• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

من قواعد فقه المعاملات (2) - صيغ العقود، أو بم تنعقد العقود؟

من قواعد فقه المعاملات (2) - صيغ العقود، أو بم تنعقد العقود؟
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 1/3/2014 ميلادي - 28/4/1435 هجري

الزيارات: 31499

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من قواعد فقه المعاملات (2)

صيغ العقود، أو بم تنعقد العقود؟


قاعدة: صِيَغُ العقود، أو بِمَ تنعقد العقود؟:

"تنعقدُ العقود بكلِّ ما دلَّ على مقصودِها من قولٍ أو فعلٍ".

 

قال في "المجموع":

المشهور من مذهبنا أنَّه لا يصحُّ البيعُ إلا بالإيجاب والقبول، ولا تصحُّ المعاطاة في قليلٍ ولا كثير، وبهذا قطَع المصنِّف والجمهور، واختارَ جماعاتٌ من أصحابنا جوازَ البيع بالمعاطاة فيما يعدُّ بيعًا، وقال مالكٌ: كلُّ ما عدَّه الناس بيعًا فهو بيع، وهذا هو المختار؛ لأنَّ الله تعالى أحلَّ البيع، ولم يثبت في الشرع لفظ له؛ فوجب الرجوع إلى العرف، فكلُّ ما عده الناس بيعًا كان بيعًا، كما في القبض والحرز وإحياء الموات، وغير ذلك من الألفاظ المطلقة، فإنها كلها تحملُ على العرف، ولفظة البيع مشهورةٌ، وقد اشتهرت الأحاديث بالبيع عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه - رضي الله عنهم - في زمنه وبعدَه، ولم يثبتْ في شيءٍ منها - مع كثرتها - اشتراطُ الإيجاب والقبول، والله أعلم.

 

وقال القرافي في "الفروق":

الفرق السابع والخمسون والمائة بين قاعدة البيع توسَّع العلماء فيه حتى جوَّز مالكٌ البيع بالمعاطاة؛ وهي الأفعال دون شيءٍ من الأقوال، وزاد على ذلك حتى قال: كلُّ ما عدَّه الناس بيعًا فهو بيع، وقاعدة النكاح وقَع التشديد فيها في اشتراط الصِّيَغِ حتى لا أعلم أنَّه وجد لمالك القول بالمعاطاة فيه ألبتَّة، بل لا بُدَّ من لفظ.

 

قال ابن تيمية 29/6 وما يليها - بتصرف -:

"القول الثالث: إنها تنعقدُ بكلِّ ما دلَّ على مقصودِها من قولٍ أو فعلٍ؛ فكلُّ ما عدَّه الناس بيعًا وإجارةً فهو بيعٌ وإجارة، وإنِ اختلف اصطلاح الناس في الألفاظ والأفعال انعقد العقدُ عند كلِّ قوم بما يفهَمُونه بينهم من الصيغ والأفعال، وليس لذلك حدٌّ مستمر؛ لا في شرعٍ ولا في لغةٍ، بل يتنوَّع بتنوُّع اصطِلاح الناس كما تتنوَّع لغاتهم، فإنَّ لفظ البيع والإجارة في لغة العرب ليس هو اللفظ الذي في لغة الفرس أو الروم أو التُّرك أو البربر أو الحبشة؛ ولا يجبُ على الناس التزامُ نوعٍ معيَّن من الاصطلاحات في المعاملات، ولا يحرم عليهم التعاقُد بغير ما يتعاقَدُ به غيرهم، إذا كان ما تعاقدوا به دالاًّ على مقصودهم، وإنْ كان قد يستحبُّ بعض الصفات، وهذا هو الغالب على أصول مالك، وظاهر مذهب أحمد؛ ولهذا يصحُّ في ظاهر مذهبه بيع المعاطاة مطلقًا، وإنْ كان قد وُجِدَ اللفظُ من أحدهما والفعلُ من الآخر؛ بأنْ يقول: خُذْ هذا لله، فيأخذه. أو يقول: أعطني خبزًا بدرهم، فيعطيه، أو لم يوجدْ لفظ من أحدهما؛ بأنْ يضع الثمن ويقبض جِرْزَةً البقل أو الحلواء أو غير ذلك، كما يتعاملُ به غالب الناس، أو يضع المتاع ليوضع له بدله، فإذا وضع البدل الذي يرضى به أخذه كما يجلبه التجار على عادة بعض أهل المشرق، فكل ما عدَّه الناس بيعًا فهو بيع، وكذلك في الهبة مثل الهديَّة، ومثل تجهيز الزوجة بمال يحملُ معها إلى بيت زوجها إذا كانت العادة جاريةً بأنَّه عطيَّة لا عارية، وكذلك الإجارات: مثل رُكوب سفينة الملاح المكاري ورُكوب دابَّة الجمال، أو الحمار أو البغال المكاري على الوجه المعتاد أنَّه إجارة، ومثل الدخول إلى حمام الحمامي: يدخلها الناس بالأجرة، ومثل دفع الثوب إلى غسَّال أو خيَّاط يعملُ بالأجر أو دفع الطعام إلى طباخ أو شواء يطبخ أو يشوي للآخر، سواء شوى اللحم مشروحًا أو غير مشروح.

 

الأدلَّة لهذه القاعدة:

وهذه القاعدة الجامعة التي ذكرناها من أنَّ العقود تصحُّ بكلِّ ما دلَّ على مقصودها من قولٍ أو فعلٍ هي التي تدلُّ عليها أصولُ الشريعة، وهي التي تعرفُها القلوب.

 

وذلك أنَّ الله - سبحانه وتعالى - قال: ﴿ فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ ﴾ [النساء: 3]، وقال: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ ﴾ [النور: 32]، وقال: ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ ﴾ [البقرة: 275]، وقال: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4]، وقال: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وقال: ﴿ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾ [الطلاق: 6]، وقال: ﴿ إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ ﴾ [البقرة: 282]، إلى قوله: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلَّا تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلَا يُضَارَّ كَاتِبٌ وَلَا شَهِيدٌ وَإِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 282]، ﴿ وَإِنْ كُنْتُمْ عَلَى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كَاتِبًا فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ ﴾} [البقرة: 283]، وقال: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ﴾ [البقرة: 245]، وقال: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ ﴾ [البقرة: 261]، وقال: ﴿ يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ ﴾ [البقرة: 276]، وقال: ﴿ إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعَفُ لَهُمْ ﴾ [الحديد: 18]، وقال: ﴿ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ ﴾ [النساء: 92]، وقال: ﴿ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1]، وقال: ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [البقرة: 231]...

 

إلى غير ذلك من الآيات المشروع فيها هذه العقود: إمَّا أمرًا، وإمَّا إباحةً، والمنهي فيها عن بعضها كالربا فإنَّ الدلالة فيها من وجوهٍ:

أحدها: أنَّه اكتفى بالتَّراضِي في البيع في قوله: ﴿ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 29]، وبطيب النَّفس في التبرُّع في قوله: ﴿ فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا ﴾ [النساء: 4]، فتلك الآية في جِنس المعاوضات، وهذه الآية في جِنس التبرُّعات، ولم يشترط لفظًا معينًا، ولا فعلاً معينًا يدلُّ على التراضي وعلى طيب النفس، ونحن نعلمُ بالاضطرار من عادات الناس في أقوالهم وأفعالهم أنهم يعلَمُون التراضي وطيب النفس بطرقٍ متعددة.

 

الوجه الثاني: أنَّ هذه الأسماء جاءت في كتاب الله وسنَّة رسوله معلقًا بها أحكام شرعية، وكل اسم فلا بد له من حد، فمنه ما يعلم حده باللغة؛ كالشمس والقمر والبر والبحر والسماء والأرض، ومنه ما يعلم بالشرع؛ كالمؤمن والكافر والمنافق وكالصلاة والزكاة والصيام والحج، وما لم يكن له حدٌّ في اللغة ولا في الشرع فالمرجع فيه إلى عُرف الناس؛ كالقبض المذكور في قوله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن ابتاع طعامًا فلا يبعه حتى يقبضه))، ومعلوم أنَّ البيع والإجارة والهبة ونحوها لم يحد الشارع لها حدًّا؛ لا في كتاب الله ولا سنَّة رسوله، ولا نقل عن أحدٍ من الصحابة والتابعين أنَّه عيَّن للعقود صفةً مُعيَّنةً من الألفاظ أو غيرها أو قال ما يدلُّ على ذلك: من أنها لا تنعقدُ إلا بالصيغ الخاصة، فإذا لم يكن له حد في الشرع ولا في اللغة كان المرجع فيه إلى عُرف الناس وعاداتهم، فما سموه بيعًا فهو بيع، وما سموه هبة فهو هبة.

 

الوجه الثالث: أنَّ تصرُّفات العباد من الأقوال والأفعال نوعان: عبادات يصلح بها دِينهم، وعادات يحتاجون إليها في دُنياهم، فباستِقراء أصول الشريعة نعلم أنَّ العبادات التي أوجَبَها الله أو أحبَّها لا يثبت الأمر بها إلا بالشرع، وأمَّا العادات فهي ما اعتادَه الناس في دنياهم ممَّا يحتاجون إليه، والأصل فيه عدم الحظر؛ فلا يحظر منه إلا ما حظره الله - سبحانه وتعالى - وذلك لأنَّ الأمر والنهي هما شرع الله، والعبادة لا بُدَّ أنْ تكون مأمورًا بها، فما لم يثبت أنَّه مأمور به كيف يحكم عليه بأنَّه عبادة؟ وما لم يثبت من العبادات أنَّه منهي عنه كيف يحكم على أنَّه محظور؟ ولهذا كان أحمد وغيره من فقهاء أهل الحديث يقولون: إنَّ الأصل في العبادات التوقيف؛ فلا يشرع منها إلا ما شرعه الله تعالى، وإلا دخَلْنا في معنى قوله: ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى: 21]، والعادات الأصل فيها العفو؛ فلا يحظر منها إلا ما حرَّمه، وإلا دخلنا في معنى قوله: ﴿ قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَامًا وَحَلَالًا ﴾ [يونس: 59]؛ ولهذا ذمَّ الله المشركين الذين شرعوا من الدِّين ما لم يأذَنْ به الله، وحرَّموا ما لم يُحرِّمه في سورة.

 

وأمَّا السنة والإجماع:

فمَن تتبَّع ما ورَد عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - والصحابة والتابعين من أنواع المبايعات والمؤاجرات والتبرُّعات، عَلِمَ ضرورة أنهم لم يكونوا يلتزمون الصِّيغة من الطرفين، والآثار في ذلك كثيرةٌ ليس هذا موضعها؛ إذ الغرض التنبيه على القواعد، وإلا فالكلام في أعيان المسائل له موضعٌ غير هذا؛ فمن ذلك: أنَّ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بنَى مسجده والمسلمون بنوا المساجد على عهده وبعد موته، ولم يأمرْ أحدًا أنْ يقول: وقفت هذا المسجد، ولا ما يُشبه هذا اللفظ، بل قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((مَن بنى لله مسجدًا بنى الله له بيتًا في الجنَّة))، فعلَّق الحكم بنفس بنائه، وفي الصحيحين أنَّه لَمَّا اشترى الجمل من عبدالله بن عمر بن الخطاب قال: ((هو لك يا عبدالله بن عمر))، ولم يصدر من ابن عمر لفظ قبول، وكان يَهدِي ويُهدَى له، فيكون قبض الهدية قبولها، ولما نحر البدنات قال: ((مَن شاء اقتطع))، مع إمكان قسمتها؛ فكان هذا إيجابًا، وكان الاقتطاع هو القبول، وكان يسأل فيُعطِي أو يُعطِي من غير سُؤال فيقبض المعطى، ويكون الإعطاء هو الإيجابَ والأخْذُ هو القبولَ في قضايا كثيرة جدًّا، ولم يكن يأمر الآخِذين بلفظٍ، ولا يلتزم أنْ يتلفَّظ لهم بصيغةٍ؛ كما في إعطائه للمؤلفة قلوبهم وللعباس وغيرهم، وجعل إظهار الصفات في المبيع بمنزلة اشتراطها باللفظ في مثل المصراة ونحوها من المدلسات"، ا.هـ بتصرُّف.

 

وقال في "المغني" (2751):

"فصل: والبيع على ضربين:

أحدهما: الإيجاب والقبول، فالإيجاب أنْ يقول: بعتُكَ أو ملكتُكَ، أو لفظ يدلُّ عليهما، والقبول أنْ يقول: اشتريتُ، أو قبلتُ، ونحوهما، فإنْ تقدَّم القبول على الإيجاب بلفظ الماضي فقال: ابتعت منك، فقال: بعتك، صحَّ؛ لأنَّ لفظ الإيجاب والقبول وجد منهما على وجه تحصلُ منه الدلالة على تراضيهما به، فصحَّ، كما لو تقدَّمَ الإيجاب. وإنْ تقدَّمَ بلفظ الطلب، فقال: بِعني ثوبك، فقال: بعتك، ففيه روايتان: إحداهما يصحُّ كذلك، وهو قول مالك، والشافعي، والثانية لا يصحُّ، وهو قول أبي حنيفة؛ لأنَّه لو تأخَّر عن الإيجاب، لم يصح به البيع، فلم يصح إذا تقدم، كلفظ الاستفهام، ولأنه عقد عري عن القبول، فلم ينعقدْ، كما لو لم يطلب، وحكى أبو الخطاب فيما إذا تقدَّم بلفظ الماضي روايتين أيضًا، فأمَّا إنْ تقدَّم بلفظ الاستفهام، مثل أنْ يقولَ: أتبيعُني ثوبك بكذا؟ فيقول: بعتُك، لم يصحَّ بحال، نصَّ عليه أحمدُ، وبه يقول أبو حنيفة، والشافعي، ولا نعلمُ عن غيرهم خلافَهم؛ لأنَّ ذلك ليس بقبولٍ ولا استدعاء.

 

الضرب الثاني: المعاطاة؛ مثل أنْ يقول: أعطني بهذا الدينار خبزًا، فيُعطِيه ما يُرضِيه، أو يقول: خُذْ هذا الثوب بدينار، فيأخذه، فهذا بيعٌ صحيح، نصَّ عليه أحمد، فيمَن قال لخبازٍ: كيف تبيعُ الخبز؟ قال: كذا بدرهم، قال: زِنْهُ وتصدَّق به، فإذا وزَنَه فهو عليه، وقول مالك نحوٌ من هذا، فإنَّه قال: يقعُ البيع بما يعتقدُه الناس بيعًا، وقال بعض الحنفيَّة: يصحُّ في خَسائس الأشياء، وحُكِي عن القاضي مثلُ هذا، قال: يصحُّ في الأشياء اليسيرة دُون الكبيرة، ومذهب الشافعي - رحمه الله - أنَّ البيع لا يصحُّ إلا بالإيجاب والقبول، وذهب بعض أصحابه إلى مثل قولنا، ولنا أنَّ الله أحلَّ البيع، ولم يُبيِّن كيفيَّته، فوجب الرُّجوع فيه إلى العرف، كما رجع إليه في القبض والإحراز والتفرُّق، والمسلمون في أسواقهم وبَيْاعاتهم على ذلك، ولأنَّ البيع كان موجودًا بينهم، معلومًا عندهم، وإنما علَّق الشرع عليه أحكامًا، وأبقاهُ على ما كان، فلا يجوزُ تغييرُه بالرأي والتحكُّم، ولم ينقلْ عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أصحابِه - مع كثرة وُقوع البيع بينهم - استعمالُ الإيجاب والقبول، ولو استعملوا ذلك في بياعاتهم لنقل نقلاً شائعًا، ولو كان ذلك شرطًا لوجب نقلُه، ولم يتصوَّر منهم إهماله والغفلة عن نقله، ولأنَّ البيع ممَّا تعمُّ به البلوى، فلو اشترط له الإيجابُ والقبول لبيَّنَه - صلَّى الله عليه وسلَّم - بيانًا عامًّا، ولم يخف حكمه؛ لأنَّه يفضي إلى وقوع العقود الفاسدة كثيرًا، وأكلهم المال بالباطل، ولم ينقل ذلك عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أحدٍ من أصحابه فيما علمناه، ولأنَّ الناس يتبايَعون في أسواقهم بالمعاطاة في كلِّ عصر، ولم ينقلْ إنكاره من قِبَلِ مخالفينا، فكان ذلك إجماعًا، وكذلك الحكم في الإيجاب والقبول، في الهبة، والهدية، والصدقة، ولم يُنقَلْ عن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا عن أحدٍ من أصحابه استعمال ذلك فيه، وقد أُهدِي إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - من الحبشة وغيرها، وكان الناس يتحرَّوْن بهداياهم يوم عائشة؛ متفق عليه، وروى البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: كان رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - إذا أُتِي بطعام سأل عنه: أهدية أم صدقة؟ فإنْ قيل: صدقة، قال لأصحابه: ((كلوا)) ولم يأكل، وإن قيل: هدية، ضرب بيده، وأكل معهم، وفي حديث سلمان، حين جاء إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بتمرٍ، فقال: هذا شيء من الصدقة، رأيتك أنت وأصحابك أحقُّ الناس به، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لأصحابه: ((كلوا)) ولم يأكل، ثم أتاه ثانية بتمر، فقال: رأيتك لا تأكل الصدقة، وهذا شيء أهديتُه لك، فقال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((بسم الله))، وأكل، ولم ينقل قبول ولا أمر بإيجاب، وإنما سأل ليعلم هل هو صدقة، أو هدية، وفي أكثر الأخبار لم ينقل إيجاب ولا قبول، وليس إلا المعاطاة، والتفرُّق عن تراضٍ يدلُّ على صحَّته، ولو كان الإيجاب والقبول شرطًا في هذه العقود لشقَّ ذلك، ولكانت أكثر عقود المسلمين فاسدةً، وأكثر أموالهم محرَّمة، ولأنَّ الإيجاب والقبول إنما يرادان للدَّلالة على التراضي، فإذا وجد ما يدلُّ عليه من المساومة والتعاطي قام مقامهما، وأجزَأَ عنهما؛ لعدم التعبُّد فيه"، ا.هـ.

 

وسائل التعبير عن الإرادة: القول - الفعل أو المعاطاة - الإشارة - الكتابة - السكوت في معرض البيان.

 

ولكن ما حُكم إجراء العقود عن طريق الوسائل الحديثة للتوصيل؟

اختُلِف فيها بناءً على الكتابة، وهل تُعتَبر وسيلة لإبرام العقود، والمجوِّزون يحتجُّون بمكاتبة النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - للملوك في دعوتهم إلى الإسلام، قال ابن بسَّام في "نيل المآرب" 2/10: "وبهذا فإنَّ هذه النصوص تدلُّ بكلِّ وضوحٍ على أنَّ العقد بالكتابة، ومنها البرق والتلكس والفاكس يتمُّ العقد عن طريقها بمجرَّد القبول الصادر من الشَّخص الموجَّه إليه... والتعاقُد بواسطة وسائل الاتصالات الحديثة يتماشى مع ما قرَّره الفقهاء الأوائل وأيَّده كثير من فقهاء هذا العصر؛ ذلك أنَّ إجراء التعاقد بواسطة هذه الوسائل الحديثة أبلغ وأوضح وأسلمُ من التزوير وأسرع في الإيصال من الكتابة التي نصُّوا على جواز العقد بواسطتها".

 

جاء في قَرار مجمع الفقه الإسلامي بجدَّة الصادر برقم 54/3/6 وتاريخ 23/8/1410هـ ما نصُّه:

"بعد الاطِّلاع على البُحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع إجراء العُقود بآلات الاتِّصال الحديثة ونظرًا إلى التطوُّر الكبير الذي حصَل في وسائل الاتِّصال وجريان العمل بها في إبرام العقود لسُرعة إنجاز المعاملات الماليَّة والتصرُّفات، وباستحضار ما تعرَّض له الفقهاء بشأن إبرام العُقود بالخِطاب وبالكتابة وبالإشارة وبالرسول، وما تقرَّر من أنَّ التعاقد بين الحاضرين يشترطُ له اتِّحاد المجلس عدا الوصيَّة والإيصاء والوكالة، وتطابق الإيجاب والقبول، وعدم صُدور ما يدلُّ على إعراض أحد العاقدين عن التعاقُد والموالاة بين الإيجاب والقبول بحسَب العُرف، قرر:

أولاً: إذا تَمَّ التعاقُد بين غائبين لا يجمَعُهما مكان واحد ولا يرى أحدهما الآخر مُعايَنة ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتِّصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة - الرسول - وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي - الكمبيوتر - ففي هذه الحالة ينعقدُ العقد عند وُصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله.

 

ثانيًا: إذا تَمَّ التعاقُد بين طرفين في وقتٍ واحدٍ وهما في مكانين مُتَباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإنَّ التعاقد بينهما يُعتَبر تعاقدًا بين حاضرين، وتُطبَّق على هذه الحالة الأحكام الأصليَّة المقرَّرة لدى الفقهاء المشار إليها في الديباجة.

 

ثالثًا: إذا أصدر العارض بهذه الوسائل إيجابًا محدَّدَ المدَّة يكون ملزمًا بالبَقاء على إيجابه خلال تلك المدَّة وليس له الرُّجوع عنه.

 

رابعًا: إنَّ القواعد السابقة لا تشملُ النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، ولا الصرف لاشتراط التقابُض، ولا السلم لاشتراط تعجيل رأس المال.

 

خامسًا: ما يتعلَّق باحتمال التزييف أو التزوير أو الغلط يرجع فيه إلى القواعد العامة للإثبات.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من قواعد فقه المعاملات (1) - الأصل في العقود الجواز والصحة
  • من قواعد فقه المعاملات (3) - العقد المحرم : ( ما كان فيه ربا أو ضرر ) (1)

مختارات من الشبكة

  • نشأة القاعدة النحوية وتطورها(مقالة - حضارة الكلمة)
  • تعريف القاعدة الفقهية لغة واصطلاحا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تعريف القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع القواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تداخل القواعد الفقهية في القواعد الأصولية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلسلة القواعد والضوابط المفيدة في مسائل وقضايا المنهج والعقيدة (1) قواعد منهجية (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • قواعد قرآنية: 50 قاعدة قرآنية في النفس والحياة (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مخطوطة القواعد من المجموع المذهب في قواعد المذهب(مخطوط - مكتبة الألوكة)
  • الفروق بين القواعد الأصولية والقواعد الفقهية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المختصر في القواعد الأصولية وتطبيقاتها لعبدالله بن صالح منكابو(مقالة - ثقافة ومعرفة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب