• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

حقيقة الذبيح ابن إبراهيم في الأسفار القديمة

حقيقة الذبيح ابن إبراهيم في الأسفار القديمة
اللواء المهندس أحمد عبدالوهاب علي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/5/2014 ميلادي - 27/7/1435 هجري

الزيارات: 31508

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حقيقة الذبيح ابن إبراهيم

في الأسفار القديمة


نقرأ في الأسفار أن الله أراد أن يمتحن إبراهيم؛ ليظهر مقدار ثقته فيه، والرضا بقضائه، فألقى إليه الأمر الإلهي بذبح ابنه وحيده الذي جاء قُرة عين لأبيه، وأعطاه إبراهيم كل حبه، وفي هذا تقول الأسفار:

"وحدث بعد هذه الأمور أن الله امتحن إبراهيم فقال له: يا إبراهيم، فقال: هأنذا، فقال: خذ ابنك وحيدك الذي تحبه إسحاق، واذهب إلى أرض المريا، وأصعده هناك محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك.

 

فبكر إبراهيم صباحًا وشد على حماره، وأخذ اثنين من غلمانه معه، وإسحاق ابنه، وشقق حطبًا لمحرقة، وقام وذهب إلى الموضع الذي قال له الله، وفي اليوم الثالث رفع إبراهيم عينيه وأبصر الموضع من بعيد، فقال إبراهيم لغلاميه: اجلسا أنتما ها هنا مع الحمار، أما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد، ثم نرجع إليكما.

 

فلما أتيا إلى الموضع الذي قال له الله، بنى هناك إبراهيم المذبح، ورتب الحطب، وربط إسحاق ابنه ووضعه على المذبح فوق الحطب، ثم مد إبراهيم يده وأخذ السكين ليذبح ابنه، فناداه ملاك الرب من السماء وقال: إبراهيم، إبراهيم، فقال: لا تمد يدك إلى الغلام، ولا تفعل به شيئًا، لأني علمت أنك خائف الله، فلم تمسك ابنك وحيدك عني.

 

فرفع إبراهيم عينيه ونظر، وإذا كبش وراءه ممسكًا في الغابة بقرنيه، فذهب إبراهيم وأخذ الكبش، وأصعده محرقة عوضًا عن ابنه.

 

ونادى ملاك الرب إبراهيم ثانية من السماء، وقال: بذاتي أقسمت يقول الرب، إني من أجل أنك فعلت هذا الأمر، ولم تمسك ابنك وحيدك، أباركك مباركة، وأُكثر نسلك تكثيرًا؛ كنجوم السماء، وكالرمل الذي على شاطئ البحر، ويرث نسلك باب أعدائه، ويتبارك في نسلك جميع أمم الأرض، من أجل أنك سمعت لقولي.

 

ثم رجع إبراهيم إلى غلاميه، فقاموا وذهبوا معًا إلى بئر سبع، وسكن إبراهيم في بئر سبع"؛ تكوين 22: 1 - 19.

 

ويمكن تلخيص قصة الذبيح فيما يلي:

• أراد الله أن يمتحن إبراهيم فأمره بذبح ابنه وحيده الذي يحبه.

 

• ولقد استسلم إبراهيم لأمر الله، وجد في تنفيذه بكل ما أُوتي من عزم، وحين بلغ الأمر غايته، وظهر صدق إيمان إبراهيم - أمام نفسه وأمام الخلق - فإن رحمة الله تداركت الوالد والولد، واستبدل الذبيح الإنسان بآخر حيوان.

 

• ومن أجل ذلك أجزل الله العطاء لإبراهيم، فوعده بالخير والبركة له ولنسله من بعده - ولا شك أن أول من يتحقق فيهم ذلك الوعد الإلهي هم الذبيح بن إبراهيم وذريته.

 

وحين نسأل عن شخصية الذبيح، فإن القصة تجيب بوضوح:

• أن الذبيح هو الابن الوحيد لإبراهيم، وقد تحقق ذلك من تكرار: "ابنك وحيدك" ثلاث مرات.

 

♦ وأن القصة تقرر كذلك أن الذبيح هو إسحاق الذي التصق اسمه بلفظ «ابنك وحيدك»، وهنا يبرز عدد من الملاحظات نجملها في الآتي:

•عرفنا مما سبق أن إسماعيل يكبر أخاه إسحاق بأربعة عشر عامًا، وعلى ذلك يكون لإبراهيم ابن وحيد في احدى الحالتين الآتيتين:

الأولى: أن تكون قصة امتحان إبراهيم قد جرت حوادثها في فترة الأربعة عشر عامًا التي امتدت من بعد مولد إسماعيل حتى قرب مولد إسحاق، وفي هذه الحالة يكون الذبيح هو إسماعيل الابن الوحيد لإبراهيم، والذي لا بد وأن يحبه كل الحب.

 

الثانية: أن تكون حادثة الذبيح قد جرت لإسحاق بشرط وفاة أخيه الأكبر إسماعيل، وبذلك يكون إسحاق هو الابن الوحيد لإبراهيم.

 

لكنا نعلم أن إسماعيل عاش حياة طويلة بلغت 137 عامًا.

 

"وهذه سنو حياة إسماعيل مائة وسبع وثلاثون سنة"؛ تكوين 25: 17.

 

كذلك فان كلاًّ من إسماعيل وأخيه إسحاق قد حضرا وفاة والدهما إبراهيم واشتركا في دفنه:

«وأسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة..، ودفنه إسحاق وإسماعيل"؛ تكوين 25: 8 - 9.

 

وإذا تكون الحالة الثانية ممتنعة الحدوث، وتكون قصة الذبيح قد جرت حوادثها بعد أن وُلِد إسماعيل ونما، وصار أنيس أبيه، ولكن قبل مولد إسحاق.

 

• ولقد رزق إبراهيم بولده البكر إسماعيل بعد طول عناء وتردُّد مُحيرٍ بين اليأس والرجاء، وما دام الأمر كذلك، فمن الطبيعي أن يتعلق قلب إبراهيم بولده هذا الوحيد.

 

واذا أضفنا إلى ذلك ما كان من أمر إسماعيل نفسه؛ إذ إنه نشأ قوي البنية مقاتلاً ممتازًا، وصيادًا ماهرًا، فإن ذلك مما يزيد من حب أبيه إليه.

 

فلقد كانت بشارة الملاك لأمه قبل مولده أنه يكون إنسانًا وحشيًّا، يده على كل واحد، ويد كل واحد عليه؛ تكوين 16: 12.

 

وبعد أن كبر إسماعيل واشتد عوده، نجد الأسفار تقول فيه: وكان الله مع الغلام فكبر..، وكان ينمو راميَ قوسٍ؛ تكوين 21: 20.

 

كذلك فإنا نجد عدة مناسبات تُبين لنا مدى تعلُّق إبراهيم بابنه إسماعيل، وعلى سبيل المثال:

1- بعد ثلاثة عشر عامًا من مولد إسماعيل، ظهر الرب لإبراهيم يؤكد له العهد، ويجعل الختان له علامة، ويبارك إبراهيم والصالحين فقط من نسْله، ثم يُبشره بإسحاق وليدًا من سارة.

 

ولما كان إسماعيل شغل أبيه الشاغل، فقد اغتنم إبراهيم الفرصة، وأخذ يدعو الله أن يكلأ إسماعيل برعايته، فاستجاب له الله ووعده خيرًا في إسماعيل:

«وقال الله لإبراهيم ساراي امرأتك، أباركها وأعطيك أيضًا منها ابنًا، وقال إبراهيم: ليت إسماعيل يعيش أمامك، فقال الله: قد سمعت لك فيه؛ تكوين 17: 15 - 20.

 

2- وبعد أن ولدت سارة إسحاق، فإنها حرضت إبراهيم على طرد هاجر وابنها إسماعيل، ومع أن إبراهيم كان له آنذاك ولدان - إسماعيل وإسحاق - وكان يمكن أن يتعزى بولده إسحاق حين يفارقه إسماعيل، إلا أن كلام سارة أغضب إبراهيم كثيرًا، وساءه أشد الاستياء؛ لأنه كان موجهًا ضد مستقبل ابنه الذي يحبه إسماعيل.

 

«ورأت سارة ابن هاجر المصرية الذي ولدته لإبراهيم يمزح، فقالت: اطرد هذه الجارية وابنها؛ لأن ابن الجارية لا يرث مع ابني إسحاق، فقبح الكلام جدًّا في عيني إبراهيم لسبب ابنه؛ تكوين 21: 19 - 11.

 

3- يذكر «التلمود» شذرات عن حياة إسماعيل وعلاقته بأبيه، الذي كان يتردد على بيت ابنه في موطنه البعيد - بالجزيرة العربية - بين الحين والحين؛ ليطمئن عليه، ويُقوِّم أمر بيته حين يرى به عوجًا.

 

وفي هذا يقول التلمود: «لقد عاش إسماعيل مع أمه فترة من الزمن في برية فاران، ثم رحلا إلى مصر؛ حيث تزوج إسماعيل وانجب هناك أربعة أولاد وبنتا واحدة، لكنه سَرعان ما عاد إلى البرية موطنه المفضل؛ حيث بنى الخيام لنفسه ولعائلته وشعبه، فقد باركه الله وجعله مالكًا للكثير من قطعان الماشية والأغنام.

 

وحدث بعد عدة سنوات أن استسلم إبراهيم لرغبة كانت تتملكه دائمًا لزيارة ابنه إسماعيل، فأخبر سارة بذلك، ثم بدأ رحلته على جمل[1].

 

ولما وصل إلى مسكن ابنه إسماعيل وجده خارجًا يصطاد، ووجد زوجته التي لم تكن تعرف حماها فعاملته بجفاء، ورفضت تقديم الماء والطعام إليه، فقال لها إبراهيم:

«عندما يعود زوجك، صفى له مظهري ثم قولي له: جاءنا رجل عجوز من أرض الفلسطينيين، وهو يطلب منك أن تستبدل وتد خيمتك بآخر أصلح منه، ثم ركب إبراهيم دابته وانصرف، ولما عاد إسماعيل وقصت عليه زوجته الخبر، أيقن إسماعيل أن الزائر كان أباه إبراهيم، وأن زوجته لم تحسن معاملته، فطلقها وتزوَّج بأخرى».

 

ويذكر التلمود أن القصة تكررت ثانية بعد نحو ثلاث سنوات، ولكن في تلك المرة كانت زوجة إسماعيل الجديدة كريمة مع حماها، ولما رجع إسماعيل إلى بيته وعلم ما حدث، سُرَّ كثيرًا بزوجته، ثم «أخذ زوجته وعائلته وسافر لزيارة والده، وبقوا معه هناك في أرض فلسطين عدة أيام»[2].

 

ولا شك أن القصة على هذا النحو تعطي دلالات هامة منها:

• أن إبراهيم كان شديد التعلق بابنه إسماعيل، رغم استقرار حياته مع سارة وابنها إسحاق، وكان إسماعيل هو الابن المقرب إلى قلب أبيه.

 

• كذلك نعلم أن موطن إسماعيل كان بعيدًا عن أرض الفلسطينيين؛ بحيث لو ظهر فيه رجل منهم لكان غريبًا، ولقد كان ذلك الموطن في الصحراء العربية المجاورة لفلسطين؛ حيث الجمل هو وسيلة الانتقال الرئيسية.

 

وكل هذا يتفق تمامًا مع ما تذكره المراجع العربية من هجرة إسماعيل إلى الحجاز واستقراره هناك، ثم دوام الصلة بينه وبين أبيه حتى أواخر أيامه.

 

من كل ذلك يتضح أن إسماعيل كان هو الشخص الوحيد الذي يمكن أن يخاطب فيه إبراهيم، فيقال له: «ابنك وحيدك الذي تحبه».

 

ولا شك أن رغبة سارة في حرمان إسماعيل من حقوقه الطبيعية في أبيه إبراهيم، إنما هو أمر يرفضه ذو الضمائر السليمة وأولهم إبراهيم، كما ترفضه شريعة الرب التي جاء بها موسى لبني إسرائيل فيما بعد، والتي تقول:

«إذا كان للرجل امرأتان أحدهما محبوبة وأخرى مكروهة، فولدتا له بنين - المحبوبة والمكروهة - فإن كان الابن البكر للمكروهة، فيوم يقسم لبنية ما كان له، لا يحق له أن يقدم ابن المحبوبة بكرًا على ابن المكروهة البكر، بل يعرف ابن المكروهة بكرًا؛ ليعطيه نصيب اثنين من كل ما يوجد عنده؛ لأنه أول قدرته له حق البكورية؛ تثنية 21: 15 - 17.

 

فلو تصورنا جدلاً أن سارة كانت هي الزوجة المحبوبة، بينما كانت هاجر هي المكروهة، لفاز مع ذلك إسماعيل بكر إبراهيم من هاجر بالنصيب الأوفى في كل ما يتعلق بابيه.

 

كذلك فإن يعقوب قد تزوج الاختين ليئة وراحيل، كما تزوج - بطريقة تناظر تمامًا ما حدث لإبراهيم - جاريتهما زلفة وبلهة، وكما أنجب يعقوب من الأختين، فإنه أنجب كذلك من الجاريتين، ومن هؤلاء النسوة الأربع جاء بنو إسرائيل؛ ليشتركوا جميعًا في بناء الكِيان الإسرائيلي:

«فلما رأت راحيل أنها لم تلد ليعقوب، أعطته بلهة جاريتها زوجة، فدخل عليها يعقوب، فحبلت بلهة، وولدت ليعقوب ابنًا دعت اسمه دانا، وولدت ابنا ثانيًا ليعقوب دعت اسمه نفتالي.

 

ولما رأت ليئة أنها توقفت عن الولادة أخذت زلفة جاريتها وأعطتها ليعقوب زوجة، فولدت زلفة ليعقوب ابنًا، دعت اسمه جادًا، وولدت ابنًا ثانيًا ليعقوب، ودعت اسمه أشير؛ تكوين 30: 1 - 13.

 

وعلى ذلك فإن أي محاولة لحصر ميراث إبراهيم - الروحي والمادي - في ولده إسحاق وذريته مع تجريد إسماعيل وبنيه من ذلك الميراث، إنما هو تعصُّب ممقوت من صنع البشر، وافتراء على ما في الأسفار المقدسة من نصوص ومعاني.

 

4 - تطالعنا بعض الفقرات التي تحكي بشارات سبقت مولد كل من إسماعيل وإسحاق، وبدراسة هذه الفقرات نجد أنها تنبئ بما يمكن أن يحدث للأخوين في مستقبل حياتهما، فبالنسبة لإسماعيل نجد ملاك الرب قد بشر هاجر أثناء حملها بوليدها المنتظر:

«وقال لها ملاك الرب: تكثيرًا أكثر نسلك، فلا يعد من الكثرة، وقال لها ملاك الرب: ها أنت حبلى وتلدين ابنًا، وتدعين اسمه إسماعيل؛ لأن الرب قد سمع لمذلتك، وأمام جميع أخوته يسكن؛ تكوين 16.

 

ونلاحظ هنا أن البشرى لم تذكر شيئًا عن ذرية لإسماعيل في المستقبل، بل تكلمت عن نسل لهاجر وإخوة لإسماعيل، وما دامت هاجر قد حملت من إبراهيم بوليدها البكر إسماعيل، فإنها يمكن أن تحمل منه ذرية أخرى يتكاثر منها نسل هاجر.

 

ولا يوجد في تلك البشرى ما يمنع حدوث مكروه لإسماعيل - مثل: موته أو قتله - قبل أن يكبر وتكون له ذرية.

 

فلو حدث بعد مولد إسماعيل أن جاء الوحي لإبراهيم يأمره بذبح ابنه هذا، ما كان هناك تناقضًا بين ما أخبرت به السماء قبل مولد إسماعيل وبعد مولده، وليس إمام إبراهيم آنذاك إلا الرضا بأمر الله والشروع في تنفيذه دون تردد، وذلك ما حدث فعلاً من إبراهيم.

 

أما بالنسبة لإسحاق، فإنا نجد أن البشرى التي تلقاها إبراهيم قبل مولد هذا الابن بعام، قد بشرته كذلك بذرية لإسحاق ينجبهم فيما بعد:

«قال الله: سارة امرأتك تلد لك ابنًا، وتدعو اسمه إسحاق، وأقيم عهدي معه عهدًا أبديًّا لنسله من بعده، عهدي أُقيمه مع إسحاق الذي تلده لك سارة في هذا الوقت في السنة الآتية؛ تكوين 17: 190 - 21.

 

فكيف إذا ينبئ وحي السماء إبراهيم بذرية لإسحاق - قبل مولده - ويقام معها عهد الله، ثم يعود وحي السماء؛ ليطلب من إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق، وهو لا زال بعد صبيًّا لم يتزوج وينجب ذرية.

 

ولو حدث ذلك الموقف؛ لتشكك إبراهيم في ذلك الذي يأتيه بخبر السماء؛ لما يبدو من التناقض الواضح، ولتردد إبراهيم في التنفيذ، خاصة وأن الأمر يتعلق بموت ابنه وحيده، وكيف؟ قتلاً بيد الوالد إبراهيم.

 

حاشا أن تناقَض وحي السماء، إنما يأتي التناقض حين تتدخل شهوات البشر، والحق الذي نراه واضحًا من خلال دراستنا لأسفار العهد القديم، يجعلنا نقطع بأن الذبيح هو إسماعيل بن إبراهيم.

 

فلقد كان هو الابن البكر الوحيد آنذاك لإبراهيم، ولما نما واشتد عوده قبل أن يبلغ الرابعة عشرة من عمره، امتحن الله به أباه إبراهيم.

 

ولقد كانت رحمة الله مع إبراهيم وإسماعيل، فاجتازا تلك التجربة الشاقة بسلام، وحين ظهر الرب لإبراهيم وكان عمره 99 عامًا، ودعا الله من أجل ولده إسماعيل، وقال:

«ليت إسماعيل يعيش أمامك»، فاستجاب له الله وقال له: «قد سمعت لك فيه، ها أنا أباركه وأثمره، وأكثره كثيرًا جدًّا، اثنى عشر رئيسًا يلد، وأجعله أُمة كبيرة؛ تكوين 17: 18، 20.

 

وجدير بالذكر أن نسخة الملك جيمس الإنجليزية من الكتاب المقدس تصف ذرية إسماعيل في هذه الفقرة بأنها ستكون:

«أمة عظيمة - a great nation»

وفرق كبير بين الأمة العظيمة والأمة الكبيرة؛ إذ إن كل الأمم ترجو أن تكون عظيمة بصرف النظر عما وراء ذلك من كثرة أو قلة.

 

• وإذا اعتبرنا الكشف عن حقيقة الذبيح من الأمور الهامة التي اضطررنا إلى مناقشتها بشيء من الإسهاب، فلا شك أن الأهم من ذلك، وهو ما دعانا لهذه المناقشة، هو معرفة الاتجاه الذي اختطه لأنفسهم كَتَبَةُ الأسفار من الإسرائيليين، حين قرروا حصر تركة إبراهيم وكل ما يتعلق بها من تراث مادي وروحي في ذرية يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم، ثم طرد كل من سواهم من ذرية إبراهيم؛ حتى لا يكون لهم شرف القسمة في بيت إبراهيم خليل الله.

 

ونستطيع الآن أن نقطع يقينًا بأن كلمة «إسحاق» قد أُضيفت عقب «ابنك وحيدك»، وذلك بمراجعة التلمود الذي يذكر هذه الفقرة خالية من كلمة إسحاق، وهي تقرأ هكذا:

«And the word of the Lord came unto Abraham، saying: Take now thy son whom thou Lovest، and offer him for a burnt-offering upon one of the mountains which I will tell thee of».

 

ويمكن ترجمتها كالآتي:

وكان كلام الرب إلى إبراهيم: «والآن خذ ابنك وحيدك الذي تحبه وأصعده محرقة على أحد الجبال الذي أقول لك»[3].

 

وليس عجيبًا إذًا أن يضيف الكتبة الإسرائيليون كلمة «إسحاق» إلى الكلمات:

«ابنك وحيدك الذي تحبه»؛ كي يستقر في الأذهان أن الذبيح هو إسحاق، فلقد كانت تلك عادتهم التي مارسوها؛ كما قرر ذلك العلماء ومنهم أولبريت حين قال:

«إن الميل الذي كان سائدًا بين الكتبة ومصنفي الكتب في الشرق القديم - للإضافة بدلاً من الحذف - قد أثر تأثيرًا مباشرًا على أعمال العلماء الأقدمين الذين أخرجوا لنا التوراة، ومما يجدر ذكره في هذا المقام ما أخبرني به صديق الراحل العالم وينر الذي كان حجة زمانه في معرفة مصادر توراة موسى؛ إذ قال: إنه يعتقد أن ما لا يزيد عن ثلث الشريعة المنسوبة لموسى هو ما جاء به فعلاً، وأما الثلثان الآخران، فقد تكونا نتيجة للشروح والحواشي التي أُضيفت أخيرًا»[4].

 

وقد يعجب القارئ لذلك، ولعل عجبه يزول حين يقرأ ما تقوله أسفار العهد القديم في وصف أولئك الكَتَبَة:

«كيف تقولون: نحن حكماء وشريعة الرب معنا، إنه إلى الكذب حولها قلم الكتبة الكاذب؛ أرميا 8: ».

 

آه من قلم الكتبة الكاذب، كم طمَس من الحق! وكم أضاف! وكم حذَف!



[1] من المهم أن نذكر النص الإنجليزي لهذه الفقرة نقلاً عن الترجمة الإنجليزية للتلمود, للكاتب اليهودي بولانو, وهو كالآتي:

Abraham, yielding to a longing which bad always possessd him, determined to visit his son, and informing Sarah of his intention he started off alone, upon a camel.

المرجع رقم 18 ص 53, 54 ... H. Polano: THE TALMUD

[2] المرجع 18 ص 54.

[3] المرجع 18 - ص 54.

[4] W.F. Albright: FROM THE STONE AGE TO CHRISTIANITY.

ص 80 - المرجع رقم (20).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من هو الذبيح؟ الحكم بعد المداولة
  • التسمية على الذبيحة
  • تحريف نصوص الأسفار
  • نظرات في قصة الذبيح
  • الإسفار عن مهمات الأسفار
  • قصة الذبيح دروس وعبر (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • وقفة مع الباحثين عن الحقيقة(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • معنى العلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الألمانية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الحقيقة وإحياء حقيقة الصدق - باللغة الإنجليزية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشرق والغرب: منطلقات العلاقات ومحدداتها (الحقائق)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • دروس منتقاة من سورة الحجرات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عيسى ابن مريم عليه السلام (6) حقيقة النهاية للمسيح(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • رسالة في بيان حقيقة الربا لابن كمال باشا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من مذكرات ابن أبي ربيعة: الحقيقة المؤمنة(مقالة - حضارة الكلمة)
  • شرح رسالة حقيقة الصيام لشيخ الإسلام ابن تيمية(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب