• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

حسن الخاتمة

عبدالله بن عبده نعمان العواضي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/5/2014 ميلادي - 26/7/1435 هجري

الزيارات: 120327

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حسن الخاتمة [1]


الحمد لله أول الأمر وآخره، وباطنه وظاهره، أحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزِنة عرشه، ومدادَ كلماته، وأشهد أن لا إله إلا الله الحي القيوم، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الرسول المأمون، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران102].

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً ﴾ [النساء1].

 

﴿ يَآ أَيَّهَا الَّذِينَ آَمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَ قُولُواْ قَولاً سَدِيداً * يُصلِحْ لَكُم أَعْمَالَكُم وَ يَغْفِرْ لِكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَ مَن يُطِعِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزَاً عَظِيمَاً ﴾ [ الأحزاب70-71].

 

أما بعد:

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي رسوله محمد بن عبد الله، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

أيها المسلمون، إن الله تعالى جعل لكل إنسان عمراً واحداً من عمر هذا الزمن الدنيوي، وأبهم عنه مقدار نصيبه من هذه الحياة الموقوتة؛ ولهذا يظل المسلم اليقظ دائمَ الانتباه، حاضر الاستعداد لملاقاة أجله، واستيفاء عمره على هذه الدنيا فيما ينفعه حين رجوعه إلى ربه.

 

هذا الحس الساهر يبعده عن سِنة الغفلة، ونعاس الفتور، والقعود عن التهيؤ ليوم المعاد؛ فيكون عند ذلك من المسارعين على الصراط المستقيم، فإذا بقي هذا الشعور حياً ساق صاحبه إلى حسن الخاتمة.

 

عباد الله، إن الحديث عن الخاتمة حديث تشرئب إليه الأعناق المؤمنة، وتقف له القلوب الحية؛ لأنه حديث عن النهاية، وحديث عن المرحلة الأخيرة من سفر الدنيا، وحديث عن الحال التي سيقابل بها كل إنسان ربه، فهي الصفحة الأخيرة من دفتر الحياة، وعليها ختم السعادة أو الشقاوة.

 

فلأجلها بقيت سبل الخير آهلة بالعاملين، وظل المؤمن قريباً من ربه يتقرب إليه، ويتضرع بين يديه، ولأجلها شمّر المشمرون، وجدّ العابدون.

 

ولأجلها حلّق المؤمنون في آفاق العمر على جناحي الخوف والرجاء: يرجون رحمة الله وفضله، ويخافون عقوبته وتحويل القلوب عنه.

 

فكم ذرفت لها من دموع، وهجرت جنوبٌ النومَ واللذائذ والهجوع.

 

كان سفيان الثوري رحمه الله يبكي فيشفق عليه أهله وقالوا: أتبكي الذنوب؟ فقال: الذنوب أهون علي من هذه، وأشار إلى تبنة بيده، إنما أخاف سوء الخاتمة، قال تعالى: ﴿ وَمَن يَرْتَدِدْ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُوْلَـئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة217].

 

أيها الناس، إن الناظر إلى حال بعض الناس ليرى الغفلة المطبقة عن الاهتمام بالخاتمة الحسنة، فهناك لهو ولعب، وتضييع وهجران لأعمال الآخرة، مع جد ونصب وحرص على أعمال الدنيا وملهياتها.

 

والمستقبل الذي يفكرون به: بلوغ الأماني والآمال الدنيوية فحسب. أو كما قال القائل:

إنما الدنيا طعام... وهيام ومُدام

فإذا فاتك هذا... فعلى الدنيا السلام!

 

ولهذا تأتي خاتمة الغافلين لتكشف عن سجل حياتهم، وتلّخص رحلة عمرهم، وتبدي للناس ما يشغل بالهم ويسيطر على تفكيرهم، وتعلن عن أعظم اهتماماتهم في مسيرة عمرهم.

 

فهذا يختم كتاب عمره بمعصية ليبعث عليها يوم القيامة، وذاك ينهي عمره بالحديث عما شغله في الدنيا عن الآخرة من مال أو جاه أو عقار أو نحو ذلك.

 

والآخر يودع الحياة والأحياء صامتاً لم يستطع أن يقول: لا إله إلا الله، ويستطيع قول غيرها من الكلام.

 

فشتان بين هؤلاء وبين المستعدين للآخرة طول حياتهم، فإذا جاءهم الموت خُتم لهم بخير، فمِن ميتٍ يموت على عمل صالح، ومن يقول الشهادة عند الاحتضار وتكون آخر كلامه من الدنيا، ومن يجيئه الموت على أثر طاعة أنجزها فتكون آخر عهده من الدنيا.

 

مات أبو ثعلبة الخشني ومجاهد بن جبر وهما ساجدان لله تعالى، وعبد الرحمن بن أبان بن عثمان يخرج من بيته إلى المسجد فيصلي الضحى وتقبض روحه في المسجد، ويحيى بن عمار يموت وهو يفسر سورة القيامة، وأبو زرعة المحدِّث يفارق الدنيا وهو يسرد سند حديث، وعبد الحميد كشك الذي أحب يوم الجمعة اغتسل في آخر جمعة له في الدنيا وتطيّب وتهيأ للذهاب إلى المسجد فصلى ركعتين وفي الركعة الثانية قبضت روحه، رحمة الله عليهم أجمعين.

 

قال تعالى: ﴿ يُثَبِّتُ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللّهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللّهُ مَا يَشَاءُ ﴾ [إبراهيم27].

 

أيها المسلمون، إن الصالحين من عباد الله ينظرون إلى الخاتمة بعين الاهتمام والاعتناء؛ خشية أن يتخبطهم الشيطان في أعقاب أيامهم، وقبيل غروب شمس حياتهم. فيظلون عاملين خائفين؛ فالقلوب بيد علام الغيوب يقلبها كيف يشاء، والنفوس أمارة بالسوء تتربص بالإنسان دوائر الشر، وفتن الشبهات والشهوات كثيرة تقف على كل طريق، والناجون قليل والهالكون كثر.

 

عن شهر بن حوشب قال: قلت لأم سلمة: يا أم المؤمنين، ما كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كان عندك؟ قالت: كان أكثر دعائه: يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك، قالت: قلت: يا رسول الله، ما أكثر دعاءك: يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك! قال: (يا أم سلمة، إنه ليس آدمي إلا وقلبه بين أصبعين من أصابع الله، فمن شاء أقام، ومن شاء أزاغ)، فتلا معاذ: ﴿ رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا ﴾ [آل عمران: 8] [2].

 

عباد الله، إنما يخشى أهل الإيمان عمل الخاتمة؛ لأنه من مات على شيء بعث عليه، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيما روى أحمد والحاكم.

 

وكما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضاً: (وإنما الأعمال بالخواتيم) [3].

قال ابن رجب رحمه الله: أي: "صلاحها وفسادها، وقبولها وعدمه بحسب الخاتمة".

 

وقصَتْ رجلاً راحلتُه -وهو مع رسول الله صلى الله عليه و سلم- (فأمرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يغسلوه بماء و سدر، وأن يكشفوا وجهه ورأسه؛ فإنه يبعث يوم القيامة وهو يُهل) [4].

 

ولهذا كان رسول الله عليه الصلاة والسلام يدعو فيقول: (اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة) [5].

 

أيها المسلمون، من أراد حسن الخاتمة، وطيَّ آخر صفحة من صحيفة العمر ليلقى ربه سعيداً فليكن صافي العقيدة، خالص النية، صالح القلب.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة، ومن مات يشرك بالله شيئاً دخل النار) [6].

 

ومن أراد حسن الخاتمة فليداوم على الأعمال الصالحة، وليقلع عن الأعمال السيئة، فإن جاءه الموت أتاه على خير حال، وانتقل إلى ربه أحسن انتقال.

 

قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران102].

 

والمعنى: داوموا على الإسلام حتى الموت تُقبضوا عليه.

ومن الأعمال: الصلوات الخمس، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: ( من صلى البردين دخل الجنة) [7]. ومعنى ذلك: أن من حافظ على صلاتي الفجر والعصر فهو لبقية الصلوات أحفظ، ومن حافظ على الصلوات كلها رُزق حسن الخاتمة، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (إن أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وإن فسدت فقد خاب وخسر) [8].

 

ومن أراد حسن الخاتمة فليكثر من الدعاء بالثبات على دين الله، والدعاء بحسن الخاتمة.

 

مثل قوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ ﴾ [آل عمران8].

 

ومثل قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك) [9].

 

كان عامر بن ثابت بن عبد الله بن الزبير إذا صلى رفع يديه قائلاً: "اللهم أسألك المِيتة الحسنة، فقال أبناؤه: وما هي المِيتة الحسنة؟ قال: أن يتوفاني وأنا ساجد، فقام وصلى فقبض الله روحه وهو ساجد. رحمه الله.

 

معشر المسلمين، هناك الكثير من المسلمين يرجون حسن الخاتمة، ويدعون بذلك، ولكن كيف يرجو حسن الخاتمة من هو منهمك في الخطايا، بل ويجاهر بها ويدعو إليها؟!

 

إن الاستمرار على الذنوب والإدمان عليها يحول بين المسلم وبين حسن الخاتمة.

 

فالمعصية قد تخون صاحبها وتحضره في أحلك الظروف وأشد المواقف، ولا أضرَّ على العبد من حضورها حين مغادرة الحياة الدنيا إلى الآخرة.

 

ولا يعني هذا أن الإنسان يصبح من المعصومين من الذنب، إنما المراد أن يجاهد نفسه عن قربانه فإذا وقع فليسارع بالتوبة النصوح.

 

وكيف يرجو حسن الخاتمة من طال أمله وساء عمله، وهو يمنِّي نفسه بالعمل الصالح، والأوبة إلى الله من العمل السيء عندما يشيب، أو يترك الوظيفة، أو يتزوج، أو يرجع إلى وطنه. فمن يضمن للإنسان أن يصل إلى هذه الأماني؛ فإن المنية كثيراً ما تسبق الأمنية.

 

والتسويف وطول الأمل يفسد على المسلم دينه في الحاضر والمستقبل.

 

وكيف يرجو حسن الخاتمة -يا عباد الله- من يتكل على رحمة الله دون أن يعمل ويقول: الله غفور رحيم، وينسى أن عذابه هو العذاب الأليم!.

 

وينسى كذلك أن رحمته لا ينالها إلا أهل طاعته، كما قال تعالى: ﴿ وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَـاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [الأعراف: 156].

 

قال بعض الصالحين: " رجاؤك مَن لا تطيعه من الخذلان والحمق!".

 

وكيف يرجو حسن الخاتمة مَن لا يحب الصلاح والصالحين، وإنما يحب الفساد والمفسدين؛ لأن أحباب الإنسان قد يأتون حبيبهم عند الموت، فأصدقاء الطاعة يذكرونه بالآخرة، وبكلمة التوحيد، وبسعة رحمة الله تعالى، وبأعماله الصالحة التي كان يعملها؛ لعله يعظم رجاؤه بها، ويدعون له بالتثبيت.

 

دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على شاب وهو في الموت فقال: (كيف تجدك)؟ قال: والله! يا رسول الله، إني أرجو الله، وإني أخاف ذنوبي، فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (لا يجتمعان في قلب عبد في مثل هذا الموطن إلا أعطاه الله ما يرجو، وآمنه مما يخاف) [10].

 

أما أصدقاء المعصية، فإن حضروا عند رفيقهم فإنما يذكرونه بالدنيا، وبمعصية الله تعالى، ولا ينفعونه بل قد يضرونه في هذا الموقف العصيب.

 

عن سعيد بن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاةُ دخل عليه النبي صلى الله عليه وسلم -وعنده أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية- فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أي عم، قل: لا إله إلا الله، أحاج لك بها عند الله)، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية: يا أبا طالب، أترغب عن ملة عبد المطلب؟! حتى قال أبو طالب آخر ما كلمهم: هو على ملة عبدالمطلب، وأبي أن يقول: لا إله إلا الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لأستغفرن لك ما لم أنه عنك) فنزلت ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ﴾ [التوبة: 113][11].

 

نسأل الله حسن الخاتمة، وحسن المنقلب، وكرم نُزل الرب الكريم.

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خير النبيين، وسيد الأولين والآخرين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أيها المسلمون، إن هناك علامات تحدث عند موت بعض المسلمين، ينكشف بها حسن قدوم تلك النفس على ربها تبارك وتعالى، جعلت تلك الأمارات مرائي ناصعة للميت وللأحياء يرون من خلالها حسن المصير والمنقلب إن شاء الله تعالى.

 

فمن تلك العلامات التي تدل على حسن الختام: أن يقول الإنسان عند موته: لا إله إلا الله، فإذا نطق بها بنفسه، أو سمعها من الحاضرين فقالها ومات عليها -ولو طال الوقت من قولها حتى خرجت الروح- فقد حسنت خاتمته.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله وجبت له الجنة) [12].

 

وهذه الكلمة -عباد الله- لا تحضر على فم الإنسان وعقله في ذلك الموقف الرهيب إلا إذا كان يعمل بها في حياته، فإذا كان بعيداً عنها فلن يستطيع أن يقولها.

 

كما قال ذلك الرجل المحتضر -حينما قيل له: قل: لا إله إلا الله- فقال إنه يستطيع أن يقول كل كلمة إلا هذه الكلمة. والسبب أنه لم يعش لأجلها.

 

ومن العلامات المبشرة: أن يموت الإنسان غازياً أو مرابطاً في سبيل الله تعالى، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].

 

ومن العلامات: أن يكون صالحاً فمات ليلة الجمعة أو يوم الجمعة.

 

قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلا وقاه الله فتنة القبر) [13].

 

أما إذا كان غير صالح فلا بشارة له بذلك، إذا مات ليلة الجمعة أو يومها.

 

ومن العلامات: الموت بعرق الجبين، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم: (المؤمن يموت بعرق الجبين) [14].

 

عباد الله، من البشارات عند الموت: أن يقتل المسلم دفاعاً عن الدين أو النفس أو المال أو العرض.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد، ومن قتل دون دينه، فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد) [15].

 

ومن العلامات أيضاً: موت المسلم صابراً على مرض من الأمراض كالطاعون، وداء البطن، أو السل، أو الموت بحرق أو غرق أو هدم، وموت المرأة في نفاسها.

 

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الشهداء خمسة: المطعون، والمبطون، والغرق، وصاحب الهدم، والشهيد في سبيل الله عز وجل) [16].

 

وفي رواية: (وصاحب ذات الجَنْب شهيد، وصاحب الحَرق شهيد، والمرأة تموت بجُمْع شهيدة) [17][18].

 

عباد الله، ينبغي أن نعلم أن المسلم إذا مات على إحدى هذه العلامات فلا يصح أن يُجزم بأنه من أهل الجنة قطعاً وجزماً، ولكن يُرجى له ذلك، والمسلم يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر.

 

وكذلك إذا تخلفت هذه العلامات عند موت مسلم لا يعد ذلك علامةَ خسران وحكماً بالنار.

 

فالعلامة المميزة في الحقيقة هي سيرة الإنسان في حياته، وعمله في عمره.

 

فالاستقامة مع الإخلاص وحدها علامة من علامات حسن الخاتمة، وإن لم يحصل لصاحبها واحدة من العلامات المذكورة.

 

فيا أيها المسلمون، لنجعل شغلنا الشاغل، وهمنا الأكبر إحسان القدوم على الله تعالى، بملازمة الطاعات بدون تأجيل، وهجر المعاصي من غير تسويف للتوبة منها.

 

ولنكن مخلصين في أقوالنا وأعمالنا؛ لأن النفاق والرياء قد يكونان سببين من أسباب سوء الخاتمة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة فيما يبدو للناس، وإنه من أهل النار. ويعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وهو من أهل الجنة) [19].

 

وعندنا تذكير يومي بالخاتمة -لو عقلناه- وهومن علامات حسن الخاتمة، وهو أن نقول صباحاً ومساء دعاء سيد الاستغفار، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (سيد الاستغفار: اللهم، أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني، وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أبوء لك بنعمتك وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، أعوذ بك من شر ما صنعت). قال: من قالها من النهار موقناً بها فمات من يومه قبل أن يمسي فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل -وهو موقن بها فمات قبل أن يصبح- فهو من أهل الجنة. [20].

 

وعلينا أن نعي هذه الحكمة: من عاش لشيء مات عليه، ومن مات على شيء بعث عليه.

 

فاللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها، و أجرنا من خزي الدنيا و عذاب الآخرة، وثبت اللهم على دينك قلوبنا، وعلى صراطك أقدامنا، واختم بالصالحات أعمالنا، يا سميع الدعاء.

 

هذا وصلوا وسلموا على البشير النذير...



[1] ألقيت في مسجد ابن الأمير الصنعاني، صنعاء. في 13/5/1433هـ، 5/3/2012م.

[2] رواه الترمذي، وهو صحيح.

[3] رواه البخاري.

[4] رواه مسلم.

[5] رواه أحمد وابن حبان والطبراني والحاكم، وهو حسن.

[6] متفق عليه.

[7] متفق عليه.

[8] رواه أصحاب السنن، وهو حسن.

[9] رواه البخاري في الأدب المفرد وابن حبان والحاكم، وهو صحيح.

[10] رواه الترمذي والنسائي وغيرهما، وهو حسن.

[11] متفق عليه.

[12] رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وهو صحيح.

[13] رواه أحمد والترمذي، وهو حسن.

[14] رواه أحمد والترمذي والنسائي، وهو صحيح.

[15] رواه أهل السنن، وهو صحيح.

[16] متفق عليه.

[17] رواه النسائي، وهو صحيح.

[18] (تموت بجمع) أي: المرأة تموت من الولادة وولدها في بطنها قد تم خَلْقه. وقيل: إذا ماتت من النفاس فهو شهيد، سواء ألقت ولدها وماتت، أو ماتت وهو في بطنها. ينظر: شرح صحيح البخاري، لابن بطال (5/ 43).

[19] متفق عليه.

[20] رواه البخاري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (1)
  • علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (2)
  • علامات حسن الخاتمة التي تظهر للناس (3)
  • حسن الخاتمة (خطبة)
  • {توفني مسلما وألحقني بالصالحين}
  • صور من حسن الخاتمة
  • خطبة مختصرة عن أسباب حسن الخاتمة (خطبة)
  • من صور حسن الخاتمة
  • حسن الخاتمة

مختارات من الشبكة

  • من فضل القرض الحسن: القرض الحسن كعتق رقبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفتاح العلم: حسن السؤال وحسن الإصغاء (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأرزاق والأعمار وعمران الديار تزيد بصلة الأرحام وحسن الأخلاق وحسن الجوار (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا ...)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة الشيخ حسن حسن الجريسي للشيخ عواد علي الحفناوي (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وخالق الناس بخلق حسن (محاسن الأخلاق)(مادة مرئية - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسند الصحيح الحسن في مآثر مولانا الحسن(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة ديوان أبي الحسن علي بن الحسن الباخرزي(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • القول الحسن والكلم الطيب وحسن عواقبها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • مره بحسن الطلب ومرني بحسن القضاء(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب