• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    الكبر
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    الفرق بين إفساد الميزان وإخساره
    د. نبيه فرج الحصري
  •  
    مهمة النبي عند المستشرقين
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (3)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    ماذا سيخسر العالم بموتك؟ (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فقه الطهارة والصلاة والصيام للأطفال
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    ثمرة محبة الله للعبد (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    خطبة: القلق من المستقبل
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    فوائد وعبر من قصة يوشع بن نون عليه السلام (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    خطبة: المخدرات والمسكرات
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    {وما النصر إلا من عند الله} ورسائل للمسلمين
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرزاق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    الأحق بالإمامة في صلاة الجنازة
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    فضل الصبر على المدين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    تفسير قوله تعالى: { والذين إذا فعلوا فاحشة أو ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    محاسن الإرث في الإسلام (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

تأثير الديون على الزكاة في الأموال الباطنة

تأثير الديون على الزكاة في الأموال الباطنة
د. أحمد بن محمد الخليل

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/4/2014 ميلادي - 19/6/1435 هجري

الزيارات: 36052

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تأثير الديون على الزكاة في الأموال الباطنة


اختلف الفقهاء في منع الدين للزكاة في الأموال الباطنة على قولين:

القول الأول:

أن الدين يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة.


أي لا زكاة في مالِ مَنْ عليه دَين يستغرق النصاب أو ينقصه[1]، ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب، أو ما لا يُستغنَى عنه، وإن كان ماله أكثر من دينه زكَّى الفاضل إذا بلغ نصابًا.


ومعنى أن الدين يمنع الزكاة أن المزكي يطرح مبلغ الدين من أمواله، ويزكي الباقي إن بلغ نصابًا، كما سيأتي عن ميمون بن مهران وغيره، قال في كشاف القناع[2]: "ومعنى قولنا: يمنع الدينُ وجوبَ الزكاة بقدره: أنا نُسقِط من المال بقدر الدين المانع، كأنه غير مالك له؛ لاستحقاق صرفه لجهة الدين، ثم يزكي المدين ما بقي من المال إن بلغ نصابًا تامًّا، فلو كان له مائة من الغنم، وعليه مالٌ؛ أي: دَين يقابل ستين منها، فعليه زكاة الأربعين الباقية؛ لأنها نصاب تام، فإن قابل الدين إحدى وستين، فلا زكاة عليه؛ لأنه - أي الدين - ينقص النصاب، فيمنع الزكاة".


وهو مذهب الحنابلة، وقول النخعي، وعطاء، والحسن، وطاوس، والثوري، وميمون بن مهران، والليث، ومالك، والثوري، والأوزاعي، وإسحاق، وأبي ثور، وأصحاب الرأي، والشافعي في القديم، واختاره ابن رشد، وأبو عبيد، والشيخ عبدالرحمن السعدي[3].

 

واستدلوا بما يلي:

الدليل الأول:

ما رواه السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان يقول: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين، فليؤدِّه حتى تُخرجوا زكاة أموالكم، ومن لم تكن عنده لم تُطلَب منه، حتى يأتي بها تطوعًا، ومن أخذ منه حتى يأتي هذا الشهر من قابل"، هذا لفظ أبي عبيد في كتاب الأموال[4]، ولفظ مالك في الموطأ[5]: "هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دين فليؤدِّ دينه، حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة".


ولفظ ابن أبي شيبة: "هذا شهر زكاتكم؛ فمن كان عليه دين فليقضِه، وزَكُّوا بقية أموالكم"[6].


قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: "إسناده صحيح، وهو موقوف"[7].


وقال ابن قدامة: "وقد قال ذلك بمحضر من الصحابة، فلم ينكروه عليه، فدل على اتفاقهم عليه"[8].

 

وجه الاستدلال:

أنه لم يأمر بإخراج الزكاة عن المؤدَّى في الدين[9].


مناقشة الدليل:

أجاب الإمام الشافعي على هذا الحديث بقوله: "وحديث عثمان يشبه - والله تعالى أعلم - أن يكون إنما أمر بقضاء الدَّين قبل حلول الصدقة في المال، في قوله: هذا شهر زكاتكم، يجوز أن يقول: هذا الشهر الذي مضى حلت زكاتكم، كما يقال شهر ذي الحجة، وإنما الحجة بعد مُضي أيام منه"، قال الشافعي: "فإذا كانت لرجل مائتا درهم وعليه دين مائتا درهم فقضى من المائتين شيئًا قبل حلول المائتين، أو استعدى عليه السلطان قبل محل حول المائتين فقضاها فلا زكاة عليه؛ لأن الحول حال وليست مائتين، وقال: وإن لم يقض عليه بالمائتين إلا بعد حلولها فعليه أن يخرج منها خمسة دراهم ثم يقضي عليه السلطان بما بقي منها"، قال الشافعي: "وهكذا لو استعدى عليه السلطان قبل الحول، فوقَف ماله ولم يقضِ عليه بالدين حتى يحول عليه الحول، كان عليه أن يخرج زكاتها ثم يدفع إلى غرمائه ما بقي"، قال الشافعي: "ولو قضى عليه السلطان بالدين قبل الحول، ثم حال الحول قبل أن يقبضه الغرماء لم يكن عليه فيه زكاة؛ لأن المال صار للغرماء دونه قبل الحول، وفيه قول ثان: أن عليه فيه الزكاة من قِبَل أنه لو تلف كان منه، ومن قِبَل أنه لو طرأ له مال غير هذا كان له أن يحبس هذا المال وأن يقضي الغرماء من غيره"[10].


جواب هذه المناقشة:

هذا الجواب من الإمام الشافعي لا ينسجم مع ألفاظ الأثر، فلفظ مالك: "حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منه الزكاة"، وأصرح منه لفظ ابن أبي شيبة: "زكاة بقية أموالكم"، فهذه الألفاظ تدل أنه بعد حلول الزكاة، وهذا ما فهمه عامة الأئمة الذين استدلوا بهذا الأثر.


وفي المدونة:

قال ابن وهب: "وقد كان عثمان بن عفان يصيح في الناس: هذا شهر زكاتكم، فمن كان عليه دَين فليقضِه حتى تحصل أموالكم، فتؤدون منها الزكاة، فكان الرجل يحصي دينه ثم يؤدي مما بقي في يديه إن كان ما بقي تجب فيه الزكاة"[11].


عن السائب بن يزيد قال: سمعت عثمان بن عفان على المنبر وهو يقول: "هذا شهر زكاتكم الذي تؤدون فيه زكاتكم، فمن كان عليه دين فليقض دينه، فإن فضل عنده ما تجب فيه الزكاة فليؤد زكاته، ثم ليس عليه شيء حتى يحول عليه الحول"[12].

 

الدليل الثاني:

ما رواه أصحاب مالك عن عمير بن عمران عن شجاع عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا كان لرجل ألف درهم، وعليه ألف درهم، فلا زكاة عليه))[13].

 

المناقشة:

أن هذا الحديث ليس له إسنادٌ ثابت.

 

الدليل الثالث:

أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((أُمِرْتُ أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأرُدَّها في فقرائكم))[14]، فدل على أنها إنما تجب على الأغنياء، ولا تدفع إلا إلى الفقراء، وهذا ممن يحل له أخذ الزكاة فيكون فقيرًا، فلا تجب عليه الزكاة؛ لأنها لا تجب إلا على الأغنياء؛ للخبر، ولقوله - عليه السلام -: ((لا صدقة إلا عن ظهر غِنًى))[15]، ويخالف من لا دَين عليه، فإنه غني يملك نصابًا[16].


ونحوه ما ذكره الماوردي حيث قال: "واستدل من قال بالأول بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن آخذ الصدقة من أغنيائكم فأردها في فقرائكم))[17]، وفيه دليلان:

أحدهما: أن من استوعب دَينُه ما بيده، فليس بغني، فلم تجب عليه زكاة.


والثاني: أنه جعل الناس صنفين: صنفًا تؤخذ منه، وصِنفًا تدفع إليه، وهذا ممن تدفع إليه، فلم يجز أن تؤخذ منه"[18].


المناقشة:

قال الماوردي: "لا حجة فيه؛ لأن أول دليله: لا ينفي أخذ الصدقة ممن ليس بغني، وثاني دليله: مرفوع بالإجماع على وجود قسم ثالث، يؤخذ منه ويدفع إليه، [وهو][19] بنو السبيل، تؤخذ منه الصدقة عن أموالهم الغائبة، وتدفع إليهم الصدقة في أسفارهم للحاجة الماسة"[20].


الدليل الرابع:

وهو يحقق الدليل السابق، وهو أن الزكاة إنما وجبت مواساة للفقراء، وشكرًا لنعمة الغنى، والمدين محتاج إلى قضاء دينه كحاجة الفقير أو أشد، وليس من الحكمة تعطيل حاجة المالك لحاجة غيره، ولا حصل له من الغنى ما يقتضي الشكر بالإخراج، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ابدأ بنفسك ثم بمن تعول))[21].


المناقشة:

قال شيخنا محمد بن عثيمين:

"وأما الدليل النظري: وهو أن الزكاة وجبت مواساة، فنقول:

أولاً: نمانع في هذا الشيء، فأهم شيء في الزكاة ما ذكره الله عز وجل: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103]، فهي عبادة يطهر بها الإنسان من الذنوب، فإنَّ الصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وتزكو بها النفوس، ويشعر الإنسان إذا بذلها بانشراحِ صدر واطمئنان قلب، فليس المقصود من الزكاة هو المواساة فقط.


ثم على فرض أن من أهدافها المواساة، فإن هذا لا يقتضي تخصيص العمومات؛ لأن تخصيص العمومات معناه إبطال جانب منها، وهو الذي أخرجناه بالتخصيص، وإبطال جانب من مدلول النص ليس بالأمر الهيِّن الذي تقوى عليه علة مستنبطة، قد تكون عليلة، وقد تكون سليمة، وقد تكون حية، وقد تكون ميتة.


لكن لو نص الشارع على هذا، لكان للإنسان مجال أن يقول: إن المدين ليس أهلاً لأن يواسي، بل يحتاج إلى من يواسيه.


وأما حاجة المدين فعلى الرحب والسعة؛ فهو أحد الأصناف الذين تُدفَع إليهم الزكاة؛ لقضاء حاجتهم، فهو من الغارمين فنقول: نحن نقضي دينك من الزكاة، وأنت تتعبد لله بأداء الزكاة"[22].


الدليل الخامس:

وعن ابن شهاب: "أنه سئل عن رجل تسلف في حائط له، أو في حرثه، حتى أحاط بما خرج له، أيزكي حائطه ذلك، أو حرثه؟ فقال: لا نعلمه في السنة أن يترك ثمر رجل كان عليه دين، ولكنه يصدق وعليه دين، فأما رجل كان عليه دين، وله وَرِق وذهب، فإنه لا يصدق في شيء من ذلك حتى يقضي دينه"[23].


الدليل السادس:

قال ابن سيرين: "كانوا يرصدون العين في الدين، ولا يرصدون الثمار في الدين"[24].


الدليل السابع:

وقال أبو عبيد بعد أن ذكر الآثار عن الصحابة وغيرهم من التابعين: "وقالوا جميعًا: أما إذا كان دَينه من الذهب والورِق، وعنده منهما مثله، فإنه لا زكاة عليه، فاتفقوا جميعًا على إسقاطها عنه في الصامت مع الدين، واتفقوا جميعًا على إيجابها عليه في الأرض مع الدين، إلا من اتبع تلك الآثار"[25].


الدليل الثامن:

أنه قول جمهور التابعين، فقد ذكر ابن أبي شيبة[26] ثمانية آثار، سبعة منهم يرون عدم احتساب الدين من الزكاة، وهم: طاوس، عطاء، إبراهيم، فُضَيل، الحسن، ميمون.


والذي يرى وجوب الزكاة في الدين على المدين هو: حمَّاد فقط.


الدليل التاسع:

إجماع الصحابة؛ فإنهم كانوا متوافرين ساكتين ومسلِّمين لقول عثمان، فدل ذلك على إجماعهم[27].


الدليل العاشر:

أن الزكاة مال يملَّك بغير عِوَض، فوجب أن يكون الدين مانعًا منه، كالميراث لا يُستحَق مع ثبوت الدين[28].


المناقشة:

قال الماوردي: "وأما قياسهم على الميراث، فليس الدَّين مانعًا من الميراث؛ لأن الميراث حاصل، وقضاء الدَّين واجب، ألا ترى أن الوارث لو قضى الدَّين من ماله لاستحق ميراث ميته، على أنه باطل بزكاة الفطر؟"[29].


الدليل الحادي عشر:

أنه مال يستحق إزالة يده عنه، فوجب ألا تجب فيه الزكاة كَمَالِ المكاتب[30].


المناقشة:

قال الماوردي: "وأما قياسهم على المكاتب، فليس المعنى فيه أنه ممن يستحق إزالة يده عن ماله، وإنما المعنى فيه أنه غير تام الملك، ألا ترى أن المكاتب لو كان معه قدر دينه فأكثر، لم يستحق إزالة يده عنه، ثم مع هذا لا زكاة عليه"[31].


الدليل الثاني عشر:

أن المال المستحق بالدين محتاج إليه، وسبب وجوب الزكاة هو المال الفاضل عن الحاجة، المعَدُّ للنماء والزيادة[32].


وبعبارة أخرى: "قضاء الدَّين من الحوائج الأصلية، والمال المحتاج إليه حاجة أصلية لا يكون مالَ زكاة"[33].


وبعبارة ثالثة: "أنه مشغول بحاجته الأصلية، وهي دفع المطالبة والملازمة في الدنيا، وألا يكون حائلاً بينه وبين الجنة في الآخرة، فصار كالماء المستحق للعطش يجوز معه التيمم، وكثياب البذلة والمهنة لا تجب زكاتها ولو بلغت نصابًا"[34].


الدليل الثالث عشر:

أن حق صاحب الدين مقدَّم بالزمان على حق المساكين، وهو في الحقيقة مال صاحب الدين، لا الذي المالُ بيده[35].


الدليل الرابع عشر:

أن ملك المدين للمال غير مستقر؛ لأنه ربما أخذه الحاكم بحق الغرماء فيه[36].


الدليل الخامس عشر:

أن مستحِق الدين تلزمه الزكاة، فلو أوجبنا على المديون أيضًا لزم تثنية الزكاة في المال الواحد[37].


المناقشة:

نوقش هذا الدليل بأن المال متعلق بذمة المدين لا بعين ماله، فالذي يزكَّى هذا المالُ الذي بيده لا نفس الدين، ومما يدل على أن الدين متعلق بالذمة لا بعين المال أنه لو تلف المال الذي بيد المدين فإنه يلزمه مع ذلك وفاء الدين[38].


وقريب منه ما ذكره في الحاوي الكبير فقال: "هما مالان لرجلين، فزكاة هذا المال في عينه، وزكاة الدَّين على مالكه، والعين غير الدين"[39].


الدليل السادس عشر:

أنها عبادة يتعلق وجوبها بالمال، فوجب أن يكون الدين مانعًا منها كالحج[40].


المناقشة:

قال الماوردي: "قياسهم على الحج غير صحيح؛ لأن الجمع بين الحج والزكاة ممتنع لوجوب الزكاة على الصبي والمجنون، وإن لم يجب الحج عليهما، ووجوب الحج على الفقير إذا كان مقيمًا بمكة، وإن لم تجب الزكاة عليه، فثبت أن اعتبار أحدهما بالآخر في الوجوب غير صحيح"[41]


القول الثاني:

أن الدَّين لا يمنع وجوب الزكاة في الأموال الباطنة، وهو مذهب الشافعية، ورواية عن أحمد، ومذهب الظاهرية، واختاره النووي والماوردي[42].


الأدلة:

1- أنه حر مسلم ملَك نصابًا حولاً فوجبت عليه الزكاة، كمن لا دين عليه، ولأن ما بيده ماله، يجوز له التصرف فيه، فوجب أن يستحق الأخذ منه[43].


المناقشة:

تقدم في أدلة القول الأول أن ملك المدين للمال مِلك ناقص، وأن قَدْر الدَّين من ماله مستحَق للدائن.


2- عموم الأدلة التي تدل على وجوب الزكاة في المال؛ كقوله تعالى: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا ﴾ [التوبة: 103][44].


المناقشة:

هذه العمومات مخصوصة بالأدلة التي استدل بها أصحاب القول الأول.


3- ذكر ابن حزم أنه لم يأتِ قرآن ولا سنَّة صحيحة ولا سقيمة ولا إجماع يدل على إسقاط الدَّين للزكاة، بل قد جاءت السنن الصحاح بإيجاب الزكاة في المواشي والحَب والتمر والذهب والفضة بغير تخصيص مَنْ عليه دينٌ ممن لا دَين عليه[45].


المناقشة:

هذا الدليل ذو شقين:

فالأول عدم الدليل على إسقاط الدين للزكاة، وتقدم أن أصحاب القول الأول ذكروا أدلتهم في ذلك.


وأما الثاني وهو قوله: "بل قد جاءت السنن الصحاح.. إلخ"، فقد تقدم أن هذه العمومات مخصوصة بالأدلة التي ذكرها أصحاب القول الأول.


4- أن رهْن المال في الدَّين أقوى من استحقاقه بالدين؛ لأن الرهن في الرقبة، والدين في الذمة، فلما لم يكن الرهن في الدين مانعًا من وجوب الزكاة، كان أولى ألا يكون مجرد الدين مانعًا من وجوب الزكاة[46].


5- أن الدين واجب في الذمة، والزكاة لا تخلو من أن تكون واجبة في العين، أو في الذمة، فإن وجبت في العين، لم يكن ما في الذمة مانعًا منها؛ كالعبد إذا جنى وفي ذمة سيده دَين يحيط بثمنه، لم يكن الدين مانعًا من وجوب الأَرْش في رقبته.


وإن وجبت الزكاة في الذمة لم يكن ما ثبت من الدَّين أولاً في الذمة مانعًا منها؛ كالدَّيْن إذا ثبت في الذمة لزيد، لم يكن مانعًا من ثبوت دَين آخر في الذمة لعمرو، وهذا الاستدلال يتحرر من اعتلاله قياسان:

أحدهما: أنه حق يتعلق بمال يسقط بتلفه، فوجب ألا يمنع من ثبوته، كالجناية.


والثاني: أنه حق مال محض، فوجب ألا يكون ثبوت الدين بمجرده مانعًا من وجوبه كالدين[47].


المقارنة والترجيح:

الذي يظهر أن الدَّين يمنع وجوب الزكاة على ما سبق تفصيله في القول الأول، ومما يقوي هذا عندي أمران:

الأول: أن هذا هو قول جمهور السلف - رحمهم الله - بل حكي إجماع الصحابة كما تقدم.


الثاني: أن هذا القول أقرب لمقصد الشارع فيما يظهر، والله أعلم.


قال ابن رشد: "والأشبه بغرض الشارع إسقاط الزكاة عن المدين؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((فيها صدقة تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم))[48]، والمدين ليس بغني"[49]؛ اهـ.



[1] المغني 4/266، كشاف القناع 2/175.

[2] 2/175.

[3] تحفة الفقهاء ص: 129، الذخيرة للقرافي 2/410، الروضة 2/197، 3/14، المغني 4/264، الحاوي الكبير 4/323، إرشاد أولي البصائر ص74، 75.

[4] ص 442، وأخرجه البيهقي 4/148، مسند الشافعي 1/97، الأم 2/50، ابن أبي شيبة 4/315، وعبدالرزاق 4/92.

[5] برقم 525.

[6] ابن أبي شيبة 4/315.

[7] المطالب العالية 5/504.

[8] المغني 4/264.

[9] شرح الزركشي 2/484.

[10] الأم 2/50.

[11] المدونة الكبرى 2/274.

[12] المدونة الكبرى 2/277.

[13] ذكره في الذخيرة للقرافي 2/410، ولم أجده في مصادر التخريج، ذكره ابن عبدالهادي في التنقيح، وينقل كلامه هنا؛ فهو مهم.

[14] أخرجه البخاري 1496، ومسلم 19، وأبو داود 1584، والترمذي 625، والنسائي 5/2، وابن ماجه 1783.

[15] البخاري تعليقًا في كتاب الوصايا، باب تأويل قوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ} [النساء: 12]، وأحمد 2/230، وأخرج البخاري نحوه برقم 1426.

[16] المغني 4/264، الذخيرة للقرافي 2/410.

[17] تقدم قريبًا.

[18] الحاوي الكبير 4/324.

[19] هكذا في المطبوع، ولعل صوابها [وهم].

[20] الحاوي الكبير 4/325.

[21] المغني 4/264.

[22] الشرح الممتع 6/32.

[23] الأموال ص507.

[24] الأموال ص 507.

[25] الأموال ص 508.

[26] المصنف 4/314.

[27] المقدمات ص207، الفقه المالكي 2/8.

[28] الحاوي الكبير 4/324 .

[29] الحاوي الكبير 4/326.

[30] الحاوي الكبير 4/324.

[31] الحاوي الكبير 4/326.

[32] تحفة الفقهاء ص 129.

[33] تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق 1/225.

[34] فتح القدير 2/161.

[35] بداية المجتهد 1/246.

[36] المهذب للشيرازي 1/142، وانظر: المجموع 5/346.

[37] المجموع 3/43، 5/346، الحاوي الكبير 4/324.

[38] الممتع 6/35.

[39] الحاوي الكبير 4/324.

[40] حاشية الجمل على شرح المنهاج 2/289، نهاية المحتاج شرح المنهاج 2/132، الحاوي الكبير 4/324.

[41] الحاوي الكبير 4/325.

[42] الحاوي الكبير 4/324، روضة الطالبين 2/197، الإنصاف مع الشرح الكبير 6/339، المحلى 6/101، 102.

[43] الشرح الكبير مع الإنصاف 6/338، الحاوي الكبير 4/324، المحلى 6/102.

[44] الحاوي الكبير 4/324.

[45] المحلى 6/102.

[46] الحاوي الكبير 4/325.

[47] الحاوي 4/325.

[48] تقدم تخريجه.

[49] بداية المجتهد 1/246.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أموال الزكاة الظاهرة والباطنة
  • تأثير الديون على الزكاة في الأموال الظاهرة
  • الدين المؤجل والمعجل ودين الله ودين الآدمي
  • صور معاصرة لمسألة زكاة الدين
  • زكاة الدين أو المال المغصوب أو المسروق
  • الاستعاذة من كثرة الديون

مختارات من الشبكة

  • تعريف الزكاة والدين لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة المصانع والشركات والأسهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الديون المغربية الخارجية مطلع القرن 20 م وتأثيرها في تغلغل الرأسمال الفرنسي بالمغرب(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • أقسام الزكاة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأثير الفقر على الأطفال يفوق كل التأثيرات(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • فوائد الصيام لجسم الإنسان (مصوَّر)(مقالة - ملفات خاصة)
  • الزكاة المفروضة (9): حقوق الله تعالى في أداء الزكاة(مقالة - موقع الشيخ إبراهيم بن محمد الحقيل)
  • شروط وجوب الزكاة وحكم مانعها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الزكاة ( أحكامها ودليل فرضيتها ومتى فرضت؟ والحث عليها )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • زكاة حلي المرأة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 16/11/1446هـ - الساعة: 14:43
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب