولا يرَى في ذلك عيبًا، وربما كان من أسباب ذلك نوعُ أو جنسُ العاملين في المهنة التي نالوا شهرتها، فامتنع أهلُ البلد من تلك المهنة المهينة في نظرهم، والله المستعان.

 

ومن هنا يظهرُ وجهُ الضرورة في الاستخدام والاستقدامِ معًا، ويتحتَّم النظرُ في نصوص الشريعةِ، وكلامِ أهلِ العلمِ في المسألةِ، وعلى الله التُّكلان.

 

حكم المسألة:

مما استقرَّ في الشريعة النهْيُ عن سفر المرأة دون مَحرَم، وقد وردت بذلك أحاديثُ صحيحةٌ صريحةٌ، كحديثِ ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تُسافِر المرأة إلا مع ذي مَحرَمٍ، ولا يدخل عليها رجلٌ إلا ومعها مَحرَمٌ))، فقال رجل: يا رسولَ الله، إني أريد أن أخرجَ في جيشِ كذا وكذا، وامرأتي تريد الحجَّ؟ فقال: ((اخرُجْ معها))[2].

 

وهذا نهْيٌ عن السفر مطلقًا للنساء مطلقًا، وعند التأمل في كلام أهل العلم نجدُ أنهم ذكروا ما له عَلاقةٌ بمسألتنا هذه، كالسفر إلى الحج، فاختلفوا على قولين؛ أحدهما: ينظر إلى النصِّ ومدلوله، والثاني: ينظر إلى المعنى ومقصودِه، وذلك كسفرِ المرأةِ لتحجَّ الفريضةَ، وبِناءً على ذلك: رَأَوْا وجوبَ الحجِّ عليها ولو لم يوجد مَحرَمٌ، في حين رأى آخرون: عدمَ وجوب الحجِّ مطلقًا ما دام لا مَحرَمَ لها، ومنزعُهم جميعًا هو: اشتراط المَحرَم في السفر، على قولين ذكرهما النووي، فقال:

"فأبو حنيفةَ يشترِطُه لوجوبِ الحجِّ عليها، إلا أن يكون بينها وبين مكةَ دونَ ثلاثِ مراحلَ، ووافقَه جماعة من أصحاب الحديثِ وأصحاب الرأيِ، وحُكِيَ ذلك أيضًا عن الحسنِ البصري والنَّخعِيِّ.

 

وقال عطاءٌ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرٍ، وابنُ سيرينَ، ومالكٌ، والأوزاعيُّ، والشافعيُّ - في المشهور عنه -: لا يُشترَطُ المَحرَمُ، بل يُشترَطُ الأمنُ على نفسها، قال أصحابنا: يحصُلُ الأمنُ بزوج، أو مَحرَم، أو نسوةٍ ثقاتٍ، ولا يلزمها الحجُّ عندنا إلا بأحد هذه الأشياءِ، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة، لم يلزمها، لكن يجوزُ لها الحجُّ معها، هذا هو الصحيحُ، وقال بعض أصحابِنا: يلزمُها بوجود نسوةٍ، أو امرأة واحدةٍ، وقد يكثُرُ الأمن ولا تحتاج إلى أحد، بل تسيرُ وحدَها في جملة القافلة وتكون آمنةً، والمشهورُ من نصوصِ الشافعيِّ وجماهيرِ أصحابِه هو الأولُ، واختلف أصحابُنا في خروجها لحج التطوع، وسفر الزيارة والتجارة، ونحو ذلك من الأسفار التي ليست واجبة، فقال بعضُهم: يجوزُ لها الخروجُ فيها مع نسوةٍ ثقاتٍ؛ كحجةِ الإسلام، وقال الجمهور: لا يجوز إلا مع زوج أو مَحرَم، وهذا هو الصحيحُ؛ للأحاديثِ الصحيحةِ"[3].

 

وأما في غير الحجِّ والعمرة بدون نساء ثقاتٍ، ولا زوج، ولا مَحرَم، فقد قال النوويُّ: "اتَّفق العلماءُ على أنه ليس لها أن تخرُجَ في غير الحجِّ والعمرةِ إلا مع ذي مَحرَم، إلا الهجرة من دار الحرب، فاتفقوا على أن عليها أن تُهاجِرَ منها إلى دارِ الإسلام وإن لم يكن معها مَحرَم، والفرقُ بينهما: أن إقامتَها في دار الكفر حرامٌ، إذا لم تستَطِعْ إظهارَ الدينِ، وتخشَى على دينِها ونفسِها، وليس كذلك التأخرُ عن الحجِّ؛ فإنهم اختلفوا في الحج: هل هو على الفَوْرِ أم على التَّراخي؟".

 

ولفظُ المرأة عامٌّ بالنسبة إلى سائر النساء، هذا ما اتفق عليه الجمهور.

 

واستثنى بعضُ المالكية المُتجَالَّة؛ أَي: العجوزَ التي لا تُشتهى، فلها أن تسافِرَ كيف شاءت[4].

 

ومما تقدم يظهرُ لنا: إمكانيةُ القولِ بجوازِ السفرِ للمرأةِ عندَ الحاجةِ أو الضرورةِ بدون مَحرَمٍ اكتفاءً بحصولِ الأمن، ولو بنساء ثقاتٍ ونحو ذلك؛ حيث ذكره بعضُ أهل العلم، وإن كان الدليل صريحًا مع المانعين.

 

وفي سفر الخادمةِ إلى المخدوم يقع الخلافُ المذكور، باعتبارها ستسافر بلا مَحرَم، أما إذا وصلَتْ، فلا يشترط أن يكون معها مَحرَم؛ إذ المحرَمُ لا يُشتَرَط إلا في السفر؛ لحديث: ((لا يَخْلونَّ رجلٌ بامرأةٍ إلا ومعها ذو مَحرَمٍ، ولا تسافِر المرأةُ إلا مع ذي مَحرَم))؛ رواه مسلم[5].

 

تشييعُ المَحرَم إلى المطار:

ومع سهولةِ السفر اليوم وقربه بالطائرات ونحوها من وسائلِ النقل السريعةِ، هل يمكن تجاوزُ المحرَم اكتفاءً بتوديع المحرَم في المطار واستقبال الأسرة المستقدمة؟

 

ذهب أهل العلم في المسألة إلى قولين:

الأول: المنعُ: ونختار ذِكرَ فتوى الشيخ ابنِ بازٍ - رحمه الله -: لا يجوز سفر المرأة المسلمة في الطائرة ولا غيرها بدون مَحرَم يرافقها في سفرها؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: ((لا تسافِر المرأة إلا مع ذي مَحرَم))؛ متفق على صحته؛ ولأنه من المحتمل تعرضُها للمحذور في أثناء سير الطائرة بأيةِ وسيلة من الوسائل، ما دامت ليس لديها مَن يحميها، وأمرٌ آخر وهو: أن الطائرات يَحدثُ فيها خرابٌ أحيانًا، فتنزلُ في مطار غيرِ المطار الذي قصدته، ويُقيمُ ركابُها في فندق أو غيره في انتظار إصلاحها، أو تأمينِ طائرة غيرها، وقد يَمكثون في انتظار ذلك مدةً طويلةً أو يومًا أو أكثر، وفي هذا ما فيه من تَعرُّضِ المرأة المسافرة وحدها للمحذور، وبالجملة فإن أسرارَ أحكام الشريعةِ الإسلامية كثيرةٌ وعظيمةٌ، وقد يخفى بعضها علينا، فالواجب التمسكُ بالأدلةِ الشرعيةِ، والحذرُ من مخالفتِها من دون مُسوِّغٍ شرعيٍّ لا شك فيه[6].

 

الثاني: الجوازُ: ونختارُ ذكرَ فتوى الشيخِ ابنِ جبرين - رحمه الله -: لا بأسَ بذلك عندَ المشقَّةِ على المَحرَم - كالزوج أو الأب - إذا اضطرتِ المرأة إلى السفر، ولم يتيسر للمَحرَمِ صحبتُها، فلا مانع من ذلك؛ بشرط: أن يوصلَها المحرَمُ الأولُ إلى المطارِ فلا يفارقها حتى تركبَ الطائرةَ، ويتصلَ بالبلاد التي توجهت إليها ويتأكَّد من مَحارمِها هناك أنهم سوف يستقبلونها في المطارِ، ويخبرهم بالوقت الذي تَقدَمُ فيه ورقم الرحلةِ؛ وذلك لعدم الخلوةِ المنهيِّ عنها؛ ولعدم المحذورِ من سفرِها وحدَها، الذي تكونُ فيه عُرضةً للضياعِ، أو لاعتراضِ أهلِ الفسادِ، وأيضًا: فالمدةُ قليلةٌ، إنما هي ساعةٌ أو بضعُ ساعاتٍ، فهذه المدة قد لا تسمى سفرًا أصلاً؛ لأن السفرَ هو الذي يُسفِرُ عن أخلاق الرجال، فلا ينطبِقُ على المدة القصيرةِ؛ ولأن الضروراتِ لها أحكامُها، والله أعلم، وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وسلم[7].

 

الخُلاصةُ:

مما سبق: تبين لنا حرمةُ سفر المرأة إن خشي عليها في سفرها، ولم تَأمَنْ على نفسها وعلى عرضها، وأما مع وجودِ المأمَنِ بمن يرافقُها؛ من مَحرَم، أو نساءٍ ثقاتٍ، فقد أجازه بعضُ العلماء، واشتراطُ المحرَم عندَ من أوجبَه إنما هو في أثناء السفرِ، فإذا وصلَتِ المرأة إلى البلد، فلها أن تَسكُنَ مع نساء ثقاتٍ، تَأمَنُ بسكنِها معهن من الفتنة، وأن من العلماء مَن أجاز تشييع المَحرَم للمرأة إلى المطار واستقبال مَحرَمٍ آخرَ في المطار النازلة فيه، وأن حالات الضرورة لا يكون المحرَم شرطًا فيها كالفارَّة بدينِها من بلدِ الكفرِ، المهاجرةِ إلى بلد الإسلام.

 

وعمومُ البَلْوَى - بعد النظرِ في الواقعِ - لا تكونُ قاعدةً مُطَّردةً مع كلِّ أحدٍ، فتكون المسألة جائزةً بإطلاقٍ، ولا هي مُلْغاة مطلقًا فتُمنَع المسألة بإطلاق، لا سيما والحاجةُ أو الضرورةُ إلى السفر للعمل قد تكون في حقِّ الخادمة أكثرَ وأشد، فبعض البلدان لا تتقيد بشرع، ولا تعفي المرأة من العمل - ولا معيلَ لها ولا كافٍ - فتكون مضطرة إلى العمل، فتلجأ إلى الاغتراب بحثًا عن مصادر العَيْشِ، فيكون ذلك في حقها إن كانت مسلمة منطبقًا، فيَسهُل القولُ في حكم سفرها بدون مَحرَم، ويبقى الاستقدامُ في حق طالب الخدمة، فلا بد من تحقق ما ذكرنا من عموم البلوى في حقه؛ طلبًا لسلامته من الإثم بمباشرته أو العونِ عليه؛ إذ ليس كلُّ أحد يستقدمُ للضرورةِ أو الحاجة، بل للمفاخرةِ أو الترفُّهِ الزائدِ أو نحوِ ذلك؛ ولهذا أفتى الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله تعالى - في المسألة بقوله: وأما مسألةُ استجلابِ السائقين والخدمِ والخادماتِ، فالذي نرى: أنه لا ينبغي إلا إذا دعتِ الضرورةُ إلى ذلك؛ لأن الأمورَ الواقعةَ من بعضِ الخدمِ من رجال أو نساء تُوجِبُ للإنسان التوقُّفَ في استجلابِ هؤلاء الخَدَمِ[8].

 

وأفتت لجنة قطاع الإفتاء بالكويت بقولها: بالنسبة لطريقة إحضارِهن، فإن المحرَم أو الزوج يُشترَطُ أحدُهما لحالة السفر فقط، ولا يُشتَرطُ وجودُه في بلدِ إقامةِ المرأةِ، ومع ذلك إذا تعذَّر أو شقَّ أن يَصْحبَها في حالة السفرِ زوجٌ أو مَحرَمٌ وكان السفرُ مأمونًا؛ كما هو الحالُ في السفرِ في الطائرةِ، في رحلةٍ مباشرة من بلدها الأصلي إلى بلد العمل، مع تقليل تعرضها للانفرادِ، وذلك بأن يصحبَها الزوجُ أو المحرَم إلى مطار المغادرة، ويتلقاها مخدومُها في مطار الوصول، ثم يَحصُل التحرُّز من الخلوة الشرعية بأجنبيٍّ طيلةَ وجودها في ذلك البلد، سواء كان مخدومَها أم غيرَه، فقد اختَارتِ اللجنة: أن ذلك لا بأس به، والله أعلم، وصلَّى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم[9].

 

هذا، وإن مقيِّدَه - عفا الله عنه - يوصي بعد هذه الخلاصة بأمور:

1- عدمُ التوسُّعِ في الاستقدامِ ما أمكن.

2- النظرُ في استخدام أهل البلد.

3- تحرِّي الخروجِ من الخلاف، بطلب سفر المَحرَم، أو تشييعه لها على الأقل، ما أمكن.

4- اجتنابُ المحذورات الشرعية؛ كالخلوة ونحوها.

5- الحرصُ على الدعوة إلى اللهِ لهذه الخادمات، وتوصيلِ دين الله إليهن؛ فكثيرٌ منهن يكن من دعاةِ التنصير، ولا مبالاةَ من أحد.

 

هذا، ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين تفريجَ الكُرُبات، وتيسيرَ الحوائج، وقضاءَ المهمات، وإعفافَ الأعراض، وإغناءَ النفوس، والسلامةَ من كل إثم، والغنيمةَ من كل بر؛ إنه بكل جميلٍ كفيلٌ، وهو حسبنا ونعم الوكيل.



[1] فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 3769).

[2] رواه البخاري ومسلم.

[3] شرح النووي على مسلم (9/ 104).

[4] انظر شرح النووي على مسلم (9/ 104 فما بعدها).

[5] فتاوى الشبكة الإسلامية (13/ 3769).

[6] الشيخ ابن باز، أسئلة وأجوبة مختارة من فتاوى الحج (ص: 13).

[7] فتاوى الشيخ ابن جبرين (97/ 7).

[8] اللقاء الشهري (1/ 13).

[9] فتاوى قطاع الإفتاء بالكويت (2/ 114).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ماذا عن الخدم في رمضان؟
  • رفق النبي بالخدم والأطفال
  • في التحذير من التنافس في جلب الخدم والسائقين
  • تناول الأدوية المشتملة على مشتقات الخنزير
  • استقدام الخادمات: دراسة فقهية تأصيلية

مختارات من الشبكة

  • حكم استقدام غير المسلمين إلى جزيرة العرب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيقاف عن الاستقدام نهائيا عقوبة تكرار مخالفة المتاجرة بـ" العمالة "(مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)
  • استقدام الأجانب: خطره وأخطاء الناس فيه(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • بريطانيا: إجراءات صارمة تجاه استقدام الزوجات(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حكم حج الخادمات بلا محرم(مقالة - ملفات خاصة)
  • زوجتي تريد سكنا مستقلا بسبب أمي(استشارة - موقع الشيخ خالد بن عبدالمنعم الرفاعي)
  • لدينا خادمة غير مستقيمة ومنحرفة(استشارة - الاستشارات)
  • أشيروا عليَّ... الخادمة تزني مع زوج أختي(استشارة - الاستشارات)
  • كيف نتعامل مع الخادمات قبل أن يتحولن إلى قاتلات؟!(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • استجلاب الخادمات أخطار ومحاذير! [1/2](مقالة - موقع د. زيد بن محمد الرماني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب