• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
  •  
    إذا استنار العقل بالعلم أنار الدنيا والآخرة
    السيد مراد سلامة
  •  
    خطبة: أم سليم صبر وإيمان يذهلان القلوب (2)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    تحريم أكل ما ذبح أو أهل به لغير الله تعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

مصارف الزكاة

مصارف الزكاة
د. عبدالحسيب سند عطية و د. عبدالمطلب عبدالرازق حمدان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/4/2014 ميلادي - 12/6/1435 هجري

الزيارات: 43541

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مصارف الزكاة


وهي الجهات التي تُصرف فيها أموال الزكاة، وقد بيَّنها الله - تعالى - في قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 60].

 

حدَّدتِ الآية الكريمة مصارفَ الزكاة في ثمانية أصناف:

الصنف الأول: الفقراء: جمع فقير، وهو المحتاج المتعفِّف الذي لا يسأل.

 

• ويرى الحنفية: أن الفقير هو مَن يملك شيئًا دون النِّصاب الشرعي في الزكاة، وقد اختلف الحنفية في تحديد المراد بالنصاب؛ أهو نصاب النقد مائتا درهم، أم هو النصاب المعروف في أي مال كان؟

 

فيرى البعض أن الذي يملكُ دون نصابٍ من النقود، فهو فقير.

 

ويرى البعض: أن الذي يملك دون النصاب من غير النقود كأربع من الإبل، فهو فقير[1].

 

الصنف الثاني: المساكين: جمع مسكين، والمسكين هو المحتاج المتذلِّل الذي يسأل الناس[2].

 

• والمسكين عند الحنفية: هو الذي لا يملك شيئًا، وهو المُعدِم الذي لا شيء له.

 

• والمسكين عند جمهور الفقهاء هو مَن قدر على مال أو كسبٍ حلال لائقٍ يقع موقعًا من كفايتِه، وكفاية مَن يعولُه، ولكن لا يجدُ تمام الكفاية[3].

 

أي الصنفين أسوأ حالاً؟

• فعند الشافعية والحنابلة الفقير أسوأ حالاً.

 

• وعند المالكية، وهو المشهور عند الحنفية، أن المسكين أسوأ حالاً من الفقير[4].

 

ومهما كان بين الفقهاء من خلاف، فإن الآية الكريمة قد حدَّدت أنهما من مستحقي الزكاة.

 

كيفية الإعطاء للفقراء والمساكين؟

يُعطَى الفقير أو المسكين ما يكفيه؛ أي: حد الكفاية التي بها قِوامُ العيش وسِداد الخَلَّة، وذلك يعتبر في كل إنسان بقدر حاله ومعيشته، وليس فيها حدٌّ معلوم؛ لقول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -: "إذا أعطيتم، فأغنوا"، فكان - رضي الله عنه - يعملُ على إغناء الفقير بالزكاةِ، لا مجرد سد جوعتِه بلُقَيمات.

 

جاء رجل يشكو إليه سوء الحال، فأعطاه ثلاثًا من الإبل؛ وما ذلك إلا لتقيَه من العَيْلة، وقال معلنًا عن سياسته تجاه الفقراء: "لأُكرِّرن عليهم الصدقة، وإن راح على أحدِهم مائة من الإبل"[5].

 

الصنف الثالث: العاملون عليها:

وهم الموظَّفون الذين يُعيِّنُهم ولي الأمر ليجمَعوا الصدقات ويقوموا على رعايتها، ثم توزيعها على مستحقيها، وهؤلاء يُعطَون من أموال الزكاة ما يكفيهم، ويتناسب مع عملهم، ولو كانوا أغنياء[6]، وهؤلاء العاملون عليها لهم وظائف شتى، وأعمال متشعِّبة، كلها متصل بتنظيم أمر الزكاة؛ بإحصاء مَن تجب عليه، وفيمَ تجب، ومقدار ما يجب، ومعرفة مَن تجب له، وكم عددهم، ومبلغ حاجتهم، وقدر كفايتهم، إلى غير ذلك من الشؤون التي تحتاج إلى جهاز كامل من الخبراء.

 

ويمكن تقسيم هذا الجهاز في عصرنا الحاضر إلى إدارتين:

الأول: إدارة تحصيل الزكاة.

الثاني: إدارة توزيع الزكاة.

 

الإدارة الأولى: وظيفتها إحصاءُ مَن تجب عليهم الزكاة، وأنواع أموالهم، ومقادير ما يجب عليهم فيها، ورصد ذلك وجمعه من أهله، والقيام على حفظِه بعد جمعه، وهو يُشبِه مأموري الضرائب الآن، بَيْدَ أن هذه الإدارة أوسع مجالاً من إدارة الضرائب، فإدارة الضرائب مجالُها جمع النقود، أما إدارة جمع الزكاة، فتشمل أنواعاً أخرى، ويمكن بيان تخصُّصها في المجالات التالية:

1- قسم للرِّكاز والمعادِن، ويجب فيه الخمس 20%.

2- قسم للحبوب والثمار، ويجب فيه العشر 10%، أو نصف العشر 5%.

3- قسم للماشية من إبل وبقر وغنم، ولها حساب خاص بها.

4- قسم للنقود وأموال التجارة، ويجب فيه ربع العشر 2.5%.

 

الإدارة الثانية: (إدارة توزيع الزكاة):

قال النووي: ينبغي للإمام والساعي وكل مَن يُفوَّض إليه أمرُ تفريق الزكاة، أن يعتني بضبط المستحقِّين، ومعرفة أعدادهم، وأقدار حاجاتهم، ويمكن أن تُقسَّم هذه الإدارة إلى فروع:

أ- قسم للفقراء بسبب العجز عن العمل، وهم العَجَزة من المرضى والزَّمْنَى والمكفوفين، والمصابين في أثناء العمل، وذوي الضعف العقلي، واليتامى، والأرامل، والشيوخ الهَرمين، تقوم جهة من هذه الإدارة بالتوزيع عليهم.

 

ب- قسم لذوي الدخل القاصر عن كفايتهم، وهم الذين يكتسبون، ولكن كسبهم لا يكفيهم؛ لقلة الأجر، أو لكثرة العيال، أو لارتفاع الأسعار، وهم الفقراء والمساكين.

 

ج- وقسم لأصحاب الكوارث، ويشمل الغارِمين لإصلاح ذات البَيْن، وما يقاس عليه من ألوان البر والخدمات الاجتماعية.

 

د- وقسم لإعانة المهاجرين، والمشرَّدين، واللاجئين الذين فرُّوا من بلاد الكفر إلى بلاد الإسلام، والطلاب المبعوثين من بلاد أخرى لكي يتعلموا تعاليم الإسلام، وهو مصرف ابن السبيل كما سيأتي.

 

هـ- وقسم لهيئات نشر الإسلام في بلاد الكفر، والدعوى إليه، وإبلاغ رسالته إلى العالم، وهو مصرف في سبيل الله [7]، كما سنُفصِّل ذلك في موضعه.

 

ومهمة هؤلاء تحديدُ ما يُنفَقُ على كل قسم؛ بناءً على ما جُمع من أموال للزكاة.

 

ما يشترط في العاملين على الزكاة:

1- الإسلام، فلا يُنصَّبُ على جمعها غيرُ مسلم؛ لأنه ولايةٌ على المسلمين، والكافر ليس من أهلها؛ لقوله - تعالى -: ﴿ وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 141].

 

وعن أحمد رواية بجواز أن يكون العامل غير مسلم؛ لعموم لفظ: ﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة: 60]، قال ابن قدامة: والأولى أن يكون مسلمًا؛ لأنه عملٌ يشترط فيه الأمانة، فاشترط له الإسلام كالشهادة [8].

 

2- أن يكونَ بالغًا عاقلاً.

 

3- أن يكون أمينًا؛ لأنه مؤتمنٌ على أموال المسلمين، فلا يجوز للموظَّفِ على الزكاة أن يكتم فيها شيئًا، ولا يجوز أن يأخذ شيئًا ويسميه هديَّةً، فهذا ابن اللُّتْبِيَّة استعمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جمع الصدقات، فلما قدِم قال: هذا لكم، وهذا أُهدي إليَّ، قال[9]: فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطيبًا، فحمِد الله وأثنى عليه، ثم قال: ((أما بعد، فإني أستعمل الرجلَ منكم على العمل مما ولاَّني الله عليه، فيأتي فيقول: هذا لكم وهذا هدية أهديت لي، أفلا جلس في بيت أبيه وأمه، فينظر هل تأتيه هديته إن كان صادقًا؟! والله لا يأخذ أحدٌ منكم شيئًا بغير حقه إلا لقي اللهَ يحمله يوم القيامة، فلا أعرفن أحدًا منكم لقي الله يحمل بعيرًا له رغاءً، أو بقرةً لها خُوار، أو شاة تَيعر - تصيح))، ثم رفع يديه حتى رئي بياض إبطيه يقول: ((اللهم هل بلغتُ؟!))[10].

 

4- العلم بأحكام الزكاة؛ لأنه يحتاج إلى معرفة ما يؤخذ وما لا يؤخذ.

 

5- أن يكون أهلاً للقيام بهذا العمل، قادرًا على أعبائه؛ لقوله - تعالى -: ﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾ [القصص: 26].

 

6- أن يكون ذكرًا؛ لأن ظاهر قوله - تعالى -: ﴿ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا ﴾ [التوبة: 60] لا يشمل النساء؛ لأن العاملين جمعٌ للذكور[11].

 

7- أن يكون حرًّا، ورُدَّ ذلك بقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((واسمعوا وأطيعوا ولو وُلِّي عليكم عبدٌ حبشي كأن رأسه زَبِيبَة))، ومن المعقول أنه يحصل منه المقصود فأشبه الحر، ويرد: بأنه مشغول بمصالح سيِّده[12].

 

الصنف الرابع: المؤلفة قلوبُهم:

هم الذين يُراد تأليف قلوبهم بالاستمالة إلى الإسلام، أو يُكَفُّ شرهم عن المسلمين، وهم أصناف ثلاثة:

1- قوم حديثو عهد بإسلام، يُعطَون من أموال الزكاة؛ تأليفًا لقلوبهم وتثبيتًا لهم.

 

2- وقوم لا زالوا على الشرك والكفر، ولكن عندهم رقَّة، ويُرجَى أن يُسلِموا إن أعطوا شيئًا من الأموال.

 

3- وقوم كافرون، ولا يُرجَى إيمانهم، ولكن يُمكِن أن يدفعوا عن الإسلام شرًّا إن أخذوا شيئًا من الأموال[13].

 

وقد أشارت الأحاديث النبوية الشريفة إلى أن هؤلاء كانوا يأخذون من أموال الزكاة على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعهد أبي بكر - رضي الله عنه - من ذلك:

ما روي عن أنس - رضي الله عنه - قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يسأل على الإسلام إلا أعطاه، قال: فأتاه رجل فسأله، فأمر له بشاءٍ كثيرة، بين جبلين من شاء الصدقة، قال: فرجع إلى قومه، فقال: يا قوم، أسلِموا؛ فإن محمدًا يعطي عطاءَ مَن لا يخشى الفاقة[14].

 

ومن هذه الأقسام الثلاثة يتضح أن سهمَ المؤلَّفة قلوبهم يشمل المسلم والكافر، وفيها دليل على جواز تأليف الكافر.

 

ولكن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أشار على أبي بكر أن يمنعهم مما كانوا يأخذونه من مال الصدقات؛ لأن الدولة وقتئذٍ كانت قوية جدًّا تضرب القياصرة والأكاسرة، فكيف تبالي بهؤلاء؟!

 

وهذا ما قال به صاحب البدائع، قال: والصحيح عدم الصرف إليهم؛ لإجماع الصحابة على ذلك، ولأن أبا بكر وعمر - رضي الله عنهما - ما أعطيا سهمَ المؤلَّفة قلوبهم شيئًا من الصدقات، ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك، فكان إجماعًا[15].

 

وهل في الآية نسخ؟

قال ابن قدامة: إن النسخ إنما يكون في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - لأن النسخ إنما يكون بنص، ولا يكون النسخ بعد موت النبي - صلى الله عليه وسلم - وانقراض زمن الوحي[16].

 

وبناءً على ذلك؛ فإن الصحيح أن هذا السهم باقٍ، وأن عمر - رضي الله عنه - لم يجاوِزِ الصوابَ فيما صنع؛ لأن التأليف ليس وضعًا ثابتًا دائمًا، ولا كل مَن كان مؤلَّفًا في عصر يظل مؤلَّفًا في غيره من العصور، وأن تحديد ذلك يرجع إلى أولي الأمر وتقديرهم لما فيه خير الإسلام ومصلحة المسلمين، والذي أراه أنه إذا كانت هناك حاجةٌ إلى تأليف القلوب، فلا بأس؛ لأن قولَهم: إن الحاجة قد زالت بانتشار الإسلام، فهذه دعوى مردودة؛ لما يلي:

لأنه قد يكون في دفع هذا السهم للمؤلفة إنقاذٌ لهؤلاء من النار؛ وذلك بترغيبهم في الإسلام.

 

أو إعطاء من تعرض للاضطهاد بنزع أمواله منه بعد إسلامه، فيعطى من هذا السهم تأليفًا لقلبه؛ حتى يتمكن من الإسلام.

 

أين يُصرَف هذا السهم؟

أن يُوجَّه عن طريق مساعدات إلى الدول الفقيرة من المسلمين، التي تُحارَب من أهل الكفر حتى يشعروا بوقوف إخوانهم المسلمين بجوارهم، فالواجبُ أن يُعطَوا من هذا السهم لشد أزرهم.

 

توجيه جزءٍ من هذا السهم إلى دعاة الإسلام لنشر تعاليم الإسلام في بلاد الكفر، وغير خافٍ ما يُرصَد للحملات التبشيرية من أموال، وليس في دينهم ما في ديننا من زكاة يُصرَفُ منها جزء لتأليف القلوب[17].

 

الصنف الخامس: في الرقاب:

وهم هؤلاء الأرقَّاء الذين كاتَبهم أسيادهم على أن يدفعوا إليهم جزءًا من الأموال حتى يتحرَّروا، فهؤلاء يُعطَون من الزكاة؛ لكي ينالوا شرف الحرية.

 

والرقاب: جمع رقبة، والمراد بها: العبد والأَمَة، وفك الرقاب يكون بطريقتين:

1- إعانة المكاتب، والله أمَر بذلك في قوله - تعالى -: ﴿ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33]، وإلى هذه الطريقة ذهب الحنفية والشافعية، واحتجوا بما روي عن ابن عباس - رضي الله عنهما - أنه قال في قوله - تعالى -: ﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾ [التوبة: 60]: يريد المكاتب، يؤكِّده قوله - تعالى -: ﴿ وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ ﴾ [النور: 33][18].

 

2- العتق، وذلك بأن يشتري الرجل من زكاة مالِه عبدًا أو أَمَة فيعتقها، وهذا هو المشهور عن مالك وأحمد، قال ابن العربي: إن ذلك هو الصحيح، والحق أن العبارة تشمل الأمرين.

 

لماذا عبر القرآن عن بعض المصارف باللام، والبعض بـ(في)؟

بيَّن ذلك الفخر الرازي، فقال: إنه - تعالى - أثبت الصدقات للأصناف الأربعة الأوائل بلام التمليك، وهو قوله - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء ﴾ [التوبة: 60]، ولما ذكر الرقاب أبدل حرف اللام بحرف في، فقال: ﴿ وَفِي الرِّقَابِ ﴾، فلا بد لهذا الفرق من فائدة؟

 

وتلك الفائدة هي أن تلك الأصناف الأربعة المتقدِّمة يُدفَع إليهم نصيبُهم من الصدقات حتى يتصرفوا فيها كما شاؤوا.

 

وأما في الرقاب، فيوضع نصيبهم في تخليص رقبتِهم من الرق، ولا يُدفَع إليهم، ولا يُمكَّنون من التصرف في ذلك النصيب كيف شاؤوا، بل يوضع في الرقاب بأن يؤدَّى عنهم، وكذلك القول في الغارمين يُصرَف المال في قضاءِ ديونهم، وفي الغزاةِ يُصرَف المال إلى ما يحتاجونه في الغزو، وابن السبيل كذلك[19].

 

وقد بيَّن هذا الفرقَ ابنُ قدامة في المغني، فقال: والفرق بين هذه الأصناف والتي قبلها، أن هؤلاء أخذوا لمعنًى لم يحصُلْ بأخذهم الزكاة، والأولون حصل المقصود بأخذِهم، وهو غِنَى الفقراء والمساكين، وتأليف المؤلَّفين، وأداء أجر العاملين، وأما الأربعة الباقون، فإن قضوا حاجتهم وفضل معهم، رَدُّوا الفضل، إلا الغازي، فإن ما فضل بعد غزوِه فهو له[20].

 

الصنف السادس: الغارمون:

وهم الذين لهم أموالٌ، وعليهم ديون تستغرق تَرِكَتهم أو أكثرها، وهؤلاء تُدفَع إليهم الزكاة حتى يُسدِّدوا ما عليهم من ديون[21].

 

والغارم في مذهب الحنفية: هو مَن عليه دين ولا يملك نصابًا فاضلاً عن دَينه[22].

 

والغارم نوعان: غارم لمصلحة نفسه، وغارم لمصلحة غيره.

 

فالأول: إن استدان من غير سرفٍ يُقضَى عنه من بيت مال المسلمين[23]، وهم ثلاثة: رجل ذهب السَّيل بماله، ورجل احترق بيته، ورجل ليس له مال وله عيال، فهذا النوع خاص بأصحاب الكوارث[24].

 

شروط الغارم لنفسه:

1- أن يكون في حاجةٍ إلى ما يقضي به الدَّين، فلو كان غنيًّا يستطيع سداد ديونه من عروض عنده، لم يُعطَ من الزكاة.

 

2- أن يكون قد استدان في طاعة أو أمر مباح، فلو استدان في معصية، فلا يُعطَى من أموال الزكاة.

 

3- أن يكون الدَّين حالاًّ، فإن كان مؤجَّلاً، فقد اختلف فيه، قيل: يعطى؛ لأنه سمي غارمًا، وقيل: لا يعطى؛ لأنه غير محتاج إليه الآن.

 

4- أن يكون شأن الدَّين مما يُحبَس فيه، وهو ما كان لآدمي، وأما الزكوات والكفارات، فهي لله، بهذا الشرط قال المالكية[25].

 

الثاني: الغارم لمصلحة الغير:

وهم المعرفون بمَن يغرمون لإصلاح ذات البَيْن، وذلك بأن يحدُثَ تشاجرٌ بين قبيلتينِ، فيتوسط الرجل بالصلح، ويلتزم بالمال عِوضًا عمَّا بينهم ليطفئ الثائرة، فجاء الإسلام بجعل لهؤلاءِ نصيبًا من أموال الصدقة؛ لئلاَّ يجحف ذلك بأموال مَن قاموا بالإصلاح.

 

ودليل هذا النوع:

ما روي عن قَبِيصَةَ بنِ مُخَارِق الهلالي، قال: تحمَّلتُ حَمَالة، فأتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسأله فيها، فقال: ((أقِمْ حتى تأتيَنا الصدقة، فنأمر لك بها))، ثم قال: ((يا قبيصة، إن الصدقة لا تحل إلا لأحد ثلاثةٍ: رجل تحمَّلَ حَمَالة، فحلت له المسألة حتى يصيبها ثم يُمسِك، ورجل أصابته جائحة اجتاحت ماله، فحلت له المسألة حتى يصيب قِوامًا من عيش - أو قال: سِدادًا من عيش - ورجل أصابته فاقة حتى يقولَ ثلاثة من ذوي الحِجَا من قومه: لقد أصابت فلانًا فاقةٌ، فحلت له المسألة...)) الحديث[26].

 

الصنف السابع: في سبيل الله:

فسَّره الحنفية بمنقطع الغزاة، وهم فقراء المجاهدين الذين عجزوا عن اللحوق بجيش الإسلام لفقرِهم، تُعطَى لهم الصدقة حتى يشتروا سلاحًا وإن كان لهم كسب؛ لأن الكسب يُقعِدهم عن الجهاد، هذا عند أبي يوسف.

 

وقال محمد: منقطع الحاج، فهو في سبيل الله تعالى؛ لما فيه من امتثالِ أمر الله، ومجاهدة النفس التي هي عدو الله تعالى[27].

 

وفسَّره الكاساني بجميع القربات والطاعات، فيدخل فيه كل سعي في طاعة الله[28].

 

ويرى المالكية: أن في سبيل الله متعلِّق بالغزو والجهاد[29].

 

وهو قول الشافعية والحنابلة[30]، ولكنهم اشترطوا أن يكون المجاهد متطوعًا، ليس له راتب، فيُعطَى المجاهدُ منهم ما يكفيه للغزو، ولو كان غنيًّا.

 

ووافق أحمد الحنفيةَ في رواية أنه يجوز الصرف إلى الفقير لكي يحج حجةَ الإسلام؛ لأن الحج من سبيل الله؛ لحديث: ((الحج والعمرة في سبيل الله))[31].

 

والجمع بين الأمرين لا بأس به؛ لأن الحج لا يقلُّ في المشقة عن الجهاد، وكلاهما فيه محاربة للشيطان ورجمٌ له، كما أن فيهما مجاهدة للنفس.

 

الصنف الثامن: ابن السبيل:

وهو شخص غني في بلده وبين أهله وعشيرته، فقيرٌ في غربته، انتهت نقوده، أو فُقِدت، أو أصابها شيءٌ، فهذا يُعطَى بقدر ما يرجع إلى أهله.

 

وابن السبيل هذا لا يقتصر إعطاؤه من مال الزكاة فقط، بل يعطى من الفيء، ومن خُمُس الغنائم، ويُنفَق عليه حتى يعود إلى أهله.

 

قال - تعالى -: ﴿ وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الأنفال: 41]، فيجوز إعطاؤه من أموال الغنائم، وقوله - تعالى -: ﴿ مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ﴾ [الحشر: 7]، فهذا مال الفيء يكون له فيه حظ.

 

وله حق في المال من بابِ الإحسان، أمر بذلك القرآن الكريم في قوله - تعالى -: ﴿ وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا ﴾ [الإسراء: 26].

 

والسر في هذه العناية، أن الله - تعالى - أمر بالسير في سبيله لابتغاء الرزق، قال - تعالى -: ﴿ هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ ﴾ [الملك: 15].

 

وهذا السير متنوع؛ كالسير للجهاد، أو لطلب العلم، أو لأداء فريضة الحج، وهذه الأمور دعا إليها الإسلام ورغَّب فيها، فإذا انقطع بالإنسان الطريق، حق له أن يأخذ من مال الزكاة.

 

ويشترط لإعطائه: أن يكون محتاجًا لهذا المال كي يصل إلى وطنه وأهله، وأن يكون سفره سفر طاعة، فإن كان سفره في معصية، فإنه لا يعطى من الزكاة شيئًا[32].

 

ملحوظة:

1- ليس من الضروري استيعاب جميع الأصناف، بل يُعطَى الكل، أو أي صنف منها، كما أنه يجوز صرفُها إلى شخص واحد من هؤلاء.

 

2- لا يجوز دفع الزكاة إلى أصوله وفروعه، ولا أن يُعطِيَ الرجلُ زكاته إلى زوجته، وأن تُعطِي الزكاة إلى زوجها، ويجوز الصرف إلى غير هؤلاء من الأقارب.

 

3- لا يجوز دفع الزكاة إلى غير مسلم ولو كان ذميًّا عند الحنفية، ويجوز عند غيرهم.

 

4- لا يجوز دفع الزكاة إلى آل بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها من أوساخ الناس، وهم مبرَّؤون من ذلك[33].



[1] بدائع الصنائع ج 2ص43، حاشية ابن عابدين ج 2ص87.

[2] تفسير الطبري ج 14ص308.

[3] والمراد بالكفاية: كفاية السنة عند المالكية والحنابلة، وعند الشافعية: كفاية العمر الغالب لمثله.

[4] فقه الزكاة ج 2ص546.

[5] الأموال لأبي عبيد ص565، 566، معالم السنن ج 2ص239.

[6] فقه العبادات؛ د. بدر المتولي عبدالباسط ص191.

[7] فقه الزكاة؛ د. يوسف القرضاوي ج 2ص582، 583.

[8] المغني ج 2ص654.

[9] أي حميد الساعدي راوي الحديث، قال: استعمل النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من الأزد يقال له: ابن اللُّتْبِيَّة.

[10] الحديث رواه البخاري ومسلم؛ الترغيب والترهيب للمنذري ج 1ص277.

[11] شرح غاية المنتهى ج 2ص137.

[12] وهذا الشرط غير موجود الآن في بلادنا؛ لإلغاء الرق قانونًا، ويجوز اشتراطه لوجود الرق في بعض الممالك الإسلامية؛ لاحظ المرجع السابق.

[13] بدائع الصنائع ج 2ص43، حاشية ابن عابدين ج 2ص87.

[14] نيل الأوطار ج 4 ص166.

[15] بدائع الصنائع ج 2 ص45.

[16] المغني؛ لابن قدامة ج 2 ص710.

[17] فقه الزكاة ج 2ص609، 610.

[18] الفخر الرازي ج 16ص112، فتح القدير ج 2ص17، فقه الزكاة ج 2ص616.

[19] التفسير الكبير؛ للرازي ج 16ص112.

[20] المغني ج 2 ص670.

[21] فقه العبادات ص 192.

[22] البحر الرائق ج 2ص260.

[23] تفسير الطبري ج 14ص 338.

[24] فقه الزكاة ج 2ص 623.

[25] لاحظ في هذه الشروط: حاشية ابن عابدين ج 2 ص 73، حاشية الصاوي على الشرح الصغير ج 1ص233، المجموع ج 6ص 208، 209.

[26] نيل الأوطار ج 4 ص 168، والمراد بالحمالة: ما يتحمله الإنسان ويلتزمه في ذمته؛ ليدفعه لإصلاح ذات البين.

[27] البحر الرائق ج2 ص260.

[28] بدائع الصنائع ج 2ص 48.

[29] حاشية الصاوي على الشرح الصغير ج1 ص 233.

[30] نهاية المحتاج، ج 6ص155، المغني ج 6 ص470.

[31] المرجع السابق، نيل الأوطار ج 4ص181.

[32] المغني ج 2ص740.

[33] فقه العبادات ص193.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • مصارف الزكاة
  • أهمية الزكاة وآثارها
  • من آثار الزكاة الاجتماعية
  • تقديم الأضحية والزكاة إلى غير المسلمين
  • مستحقو الزكاة
  • مصارف الزكاة
  • مصارف الزكاة (خطبة)
  • مصارف الزكاة

مختارات من الشبكة

  • وجاءت زكاة رمضان (مصارف الزكاة)(مقالة - موقع د. طالب بن عمر بن حيدرة الكثيري)
  • مصارف الزكاة(استشارة - موقع د. صغير بن محمد الصغير)
  • مصارف الزكاة في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مصارف الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مصارف الزكاة في الإسلام في ضوء الكتاب والسنة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مصارف الزكاة من خلال آية التوبة: دراسة تحليلية (WORD)(كتاب - موقع مثنى الزيدي)
  • مصارف الزكاة في الشريعة الإسلامية (WORD)(كتاب - موقع الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله)
  • مقدار زكاة الفطر وأنواعها(مقالة - ملفات خاصة)
  • الهند: الجماعة الإسلامية تطالب بإنشاء مصارف إسلامية(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مصارف الأوقاف … التاريخ والآمال (2)(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 19/11/1446هـ - الساعة: 13:49
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب