• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد الحرام
علامة باركود

خطبة المسجد الحرام 10 / 5 / 1434هـ - وحدة الكلمة والحذر من الفرقة

الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 17/1/2014 ميلادي - 15/3/1435 هجري

الزيارات: 61117

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

وحدة الكلمة والحذر من الفرقة

 

ألقى فضيلة الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "وحدة الكلمة والحذر من الفرقة"، والتي تحدَّث فيها عن أهمية الوحدة لأمة الإسلام على المنهَج الحقِّ، وأن ذلك سببًا في جلبِ كل خيرٍ على المُسلمين، كما أن الاقتراف والتنازُع سبب كل شرٍّ، وبيَّن أن المُطالَبة بالحقوق والإصلاح له ضوابِطُه وأساليبُه الشرعية التي ينبغي على الجميع سُلوكُها.

 

الخطبة الأولى

الحمد لله، الحمد لله فالقِ الإصباح، ومُجرِي السحابِ ومُرسِل الرياح، أحمده - سبحانه - وأشكرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادةَ الحق والفوز والفلاح، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه أوضحَ معالِمَ الهُدى وهدَى إلى طريق الصلاح، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آله وأصحابِه وأزواجِه وأتباعه بإحسانٍ، ما أغطشَ ليلٌ وأضاءَ صباح، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فأُوصيكم - أيها الناس - ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله - رحمكم الله -، ومن استطاعَ منكم أن يلقَى اللهَ خفيفَ الظهر من دماء المُسلمين، خميصَ البطن من أموالِهم، كافَّ اللسان عن أعراضِهم، لازِمًا لأمر جماعتِهم فليفعل.


واعلَموا أن من تركَ الحرامَ وهو قادرٌ عليه فهو الخائِف، ومن جدَّ في العمل واجتنبَ الأماني فهو الرَّاجِي، ومن ركنَ إلى حولِه وقوَّتِه ذلَّ، ومن أُعجِبَ بعمله ضلَّ، ومن اعتمدَ على ربِّه وركنَ إلى مولاه فما ذلَّ ولا ضلَّ، ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ * إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾ [فاطر: 5، 6].


أيها المسلمون:

أسَّس نبيُّنا محمدٌ - صلى الله عليه وسلم - في المدينة النبوية المُنوَّرة أسَّس دولةَ الإسلام - بعد توحيد الله - أسَّسها على المُؤاخاة، فكان المُهاجِرون غرباء الدار إخوة الأنصار ممن تبوَّؤوا الإيمانَ والدار، وكان - عليه الصلاة والسلام - شديدَ الرعاية بهذه الأُخُوَّة، عظيمَ الغيرة عليها، سريعَ المُعالَجة لبوادِر الخروج عليها.


اختلفَ غُلامان في إحدى المغازِي، فقال أحدُهما: يا للمُهاجِرين! فقال الآخر: يا للأنصار! فبادرَ رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قائلاً: «أبِدَعوى الجاهلية وأنا بين أظهُركم؟ دعُوها فإنها مُنتِنةٌ»؛ أخرجه البخاري.


مع أن لقبَ المُهاجِرين ولقبَ الأنصار ألقابٌ إسلاميَّةٌ كريمةٌ.


وحينما ضلَّ بنُو إسرائيل وعبَدوا العجلَ، قال موسى نبيُّ الله وكليمُه لأخيه هارون نبيِّ الله ووزير أخيه - عليهما السلام -: ﴿ قَالَ يَا هَارُونُ مَا مَنَعَكَ إِذْ رَأَيْتَهُمْ ضَلُّوا * أَلَّا تَتَّبِعَنِ أَفَعَصَيْتَ أَمْرِي ﴾ [طه: 92، 93]، فكان جوابُ هارون جوابًا لطيفًا رقيقًا حكيمًا: قَالَ يَبْنَؤُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي [طه: 94].


ومعاذ الله أن يُتَّهم نبيُّ الله هارون بانحِراف المنهَج، أو التقصير في المُوازنات، ثم يُقِرُّه أخوه مُوسَى وهو الذي دعا ربَّه: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي ﴾ [طه: 29- 32]، فأجابَه العليُّ الأعلَى: ﴿ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى ﴾ [طه: 36].


يقول الإمام البغوي - رحمه الله -: "بعثَ الله الأنبياءَ كلَّهم بإقامة الدين، والإلفَة والجماعة، وترك الفُرقة والمُخالَفة".


معاشر المُسلمين:

وليس أشدّ ضراوةً على الأمة وعلى استِقرار الديار من اختِلافِ الكلمة، وتنافُر القلوبِ، وتنازُع الآراء. وحدةُ الكلمة سببُ كلِّ خيرٍ، والفُرقةُ والخلافُ سببُ كل شرٍّ.


إن من كمال الدين وكياسَة العقل وسلامةَ الفهم: ألا ينساقَ المرءُ مع من يُريد تصديعَ وحدة الأمة، لما قد يرَى من ظُلمٍ قد وقعَ، أو حقٍّ قد انتُقِص؛ لأن من فقدَ بعضَ حقِّه في حالَة الوحدة سيفقِدُ كل حقِّه إذا وقعَت الفُرقة –معاذ الله -، ولن يأمَن - والله - على نفسه، ولا على أهله، ولا على عِرضه ولا على ماله.


لنا إخوةٌ أعِزَّة في بلادٍ مُجاورة - لطفَ الله بهم وحفِظَهم، وأعانَهم على ما يُعانُون - تفرَّقَت كلمتُهم، وفقَدوا استقرارَهم، وانفرَط عِقدُ وحدتهم؛ ففارقُوا ديارَهم، وتشرَّدوا مُخلِّفين وراءَهم دُورَهم وأموالَهم وزُروعَهم وتجاراتهم، تركُوا الغاليَ والنفيس، ينشُدون الأمنَ والاستِقرار، يعيشُون مُغترِبين مُعدَمين.


مع التشرُّد والخوف والفُرقة لا قيمةَ للدُّور ولا للقُصور ولا للأموال ولا للضِّياع، أتُراهم ينزَحون من ديارِهم لو وجَدوا مُستقرًّا وأمنًا؟!


حين فقَدوا استِقرارَ الدولة حلَّت في ديارهم الفوضَى، وفي أجواء الفوضَى يتفرَّق الجمع، ويتخاصمُ الحُلفاء، ويتخندقُ الفُرقاء، ومن ثمَّ يُصبِحُ الفشلُ مُحيطًا بالجميع، ويصيرُ العجزُ هو النتيجةَ التي يتحمَّلها الجميع.


معاشر الأحِبَّة:

في أجواء الفوضَى تُولَد التكتُّلات، وتنبُت المُخالفات، وتلكم هي معاوِلُ الهدم، وقوةُ الهدم أقوَى من قوَّة البناء وأبلغُ وأسرع.


في الفوضَى وعدم الاستِقرار تذوب المعايير الضابِطة، وتغيبُ السياساتُ العاقِلة، وتذهلُ الآراءُ الواعِية، ويكونُ التناقض هو المُسيطر، والاضطرابُ هو السائِد، والضياعُ هو المُهيمِن.


إن غوغائيَّة الجماهير هي الطريقُ السريعُ إلى الفوَى، ونعوذُ بالله من فتنٍ تدَعُ الحليمَ حيرانًا، فالإنسانُ في أجواء الفتن قد يظنُّ أن لديه إيمانًا يعصِمُه، أو عقلاً إلى رُشدٍ يهدِيه، ولكن مع الفتنِ وبخاصَّةٍ في تقنيَّات العصر الجارِفة، ووسائلِه الطاغِية، وتغريداتِه المُضطرِبة لا يشعُر إلا وقلبُه قد تشرَّبَ ما تشرَّب، فإذا هو قد زُجَّ في نارها، وغرِقَ في لُجَّتها، وأحرقَه لهيبُها.


ونعوذُ بالله من الفتن ما ظهر منها وما بطَن.


ألم تفقَهوا توجيهَ نبيِّنا محمدٍ - صلى الله عليه وآله وسلم - وهو يُحذِّرُ من فتنةِ المسيح الدجَّال، مع أنه قد بيَّن لنا أوصافَه وذكرَ لنا علاماته بما لا يلتبِسُ ولا يشتبِهُ، ومع هذا كلِّه فإننا نستعيذُ بالله منه في صلواتِنا كلِّها، وقال: «إن خرجَ وأنا فيكم فأنا حَجيجُه، وإلا فكلٌّ حَجيجُ نفسه».


فلا حول ولا قوة إلا بالله.


معاشر المسلمين:

وليس مخرجًا من الفتن إذا استحكمَت، والبلايا إذا ادلهمَّت إلا لُزومُ الجماعة، والتزامُ الطاعة، وقد قال ذلك نبيُّنا محمدٌ - صلى الله عليه وآله وسلم - لحُذيفة - رضي الله عنه -: «تلزمُ جماعةَ المُسلمين وإمامَهم».


ومن أرادَ بَحبُوحَة الجنة فليلزَم الجماعة.


ولُزومُ الطاعة والتمسُّك بالجماعة ليس مُجاملةً، ولا مُمالأةً، ولا ضعفًا، ولا مُداهنةً، ولا مُعاوَضةً، ولكنَّه - والله - من أجل الحِفاظ على الدين، وعلى الأمة، وعلى الأمن والاستِقرار، وعلى الأهل والأنفُس، «من رأى من أميرِه ما يكرَه فليصبِر؛ فإن من فارقَ الجماعةَ شبرًا فماتَ ماتَ ميتةً جاهليَّةً»؛ متفق عليه.

 

إخوتي في الله:

ونحن في هذه البلاد المُباركة في رحاب الحرمين الشريفين، في المملكة العربية السعودية، الدينُ هو الظاهرُ، وشرعُ الله هو المُحكَّم، أسبغَ الله علينا نعمَه ظاهرةً وباطنةً، صحةً في الأبدان، وأمنًا في الأوطان، غذاءٌ وكساءٌ ودواءٌ وصحةٌ وتعليمٌ، تمشِي على قدمَيك وقد قُتِلَت أقدام، تنامُ ملئَ عينيك وقد أطارَ الخوفُ والهلَعُ النومَ عن أقوامٍ كثيرين، أمنٌ وافرٌ، وعافيةٌ سابغةٌ وقد نغَّصَ الألمُ والخوفُ المُشرَّدين.


بلادٌ آمنةٌ مُستقرَّة يفِدُ إليها الوافِدون، ويرغبُ إليها الراغِبون، يبذُلون الغالِيَ والنفيس لسُكناها والعيش فيها ابتِغاءَ ظلِّ أمنها الوارِف، وعيشِها الكريم.


لماذا يتفكَّرُ الغافِلون في المفقود ولا يشكُرون الموجود؟! لا بُدَّ من الحِفاظ على هيبَة الدولة وهيبَة الحُكم وهيبَة الأنظمة.


ولا يكونُ استِقرارُ الدولة وأمنُ الأمة إلا بالحِفاظ على الهيبَة حِفظًا للدين والدنيا، والأنفُس والأموال، والاقتِصاد والإعمار، والصحة والتعليم، وكل المناطق والخدمات.


يجبُ استِصحابُ حفظِ الدولة، ووحدة الأمة في أي تحرُّكٍ أو نظرٍ أو تفكيرٍ أو مُطالَبةٍ، وما أجدرَ الغيورين على وحدة الأمة ومصالِحها واستِقرارها أن يُمسِكوا عن كثيرٍ من ألوان الجدَل واللَّغَط الذي تمُوجُ به الساحة.


إن كثيرًا من مواطِن الخلاف ينشأُ من مُجانبَة الاعتِدال، فيرَى المُنتقِد أنه ما دام على الحقِّ فهذا يُسوِّغُ له أن يقولَ ما يشاء وأن يفعل ما يشاء ومتى شاء وكيف شاء. وتلكم هي الغفلةُ القاتِلة.


وكثيرٌ من مواطِن النزاع مبدؤُها خطأٌ يسيرٌ، أو تقصيرٌ محدود، فيُغذِّيه الهوَى، وينفخُ فيه الغلُوُّ، ناهِيكم بمن يعتقِدُ التلازُم بين الغِلظَة على من أخطأَ والحميَّة على الدين. وتغليطُ الِكِبار لا ينبغي أن يُجاهِرَ به الأغمار.

 

معاشر الأحِبَّة:

إن مما يُدعَى إليه طلبةُ العلم، وأهلُ الفضل والصلاح، وأصحابُ الرأي والنظر المُقتدَى بهم يُدعَون أن يكونوا قُدوةً لطُلاَّبِهم وأتباعِهم في الحِرصِ على وحدة الأمة وهيبَة الدولة؛ بل أتن يكونوا قدوةً في التنازُل عن بعضِ حقوقِهم الشخصية من أجل هذا الهدف السامي العظيم.


والمسؤوليةُ مُشتركةٌ - حكومةً وإعلامًا وشعبًا - في التعاوُن وسلوكِ سبيل المُؤمنين، وهدي الشرع، ورعاية الأنظمة، وتحقيق العدل، والرحمة والإحسان والحزم.


وبعد، حفظكم الله:

فليُعلَم أن الناصِحَ مسؤوليَّتُه تقديمُ النصيحة المُخلِصة والرأيِ النَّصُوح، وصاحبُ القرار له آليَّتُه في صُنع القرار واتِّخاذِه.


وأهلُ العلم والرأي والناصِحون تختلفُ وجهاتُ نظرهم وآراؤُهم، وكلُّهم مُجتهِدون ناصِحون مُخلِصون، وصاحبُ القرار يستمِعُ من الجميع، ويتفهَّمُ ما يتقدَّمُ به الجميع، ويتَّخِذُ ما يراهُ مُحقِّقًا للمصلحة، وحافِظًا للدولة، وخادِمًا للأمة.


والناصحُ وذو الرأي وصاحبُ القرار كلُّهم غيرُ معصُومين، وإذا علِمَ الله منهم صحَّةَ الديانة، وصدقَ النيَّة والإخلاص سدَّدَهم ووفَّقهم وهداهُم للتي هي أقوم، وأثابَهم على خطئِهم وعلى صوابِهم.


فمسؤوليَّةُ الجميع الصدق والنّصح وبذلُ الجهد قدر المُستطاع، أما الصوابُ فيهدِي إليه الله من يشاء، وهو يهدِي من يشاءُ إلى صراطٍ مُستقيم.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ * وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الْأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [الأنفال: 24- 26].


نفعني الله وإياكم بالقرآن العظيم، وبهدي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، وأقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ وخطيئةٍ؛ فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على ما أفضلَ وأنعمَ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الواحدُ الأحدُ الأعزُّ الأكرم، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه ذو الخُلق الأسمَى والنهج الأقوَم، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعِه وسلَّم.


أما بعد:

حقُّ الناس مكفولٌ في التعبير، والمُطالبةُ بالحقوق وإزالةُ المُنكَرات والمفاسِد ورفع الظُّلم، وإيصالُ الحقوق إلى أهلها كلُّ ذلك مكفولٌ من غير منَّةٍ بضوابِطه وبالطرق المشروعة والنظامِيَّة، وبما يحفَظُ البلدَ وأمنَه وأهلَه وهيبتَه ووحدتَه، وبما يمنعُ تدخُّلَ أهل الفُضول والأغراض والأغراب.


وعلى الدولة العنايةُ بحفظِ حقوقِ الناس وحُرماتهم في أنفُسهم وأموالِهم وأعراضِهم وكرامتِهم، في شفافيةٍ ورحمةٍ وعدلٍ وإحسانٍ، يُحاسَبُ الكبير كما يُحاسَبُ الصغير، ويُجازَى الرئيسُ كما يُجازَى المرؤُوس، وليس أحدٌ فوق الخطأ أو النقد أو المُحاسَبة أو المُسائلَة، مع إصدار الأحكام العادِلة بما يقتضِيه نظرُ الشرع الشريف المُطهَّر. والعدلُ هو سبيلُ الأمن وقاعِدتُه وبوابتُه.


وبعد:

وفي أجواء هذه الوحدة المُتماسِكة التي تعيشُها بلادُنا ومُقدَّساتُنا، والأمن الوارِف، والعيش الكريم للمواطِن والمُقيم والوافِد، يظهرُ من يبيعُ نفسَه ضدَّ أهله ووطنِه، يُريد أن يُنغِّصَ عليهم أمنَهم، ويُكدِّرَ صفاءَ عيشِهم، سالِكًا أحقرَ المسالِك؛ ليكونَ صنيعةً وضيعةً بيدِ من يُريد بأهلِه وبلدِه شرًّا.


أهكذا ترخُص المُقدَّسات والديار والأهلُ والعشيرةُ؟! ليمتهِنَ هذا المخذولُ التجسُّسَ والتلصُّص على أهلِه وعشيرتِه ودارِه لمصلحةِ عدوٍّ مُتربِّصٍ.


هل يُتصوَّرُ مُخلِصٌ مهما كان نقدُه، ومهما كانت مطالِبُه، هل يُتصوَّرُ أن يمُدَّ يدَه إلى يدِ عدوٍّ يُريدُ الشرَّ والأذَى بوطنِه.


إنه الدرسُ البليغُ الذي يزيدُ المُخلِصين يقظَةً وجِدًّا في رصٍّ الصُّفوف والمصلحة العُليا، لحفظ الدين، والأهل، والبلاد، والمُقدَّسات، ضدَّ كل الأعداء والعُملاء.


ثم تبقَى سياسةُ هذه البلاد وإدراتُها على يقظَتها وكفاءتِها وحِكمتِها وحَزمِها ومسارِها الهادِئ الرَّصِين، فلله الحمدُ والمنَّة.


ألا فاتقوا الله - رحمكم الله -، وااعتصِموا بحبل الله جميعًا، وكونُوا عبادَ الله إخوانًا، وانصَحوا وأخلِصُوا لدينِكم ولأنفُسكم ولأوطانِكم ولوُلاة أمورِكم.


ثم صلُّوا وسلِّموا على الرحمة المُهداة، والنعمة المُسداة: نبيِّكم محمدٍ رسول الله؛ فقد أمركم بذلك ربُّكم في محكم تنزيله، فقال - وهو الصادقُ في قِيلِه - قولاً كريمًا: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 56].

 

اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدك ورسولك نبيِّنا محمدٍ الحبيب المُصطفى، والنبي المُجتبى، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى أزواجه أمهات المؤمنين، وارضَ اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الصحابة أجمعين، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وجُودك وإحسانك يا أكرم الأكرمين.

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، واخذُل الطغاة والملاحدة وسائر أعداء الملَّة والدين.

اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمَّتنا وولاة أمورنا، واجعل اللهم ولايتَنا فيمن خافك واتقاك، واتبع رضاك يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا ووليَّ أمرنا بتوفيقك، وأعِزَّه بطاعتك، وأعلِ به كلمتَك، واجعله نُصرةً للإسلام والمسلمين، وألبِسه لباسَ الصحةِ والعافيةِ، وأمِدَّ في عُمره على طاعتك، ووفِّقه ونائِبَه وإخوانَه وأعوانَه لما تُحبُّ وترضى، وخُذ بنواصِيهم للبرِّ والتقوى.

اللهم وفِّق ولاةَ أمور المسلمين للعمل بكتابك وبسنَّة نبيك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -، واجعلهم رحمةً لعبادك المؤمنين، واجمع كلمتَهم على الحق والهدى يا رب العالمين.

اللهم وأبرِم لأمةِ الإسلام أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطاعة، ويُهدَى فيه أهلُ المعصية، ويُؤمَرُ فيه بالمعروف، ويُنهَى فيه عن المنكر، إنك على كل شيءٍ قديرٌ.

اللهم احفظ إخوانَنا في سوريا، اللهم اجمع كلمتَهم على الحق، واحقِن دماءَهم، اللهم اشفِ مريضَهم، وارحم ميِّتَهم، وآوِي شريدَهم، اللهم واجمع كلمتَهم، وأصلِح أحوالَهم، واجعل لهم من كل همٍّ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، ومن كل بلاءٍ عافيةً، اللهم انصرهم على عدوِّك وعدوِّهم.

اللهم وعليك بالطغاة الظلمة في سوريا، اللهم إنهم قد طغَوا وبغَوا وآذَوا وأفسَدوا وأسرَفوا في القتل والطغيان، اللهم عليك بهم فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم فرِّق جمعَهم، وشتِّت شملَهم، واجعل الدائرةَ عليهم يا قوي يا عزيز.

اللهم عليك باليهود الغاصِبين المُحتلِّين، فإنهم لا يُعجِزونك، اللهم وأنزِل بهم بأسَك الذي لا يُردُّ عن القومِ المُجرمِين، اللهم إنا ندرأُ بك في نُحورِهم، ونعوذُ بك من شُرورهم.


﴿ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201].


سبحان ربك ربِّ العزة عما يصِفون، وسلامٌ على المُرسلين، والحمدُ لله رب العالمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • أهمية الكلمة بالنسبة لقائلها

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد الحرام 16 / 10 /1434 هـ - أهمية الوحدة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 20/12/1431 - أهمية الوحدة الإسلامية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21/5/1433 هـ - التحذير من أكل المال الحرام(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • فضل الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 29/9/1433 هـ - كلمة في ختام الشهر الفضيل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 21/1/1433 هـ - فضل كلمة التوحيد: لا إله إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد الحرام 9/8/1433 هـ - خطورة الفرقة(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • خطبة المسجد الحرام 13 / 12 / 1434 هـ - وصايا للحجاج في ختام الحج(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب