• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

تفسير القرآن الحكيم .. سورة البقرة

تفسير القرآن الحكيم .. سورة البقرة
الشيخ محمد حامد الفقي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 10/11/2013 ميلادي - 6/1/1435 هجري

الزيارات: 12547

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

تفسير القرآن الحكيم

سورة البقرة


قال الحافظ ابن كثير: البقرة جميعها مدنية بلا خلاف؛ وهي من أوائل ما نزل بها. لكن قوله تعالى ﴿ وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾ يقال: إنها آخر ما نزل من القرآن. ويحتمل أن تكون منها. وكذلك آيات الربا من آخر ما نزل. وكان خالد بن معدان يسمى البقرة: فسطاط القرآن. قال بعض العلماء: وهي مشتملة على ألف خبر، وألف أمر، وألف نهي. وقال العادون: آياتها مائتان وثمانون وسبع آيات. اهـ.

 

وفي مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم وسنن الترمذي والنسائي من حديث سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال "لا تجعلوا بيوتكم قبورًا فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان".

 

وروى الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث عبدالحميد بن جعفر عن سعيد المقبري عن عطاء مولى أبي أحمد عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعثًا - وهم ذوو عدد - فاستقرأهم، فاستقرأ كل واحد منهم ما معه من القرآن، فأتى على رجل من أحدثهم سنًا فقال "ما معك يا فلان؟" فقال: معي كذا وكذا، ومعي سورة البقرة. فقال "معك سورة البقرة؟" قال نعم. قال: "اذهب فأنت أميرهم" فقال رجل من أشرافهم: والله ما منعني أن أتعلم سورة البقرة إلا أني خشيت أن لا أقوم بها. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "تعلموا القرآن واقرأوه، فإن مثل القرآن لمن تعلمه فقرأ وقام به كمثل جراب محشو مسكا يفوح ريحه في كل مكان؛ ومثل من تعلمه فيرقد وهو في جوفه كمثل جراب أوكي على مسك" هذا لفظ الترمذي ثم قال: حديث حسن.

 

وروى البخاري عن أسيد بن الحضير الأنصاري رضي الله عنه قال: بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة؛ وفرسه مربوطة عنده، إذ جالت الفرس، فسكت، فسكنت، فقرأ فجالت الفرس فسكت فسكنت؛ ثم قرأ فجالت الفرس فانصرف. وكان ابنه يحيى قريبًا منها. فأشفق أن تصيبه؛ فلما أخذه رفع رأسه إلى السماء حتى ما يراها، فلما أصبح حدث النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال " اقرأ يا ابن حضير" قال: قد أشفقت يا رسول الله على يحيى؛ وكان منها قريبًا، فانصرفت إليه ورفعت رأسي إلى السماء فإذا مثل الظلة فيها أمثال المصابيح، فخرجت حتى لا أراها. قال "تدري ما ذاك؟" قال لا، قال "تلك الملائكة دنت لصوتك، لو قرأت لأصبحت ينظر الناس إليها لا تتوارى منهم".

 

وروى البخاري ومسلم عن ابن مسعود أنه رمى الجمرة من بطن الوادي، فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه، ثم قال: هذا مقام الذي أنزلت عليه سورة البقرة.

 

وروى ابن مردويه عن عتبة بن مرثد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - رأى في أصحابه تأخرًا، فنادى "يا أصحاب سورة البقرة" ولعل ذلك كان يوم حنين؛ فناداهم بأحب أوصافهم إليهم لينشطهم، فجعلوا يقبلون عليه من كل حدب. وكذلك لما كانت وقعة اليمامة مع أصحاب مسيلمة، وجعل الناس يفرون لما رأوا كثافة جيش مسيلمة، نادى المهاجرون والأنصار: يا أصحاب سورة البقرة، فأقبلوا حتى فتح الله عليهم.

 

وفي السنة كثير من الأحاديث في فضل سورة البقرة.

 

وإنما سميت بذلك لاختصاصها بذكر قصة البقرة التي أمر الله موسى أن يذبحها، ويضرب ببعضها القتيل الذي ادارأوا في قتله فأحياه الله، وأخبر عمن قتله، وأراهم الله آياته لعلهم يعقلون، وما عقلوا.

 

وتسمى أيضًا مع سورة آل عمران: بالزهروان. أي المنيرتان. واحدتهما زهراء. قال الله تعالى ذكره (آلم) اختلف المفسرون اختلافا كثيرا في معناها، ومعنى أخواتها من أوائل السور الأخرى المبدوءة بهذه الأحرف، وأولى الأقوال عندي بالصواب أنها أسماء للسور المفتتحة بها. وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقرأ في صبح الجمعة [ألم السجدة. وهل أتى على الإنسان] وأن المقصد منها تحدي العرب الزاعمين أن القرآن من تأليف النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن عمله: بأن ذلك القرآن العربي التراكيب والمفردات إنما مادة كلماته من جنس الحروف التي يبنون منها كلماتهم، ويؤلفون منها أشعارهم وخطبهم، ومع ذلك فلن يستطيعوا أن يأتوا بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا، بل ولو ظاهرتهم الجن أيضا على ذلك ما قدروا عليه، ولا واتاهم ذلك ولا قاربوا، مع ما هم عليه من فصاحة القول، وقوة البديهة، وامتلاك أعنة الكلام، حتى لهم أفخر الناس بذلك، وأبرعهم في إشادة القصائد العامرة؛ وصنع الخطب الرنانة، وقد مارسوا صناعة الكلام أبلغ ممارسة حتى برعوا فيها أيما براعة؛ فكيف يأتي هذا من محمد الأمي، الذي ما عرف عنه يومًا من الأيام شعر؛ ولا خطبة؛ ولا ممارسة لأي نوع من صناعة القول وتنميقه؛ ورصف الكلام وتنسيقه؟ لمحمد مع هذه الأمية أعجز وأعجز أن ينطق بهذا القرآن من عند نفسه أو يمليه عليه فؤاده. أو يبتكر تلك الآيات المحكمات، ويصنع هذه الحكم الروائع، والشرائع العالية برأيه وهواه ﴿ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾ ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ * بَلْ هُوَ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ﴾.

 

ومن أبعد الأقوال عن الصواب، وأغربها عن روح القرآن الكريم: ما يدعى أن هذه الحروف وضعت في أوائل السور لغير معنى، وعلى غير قصد، وأنها لذلك تقرأ بدون أن يحاول القارئ، أو السامع فهم شيء منها. وهذا - لعمر الحق - لا يتفق مع ما وصف الله العليم الحكيم به كتابه الحكيم، من أنه ﴿ كِتَابٌ فُصِّلَتْ آَيَاتُهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ ﴿ إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآَنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ ودعا الناس إلى تدبره وتفهمه، فقال ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ ﴿ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ ﴾ ﴿ وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآَنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ ﴾؟.

 

فمن يسمع هذا وغيره في وصف الله لكتابه الذي أنزله هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان، يعقل معه أن في هذا الموصوف بهذه الصفات، جملا أو كلمات لا يمكن الوصول إلى فهم معناها، ومن المحال معرفة المراد والمقصود منها؟ إذًا فلم أنزلت في القرآن الحكيم؟ ولماذا لم يستثنها الله تعالى من هذا الوصف العام الشامل لكتابه. جملا ومفردات، وسورًا وآيات.

 

وأسخف من هذا وأدل على الجهل والتلاعب بآيات الله، من جعل هذه الحروف رموزا لسنين ووقائع أو لأشخاص من الخلق، أو لعلوم باطنة، والأصح لعلوم باطلة؛ اتخذها أولئك الممخرقون ردًا يسترون وراءه مقاصدهم الخبيثة؛ ونواياهم السيئة التي لا تستقر مع الحق في نصاب، ولا ترضى بالدين صاحبًا.

 

ومن أولئك الممخرقين من جعل بعضها أسماء للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالوا (طه، ويس) اسمان من أسمائه، وما أدري من أين جاءهم هذا الفهم السقيم الذي فرقوا به بين ﴿ ألم ﴾ و﴿ كهيعص ﴾ وأخواتهما؛ وبين (طه ويس) فإن كان ذلك لأن الخطاب توجه بعدهما للنبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد توجه بعد (كهيعص) إذ قال ﴿ ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ ﴾ فالكاف في "عليك" بعد (طه) وبعد (يس) في "إنك" هي بعينها الكاف في "ربك" بعد ﴿ كهيعص ﴾ وهي بعينها الكاف في "ذلك" التي في هذه السورة؛ سورة البقرة، وهي الكاف في ﴿ نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ ﴾ في سورة آل عمران. وفي [تلك] في سورة الحجر [الر] فما بالهم لم يجعلوا كل تلك أسماء النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ إن هو إلا التقليد الأعمى على غير هدى ولا بصيرة ولا نور: قيلت قديمًا فذهبت مع الأيام يتقلدها الناس طائفة بعد أخرى؛ حتى أصبحت عقيدة راسخة يعسر على الناس أن ينتزعوها، شأنها شأن غيرها من كثير من العقائد والأعمال التقليدية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

وقد نقل الحافظ ابن كثير عن بعض العلماء قال: لا شك أن هذه الحروف لم ينزلها الله سبحانه عبثا ولا سدى.

 

ومن قال من الجهلة: إن في القرآن ما هو تعبدي لا معنى له بالكلية، فقد أخطأ خطأً كبيرًا.

 

فتعين أن لها معنى في نفس الأمر؛ فإن صح لنا فيها عن المعصوم شيء قلنا به وإلا وقفنا حيث وقفنا؛ وقلنا ﴿ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ ولم يجمع العلماء على شيء معين، وإنما اختلفوا: فمن ظهر له بعض الأقوال بدليل فعليه اتباعه وإلا وقف حتى يتبين. ا هـ.

 

فاقرأ هذه الحروف فاهمًا المراد منها: إنها أسماء لمنطوقها من حروف المعجم التي يتألف منها كل الكلام العربي، وإن هذا القرآن انتظمت كلماته وجمله من جنس ما ينتظم منه كل كلام، وهو مع هذا معجز البشر في نظمه ومعناه. وذلك هو ولا شك الإعجاز كل الإعجاز.

 

ويعجبني هنا قول الزمخشري:

والوجه الثالث: أن ترد السورة مصدرة بذلك ليكون أول ما يقرع الأسماع مستقلًا بوجه من الإعراب، وتقدمة من دلائل الإعجاز. وذلك أن النطق بالحروف أنفسها كانت العرب فيه مستوية الأقدام: الأميون منهم وأهل الكتاب، بخلاف النطق بأسامي الحروف؛ فإنه كان مختصًا بمن خط وقرأ وخالط أهل الكتاب وتعلم منهم، وكان مستغربا مستبعدًا من الأمي: التكلم بها، استبعادا الخط والتلاوة كما قال عز وجل ﴿ وَمَا كُنْتَ تَتْلُو مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾ فكان حكم النطق بذلك مع اشتهار أنه - يعني النبي - صلى الله عليه وسلم - - لم يكن ممن اقتبس شيئا من أهله، حكم الأقاصيص المذكورة في القرآن التي لم تكن قريش ومن دان بدينها في شيء من الإحاطة بها: في أن ذلك حاصل له من جهة الوحي، وشاهد بصحة نبوته - صلى الله عليه وسلم -، وبمنزلة أن يتكلم بالرطانة من غير أن يسمعها من أحد.

 

واعلم أنك إذا تأملت ما أورده الله سبحانه وتعالى في الفواتح من هذه الأسماء وجدتها نصف أسامي حروف المعجم أربعة عشر سواء، وهي الألف واللام والميم والصاد والراء والكاف والهاء والياء والعين والطاء والسين والحاء والقاف والنون، في تسع وعشرين سورة؛ على عدد حروف المعجم.

 

ثم إذا نظرت في هذه الأربعة عشر وجدتها مشتملة على أنصاف أجناس الحروف. بيان ذلك أن فيها من المهموسة نصفها: الصاد والكاف والهاء والسين والحاء. ومن المجهورة نصفها: الألف واللام والميم والراء والعين والطاء والقاف والياء والنون. ومن الشديدة نصفها: الألف والكاف والطاء والقاف. ومن الرخوة نصفها: اللام والميم والراء والصاد والهاء والعين والسين والحاء والياء والنون. ومن المطبقة نصفها: الصاد والطاء. ومن المنفتحة نصفها: الألف واللام والميم والراء والكاف والهاء والعين والسين والحاء والقاف والياء والنون. ومن المستعلية نصفها؛ القاف والصاد والطاء. ومن المنخفضة نصفها؛ الألف واللام والميم والراء والكاف والهاء والياء والعين والسين والحاء والنون. ومن حروف القلقلة نصفها، القاف والطاء.

 

ثم إذا استقريت الكلم وتراكيبها رأيت الحروف التي ألغى الله ذكرها من هذه الأجناس المعدودة مكثورة بالمذكورة منها، فسبحان الذي دقت في كل شيء حكمته. وقد علمت أن معظم الشيء وجله ينزل منزلة كله، وهو المطابق للطائف التنزيل واختصاراته، فكأن الله عز اسمه عدد على العرب الألفاظ التي منها تراكيب كلامهم، إشارة إلى ما ذكرت من التبكيت لهم، وإلزام الحجة إياهم.

 

ومما يدل على أنه تعمد بالذكر من حروف المعجم أكثرها وقوعا في تراكيب الكلم: أن الألف واللام لما تكاثر وقوعهما فيها؛ جاءتا في معظم هذه الفواتح مكررتين، وهي فواتح سورة البقرة وآل عمران والروم والعنكبوت ولقمان والسجدة والأعراف والرعد ويونس وإبراهيم وهود ويوسف والحجر. ا هـ.

 

وقد أطال الزمخشري في هذا البحث إطالة مفيدة جدًا، فارجع إليه إن شئت وقال أخونا المفضال الشيخ عبد الظاهر أبو السمح، متع الله بطول حياته، إن هذه الحروف الثلاثة وأخواتها في أوائل السور تدل على أمور:

الأول: أنها بمثابة حروف التنبيه، وذلك لأن ما يأتي بعدها أمر هام ونبأ عظيم، ينبغي الحرص على استماعه، وتنبه الأذهان إليه بحروف يمتد الصوت بها طويلا، كالكلام على القرآن الكريم في أول هذه السورة ﴿ ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ ﴾ وأول آل عمران والأعراف ويونس وغيرها من السور. أو الكلام في أمر خارق للعادة كأول سورة مريم التي قص الله فيها نبأ زكريا ويحيى، ومريم وعيسى عليهم السلام. وهما قصتان فيهما من آيات الله في ولادة يحيى لزكريا الذي وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبًا، وكانت امرأته عاقرًا لا يولد لمثلها. وولادة عيسى لمريم التي لم يمسسها بشر ولم تك بغيًا: في هذا النبأ ما يستحق عظيم التوجه، والالتفات القلبي؛ والإنصات التام لما سيتلى على ذلك الأمي الذي لم يكن يتلو من قبله من كتاب، ولا يعرف شيئًا من قصص الماضين، فإذا نطق القارئ بهذه الحروف ومدها المد اللازم لها، كانت النفوس قد حضرت، والأذهان قد تهيأت للفهم، تلا عليها الجمل المفيدة لهذه الأخبار العجيبة. وفي كل لغة حروف للاستنصات، ففي اللغة العامية "هس" ومن أراد الناس على الإصغاء التام مد هاءها طويلا والسين كذلك، وفي اللغة العربية "صه" بمعنى استمع. و"ألا" للتنبيه، والهاء في "هذا" ونحوها.

 

والأمر الثاني: أنها من الأساليب الخطابية التي امتاز القرآن بها. ونحن كثرا ما نرى في أساليب الخطباء المبرزين من غرائب الألفاظ والاستعمالات ما يدهش السامعين، فكيف بالذي خلقهم؟ وأي عجب أو استغراب في أن يمتاز القرآن بنوع من هذه الأساليب التي تجمع القلوب النافرة، وتجذب العواطف الجامحة؟ لا ريب أنه نوع من الأسلوب الخطابي بديع، وفن من البلاغة ساحر ا هـ.

 

هذا - وبالبحث جهد الطاقة لم أعثر في هذه الحروف على شيء يصح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا ابتداء ولا جوابا لأحد من الصحابة سأله عن معناها، وهم كانوا أشد الناس حرصًا على القرآن ومعانيه، والتفقه فيه، فالذي يظهر - والله أعلم - أنها كانت واضحة عندهم، يعرفونها بفطرهم، ويفهمون المراد منها بما ألفوه من الأسلوب العربي الفصيح، فلذلك لم يسألوا الرسول - صلى الله عليه وسلم - عنها. وهذا أيضًا يدل على أنهم لم يكونوا من المتكلفين خلاف السجية العربية؛ والفطرة السليمة؛ التي يبدو ويتضح لها مع توفيق الله ونوره من هداية القرآن، ما خفي على كثير من المتنطعين في تفسيره، والمتكلفين الوجوه البعيدة، والأشياء الغريبة التي ساقتهم إلى الإسرائيليات الباطلة وخرافاتها يحشرونها في معاني القرآن حشرًا ويقحمونها في أحكامه إقحاما خرجت بالقرآن في تفاسيرهم عن روحه الحقة، ومقصده السامي من الهداية والفرقان.

 

نرجو الله أن يوفقنا بمنه وكرمه لتلك الروح القرآنية، وأن يوقد مصباحها في قلوبنا.

 

المجلة

السنة

العدد

التاريخ

الهدي النبوي

الأولى

السادس

رمضان سنة 1356 هـ





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآية 1)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 2 : 3)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر (الآيات 4 : 5)
  • تفسير أواخر سورة البقرة

مختارات من الشبكة

  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 99 ) (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 99 ) (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات: 97 - 98 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 96 ) (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 96 ) (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 95 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 94 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 90 : 93 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآيات 88 : 89 )(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير القرآن الحكيم .. سورة الحجر ( الآية 87 )(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب