• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الحديث وعلومه
علامة باركود

المجاهدة في السنة (2)

المجاهدة في السنة (2)
فتحي حمادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 29/4/2014 ميلادي - 28/6/1435 هجري

الزيارات: 7841

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

المجاهدة في السنة (2)

 

6- عن أنس - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يتبعُ الميتَ ثلاثةٌ: أهله وماله وعمله، فيرجع اثنان، ويبقى واحد: يرجع أهله وماله، ويبقى عمله))؛ متفق عليه.


الشرح:

إذا مات الإنسان تَبِعه المشيِّعون له، فيتبعه أهله يشيِّعونه إلى المقبرة، وما أعجب الحياة الدنيا، وما أخسَّها، وما أدناها، يتولَّى دفنك مَن أنت أحب الناس إليه، يدفنونك، ويبعدونك عنهم، ولو أنهم أُعطُوا أجرة على أن تبقى جسدًا بينهم ما رَضُوا بذلك، فأقرب الناس إليك، ومن أنت أحب الناس إليهم، هم الذين يتولون دفنك، يتبعونك، ويشيعونك.


ويتبعه ماله؛ أي: عبيده وخدمه المماليك له، وهذا يمثِّل الرجل الغني الذي له عبيد وخدم مماليك، يتبعونه، ويتبعه عمله معه، فيرجع اثنان، ويَدَعونه وحدَه، ولكن يبقى معه عملُه، نسأل الله أن يجعل عملنا وإياكم صالحًا؛ فيبقى عمله عنده أنيسه في قبره ينفرد به إلى يوم القيامة.


وفي هذا الحديث دليل على أن الدنيا تزول، كل زينة الحياة الدنيا ترجع ولا تبقى معك في قبرك، المال والبنون زينة الحياة الدنيا ترجع، مَن الذي يبقى؟ العمل فقط، فعليك - يا أخي - أن تحرص على مراعاة هذا الصاحب الذي يبقى ولا ينصرف مع مَن ينصرف، وعليك أن تجتهد حتى يكون عملك عملًا صالحًا يؤنسك في قبرك إذا انفردتَ به عن الأحباب والأهل والأولاد.


ومناسبة هذا الحديث للباب ظاهرة؛ لأن كثرة العمل توجب مجاهدة النفس، فإن الإنسان يجاهد نفسه على الأعمال الصالحة التي تبقى بعد موته، نسأل الله لنا ولكم حسن الخاتمة والعافية، وأن يتولانا وإياكم بعنايته ورعايته؛ إنه جَوَاد كريم.


7- عن ابن مسعود - رضي الله عنه -: قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم - ((الجنة أقرب إلى أحدِكم من شِراك نعليه، والنار مثلُ ذلك))؛ رواه البخاري.


الشرح:

هذا الحديث يتضمن ترغيبًا وترهيبًا، يتضمن ترغيبًا في الجملة الأولى، وهي قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((الجنة أقرب إلى أحدكم من شِراك نعله))، وشراك النعل هو السَّير الذي يكون على ظهر القدم، وهو قريب من الإنسان جدًّا، ويُضرَب به المَثَل في القرب؛ وذلك لأنه قد يتكلم الإنسان بالكلمة الواحدة من رضوان الله - عز وجل - لا يظن أنها تبلغ ما بلغت، فإذا هي توصله إلى جنة النعيم.


ومع ذلك فإن الحديث أعم من هذا؛ فإن كثرة الطاعات، واجتناب المحرمات، من أسباب دخول الجنة، وهو يسير على مَن يسَّره الله عليه، فأنت تجد المؤمن الذي شرح الله صدره للإسلام يصلي براحة، وطمأنينة، وانشراح صدر، ومحبة للصلاة، ويزكي كذلك، ويصوم كذلك، ويحج كذلك، ويفعل الخير كذلك، فهو يسير عليه، سهل قريب منه، وتجده يتجنَّب ما حرَّمه الله عليه من الأقوال والأفعال، وهو يسيرٌ عليه.


وأما - والعياذ بالله - من قد ضاق بالإسلام ذرعًا، وصار الإسلام ثقيلًا عليه، فإنه يستثقل الطاعات، ويستثقل اجتناب المحرمات، ولا تصير الجنةُ أقرب إليه من شراك نعله.


وكذلك النار، وهي الجملة الثانية في الحديث، وهي التي فيها التحذير، يقول النبي - عليه الصلاة والسلام -: ((والنار مثل ذلك))؛ أي: أقرب إلى أحدنا من شراك نعله؛ فإن الإنسان ربما يتكلَّم بالكلمة لا يلقي لها بالًا، وهي من سخط الله، فيَهوِي بها في النار كذا وكذا من السنين، وهو لا يدري، وما أكثر الكلمات التي يتكلَّم بها الإنسان غير مبالٍ بها، وغير مهتم بمدلولها، فتُردِيه في نار جهنم، نسأل الله العافية.


8- عن أبي فراس ربيعة بن كعب الأسلمي خادم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أهل الصُّفَّة - رضي الله عنه - قال: كنت أبِيتُ مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فآتيه بوَضوئه وحاجته، فقال: ((سلني))، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، فقال: ((أَوَغير ذلك؟))، قلت: هو ذاك، قال: ((فأعنِّي على نفسك بكثرةِ السجود))؛ رواه مسلم.


الشرح:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقل عن ربيعة بن كعب الأسلمي - رضي الله عنه - وكان خادمًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومن أهل الصُّفة، والذين يخدمون النبي - صلى الله عليه وسلم - من الأحرار عدد؛ منهم: ربيعة بن كعب، ومنهم ابن مسعود، ولهم الشرف بخدمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم.


وكان من أهل الصفة؛ وأهل الصفة رجال مهاجرون، هاجروا إلى المدينة، وليس لهم مأوى، فوطنهم النبي - عليه الصلاة والسلام - في صفَّة في المسجد النبوي، وكانوا أحيانًا يبلغون الثمانين، وأحيانًا دون ذلك، وكان الصحابة - رضي الله عنهم - يأتونهم بالطعام واللَّبن وغيره، مما يتصدقون به عليهم.


فكان ربيعة بن كعب - رضي الله عنه - يخدم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان يأتيه بوَضوئه وحاجته.


الوَضوء بالفتح: الماء الذي يتوضأ به، والوُضوء بالضم: فعل الوضوء، وأما الحاجة فلم يبيِّنها، ولكن المراد: كل ما يحتاجه النبي - عليه الصلاة والسلام - يأتي به إليه.


فقال له ذات يوم: ((سَلْني))؛ يعني: اسأل، من أجل أن يكافئه النبي - عليه الصلاة والسلام - على خدمته إياه؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكرمُ الخَلق، وكان يقول: ((مَن صنع إليكم معروفًا فكافئوه))، فأراد أن يكافئه، فقال له: ((سلني))؛ يعني: اسأل ما بدا لك، وقد يتوقع الإنسان أن هذا الرجل سيسأل مالًا، ولكن همته كانت عالية، قال: أسألك مرافقتك في الجنة؛ يعني: كأنه يقول: كما كنت مرافقًا لك في الدنيا، أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ((أَوَغير ذلك؟))؛ يعني: أوتسأل غير ذلك مما يمكن أن أقوم به؟ قال: هو ذاك؛ يعني: لا أسال إلا ذاك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فأعِنِّي على نفسك بكثرة السجود)).


وهذا هو الشاهد، أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أعنِّي على نفسك بكثرة السجود))، وكثرة السجود تستلزم كثرة الركوع، وكثرة الركوع تستلزم كثرة القيام؛ لأن كل صلاة في كل ركعة منها سجودان، فإذا كثر السجود كثر الركوع وكثر القيام، وذكر السجود دون غيره؛ لأن السجود أفضل هيئة للمصلي؛ فإن أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وإن كان المصلِّي قريبًا من الله؛ قائمًا كان، أو راكعًا، أو ساجدًا، أو قاعدًا، لكن أقرب ما يكون من ربه وهو ساجد.


9- عن أبي صفوان عبدالله بن بُسر الأسلمي - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الناس مَن طال عمره وحسُن عمله))؛ رواه الترمذي، وقال: حديث حسن.


الشرح:

أما حديث عبدالله بن بُسر، قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((خير الناس مَن طال عمره وحسُن عمله))؛ لأن الإنسان كلما طال عمره في طاعة الله زاد قربًا إلى الله، وزاد رفعة في الآخرة؛ لأن كل عمل يعمله فيما زاد فيه عمره، فهو يقربه إلى ربه - عز وجل - فخير الناس مَن وفِّق لهذين الأمرين.


أما طول العمر، فإنه من الله، وليس للإنسان فيه تصرُّف؛ لأن الأعمار بيد الله - عز وجل - وأما حسن العمل، فإن بإمكان الإنسان أن يحسن عمله؛ لأن الله - تعالى - جعل له عقلًا، وأنزل الكتب، وأرسل الرسل، وبيَّن المحجَّة، وأقام الحُجَّة، فكل إنسان يستطيع أن يعمل عملًا صالحًا.


10- عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: غاب عمِّي أنس بن النَّضْر - رضي الله عنه - عن قتال بدر، فقال: يا رسول الله، غبتُ عن أولِ قتال قاتلتَ المشركين، لئن الله أشهدني قتالَ المشركين ليرينَّ الله ما أصنع، فلما كان يوم أُحُد انكشف المسلمون، فقال: اللهم أعتذرُ إليك مما صنع هؤلاء - يعني أصحابه، وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء - يعني المشركين، ثم تقدَّم، فاستقبله سعد بن معاذ، فقال: يا سعد بن معاذ، الجنة وربِّ النضر، إني أجد ريحها من دون أُحُد، قال سعد: فما استطعت يا رسول الله ما صنع! قال أنس: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، ووجدناه قد قُتل ومثَّل به المشركون، فما عَرَفه أحدٌ إلا أخته ببنانِه، قال أنس: كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ ﴾ [الأحزاب: 23] إلى آخرها؛ متفق عليه.


ففي الحديث دليل شاهد للباب، وهو مجاهدة الإنسان نفسه على طاعة الله.


أنس بن النضر جاهد نفسه في الجهاد، حتى تقدم يقاتل أعداء الله بعد أن انكشف المسلمون وصارت الهزيمة، حتى قتل شهيدًا - رضي الله عنه - والله الموفِّق.


11- عن أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري البدري - رضي الله عنه - قال: لما نزلت آية الصدقة كنا نحامل على ظهورنا، فجاء رجل فتصدَّق بشيء كثير، فقالوا: مُرَاءٍ، وجاء رجل آخر فتصدَّق بصاعٍ، فقالوا: إن الله لغني عن صاع هذا! فنزلت: ﴿ الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ ﴾ [التوبة: 79]؛ متفق عليه.


الشرح:

ففي هذا دليل على حرصِ الصحابة على استباق الخير، ومجاهدتهم أنفسهم على ذلك، وفي هذا دليل أيضًا على أن الله - عز وجل - يدافع عن المؤمنين، وانظر كيف أنزل الله آية في كتاب الله، مدافعة عن المؤمنين الذين كان هؤلاء المنافقون يلمزونهم.


12- عن سعيد بن عبدالعزيز، عن ربيعة بن يزيد، عن أبي إدريس الخولاني، عن أبي ذر جندب بن جنادة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فيما يروي عن الله - تبارك وتعالى - أنه قال: ((يا عبادي، إني حرَّمت الظلم على نفسي، وجعلتُه بينكم محرَّمًا، فلا تظالموا، يا عبادي، كلكم ضالٌّ إلا مَن هديته، فاستهدُوني أَهْدِكم، يا عبادي، كلكم جائعٌ إلا مَن أطعمته، فاستطعموني أُطعِمْكم، يا عبادي، كلكم عارٍ إلا مَن كسوته، فاستكسوني أَكْسُكم، يا عبادي، إنكم تُخْطِئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي إنكم لن تبلغوا ضرِّي فتضروني، ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي، لو أن أوَّلكم وآخرَكم، وإِنْسَكم وجنَّكم كانوا على أتقى قلبِ رجلٍ واحد منكم، ما زاد في مُلكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أوَّلكم وآخرَكم، وإِنْسَكم وجنَّكم، كانوا على أفجر قلب رجل واحد منكم، ما نقص ذلك من ملكي شيئًا، يا عبادي، لو أن أولكم وآخرَكم، وإِنْسَكم وجنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحد فسألوني فأعطيت كلَّ إنسانٍ مسألتَه، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقصُ المِخْيَط إذا أُدخِل البحر، يا عبادي، إنما هي أعمالكم أُحصِيها لكم، ثم أوفِّيكم إيَّاها، فمَن وجد خيرًا فليحمَدِ الله، ومَن وجد غير ذلك فلا يلومنَّ إلا نفسه))، قال سعيد: كان أبو إدريس إذا حدَّث بهذا الحديث جثا على ركبتيه؛ رواه مسلم.


وروينا عن الإمام أحمد بن حنبل - رحمه الله - قال: ليس لأهل الشام حديث أشرف من هذا الحديث.


الشرح:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما نقله عن أبي ذرٍّ الغِفَاري - رضي الله عنه - في باب المجاهدة، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال فيما يرويه عن ربه - تبارك وتعالى، يعني أن الرسول - عليه الصلاة والسلام - حدَّث عن الله أنه قال... إلى آخره، فهذا الحديث حديث عظيم، تناوله العلماء بالشرح، واستنباط الفوائد والأحكام منه، وممَّن أفرد له مؤلَّفًا شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - فإنه شرح هذا الحديث في كتاب مستقل، فعلى الإنسان أن يتدبر هذا الحديث ويتأمله، ولا سيما الجملة الأخيرة منه، وهي أن الإنسان يُجزَى بعمله، إنْ خيرًا فخير، وإنْ شرًّا فشر، وهذا هو وجهُ وضع المؤلِّف لهذا الحديث في باب المجاهدة، أن الإنسان ينبغي له أن يجاهد نفسه، وأن يعمل الخير حتى يجد ما عند الله خيرًا وأعظم أجرًا، والله الموفِّق"؛ انتهى ما جاء في شرح رياض الصالحين.


المجاهدة في القرآن:

في القرآن آيات تحث على المجاهدة في كل العبادات، ومن هذه الآيات: قال - تعالى -: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾ [النازعات: 40]، "وأمَّا مَن خاف مسألة الله إيَّاه عند وقوفه يوم القيامة بين يديه، فاتَّقاه بأداء فرائضه، واجتناب معاصيه، ﴿ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى ﴾، يقول: ونهى نفسه عن هواها فيما يكرهه الله، ولا يرضاه منها، فزجرها عن ذلك، وخالف هواها إلى ما أمره به ربه، ﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾، يقول: فإن الجنة هي مأواه ومنزله يوم القيامة"[1]، وهذا يؤكِّد على أن مَن "خاف القيام بين يدي الله - عز وجل - وخاف حُكْمَ الله فيه، ونهى نفسه عن هواها، ورَدَّها إلى طاعة مولاها، ﴿ فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾؛ أي: منقلبُه ومصيرُه ومرجعُه إلى الجنة الفيحاء"[2].


القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]؛ "يقول - تعالى ذكره -: والذين قاتلوا هؤلاء المفترين على الله كذبًا من كفار قريش، المكذِّبين بالحقِّ لما جاءهم فينا، مُبتغِين بقتالهم علوَّ كلمتنا، ونُصرةَ ديننا، ﴿ لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ﴾، يقول: لنوفِّقنهم لإصابة الطريق المستقيمة، وذلك إصابة دين الله الذي هو الإسلام الذي بعث الله به محمدًا - صلى الله عليه وسلم.


﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾؛ يقول: وإن الله لمع مَن أحسن مِن خَلْقه، فجاهد فيه أهل الشرك، مُصَدِّقًا رسولَه - صلى الله عليه وسلم - فيما جاء به من عند الله بالعونِ له، والنصرة على مَن جاهد من أعدائه[3]، قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا أحمد بن أبي الحَواري، حدثنا عباس الهمداني أبو أحمد - من أهل عكا - في قول الله: ﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾، قال: الذين يعملون بما يعلمون، يهدِيهم لِما لا يعلمون، قال أحمد بن أبي الحواري: فحدَّثت به أبا سليمان الداراني فأعجبه، وقال: ليس ينبغي لِمَنْ ألهم شيئًا من الخير أن يعمل به حتى يسمعه في الأثر، فإذا سمعه في الأثر عمل به، وحمِد اللهَ حين وافَق ما في نفسه"[4].


القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].


يقول - تعالى ذكره - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: واعبدْ ربَّك حتى يأتيَك الموت، الذي هو مُوقَن به، وقيل: يقين، وهو موقَن به، كما قيل: خمر عتيق، وهي معتَّقَة"[5].


جاء في تفسير الطبري:

"القول في تأويل قوله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا * رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلًا * وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْرًا جَمِيلًا ﴾ [المزمل: 8 - 10].


يقول - تعالى ذكره -: ﴿ وَاذْكُر ﴾ يا محمد ﴿ اسْمَ رَبِّكَ ﴾، فادعُه به: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، يقول: وانقطع إليه انقطاعًا لحوائجك وعبادتك دون سائر الأشياء غيره، وهو مِن قولهم: تبتَّلتُ هذا الأمر، ومنه قيل لأم عيسى ابن مريم: البتول؛ لانقطاعها إلى الله، ويقال للعابد المُنقَطِع عن الدنيا وأسبابها إلى عبادة الله: قد تبتَّل، ومنه الخبر الذي رُوي عن النبي - صلى الله عليه وسلم - "أنه نهى عن التبتُّل".


عن ابن عباس، قوله: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، قال: أخلصْ له إخلاصًا.


وعن مجاهد، في قوله: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، قال: أخلصْ إليه المسألة والدعاء.


وعن الحسن، في قوله: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، قال: بَتِّل نفسَك واجتهد.


وعن قتادة، قوله: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، يقول: أخلص له العبادة والدعوة.


وقال ابن زيد، في قوله: ﴿ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا ﴾، قال: أي تفرَّغ لعبادته، قال: تبتَّل، فحبذا التبتلُ إلى الله، وقرأ قول الله: ﴿ فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ ﴾ [الشرح: 7]، قال: إذا فرغت من الجهاد فانصب في عبادة الله، ﴿ وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ﴾ [الشرح: 8].


وقوله: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنَى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ ﴾ [المزمل: 20]، يقول لنبيه محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -: إن ربك يا محمدُ يعلمُ أنك تقوم أقربَ من ثُلُثَي الليل مصلِّيًا، ونصفَه وثُلُثه.


وقوله: ﴿ وَطَائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ ﴾؛ يعني: من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذين كانوا مؤمنين بالله حين فرض عليهم قيام الليل.


وقوله: ﴿ وَاللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ ﴾، بالساعات والأوقات.


قوله: ﴿ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ ﴾، يقول: عَلِم ربُّكم - أيها القوم الذين فرض عليهم قيام الليل - أن لن تُطِيقوا قيامَه ﴿ فَتَابَ عَلَيْكُمْ ﴾؛ إذ عجزتم وضَعُفتم عنه، ورجع بكم إلى التخفيف عنكم"؛ انتهى.


جاء في تفسير الطبري:

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ ﴾، قال: مَن يعمل مثقال ذرَّة من خير من كافر، يَرَ ثوابه في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يخرج من الدنيا، وليس له عنده خير، ﴿ وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، من مؤمن، يرَ عقوبته في الدنيا في نفسه وأهله وماله وولده، حتى يخرج من الدنيا وليس عنده شيء.


حدثني محمود بن خِداش، قال: ثنا محمد بن يزيد الواسطي، قال: ثنا محمد بن مسلم الطائفي، عن عمرو بن دينار، قال: سألت محمد بن كعب القُرَظي، عن هذه الآية: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾ [الزلزلة: 7، 8]، قال: مَن يعمل مثقال ذرَّة من خير من كافر، يرَ ثوابها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج من الدنيا وليس له خير، ومن يعمل مثقال ذرة من شرٍّ من مؤمن، يرَ عقوبتها في نفسه وأهله وماله، حتى يخرج وليس له شر.


حدثني أبو الخطاب الحساني، قال: ثنا الهيثم بن الربيع، قال: ثنا سماك بن عطية، عن أيوب، عن أبي قِلابة، عن أنس، قال: كان أبو بكر - رضي الله عنه - يأكُلُ مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزلت هذه الآية: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، فرفع أبو بكر يدَه من الطعام، وقال: يا رسول الله، إني أُجزَى بما عملت من مثقال ذرة من شرٍّ؟! فقال: ((يا أبا بَكر، ما رأيْتَ في الدنْيا ممَّا تكرهُ فمثَاقيلُ ذَرِّ الشَّرِّ، وَيَدَّخِرُ لَكَ اللهُ مثَاقِيلَ الخير حتى تُوَفَّاه يَوْمَ الْقِيامَةِ)).


حدثنا ابن بشار، قال: ثنا أيوب، قال: وجدنا في كتاب أبي قِلابة، عن أبي إدريس: أن أبا بكر كان يأكل مع النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - فأنزلت هذه الآية: ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، فرفَع أبو بكر يده من الطعام، وقال: إني لراءٍ ما عملتُ، قال: لا أعلمه إلا قال: ما عملتُ من خير وشرٍّ؟! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إنَّ ما تَرَى مِمَّا تَكْرَهُ فَهُوَ مثَاقِيلُ ذَر شرٍّ كَثِيرٍ، وَيَدَّخِرُ اللهُ لَكَ مَثَاقِيلَ ذَر الخَيْرِ حتى تُعْطَاهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ))، وتصديق ذلك في كتاب الله: ﴿ مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30].


حدثني يعقوب، قال: ثنا ابن عُلَية، قال: ثنا أيوب، قال: قرأت في كتاب أبي قلابة قال: نزلت ﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾، وأبو بكر يأكل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فأمسك، وقال: يا رسول الله، إني لراءٍ ما عملتُ من خير وشر؟ فقال: ((أرأيْتَ ما رأيْتَ مِمَّا تَكْرَهُ، فَهُوَ مِنْ مثَاقِيلِ ذَر الشَّرِ، وَيُدَّخَرُ مثَاقِيلُ ذَر الخَيْرِ، حتى تُعْطَوْهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ))، قال أبو إدريس: فأرى مصداقها في كتاب الله، قال: ﴿ مَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾.


حدثني يعقوب بن إبراهيم، قال: ثنا ابن عُليَة، عن داود، عن الشعبي، قال: قالت عائشة: يا رسول الله، إن عبدالله بن جُدْعان كان يَصِل الرَّحِم، ويفعل ويفعل، هل ذاك نافعُه؟ قال: ((لا، إنه لم يقُلْ يومًا: ربِّ، اغفر لي خطيئتي يوم الدين))؛ انتهى.



[1] تفسير الطبري.

[2] تفسير ابن كثير.

[3] تفسير الطبري.

[4] تفسير ابن كثير.

[5] تفسير الطبري.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • المجاهدة في السنة (1)
  • خطبة عن المجاهدة

مختارات من الشبكة

  • أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر (1)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • كيف يحقق المؤمن عبودية الافتقار إلى الله تعالى؟ (10): (المجاهدة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجاهدة في أداء أمانة التعليم للطلاب والمعلمين وأولياء الأمور زمن (كورونا)(مقالة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • شرح باب المجاهدة من كتاب رياض الصالحين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المجاهدة على العمل بالعلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأم المجاهدة الصابرة نسيبة بنت كعب (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الأم المجاهدة الصابرة نسيبة بنت كعب (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فلسطين المجاهدة(مقالة - المسلمون في العالم)
  • أهمية المجاهدة وعلاقتها بالنصر (2)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • صاحبة الضفيرة، المجاهدة الكبيرة(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 14/11/1446هـ - الساعة: 17:59
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب