• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الوقف في المجال الاجتماعي وقطاع الخدمات وأهميته

الوقف في المجال الاجتماعي وقطاع الخدمات وأهميته
الطاهر زياني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/7/2014 ميلادي - 29/9/1435 هجري

الزيارات: 11758

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الوقف في المجال الاجتماعي وقطاع الخدمات وأهميته

 

للوقف عدةُ وظائفَ اجتماعيةٍ راقيةٍ، وغاياتٍ رفيعةٍ ساميةٍ، إذْ يُعدّ من القيم العالية، والضرورية الباقية في المجتمعات الإسلامية، لما له من دور كبير في تنمية المجتمع بشتى فروعه الاجتماعية:

دور الوقف في تحقيق الوحدة والتآخي والاعتصام:

يعتبر الوقف همزة ربط عملية، جامِعة توافقية، بين الأولين والآخِرين، وبين الأغنياء والمساكين، والحكام والمحكومين، لما فيه من تعاون إيماني وتكافل ماليّ، يزرع المودة والمحبة بين المسلمين، ويحقق معاني الأخوة والاتحاد فيما بينهم.

 

فهو يجعل الأغنياءَ لمسؤولياتهم مستشعرين، ويُدخل السرور في أنفس الفقراء والمحتاجين، وعابري السبيل والمعوزّين، بإشعارهم بأنهم عضو من أعضاء أمة النبي الكريم.

 

قال علي الصلابي في كتابه نور الدين زنكي (174) بعد أن ذكر أصناف الفقراء والمحتاجين: "وهؤلاء لهم في الإسلام حقوق بعضها واجبه وبعضها مندوبة وبعضها تطالب به الدولة.. وبعضها من الصدقات المعتادة، وبعضها من الصدقات الجارية، التي تمثلت في نظام الوقف الخيري، الذي رسخت جذوره، وسبقت فروعه، وامتدت ظلاله، وآتى ثماره في الحياة الإسلامية وتميز به تاريخ المسلمين أكثر من غيرهم من الأمم "، قال:" ومن أبرز الدلائل على رسوخ المعاني الإنسانية في حضارتنا ووضوحها في تاريخ أمتنا: كثرة المؤسسات التي تعني بخير الإنسان والبرية ".

 

ولقد كان من أولوِيّات الدعوة النبوية، في المدينة المنورة، لمّا دخلها النبيّ عليه السلام هو العمل على تحقيق التكافل بين أهل الإسلام، ونبذ الفرقة والاختصام، وتحقيق التعاون والاعتصام، وإيجاد آليةٍ عملية لإنجاح ذلك، فآخى بين الأنصار أنفسهم، ثم آخى بينهم وبين المهاجرين، وحثهم على التعاون في أمور الإنفاق، ودوّن للجميع كتابا عظيما في ذلك عُرف باسم " وثيقة النبي صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة "، ومما ورد فيه:" هذا كتاب من محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المؤمنين والمسلمين من قريش وأهل يثرب، ومن تبعهم فلحق بهم، فحل معهم وجاهد معهم، أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش على رباعتهم... وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط بين المؤمنين،.. وأن المؤمنين لا يتركون مفرحا منهم، أن يعينوه بالمعروف في فداء أو عقل،... وعلى كل أناس حصتهم من النفقة،... "، وبهذا اتحد المسلمون وتشاركوا في بناء المساجد ومرافقها، ووقف العقارات وبساتينها، والآبار ومياهها، ودور العلم ومكتباتها..، وتركوا ذلك وقفا باقيا جيلا بعد جيل، طيلة أزمنة عديدة ودهور مديدة - كما سيتبين-، وتوافقوا على ذلك قولا وعملا، ممتثلين قوله جل وعلا: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إخوانًا.. ﴾ إلى قوله ﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران 104. 105].

 

وبهذا جعل الله تعالى أمة الإسلام أمّة واحدة فقال: ﴿ إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: ٩٢ ]، وخرج أحمد في مسنده (2/215) من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس عام الفتح على درجة الكعبة فكان فيما قال:"... يد المسلمين واحدة على من سواهم، تتكافأ دماؤهم "، فكلّ فرد مسلم مسئول عن أخيه المسلم، يُـعينه وينصحه، يقضي حاجته ويُكمّله، تماما كإكمال اللبنة للّبنة في البناء، كما خرج البخاري في الصحيح (481) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا» وشبك أصابعه ".

 

فهكذا إذًا يتوادد المسلمون، ويتراحمون فيتعاونون، حتى يتحد شعورهم، ويتوحد أمرهم، وتأتلف قلوبهم، كما خرج البخاري (6011) ومسلم (2586) من حديث النعمان بن بشير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل المؤمنين في توادهم، وتراحمهم، وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"، فقد جعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم جميع المسلمين من شتى البلاد بمثابة الجسد الواحد، فالإيمان هو جسمه، والمؤمنون هم أعضاء ذلك الجسد الذي إذا اشتكى منه عضو أو فرد من أفراد المجتمع المسلم، تداعى له سائر البلاد والعباد ليحزن بحزنه، ويتألم بمصابه، لأن المؤمن مع أخيه المؤمن بمنزلة العضو مع العضو اللذَيْن تجمعهما نفس واحدة، ألا ترى أن الله تعالى قد جعل من قتل أخاه أو عَيّرَه ولمزه فكأنما قتل نفسه أو عيّرها فقال تعالى: ﴿ ولا تَلْمِزُوا أَنفُسكُمْ ﴾ [الحجوات 11]، وما ذاك إلا لأنّ المؤمن مع أخيه المؤمن كالنفس الواحدة يفرح لفرحه، ويسوء حاله لسوئه، كما يسوء الجسم كلّه لأحد أعضائه، وأنت إذا تأملت الوجود لا تكاد تجد اثنين متحابين إلا وبينهما مشاكلة واتفاق في الفعل والمقصد والحال وإلا كانت النفرة بينهما.

 

ولتحقيق ذلك التوحد أيضا طُولب المسلمون بتحقيق المحبة والإخاء:

التي جعلها الله من أوثق عرى الإيمان، ومن أبرز صفات أهْل الإسلام، ذلك أنّ المسلم الصادق مُحبّ لإخوانه في ذات ربّه جل في علوه، حبًّا صافياً مجرداً عن كل منفعة بعيداً عن كل مصلحة كما خرج البخاري (660) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله:.. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه"، ومن علامات هذه المحبّة الصادقة أن تُؤْتي ثمارها وأكْلها الطيّب المتمثّل في أداء حقوق الأخوّة من سلام وعيادةٍ ونصيحة واعتصام..، ومحبةِ الخيرِ للغير وبذل الخير لهم وإعانتهم والإنفاق عليهم بشتى صور الإنفاق، والتي على رأسها الوقف، الذي هو أعم أوجه البر وأنفعها وأبقاها وأكثرها تأثيراً في تحقيق هذه المطالب الشرعية والقيم الراقية كما سيتبين من أمثلة واقعية في غضون هذا البحث.

 

وبهذا التقرير تُنَمي الشريعة الإسلامية، في كل الأنفس البشرية، الشعورَ بهذه المسؤولية الفردية والجماعية وتحمّلها، بحيث يسعى كل فرد بماله وجهده إلى تحقيق سعادة ورخاء المجموع، وبذلك تتطور البلاد ويتآخى العباد، كما قال الكريم الوهاب: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى ﴾ [المائدة: 2].

 

دور الوقف في تحقيق التعاون والتكافل الاجتماعي:

لقد دعا الإسلام إلى الاعتصام والتكافل والتعاون بين أفراد المجتمع على كل برٍّ وتقوى، فقال جل وعلا: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة 2].

 

وقد تجلّى هذا الخُلق الطيبُ وما احتوى عليه من آثارٍ طيبة في شخصية النبي صلى الله عليه وسلم منذ ما قبل الرسالة، وذلك فيما روَت خديجة رضي الله عنها في قصة نزول جبريل عليه السلام على النبي عليه السلام أول مرة وخوْفه من ذلك، ثم رجع إلى خديجة فأخبرها الخبر، فقالت له:" كلا أبشر، فو الله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق"، وكذلك شارك النبي عليه السلام في حلف الفضول قبل البعثة، حيث قال عنه الراوي:" اجتمع رؤساء قريش وتعاهدوا فيما بينهم على مساعدة الضعيف ونصرة المظلوم..".

 

وبعد البعثة ثم الهجرة استمرَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم في الدعوة إلى هذا الخلق الكريم، فحض المسلمين على التعاون في بناء المساجد، فكان مسجدُ قباء ثم المسجد النبوي من أول الأوقاف الاستغلالية في الإسلام.

 

ثم آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين الأنصار والمهاجرين، وحثهم على التعاون والخلق الكريم، فخرج البخاري (2340) عن جابر رضي الله عنه قال: كانوا يزرعونها بالثلث والربع والنصف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كانت له أرض، فليزرعها أو ليمنحها، فإن لم يفعل فليمسك أرضه»، وخرج مسلم (1728) عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" «من كان معه فضل ظهر، فليعُد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضل من زاد، فليعد به على من لا زاد له»، قال: فذكر من أصناف المال ما ذكر حتى رأينا أنه لا حق لأحد منا في فضل".

 

ولما بدأ الجهادُ حث أصحابه على التعاون ووقف السلاح والكراع، والتصدق بالأموال والأنفس في سبيل الله تعالى، فكانت أول الأوقاف الاستثمارية هي بساتين مخيريق التي تصدق بها على النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، والذي بدوره جعلها وقفا في سبيل الله، معونة على عباد الله.

 

ثم لما فتح الله على نبيّه أرض خيبر وفدك وبني النظير، جعلها أوقافا في سبيل العلي القدير، معونة لكل مسلم وفقير، ولما شاوره عمر رضي الله عنه في أرض خيبر؟ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:" حبّس أصلها وتصدق بثمرتها"، أي معونة لعموم الناس، فتصدق بها عمر في سبيل الله والضيف وابن السبيل...".

 

كما شرع الإسلام ُالتعاونَ والتشارك في الوقف، لأن أصحاب الأوقاف إذا اجتمعوا واشتركوا وقسموا الغلات في سبيل الله، ائتلفت القلوب وتكاملت الوظائف وحصل نوع من التعاون والتلاحم والتكاتف والتعاطف بين الجميع، وشعر كلّ منهم أن عمله لأخيه، وهذا ما يؤدي إلى التعاون البنّاء بين أفراد المجتمع على تنمية أوقافهم وإنعاش اقتصاد بلدهم، وإحياء سنة التكافل بين المسلمين، فهذا يقف في القربى وابن السبيل والمساكين، وذاك في الحجاج وطلبة العلم والمختونين، والآخر في المرضى وفكاك المأسورين، وغيره في تجهيز المتزوجات والمتزوجين، بل لا يخلو مجال إلا وللوقف فيه دور عظيم وفضل مبين.

 

وبذلك اعتُبر الوقف أحد أبرز القيم التعاونية والشيم التكافلية في المجتمعات الإسلامية، بل هو رمز القوة في المجتمع المسلم، والدليل على تماسكه واتحاد أبنائه، وتحملهم لمسؤولياتهم الجماعية اتجاه بعضهم بعضا.

 

فهو يغطي احتياجات الفقراء والموارد، والمستشفيات والمساجد، ودور العلم والمعاهد، والجمعيات الخيرية، والمرافق التعاونية، والهيئات الدعويّة والتكافلية، بل وسائر قطاع الخدمات الاجتماعية من ختان وتزويج وصحة وإسعاف وتعليم وسقايةٍ كحفر الآبار وبناء السدود والأنهار والطرق والقناطر والمؤسسات ونحوها.

 

ومن الأمثلة العملية على ذلك ما ورد في مجلة الزهور المصرية (4/398):" أمَّا الوظيفة الدينية والأدبية التي يُؤدَّيها ديوان الأوقاف فِإِنَّهُ يُقيم الشعائر الدينية في المساجد، ويُنفِّذُ شروطَ الواقفين في وجوهِ البرّ التي عيَّنوها, ويبذلُ المساعدةَ على نشر التعليم بالمدارس والكتاتيب والمعاهد العلمية, ويُديرُ ملاجئ أُنشئت للعجزةِ والبائسين، ومستشفيات وعيادات طبية مفتوحة للفقراءِ مجاناً، ويمدُّ بالمرتبات السنوية عدَّةَ جمعياتٍ خيرية ومدارس صناعية، ويتولَّى بالصدقات الشهرية مؤاساة كثيرين من أهل البيوت ذوي الخصاصةِ ممن أخنى عليهم الدهرُ بصروفهِ، وتصدَّقُ أيضاً على الفقراءِ وأبناءِ السبيل في أيام المواسم والأعياد "

 

دور الوقف في دفع المهالك والآفات الاجتماعية:

يعتبر الوقف أيضا من أجل التكافلات، وأرفع أنواع الصدقات، التي لها أثر كبير في تطهير أنفس الأغنياء من الشح والموبقات، ولأنفس الفقراء من الحسد والانحرافات، وبالتالي فهو يساهم في تطهير المجتمع من القيم الرذيلة ويبثّ فيه روح المسؤولية والفضيلة، ويدفع عنه الجرائم والآفات، والمهالك والانحرافات،مصداق ما خرجه البخاري (1421) ومسلم (1022) من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:" قال رجل لأتصدقن الليلة بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد زانية، فأصبحوا يتحدثون تصدق الليلة على زانية، قال: اللهم لك الحمد على زانية، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد غني، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على غني، قال: اللهم لك الحمد على غني، لأتصدقن بصدقة، فخرج بصدقته فوضعها في يد سارق، فأصبحوا يتحدثون: تصدق على سارق، فقال: اللهم لك الحمد على زانية، وعلى غني، وعلى سارق، فأتي فقيل له: أما صدقتك فقد قبلت، أما الزانية فلعلها تستعف بها عن زناها، ولعل الغني يعتبر فينفق مما أعطاه الله، ولعل السارق يستعف بها عن سرقته "، فإذا كان هذا في الصدقة، فكيف الأمر بالوقف العميمِ فائدتُه، المستمرة منفعته؟!

 

وبالجملة: فيعتبر الوقف من أبرز القيم التعاونية، ومن أفضل أعمال المعروف الخيرية التي تقي الأفراد والمجتمعات، من مصارع السوء والهلكات، كما خرج الطبراني في الكبير (8014) والجصاص في أحكام القرآن (2/352) واللفظ له عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" كل معروف صدقة وأول أهل الجنة دخولا أهل المعروف، صنائع المعروف تقي مصارع السوء "، وللطبراني في الأوسط (6/163) من حديث أم سلمة بنحوه، وذكر السيوطي في الجامع وصححه عن أم سلمة رضي الله عنهما قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" صنائع المعروف تقي مصارع السوء والآفات والهلكات، وصلة الرحم تزيد في العمر وكل معروف صدقة، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة، وأهل المنكر في الدنيا هم أهل المنكر في الآخرة، وأول من يدخل الجنة أهل المعروف "، صححه الألباني في الجامع: 3795 والصحيحة: 1908، ولأبي نعيم في الحلية (6/145) عن علي قال النبي صلى الله عليه وسلم:" الصدقة على وجهها واصطناع المعروف وبر الوالدين وصلة الرحم تُحوِّل الشقاء سعادة وتزيد في العمر وتقي مصارع السوء ».

 

بل إن هذه الآثار الطيبة التي تنتج من كل أنواع الصدقات وأعمال المعروف والخيرات مما يعرفها حتى العرب والعجم منذ ما قبل الإسلام، كما خرّج البخاري في صحيحه (4953) عنْ عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - في قصة بدء الوحي وفيها:-" فرجع النبي صلى الله عليه وسلم ترجف بوادره، حتى دخل على خديجة فقال: «زملوني زملوني»، فزملوه،.. قالت خديجة: كلا، أبشر فو الله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتكسب المعدوم، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق..".

 

وخرج البخاري (8) قصة هرقل لما سأل أبا سفيان عن القيم التي يأمر بها رسول الإسلام، فلما أخبره بها استنتج الملك بأن أمر هذا النبي سيظهر، فقال: ماذا يأمركم؟ قلت: يقول: اعبدوا الله وحده ولا تشركوا به شيئا،... ويأمرنا بالصلاة والزكاة والصدق والعفاف والصلة... فقال هرقل:" فإن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمي هاتين، وقد كنت أعلم أنه خارج، لم أكن أظن أنه منكم، فلو أني أعلم أني أخلص إليه لتجشمت لقاءه، ولو كنت عنده لغسلت عن قدمه..".

 

نماذج عملية من تأثير الوقف على المجال الاجتماعي وقطاع الصحة والخدمات:

يعتبر الوقف منهجا متكاملا دينياً وتعليمياً واجتماعياً واقتصادياً... انفرد الإسلام بتشريعه والحث عليه، رَابِطا فيه بين السلف الأولين، والخلف الآخِرين، حتى كثرت النماذج الوقفية في التاريخ الإسلامي.

 

ولقد كنت ههمت وبدأت بذكر نموذجين عملييْن هنا في هذا المطلب، أحدهما متقدم والثاني معاصر، ثم قررت بأن أترك الأمثلة إلى مظانها في هذا الباب الثاني والذي بعده طلبا للاختصار وبالله التوفيق.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حكم التصرف في الوقف
  • الوقف صدقة جارية وتنمية اجتماعية
  • الوقف ومقاصد الشريعة
  • نماذج من الوقف في الجانب الاجتماعي
  • نماذج لتطور الوقف من بعد القرن الثالث إلى نهاية الخلافة العثمانية

مختارات من الشبكة

  • من أقسام الوقف : الوقف الاختياري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أقسام الوقف : الوقف الاختباري(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال الثقافي والعلمي وأهميته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال الاقتصادي الاستثماري ( أهميته وأمثلته وآثاره )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دور الوقف في المجال التعليمي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوقف في المجال العسكري والتعليمي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الجهود العلمية والعملية لأئمة الدعوة في مجال الوقف (PDF)(كتاب - موقع الشيخ الدكتور عبدالرحمن بن معلا اللويحق)
  • تنمية العمل الاجتماعي: الوقف نموذجا(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الوقف في العصر الحديث في بلاد الحرمين (2)(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الوقف في الإسلام: مجالاته وأهدافه وحمايته(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب