• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / السيرة والتاريخ / السيرة / في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم
علامة باركود

غزوة أحد

غزوة أحد
د. مراد باخريصة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/11/2013 ميلادي - 9/1/1435 هجري

الزيارات: 58778

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

غزوة أحد


الخطبة الأولى

كان الحديث في الشهر الماضي عن غزوة بدر الكبرى التي وقعت في شهر رمضان واليوم نتحدث عن غزوة أحد التي وقعت في مثل هذا الشهر شهر شوال.

 

ازداد المشركون غيظاً وحنقاً على الإسلام والمسلمين بعد هزيمتهم النكراء في غزوة بدر التي قتل فيها صناديدهم وأشرافهم فاتفقوا على أن يقوموا بحرب شاملة ضد المسلمين تشفي غيظ قلوبهم وتروي غليل حقدهم فأخذوا في الاستعداد لخوض هذه المعركة وكان من تبقى من زعمائهم وصناديدهم أكثر حماساً وأقوى نشاطاً لخوض المعركة وأول ما فعلوه في هذا الصدد أنهم احتجزوا العير التي نجا بها أبو سفيان والتي كانت سبباً لمعركة بدر وقالوا للذين كانت لهم فيها أموال إن محمداً قد وتركم وقتل خياركم فأعينونا بهذا المال على حربه لعلنا ندرك منه ثأراً فأجابوهم لذلك فأنزل الله ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ ﴾ [الأنفال: 36] ثم فتحوا باب التطوع لكل من أحب المساهمة في غزو المسلمين فاجتمع إليهم نحو 3000 مقاتل بينهم خمسة عشر امرأة ومعهم 3000 بعير ومائتا فرس وسبعمائة درع وسلموا القيادة العامة لأبي سفيان وقيادة الفرسان لخالد بن الوليد يعاونه عكرمة بن أبي جهل.

 

تحرك الجيش الوثني نحو المدينة يعلوه الغيظ والحنق مما وقع لهم في بدر من الهزيمة والقهر ولكن استخبارات المسلمين لم تكن بمنأى عن تحركات قريش وجيشها فأرسل العباس بن عبد المطلب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - رسالة عاجلة يخبره فيها بتحرك الجيش نحو المدينة فوصلت الرسالة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو في مسجد قباء فأمر أبي بن كعب أن يقرئها ثم انطلق - صلى الله عليه وسلم - إلى قادة المهاجرين والأنصار ليتناول معهم الرأي نحو هذا الأمر فاستعد المسلمون لهذا التحرك الطارئ استعداد عظيماً وأعلنوا حالة الاستنفار التام وأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال أن يحملوا سلاحهم حتى وهم في الصلاة. وقامت مفرزة من الأنصار بحراسة الرسول - صلى الله عليه وسلم - وقامت مفارز أخرى بحراسة مداخل المدينة خوفاً من أن يؤخذوا على غرة وقامت دوريات أخرى بالتجول حول الطرق لاكتشاف تحركات العدو.

 

وأما جيش المشركين فقد واصل زحفه نحو المدينة حتى بلغ الأبواء ثم اقترب من المدينة حتى نزل قريباً من جبل أحد وكان ذلك في يوم الجمعة السادس من شهر شوال سنة ثلاث من الهجرة.

 

عقد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مجلساً استشارياً عسكرياً تبادل فيه الرأي لاختيار الموقف وأخبرهم - صلى الله عليه وسلم - أنه رأى رؤيا في المنام فقال رأيت بقراً يذبح ورأيت في ذُباب سيفي ثلماً ورأيت أني أدخلت يدي في درع حصينة فتأول - صلى الله عليه وسلم - البقر يذبح بنفر من أصحابه يقتلون وتأول الثلمة في سيفه برجل يصاب من أهل بيته وتأول الدرع بالمدينة، ثم قدم - صلى الله عليه وسلم - رأيه إلى صحابته بأن يتحصنوا في المدينة ولا يخرجوا منها فإن المشركين إن أقاموا في معسكرهم أقاموا بشر مقام وبغير جدوى وإن دخلوا المدينة قاتلهم المسلمون على أفواه الأزقة والنساء من فوق البيوت ووافق على هذا الرأي كبار الصحابة وبادر جماعة من الصحابة ممن فاتهم الخروج يوم بدر فأشاروا على النبي - صلى الله عليه وسلم - بالخروج وألحوا عليه في ذلك حتى قال قائلهم يا رسول الله كنا نتمنى هذا اليوم وندعو الله فقد ساقه إلينا أخرج إلى أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم فتنازل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن رأيه مراعاة لهؤلاء واستقر الرأي على الخروج من المدينة وملاقاة العدو في مكان تعسكره ثم صلى - عليه الصلاة والسلام - بالناس صلاة الجمعة فوعظهم وأمرهم بالجد والاجتهاد وحثهم على التهيؤ للقاء عدوهم ففرح الناس بذلك ثم دخل - صلى الله عليه وسلم - بيته ومعه صاحباه أبو بكر وعمر فعمماه وألبساه لباس الحرب فتدجج - صلى الله عليه وسلم - ولبس درعاً فوق درع وتقلد سيفه ثم خرج على الناس وكانوا ينتظرون خروجه وقد قال لهم سعد بن معاذ وأسيد بن خضير أكرهتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على الخروج فردوا الأمر إليه وارجعوا إلى رأيه في البقاء في المدينة فندموا جميعاً على ما صنعوا فلما خرج - صلى الله عليه وسلم - قالوا يا رسول الله لعلنا أكرهناك ما كان لنا أن نخالفك فإن أحببت أن تمكث بالمدينة فأفعل فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما كان لنبي إذا لبس لامة الحرب أن يضعها حتى يحكم الله بينه وبين عدوه.

 

وقسم - صلى الله عليه وسلم - جيشه إلى ثلاثة كتائب وكان عددهم ألف مقاتل لم يكن فيهم من الفرسان أحد ورد - صلى الله عليه وسلم - من استصغره ولم يره مطيقاً للقتال مثل عبد الله بن عمر وأسامة بن زيد وأبو سعيد الخدري وغيرهم من صغار الصحابة واستخلف على المدينة عبد الله بن أم مكتوم ليصلي بمن بقي في المدينة ثم بات - صلى الله عليه وسلم - بالجيش بين أحد والمدينة وأختار خمسين رجلاً لحراسة المعسكر حيث كان بمقربة من جيش العدو يراهم ويرونه وقبل طلوع الفجر بقليل اشرئب النفاق وتمرد المنافقون فقام زعيم المنافقين عبد الله بن أبي بن سلول وقال لا ندري علام نقتل أنفسنا وأحتج بأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ترك رأيه وأطاع رأي غيره فانسحب وسحب معه ثلاثمائة مقاتل ولا شك أن السبب الذي أظهره هذا المنافق من أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك رأيه وأطاع رأي غيره ليس هو السبب الحقيقي إذ لو كان هذا هو السبب الحقيقي لما خرج منذ البداية ولكنه الخور والجبن والنفاق أراد أن يشق العصا وأن يحدث البلبلة والاضطراب في جيش المسلمين على مرأى ومسمع من عدوهم بينما العدو يتشجع وتعلو همته وكاد بنو سلمة وبنو الحارث أن يتبعوه ولكن الله سبحانه وتعالى ثبتهما وتولاهما قال تعالى ﴿ إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّهُ وَلِيُّهُمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].

 

رجع الخبيث ومعه ثلاثمائة من المنافقين فتبعهم عبد الله بن حرام - والد جابر بن عبد الله- فذكرهم بخطر الانسحاب في هذا الموقف الشديد وهذا الظرف المحرج وقال لهم ﴿ تَعَالَوْا قَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ ادْفَعُوا قَالُوا لَوْ نَعْلَمُ قِتَالًا لَاتَّبَعْنَاكُمْ هُمْ لِلْكُفْرِ يَوْمَئِذٍ أَقْرَبُ مِنْهُمْ لِلْإِيمَانِ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يَكْتُمُونَ ﴾ } [آل عمران: 167، 168].

 

وبعد هذا التمرد والانسحاب قام -صلى الله عليه وسلم- في بقية الجيش وهم سبعمائة مقاتل فعبأهم وهيأ صفوفهم واختار منهم فصيلاً من الرماة الماهرين قوامهم خمسون راميًا وأعطى قيادتهم لعبد الله بن جبير وأمرهم - صلى الله عليه وسلم - أن يثبتوا في أماكنهم وأن لا يخرجوا منها وقال لهم اثبتوا مكانكم لا نؤتى من قبلكم لا يأتونا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا وقال لهم - صلى الله عليه وسلم - احموا ظهورنا فإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا وإن رأيتمونا هزمنا القوم ووطئناهم فلا تبرحوا أماكنكم حتى أرسل إليكم وكان هدفه - صلى الله عليه وسلم - من هذا الأمر حتى يسد الثلمة الوحيدة التي يمكن لفرسان المشركين أن يتسللوا منها إلى صفوف المسلمين حتى لا يقوموا بالالتفاف عليهم وكانت خطة حكيمة ودقيقة تجلت فيها عبقرية القيادة العسكرية عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلا يمكن لقائد مهما علت كفاءته ورتبته أن يضع خطة أدق ولا أحكم من هذه الخطة ﴿ مَا كَانَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِنَ الْأَعْرَابِ أَنْ يَتَخَلَّفُوا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ وَلَا يَرْغَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنْ نَفْسِهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لَا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ وَلَا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [التوبة: 120]..

 

الخطبة الثانية

جعل - صلى الله عليه وسلم - على الميمنة المنذر بن عمرو وعلى الميسرة الزبير بن العوام يسانده المقداد بن الأسود وحرض أصحابه على القتال وحثهم على المصابرة والجلد وأخذ ينفث روح الحماسة والبسالة فيهم حتى أنه - صلى الله عليه وسلم - جرد سيفاً باتراً فنادى فيهم من يأخذ هذا السيف بحقه فقام إليه رجال ليأخذوه منهم عمر وعلي والزبير بن العوام حتى قام إليه أبو دجانة "سماك بن خراش" فقال وما حقه يا رسول الله فقال أن تضرب به وجوه العدو حتى ينحني فعصب أبو دجانة على رأسه عصابة حمراء كان إذا اعتصب بها علم الناس أنه سيقاتل حتى الموت ثم خرج يتبختر في مشيته بين الصفين فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنها لمشية يبغضها الله إلا في هذا الموطن.

 

وقبل نشوب المعركة حاول المشركون إيقاع الفرقة والنزاع بين المسلمين حيث أرسلوا رسولاً إلى الأنصار- وهم أهل المدينة- يقولون لهم خلو بيننا وبين عمنا فننصرف عنكم فلا حاجة لنا في قتالكم ولكن هذه المحاولة باءت بالفشل حيث رد عليهم الأنصار رداً عنيفاً واسمعوا رسول قريش ما يكره ثم تدانت الفئتان وتقارب الجمعان فكان أول وقود المعركة حامل لواء المشركين طلحة العبدري كان من أشجع فرسان قريش يسميه المسلمون كبش الكتيبة خرج طلحة العبدري وهو راكب على جمله يدعوا إلى المبارزة فأحجم الناس عن مبارزته لفرط شجاعته فتقدم إليه الزبير بن العوام فوثب عليه وثبة الليث وقفز إليه قفزة الأسد حتى صار معه على جمله فألقاه على الجمل فأقتحم به الأرض فذبحه بالسيف فلما رأى النبي جعل - صلى الله عليه وسلم - هذا المصرع الرائع كبر وكبر المسلمون وراءه وأثنى على الزبير وقال في حقه " إن لكل نبي حوارياً وحواري الزبير " فحمل لواء المشركين بعد طلحة العبدري أخوه عثمان العبدري فتقدم إليه حمزة بن عبد المطلب فضربه على عاتقه ضربة بترت يده مع كتفه حتى وصلت إلى سرته فبانت رئته فمات فحمل اللواء بعده أخوه أبو سعد العبدري فرماه سعد بن أبي وقاص بسهم في حنجرته فمات لحينه فحمل اللواء بعده أخوه مسافع العبدري فرماه عاصم بن ثابت بسهم فقتله فحمل اللواء بعده أخوه كلاب العبدري فانقض عليه الزبير فقاتله حتى قتله فحمل اللواء بعده أخوه الجلاس العبدري فطعنه طلحة بن عبد الله طعنة قضت عليه.

 

هؤلاء ستة نفر من بيت واحد قتلوا جميعاً حول لواء المشركين ثم حمله أربعة من بعدهم أبيدوا عن بكرة أبيهم فسقط لواء المشركين على الأرض وبقي ساقطاً لم يحمله أحد.

 

اندلعت نيران المعركة، واشتد القتال في كل نقطة من نقاط الميدان وفي هذه الأثناء وعند احتدام القتال رمى وحشي بن حرب وكان عبداً حبشياً مملوكاً لجبير بن مطعم قال له جبير إن قتلت حمزة عم محمد بعمي فأنت عتيق فخرج مع الجيش ليس له هدف إلا قتل حمزة فتتبعه حتى رماه بسهم قتل رضي الله تعالى عنه على إثره. وبرغم هذه الخسارة الفادحة بمقتل عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسد الله وأسد رسوله حمزة بن عبد المطلب إلا أن المسلمين ظلوا مسيطرين على الموقف كله وقاتلوا قتالاً فل عزائم المشركين وفت أعضادهم وكان من الأبطال المغامرين يومئذ رجل يقال له حنظلة بن أبي عامر خرج وهو حديث عهد بعرس فلما سمع هواتف الحرب وهو على امرأته انخلع من أحضانها وقام من فوره إلى جيش المسلمين فقاتل حتى قتل فسمي "حنظلة الغسيل".

 

وهكذا دارت رحى الحرب لصالح المسلمين فخارت عزائم المشركين وأخذت جموعهم تتبدد ذات الشمال وذات اليمين.

 

وبينما كان الجيش الإسلامي يسجل مرة أخرى نصراً حاسماً على المشركين لم يكن أقل روعة من النصر الذي كسبه يوم بدر وقعت من الرماة غلطة فظيعة قلبت الوضع تماماً وأدت إلى إلحاق الخسائر الفادحة، حيث تركوا أماكنهم وخرجوا من الجبل حينما رأوا المسلمين يجمعون غنائم العدو فقال بعضهم لبعض الغنيمة الغنيمة فذكرهم قائدهم عبد الله بن جبير بأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعدم الخروج وقال لهم أنسيتم ما قال لكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولكن الأغلبية الساحقة لم تلقي لتذكيره بالاً فخلت ظهور المسلمين ولم يعد يحمي ظهورهم أحد فأنتهز الفرصة خالد بن الوليد بسرعة خاطفة ودار من خلف الجبل فأباد من تبقى من الرماة على ظهر الجبل ثم انقلبوا على المسلمين فأحيط المسلمون من الأمام والخلف ووقعوا بين عدوهم وتفاجئوا بانقلاب رحى الحرب ضدهم فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صوته قائلاً لهم " إلي عباد الله" وهو يعرف - صلى الله عليه وسلم - أن المشركين سوف يسمعون صوته قبل أن يسمعه المسلمون ولكنه ناداهم ودعاهم مخاطراً بنفسه في هذا الظرف الدقيق فحوصر - صلى الله عليه وسلم - ورمي بالحجارة فشج وجهه حتى سال الدم من وجهه الشريف - صلى الله عليه وسلم - وأصيبت رباعيته وجرحت شفته وضرب على وجنته حتى دخلت حلقتان من حلق المغفر في وجهه - صلى الله عليه وسلم - فمسح الدم من على وجهه وهو يقول كيف يفلح قوماً شجوا وجه نبيهم فأنزل الله ﴿ لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ ﴾ [آل عمران: 128].

 

ثم سمع الناس صائحاً يصيح أن محمداً قد قتل فوقع في صفوف المسلمين ارتباك شديد وطار صواب طائفة منهم وكادت أن تنهار نفوسهم وتوقف من توقف عن القتال فمر أنس بن النضر فقال لهم ما تنتظرون فقالوا قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فما تصنعون بالحياة بعده قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم قال اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء يعني المسلمين وأبرأ إليك مما صنع هؤلاء يعني المشركين ثم تقدم فلقيه سعد بن معاذ فقال إلى أين يا أبا عمر فقال أنس واهاً لريح الجنة يا سعد إني لأجد ريح الجنة من دون أحد ثم مضى فقاتل المشركين حتى قتل فما عرف من بين الشهداء حتى عرفته أخته بعد نهاية المعركة وبه بضع وثمانون ما بين طعنة برمح وضربة بسيف ورمية بسهم.

 

وبمثل هذا الاستبسال وهذا التشجيع عادت إلى المسلمين روحهم المعنوية ورجع إليهم رشدهم وصوابهم فأخذوا أسلحتهم وتركوا القعود والاستسلام وهاجموا المشركين من جديد وقد بلغهم أن خبر مقتل النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر مختلق لا صحة له فزادهم ذلك قوة إلى قوتهم فأنزل الله ﴿ مَا كَانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِي مِنْ رُسُلِهِ مَنْ يَشَاءُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَإِنْ تُؤْمِنُوا وَتَتَّقُوا فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ ﴾ [آل عمران: 179].

 

فانظروا عباد الله:

مخالفة واحدة قلبت كفة المعركة وحولت النصر إلى هزيمة وحصل بسببها ما حصل فلما تساءل الناس لماذا تحول النصر إلى هزيمة وكيف انقلبت كفة المعركة وكيف حصل هذا أجابهم رب الأرباب بقوله ﴿ أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [آل عمران: 165].





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • غزوة أحد
  • غزوة أحد (1) الآيات، والكرامات، والمعجزات
  • غزوة أحد (2) الابتلاءات والمصائب

مختارات من الشبكة

  • غزوة تبوك أو العسرة(مقالة - موقع د. أمين بن عبدالله الشقاوي)
  • خاتم النبيين (21) بعض الأحداث بين أحد والخندق (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • دروس غزوة أحد(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة حمراء الأسد والرجيع ورعل وذكوان وبئر معونة وغزوة بني المصطلق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة ذات السلاسل وغزوة الخبط(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • غزوة السويق وغزوة ذي أمر(مقالة - موقع د. محمد منير الجنباز)
  • موسوعة المتسابقين في السيرة النبوية (7)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قصة غزوة أحد والمسائل المستنبطة منها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات ثلاث مع غزوة أحد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غزوة أحد (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب