• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / العبادات / الصيام ورمضان وما يتعلق بهما
علامة باركود

قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون، وفضل صيام عاشوراء

قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون ، وفضل صيام عاشوراء
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 11/2/2014 ميلادي - 10/4/1435 هجري

الزيارات: 56384

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قصة موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون

وفضل صيام عاشوراء


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه, ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله:

اتقوا الله تعالى، واعلموا أن نبيكم صلى الله عليه وسلم شرع لكم ما يرفع الله به درجاتكم، ومما شرع صلى الله عليه وسلم لكم صيام شهر الله المحرم، وآكد الصيام في شهر المحرم صيام يوم عاشوراء، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم، وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل"[1].

 

وعن أبي قتادة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "... ثلاثٌ من كل شهر، ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر كله، وصيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله، والسنة التي بعده، وصيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفِّر السنة التي قبله"[2]. وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "كانت قريش تصوم يوم عاشوراء في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما هاجر إلى المدينة صامه..." الحديث[3].

 

وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا: يا رسول الله: إنه يومٌ تعظِّمه اليهودُ والنصارى، فقال: "لئن بقيتُ إلى قابلٍ لأصومنَّ التاسع" يعني مع العاشر، فلم يأتِ العام المقبل حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم[4].

 

وعن ابن عباس رضي اله عنهما قال: قدِمَ رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوجد اليهود يصومون يومَ عاشوراء، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما هذا اليوم الذي تصومونه؟" قالوا: هذا يومٌ عظيمٌ أنجى الله فيه موسى وقومه، وغرَّق فرعون وقومه فصامه موسى شكرًا فنحن نصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "فنحن أحقُّ وأولى بموسى منكم" فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصيامه[5].

 

لقد طغى فرعون كما قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾[6]. وتلك الطائفة المستضعفة هم بنو إسرائيل، وبلغت بهِ الحالُ إلى أنه يقتل أبناءهم ويستحيي نساءهم خوفًا من أن يَكْثَروا فيغلبوه ويصير لهم الـمُلكُ، فأراد الله عز وجل أن يَمُنَّ على هؤلاء المستضعفين ويجعلهم š  ﴿ أَئِمَّةً ﴾[7] ويجعلهم ﴿ الْوَارِثِينَ ﴾ للأرض ويمكن ﴿ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ ويري ﴿ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾[8] من هذه الطائفة الضعيفة، من إخراجهم من ديارهم. وأوَّل ما أوجد الله من الأسباب الدالةِ على قُدرته أنه أوجد موسى في الوقت الذي يُذبح فيه الأبناء، فأوحى الله إلى أمه أن ترضعه ويمكث عندها ﴿ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ ﴾ [9]. وبشرها بأنه سيرده إليها وأنه سَيَكْبُر ويجعله الله رسولًا ويسلمُ من كيدهم. وعندما خافت عليه أمه جعلته في تابوتٍ وألقته في نهر النيل بمصر، فساقه الله إلى آل فرعون ﴿ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَنًا ﴾[10]، وهذا يبين أن الحذَرَ لا ينفعْ من القدر، وأن الذي خافوا منه من بني إسرائيل قَدَّرَ الله أن يتربى تحت أيديهم، وفي كفالتهم، فيكون من كبار المملكة وهذا فيه نفع لبني إسرائيل. فلما التقطه آل فرعون حنَّنَ الله امرأة فرعون الفاضلة الجليلة المؤمنة آسية بنت مزاحم وقالت هذا الولد ﴿ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا وَهُمْ لَا يَشْعُرُونَ ﴾[11]. وقدَّر الله أن ينفع به هذه المرأة التي أحبته ثم أسلمت على يده عندما أُرسل عليه الصلاة والسلام، وبعد أن ألقته أمه في اليمِّ أصبح فؤادُها فارغًا وحزنت حزنًا شديدًا، ﴿ إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي ﴾ بما في قلبها لولا أن ربط الله على قلبها وثبَّتها فصبرت؛ ﴿ لِتَكُونَ ﴾ بذلك الصبر والثبات ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾، وقالت أمه لأخته اذهبي فقصيه وابحثي عنه من غير أن يحسَّ بك أحدٌ، فذهبت فأبصرته على وجهٍ كأنها مارَّةٌ لا قصدَ لها فيه، ومن لُطف الله بموسى وأمه أنه منعه من قبول ثدي أي امرأةٍ، فأخرجوه إلى السوق لعل أحدًا أن يطلبه، فجاءت أخته وهو بتلك الحال فقالت: ﴿ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ ﴾ [12] فبادروا إلى ذلك ودلتهم على أهل البيت فتربى عند أمه وأخذت الأجر الكثير على ذلك، واستمر موسى عند آل فرعون يتربى في سلطانهم ويركب مراكبهم ويلبس ملابسهم، ولما بلغ قُوَّتَه وعقله الكامل وَكَمُلت فيه تلك الأمور أعطاه الله حكمًا يعرف به الأحكام الشرعية، وقدر الله أنه دخل المدينة على حين غفلةٍ من أهلها ﴿ فَوَجَدَ فِيهَا رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلَانِ ﴾، أحدهما من بني إسرائيل والآخر قُبْطِيٌّ، فاستغاثه الإسرائيلي فقتل موسى العدو، فعلم موسى أنه من عمل الشيطان فتاب إلى الله واستغفر فغفر له، ﴿ فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا ﴾، ثم وجد من استنصره بالأمس يستصرخه على قبطي آخر، فلما أراد موسى أن يبطش بالذي هو عدو لهما قال: ﴿ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ ﴾ فانكف موسى عن قتله، وشاع الخبر بما جرى من موسى في هاتين القضيتين حتى أراد فرعون قتله، فقيض الله رجلًا صالحًا وجاء يسعى رَكْضًا إلى موسى فأخبره بأنهم يتشاورون في قتله، فخرج موسى عليه الصلاة والسلام وهو خائف يتوقع القتل، ودعا الله أن ينجيه ﴿ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾، وعندما توجه قاصدًا بوجهه مدين، وهو جنوب فلسطين حيث لا مُلكَ فيه لفرعون، وسأل الله أن يهديه وسط الطريق المختصر الموصل إليها، ﴿ وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ ﴾ مواشيهم، ووجد دون تلك الأُمة امرأتين تذودان غنمهما عن حياض الناس، فسألهما موسى عن شأنهما فأخبرتاه أن العادة قد جرت أنه لا يحصل لهما سقيٌ حتى يُصدرُ الرعاءُ مواشيهم، وأبونا شيخ كبير، فرحمهما موسى وسقى لهما، فلما سقى لهما وكان ذلك وقت شدة حرٍّ، فدعا الله تعالى بحاله وقال: ﴿ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾ ثم ذهبتا المرأتان إلى أبيهما وأخبرتاه الخبر، فأرسل أبوهما إحداهما إلى موسى ﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾، وأخبرته أن أباها يدعوه ليجزيه أجر ما سقى لهما، فجاء وقص الخبر، ثم عرض عليه أن ينكحه إحدى ابنتيه على أن يرعى غنمه ثمان سنوات وإن أتم عشرًا فمن عنده، فلما قضى موسى الأجل، وظن من طول المدة أن آل فرعون تناسوا ما صدر منه، فسار بأهله قاصدًا مصر، وأبصر من جانب الطور نارًا وكان قد أصابهم البرد وتاهوا الطريق، ﴿ فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ مِنْ شَاطِئِ الْوَادِ الْأَيْمَنِ ﴾ وأخبره الله بألوهيته وربوبيته، وأمره أن يلقي عصاه، فلما ألقاها فإذا هي حية تسعى كأنها جان، وأمره أن يُدخل يده في جيبه ﴿ تَخْرُجْ بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ ﴾، وأخبره تعالى أن انقلاب العصا وخروج اليد بيضاء من غير سوء حجتان قاطعتان من الله إلى فرعون وملأه، وقال له: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾[13]. فقال موسى: ﴿ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي ﴾[14]. فأعطاه الله ما سأل، وأمره أن يذهب إلى فرعون ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾[15]. فجاء موسى وهارون إلى فرعون فدعاه موسى إلى الله، ﴿ فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾[16]. وقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [17]، وأخبره موسى أنه جاءهم ببينة من الله تعالى فقال فرعون: قَ﴿ الَ إِنْ كُنْتَ جِئْتَ بِآيَةٍ فَأْتِ بِهَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ * فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ ثُعْبَانٌ مُبِينٌ * وَنَزَعَ يَدَهُ فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ ﴾[18]. ثم جمع فرعون السحرة من مملكته؛ لأنهم اعتبروا ما جاء به موسى سحر ﴿ إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ ﴾[19] ﴿ وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ ﴾[20]. وقد واعدوا موسى بأن يأتوه بسحر مثل سحره فقال موسى ﴿ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى ﴾ [21]. وإنما واعدهم موسى يوم عيدهم ووقت الضحى يحصل فيه كثرة الاجتماع، ثم جاء السحرة إلى موسى في الوقت المحدد وقالوا: ﴿ قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ * قَالَ أَلْقُوا فَلَمَّا أَلْقَوْا سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءُوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ ﴾[22]. ﴿ فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى * فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى * قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى * وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى ﴾[23]. فألقى موسى عصاه ﴿ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ * فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾[24].

 

وبعد أن آمن السحرة واستكبر فرعونُ وقومُهُ وعتَى في الأرض فسادًا سأل اللهَ مُوسى أن يتلف أموالهم، وأن يُقَسِّي قلوبهم حتى يروا العذاب الأليم ﴿ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ ﴾[25]. فاستجاب الله لموسى وهارون، وأمر الله موسى أن يسري ببني إسرائيل ليلًا وأخبره أنهم سيتبعونهم ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ ﴾[26]. ثم جاء فرعون ومن معه بجنوده ﴿ فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ﴾[27]. فلما خرج موسى وقومه ودخل فرعون وقومه أمر الله البحر فالتطم على فرعون فذكر الله قوله: ﴿ حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [28].

 

فهذه قصة عظيمة فيها عبرة لأولي الألباب ﴿ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ﴾[29].

 

فيستحب يا عباد الله صيام هذا اليوم شكرًا لله تعالى، فقد صامه موسى شكرًا لله، وصامه نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشرع صيامه لأمته.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلَى أَنْ تَزَكَّى * وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى * فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى * فَكَذَّبَ وَعَصَى * ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى * فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى * فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [النازعات: 15 - 26] [30].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة، ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى أله وأصحابه وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين،

 

أما بعد: فيا عباد الله:

بادروا بصيام هذا اليوم العظيم يوم عاشوراء، الذي يكفِّر الله به سنة ماضية من الذنوب، وصامه نبيكم صلى الله عليه وسلم في الجاهلية والإسلام، وصيامه كما ذكر ابن القيم على ثلاث مراتب:

• صيام ثلاثة أيام: التاسع والعاشر والحادي عشر. وهذا يحصل به صيام ثلاثة أيام من الشهر المحرم الذي صيامه أفضل الصيام بعد رمضان، ويحصل به مخالفة أهل الكتاب في صومهم، ويحصل به صيام يوم عاشوراء يقينًا لا شك فيه.

 

• المرتبة الثانية: صيام التاسع والعاشر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تمنى ذلك ولم يدركه.

 

• المرتبة الثالثة: صيام يوم العاشر وحده؛ للحصول على تكفير السنة الماضية.

 

وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

اللهم صلِّ وسلم عليه وارض عن أصحابه أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعلى سائر أصحاب نبيك أجمعين، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، واغفر لموتانا وموتى المسلمين، وأعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين.

 

عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ. فاذكروا الله تعالى يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم ﴾[31]، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[32].



[1] مسلم برقم 1163.

[2] مسلم برقم 1162.

[3] البخاري برقم 2002،ومسلم برقم 1125.

[4] مسلم برقم 1134.

[5] البخاري برقم 2004، ومسلم برقم 1130.

[6] سورة القصص، الآية: 5.

[7] سورة القصص، الآية: 4.

[8] سورة القصص، الآية: 6.

[9] سورة القصص، الآية: 7.

[10] سورة القصص، الآية: 8.

[11] سورة القصص، الآية: 9.

[12] سورة القصص، الآية: 12.

[13] سورة طه، الآية: 20.

[14] سورة طه، الآيات: 25 - 30.

[15] سورة طه، الآيتان: 43، 44.

[16] سورة النازعات، الآيات: 21 - 24.

[17] سورة القصص، الآية: 38.

[18] سورة الأعراف، الآيتان: 106 - 108.

[19] سورة الأعراف، الآية: 109.

[20] سورة الأعراف، الآيتان: 113، 114.

[21] سورة طه، الآية: 59.

[22] سورة الأعراف، الآيتان: 115، 116.

[23] سورة طه، الآيات: 66 - 69.

[24] سورة الأعراف، الآيات: 117 - 122.

[25] سورة يونس، الآية: 88.

[26] سورة الشعراء، الآيات: 53 - 55.

[27] سورة الشعراء، الآيات: 60 - 63.

[28] سورة يونس، الآيتان: 90، 91.

[29] سورة يوسف، الآية: 111.

[30] سورة النازعات، الآيات: 15 - 26.

[31] سورة النحل، الآية: 90.

[32] سورة العنكبوت، الآية: 45.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • قصة موسى مع فرعون
  • قصة موسى والرجل الصالح

مختارات من الشبكة

  • الابتلاء بالعطاء في ظلال سورة الكهف(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة يوسف: دروس وعبر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة موسى عليه السلام (12) وفاة موسى عليه السلام(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة موسى عليه السلام (13) ما ورد من صفات موسى(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • قصة موسى عليه السلام (9) موسى والخضر(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • تعريف القصة لغة واصطلاحا(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)
  • قصص الأنبياء: قصة موسى وهارون عليهما السلام (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصة موسى عليه السلام (3) يوم الزينة(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • خطبة: قصة موسى الرضيع مع فرعون الوضيع(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص لخصائص القصة الشعرية إلى عصر الدول المتتابعة(مقالة - موقع د. أحمد الخاني)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب