• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    المسائل المجمع عليها في مواد أهلية المتعاقدين في ...
    عبدالله بن صالح بن محمد المحمود
  •  
    المرأة بين الإهانة والتكريم (خطبة)
    عبدالعزيز محمد مبارك أوتكوميت
  •  
    الإلهام والكشف والرؤيا لدى ابن تيمية رحمه الله ...
    إبراهيم الدميجي
  •  
    خطبة: التربية على الإحسان للآخرين
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    الإحصاء في القرآن الكريم والسنة النبوية: أبعاد ...
    د. مراد باخريصة
  •  
    الدين النصيحة (خطبة)
    سعد محسن الشمري
  •  
    العطايا والمنح بعد المحن (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    تحريم إبرام اليمين وتوكيدها ممن يَعلم عجزَه أو ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    تفسير قول الله تعالى: { كل الطعام كان حلا لبني ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    وقفات إيمانية وتربوية حول اسم الله العفو جل جلاله
    د. عبدالرحمن سيد عبدالغفار
  •  
    شموع (112)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المندوبات عند الحنابلة من كتاب الأطعمة حتى نهاية ...
    رازان بنت عبدالله بن صالح المشيقح
  •  
    حكم تقسيم التوحيد إلى ثلاثة أقسام
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الذكر يحصن العبد من وسوسة الشيطان
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    كن بلسما (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب / في النصيحة والأمانة
علامة باركود

أكملهم إيمانا أحسنهم خلقا

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 30/12/2013 ميلادي - 27/2/1435 هجري

الزيارات: 19451

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

أكملهم إيمانًا أحسنهم خلقًا

 

أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَانًا وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ ﴾ [الأنفال: 29].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، النَّاسُ مُعطًى وَمَحرُومٌ، وَمُنعَمٌ عَلَيهِ مُوَفَّقٌ، وَمَوكُولٌ إِلى نَفسِهِ مَخذُولٌ، غَيرَ أَنَّ حُسنَ الخُلُقِ وَإِنْ لم يَشعَرْ بِذَلِكَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، هُوَ خَيرُ مَا أُعطُوا وَأُنعِمَ بِهِ عَلَيهِم، عَن عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍو - رَضِيَ اللهُ عَنهُ -: " أَربَعُ خِلالٍ إِذَا أُعطِيتَهُنَّ فَلا يَضُرُّكُ مَا عُزِلَ عَنكَ مِنَ الدُّنيَا: حُسنُ خَلِيقَةٍ، وَعَفَافُ طُعمَةٍ، وَصِدقُ حَدِيثٍ، وَحِفظُ أَمَانَةٍ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ في الأَدَبِ المُفرَدِ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: صَحِيحٌ مَوقُوفًا وَصَحَّ مَرفُوعًا، وَفِيهِ أَنَّهُ سُئِلَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا خَيرُ مَا أُعطِيَ الإِنسَانُ؟ قَالَ: " خُلُقٌ حَسَنٌ " صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

 

وَحِينَ يُذكَرُ حُسنُ الخُلُقِ وَيُمتَدَحُ، وَيُدعَى إِلَيهِ وَيُرغَّبُ فِيهِ، تَذهَبُ الأَوهَامُ مُبَاشَرَةٌ إِلى التَّبَسُّمِ وَالبِشرِ وَطَلاقَةِ الوَجهِ، وَاللَّبَاقَةِ في الحَدِيثِ وَالبَشَاشَةِ عِندَ المُوَاجَهَةِ، وَهَذَا وَإِنْ كَانَ بَابًا عَظِيمًا مِن أَبوَابِ الخُلُقِ الحَسَنِ، فَإِنَّهُ لَيسَ الخُلُقَ كُلَّهُ، بَل لَقَد عَادَ هَذَا النَّوعُ مِنَ الخُلُقِ الظَّاهِرِيِّ في زَمَانِنَا مِمَّا يُدرَسُ وَيُتَدَرَّبُ عَلَيهِ وَقَد يُتَكَلَّفُ، لِمُجَرَّدِ استِعطَافِ قُلُوبِ الآخَرِينَ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ، أَو لاستِمَالَةِ وُدِّهِم بُرهَةً مِنَ الزَّمَانِ، وَكَسبِ فَائِدَةٍ دُنيَوِيَّةٍ مِن وَرَائِهِم، أَوِ استِخدَامِهِم لِنَيلِ شَهوَةٍ عَاجِلَةٍ أَوِ التَّوَصُّلِ لِمَأرِبٍ قَرِيبٍ، ثم نِسيَانِهِم بَعدَ انقِضَاءِ الحَاجَةِ إِلَيهِم، وَمُقَابَلَتِهِم بِبُرُودَةٍ وَقَلِيلِ اهتِمَامٍ. وَإِنَّمَا الخُلُقُ الحَسَنُ بِمَعنَاهُ الصَّحِيحِ، أَن يَأخُذَ المَرءُ بِشَرَائِعِ الدِّينِ كُلِّهَا وَيَدخُلَ في السِّلمِ كَافَّةً، وَأَن يُخَالِفَ النَّفسَ وَيَنهَاهَا عَنِ الهَوَى، وَلا يَتَّبِعَ خُطُوَاتِ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ.

 

أَجَلْ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ حُسنَ الخُلُقِ بَذلٌ لِلنَّدَى، وَكَفٌّ لِلأَذَى، وَاحتِمَالٌ لِلخَطَأِ، وَرَتقٌ لِلخَلَلِ وَعَفوٌ عَنِ الزَّلَلِ، وَسَترٌ لِلعُيُوبِ وَجَبرٌ لِلقُلُوبِ، إِنَّهُ تَخَلٍّ عَنِ الرَّذَائِلِ، وَتَحَلٍّ بِالفَضَائِلِ، الخُلُقُ الحَسَنُ أَن تَصِلَ مَن قَطَعَكَ، الخُلُقُ الحَسَنُ أَن تُعطِيَ مَن حَرَمَكَ، الخُلُقُ الحَسَنُ أَن تَعفُوَ عَمَّن ظَلَمَكَ، الخُلُقُ الحَسَنُ أَن تُطِيعَ اللهَ فِيمَن عَصَاهُ فِيكَ، الخُلُقُ الحَسَنُ أَن تَفِيَ بِالحُقُوقِ الوَاجِبَةِ وَتَجُودَ بِالمُستَحَبَّةِ، وَأَن تَنقَادَ لِلحَقِّ وَتَكُونَ مُنصِفًا، وَتَرحَمَ الخَلقَ وَلا تُرَى مُلحِفًا، وَأَن تَسلَمَ مِن الطَّيشِ وَالعَجَلَةِ، وَتَصبِرَ وَتَتَحَمَّلَ، وَتكظِمَ الغَيظَ للهِ وَتُحسِنَ. وَالخُلُقُ الحَسَنُ بِهَذِهِ المَعَاني وَأَمثَالِهَا، لا يُمكِنُ أَن يَكُونَ مِمَّن سَاءَت عَقِيدَتُهُ أَو هَزُلَ تَوحِيدُهُ، وَلا أَن يَظهَرَ عَلَى مَن ضَعُفَ بِاللهِ يَقِينُهُ أَو نَسِيَ لِقَاءَهُ. وَإِذَا وَجَدتَ في نَفسِكَ أَو في غَيرِكَ انحِرَافًا في السُّلُوكِ أَو حَيدَةً عَنِ الجَادَّةِ، أَوِ انقِيَادًا لِمَا يُملِيهِ عَلَيكَ الهَوَى، أَو مُجَارَاةً لِشَيَاطِينِ الإِنسِ أَو خِفَّةً مَعَ شَيَاطِينِ الجِنِّ، فَاعلَمْ أَنَّ ذَلِكَ دَلِيلُ خَلَلٍ في المُعتَقَدِ، وَمُؤَشِّرُ ضَعفٍ في الإِيمَانِ، وَشَاهِدٌ عَلَى غِيَابِ الرَّقَابَةِ، وَقَرِينَةٌ عَلَى مَوتِ الضَّمِيرِ أَوِ اعتِلالِهِ، وَكُلَّمَا رَأَيتَ نَفسَكَ مُتَحَلياً بِصَالِحِ الأَخلاقِ وَأَحسَنِهَا، مُتَّصِفًا بِمَحمُودِ الصِّفَاتِ وَأَجمَلِهَا، فَاعلَمْ أَنَّ ذَلِكَ أَثَرٌ عَن عَمِيقِ إِيمَانٍ مِنكَ بِرَبِّكَ، وَثمَرةُ تَصدِيقٍ بِوَعدِهِ وَيَقِينٍ بِلِقَائِهِ، فَاحمَدِ اللهَ وَاطلُبِ المَزِيدَ، مِصدَاقُ ذَلِكَ في كِلامِ اللهِ وَكَلامِ رَسُولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾ [البقرة: 177] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَكمَلُ المُؤمِنِينَ إِيمَانًا أَحسَنُهُم أَخلاقًا " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرمِذِيُّ، وَقَالَ الأَلبَانيُّ: حَسَنٌ صَحِيحٌ. وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " لَيسَ المُؤمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلا اللَّعَّانِ وَلا الفَاحِشِ وَلا البَذِيءِ " أَخرَجَهُ التِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " المُسلِمُ مَن سَلِمَ المُسلِمُونَ مِن لِسَانِهِ وَيَدِهِ، وَالمُؤمِنُ مَن أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِم وَأَموَالِهِم " رَوَاهُ النَّسَائيُّ وَالتِّرمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ، وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم-: " مَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيرًا أَو لِيَصمُتْ، وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكرِمْ جَارَهُ، وَمَن كَانَ يُؤمِنُ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَلْيُكرِمْ ضَيفَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ استِكمَالَ المَرءِ لِلإِيمَانِ، كَفِيلٌ بِأَن يَضبِطَ سُلُوكَهُ ضَبطًا تَامًّا، وَأَن يُقِيمَهُ عَلَى الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ فِيهَا، وَالعَكسُ بِالعَكسِ؛ إِذْ إِنَّ التَّحَلِّيَ بِمَكَارِمِ الأَخلاقِ مِنَ الصِّدقِ وَالكَرَمِ وَالحِلمِ وَالشَّجَاعَةِ وَالعَدلِ وَنَحوِهَا، وَالتَّخَلِّيَ عَن مَسَاوِئِهَا مِنَ الكَذِبِ وَالشُّحِّ وَالطَّيشِ وَالجَهلِ وَالظَّلمِ وَأَمثَالِهَا، إِنَّمَا يَتِمُّ لِمَن آمَنَ بِاللهِ رَبًّا، وَصَدَّقَ بِلِقَائِهِ وَمَوعُودِهِ، وَخَشِيَ وَعِيدَهُ وَحَذِرَ عَذَابَهُ، وَاستَحضَرَ اطِّلاعَهُ عَلَيهِ وَشَهَادَةَ المَلائِكَةِ عَلَى كُلِّ أَعمَالِهِ، وَاحتَسَبَ الأَجرَ وَخَشِيَ الوِزرَ، وَأَمَّا مَنِ اختَلَّ تَمَسُّكُهُ بِأُصُولِ الإِيمَانِ، فَغَابَت عَنهُ مُرَاقَبَةُ رَبِّهِ، وَغَفَلَ عَن نَظَرِ الشُّهُودِ مِن مَلائِكَتِهِ، أَوِ استَبعَدَ لِقَاءَ اللهِ وَضَعُفَت في قَلبِهِ ذِكرَى الدَّارِ الآخِرَةِ، فَلَيسَ أَمَامَهُ إِلاَّ الضَّلالُ وَالانحِرَافُ وَتَجَاوُزُ الحُدُودِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: " وَمَن يَكفُرْ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَاليَومِ الآخِرِ فَقَد ضَلَّ ضَلالاً بَعِيدًا " وَقَالَ -صلى الله عليه وسلم- مُقرِّرًا صِلَةَ الإِيمَانِ بِالخُلُقِ القَوِيمِ: " لا يَزني الزَّاني حِينَ يَزني وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَشرَبُ الخَمرَ حِينَ يَشرَبُ وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَسرِقُ حِينَ يَسرِقُ وَهُوَ مُؤمِنٌ، وَلا يَنتَهِبُ نُهبَةً يَرفَعُ النَّاسُ إِلَيهِ فِيهَا أَبصَارَهُم حِينَ يَنتَهِبُهَا وَهُوَ مُؤمِنٌ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ وَمُسلِمٌ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " وَاللهِ لا يُؤمِنُ، وَاللهِ لا يُؤمِنُ، وَاللهِ لا يُؤمِنُ " قِيلَ: مَن يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " الَّذِي لا يَأمَنُ جَارُهُ بَوَائِقَهُ " رَوَاهُ البُخَارِيُّ، وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " ثَلاثٌ مَن كُنَّ فِيهِ فَهُوَ مُنَافِقٌ وَإِنْ صَامَ وَصَلَّى وَحَجَّ وَاعتَمَرَ وَقَالَ إنِّي مُسلِمٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخلَفَ، وَإِذَا اؤتُمِنَ خَانَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَإِنَّ المُتَأَمِّلَ لِمَا عَلَيهِ كَثِيرٌ مِنَ الخَلقِ اليَومَ في تَعَامُلِهِم، مِن تَعَدٍّ وَتَجَاوُزٍ وَسُوءٍ خُلُقٍ، وَتَظَالُمٍ وَخِدَاعٍ وَهَضمِ حُقُوقٍ، لَيُدرِكُ كَم هُم بَعِيدُونَ عَن مُحَاسَبَةِ أَنفُسِهِم وَتَعَاهُدِ الإِيمَانِ في قُلُوبِهِم! وَإِلاَّ فَإِنَّ المُسلِمَ الَّذِي حَسُنَ إِسلامُهُ وَصَحَّ إِيمَانُهُ، وَجَعَلَ اللهَ وَالدَّارَ الآخِرَةَ نُصبَ عَينَيهِ، لا يُمكِنُ أَن يَرضَى لِنَفسِهِ بِالدُّونِ أَو يُتبِعَهَا هَوَاهَا، وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ إِلى اللهِ صَائِرٌ وَعَلَى مَا قَدَّمَ مُحَاسَبٌ، بَل لا تَرَاهُ إِلَّا عَالِيَ الهِمَّةِ قَوِيَّ الإِرَادَةِ، شَدِيدَ العَزمِ سَاعِيًا لِتَكمِيلِ نَفسِهِ، جَادًّا في تَلافي عُيُوبِهِ مُتَرَفِّعًا عَنِ الدَّنَايَا، بَعِيدًا عَن الاشتِغَالِ بِالصَّغَائِرِ وَتَتَبُّعِ حَقِيرِ الأُمُورِ ; لا يَجِدُ في ذَاتِهِ عَيبًا إِلاَّ أَصلَحَهُ وَبَادَرَ بِمَحوِهِ مِن سِجِلِّ أَعمَالِهِ، وَلا حَسَنًا إِلاَّ استَبشَرَ بِهِ وَازدَادَ تَمَسُّكًا بِعُرَاهُ، قَالَ ابنُ القَيِّمِ - رَحِمَهُ اللهُ -: فَمَن عَلَت هِمَّتُهُ وَخَشَعَت نَفسُهُ، اتَّصَفَ بِكُلِّ خُلُقٍ جَمِيلٍ، وَمَن دَنَت هِمَّتُهُ وَطَغَت نَفسُهُ، اتَّصَفَ بِكُلِّ خُلُقٍ رَذِيلٍ. وَقَالَ - رَحِمَهُ اللهُ -: فَالنُّفُوسُ الشَّرِيفَةُ لا تَرضَى مِنَ الأَشيَاءِ إِلاَّ بِأَعلاهَا وَأَفضَلِهَا وَأَحمَدِهَا عَاقِبَةً، وَالنُّفُوسُ الدَّنِيئَةُ تَحُومُ حَولَ الدَّنَاءَاتِ، وَتَقَعُ عَلَيهَا كَمَا يَقَعُ الذُّبَابُ عَلَى الأَقذَارِ ; فَالنُّفُوسُ العَلِيَّةُ لا تَرضَى بِالظُّلمِ وَلا بِالفَوَاحِشِ، وَلا بِالسَّرِقَةِ وَلا بِالخِيَانَةِ ; لأَنَّهَا أَكبَرُ مِن ذَلِكَ وَأَجَلُّ، وَالنُّفُوسُ المَهِينَةُ الحَقِيرَةُ الخَسِيسَةُ بِالضِّدِّ مِن ذَلِكَ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا * الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَيَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينًا * وَمَاذَا عَلَيْهِمْ لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيمًا * إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضَاعِفْهَا وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 36، 40]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ -تعالى- وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوهُ وَلا تَكفُرُوهُ، وَاعلَمُوا أَنَّهُ وَإِنْ كَانَتِ الأَحوَالُ الخَارِجِيَّةُ قَد تُضَيِّقُ الصُّدُورَ وَتُخرِجُ المَرءِ عَن طَبِيعَتِهِ، إِلاَّ أَنَّ الكِرَامَ بما امتَلأَت بِهِ دَوَاخِلُهُم مِنَ الإِيمَانِ وَالصَّبرِ وَاحتِسَابِ الأَجرِ، أَقدَرُ عَلَى التَحَمُّلِ وَالتَّجَمُّلِ، وَأَقوَى عَلَى العَدلِ وَالإِنصَافِ، وَأَجدَرُ بِالبُعدِ عَن إِسَاءَةِ الظَّنِّ بِغَيرِهِم، وَأَكثَرُ التِمَاسًا للعُذرِ لَهُم وَرَحمَةً بهم، وَأَبعَدُ عَن تَفرِيغِ مَا تَجِيشُ بِهِ نُفُوسُهُم فِيمَن هُوَ أَضعَفُ مِنهُم، أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَاحرِصُوا عَلَى التَّحَلِّي بِمَحَاسِنِ الأَخلاقِ وَجَمِيلِهَا. وَمَن أَرَادَ سُلُوكَ طَرِيقِ العَدلَ في ذَلِكَ، فَلْيَضَعْ نَفسَهُ دَائِمًا في مَوضِعِ مَن يُعَامِلُهُم، فَإِنَّ ذَلِكَ يَكُفُّ يَدَهُ عَنِ البَطشِ وَيَقصُرُ لِسَانَهُ عَنِ الجَهلِ. وَأَمَّا مَنِ ارتَقَى فَاختَارَ الإِحسَانَ وَالفَضلَ، وَقَابَلَ السَّيِّئَةَ بِالحَسَنَةِ وَعَفَا وَأَصلَحَ، وَصَفَحَ عَنِ الزَّلَّةِ وَأَقَالَ العَثرَةَ، وَتَنَاسَى الهَفوَةَ وَتَجَاوَزَ عَنِ الذَّنبِ، فَذَلِكَ هُوَ المَنصُورُ مِن رَبِّهِ المَأجُورُ بِلا حِسَابٍ، قَالَ -تعالى-: ﴿ وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ ﴾ [الشورى: 40]وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ لي قَرَابَةً أَصِلُهُم وَيَقطَعُوني، وَأُحسِنُ إِلَيهِم وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ، وَأَحلُمُ عَلَيهِم وَيَجهَلُونَ عَلَيَّ. فَقَالَ: " إِنْ كُنتَ كَمَا قُلتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ المَلَّ، وَلا يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللهِ ظَهِيرٌ عَلَيهِم مَا دُمتَ عَلَى ذَلِكَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. اللَّهُمَّ اهدِنَا لأَحسَنِ الأَخلاقِ لا يَهدِي لأَحسَنِهَا إِلاَّ أَنتَ، وَاصرِفْ عَنَّا سَيِّئَهَا لا يَصرِفُ عَنَّا سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنتَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: كان رسول الله أحسن الناس خلقا

مختارات من الشبكة

  • فوائد من حديث: «ولم يكمل من النساء إلا...»(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الضلال نفق مظلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من محاسن الدين الإسلامي وجود بدائل لكل عمل صالح (1)(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • دور السنة النبوية في وحدة الأمة وتماسكها (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • النظام في هدي خير الأنام صلى الله عليه وسلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • المحبة: منزلتها وثمرتها وأسباب تحصيلها(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • وفاء القرآن الكريم بقواعد الأخلاق والآداب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أسباب البركة في الأولاد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العلم والتقنية؛ أية علاقة؟(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • كيف ظهر الإلحاد في المجتمعات العربية قديما وحديثا؟(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يستضيف فعالية صحية مجتمعية في مدينة غلوستر
  • مبادرة "ساعدوا على الاستعداد للمدرسة" تدخل البهجة على 200 تلميذ في قازان
  • أهالي كوكمور يحتفلون بافتتاح مسجد الإخلاص الجديد
  • طلاب مدينة مونتانا يتنافسون في مسابقة المعارف الإسلامية
  • النسخة العاشرة من المعرض الإسلامي الثقافي السنوي بمقاطعة كيري الأيرلندية
  • مدارس إسلامية جديدة في وندسور لمواكبة زيادة أعداد الطلاب المسلمين
  • 51 خريجا ينالون شهاداتهم من المدرسة الإسلامية الأقدم في تتارستان
  • بعد ست سنوات من البناء.. افتتاح مسجد أوبليتشاني في توميسلافغراد

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/3/1447هـ - الساعة: 15:25
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب