• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: أهمية اللعب والترفيه للشباب
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    عيد الأضحى: فرحة الطاعة وبهجة القربى
    محمد أبو عطية
  •  
    كيف يعلمنا القرآن الكريم التعامل مع الضغط النفسي ...
    معز محمد حماد عيسى
  •  
    أحكام الأضحية (عشر مسائل في الأضاحي)
    د. شريف فوزي سلطان
  •  
    زيف الانشغال
    أ. د. عبدالله بن ضيف الله الرحيلي
  •  
    خطبة الجمعة في يوم الأضحى
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    الأخذ بالأسباب المشروعة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    يوم العيد وأيام التشريق (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    المقصد الحقيقي من الأضحية
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    خطبة الأضحى 1446 هـ (إن الله جميل يحب الجمال)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    خطبة عيد الأضحى 1446هـ
    عبدالوهاب محمد المعبأ
  •  
    لبس البشت فقها ونظاما
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    خطبة: مضت أيام العشر المباركة
    محمد أحمد الذماري
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هـ
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    خطبة عيد الأضحى لعام 1446 هــ
    أ. شائع محمد الغبيشي
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك: تضحية وفداء، صبر وإخاء
    الشيخ الحسين أشقرا
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب الحرمين الشريفين / خطب المسجد النبوي
علامة باركود

خطبة المسجد النبوي 30/4/1433 هـ - الظلم ظلمات يوم القيامة

الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/12/2013 ميلادي - 10/2/1435 هجري

الزيارات: 82375

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الظلم ظلمات يوم القيامة

 

ألقى فضيلة الشيخ عبدالمحسن بن محمد القاسم - حفظه الله - خطبة الجمعة بعنوان: "الظلم ظلمات يوم القيامة"، والتي تحدَّث فيها عن الظلمِ وعواقبه الوخيمة؛ حيث دلَّل على سوء عاقبة كلِّ ظالمٍ وأن أنفاسهم في الظلم معدودة، ومُدَّتهم في الحياة محدودة، وأرشَدَ إلى ضرورة الاعتبار بمن سبَقُوا من الطُّغاة والظالمين؛ من أمثال: فرعون، وأبرهة، وقوم صالح، وغيرهم من الأقوام الظالمين السالفين، وذكر طرفًا من مُعاناة النبي - صلى الله عليه وسلم - من ظلم قومِه له، ومدى صبره - عليه الصلاة والسلام - على ذلك.


الخطبة الأولى

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهدِه الله فلا مُضِلَّ له، ومن يُضلِل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.


أما بعد:

فاتقوا الله - عباد الله - حقَّ التقوى؛ فتقوى الله طريقُ الهُدى، ومُخالفتُها سبيلُ الشقا.


أيها المسلمون:

فضَّل الله الإنسانَ وكرَّمَه وهيَّأ له أسبابَ الطمأنينة ليعبُدَه وحده - سبحانه - كما أمَر، ومعاشُ الناس لا يستقيمُ إلا بالدين، وبهِ سعادتُهم في الآخرة، ومن دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللهمَّ أصلِح لي ديني الذي هو عصمةُ أمري، وأصلِح لي دُنيايَ التي فيها معاشي، وأصلِح لي آخرتي التي فيها معادي"؛ رواه مسلم.


وأساسُ الدينِ: العدلُ فيما بين العباد وبين خالقهم بإفراد العبادةِ له، وبينهم وبين المخلوقين بعدم بغيِ بعضِهم على بعضٍ؛ إذ الظلمُ أصلُ كلِّ شرٍّ، وفسادٌ للدين والدنيا، والله نزَّهَ نفسَه عن الظلمِ وجعلَه بين العباد مُحرَّمًا؛ فقال: "يا عبادي! إني حرَّمتُ الظلمَ على نفسي، وجعلتُه بينكم مُحرَّمًا؛ فلا تَظَالَموا"؛ رواه مسلم.


وكان أبو إدريس الخَولانيُّ - رحمه الله - راوي الحديثِ إذا حدَّثَ بهذا الحديثِ جَثَى على رُكبتَيْه.


واللهُ أخبرَ أنه لا يُحبُّ الظالِمَ، ونفى عنه الفلاح، ووعدَ بقطعِ دابرِه، ولا يدُومُ على نُصرته أحدٌ، قال - سبحانه -: ﴿ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ ﴾ [البقرة: 270].


بل يُسلِّطُ اللهُ عليه ظالمًا أقوى منه، كما قال - سبحانه -: ﴿ وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضًا بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأنعام: 129].


قال ابن كثير - رحمه الله -: "أي: نُسلِّطُ بعضَهم على بعضٍ، ونُهلِكُ بعضَهم ببعضٍ، وننتقمُ من بعضِهم ببعضٍ؛ جزاءً على ظُلمهم وبغيِهم".


والله توعَّدَه بسُوء المُنقلَبِ، فقال: ﴿ وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ ﴾ [الشعراء: 227].


قال شُريحٌ - رحمه الله -: "إن الظالمَ ينتظرُ العقابَ، والمظلومَ ينتظرُ النصرَ".


والظالمُ أيامُه في الدنيا معدودةٌ، ولكنَّ الله يُمهِلُه؛ قال - جلَّ شأنه -: ﴿ فَلَا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا ﴾ [مريم: 84].


ومن طالَ عُدوانُه زالَ سُلطانه؛ قال - جل وعلا -: ﴿ وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْمًا آخَرِينَ ﴾ [الأنبياء: 11].


قال ابن القيم - رحمه الله -: "إذا أراد اللهُ أن يُهلِكَ أعداءَه ويمحقَهم قيَّضَ لهم الأسبابَ التي يستوجِبُون بها هلاكَهم ومحقَهم، ومن أعظمها - بعد كُفرهم -: بغيُهم وطغيانُهم ومُبالغتُهم في أذى أوليائه، ومُحاربتهم وقتالهم والتسلُّط عليهم".


واللهُ ذكرَ في كتابه ظالمين وسُوءَ عاقبتِهم، وأخبرَ أنه جعلهم عبرةً لغيرهم؛ ففرعون طغَى وعاثَ في الأرض فسادًا؛ قال - سبحانه - عنه: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾ [القصص: 4].


بل تطاوَلَ على الربِّ وأنكرَه وقال: ﴿ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى ﴾ [النازعات: 24]، وافتخرَ بجرَيَان الماء من تحت قدمَيْه وكان يقول: ﴿ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِنْ تَحْتِي ﴾ [الزخرف: 51].


والله له بالمِرصاد، يُمهِلُه ولم يُهمِله، فأجرَى الماءَ من فوقه وأغرقَه به، وقال له ساعةَ هلاكه: ﴿ فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً ﴾ [يونس: 92].


وأخبرَ أن تلاطُمَ أمواج البحر من فوقه حين هلاكه كان أمرًا مهُولاً، فقال: ﴿ فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [النازعات: 25، 26].


وشُعيبٌ - عليه السلام - دعا قومَه إلى الإسلام، ونهاهُم عن ظُلم الناس، وقال لهم: ﴿ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، فسخِروا به وقالوا له: ﴿ أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ ﴾ [هود: 87]، فأرسلَ الله عليهم نارًا أحرقَتهم وأحرقَت أموالَهم التي اكتسبُوها بالظُّلم، قال - سبحانه -: ﴿ فَأَخَذَهُمْ عَذَابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ ﴾ [الشعراء: 189]؛ أي: النار المُحرِقة النازلةِ عليهم من السماء إِنَّهُ كَانَ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ .


وثمودُ كان ذنبُهم مع الشركِ عقرَ بهيمةٍ جعلَها الله لهم آيةً، فأرسلَ عليهم صيحةً قطَّعَت قلوبَهم.


قال شيخُ الإسلام - رحمه الله -: "فمن انتهَكَ محارِمَ الله واستخفَّ بأوامره ونواهيه، وعقرَ عبادَه وسفكَ دماءَهم كان أشدَّ عذابًا منهم".


وإذا وقعَ بالمؤمنين شدَّةٌ وبلاءٌ، وكربٌ وعناءٌ، فاللهُ لطيفٌ في قدَرِه، حكيمٌ في تدبيره، قادٌ على نُصره عباده، ولكن لحكمةٍ يبتليهم؛ قال - جل وعلا -: ﴿ ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاءُ اللَّهُ لَانْتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِنْ لِيَبْلُوَ بَعْضَكُمْ بِبَعْضٍ ﴾ [محمد: 4].


وهو - سبحانه - قويٌّ في مُدافعته عن عباده المؤمنين؛ قال - جلَّ شأنُه -: ﴿ إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا ﴾ [الحج: 38].


قال ابن كثير - رحمه الله -: "يدفعُ عن عباده الذين توكَّلُوا عليه وأنابُوا إليه شرَّ الأشرار وكيدَ الفُجَّار، ويحفظُهم ويكلؤُهم وينصُرهم".


وهذه المُدافَعةُ بحسبِ إيمان العبدِ بمولاه؛ فمن زادَ إيمانُه قوِيَت مُدافعةُ الله له. قال قتادةُ - رحمه الله -: "والله ما يُضيِّعُ اللهُ رجلاً قطُّ حفِظَ له دينَه".


والمسلمُ يأخذُ بأسبابِ النصر ودفعِ الظلمِ والقهرِ بحُسن الظنِّ بالله بأنَّ الله سينصُره، واعتقاد ما دلَّت عليه أسماؤه وصفاتُه - سبحانه -؛ من القوة والقُدرة، والعظمةِ والعِزَّة، وبالإيمان بما جاء في القرآنِ من وعدِ الله بنُصرة المؤمنين: ﴿ وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الروم: 47]، وبالإكثار من التعبُّد والاستغفارِ والإنابةِ إلى الله؛ قال - سبحانه -: ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ ﴾ [محمد: 7]، والثقةِ بقرب ساعة الفَرَجِ؛ ﴿ أَلَا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ ﴾ [البقرة: 214].


﴿ وأن يُوقِنَ أن التوكُّلَ على الله أساسُ النصرِ: إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 160].


وتوحيدُ الكلمةِ على الحق ونبذُ النزاع قوةٌ على الأعداء؛ قال تعالى: ﴿ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ﴾ [الأنفال: 46].


والصبرُ مفتاحُ الفَرَج، ويتأكَّد عند حُلول المِحَن والمصائب، والدعاءُ أقوى سلاحٍ ضدَّ العدو؛ قال - عليه الصلاة والسلام -: "واتَّقِ دعوةَ المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حِجابٌ"؛ متفق عليه.


قال ابن عقيلٍ - رحمه الله -: "يُستجابُ للمظلوم بسُرعةٍ".


والفَألُ هديُ نبيِّنا - صلى الله عليه وسلم -؛ فقد قُوتِلَ وحُوصِرَ، وجُرِح وأُوذِي، ومُكِرَ به وأُخرِجَ، وكِيدَ به وسُمَّ وسُحِر، ومات له ستةٌ من أولاده، وكان يقول مع كل ذلك: "يُعجِبُني الفَألُ". فسُئِلَ عنه، فقال: "كلمةٌ طيبةٌ"؛ متفق عليه.


والمُسلمُ مُوقِنٌ بنصر الله، ويحرُم عليه الرُّكون إلى الظالمين؛ قال - سبحانه -: ﴿ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ ﴾ [هود: 113].


والله بقُدرته ينصُرُ الضعيفَ ولو تكالَبَت عليه الشدائدُ أو خُذِل؛ قال - عز وجل -: ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يوسف: 21].


ونُصرة الله للمؤمنين إنما هي بالإيمان والتقوى، وهو - سبحانه - ناصرٌ عبادَه وإن قلَّ عددُهم وعَتادُهم، فالقوةُ لله جميعًا؛ قال - سبحانه -: ﴿ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ ﴾ [البقرة: 249].


وهو - سبحانه - قد ينصُرُ عبادَه بلا قتالٍ، كما في غزوة الأحزاب، قال - جل وعلا -: ﴿ وَرَدَّ اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾ [الأحزاب: 25]، وقد ينصُرُهم بإلقاء الرُّعبِ في قلوبِ الأعداء، كما حصلَ ليهود بني النَّضِير، كما قال تعالى: ﴿ مَا ظَنَنْتُمْ أَنْ يَخْرُجُوا وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مَانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ مِنَ اللَّهِ فَأَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ ﴾ [الحشر: 2].


وقد يُرسِلُ الله جنودًا من عنده لإهلاك المُعتدين؛ فأبرهةُ أتى بجيشٍ من اليمن لهدمِ الكعبةِ، مُصطحِبًا معه أقوى الحيوانات - الفيل -، فسلَّطَ اللهُ عليه أضعفَ الحيوانات - الطيورَ -، وجعلَ كيدَهم في تضليلٍ.


وإذا حصلَ قتلٌ وجراحٌ في المُسلمين - كما في أُحُدٍ - فالعاقبةُ لهم؛ قال - سبحانه -: ﴿ فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾ [هود: 49].


وبعد، أيها المسلمون:

فلَئِن خُذِل المُسلمون فهم المُنتصِرون، ولئن قُتِلوا فهم الغالِبون، ولئن شُرِّدوا فهم المُؤيَّدون، وما تعلَّقَ أحدٌ بالله فخُذِل، وما لجأَ إليه أحدٌ إلا نُصِر.


أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص: 5، 6].


بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني الله وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.


الخطبة الثانية

الحمد لله على إحسانه، والشكرُ له على توفيقِهِ وامتِنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.


أيها المسلمون:

التاريخُ مليءٌ بالعِظاتِ والعِبَر، زاخِرٌ بالحَوادِثِ والقصص، وفي معرفةِ أحوال الأُمم وعاقبة الظلم والظالمين عِبرةٌ لأُولي الألباب، والسعيدُ من وُعِظَ بغيره، وسِيَرُ المُسرفين، وعاقبةُ الظالمين، ومآلاتُ المُجرمين عِبرةٌ لمن عرفَ الله حقَّ المعرفة، وآمنَ بأنه على كل شيءٍ قديرٌ؛ قال - عز وجل -: ﴿ فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنَا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنَا وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 40].


ونهايةُ كل ظالمٍ وإن طالَتْ آتِيةٌ، والنصرُ مع الصبر، والفَرَجُ مع الكربِ، والعُسرُ يعقُبُه يُسرٌ؛ قال - سبحانه -: ﴿ فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا ﴾ [الشرح: 5، 6].


ثم اعلموا أن الله أمركم بالصلاةِ والسلامِ على نبيِّه، فقال في مُحكَم التنزيل: ﴿ إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الذِيْنَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيْمًا ﴾ [الأحزاب: 56].


اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين الذين قضَوا بالحق وبه كانوا يعدِلون: أبي بكرٍ، وعمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ، وعنَّا معهم بكرمِك يا أكرم الأكرمين.


اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل اللهم هذا البلد آمِنًا مُطمئنًّا رخاءً وسائر بلاد المسلمين.


اللهم انصُر المُستضعفين من المُؤمنين في الشام، اللهم كن لهم وليًّا ونصيرًا، ومُعينًا وظهيرًا، اللهم احقِن دماءَهم، واشفِ مرضاهم، وفُكَّ أسراهم، واستُر عوراتهم، وآمِن روعاتهم.


اللهم كن على من آذاهم، اللهم زلزِل الأرضَ من تحت أقدامهم، واجعلهم عِبرةً للمُعتبرين، وعِظةً للمُتَّعِظين.


اللهم أصلِح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم رُدَّهم إليك ردًّا جميلاً.


اللهم آتِنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقِنا عذابَ النار.


اللهم وفِّق إمامنا لهُداك، واجعل عمله في رِضاك، ووفِّق جميع ولاة أمور المسلمين للعملِ بكتابك، وتحكيم شرعك يا ذا الجلال والإكرام.


عباد الله:

﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90].


فاذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على آلائه ونعمه يزِدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • خطبة المسجد النبوي 17/6/1432 هـ - عواقب الظلم
  • وكلهم آتيه يوم القيامة فردا
  • إنه الله أحصانا وعدنا عدا وكلنا آتيه يوم القيامة فردا
  • حديث: ما من صاحب إبل ولا بقر ولا غنم لا يؤدي حقها إلا أقعد لها يوم القيامة بقاع قرقر

مختارات من الشبكة

  • خطبة المسجد النبوي 11/7/1433 هـ - فضل المدينة والمسجد النبوي(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 23/4/1433 هـ - قصص عن عواقب الظلم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 8/12/1432 هـ - يوم عرفة يوم عظيم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 13 / 12 / 1434 هـ - دوام الاستقامة والثبات على الطاعات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 6 / 12 / 1434 هـ - العبر والدروس من الحج(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 28 / 11 / 1434 هـ - الأخوة بين المسلمين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 21 / 11/ 1434 هـ - سرعة الاستجابة لله ورسوله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 14 / 11 / 1434 هـ - فضل صلة الرحم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 7 / 11 / 1434 هـ - خلق الرحمة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة المسجد النبوي 30 / 10 / 1434 هـ - الاستعداد للموت(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 10/12/1446هـ - الساعة: 12:20
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب