• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في محاسن الإسلام
علامة باركود

فضل حسن الخلق

فضل حسن الخلق
الشيخ سعيد بن علي بن وهف القحطاني

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/1/2014 ميلادي - 12/3/1435 هجري

الزيارات: 143337

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل حسن الخلق


الخطبة الأولى

إن الحمد لله نحمده، ونستعينه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله عليه وعلى آله، وأصحابه، وسَلّم تسليمًا كثيرًا.

 

أَمّا بعد: عباد الله:

اتقوا الله وأحسنوا أخلاقكم كما أمركم رسولكم محمد - صلى الله عليه وسلم - واعلموا أنه لا يُحصَى من دخل في الإسلام بسبب خلق النبي الكريم عليه الصلاة والسلام سواء كان ذلك الخلق الحسن من: جوده أو كرمه، أو عفوه أو صفحه، أو حلمه أو أناته، أو رفقه أو صبره، أو تواضعه أو عدله، أو رحمته أو منّه، أو شجاعته وقوته..

 

وقد رغَّب النبي - صلى الله عليه وسلم - في حسن الخلق في مجالات عديدة منها:

• الخلق الحسن في حياة المسلم عامة وفي حياة الدعاة إلى الله تعالى خاصة من أعظم روابط الإيمان وأعلى درجاته، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا"[1].

 

• والخلق الحسن ضرورة اجتماعية لجميع المجتمعات، وهو من أعظم المهمات التي تتعين على جميع الدعاة إلى الله تعالى؛ لأن من تخلّق به كان من أحب الناس إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وأقربهم منه مجلسًا يوم القيامة، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من أحبكم إليّ وأقربكم مني مجلسًا يوم القيامة أحاسنكم أخلاقًا"[2].

 

• والخلق الحسن يجعل المسلم من أحسن الناس، ومن خيارهم مطلقًا، ولا يكون كذلك إلا بالتخلق بهذا الخلق العظيم، قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن من خياركم أحسنكم أخلاقًا"[3].

 

وقد أحسن الشاعر إذ يقول:

إنما الأمم الأخلاق ما بقيت
فإن هُمُ ذهبت أخلاقهم ذهبوا

 

• والخلق الحسن من أعظم القربات وأجلّ العطايا والهبات، والداعية إلى الله تعالى هو من أحق الناس بهذا الخير العظيم؛ ليطبقه على نفسه، ويدعو الناس إليه؛ ليحصل على الثواب الجزيل، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن"[4]، وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إن المؤمن ليدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم"[5]، وقال - صلى الله عليه وسلم - لعبد الله بن عمرو: "أربع إذا كن فيك فما عليك ما فاتك من الدنيا: حفظُ أمانةٍ، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة"[6]، وبهذا يحصل المسلم على جوامع الخيرات والبركات، قال - صلى الله عليه وسلم -: "البر حسن الخلق"[7].

 

• والخلق الحسن هو وصية رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى جميع المسلمين، وخاصة الدعاة، فقد أوصى به - صلى الله عليه وسلم - معاذ بن جبل حينما بعثه إلى اليمن واليًا، وقاضيًا، وداعيًا إلى الله فقال له: ".. وخالق الناس بخلق حسن"[8].

 

• والخلق الحسن ذو أهمية بالغة؛ لأن الله عز وجل أمر به نبيه الكريم، وأثنى عليه به، وعظم شأنه الرسول الأمين - صلى الله عليه وسلم -. قال عز وجل: ﴿ خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ﴾[9]، وقال سبحانه وتعالى: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ [10]، وقال عليه الصلاة والسلام: "إنما بعثتُ لِأُتمِّمَ مكارم الأخلاق"[11]، وسئلت عائشة رضي الله عنها عن خلقه - صلى الله عليه وسلم - فقالت: ".. فإن خلق نبيكم - صلى الله عليه وسلم - كان القرآن"[12].

 

• والخلق الحسن من أعظم الأساليب التي تجذب الناس إلى الإسلام، والهداية، والاستقامة؛ ولهذا من تتبع سيرة المصطفى عليه الصلاة والسلام وجد أنه كان يلازم الخلق الحسن في سائر أحواله وخاصة في دعوته إلى الله تعالى، فأقبل الناس ودخلوا في دين الله أفواجًا بفضل الله تعالى ثم بفضل حسن خلقه - صلى الله عليه وسلم -، فكم دخل في الإسلام بسبب خلقه العظيم، فهذا يسلم ويقول: (والله ما كان على الأرض وجه أبغض إليَّ من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها إليَّ)[13]، وذاك يقول: (اللهم ارحمني ومحمدًا ولا ترحم معنا أحدًا)[14]، تأثر بعفو النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يتركه على تحجيره رحمة الله التي وسعت كل شيء، بل قال له - صلى الله عليه وسلم -: "لقد تحجرت واسعًا"، والآخر يقول: (فبأبي هو وأمي ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه)[15]، والرابع يقول: (يا قومي أسلموا فإن محمدًا يعطي عطاءً لا يخشى الفاقة)[16]، والخامس يقول: (والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليَّ)[17]، والسادس يقول: بعد عفو النبي - صلى الله عليه وسلم - عنه[18]: (جئتكم من عند خير الناس)، ثم يدعو قومه للإسلام فأسلم منهم خلق كثير[19]. وهناك أمثلة كثيرة جدًا.

 

• والخلق الحسن هو أمنية كل مسلم وكل داعية مخلص خاصة؛ لأنه بذلك ينجو ويفوز وينجح في جميع أموره الخاصة والعامة؛ ولهذه الأهمية كان - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه أن يهديه للخلق الحسن، فكان - صلى الله عليه وسلم - أحيانًا يقول في استفتاحه للصلاة: "واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت.."[20]، وكان يقول: "اللهم كما أحسنت خَلْقي فحسِّن خُلُقي"[21].

 

• والخلق الحسن يُحبب صاحبه إلى الناس جميعًا حتى أعدائه، ويتمكن بذلك من إرضاء الناس على اختلاف طبقاتهم، وكل من جالسه أو خالطه أحبه، وبهذا يسهل على الداعية إدراك مطالبه السامية بإذن الله تعالى؛ لأن الدعاة إلى الله عز وجل لا يسعون الناس بأموالهم ولكن ببسط الوجه وحسن الخلق.

 

• وإن من لم يتخلق بالخلق الحسن من الدعاة ينفر الناس من دعوته، ولا يستفيدون من علمه وخبرته؛ لأن من طبائع الناس أنهم لا يقبلون ممن يستطيل عليهم أو يبدو منه احتقارهم، واستصغارهم، ولو كان ما يقوله حقًا. قال عز وجل للنبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾[22]، وقال عز وجل: ﴿ وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾[23]، وقال عز وجل مُـمْتَنًّا على عباده: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾[24]، وقال تعالى: ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾[25] الآية، وقال: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾[26]، وقال: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾[27]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا * وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا ﴾[28]، ولا شك أنه يتعين على كل مسلم أن يتخذه عليه الصلاة والسلام قدوة وإمامًا لقوله تعالى: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [29].

 

• وإن صلاح الأمة وهدايتها والنهوض بها لا يكون سليمًا نقيًا إلا بالأخذ من المنبع الصافي، والبعد عن الأفكار الهدامة المنحرفة، والتزام المسلمين بالخلق الحسن ودعوة الناس إليه هو من هذا المنبع، وتطبيق ذلك على أنفسهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾ [30]؛ ولهذا أمر الله بالعلم قبل العمل، وبالعمل قبل الدعوة إليه، فقال تعالى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [31] الآية، وقال: ﴿ وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ ﴾[32] فقدم العمل قبل الدعوة إلى الحق.

 

• والخلق الحسن ف يجعل المسلم مستنير القلب، ويفتح مداركه، فيتبصر به مواطن الحق، ويهتدي به إلى الوسائل والأساليب الصحيحة في دعوة الناس الملائمة للظروف والأحوال، والأشخاص ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا... ﴾[33] الآية.

 

• والخلق الحسن من أعظم الأسباب التي تنجي من النار وتورث الفوز بأعلى الدرجات في جنات النعيم وهذا هو غاية كل مسلم بعد رضى الله عز وجل، ولهذا عندما سأل - صلى الله عليه وسلم - رجلًا فقال له: "ما تقول في الصلاة؟" قال: أتشهّد ثم أسأل الله الجنة وأعوذ به من النار. أما والله! ما أحسن دندنتك، ولا دندنة معاذ. فقال - صلى الله عليه وسلم - "حولها نُدَنْدِنُ"[34]، وهذا يدل أن جميع الأقوال والدعوات والأعمال؛ إنما هو من أجل الفوز بالجنة والنجاة من النار بعد رضى الله عز وجل.

 

وقد تكفل - صلى الله عليه وسلم - ببيت في أعْلى الجنة لمن حسَّن خلقه فقال: "أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقًا، وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحًا، وببيت في أعلى الجنة لمن حسَّن خلقه"[35].

 

• والخلق الحسن من أكثر الأعمال التي يدخل بها المسلم الجنة، فقد سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال: "تقوى الله وحسن الخلق"[36]، ويبين - صلى الله عليه وسلم -: أن النار تحرم على كل قريب هَيِّنٍ سهل. فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ألا أُخبركم بمن يحرم على النار - أو بمن تَحرُمُ عليه النار -؟! على كُلِّ قريبٍ هيِّنٍ لَـيِّـنٍ"[37].

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، قال الله تعالى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيْمٍ ﴾ بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة ونفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه، وأتباعه بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله!

اتقوا الله تعالى، واعلموا أن الخلق الحسن موضوع واسع جدًا يشمل: الحلم، والأناة، والجود والكرم، والعفو والصفح، والرفق واللين، والصبر، والعزيمة، والثبات، والعدل والإنصاف، والصدق، والبرّ، والوفاء بالعهد، والإيثار، والرحمة، والعفة، والتواضع، والزهد، والكيس والنشاط، والسماحة، والمروءة، والشجاعة، والأمانة، والإخلاص... وهذا هو الخلق الحسن في دين الله تعالى، وما يتفرع منه.

 

أما الخلق العظيم الذي مدح الله به النبي - صلى الله عليه وسلم - فهو الدين كله، والخلق الحسن جزء منه كما ذكر ابن تيمية رحمه الله تعالى في الفتاوى[38]، وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى - في مدارج السالكين: (حسن الخلق يقوم على أربعة أركان، لا يتصور قيام ساقِه إلا عليها: الصبر، والعفة، والشجاعة، والعدل. ومنشأ جميع الأخلاق الفاضلة من هذه الأربعة)[39].

 

وهذه الأخلاق الحسنة العظيمة قد عمل بها النبي - صلى الله عليه وسلم -. فاجتهدوا في الاقتداء بالنبي - صلى الله عليه وسلم - في أخلاقه تفوزوا بالسعادة في الدنيا والآخرة.

 

هذا وصلوا على خير خلق الله نبينا محمد بن عبد الله كما أمركم الله تعالى بذلك فقال: ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [40]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن صلّى عليَّ صلاة صلى الله عليه بها عشرًا"[41]، اللهم صلِّ وسلِّم وبارك عليه، وارضَ اللهم عن أصحابه: أبي بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر أصحاب نبيك أجمعين، وعَنّا معهم برحمتك يا أرحم الراحمين، اللهم أعزّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، واحمِ حوزة الدين، اللهم آمِنّا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا، وجميع ولاة أمر المسلمين. اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات. اللهم اغفر لأمواتنا وأموات المسلمين، وأعذهم من عذاب القبر وعذاب النار، برحمتك يا أرحم الراحمين. اللهم إنا نسألك الهدى والتُّقى، والعفاف والغنى، اللهم اهدنا وسددنا، ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [42].

 

عباد الله!

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾[43]، فاذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه على نعمه يزدكم، ﴿ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾[44].



[1] أخرجه الترمذي 3/437 برقم 1162، وأبو داود 4/220 برقم 4682، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 1/340.

[2] أخرجه الترمذي 4/370 برقم 2019، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/196.

[3] البخاري مع الفتح 10/452، برقم 6029، ومسلم 4/1810 برقم 2321.

[4] أبو داود 4/253 برقم 4799، والترمذي 4/362، برقم 2002، وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3/911.

[5] أبو داود 4/252 برقم 4798 وصححه الألباني في صحيح أبي داود 3/911.

[6] أحمد في المسند بإسناد جيد 2/177، وانظر: صحيح الجامع الصغير للألباني 1/301 برقم 886.

[7] مسلم 4/1980 برقم 2553.

[8] الترمذي 4/355، برقم 2389، وحسنه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/191.

[9] سورة الأعراف، الآية: 199.

[10] سورة القلم، الآية: 4.

[11] البيهقي في السنن الكبرى بلفظه 10/192، وأحمد 2/381، والحاكم وصححه ووافقه الذهبي 2/613، وانظر: الأحاديث الصحيحة للألباني 1/75 برقم 45.

[12] مسلم في صلاة المسافرين، باب جامع صلاة الليل ومن نام عنه أو مرض 1/513، برقم 746.

[13] البخاري مع الفتح 8/87، برقم 4372، ومسلم 3/1386، برقم 1764.

[14] البخاري مع الفتح 10/438، برقم 6010.

[15] مسلم 1/381، برقم 537.

[16] مسلم 4/1806، برقم 2312.

[17] مسلم 4/1806، برقم 2313.

[18] البخاري، برقم 2910، ومسلم، برقم 843.

[19] انظر: فتح الباري 7/428.

[20] مسلم 1/534، برقم 770.

[21] البيهقي وأحمد 6/68، وصححه الألباني في إرواء الغليل 1/113 برقم 74.

[22] سورة آل عمران، الآية: 159.

[23] سورة الشعراء، الآية: 215.

[24] سورة التوبة، الآية: 128.

[25] سورة آل عمران، الآية: 164.

[26] سورة الأنبياء، الآية: 107.

[27] سورة الفتح، الآية: 29.

[28] سورة الأحزاب، الآيات: 45-47.

[29] سورة الأحزاب، الآية: 21.

[30] سورة الصف، الآيتان: 2، 3.

[31] سورة محمد، الآية: 19.

[32] سورة العصر.

[33] سورة الأنفال، الآية: 29.

[34] أبو داود، برقم 792، وأحمد 3/474, وابن ماجه، برقم 3847، وانظر: صحيح ابن ماجه 2/328.

[35] أبو داود، برقم4800، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود 3/911، وفي سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 273.

[36] الترمذي 4/363 برقم 2005، وانظر: جامع الأصول 11/694 وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 2/194.

[37] الترمذي 4/654 برقم 2488، وصححه الألباني في صحيح الترمذي، 2/610. وانظر: جامع الأصول 11/698.

[38] مجموع فتاوى ابن تيمية 10/658.

[39] مدارج السالكين 2/308.

[40] سورة الأحزاب، الآية: 56.

[41] مسلم، برقم 384.

[42] سورة البقرة، الآية: 202.

[43] سورة النحل: الآية: 90.

[44] سورة العنكبوت: الآية: 45.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حسن الخلق فضله وبم يكون
  • حسن الخلق
  • من شمائلنا حسن الخلق وتقوى الله في السر والعلن
  • حاجتنا إلى حسن الخلق
  • فضل الرفق وحسن الخلق مع الخلق
  • الحث على الخلق الحسن
  • الوصية بـ (حسن الخلق)

مختارات من الشبكة

  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضل القرض الحسن: القرض الحسن كعتق رقبة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الحياء وحسن الخلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • باب فضل مسجد قباء، وفضل الصلاة فيه وزيارته(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • نسبة الفضل لله {ذلك من فضل الله علينا}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الرب العلي فيما فضل الله به النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل شهر الله المحرم وفضل صومه وصيام عاشوراء(محاضرة - ملفات خاصة)
  • خطبة عن فضل عشر ذي الحجة وفضل الأضحية وأحكامها(مقالة - ملفات خاصة)
  • أحاديث في فضل العلم: 110 حديثا وأثرا في فضل العلم وبيان آدابه (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب