• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حث النساء على تغطية الصدور ولو في البيوت
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ
علامة باركود

يوم صالح ودروس بالغة

الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 16/11/2013 ميلادي - 12/1/1435 هجري

الزيارات: 11690

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

يوم صالح ودروس بالغة


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ.

 

" ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [الحشر: 18]".

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، صُمتُم يَومَ عَاشُورَاءَ اقتِدَاءً بِنَبِيِّكِم، وَطَلَبًا لِلأَجرِ مِن رَبِّكُم، فَأَبشِرُوا وَأَمِّلُوا خَيرًا، فَإِنَّ رَبَّكُم - تَعَالى - غَفُورٌ شَكُورٌ، لا يُضِيعُ أَجرَ مَن أَحسَنَ عَمَلاً، وَقَد قَالَ الصَّادِقُ المَصدُوقُ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - في صِيَامِ يَومِ عَاشُورَاءَ كَمَا عِندَ مُسلِمٍ: "إِنِّي أَحتَسِبُ عَلَى اللهِ أَن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبلَهُ" وَإِنَّ يَومَ عَاشُورَاءَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - يَومٌ عَظِيمٌ مِن أَيَّامِ اللهِ، وَفِيهِ دُرُوسٌ كَثِيرَةٌ وَفَوَائِدُ غَزِيرَةٌ، يَجِبُ أَلاَّ تَغِيبَ عَن بَالِ كُلِّ مُسلِمٍ وَهُوَ يَصُومُهُ، إِذْ كَانَ حَدَثًا تَارِيخِيًّا عَظِيمًا، وَنُقطَةَ تَحَوُّلٍ في حَربِ الإِيمَانِ مَعَ الكُفرِ وَالطُّغيَانِ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانَ صِيَامُهُ مَعرُوفًا مُنذُ عَهدِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - حَتى كَانَ النَّاسُ يَصُومُونَهُ في الجَاهِلِيَّةِ، فَفِي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: كَانَ يَومُ عَاشُورَاءَ يَومًا تَصُومُهُ قُرَيشُ في الجَاهِلِيَّةُ... " الحَدِيثَ. وِفِيهِمَا عَنِ ابنِ عَبَّاسِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - قَالَ: قَدِمَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - المَدِينَةَ فَوَجَدَ اليَهُودَ صِيَامًا فَقَالَ: "مَا هَذَا؟" قَالُوا: هَذَا يَومٌ أَنجَى اللهُ فِيهِ مُوسَى وَأَغرَقَ فِيهِ فِرعَونَ، فَصَامَهُ مُوسَى شُكرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " فَصَامَهُ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ. وَفي قُولِهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " نَحنُ أَحَقُّ بِمُوسَى مِنكُم " بَيَانٌ وَاضِحٌ وَتَقرِيرٌ بَيِّنٌ لِكَونِ رَابِطَةِ الدِّينِ هي أَقوَى رَابِطَةِ، وَأَنَّ المُسلِمِينَ أَولَى بِبَعضِهِم وَإِن تَبَاعَدَت أَزمَانُهُم أَو تَنَاءَت دِيَارُهُم، فَالمُسلِمُونَ مِن أُمَّةِ محمدٍ هُم وَنَبِيُّهُم أَولى بِالأَنبِيَاءِ وَبِأَتبَاعِهِم المُؤمِنِينَ مِنَ القَومِ الكَافِرِينَ، وَإِنْ كَانَ أُولَئِكَ الكَافِرُونَ أَقرَبَ نَسَبًا وَأَدنى دَارًا، وَفي هَذَا تَقوِيَةٌ لِرَابِطَةِ الأُخُوَّةِ الإِيمَانِيَّةِ، وَتَعزِيزٌ لِلوَلاءِ لِلمُؤمِنِينَ وَالبَرَاءِ مِنَ الكُافِرِينَ، فَأَين مِن ذَلِكَ أَقوَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ اليَومَ، ضَعُفَت عِندَهُمُ الرَّابِطَةُ الدِّينِيَّةِ، وَقَطَعُوا آصِرَةَ الأُخُوَّةِ الإِسلامِيَّةِ، فَهُم مَا بَينَ مُتَكَبِّرٍ على إِخوَانِهِ مُستَضعِفٍ لَهُم، أَو آكِلٍ لِحُقُوقِهِم وَخَاصَّةً الخَدَمَ وَالعُمَّالَ لأَنَّ اللهَ مَلَّكَهُ أَمرَهُم، أَو آخَرَ لا يَهتَمُّ لأَمرِ إِخوَانِهِ الَّذِينَ يَمُوتُونَ في مَشَارِقِ الأَرضِ وَمَغَارِبِهَا، تَحتَ وَطأَةِ الفَقرِ أَوِ الحَربِ، أَوِ الاعتِدَاءَاتِ الظَّالِمَةِ الغَاشِمَةِ مِن أَعدَاءِ الدِّينِ؟!

 

وَفي يَومِ عَاشُورَاءَ تَذكِيرٌ لأَهلِ الأَرضِ عَامَّةً وَلِلمُؤمِنِينَ خَاصَّةً، بِقُربِ نَصرِ اللهِ لأَولِيَائِهِ وَإِن حُورِبُوا وَقُتِّلُوا أَو ضُيِّقَ عَلَيهِم واستُضعِفُوا، وَخِذلانِهِ - تَعَالى - لأَعدَائِهِ وَإِن طَغَوا وَعَلَوا وَتَكَبَّرُوا، وَهَذَا يُجَدِّدُ في النُّفُوسِ الأَمَلَ، وَيَدعُوهَا لِلبَحثِ عَن أَسبَابِ النَّصرِ وَالعَمَلِ بها، وَمِن أَهَمِّهَا نَصرُ دِينِ اللهِ، وَإِقَامَتُهُ في النُّفُوسِ، وَتَعلِيقُ القُلُوبِ بِاللهِ وَالتَّوَكُّلُ عَلَيهِ وَتَفوِيضُ الأُمُورِ إِلَيهِ، إِذْ هُوَ القَوِيُّ العَزِيزُ القَادِرُ القَاهِرُ، الَّذِي لا يُعجِزُهُ شَيءٌ في الأَرضِ وَلا في السَّمَاءِ، إِذَا قَضَى أمرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ. وَالحَربُ بَينَ المُؤمِنِينَ وَالكَافِرِينَ، لَيسَت حَربَ قُوَّةٍ مَادِّيَّةٍ تَدُورُ عَلَى تَكَافُؤِ العَدَدِ وَالعُدَّةِ فَحَسبُ، وَإِنَّمَا هِيَ حَربُ عَقِيدَةٍ ثَابِتَةٍ وَيَقِينٍ رَاسِخٍ، وَإِرَادَةٍ قَوِيَّةٍ وَصَبرٍ شَدِيدٍ. وَإِذَا كَانَ المُسلِمُونَ اليَومَ لا يَملِكُونَ مِنَ الأَسلِحَةِ الفَتَّاكَةِ الَّتي يَملِكُهَا العَدُوُّ شَيئًا ذَا بَالٍ، فَإِنَّ ذَلِكَ لا يَجُوزُ بِحَالٍ أَن يُوقِعَهُم في الهَزِيمَةِ النَّفسِيَّةِ أَو يُلبِسَهُم ثِيَابًا مِنَ اليَأسِ وَالقُنُوطِ، فَيَستَعِينُوا بِغَيرِ اللهِ، أَو يَطلُبُوا النَّصرَ مِن سِوَاهُ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّ نَصرَ اللهِ لأَولِيَائِهِ، لا يَكُونُ دَائِمًا بِهَزِيمَتِهِم في مُوَاجَهَةٍ عَسكَرِيَّةٍ، وَلا بِغَنِيمَةٍ تُنَالُ مِنهُم في حَربٍ، بَل لَهُ صُوَرٌ كَثِيرَةٌ، وَمِنهَا إِهلاكُ العَدُوِّ بِجُندٍ لا يَعلَمُهَا إِلاَّ هُوَ، فَيُكفَى المُسلِمُونَ شَرَّهُم، وَتَسلَمَ لَهُم أَجسَادُهُم وَأَموَالُهُم، وَهَذَا مَا حَدَثَ بِإِغرَاقِ فِرعَونَ وَجُنُودِهِ في البَحرِ، وَإِنجَاءِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامِ - وَمَن مَعَهُ، وَقَد حَدَثَ مِثلُهُ لِنَبِيِّنَا - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وَأَصحَابِهِ في غَزوَةِ الخَندَقِ، حَيثُ أَرسَلَ اللهُ عَلَى الأَحزَابِ رِيحًا وَجُنُودًا لم يَرَهَا أَحَدٌ، فَاقتَلَعَت خِيَامَهُم وَكَفَأَت قُدُورَهُم، فَهَرَبُوا مُنهَزِمِينَ وَوَلَّوا مُدبِرِينَ، وَكَفَى اللهُ المُؤمِنِينَ القِتَالَ، وَكَانَ اللهُ قَوِيًّا عَزِيزًا. وَللهِ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَمثَالُهَا، فَمَا عَلَى المُسلِمِينَ سِوَى إِخلاصِ التَّوَجُّهِ إِلَيهِ وَحدَهُ، وَالاتِّصَالِ بِهِ اتِّصَالَ المُتَوَكِّلِينَ عَلَيهِ الرَّاغِبِينَ فِيمَا عِندَهُ، وَتَقوِيةِ الإِيمَانِ في قُلُوبِهِم، وَتَرسِيخِ العَقِيدَةِ في نُفُوسِهِم، وَالبُعدِ كُلَّ البُعدِ عَن طَلَبِ النَّصرِ مِنَ العَدُوِّ أَوِ الاستِكَانَةِ لَهُ، وَحِينَهَا فَليبشِرُوا بِنَصرِ اللهِ لَهُم وَتَأيِيدِهِ إِيَّاهُم. وَإِنَّ مِن أَعظَمِ ذَلِكَ مِمَّا يُؤخَذُ مِن دُرُوسِ عَاشُورَاءَ، وُجُوبَ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ في كُلِّ أَمرٍ، وَخَاصَّةً فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالعِبَادَاتِ؛ فَإِنَّ النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَامَ يَومَ عَاشُورَاءَ وَأَمَرَ بِصِيَامِهِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ يَومٌ يُعَظِّمُهُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى. فَقَال: " لَئِن بَقِيتُ إِلى قَابِلٍ لأَصُومَنَّ التَّاسِعَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ، وَمَا هَذَا مِنهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - إِلاَّ تَربِيَةٌ لأُمَّتِهِ في وُجُوبِ مُخَالَفَةِ هَديِ المُشرِكِينَ وَمُجَانَبَةِ طَرِيقِ الكَافِرِينَ، لِعِلِمِهِ أَنَّهُ مَتى تَشَابَهَتِ الأَعمَالُ في الظَّاهِرِ، وَأَخَذَ المُسلِمُونَ عَادَاتِ الكَافِرِينَ شِعَارًا لَهُم وَذَابُوا في أَخلاقِهِم، فَلَن يَكُونَ لَهُم عَلَيهِم فَضلٌ في دَينٍ، وَالأَعَمُّ الأَغلَبُ أَنَّ المُؤمِنِينَ في كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ أَقَلُّ مِنَ الكَافِرِينَ عَدَدًا، فَمَا لَم يَكُنْ لَهُم تَمَيُّزٌ بِاتِّصَالِهِم بِرَبِّهِم وَخَالِقِهِم وَنَاصِرِهِم، فَلَن يَكُونَ لَهُم قُوَّةٌ عَلَى غَيرِهِم، وَلَن يَحظَوا بِسُمُوٍّ فَوقَهُم وَلا عُلُوٍّ عَلَيهِم. وَإِنَّ مِن وُجُوهِ المُخَالَفَةِ لِليَهُودِ وَالَّتي اتَّضَحَت في يَومِ عَاشُورَاءَ، أَنَّهُم كَانُوا يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا، وَتِلكَ عَادَتُهُم وَذَلِكَ دَيدَنُهُم، حَيثُ يَتَّخِذُونَ المُنَاسَبَاتِ أَعيَادًا، فَأَمَرَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - بِمُخَالَفَتِهِم وَصِيَامِهِ شُكرًا للهِ، فَفِي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَن أَبي مُوسى - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: كَانَ أَهلُ خَيبَرَ يَصُومُونَ يَومَ عَاشُورَاءَ يَتَّخِذُونَهُ عِيدًا وَيُلبِسُونَ نِسَاءَهُم فِيهِ حُلِيَّهُم وَشَارَتَهُم. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " فَصُومُوهُ أَنتُم ".

 

وَإِنَّ مِنَ الانهِزَامِيَّةِ الظَّاهِرَةِ وَالتَّبَعِيَّةِ المَقِيتَةِ، مَا جَعَلَ أَقوَامٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ في زَمَانِنَا يُسَارِعُونَ إِلَيهِ، مِن التَّشَبُّهِ بِاليَهُودِ في جَعلِ كُلِّ مُنَاسَبَةٍ وَطَنِيَّةٍ أَو قَومِيَّةٍ عِيدًا يُحتَفَلُ لَهُ وَيُحتَفَى بِهِ، وَكُلُّ هَذَا ضَلالٌ وَتَخَاذُلٌ وَنُكُوصٌ عَنِ الدِّينِ الحَقِّ، الَّذِي لم يُجعَلْ لِلمُسلِمِينَ فِيهِ سِوَى عِيدَينِ اثنَينِ، وَهُوَ مِمَّا يُضعِفُ شَأنَ الأُمَّةِ وَيَفُتُّ في عَضُدِهَا؛ لِكَونِهَا خَالَفَت أَمرَ اللهِ وَأَمرَ رَسُولِهِ، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: "وَمَن يَعصِ اللهَ وَرَسُولَهُ فَقَد ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا "وَإِنَّ مَنهَجَ الأَنبِيَاءِ الَّذِينَ هُم أَعلَمُ النَّاسِ بِاللهِ، أَنْ كَانُوا يَشكُرُونَ رَبَّهُم بِالإِكثَارِ مِن طَاعَتِهِ وَلُزُومِ عِبَادَتِهِ، لا بِابتِدَاعِ البِدَعِ وَالخُرُوجِ عَن أَمرِهِ وَإِضَاعَةِ حُدُودِهِ، وَقَد صَامَ مُوسَى عَاشُورَاءَ شُكرًا للهِ، وفي الصَّحِيحَينِ عَنِ المُغِيرَةِ بنِ شُعبَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَامَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - حَتى تَوَرَّمَت قَدَمَاهُ، فَقِيلَ لَهُ: قَد غَفَرَ اللهُ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ. قَالَ: " أَفَلا أَكُونُ عَبدًا شَكُورًا؟! " أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَكُونُوا مَعَهُ يَكُنْ مَعَكُم، وَعَلَى اللهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُم مُؤمِنِينَ، فَإِنَّهُ - تَعَالى - عِندَ ظَنِّ عَبدِهِ بِهِ، وَهُوَ مَعَهُ إِذَا ذَكَرَهُ وَدَعَاهُ ﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ ﴾ [النحل: 128]

 

الخطبة الثانية

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - حَقَّ تُقَاتِهِ، وَسَارِعُوا إِلى مَغفِرَتِهِ وَمَرضَاتِهِ، وَاحمَدُوه عَلَى كَرِيمِ عَطَايَاهُ وَجَزِيلِ هِبَاتِهِ، حَيثُ أَعطَاكُمُ الثَّوَابَ الجَزِيلَ عَلَى العَمَلِ القَلِيلِ، وَجَعَلَ تَكفِيرَ ذُنُوبِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ في صِيَامِ يَومٍ وَاحِدٍ، وَفي هَذَا مَا يَحدُو النُّفُوسَ إِلى الطَّاعَةِ وَيُحَبِّبُ إِلَيهَا القُربَةَ، وَيُرَغِّبُ المُؤمِنِينَ في العِبَادَةِ ابتِغَاءَ مَا عِندَ اللهِ، وَكَم هُوَ حِرمَانٌ لِلنَّفسِ أَن يُفَرِّطَ بَعضُنَا في عَظِيمِ الأَجرِ، وَلا يَكُونَ لَهُ حَظٌّ في صِيَامَ الأَيَّامِ الَّتي جَاءَت سُنَّةُ الحَبِيبِ مُرغِّبَةً في صِيَامِهَا، في حِينِ أَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - كَانُوا يَصُومُونَهَا وَيُرَبُّونَ عَلَيهَا صِبيَانَهُم، فَفِي البُخَارِيِّ وَمُسلِمٍ عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنتِ مُعَوِّذٍ قَالَت: أَرسَلَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - غَدَاةَ عَاشُورَاءَ إِلى قُرَى الأَنصَارِ: "مَن أَصبَحَ مُفطِرًا فَلْيُتِمَّ بَقِيَّةَ يَومِهِ، وَمَن أَصبَحَ صَائِمًا فَليَصُمْ" قَالَت: فَكُنَّا نَصُومُهُ بَعدُ وَنُصَوِّمُ صِبيَانَنَا، وَنَجعَلُ لَهُمُ اللُّعبَةَ مِنَ العِهنِ، فَإِذَا بَكَى أَحَدُهُم عَلَى الطَّعَامِ أَعطَينَاهُ ذَاكَ حَتَّى يَكُونَ عِندَ الإِفطَارِ. وَفي تَعوِيدِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُم - صِبيَانَهُم عَلَى الصِّيَامِ، إِشَارَةٌ إِلى أَنَّهُ يَنبَغِي إِظهَارُ شَعَائِرِ الدِّينِ حَتى عِندَ غَيرِ المُكَلَّفِينَ، لِيَقوَى لَدَيهِمُ الانتِمَاءُ لِهَذَا الدِّينِ، وَلِيَتَعَوَّدُوا العِبَادَةَ وَيَألَفُوا الطَّاعَةَ. فـ ﴿ يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الأحقاف: 31، 32].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • عاشوراء والهجرة النبوية
  • صوم المريض والمسافر وصوم عاشوراء
  • في صوم يوم عاشوراء
  • عاشوراء وتميز أمة

مختارات من الشبكة

  • أيام الله المعظمة: يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • حديث: طعام أول يوم حق، وطعام يوم الثاني سنة، وطعام يوم الثالث سمعة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • يوم عرفة يوم من أيام الله (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • يوم من أيام الله عزوجل (خصوصية يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (تحقيق الدعوة يوم عرفة)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • يوم من أيام الله عزوجل (أنه يوم الدعاء)(مادة مرئية - موقع د. علي بن عبدالعزيز الشبل)
  • تفسير: (والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وسلام عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • يوم الحمد ( يوم من أيامنا )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفة عرفة يوم الجمعة وفضائلها العشر(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/12/1446هـ - الساعة: 0:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب