• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 9/1/1434 هـ - عبرة من قصة موسى - عليه السلام - وفرعون

الشيخ عبدالباري بن عوض الثبيتي


تاريخ الإضافة: 3/1/2014 ميلادي - 1/3/1435 هجري

الزيارات: 79350

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

عِبرةٌ من قصة موسى - عليه السلام - وفرعون

 

ألقى فضيلة الشيخ عبدالبارئ بن عواض الثبيتي - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "عِبرةٌ من قصة موسى - عليه السلام - وفرعون"، والتي تحدَّث فيها أن قصصَ الأنبياء فيها العِبرةُ والعِظة، وأنها زادُ الطريق، وتُثبِّتُ المؤمنين، وذكرَ من هذه القصص: قصةَ إنجاء الله لموسى – عليه السلام – ومن معه، وإهلاك فرعون وجنوده، وبيَّن بعضَ الدروس المُستفادة منها، وذكَّر بما وردَ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - من الحثِّ على صيام هذا اليوم الذي نجَّى الله فيه موسى وقومَه، وبيَّن عِظَم فضله.


الخطبة الأولى

الحمد لله، الحمد لله الذي أنعمَ علينا بنعمٍ نتقلَّبُ فيها ليلَ نهار، أحمده - سبحانه - وأشكرُه على فضلِه وخيرِه المِدرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العزيزُ الجبَّار، القويُّ القهَّار، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم عددَ الحُجَّاج والعُمَّار، وما تساقطَ من ورق الأشجار.


أما بعد:

فأوصِيكم ونفسي بتقوى الله، قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ ﴾ [آل عمران: 102].


في قصص الأنبياء عِبرةٌ وعِظة، هي زادٌ في الطريق، وتُثبِّتُ المُؤمنين، ﴿ وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ ﴾ [هود: 120].


وقصةُ موسى - عليه السلام - أطولُ قصص القرآن، وتتميَّز بتنوُّع مشاهِدها، وكثرة عرضِها.


وُلِد موسى - عليه السلام - والرُّعبُ يملأُ الأجواءَ، والأمةُ مُستضعفةٌ مُشتَّتةٌ، يسومُهم فرعونُ سُوءَ العذاب؛ يُذبِّحُ أبناءَهم، ويستحيِي نساءَهم، ويقتلُ كلَّ مولودٍ ذكَرٍ، حِفاظًا على سُلطانه. فأذلَّ أمَّتَه، وقهرَ قومَه ليبقَى حُكمُه، ويدومَ عرشُه، ويبنِيَ مُلكَه على جماجِم الأطفال، وأشلاء أجسادِهم، وحمَّامات الدماء.


هؤلاء طُغاةٌ نُزِعت الرحمةُ من قلوبهم، وانسلَخوا من مشاعِرهم الإنسانية، فحقَّت عليهم كلمةُ الله بزوال حُكمهم، وسُوء عاقبَتهم، ولا كرامةَ لهم بشرًا يمشون على الأرض، ﴿ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ ﴾ [القصص: 7].


وهناك تملَّكُك الدهشةُ، ويحتضِنُك العجَب، الأمُّ خائفة، وتخشى أن يصِلَ نبؤُه إلى فرعون وقومِه فيقتلوه، ويُلهِمُها الله أن تُلقِيَه في اليمِّ، اليمُّ بأمر الله غدا ملجأً آمنًا، احتضنَ الطفلَ الرَّضِيعَ، وحماه من كلِّ سُوءٍ.


وتتوالَى الأحداثُ العجيبة؛ لتُبرِزَ للأمة ضآلةَ مكر الطغيان، وحقارةَ كيده، مهما صالَ وجالَ، أمام قُدرة الله وعظمته يقتلُ فرعونُ أطفالَ بني إسرائيل حتى لا يرى موسى نورَ الحياة، وتسوقُ الأمواجُ موسى الرَّضيعَ حتى تسكُن أمام قصر فرعون، ويقذِفُ الله محبَّتَه في قلب امرأة فرعون، ﴿ لَا تَقْتُلُوهُ عَسَى أَنْ يَنْفَعَنَا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَدًا ﴾ [القصص: 9].


ويُسخِّرُ الله فرعون؛ ليتربَّى موسى على فراشِه ومائدتِه، وهل يجرُؤُ مخلوقٌ أن يمسَّ بسُوءٍ من أراد اللهُ له السلامةَ والنجاةَ؟!


جاؤوا لموسى بالمراضِع، فعافَهنَّ، وتقدَّمَت أختُه تعرِضُ أن تأتي لهم بمُرضِعةٍ، فقبِلُوا، فجاءَت بأمِّه، ﴿ فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمِّهِ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَلِتَعْلَمَ أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقّ ﴾ ٌ [القصص: 13].


هذا وعدُ الله، ووعدُ الله لا يتخلَّف، ويبقَى أن نزرعَ اليقينَ في نُفوسِنا بأنَّ من تعلَّقَ بخالقه وتوكَّلَ عليه مع الأخذ بالأسباب فإنه لا ييأسُ من روح الله، ولا يخنَعُ لوساوسِ الوهَن، ولا يتشاءَمُ مع الأحداث؛ بل تزيدُه الشدائدُ قوَّةً وعزيمةً وأملاً.


أمرَ اللهُ موسى أن يذهبَ إلى فرعون: ﴿ اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى ﴾ [طه: 24]، وهي مهمةٌ شاقَّةٌ، فقد ادَّعى فرعونُ الألوهيَّة، وبلغَ الغايةَ في البغي والغُرور.


وهنا يُسجِّل نبيُّ الله موسى - عليه السلام - درسًا منهجيًّا للدعوة والدُّعاة، وهو: أنه بدأ المهمة بتجرُّده من حولِه، والانخِلاع من قوَّتِه، والاطِّراحِ بي يدَي الله، مُسبِّحًا ربَّه كثيرًا، ذاكرًا اللهَ كثيرًا. فهذا زادُه وزادُ كلِّ داعيةٍ ومُربٍّ، ﴿ قَالَ رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي * وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي * وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي * وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 25- 34].


قال الله تعالى: ﴿ اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى ﴾ [طه: 43، 44].


قال قتادة: "يا ربِّ! إن كان هذا حلمُك برجلٍ قال: ﴿ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي ﴾ [القصص: 38]؛ فكيف سيكونُ حِلمُك بعبدٍ سجَدَ لك وقال: سبحان ربي الأعلى".


فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا وصيةُ الله لموسى في خُطوته الأولى في الدعوة؛ القولُ الليِّنُ، فاللغةُ الهادِئة، وبيانُ الحق، ومُقارعةُ الحُجَّة بالحُجَّة، والحوارُ الهادئ أدبُ الدين وهديُ المُرسَلين. أما القولُ الفظُّ الغليظُ، والسِّبابُ والتقريعُ، والصُّراخُ والتجريحُ فإنه يُنفِّرُ من الدين، ويُشوِّهُ حقائقَه وسماحتَه، كما أن اللِّينَ لا يعني تمييعَ أحكام الدين ولَيَّ عنقِ أصولِه، وتذويبَ حقائقه ومنهجه بحُجَّة إرضاء الآخرين وكسبِهم.


فرعونُ يُحذِّرُ من موسى، ويجمعُ السَّحَرة في مناظرةٍ علنيَّةٍ لإسقاطِ موسى أمام الرأي العام، توطِئةً لإقصائِه وقتلِه، ﴿ فَتَوَلَّى فِرْعَوْنُ فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتَى ﴾ [طه: 60].


حضرَ السَّحرةُ ميدانَ المُناظرة، مُتآمرين على موسى، مُعتمِدين على عزَّة فرعون، وفي هذا الحشد المَهيب يُوصِي ربُّ موسى موسَى - عليه السلام -: ﴿ لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى ﴾ [طه: 68]، لا تخَف؛ لأنك الأعلى الأعزُّ الأكرَم، الأعلى منهجًا، والأكرمُ خُلُقًا، والأعزُّ عقيدةً.


وهذه رسالةٌ لبعض بني جِلدتنا ممن تسرَّبَت إلى نفوسِهم الهزيمةُ النفسية، وتزعزَعَت مفاهيمُهم، وتخلخَلَت مواقِفُهم حين رأَوا انتِفاشةَ الباطل وزُهُوَّ الضلال.


ويُريدُ فرعون أمرًا، ويُريدُ اللهُ أمرًا، ويظهرُ أمرُ الله، اجتمعوا السَّحَرة فرأوا آيات الله ومُعجِزاته الخالِدة، فجاءت المُفاجأةُ الكُبرى: ﴿ وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ * قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ ﴾ [الأعراف: 120- 122].


تمكَّن الإيمانُ من قلوبِهم فأشرقَ فيها، وانتصرَت العقيدةُ في حياتهم فعزَّت فيها، حضرَ القومُ الميدانَ سحرةً، فتحوَّلوا في لحظاتٍ شُهداءَ بَرَرة، وها هُم يرفَعون أصواتَهم بالقوة والتحدِّي بعد تهديد فرعون: ﴿ فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا ﴾ [طه: 72].


لقد غدَا فرعونُ في نظرهم قَزَمًا؛ لأنه لا يملِكُ ضرًّا ولا نفعًا، ولا يملِكُ موتًا ولا حياةً ولا نُشورًا، كان همُّهم الدنيا، فصارَ تطلُّعهم مرضاةَ الله والآخرة، وأعلَنوا بقلوبٍ مُؤمنة توبةً صادقةً، داعِينَ ربَّهم المغفرةَ والرِّضوانَ. لقد حوَّلَ الإيمانُ الصادقُ السَّحرةَ إلى مؤمنين؛ بل دُعاةً إلى الدين، يدعُون الناسَ إلى الهُدى والنور، إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا ﴿ فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى * وَمَنْ يَأْتِهِ مُؤْمِنًا قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولَئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ الْعُلَى ﴾ [طه: 74، 75].


وهذا ليس غريبًا؛ فالقلبُ حين يتذوَّقُ حلاوةَ الإيمان ولذَّتَه يتمنَّى أن يطعمَ غيرُه هذه اللذَّةَ والحلاوةَ، وقد حوَى تأريخُنا قصصَ أممٍ وأفرادٍ كانوا يُحارِبون الإسلام، فجعلَهم الإيمانُ قِممًا في الدين، وأُسُودًا تُدافِعُ عن حِياضِه، وترعَى مصالِحَه.


وسجَّلَ واقِعَنا المُعاصِرُ نماذجَ تُحتذَى لأقوامٍ كانوا أئمةَ ضلالٍ في ترويجِ المُخدِّرات، ونهبِ الأموال، وانحِرافِ الأفكار، فحوَّلَهم الإيمانُ أئمةَ هُدًى ونماذِجَ تُقًى.


ولما وصلَ الاستِكبارُ غايتَه اقتربَت لحظاتُ النصر؛ ففي اليوم العاشِرِ من شهر الله المُحرَّم أنجَى اللهُ موسى ومن معه، وأغرقَ فرعونَ وملأَه، ولما رأى فرعونُ الهلاكَ وأدركَه قال: ﴿ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [يونس: 90]، ﴿ وهيهَات آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [يونس: 91]، ويأتي الحُكمُ من الله: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس: 92] آيةً للطُّغاة والمُفسِدين، وآيةً للذين يقتلونَ شُعوبَهم، ويسفِكون دماءَهم، وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ .


وفي هذا اليوم - يوم عاشوراء - الموافق ليوم غدٍ السبت يقول رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «صيامُ يوم عاشوراء أحتسِبُ على الله أن يُكفِّرَ السنةَ التي قبلَه»؛ رواه مسلم.


بارك الله ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشُّكرُ له على توفيقه وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.


أما بعد:

فأوصِيكم ونفسي بتقوى الله؛ فهي خيرُ زادٍ.


أيها المسلمون:

كان من تعظيم موسى - عليه السلام - للأرضِ المُقدَّسة وبيت المقدِس: أن سألَ اللهَ - تبارك وتعالى - عند الموت أن يُدنِيَه منها؛ روى البخاري في "صحيحه" مرفوعًا: «.. فسألَ اللهَ أن يُدنِيَه من الأرض المُقدَّسة رميةً بحجَر»، قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «فلو كنتُ ثمَّ لأرَيتُكم قبرَه إلى جانبِ الطريقِ عند الكَثيبِ الأحمر».


وإن القلبَ ليعتصِرُ ألمًا، ويشتدُّ حُزنًا ونحن نرى الصَّهايِنةَ المُعتدِين يعيثُون فسادًا في بيت المقدِس، ويقذِفون حِمَم البارُودِ والمدافِعِ على شعبٍ أعزلَ في غزَّة. هذا العُدوان الغاشِم الذي قُتِلَ فيه الأطفالُ والنساءُ، ودُمِّرَت المُمتلكات يُبدِي الصورةَ الهمجيَّة للمُعتدين، وحِقدَهم الدَّفين، وأنهم لا يحترِمون العُهودَ والمواثِيق.


هذا العُدوان لا يقبَلُه مسلمٌ، ولا يرتَضِيه حرٌّ عاقلٌ، واستِمرارُه أو استِئنافُه بعد الهُدنة امتِهانٌ لكرامةِ المُسلمين.

 

وحمايةُ أبناء الشعبِ الفلسطينيِّ مسؤوليةٌ جماعيَّةٌ تقعُ على عاتقِ المُسلمين جميعًا، ونحن مُطالَبون باتِّخاذ خُطواتٍ جادَّةٍ وفعَّالةٍ لرفع الظلمِ ووقفِ نزيفِ الدمِ أبدًا.


ومع أن غزَّةَ قد نسجَت قصصَ العِزَّة؛ فإن هذا الظلمَ لن يدُومَ مهما طالَ ليلُه، فقد اشتدَّ مُلكُ فرعون وظُلمُه فعاقبَه الله وأغرقَه وقضَى عليه، وحينئذٍ يعودُ الحقُّ إلى أهلِه، قال الله تعالى: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ﴾ [القصص: 5، 6].


ألا وصلُّوا - عباد الله - على رسول الهدى؛ فقد أمركم الله بذلك في كتابه.


اللهم صلِّ على محمدٍ وأزواجه وذريَّته، كما صلَّيتَ على آل إبراهيم، وبارِك على محمدٍ وأزواجه وذريَّته، كما باركتَ على آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ.

وارضَ اللهم عن خلفائه الأربعة الراشدين: أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعليٍّ، وعن الآلِ والصَّحبِ الكِرام، وعنَّا معهم بعفوِك وكرمِك وإحسانِك يا أرحم الراحمين.

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الكفرَ والكافرين، ودمِّر اللهم أعداءَك أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلدَ آمنًا مُطمئنًّا وسائرَ بلاد المُسلمين.

اللهم من أرادَنا وأرادَ الإسلامَ والمُسلمين بسُوءٍ فأشغِله بنفسه، واجعَل تدبيرَه تدميرَه يا سميع الدعاء.

اللهم احفَظ المُسلمين في كل مكان، اللهم احفَظ المُسلمين في بلاد الشام، وانصُرهم على عدوِّهم وعدوِّك يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ وعملٍ، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ وعملٍ.

اللهم أصلِح لنا دينَنا الذي هو عصمةُ أمرنا، وأصلِح لنا دُنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلِح لنا آخرتَنا التي إليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كل خيرٍ، والموتَ راحةً لنا من كل شرٍّ يا رب العالمين.

اللهم إنا نسألُك الهُدى والتُّقَى والعفافَ والغِنى، اللهم أعِنَّا ولا تُعِن علينا، وانصُرنا ولا تنصُر علينا، وامكُر لنا ولا تمكُر علينا، واهدِنا ويسِّر الهُدى لنا، وانصُرنا على من بغَى علينا.

اللهم اجعَلنا لك ذاكِرين، لك شاكِرين، لك مُخبتين، لك أوَّاهين مُنيبين.

اللهم تقبَّل توبتَنا، واغسِل حوبتَنا، وثبِّت حُجَّتنا، وسدِّد ألسِنتَنا، واسلُل سخيمةَ قلوبنا.

اللهم اغفِر للمُسلمين والمُسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم ألِّف بين قلوبِ المُسلمين ووحِّد صُفوفَهم، واجمع كلمتَهم على الحقِّ يا رب العالمين.

اللهم وفِّق إمامنا لما تُحبُّ وترضى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك، ومُنَّ عليه بالصحة والعافية يا أرحم الراحمين.

اللهم وفِّق جميعَ وُلاة أمور المُسلمين للعمل بكتابك، وتحكيم شرعِك يا رب العالمين.

اللهم أنت الله لا إله إلا أنت، أنت الغنيُّ ونحن الفُقراء، أنزِل علينا الغيثَ ولا تجعَلنا من القانِطين، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا، اللهم سُقيا رحمةٍ لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرقٍ، اللهم تُحيِي به البلادَ، وتُفيدُ به العبادَ، وتجعلُه بلاغًا للحاضر والباد برحمتك يا أرحم الراحمين.


﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].


فاذكروا اللهَ يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، واللهُ يعلمُ ما تصنَعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23 / 10 / 1434 هـ - عبودية الكائنات لله تعالى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 16 / 10 /1434 هـ - الاعتصام بالكتاب والسنة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب