• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

ثلاثون مثالا على دلالة الاقتضاء

د. ربيع أحمد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 23/7/2014 ميلادي - 25/9/1435 هجري

الزيارات: 93653

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ثلاثون مثالاً على دلالة الاقتضاء


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم المرسلين، وعلى أصحابه الغر الميامين، وعلى من اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فإن لعلم أصول الفقه أهمية بالغة في استنباط الأحكام الشرعية من مصادرها المعتبرة في الشرع، وعن طريقه يتمكن الفقيه من الوصول للحكم بسهولة ويسر، ويتمكن من معرفة الراجح من المرجوح من أقوال الفقهاء، وتمييز الأقوال الصحيحة من السقيمة، وكان أصول الفقه ولا زال وسيلة للدفاع عن الدين.

 

وفائدة أصول الفقه لا تقتصر على استنباط الأحكام الفقهية وحسب، بل تتعدى إلى جميع الأحكام الشرعية، فلا يستغني عن أصول الفقه فقيه ولا مفسِّر ولا محدِّث ولا شارح للعقيدة؛ فهو علم لتفسير النصوص، والترجيح بين الأقوال، وبه يفهم مراد الله ومراد رسوله صلى الله عليه وسلم.

 

ولذلك، التعمق في أصول الفقه وتطبيق الأصول على الفروع ينمي الملكة الفقهية والقدرة على الاستنباط، ومع كثرة التطبيقات على مباحث الأصول تزداد الملكة، وكفى بهذه فائدة.

 

وسوف نتناول في هذا البحث ثلاثين مثالاً على دلالة الاقتضاء، ودلالة الاقتضاء أحد مباحث أصول الفقه، أملاً في تنمية الملكة الفقهية لدى القارئ، ولزيادة قدرته على الاستنباط بكثرة الأمثلة والتطبيقات، وفي مقالات لاحقة - بإذن الله - سنتناول تطبيقات على مباحث أخرى، والله ولي التوفيق..

 

وقبل الشروع في ذكر الأمثلة على دلالة الاقتضاء لا بد أن نلقي الضوء قليلاً على تعريفها، ودلالةالاقتضاء هي دلالة اللفظ على معنى لازم مقصود للمتكلم يتوقف عليه صدق الكلام، أو صحته العقلية، أو صحته الشرعية[1]؛ أي: اللفظ كي يعرف معناه لا بد من تقدير محذوف؛ لأن فهم الكلام يتوقف على تقدير هذا المحذوف، فلا يستقيم الكلام دون تقدير هذا المضمر المحذوف؛ فهو لازم للمعنى المنطوق، ومقصود للمتكلم، وسميت دلالة الاقتضاء بهذا الاسم؛ لأن المعنى وسياق الكلام يقتضيها ويحتاج لها ليستقيم ويصح.

 

الأمثلة:

مثال 1: قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ ﴾ [النساء: 23]؛ أي: نكاح أمهاتكم؛ فالتحريم لا ينصب على الذوات، وإنما على الأعمال المتعلقة بالذوات، أو التحريم لا يتعلق بالأعيان، وإنما بالأفعال ذات الصلة بالأعيان.

 

مثال 2: قوله تعالى: ﴿ وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا ﴾ [يوسف: 82]؛ أي: واسأل أهل القرية.

 

مثال 3: قوله تعالى: ﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ ﴾ [المائدة: 3]؛ أي: حُرِّم عليكم أكل الميتة.

 

مثال4: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))[2]؛ فالخطأ ما تُجووز، بدليل فعل الناس له، ولكن الذي تُجووز حكم الخطأ أو إثم الخطأ.

 

مثال 5: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إنما الأعمال بالنيات))[3]؛ أي: إنما ثواب الأعمال بالنيات.

 

مثال 6: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا نكاح إلا بولي))[4]؛ أي: لا نكاح صحيح إلا بوليٍّ، والقاعدة أن الأصل أن يحمل النفي على نفي الوجود، وإلا فنفي الصحة، وإلا فنفي الكمال.

 

مثال 7: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا صلاة لمن لا وضوء له))[5]؛ أي: لا صلاة صحيحة لمن لم يتوضأ، ولم نقل: لا صلاة موجودة؛ لأن الصلاة قد توجد بلا وضوء؛ فهناك أناس يصلون بلا وضوء.

 

مثال 8: قولنا: لا إله إلا الله؛ أي: لا إله بحق موجود إلا الله.

 

مثال 9: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له))[6]؛ أي: لا صيام صحيح.


مثال 10: قوله تعالى: ﴿ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]؛ أي: فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أُخرَ.


مثال 11: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم، مرضتُ فلم تعُدْني، قال: يا رب، كيف أعُودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلانًا مرض فلم تعُدْه، أما علمت أنك لو عُدته لوجدتني عنده؟! يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب، وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب، كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي))[7].


وقوله عز وجل: (وجدتَني عنده)؛ أي: وجدت ثوابي عنده، وكرامتي ورحمتي عنده، والدليل على ذلك ما قاله عز وجل بعد ذلك: (لو أطعمته لوجدت ذلك عندي)؛ أي: لوجدت ثوابه وجزاءه عندي.


قال النووي: قال العلماء: إنما أضاف المرض إليه سبحانه وتعالى، والمراد العبد، تشريفًا للعبد وتقريبًا له، قالوا: ومعنى وجدتني عنده؛ أي: وجدت ثوابي وكرامتي، ويدل عليه قوله تعالى في تمام الحديث: لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، لو أسقيته لوجدت ذلك عندي؛ أي: ثوابه، والله أعلم[8].

 

وقال الملا علي: لو عُدته لوجدتني؛ أي: لوجدت رضائي عنده[9].

قال المناوي: أي: وجدت ثوابي وكرامتي في عيادته [10].

 

مثال 12: قول الوليد بن مسلم: (سألت الأوزاعي ومالكًا وسفيان وليثًا عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة فقالوا: أمرُّوها كما جاءت بلا كيف)[11]؛ أي: أمرُّوها على ظاهرها كما جاءت بلا تكييف للمعنى، وهذه العبارة فيها رد على المعطلة والمشبهة، ففي قولهم: "أمرُّوها كما جاءت" ردٌّ على المعطلة، وفي قولهم: "بلا كيف" رد على المشبِّهة، وفي قولهم أيضًا دليلٌ على أن السلف كانوا يُثبتون لنصوص الصفات المعانيَ الصحيحةَ التي تليق بالله؛ فقولهم: "أمرُّوها كما جاءت": معناها إبقاء دلالتها على ما جاءت به من المعاني، ولا ريب أنها جاءت لإثبات المعاني اللائقة بالله تعالى، ولو كانوا لا يعتقدون لها معنى لقالوا: "أمرُّوا لفظها ولا تتعرَّضوا لمعناها"، ونحو ذلك، وقولهم: "بلا كيف" فإنه ظاهرٌ في إثبات حقيقة المعنى؛ لأنهم لو كانوا لا يعتقدون ثبوته ما احتاجوا إلى نفيِ كيفيته؛ فإن غير الثابت لا وجود له في نفسه، فنفيُ كيفيته مِن لغو القول.


مثال 13: قوله تعالى: ﴿ وَإِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا ﴾ [الإسراء: 16]؛ أي: وإذا أردنا إهلاك أهل قرية لظلمهم، أَمَرْنا مترفيهم بطاعة الله وتوحيده وتصديق رسله، وغيرهم تبع لهم، فعصَوا أمر ربهم وكذَّبوا رسله، فحقَّ عليهم القول بالعذاب الذي لا مردَّ له، فاستأصلناهم بالهلاك التام[12]، وخص المترفين بالذِّكر لما جرت به العادة أن من سواهم يكون تبعًا لهم، وأن العامة والدَّهْماء يقلِّدونهم فيما يفعلون، ولأنهم أسرع إلى الفجور، وأقدرُ على الوصول إلى سُبله.[13].

 

مثال 14: قوله تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3]؛ أي: وإن علمتم - أيها الأولياء على النساء اليتامى - أنكم لن تعدِلوا فيهن إذا تزوجتم بهن - بأن تسيئوا إليهن في العِشرة، أو بأن تمتنعوا عن إعطائهن الصداق المناسب لهن - إذا علمتم ذلك فانكحوا غيرهن من النساء الحلائل اللائي تميل إليهن نفوسُكم، ولا تظلموا هؤلاء اليتامى بنكاحهن دون أن تعطوهن حقوقهن؛ فإن الله تعالى قد وسَّع عليكم في نكاح غيرهن.


فالمقصود من الآية الكريمة على هذا المعنى: نهي الأولياء عن نكاح النساء اليتامى اللائي يلُونهن عند خوف عدم العدل فيهن، إلا أنه أوثر التعبير عن ذلك بالأمر بنكاح النساء الأجنبيات، كراهة للنهي الصريح عن نكاح اليتيمات، وتلطفًا في صرف المخاطبين عن نكاح اليتامى حال العلم بعدم العدل فيهن.


فكأنه سبحانه يقول: إن علمتم أيها الأولياء الجَوْر والظلم في نكاح اليتامى اللائي في ولايتكم فلا تنكحوهن، وانكحوا غيرَهن مما طاب لكم من النساء [14].


مثال 15: قوله تعالى: ﴿ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ ﴾ [ق: 16]، إما أن يكون المعنى: ونحن أقرب إليه بعلمنا وإحاطتنا واطِّلاعنا وبصرنا وسمعنا من حبل الوريد، أو يكون المعنى: ونحن أقرب إليه بملائكتنا من حبل الوريد، بدليل أنه قيَّد ذلك بوقت تلقي المتلقيان ﴿ إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ﴾ [ق: 17]، والآية ليس فيها دليل للحلوليَّة؛ فمن كان قريبًا من الشيء لا يكون داخلاً فيه.


مثال 16: قوله تعالى: ﴿ يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [البقرة: 189]؛ أي: يسألك أصحابك - أيها النبي - عن الأهلَّة وتغيُّر أحوالها، قل لهم: جعل اللهُ الأهلَّة علامات يعرف بها الناس أوقات عباداتهم المحددة بوقت، مثل: الصيام والحج، ومعاملاتهم، وليس الخير ما تعودتم عليه في الجاهلية وأول الإسلام من دخول البيوت من ظهورها حين تُحرِمون بالحج أو العمرة، ظانِّين أن ذلك قربةٌ إلى الله، ولكن الخير هو فِعلُ مَن اتقى الله واجتنب المعاصيَ، وادخلوا البيوت من أبوابها عند إحرامكم بالحج أو العمرة، واخشَوُا الله تعالى في كل أموركم؛ لتفوزوا بكل ما تحبون من خيري الدنيا والآخرة [15].


مثال 17: قوله تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 53]؛ أي: إن ذلكم كان عند الله ذنبًا عظيمًا.


مثال 18: قوله تعالى: ﴿ وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدَى ﴾ [الضحى: 7]؛ أي: ووجدك ضالاًّ عن معرفة الدِّين فهداك إليه؛ كما قال تعالى: ﴿ وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ ﴾ [الشورى: 52][16].


مثال 19: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا أيها الناس، إنكم لا تدعون أصمَّ ولا غائبًا، إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم))[17]؛ أي: بيننا بعِلمه وسمعه وبصره وليس بذاته؛ إذ البينية لا تقتضي المماسة ولا الوجود في نفس المكان؛ كقولنا: بدرٌ بين مكة والمدينة مع التباعد بينها وبينهما.


مثال 20: قوله عز وجل في الحديث القدسي: ((وما يزال عبدي يتقرب إليَّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطِش بها، ورِجله التي يمشي بها، وإن سألني لأعطينه، وإن استعاذني لأعيذنه))[18]؛ أي: كنت مسدِّدًا لسمعه وبصره ويده ورِجله؛ فالله تعالى يسدد أهل طاعته وأهل النوافل في سمعهم وبصرهم ويدهم وأرجلهم، بحيث يكون إدراكهم وعملهم لله وبالله وفي الله.


مثال 21: قوله تعالى: ﴿ وَجَاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كَانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلَاءِ بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلَا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ ﴾ [هود: 78]؛ أي: يا قوم، هؤلاء بناتي، تزوجوا بهن؛ ذلك أطهرُ لكم من ارتكاب الفواحش مع الذكور[19]، وأَطْهَرُ هنا ليس على سبيل المفاضلة، وليس معناها أن إتيان الرجال شيء طاهر، وكذلك مثل قولنا: أحمر، وأسود؛ أي: ذو حمرة وسواد [20]، وأيضًا صيغة أطهر مثل: اللهُ أكبرُ[21].


مثال 22: قوله تعالى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]؛ أي: خالق كلِّ شيء سواه.


مثال 23: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدكم يُجمَع خلقه في بطن أمه أربعين يومًا نُطفةً، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك...))[22]، مثل ذلك؛ أي: في مثل ذلك؛ أي: في الأربعين يومًا تحدث الأطوار الثلاثة؛ النطفة والمضغة والعلقة، فمرحلة النطفة بين 6 إلى 7 أيام، وطور العلقة 14يوم، ومرحلة المضغة 21 يومًا.

 

مثال 24: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعَلا منيُّ الرجل منيَّ المرأة أذكرا بإذن الله، وإذا علا منيُّ المرأة منيَّ الرجل أنَّثا بإذن الله))[23]؛ أي: إذا علا منيُّ ما يكون منه الرجل (كروموسوم Y (منيَّ ما يكون منه المرأة (كروموسوم X) كان المولود ذكرًا، وإذا علا منيُّ ما يكون منه المرأة (كروموسوم X) منيَّ ما يكون منه الرجل (كروموسوم Y) كان المولودأنثى؛ فمنيُّ الرجل يحمل نوعينِ من الأمشاج: الحيوانات المنوية التي تحمل الصبغى Y الذي يؤدي إلى الذكورة إذا ما أخصب البويضة وقدر لها أن يتكوَّن منها الجنين، والنوع الآخر يحمل الصبغى X الذي يؤدي إلى أن يكون جنس الجنين أنثى إذا ما أخصب البويضة وقدر لها أن يتكوَّن منها الجنين.


مثال 25: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن أحدَكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار، حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها))[24]؛ أي: إن الرجلَ ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو ويظهرُ للناس، وهو من أهل النار، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل النار، فيدخلها، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو ويظهر للناس، وهو من أهل الجنة، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة، فيدخلها.

 

مثال 26: قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((ما من عبد قال: لا إله إلا الله، ثم مات على ذلك إلا دخَل الجنة))[25]؛ أي: من قال لا إله إلا اللهُ عالِمًا بمعناها وعاملاً بمقتضاها.

 

مثال 27: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 136]؛ أي: اثبُتوا على الإيمان، وداوِموا على الإيمان.


مثال 28: قوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ ﴾ [الأحزاب: 1]؛ أي: اثبُتْ على التقوى وداوِمْ عليها.


مثال 29: قول زيد بن ثابت رضي الله عنه: ((فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من العُسُب واللِّخاف، وصدور الرجال، حتى وجدتُ آخرَ سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري، لم أجِدْها مع أحد غيره؛ ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ ﴾ [التوبة: 128] حتى خاتمة براءة...)[26]، قوله: "حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري"؛ أي: حتى وجدت آخر سورة التوبة مكتوبة مع أبي خزيمة الأنصاري.

 

وقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: (فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من الرِّقاع والأكتاف والعُسُب وصدور الرجال) يفيد أن طريقة الجمع تعتمد على أمرين:

1- ما كان محفوظًا في صدور الصحابة رضوان الله عليهم.

2- ما كان مكتوبًا بين يدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم[27].


وقول زيد بن ثابت رضي الله عنه: (فتتبَّعتُ القرآن أجمعه من الرقاع والأكتاف والعُسب وصدور الرجال) أيضًا يفيد أن القرآنَ قد كُتب في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.


وهذا الحديث يدلُّ على دقة زيد بن ثابت - رضي الله عنه - إذ يدل على أنَّ زيدًا لم يعتمد على الحفظ وحده، بدليل أنه لم يجد آخر براءة إلا مع أبي خزيمة؛ أي: كتابة؛ لأنه يحفظها، وكثير من الصحابة يحفظونها[28].


مثال 30: قول زيد بن ثابت - رضي الله عنه -: (قبض النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولم يكن القرآن جمع في شيء)[29]؛ أي: ولم يكن القرآنُ جُمع مرتَّبَ الآيات والسُّوَر في مصحف واحد، وهذا لا ينافي أن القرآن قد كتب في العهد النبوي مفرَّقًا.

 

هذا، والحمد لله الذي بنعمته تتمُّ الصالحات!



[1] الجامع لمسائل أصول الفقه لعبدالكريم النملة ص 293.

[2] صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن ابن ماجه رقم 2043.

[3] رواه البخاري في صحيحه رقم 1.

[4] صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 2085.

[5] صححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود رقم 101.

[6] رواه أبو داود في سننه حديث رقم 2454 وصححه الألباني.

[7] رواه مسلم، كتاب البر والصلة (2569).

[8] شرح النووي على صحيح مسلم للنووي 16/126.

[9] مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح للملا علي القاري 5/252.

[10] فيض القدير 2/396.

[11] أخرجه الدارقطني في الصفات ص75، والآجري في الشريعة ص314، والبيهقي في الاعتقاد ص118، وابن عبدالبر في التمهيد 7/149، وفي إبطال التأويلات في أخبار الصفات لابن الفراء 1/47.

[12] التفسير الميسر ص 283.

[13] تفسير المراغي 15/26.

[14] التفسير الوسيط لمحمد سيد طنطاوي 3/29.

[15] التفسير الميسر ص 29.

[16] تفسير جزء عم للشيخ مساعد الطيار ص 171.

[17] رواه أبو داود في سننه، وصححه الألباني في صحيح وضعيف سنن أبي داود، رقم 1526.

[18] صحيح الجامع للألباني حديث رقم 1782.

[19] تيسير القرآن للقطان 2/230.

[20] التفسير الوسيط للزحيلي 2/1062.

[21] فتح القدير للشوكاني 2/583.

[22] رواه البخاري في صحيحه رقم 3208، ورواه مسلم في صحيحه رقم 2643.

[23] مسند أبي عوانة رقم 843، وفي صحيح الجامع رقم 5500.

[24] رواه البخاري في صحيحه رقم 3208، ورواه مسلم في صحيحه رقم 2643.

[25] رواه البخاري في صحيحه رقم 5827، ورواه مسلم في صحيحه رقم 94.

[26] رواه البخاري في صحيحه 6/183 حديث رقم 4986.

[27] المنار في علوم القرآن للدكتور محمد علي الحسن ص 158.

[28] موسوعة علوم القرآن لعبدالقادر محمد منصور ص 103.

[29] فتح الباري لابن حجر 9/ 14، الإتقان للسيوطي 1/ 126.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • ثلاثون مثالا على دلالة الإشارة
  • ثلاثون مثالا على مفهوم الموافقة
  • ثلاثون مثالا على مفهوم المخالفة
  • عشرون تطبيقا على أثر النهي في المنهي عنه
  • دلالة الاقتضاء
  • دلالة الاقتضاء بين المتكلمين والأحناف

مختارات من الشبكة

  • أنواع الدلالات وما تدل عليه من معان(مقالة - حضارة الكلمة)
  • أسماء الله كلها حسنى(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • الدلالة المركزية والدلالة الهامشية بين اللغويين والبلاغيين(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • أثر المقاصد في تحديد دلالة الألفاظ: دلالة الأمر والنهي أنموذجا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدلالة وعلم الدلالة: المفهوم والمجال والأنواع (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أثر السياق في دلالة الحقيقة ودلالة المجاز(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضائل الأذكار بعد الصلوات المكتوبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مع آية: (يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدلالة الصوتية في اللغة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • الجاحظ وعلم الدلالة(مقالة - حضارة الكلمة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب