• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    أحكام المغالبات
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    تفسير: (ذلك جزيناهم بما كفروا وهل نجازي إلا ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: الاستطابة
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    ثمرات الإيمان بالقدر
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مسائل فقهية متعلقة بكفارة اليمين من كتاب المبسوط للسرخسي

إيمان بنت محمد القثامي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/4/2014 ميلادي - 28/6/1435 هجري

الزيارات: 33757

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مسائل فقهية متعلقة بكفارة اليمين

[بَابُ الْإِطْعَامِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ]

من كتاب المبسوط للسرخسي

 

المسألة الأولى:

الترضي عن غير الصحابة محل نزاع، قال النووي (يُستحبّ الترضّي والترحّم على الصحابة والتابعين فمن بعدهم من العلماء والعبَّاد وسائر الأخيار، فيقال: رضي الله عنه، أو رحمه الله، ونحو ذلك، وأما ما قاله بعضُ العلماء: إن قوله: رضي الله عنه مخصوص بالصحابة، ويُقال في غيرهم: رحمه الله فقط، فليس كما قال، ولا يوافق عليه، بل الصحيح الذي عليه الجمهور استحبابه، ودلائله أكثر من أن تُحصر). الأذكار ت الأرنؤوط (ص: 118).

 

المسألة الثانية:

مسألة الحلف بالله مختارًا:

عند المالكية: جواز الحلف بالله مختارًا

قال القرافي: عَقْدَ الْيَمِينِ لَا إِثْمَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْحِنْثِ. الذخيرة للقرافي (4 / 62).

 

عند الشافعية: كراهة الحلف من غير ضرورة.

 

يقول الماوردي: وَفِي تَشْدِيدِ قَوْلِهِ ﴿ عَقَّدْتُمْ ﴾ تَأْوِيلَانِ:

أَحَدُهُمَا: تَغْلِيظُ الْمَأْثَمِ بِتَكْرَارِهَا.

 

وَالثَّانِي: إِنَّ تِكْرَارَهَا فِي الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ إِذَا كَانَ وَاحِدًا لَمْ يَلْزَمْ فِيهِ إِلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. الحاوي الكبير (15 / 253).

 

عند الحنابلة: الجواز مع التفصيل.

 

وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ فِي الْجُمْلَةِ إجْمَاعًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ ﴾ [المائدة: 89] وَحَدِيثِ «إذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ ثُمَّ رَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. شرح منتهى الإرادات (3 / 437).

 

(وَيُبَاحُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مُبَاحٍ أَوْ تَرْكِهِ) كَأَكْلِ سَمَكٍ أَوْ تَرْكِهِ (وَيُكْرَهُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ) كَأَكْلِ بَصَلٍ وَثُومٍ نِيءٍ (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مَنْدُوبٍ) كَصَلَاةِ الضُّحَى (وَيَحْرُمُ) الْحَلِفُ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ) كَشُرْبِ خَمْرٍ (أَوْ) عَلَى (تَرْكِ وَاجِبٍ) كَنَفَقَةٍ عَلَى نَحْوِ زَوْجَةٍ (أَوْ) يَحْلِفُ (كَاذِبًا عَالِمًا) بِكَذِبِهِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْيَمِينَ تَعْتَرِيهِ الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ وَكَذَا الْحِنْثُ فِيهِ وَالْبَرُّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِ (وَمَنْ حَلَفَ عَلَى فِعْلِ مَكْرُوهٍ أَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ مَنْدُوبٍ سُنَّ حِنْثُهُ وَكُرِهَ بَرُّهُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بِرِّهِ مِنْ تَرْكِ الْمَنْدُوبِ قَادِرًا.

 

(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ مَنْدُوبٍ أَوْ تَرْكِ مَكْرُوهٍ كُرِهَ حِنْثُهُ وَسُنَّ بِرُّهُ) لِمَا يَتَرَتَّبُ عَلَى بِرِّهِ مِنْ الثَّوَابِ بِفِعْلِ الْمَنْدُوبِ وَتَرْكِ الْمَكْرُوهِ امْتِثَالًا.

 

(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ وَاجِبٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ مُحَرَّمٍ حُرِّمَ حِنْثُهُ) لِمَا فِيهِ مِنْ تَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ (وَوَجَبَ بِرُّهُ) لِمَا مَرَّ.

 

(وَ) مَنْ حَلَفَ (عَلَى فِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ) عَلَى (تَرْكِ وَاجِبٍ وَجَبَ حِنْثُهُ) لِئَلَّا يَأْثَمَ بِتَرْكِ الْوَاجِبِ أَوْ فِعْلِ الْمُحَرَّمِ (وَحُرِّمَ بِرُّهُ) لِمَا سَبَقَ.

 

(وَيُخَيَّرُ) مَنْ حَلَفَ (فِي مُبَاحٍ) لِيَفْعَلَنَّهُ أَوْ لَا يَفْعَلُهُ بَيْنَ حِنْثِهِ وَبِرِّهِ (وَحِفْظُهَا فِيهِ أَوْلَى) مِنْ حِنْثِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ ﴾ [المائدة: 89] (كَافْتِدَاءِ مُحِقٍّ) فِي دَعْوَى عَلَيْهِ (لِيَمِينٍ) (وَاجِبَةٍ) أَيْ: وَجَبَتْ (عَلَيْهِ عِنْدَ حَاكِمٍ) فَافْتِدَاؤُهُ أَوْلَى مِنْ حَلِفِهِ لِفِعْلِ عُثْمَانَ وَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ؟ فَقَالَ: خِفْت أَنْ يُوَافِقَ قَدَرُ بَلَاءٍ فَيُقَالُ: يَمِينُ عُثْمَانَ.

 

(وَيُبَاحُ) الْحَلِفُ لِمُحِقٍّ (عِنْدَ غَيْرِهِ) أَيْ الْحَاكِمِ قَالَ فِي الْفُرُوعِ: وَيَتَوَجَّهُ فِيهِ يُسْتَحَبُّ لِمَصْلَحَةٍ كَزِيَادَةِ طُمَأْنِينَةٍ وَتَوْكِيدِ الْأَمْرِ وَغَيْرِهِ وَمِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَرَ عَنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ " وَاَللَّهِ مَا صَلَّيْتُهَا " تَطْمِينًا مِنْهُ لِقَلْبِهِ.

شرح منتهى الإرادات (3 / 442)


المسألة الثالثة:

مسألة: تقديم الكفارة على الحنث: وهل الكفارة قبل الحنث أفضل أو بعده؟

المالكية والشافعية: الكفارة بعد الحنث أفضل لما فيه من الخروج من الخلاف، وحصول اليقين ببراءة الذمة.

عند المالكية: اسْتَحَبَّ مَالك تَأْخِيرهَا بعد الْحِنْث فَإِن تقدمها أَجزَأَهُ. الذخيرة للقرافي (4 / 66).

قَالَ مَالِكٌ: وَلَا أُحِبُّ لِأَحَدٍ أَنْ يُكَفِّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ. المدونة (1 / 590).

 

عند الشافعية:

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): فَمَنْ حَلَفَ عَلَى شَيْءٍ فَأَرَادَ أَنْ يَحْنَثَ، فَأَحَبُّ إلَيَّ لَوْ لَمْ يُكَفِّرْ حَتَّى يَحْنَثَ وَإِنْ كَفَّرَ قَبْلَ الْحِنْثِ بِإِطْعَامٍ رَجَوْت أَنْ يَجْزِيَ عَنْهُ وَإِنْ كَفَّرَ بِصَوْمٍ قَبْلَ الْحِنْثِ لَمْ يُجْزِ عَنْهُ. الأم للشافعي (7 / 66).

عند الحنابلة: الكفارة قبل الحنث وبعده سواء في الفضيلة.

شرح منتهى الإرادات (3 / 448).

 

المسألة الرابعة:

مسألة التوكيل بالتكفير:

التوكيل جائز في العبادات المالية، أما العبادات البدنية ففيها الخلاف.

 

والتوكيل في إخراج الكفارة جائز عند الفقهاء الأربعة، واختلفوا في حكم اخراج الكفارة هل يجزئ التكفير عن الغير بإذنه أم لا يلزم إذنه.

 

عند الجمهور الحنفية والشافعية والحنابلة: يجزئ التكفير عن الغير بإذنه فقط أما بغير إذنه فلا.

الأم للشافعي (7 / 68)، الحاوي الكبير (15 / 308)، المغني لابن قدامة (9 / 549).

 

عند الشافعية:

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَإِذَا أَمَرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِ الْمَأْمُورِ، أَوْ اسْتَأْذَنَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ فَأَذِنَ لَهُ أَجْزَأَتْ عَنْهُ الْكَفَّارَةُ وَهَذِهِ هِبَةٌ مَقْبُوضَةٌ؛ لِأَنَّ دَفْعَهُ إيَّاهَا إلَى الْمَسَاكِينِ بِأَمْرِهِ كَقَبْضِ وَكِيلِهِ لِهِبَةٍ وَهَبَهَا لَهُ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ أَعْتِقْ عَنِّي فَهِيَ هِبَةٌ فَإِعْتَاقُهُ عَنْهُ كَقَبْضِهِ مَا وَهَبَ لَهُ وَوَلَاؤُهُ لِلْمُعْتَقِ عَنْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ مَلَكَهُ قَبْلَ الْعِتْقِ، وَكَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ كَمَا لَوْ اشْتَرَاهُ فَلَمْ يَقْبِضْهُ حَتَّى أَعْتَقَهُ كَانَ الْعِتْقُ مِثْلَ الْقَبْضِ، وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا تَطَوَّعَ فَكَفَّرَ عَنْ رَجُلٍ بِإِطْعَامٍ، أَوْ كِسْوَةٍ، أَوْ عِتْقٍ وَلَمْ يَتَقَدَّمْ فِي ذَلِكَ أَمْرٌ مِنْ الْحَالِفِ لَمْ يَجْزِ عَنْهُ.

الأم للشافعي (7 / 68)

 

عند الحنابلة:

قال ابن قدامة: وَإِنْ أَعْتَقَ غَيْرُهُ عَنْهُ بِغَيْرِ أَمْرِهِ، لَمْ يَقَعْ عَنْ الْمُعْتَقِ عَنْهُ، إذَا كَانَ حَيًّا.

المغني لابن قدامة (9 / 549).

 

عند المالكية:

أما المالكية فقالو: يجزئ التكفير عن الغير سواء بإذنه أو بغير إذنه.

الذخيرة للقرافي (4 / 69)، المدونة (1 / 597).

 

قال سحنون: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ أَعْتِقْ عَنِّي عَبْدَك فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَوْ كَفِّرْ عَنِّي فَيُعْتِقُ عَنْهُ أَوْ يُطْعِمُ عَنْهُ أَوْ يَكْسُو؟

قَالَ: ذَلِكَ يُجْزِئُهُ عِنْدَ مَالِكٍ.

 

قُلْتُ: فَإِنْ هُوَ كَفَّرَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَأْمُرَهُ؟ قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا أَوْ أَرَاهُ يُجْزِئُ أَلَا تَرَى أَنَّ الرَّجُلَ يَمُوتُ وَعَلَيْهِ كَفَّارَةٌ مِنْ ظِهَارٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَيُكَفِّرُ عَنْهُ أَهْلُهُ أَوْ غَيْرُهُمْ فَيَجُوزُ ذَلِكَ.

قُلْتُ: وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ أَنَّ هَذَا يُجْزِئُهُ فِي الْمَيِّتِ؟

قَالَ: نَعَمْ فِي الْمَيِّتِ هُوَ قَوْلُهُ.

المدونة (1 / 597).

 

المسألة الخامسة:

مسألة مقدار الإطعام:

اختلف العلماء فيه بسبب اختلافهم في تأويل قوله تعالى: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ [المائدة: 89]  فمن قال: المراد أكلة واحدة قال: المد وسط في الشبع، ومن قال: المراد قوت اليوم وهو غداء وعشاء قال: الواجب نصف صاع أي مدان.

 

الجمهور من المالكية والشافعية والحنابلة: يعطى لكل مسكين مد من الحنطة كصدقة الفطر إلا أن الإمام مالك قال: المد خاص بأهل المدينة فقط لضيق معايشهم، وأما سائر المدن فيعطون الوسط من نفقتهم. وقال ابن القاسم: يجزئ المد في كل مدينة.

 

أولًا عند المالكية: قال سحنون: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ كَمْ إطْعَامُ الْمَسَاكِينِ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؟

قَالَ: قَالَ مَالِكٌ: مُدٌّ مُدٌّ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

قَالَ مَالِكٌ: وَأَمَّا عِنْدَنَا هَاهُنَا فَلْيُكَفِّرْ بِمُدِّ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ مُدٌّ مُدٌّ، وَأَمَّا أَهْلُ الْبُلْدَانِ فَإِنَّ لَهُمْ عَيْشًا غَيْرَ عَيْشِنَا فَأَرَى أَنْ يُكَفِّرُوا بِالْوَسَطِ مِنْ عَيْشِهِمْ، يَقُولُ اللَّهُ: ﴿ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ ﴾ [المائدة: 89].

المدونة (1 / 591).

 

ثانيًا عند الشافعية: (قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): وَيُجْزِئُ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِنْ حِنْطَةٍ وَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَكُونَ دَقِيقًا وَلَا سَوِيقًا، وَإِنْ كَانَ أَهْلُ بَلَدٍ يَقْتَاتُونَ الذُّرَةَ، أَوْ الْأُرْزَ، أَوْ التَّمْرَ أَوْ الزَّبِيبَ أَجْزَأَ مِنْ كُلِّ جِنْسٍ وَاحِدٌ مِنْ هَذَا مُدٌّ بِمُدِّ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.

الأم للشافعي (7 / 67).

 

ثالثًا عند الحنابلة: لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ مِنْ حِنْطَةٍ أَوْ دَقِيقٍ، أَوْ رِطْلَانِ خُبْزًا، أَوْ مُدَّانِ تَمْرًا أَوْ شَعِيرًا. المغني لابن قدامة (9 / 540).

 

أما الحنفية فكما ورد في المبسوط: لكل مسكين نصف صاع من حنطة.

 

وقد ذكر الماوردي خمسة أقوال في مقدار الإطعام:

فِي طَعَامِ كُلِّ مِسْكِينٍ احْتِمَالًا لَا يُقَدِّرُهُ بِحَدٍّ فقال: " من أوسط ما تطعمون أهليكم " فَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَدْرِ مَا يُطْعِمُ كُلَّ مِسْكِينٍ مِنْهُمْ عَلَى مَذَاهِبَ شَتَّى.

 

أَحَدُهَا: مَا حَكَاهُ الْحَارِثُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ وَقَالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ: إِنَّهُ غَدَاءٌ وَعَشَاءٌ لِكُلِّ مِسْكِينٍ.

 

وَالثَّانِي: مَا قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ أَنَّ يَعْتَبِرُ الْمُكَفِّرُ فِي عِيَالِهِ فَإِنْ كَانَ يُشْبِعُهُمْ أَشْبَعَ الْمَسَاكِينَ، وَإِنْ كَانَ لَا يُشْبِعُهُمْ فَيُقَدِّرُ ذَلِكَ فِي طَعَامِ الْمَسَاكِينِ.

 

وَالثَّالِثُ: مَا قَالَهُ بَعْضُ فُقَهَاءِ الْبَصْرَةِ إِنَّهُ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ غَدَاءٍ وَعَشَاءٍ.

 

وَالرَّابِعُ: مَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ، إِنَّهُ إِنْ كَفَّرَ بِالْحِنْطَةِ أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ نِصْفَ صَاعٍ، وَإِنْ كَفَّرَ بِالتَّمْرِ أَوِ الشَّعِيرِ أَعْطَى كُلَّ مِسْكِينٍ صَاعًا، وَعَنْهُ فِي الزَّبِيبِ رِوَايَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: صَاعٌ كَالتَّمْرِ.

وَالثَّانِيَةُ: نِصْفُ صَاعٍ كَالْبُرِّ.

 

وَالْخَامِسُ: مَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ إِنَّهُ يُعْطِي كُلَّ مُسْلِمٍ مُدًّا وَاحِدًا مِنْ أَيِّ صِنْفٍ أَخْرَجَ مِنَ الْحُبُوبِ وَبِهِ قَالَ مِنَ الصَّحَابَةِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَأَبُو هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَمِنَ التَّابِعِينَ عَطَاءٌ وَقَتَادَةُ.

الحاوي الكبير (15 / 300).

 

المسألة السادسة:

مسألة: هل الإطعام يتأدى بالإباحة أم التمليك:

قال الحنفية: إن المقصود من الإطعام هو مجرد الإباحة لا التمليك؛ لأن النص القرآني ورد بلفظ الإطعام: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾ [المائدة: 89] والإطعام في متعارف اللغة: هو التمكين من المطعم لا التمليك، وكذا إشارة النص دليل على قولهم.

 

أما الجمهور فقالو: لا بد من تمليك الطعام للفقراء ككل الواجبات المالية.

 

عند المالكية:

قال ابن العربي: (وَالْمَقْصُودُ مِنْ الْإِطْعَامِ التَّمْلِيكُ التَّامُّ الَّذِي يَتَمَكَّنُ مِنْهُ الْمِسْكِينُ مِنْ الطَّعَامِ تَمَكُّنَ الْمَالِكِ، كَالْكِسْوَةِ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّهَا أَحَدُ نَوْعَيْ الْكَفَّارَةِ الْمَدْفُوعَةِ إلَى الْمِسْكِينِ، فَلَمْ يَجُزْ فِيهَا إلَّا التَّمْلِيكُ). أحكام القرآن لابن العربي (2 / 159).

 

عند الشافعية:

قوله تعالى (إطعام عشرة مساكين) الذي عندنا أنه يجب تمليك المساكين ما يخرج لهم ودفعه إليهم حتى يتملكوه ويتصرفوا فيه. المجموع شرح المهذب (18 / 118).

 

عند الحنابلة:

وَإِنْ غَدَّى الْمَسَاكِينَ أَوْ عَشَّاهُمْ، لَمْ يُجْزِئْهُ، لِأَنَّ الْوَاجِبَ تَمْلِيكُ الْمِسْكِينِ طَعَامَهُ. المغني لابن قدامة (3 / 142).

 

المسألة السابعة:

لا يجوز عند الجمهور (مالكية، شافعية، حنابلة) إخراج قيمة الطعام والكسوة، عملاً بنص الآية: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾ [المائدة: 89].

 

عند المالكية:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَعْطَى الْمَسَاكِينَ قِيمَةَ الثِّيَابِ أَيُجْزِئُ أَمْ لَا؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُ عِنْدَ مَالِكٍ.

المدونة (1 / 598).

 

عند الشافعية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُخْرِجَ فِي الْكَفَّارَةِ قِيمَةَ الطَّعَامِ. الحاوي الكبير (15 / 301).

 

عند الحنابلة:

وَلَوْ أَعْطَاهُمْ مَكَانَ الطَّعَامِ أَضْعَافَ قِيمَتِهِ وَرِقًا، لَمْ يُجْزِهِ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّهُ لَا يُجْزِئُ فِي الْكَفَّارَةِ إخْرَاجُ قِيمَةِ الطَّعَامِ، وَلَا الْكِسْوَةِ. المغني لابن قدامة (9 / 542).

 

المسألة الثامنة:

هل يجوز دفع الكفارة للصغير الذي لم يطعم.

اختلف الفقهاء على قولين:

القول الأول: لا يجزئ دفع الكفارة للصغير الذي لم يطعم، وهو قول الحنفية والحنابلة.

القول الثاني: يجزئ دفع الكفارة للصغير الذي لم يطعم، وهو قول المالكية والشافعية.

 

عند المالكية:

قَالَ: سَأَلْت ابْنَ وَهْبٍ عَنْ مَالِكٍ هَلْ يُعْطَى الْفَطِيمُ مَنْ الْكَفَّارَةِ؟ قَالَ: نَعَمْ. المدونة (1 / 592).

 

عند الشافعية:

وَهل يجزئ لصغير لم يطعم الطَّعَام؟ قَالَ الثَّلَاثَة نعم، وَقَالَ أَحْمد لَا. جواهر العقود (2 / 264).

 

عند الحنابلة:

ذكر ابن قدامة شروط لمن تدفع لهم الكفارة ومنها: أَنْ يَكُونُوا قَدْ أَكَلُوا الطَّعَامَ، فَإِنْ كَانَ طِفْلًا لَمْ يُطْعِمْ، لَمْ يَجُزْ الدَّفْعُ إلَيْهِ.

المغني لابن قدامة (9 / 539).

 

المسألة التاسعة:

مسألة: إذا أعطى مسكين واحد طعام عشرة أيام.

أما لو أعطى مسكيناً واحداً طعام عشرة، في يوم واحد، دفعة واحدة: لم يجز؛ لأن الله تعالى أمر بسد جوعة عشرة مساكين إما مرة واحدة أو موزعة على الأيام، وهذا لم يحصل هنا.

 

فلو أطعم مسكيناً واحداً عشرة أيام غداء وعشاء، أو أعطى مسكيناً واحداً عشرة أيام، كل يوم نصف صاع، جاز عند الحنفية؛ لأن المقصود سد حاجة عشرة مساكين، وقد تحقق.

 

ولا يجوز ذلك عند المالكية والشافعية؛ لأنه لا بد من توزيع الطعام على عشرة مساكين فعلاً بالاتفاق.

 

عند المالكية:

قال القرافي: لَا يَجُوزُ أَنْ يُطْعِمَ جُمْلَةَ الطَّعَامِ لِمِسْكِينٍ وَاحِدٍ وَقَالَهُ ش وَابْنُ حَنْبَلٍ وَقَالَ ح يَجُوزُ مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ سَدَّ عَشْرَ خَلَّاتٍ فِي مَحَلٍّ فَهُوَ كَسَدِّ عَشْرِ خَلَّاتٍ فِي مَحَالٍّ لِأَنَّ الْمَطْلُوبَ سَدُّ الْخَلَّةِ لَا مَحَلُّهَا وَجَوَابُهُ أَنَّ النَّصَّ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ فَيَجِبُ امْتِثَالُهُ وَلِأَنَّ الْوَصِيَّ لَوْ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ لَمْ تَجُزْ مُخَالَفَتُهُ اتِّفَاقًا فَاللَّهُ تَعَالَى أَوْلَى بِذَلِكَ وَلِأَنَّهُ يُتَوَقَّعُ فِي الْعَدَدِ وَلِيٌّ تُسْتَجَابُ دَعْوَتُهُ وَيَتَعَيَّنُ أَنْ تُحْفَظَ بِنْيَتُهُ مَا لَا يُتَوَقَّعُ فِي الشَّخْصِ الْوَاحِدِ فَهَذِهِ الْمَصَالِحُ هِيَ الْمُوجِبَةُ لِتَصْرِيحِ الشَّرْعِ بِالْعَدَدِ فَلَا تهمل تصريحه. الذخيرة للقرافي (4 / 68).

 

عند الشافعية:

قال الشافعي: " وَلَا يُطْعِمُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ وَاحْتَجَّ عَلَى مَنْ قَالَ إِنْ أَطْعَمَ مِسْكِينًا وَاحِدًا مِائَةً وَعِشْرِينَ مُدًّا فِي سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ وَإِنْ كَانَ فِي أَقَلَّ مِنْ سِتِّينَ لَمْ يُجْزِهِ فَقَالَ أَرَاكَ جَعَلْتَ وَاحِدًا سِتِّينَ مِسْكِينًا فَقَدْ قَالَ اللَّهُ ﴿ وَأَشْهِدُوا ذَوي عَدْلٍ مِنْكُمْ ﴾ فَإِنْ شَهِدَ الْيَوْمَ شاهدٌ بحقٍّ ثُمَّ عَادَ مِنَ الْغَدِ فَشَهِدَ بِهِ فَقَدْ شَهِدَ بِهَا مَرَّتَيْنِ فَهُوَ كَشَاهِدَيْنِ فَإِنْ قَالَ لَا يَجُوزُ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ذَكَرَ الْعَدَدَ قِيلَ وَكَذَلِكَ ذَكَرَ اللَّهُ لِلْمَسَاكِينِ الْعَدَدَ ".

 

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: وَهُوَ كَمَا قَالَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَدْ نَصَّ عَلَى عَدَدِهِمْ فِي الْكَفَّارَةِ فَوَجَبَ أَنْ يَسْتَحِقَّهَا عَشَرَةُ مَسَاكِينَ، وَإِنْ دَفْعَ إِلَى مِسْكِينٍ وَاحِدٍ مُدَّيْنِ أَجَزَأَهُ أَحَدُهُمَا، وَلَمْ يُجْزِهِ الْآخَرُ سَوَاءٌ دَفَعَهُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي يَوْمَيْنِ. الحاوي الكبير (15 / 306).

 

عند الحنابلة:

إذا وجد عشرة فقراء، لم يجزئه الصرف إلى فقير واحد في عشرة أيام، وإذا لم يجد غير فقير واحد أو خمسة مثلاً، أجزأه ذلك للضرورة.

 

قال ابن قدامة: وَمَنْ لَمْ يُصِبْ إلَّا مِسْكِينًا وَاحِدًا، رَدَّدَ عَلَيْهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ تَتِمَّةَ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، وَجُمْلَتُهُ أَنَّ الْمُكَفِّرَ لَا يَخْلُو مِنْ أَنْ يَجِدَ الْمَسَاكِينَ بِكَمَالِ عَدَدِهِمْ، أَوَّلًا يَجِدَهُمْ، فَإِنْ وَجَدَهُمْ، لَمْ يُجْزِئُهُ إطْعَامُ أَقَلَّ مِنْ عَشَرَةٍ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ.

المغني لابن قدامة (9 / 543).

 

والخلاصة: لابد من إطعام عشرة مساكين فعلاً، والخلاف محصور فيما لو أطعم واحداً عشرة أيام، يجوز عند الحنفية ولا يجوز عند غيرهم. ولو أطعم عشرة مساكين في يوم غداء، ثم أعطى كل واحد مداً من الحنطة جاز؛ لأنه جمع بين التمليك، وطعام الإباحة، ولأن كل وجبة طعام مقدرة بمد. وكذلك لو غدى رجلاً واحداً عشرين يوماً، أو عشى رجلاً في شهر رمضان عشرين يوماً جاز؛ لأن المقصود قد حصل.

 

المسألة العاشرة:

مسألة اطعام أهل الذمة:

الجمهور من مالكية وشافعية وحنابلة: لا يجوز إعطاء كفارة اليمين للذميين.

 

أولًا المالكية:

قال سحنون: قُلْتُ: أَرَأَيْتَ أَهْلَ الذِّمَّةِ أَيُطْعِمُهُمْ مِنْ الْكَفَّارَةِ؟

قَالَ: لَا يُطْعِمُهُمْ مِنْهَا وَلَا مِنْ شَيْءٍ مِنْ الْكَفَّارَات.

المدونة (1 / 593).

 

ثانيًا الشافعية:

(قَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -): لَا يُجْزِئُ أَنْ يُطْعِمَ فِي كَفَّارَاتِ الْأَيْمَانِ إلَّا حُرًّا مُسْلِمًا مُحْتَاجًا فَإِنْ أَطْعَمَ مِنْهَا ذِمِّيًّا مُحْتَاجًا، أَوْ حُرًّا مُسْلِمًا غَيْرَ مُحْتَاجٍ أَوْ عَبْدَ رَجُلٍ مُحْتَاجٍ لَمْ يَجْزِهِ ذَلِكَ، وَكَانَ حُكْمُهُ حُكْمَ مَنْ لَمْ يَفْعَلْ شَيْئًا وَعَلَيْهِ أَنْ يُعِيدَ.

الأم للشافعي (7 / 68).

 

ثالثًا الحنابلة:

يشترط في المستحقين لأخذ الكفارة أَنْ يَكُونُوا مُسْلِمِينَ، وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهَا إلَى كَافِرٍ، ذِمِّيًّا كَانَ أَوْ حَرْبِيًّا. المغني لابن قدامة (9 / 539).

 

أما عند الحنفية:

أجاز أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله إعطاء فقراء أهل الذمة من الكفارات والنذور لا الزكاة، لعموم قوله تعالى: ﴿ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ ﴾ [المائدة: 89] من غير تفرقة بين المؤمن والكافر. واستثنيت الزكاة بقول النبي صلّى الله عليه وسلم لمعاذ حين بعثه إلى اليمن: « خذها من أغنيائهم وردها في فقرائهم ».

 

وقال أبو يوسف: لا يجوز إعطاء الذميين من الأموال الإسلامية إلا النذور والتطوعات ودم التمتع في الحج؛ لأن الكفارة صدقة أوجبها الله، فلا يجوز صرفها إلى الكافر كالزكاة، بخلاف النذر، لأنه وجب بإيجاب الإنسان، والتطوع ليس بواجب أصلاً، والتصدق بلحم المتعة في الحج غير واجب؛ لأن التقرب إلى الله في إراقة الدم. انظر: بدائع الصنائع (5 / 101)، شرح فتح القدير (4 / 18).

 

المسألة الحادية عشرة:

مسألة لو أطعم خمسة مساكين وكسا خمسة:

عند المالكية:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ إنْ أَطْعَمَ خَمْسَةَ مَسَاكِينَ وَكَسَا خَمْسَةً أَيُجْزِئُهُ؟

قَالَ: مَا سَمِعْت مِنْ مَالِكٍ فِيهِ شَيْئًا وَلَا يُجْزِئُهُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى قَالَ فِي كِتَابِهِ: ﴿ إطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴾ [المائدة: 89] فَلَا يُجْزِئُ أَنْ يَكُونَ بَعْضٌ مِنْ هَذَا وَبَعْضٌ مِنْ هَذَا لَا يُجْزِئُ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوْعًا وَاحِدًا. المدونة (1 / 598).

 

عند الشافعية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: قَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى لِلْمُكَفِّرِ عَنْ يَمِينِهِ الْخِيَارَ فِي التَّكْفِيرِ بِأَحَدِ ثَلَاثَةِ أشياء الطعام أو الكسوة أو العتق، فبأيهما كَفَّرَ أَجَزْأَهُ، إِذَا اسْتَوْفَاهُ وَلَمْ يُفَرِّقْ، فَإِنْ أَطْعَمَ خَمْسَةً وَكَسَا خَمْسَةً لَمْ يُجْزِهِ، وَكَانَ مُخَيَّرًا إِنْ شَاءَ تَمَّمَ إِطْعَامَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْكِسْوَةِ، وَإِنْ شَاءَ تَمَّمَ كِسْوَةَ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ، وَكَانَ مُتَطَوِّعًا بِالْإِطْعَامِ.الحاوي الكبير (15 / 306).

 

عند الحنابلة:

(وَيُجْزِئُ) فِي الْكَفَّارَةِ (أَنْ يُطْعِمَ بَعْضًا) مِنْ الْمَسَاكِينِ.

 

(وَ) أَنْ (يَكْسُوَ بَعْضًا) كَأَنْ أَطْعَمَ خَمْسًا وَكَسَا خَمْسًا لِأَنَّهُ تَعَالَى خَيَّرَ مَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بَيْنَ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ فَكَانَ مَرْجِعُهَا إلَى اخْتِيَارِهِ فِي الْعَشَرَةِ وَفِي بَعْضِهِمْ.

شرح منتهى الإرادات (3 / 448).

 

المسألة الثانية عشرة:

صفة الكسوة:

عند المالكية:

قُلْتُ: فَهَلْ تُجْزِئُ الْعِمَامَةُ وَحْدَهَا؟ قَالَ: لَا يُجْزِئُ إلَّا مَا تَحِلُّ فِيهِ الصَّلَاةُ لِأَنَّ مَالِكًا قَالَ فِي الْمَرْأَةِ: لَا يُجْزِئُ أَنْ يَكْسُوَهَا فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ إلَّا مَا يَحِلُّ لَهَا الصَّلَاةُ فِيهِ الدِّرْعُ وَالْخِمَارُ.

المدونة (1 / 596).

 

عند الشافعية:

قال الشافعي: (وَأَقَلُّ مَا يَكْفِي مِنْ الْكِسْوَةِ كُلُّ مَا وَقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ مِنْ عِمَامَةٍ أَوْ سَرَاوِيلَ، أَوْ إزَارٍ أَوْ مِقْنَعَةٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ لِلرَّجُلِ، وَالْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يَقَعُ عَلَيْهِ اسْمُ كِسْوَةٍ).

الأم للشافعي (7 / 69).

 

عند الحنابلة:

تجْزِئُ الْكِسْوَةُ مِنْ كَتَّانٍ وَقُطْنٍ وَصُوفٍ وَوَبَرٍ وَشَعْرٍ وَلِلنِّسَاءِ مِنْ حَرِيرٍ؛ لِأَنَّهُ تَعَالَى أَطْلَقَ كِسْوَتَهُمْ فَأَيْ جِنْسٍ كَسَاهُمْ خَرَجَ بِهِ عَنْ الْعُهْدَةِ (وَيُجْزِئُ) الْجَدِيدُ وَاللَّبِيسُ.

شرح منتهى الإرادات (3 / 448).

 

المسألة الثالثة عشرة:

ماذا تفيد (أو):

أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ، عَلَى أَنَّ الْحَانِثَ فِي يَمِينِهِ بِالْخِيَارِ؛ إنْ شَاءَ أَطْعَمَ، وَإِنْ شَاءَ كَسَا، وَإِنْ شَاءَ أَعْتَقَ، أَيَّ ذَلِكَ فَعَلَ أَجْزَأَهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ -تعالى- عَطَفَ بَعْضَ هَذِهِ الْخِصَالِ عَلَى بَعْضٍ بِحَرْفِ " أَوْ "، وَهُوَ لِلتَّخْيِيرِ.

 

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مَا كَانَ فِي كِتَابِ اللَّهِ (أَوْ) فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِيهِ، وَمَا كَانَ (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ) فَالْأَوَّلَ الْأَوَّلَ. المغني لابن قدامة (9 / 538).

 

المسألة الرابعة عشرة:

اتفق الفقهاء على أن الحانث إن لم يجد طعاماً ولا كسوة ولا عتقاً يجب عليه أن يصوم ثلاثة أيام، لقوله سبحانه: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴾ [المائدة: 89].

 

عند المالكية:

ثَلَاثَةٌ عَلَى التَّخْيِيرِ وَهِيَ الْعِتْقُ وَالْإِطْعَامُ وَالْكِسْوَةُ وَالرَّابِع مُرَتّب بعد الْعَجز عَن الثلاثة وَهُوَ الصِّيَامُ. الذخيرة للقرافي (4 / 62).

 

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ مَنْ كَانَ مَالُهُ غَائِبًا عَنْهُ أَيُجْزِئُهُ أَنْ يُكَفِّرَ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ بِالصِّيَامِ؟ قَالَ: لَا، وَلَكِنْ يَتَسَلَّفُ.

المدونة (1 / 595).

 

عند الشافعية:

قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: (قَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ الصَّوْمَ فِي كَفَّارَةِ الْأَيْمَانِ مُتَرَتِّبٌ لَا يُجْزِئُ إِلَّا بَعْدَ الْعَجْزِ عَنِ الْإِطْعَامِ وَالْكِسْوَةِ وَالْعِتْقِ).

الحاوي الكبير (15 / 329).

 

قال البغوي: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ، إِذَا عَجَزَ الَّذِي لَزِمَتْهُ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ عَنِ الْإِطْعَامِ وَالْكُسْوَةِ وَتَحْرِيرِ الرَّقَبَةِ، يَجِبُ عَلَيْهِ صَوْمُ ثَلَاثَةِ أَيَّامِ، وَالْعَجْزُ أَنْ لَا يَفْضُلَ من مَالِهِ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ وَحَاجَتِهِ مَا يُطْعِمُ أَوْ يَكْسُو أَوْ يُعْتِقُ فَإِنَّهُ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ).

تفسير البغوي - إحياء التراث (2 / 80).

 

عند الحنابلة:

قال ابن قدامة: (وَيُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وَقُوتِ عِيَالِهِ، يَوْمَهُ وَلَيْلَتَهُ، مِقْدَارُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ وَجُمْلَةُ ذَلِكَ، أَنَّ كَفَّارَةَ الْيَمِينِ تَجْمَعُ تَخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا، فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ، فَإِنْ لَمْ يَجِدْهَا انْتَقَلَ إلَى صِيَامِ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ). المغني لابن قدامة (9 / 558).

 

المسألة الخامسة عشرة:

مسألة التتابع في الصيام:

اختلف الفقهاء في اشتراط تتابع الأيام الثلاثة في الصيام، فقال المالكية والشافعية: لا يشترط التتابع، ولكنه مستحب، لإطلاق الآية القرآنية: ﴿ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ﴾ [المائدة: 89].

 

وقال الحنفية والحنابلة: يشترط التتابع بدليل قراءة عبد الله بن مسعود: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات).

 

عند المالكية:

قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الصِّيَامَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ أَمُتَتَابِعٌ فِي قَوْلِ مَالِكٍ أَمْ لَا؟ قَالَ: إنْ تَابَعَ فَحَسَنٌ وَإِنْ لَمْ يُتَابِعْ أَجْزَأَ عَنْهُ عِنْدَ مَالِكٍ. المدونة (1 / 594).

 

عند الشافعية:

قَالَ الشَّافِعِيُّ: كُلُّ مَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ صَوْمٌ لَيْسَ بِمَشْرُوطٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يَكُونَ مُتَتَابِعًا أَجْزَأَهُ أَنْ يَكُونَ مُتَفَرِّقًا قِيَاسًا عَلَى قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ ﴿ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ ﴾ [البقرة: 184]. الأم للشافعي (7 / 69).

 

عند الحنابلة:

قال البهوتي: (مُتَتَابِعَةً وُجُوبًا لِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ مُتَتَابِعَةٍ ). شرح منتهى الإرادات = دقائق أولي النهى لشرح المنتهى (3 / 448).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • القيمة الإنسانية والاجتماعية للكفارات في الإسلام
  • سلسلة مسائل فقهية (1)
  • فائدة في كفارة اليمين

مختارات من الشبكة

  • محاضرتان بعنوان: مسائل الإيمان والقدر، ومسائل الصفات في فتح الباري، ومنهج الأشاعرة فيها(مقالة - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • مسائل فقهية متعلقة بالمرأة (10) أخذ العلم عن الرجال(مقالة - ملفات خاصة)
  • مسائل فقهية هامة متعلقة بالحائض والنّفساء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مسائل عقدية وفقهية متعلقة بالاستغفار(مقالة - موقع الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري)
  • سيبويه وبعض مسائل المعاملات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية (نسخة ثانية)(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة المسائل البهية الزكية على المسائل الاثني عشرية(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • مسائل الإمام أحمد الفقهية برواية أحمد بن القاسم (من أول كتاب البيع إلى آخر باب الصلح)(رسالة علمية - مكتبة الألوكة)
  • مسائل متعلقة بالأضاحي(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الشيخ المحدث عبدالله بن عبدالرحمن السعد في محاضرة: مسائل متعلقة بشهري شعبان ورمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل العقيل)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 30/11/1446هـ - الساعة: 16:9
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب