• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل عشر ذي الحجة (خطبة)
    أ. د. إبراهيم بن صالح بن عبدالله
  •  
    فصلٌ: فيما إذا جُهل حاله هل ذُكر عليه اسم الله أم ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    خطبة (المروءة والخلق والحياء)
    الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل
  •  
    تساؤلات وإجابات حول السنة
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأيام المعلومات وذكر الله (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    من تجاوز عن المعسر تجاوز الله عنه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الدرس التاسع عشر: الشرك (2)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الحذر من استبدال الأدنى بالذي هو خير
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    خطبة: اغتنام عشر ذي الحجة خير الأيام
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    إعلام النبلاء بفضل العلم والعلماء (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    تفسير: (فأعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم وبدلناهم ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    التحذير من الإسراف والتبذير
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    استحباب أخذ يد الصاحب عند التعليم والكلام والمشي
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    مفهوم الخصائص لغة واصطلاحا وبيان أقسامها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    خطبة: عشر ذي الحجة فضائل وأعمال
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    علام يقتل أحدكم أخاه؟! خطورة العين وسبل الوقاية ...
    رمضان صالح العجرمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

الإيمان بالملائكة

الإيمان بالملائكة
علي محمد سلمان العبيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 9/2/2014 ميلادي - 8/4/1435 هجري

الزيارات: 291924

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الإيمان بالملائكة


الإيمان بالملائكة: هو الإيمان بوجودهم إيمانًا جازمًا لا يتطرق إليه شك ولا ريب، قال الله تعالى: ﴿ آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285]، فمن يُنكِر وجود الملائكة، فقد كفر؛ لقوله تعالى: ﴿ وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا ﴾ [النساء: 136].

 

• فأهل السنة والجماعة: يؤمنون بهم إجمالاً، وأمَّا تفصيلاً، فيؤمنون بما صح به الدليل، ومَن سماه الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم منهم؛ كجبريل الموكل بالوحي، وميكائيل الموكل بالمطر، وإسرافيل الموكل بالنفخ في الصور، وملَك الموت الموكل بقبض الأرواح، ومالك خازن النار، ورضوان خازن الجنة، وملكَي القبر منكر ونكير.

 

• وأهل السنة والجماعة يُؤمِنون بوجودِهم، وأنهم عباد مخلوقون، خلقهم الله من نورٍ، وهم ذوات محسوسة، وليسوا أمورًا معنوية، ولا قوى خفية، وهم خلق من خلق الله، يسكنون السماء، والملائكة خِلقتُهم عظيمة، منهم من له جناحانِ، ومنهم من له ثلاثة، ومنهم من له أربعة، ومنهم من له أكثر من ذلك، وثبت أن جبريل عليه السلام له ستُّمائة جناح.

 

وهم جندٌ من جنود الله، قادرون على التمثل بأمثال الأشياء، والتشكل بأشكال جسمانية، حسبما تقتضيها الحالات التي يأذَن بها الله سبحانه وتعالى، وهم مقرَّبون من الله ومُكرَمون، لا يُوصَفون بالذكورة والأنوثة، ولا يتناكحون، ولا يتناسلون.

 

والملائكة لا يأكلون ولا يشربون، وإنما طعامُهم التسبيح والتهليل، ولا يملون، ولا يفترون، ولا يتعبون، ويتَّصِفون بالحسن والجمال، والحياء والنظام.

 

والملائكة يختلفون عن البشر، بأنهم جُبِلوا على الطاعة وعدم العصيان، خلَقهم الله لعبادته وتنفيذ أوامره، قال تعالى عنهم: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 26 - 28]، والملائكة يُسبِّحون الله ليلاً ونهارًا، ويطوفون بالبيت المعمور في السماء، وهم يخشون الله تعالى ويخافونه.

 

والملائكة أصناف كثيرة:

• منهم الموكَّلون بحمل العرش، ومنهم الموكَّلون بالوحي، ومنهم الموكَّل بالجبال، ومنهم خزنة الجنة وخزنة النار.

 

• ومنهم الموكَّلون بحفظ أعمال العباد، ومنهم الموكَّلون بقبض أرواح المؤمنين، ومنهم الموكلون بقبض أرواح الكافرين، ومنهم الموكلون بسؤال العبد في القبر.

 

• ومنهم مَن يستغفرُ للمؤمنين، ويُصلُّون عليهم، ويُحبُّونهم، ومنهم مَن يشهد مجالس العلم وحلقات الذِّكر، فيحفُّونَهم بأجنحتِهم، ومنهم مَن هو قرين للإنسان لا يُفارِقه، ومنهم من يدعو العباد إلى فعل الخير، ومنهم مَن يشهد جنائز الصالحين، ويقاتلون مع المؤمنين ويثبِّتونَهم في جهادهم مع أعداء الله.

 

• ومنهم الموكلون بحماية الصالحين، وتفريج كربهم، ومنهم الموكَّلون بالعذاب.

 

والملائكة لا يدخلون بيتًا فيه تمثال، ولا صورة، ولا كلب، ولا جرس، ويتأذَّون مما يتأذى منه بنو آدم؛ قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((إن البيت الذي فيه الصور لا تدخله الملائكة))؛ متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا تصاوير))؛ رواه البخاري.

 

• والملائكة كثيرون لا يعلم عددَهم إلا اللهُ عز وجل، قال تعالى: ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ وَمَا هِيَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 31]، وقد حجَبهم الله تعالى عنا، فلا نراهم في صورهم التي خُلِقوا عليها، ولكن كشَفهم لبعض عباده، كما رأى النبي صلى الله عليه وسلم جبريلَ على صورته التي خلقه الله عليها مرتين، قال الله - تبارك وتعالى -: ﴿ وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى * عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ﴾ [النجم: 13، 14]، وقال: ﴿ وَمَا صَاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ * وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ ﴾ [التكوير: 22، 23].

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية:

"اسم الملائكة والملك يتضمن أنهم رسل الله، كما قال تعالى: ﴿ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا ﴾ [فاطر: 1]، وكما قال: ﴿ وَالْمُرْسَلَاتِ عُرْفًا ﴾ [المرسلات: 1]، فالملائكة رسل الله في تنفيذ أمره الكوني الذي يُدبِّر به السموات والأرض، كما قال تعالى: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ [الأنعام: 61]، وكما قال: ﴿ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80]، وأمرِه الديني الذي تَنْزِل به الملائكة، فإنه قال: ﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ﴾ [النحل: 2]، وقال تعالى: ﴿ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ ﴾ [الشورى: 51]، وقال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 75].

 

وملائكة الله لا يحصي عددَهم إلا الله، كما قال تعالى: ﴿ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلَّا مَلَائِكَةً وَمَا جَعَلْنَا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا وَلَا يَرْتَابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكَافِرُونَ مَاذَا أَرَادَ اللَّهُ بِهَذَا مَثَلًا كَذَلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31].

 

والذي في الكتاب والسُّنة من ذكر الملائكة وكثرتهم أمرٌ لا يحصى، حتى قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((أطَّتِ السماءُ وحُقَّ لها أن تئطَّ، ما فيها موضع أربع أصابع إلا ملَك قائم، أو قاعد، أو راكع، أو ساجد)).

 

وقال الله تعالى: ﴿ تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوْقِهِنَّ وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَلَا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾ [الشورى: 5].

 

فمن جعلهم عشرةً، أو تسعة عشر، أو زعم أن التسعة عشر الذين على سقر، هم العقول والنفوس، فهذا من جهله بما جاء عن الله ورسوله، وضلاله في ذلك بيِّن؛ إذ لم تتَّفِق الأسماء في صفة المسمى ولا في قدره، كما تكون الألفاظ المترادفة، وإنما اتفق المسميان في كون كل منهما روحًا متعلقًا بالسموات، وهذا من بعض صفات ملائكة السموات، فالذي أثبتوه هو بعض الصفات لبعض الملائكة، وهو بالنسبة إلى الملائكة وصفاتهم وأقدارهم وأعدادهم في غاية القلة أقلُّ مما يؤمن به السامرة من الأنبياء بالنسبة إلى الأنبياء؛ إذ هم لا يؤمنون بنبي بعد موسى ويوشع، كيف وهم لم يثبتوا للملائكة من الصفة إلا مجرد ما علِموه من نفوسهم؛ مجرد العلم للعقول، والحركة الإرادية للنفوس؟

 

ومن المعلوم أن الملائكة لهم من العلوم والأحوال، والإرادات والأعمال، ما لا يحصيه إلا ذو الجلال، ووصفُهم في القرآن بالتسبيح والعبادة لله أكثر من أن يُذكَر هنا، كما ذكر تعالى في خطابه للملائكة، وأمره لهم بالسجود لآدم.

 

وقوله تعالى: ﴿ فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ ﴾ [فصلت: 38].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 206].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ * وَمَنْ يَقُلْ مِنْهُمْ إِنِّي إِلَهٌ مِنْ دُونِهِ فَذَلِكَ نَجْزِيهِ جَهَنَّمَ كَذَلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ ﴾ [الأنبياء: 26 - 29].

 

وقوله تعالى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ ﴾ [الحج: 75].

 

وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [غافر: 7].

 

وقوله تعالى: ﴿ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ ﴾ [البقرة: 285].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُنْزَلِينَ * بَلَى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُسَوِّمِينَ ﴾ [آل عمران: 124، 125].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الأنفال: 12].

 

وقوله تعالى: ﴿ ثُمَّ أَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَى رَسُولِهِ وَعَلَى الْمُؤْمِنِينَ وَأَنْزَلَ جُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [التوبة: 26].

 

وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَاءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَمْ تَرَوْهَا ﴾ [الأحزاب: 9].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلَائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ ﴾ [الأنفال: 50].

 

وقوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ﴾ [النحل: 32].

 

وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ﴾ [فصلت: 30].

 

وقوله: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ ﴾ [الأنعام: 61].

 

وقوله تعالى: ﴿ قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ﴾ [السجدة: 11].

 

وقوله تعالى: ﴿ فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ * مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ * بِأَيْدِي سَفَرَةٍ * كِرَامٍ بَرَرَة ﴾ [عبس: 13 - 16].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ * يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ﴾  [الانفطار: 10 - 12].

 

وقوله تعالى: ﴿ أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ﴾ [الزخرف: 80].

 

وقوله تعالى: ﴿ مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ق: 18].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَالصَّافَّاتِ صَفًّا * فَالزَّاجِرَاتِ زَجْرًا * فَالتَّالِيَاتِ ذِكْرًا ﴾ [الصافات: 1 - 3].

 

وقوله تعالى: ﴿ فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُونَ * أَمْ خَلَقْنَا الْمَلَائِكَةَ إِنَاثًا وَهُمْ شَاهِدُونَ * أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ ﴾ إلى قوله تعالى: ﴿ وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ * وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ ﴾ [الصافات: 149 - 166].

 

وفي الصحيحين عن جابر بن سَمُرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا تَصُفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربها؟))، قال: ((يُتمُّون الصف الأول، ويتراصُّون في الصف)).

 

وفي الصحيحين عن قتادة عن أنس عن مالك بن صعصعة في حديث المعراج، عن النبي صلى الله عليه وسلم لما ذكر صعوده إلى السماء السابعة قال: ((فرُفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملَك، إذا خرجوا لم يعودوا آخر ما عليهم)).

 

وقال البخاري: وقال همام عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((إذا أمَّن القارئ فأمِّنوا؛ فإنه مَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة، غُفِر له ما تقدم من ذنبه)).

 

وفي الرواية الأخرى في الصحيحين: ((إذا قال: آمين، فإن الملائكة في السماء تقول: آمين)).

 

وفي الصحيح أيضًا عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده، فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد؛ فإنه من وافق قولُه قولَ الملائكة، غُفِر له ما تقدم من ذنبه)).

 

وفي الصحيح عن عروة عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم: أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إن الملائكة تَنْزِل في العنان - وهو السحاب - فتذكر الأمر قضي في السماء، فتستَرِقُ الشياطين السمع فتسمعه، فتُوحِيه إلى الكهَّان، فيكذبون معها مائة كذبة من عند أنفسهم)).

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن لله ملائكةً سيَّارةً فضلاء، يتبعون مجالس الذِّكر، فإذا وجدوا مجلسًا فيه ذِكر، قعدوا معهم، وحفَّ بعضهم بعضًا بأجنحتهم حتى يملؤوا ما بينهم وبين السماء الدنيا، فإذا تفرَّقوا عرَجوا وصعِدوا إلى السماء، فيسألهم الله - وهو أعلم -: من أين جئتم؟ فيقولون: جئنا من عند عِباد لك في الأرض يسبِّحونك، ويكبرونك، ويهللونك، ويحمدونك، ويسألونك، قال: وما يسألوني؟ قالوا: يسألونك جنَّتك، قال: وهل رأَوا جنتي؟ قالوا: لا، أيْ رب، قال: فكيف لو رأوا جنتي؟ قالوا: ويستجيرونك، قال: وممَّ يستجيرونني؟ قالوا: مِن نارِك، قال: وهل رأَوا ناري؟ قالوا: يا رب لا، قال: فكيف لو رأَوا ناري؟ قالوا: ويستغفرونك، قال فيقول: قد غفرتُ لهم وأعطيتُهم ما سألوا، وأَجَرتُهم مما استجاروا، قال: يقولون: رب فيهم فلان عبد خطَّاء، إنما مر فجلس معهم، قال: فيقول: وله قد غفرتُ، هم القوم لا يشقى بهم جليسهم)).

 

وفي الصحيحين عن عروة عن عائشة حدَّثته أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم: هل أتى عليك يوم كان أشد من يوم أُحُد؟ قال: ((لقد لقيتُ من قومك ما لقيت، وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة؛ إذ عرضتُ نفسي على ابن عبدِياليل بن عبدكُلال، فلم يُجبْني إلى ما أردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهي، فلم أستفق إلا وأنا بقرن الثعالب، فرفعت رأسي، فإذا أنا بسحابة قد أظلتني، فنظرت فإذا فيها جبريل، فناداني، فقال: إن الله قد سمع قولَ قومك لك، وما ردوا عليك، وقد بعث الله إليك ملَكَ الجبال لتأمرَه بما شئت فيهم، فناداني ملك الجبال، فسلم علي، ثم قال: يا محمد، فقال: ذلك فيما شئت، إن شئت أن أُطبِق عليهم الأخشبينِ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: بل أرجو أن يُخرِج الله من أصلابهم مَن يعبد الله وحده لا يشرك به شيئًا))؛ متفق عليه.

 

وأمثال هذه الأحاديث الصحاح مما فيها ذكر الملائكة الذين في السموات، وملائكة الهواء والجبال وغير ذلك - كثيرةٌ، وكذلك الملائكة المُتصرِّفون في أمور بني آدم؛ مثل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه حديثِ الصادق المصدوق؛ إذ يقول:

((ثم يُبعَث إليه المَلَك، فيؤمر بأربع كلمات، فيقال: اكتب رزقه، وأجله، وشقي أو سعيد، ثم ينفخ فيه الروح)).

 

وفي الصحيح حديث البراء بن عازب قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لحسان: ((اهجُهم - أو هاجهم - وجبريل معك)).

 

وفي الصحيح أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((أجِبْ عني، اللهم أيِّده بروح القُدُس)).

 

وفي الصحيح عن أنس قال: ((كأني أنظر إلى غبارٍ ساطع في سكَّة بني غنمٍ موكب جبريل)).

 

وفي الصحيحين عن عائشة: أن الحارث بن هشام قال: يا رسول الله، كيف يأتيك الوحي؟ قال: ((أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس، وهو أشدُّه عليَّ، فيفصم عني وقد وعيت ما قال، وأحيانًا يتمثَّل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول)).

 

وإتيان جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم تارةً في صورة أعرابي، وتارةً في صورة دِحْية الكلبي، ومخاطبته وإقراؤه إياه كثيرًا - أعظمُ من أن يذكر هنا.

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار، ويجتمعون في صلاة الفجر والعصر، ثم يعرُجُ الذين باتوا فيكم، فيسألهم ربهم - وهو أعلم بهم -: كيف تركتم عبادي؟ فيقولون: تركناهم وهم يُصلُّون وأتينَاهم وهم يصلون)).

 

وفي الصحيحين عن عائشة قالت: حشوتُ للنبي صلى الله عليه وسلم وسادةً فيها تماثيل، كأنها نُمرُقَة، فجاء فقام وجعل يتغيَّر وجهه، فقلت: ما لنا يا رسول الله؟ قال: ((ما بال هذه الوسادة؟))، قالت: وسادة جعلتها لك لتضطجع عليها، قال: ((أمَا علمتِ أن الملائكة لا تدخل بيتًا فيه صورة، إن مَن صنع الصور يُعذَّب يوم القيامة، يقال: أحيوا ما خَلقتُم)).

 

وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: سمعتُ أبا طلحة يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا تدخل الملائكة بيتًا فيه كلب ولا صورة تماثيل)).

 

وكذلك في الصحيحين عن عبدالله بن عمر قال: وعد النبيَّ صلى الله عليه وسلم جبريلُ، فقال: ((إنا لا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة)).

 

وفي الصحيحين عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الملائكة تُصلِّي على أحدِكم ما دام في مُصلاَّه الذي صلى فيه: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه، ما لم يُحدِث)).

 

وأمثال هذه النصوص التي يُذكَر فيها من أصناف الملائكة وأوصافهم وأفعالهم، ما يمنع أن تكون على ما يذكرونه من (العقول والنفوس)، أو أن يكون جبريل هو (العقل الفعَّال)، وتكون ملائكة الآدميين هي القوى الصالحة، والشياطين هي القوى الفاسدة؛ كما يزعم هؤلاء.

 

وأيضًا فزعمهم أن العقول والنفوس التي جعلوها الملائكةَ، وزعموا أنها معلولة عن الله، صادرة عن ذاته صدور المعلول عن علته، هو قول بتولدها عن الله، وأن الله ولد الملائكة، وهذا مما رده الله ونزَّه نفسه عنه، وكذَّب قائله وبيَّن كذبه، بقوله: ﴿ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 3، 4]، وقال تعالى: ﴿ أَلَا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ * وَلَدَ اللَّهُ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * أَصْطَفَى الْبَنَاتِ عَلَى الْبَنِينَ * مَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ * أَفَلَا تَذَكَّرُونَ * أَمْ لَكُمْ سُلْطَانٌ مُبِينٌ * فَأْتُوا بِكِتَابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الصافات: 151 - 157].

 

وبقوله: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ ﴾ [الأنعام: 100].

 

وقوله تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ * يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 26 - 28].

 

وقال تعالى: ﴿ لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ ﴾ [النساء: 172].

 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا * لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا * تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا * أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا * وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا * لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا * وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ﴾ [مريم: 88 - 95].

 

فأخبر أنهم مُعبَّدون؛ أي: مذللون، مُصرَّفون، مَدِينون، مقهورون، ليسوا كالمعلول المتولد تولدًا لازمًا لا يتصور أن يتغير عن ذلك، وأخبر أنهم عباد لله لا يُشبَّهون به، كما يشبه المعلول بالعلة، والولد بالوالد، كما يزعمه هؤلاء الصابئون.

 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلٌّ لَهُ قَانِتُونَ * بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ﴾ [البقرة: 116، 117]، فأخبر أنه يقضي كل شيء بقوله: (كن)، لا بتولد المعلول عنه.

 

وكذلك قال سبحانه: ﴿ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ * بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [الأنعام: 100، 101].

 

فأخبر أن التولُّد لا يكون إلا عن أصلينِ، كما تكون النتيجة عن مقدمتين، وكذلك سائر المعلولات المعلومة، لا يحدث المعلول إلا باقتران ما تتم به العلة، فأما الشيء الواحد وحده، فلا يكون علةً، ولا والدًا قط، لا يكون شيء في هذا العالم إلا عن أصلين، ولو أنهما الفاعل والقابل؛ كالنار والحطب، والشمس والأرض، فأما الواحد وحده، فلا يصدر عنه شيء، ولا يتولد، فبيَّن القرآن أنهم أخطؤوا طريق القياس في العلة والتولد؛ حيث جعلوا العالم يصدر عنه بالتعليل والتولد.

 

وكذلك قال: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، خلاف قولهم: إن الصادر عنه واحد، وهذا وفاء بما ذكره الله تعالى من قوله: ﴿ وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا ﴾ [الفرقان: 33]؛ إذ قد تكفَّل بذلك في حق كل مَن خرج عن اتِّباع الرسول، فقال تعالى: ﴿ تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا ﴾ [الفرقان: 1]، فذكر الوحدانية والرسالة، إلى قوله: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29]، فكل من خرج عن اتباع الرسول فهو ظالم بحسب ذلك، والمبتدع ظالم بقدر ما خالف من سنته.

 

﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا * وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا * وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [الفرقان: 30 - 32].

 

ولهذا قال مجاهد وذكره البخاري في صحيحه في الشفع والوتر: إن الشفع هو الخلق، فكل مخلوق له نظير، والوتر هو الله الذي لا شبيه له، فقال: ﴿ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ ﴾ [الأنعام: 101]؛ وذلك أن الآثار الصادرة عن العلل والمتولدات في الموجودات، لا بد فيها من شيئين؛ أحدهما: يكون كالأب، والآخر يكون كالأم القابلة، وقد يسمون ذلك الفاعل والقابل؛ كالشمس مع الأرض، والنار مع الحطب، فأما صدور شيء واحد عن شيء واحد، فهذا لا وجود له في الوجود أصلاً، وأما تشبيههم ذلك بالشعاع مع الشمس، وبالصوت كالطنين مع الحركة والنقر، فهو أيضًا حجة لله ورسوله والمؤمنين عليهم؛ وذلك أن الشعاع إن أُرِيد به نفس ما يقوم بالشمس، فذلك صفة من صفاتها، وصفات الخالق ليست مخلوقةً، ولا هي من العالَم الذي فيه الكلام، وإن أريد بالشعاع ما ينعكس على الأرض، فذلك لا بد فيه من شيئين؛ وهما الشمس التي تجري مجرى الأب الفاعل، والأرض التي تجري مجرى الأم القابلة، وهي الصاحبة للشمس، وكذلك الصوت لا يتولد إلا عن جسمين يقرع أحدُهما الآخر، أو يقلع عنه، فيتولد الصوت الموجود في أجسام العالَم عن أصلين؛ يقرع أحدهما الآخر أو يقلع عنه.

 

فمهما احتجوا به من القياس، فالذي جاء الله به هو الحق وأحسن تفسيرًا، وأحسن بيانًا وإيضاحًا للحق وكشفًا له.

 

وأيضًا فجعلها علةً تامةً لِما تحتها ومؤكِّدةً له، وموجبةً له، حتى يجعلونها مبادئنا، ويجعلونها لنا كالآباء والأمهات، وربما جعلوا العقل هو الأب، والنفس هي الأم، وربما قال بعضهم: الوالدان العقل والطبيعة؛ كما قال صاحب الفصوص في قول نوح: ﴿ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ ﴾ [نوح: 28]؛ أي: مَن كنتُ نتيجةً عنهما، وهما العقل والطبيعة، وحتى يسمونَها الأرباب والآلهة الصغرى ويعبدونها - فهو كفرٌ مخالف لما جاءت به الرُّسل.

 

وبهذا وصف بعضُ السلف الصابئةَ بأنهم يعبدون الملائكة، وكذلك في الكتب المعرَّبة عن قدمائهم، أنهم كانوا يسمونها الآلهة والأرباب الصغرى، كما كانوا يعبُدون الكواكب أيضًا، والقرآن ينفي أن تكون أربابًا، أو أن تكون آلهةً، ويكون لها غير ما للرسول الذي لا يفعل إلا بعد أمر مرسِله، ولا يشفع إلا بعد أن يُؤذَن له في الشفاعة.

 

وقد رد الله ذلك على مَن زعمه من العرب والروم وغيرهم من الأمم، فقال تعالى: ﴿ وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 80].

 

وقال تعالى: ﴿ وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ * لَا يَسْبِقُونَهُ بِالْقَوْلِ وَهُمْ بِأَمْرِهِ يَعْمَلُونَ ﴾ [الأنبياء: 26، 27].

 

وقال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ ﴾ [سبأ: 22 - 23]، وقد تقدَّم بعض الأحاديث في صعق الملائكة إذا قضى الله بالأمر الكوني، أو بالوحي الديني.

 

وقال تعالى: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].

 

وقال تعالى: ﴿ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 26] الآية.

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا نَتَنَزَّلُ إِلَّا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا ﴾ [مريم: 64].

 

وقال تعالى: ﴿ قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا * أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا ﴾ [الإسراء: 56، 57]، نزلت الآية في الذين يَدْعون الملائكة والنبيين؛ انتهى.

 

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -:

"ومن الإيمان بالله وكتبه: الإيمان بأن القرآن كلام الله، منَزَّل غير مخلوق، منه بدأ وإليه يعود.

 

وأن الله تعالى تكلَّم به حقيقةً، وأن هذا القرآن الذي أنزله على محمد صلى الله عليه وسلم، هو كلام الله حقيقةً لا كلام غيره، ولا يجوز إطلاقُ القول بأنه حكايةٌ عن كلام الله، أو عبارة عنه، بل إذا قرأه الناس أو كتبوه بذلك في المصاحف، لم يخرج بذلك عن أن يكون كلام الله تعالى حقيقةً، فإن الكلام إنما يضاف حقيقةً إلى مَن قاله مبتدئًا، لا إلى من قاله مبلغًا مؤديًا، وهو كلام الله حروفه ومعانيه، ليس كلام الله الحروف دون المعاني ولا المعاني دون الحروف"؛ انتهى.

 

كتاب: اتباع مناهج أهل السنن والآثار .. شرح سواطع الأنوار لمعرفة عقيدة سيد الأبرار





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الإيمان بالملائكة عليهم السلام
  • من أركان العقيدة .. الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة عليهم السلام
  • الإيمان بالملائكة والكتب
  • الملائكة: تفاضلهم، صفاتهم، عددهم، من أسمائهم
  • وظائف وأعمال الملائكة مع الأدلة
  • من فوائد وثمرات الإيمان بالملائكة
  • من أركان الإيمان: الإيمان بالملائكة
  • آيات عن الملائكة
  • من أدلة الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة وأثره في القلب
  • سجود الملائكة لآدم عليه السلام (درس للأطفال)
  • منهج ابن كثير في الدعوة إلى الإيمان بالملائكة
  • الإيمان بالملائكة في ضوء الكتاب والسنة (القسم الأول) (خطبة)
  • الملائكة الموكلون ببني آدم
  • الإيمان بالملائكة (خطبة)
  • خطبة: الإيمان بالملائكة
  • التعريف بالملائكة
  • بشرى لمن وافق تأمينه تأمين الملائكة
  • تحريم القول بأن الملائكة بنات الله
  • علاقة الملائكة بالمؤمنين (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • من أركان الإيمان: الإيمان بالملائكة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أصول الإيمان: الإيمان بالملائكة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالملائكة وثمراته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالكتب السماوية(مقالة - موقع أ.د. مصطفى مسلم)
  • التسمية بقاضي القضاة، ملك الأملاك، ملك الملوك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدرس الثاني عشر: الإيمان بالملائكة(مقالة - ملفات خاصة)
  • الإيمان بالملائكة: ثمراته العظيمة، وكيف يكون، وأدلته(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ثمار الإيمان بالملائكة(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • أثر الإيمان بالملائكة في حياة المسلم(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الإيمان بالملائكة وثمراته (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر
أمير آدم محمد - السودان 01-01-2016 08:46 PM

شكرا على هذا النص

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 24/11/1446هـ - الساعة: 12:14
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب