• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    موقف الشيعة من آيات الثناء على السابقين الأولين ...
    الدكتور سعد بن فلاح بن عبدالعزيز
  •  
    الحج: أسرار وثمرات (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل بعض أذكار الصباح والمساء
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    المال الحرام
    د. خالد النجار
  •  
    نصائح متنوعة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    قصة موسى عليه السلام (خطبة)
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    خطبة: لا تغتابوا المسلمين (باللغة البنغالية)
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    مفهوم المعجزة وأنواعها
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (8)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الشافي، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    موانع الخشوع في الصلاة
    السيد مراد سلامة
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (11)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    شموع (107)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    المنة ببلوع عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أهمية التعلم وفضل طلب العلم
    د. حسام العيسوي سنيد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الشفاعة يوم القيامة

الشفاعة يوم القيامة
أبو البراء محمد بن عبدالمنعم آل عِلاوة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/8/2013 ميلادي - 27/9/1434 هجري

الزيارات: 131284

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الشفاعة يوم القيامة

الصراط السوي في سؤالات الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم


عن حذيفة عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - قال: أصبح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يومٍ، فصلَّى الغَدَاة، ثم جلس، حتى إذا كان من الضحى، ضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى، والعصر، والمغرب، كل ذلك لا يتكلَّم، حتى صلى العشاء الآخرة، ثم قام إلى أهله، فقال الناس لأبي بكر: ألا تسألُ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما شأنه؟ صنع اليوم شيئًا لم يصنعْه قط، قال: فسأله، فقال: ((نعم، عرض عليَّ ما هو كائن من أمر الدنيا وأمر الآخرة، فجمع الأولون والآخرون بصعيدٍ واحد، ففظع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم - عليه السلام - والعرق يكاد يُلجِمهم، فقالوا: يا آدم، أنت أبو البشر، وأنت اصطفاك الله - عز وجل - اشفعْ لنا إلى ربك، قال: لقد لقيتُ مثل الذي لقيتم، انطلقوا إلى أبيكم بعد أبيكم إلى نوحٍ، ﴿ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحًا وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 33]، قال: فينطلقون إلى نوح - عليه السلام - فيقولون: اشفعْ لنا إلى ربك، فأنت اصطفاك الله، واستجاب لك في دعائك، ولم يَدَعْ على الأرض من الكافرين ديَّارًا، فيقول: ليس ذاكم عندي، انطلقوا إلى إبراهيم - عليه السلام - فإن الله - عز وجل - اتَّخذه خليلاً، فينطلقون إلى إبراهيم، فيقول: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى موسى - عليه السلام - فإن الله - عز وجل - كلَّمه تكليمًا، فيقول موسى - عليه السلام -: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى عيسى ابن مريم، فإنه يُبرِئ الأكمه والأبرص، ويُحْيي الموتى بإذن الله، فيقول عيسى - عليه السلام -: ليس ذاكم عندي، ولكن انطلقوا إلى سيِّد ولد آدم، فإنه أولُ مَن تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد - صلى الله عليه وسلم - فيشفع لكم إلى ربكم - عز وجل - قال: فينطلق، فيأتي جبريل - عليه السلام - ربَّه، فيقول الله - عز وجل -: ائذنْ له، وبشِّره بالجنة، قال: فينطلق به جبريل، فيخرُّ ساجدًا قدر جُمعة، ويقول الله - عز وجل -: ارفعْ رأسَك يا محمد، وقل يُسمَع، واشفعْ تشفَّع، قال: فيرفع رأسه، فإذا نظر إلى ربه - عز وجل - خرَّ ساجدًا قدر جُمعة أخرى، فيقول الله - عز وجل -: ارفعْ رأسك، وقل يُسمَع، واشفعْ تشفَّع، قال: فيذهب ليقع ساجدًا، فيأخذ جبريل - عليه السلام - بضَبْعَيه فيفتح الله - عز وجل - عليه من الدعاء شيئًا لم يفتحْه على بشرٍ قط، فيقول: أي رب، خلقتني سيِّد ولد آدم ولا فخر، وأول مَن تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، حتى إنه ليَرِدُ عليَّ الحوضَ أكثرُ مما بين صنعاء وأَيْلَة، ثم يقال: ادعوا الصدِّيقين فيشفعون، ثم يقال: ادعوا الأنبياء، قال: فيجيء النبي ومعه العصابة، والنبي ومعه الخمسة والستة، والنبي ليس معه أحد، ثم يقال: ادعوا الشهداء فيشفعون لمن أرادوا، قال: فإذا فعلَتِ الشهداءُ ذلك، قال: يقول الله - عز وجل -: أنا أرحم الراحمين، أَدْخِلوا جنتي مَن كان لا يشرك بي شيئًا، قال: فيدخلون الجنة، قال: ثم يقول الله - عز وجل -: انظروا في النار، هل تَلْقَون مِن أحدٍ عمل خيرًا قط؟ قال: فيجدون في النار رجلاً، فيقول له: هل عملت خيرًا قط؟ فيقول: لا، غير أني كنت أسامح الناس في البيع والشراء، فيقول الله - عز وجل -: أَسْمِحُوا لعبدي كإسماحِه إلى عبيدي وأكثر، ثم يُخرِجُون من النار رجلاً، فيقول له: هل عملت خيرًا قط؟ فيقول: لا، غير أني قد أمرت ولدي إذا مت فأحرقوني بالنار، ثم اطحنوني، حتى إذا كنت مثل الكحل، فاذهبوا بي إلى البحر، فاذرُوني في الريح، فوالله لا يَقْدِر عليَّ رب العالمين أبدًا، فقال الله - عز وجل -: لِمَ فعلت ذلك؟ قال: مِن مخافتك، قال: فيقول الله - عز وجل -: انظرْ إلى مُلْك أعظم مَلِك، فإن لك مثلَه وعشرة أمثاله، قال: فيقول: لِمَ تسخرُ بي وأنت المَلِك؟ قال: وذاك الذي ضحكتُ منه من الضُّحَى))[1].


عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفع لي يوم القيامة، فقال: ((أنا فاعل))، قال: قلت: يا رسول الله، فأين أطلبك؟ قال: ((اطلبني أول ما تطلبني على الصراط))، قال: قلت: فإن لم ألقَك على الصراط؟ قال: ((فاطلبني عند الميزان))، قلت: فإن لم ألقَك عند الميزان؟ قال: ((فاطلبني عند الحوض؛ فإني لا أخطئ هذه الثلاث المواطن))[2].


فيه مسائل:

المسألة الأولى: معاني الكلمات:

• قوله: ((ففظع الناس بذلك))؛ أي: اشتد عليهم وهابوه.

• قوله: ((الأكمه))؛ أي: الأعمى.

• قوله: ((بضَبْعَيه)): الضبع: وسط العضد، وقيل: هو ما تحت الإبط.

• قوله: ((أَسْمِحُوا لعبدي)): يقال: سمح وأسمح، إذا جاء وأعطى عن كرم وسخاء.


• قوله: ((حتى انطلقوا إلى آدم)): قال السندي: قيل الحكمة في أن الله - تعالى - ألهمهم سؤال آدم ومَن بعده من الأنبياء - صلوات الله وسلامه عليهم - ابتداءً، ولم يُلْهِمهم سؤال نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - إظهارُ فضيلتِه؛ فإنهم لو سألوه ابتداءً، لكان يحتمل أن غيره يقدر على هذا، وأما إذا سألوا غيره ثم انتهوا إليه، فقد عُلِم أن هذا المقام المحمود لا يقدر على الإقدام عليه غيره - صلوات الله وسلامه عليه وعليهم أجمعين.


• قوله: ((فينطلق))؛ قال السندي: أي محمد إلى ربه للشفاعة، وهذا اللفظ إما من كلام الصديق يحكي به معنى ما سمع، أو من كلامه - صلى الله عليه وسلم - ذكر نفسه على وجه الغَيْبة؛ تنبيهًا على أنه يومٌ تَغِيب فيه نفسُه؛ إما هيبة لجلاله - تعالى - أو لأنه في شأن أمته على خلاف سائر الخلق، فإنهم في شأن أنفسِهم كما هو معلوم، ففي الكلام على الوجه الثاني التفات لطيف.


• قوله: ((لا يقدر عليَّ))؛ أي: بهذا الطريق؛ أي: ولئن قدر عليَّ يعذبني، وكأنه لم يقل ذلك تكذيبًا للقدرة، بل قال لأنه لَحِقَه من شدة الحال ما غيَّر عقْلَه وصيره كالمجنون المبهوت المتحيِّرفي الأمر، يفعل كل ما يقدر عليه في ذلك الحال، ولا يدري أنه ينفعه ذلك أم لا؟[3].


• قوله: "قال: سألتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يشفعَ لي يوم القيامة"؛ أي: الشفاعة الخاصة من بين هذه الأمة دون الشفاعة العامة.


• قوله: "قلت: يا رسول الله، فأين أطلبك؟": قال الطيبي - رحمه الله -: "أي: في أي موطن من المواطن التي أحتاج إلى شفاعتك أطلبك؛ لتخلِّصني من تلك الورطة؟ فأجاب: على الصراط، وعند الميزان، والحوض؛ أي: أفقر الأوقات إلى شفاعتي هذه المواطن".


• قوله: ((قال: اطلبني أول ما تطلبني))؛ أي: في أول طلبك إياي.


• قوله: ((قال: اطلبني عند الميزان))؛ فيه إيذان بأن الميزان من بعد الصراط.


• قوله: ((فإني لا أُخطِئ))؛ بضم الهمز وكسر الطاء بعدها؛ أي: لا أتجاوز، والمعنى أني لا أتجاوز هذه المواطن الثلاثة، ولا أحد يفقدني فيهن جميعهن؛ فلا بد أن تلقاني في موضع منهن[4].

 

المسألة الثانية: الشفاعة وأنواعها:

الشفاعة لغةً: مأخوذة من الشَّفْع، وهو ضد الوتر، وهي انضمام الشيء إلى الشيء.


اصطلاحًا: المراد بها السؤالُ لفصلِ القضاء، والتجاوز عن الذنوب، وتخفيف العذاب، وزيادة الثواب لمستحقه.


اعلم أن من رحمة الله - تعالى - وفضله وجوده على عباده المسلمين أن جعلَ لهم الشفاعة يوم القيامة، فهي ليست شفاعة واحدة، بل هي شفاعات من رب السموات، وهذه الشفاعة من مقتضيات الإيمان باليوم الآخر، وعندما يقرؤها المؤمن يزداد حبًّا لرسوله - صلى الله عليه وسلم.


واعلم أن من أهل البدع والضلال مَن نفى بعض الشفاعات يوم القيامة، متعلِّقين ببعض الشبهات، منها أن أحاديث الشفاعة أخبار آحاد، وأخبار الآحاد لا يأخذ بها في العقائد.


وقد تولَّى الرد عليهم العلماء - عليهم رحمة الله تعالى - فقد أحسن الردَّ عليهم الشافعي في كتابه "الرسالة"، وكذا البخاري؛ حيث عقد كتابًا في صحيحه سماه: "كتاب أخبار الآحاد"، وابن حزم الأندلسي في كتابه "الإحكام"، وابن القيم في "الصواعق المرسلة"، والألباني في كتاب: "الحديث حجَّة بنفسه في العقائد والأحكام".


ولو لم يكن إلا قوله - تعالى -: ﴿ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [الحشر: 7].


وعموم قوله - تعالى -: ﴿ فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [النور: 63].


ومن المعلوم لمن كان عنده أدنَى إنصافٍ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يُرسِل رسلَه يعلِّمون الناس العقائد والعبادات وما يحتاجون إليه، وكان في كثيرٍ من الأحيان يُرسِل الواحد والاثنين؛ كما بعث معاذ بن جبل - رضي الله عنه - إلى اليمن، وكما بعث مصعب بن عمير - رضي الله عنه - إلى المدينة، وغيرهم كثير.


وبعض أهل البدع تعلَّق بآيات من القرآن فيها نفي الشفاعة؛ مثل قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [البقرة: 254].


وقوله - تعالى -: ﴿ وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِمَا كَسَبَتْ لَيْسَ لَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيٌّ وَلَا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لَا يُؤْخَذْ مِنْهَا أُولَئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِمَا كَسَبُوا لَهُمْ شَرَابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْفُرُونَ ﴾ [الأنعام: 70]، وغيرها من الآيات التي تنفي الشفاعة والشفيع.


فنقول لهم: وماذا نقول في الآيات التي تُثبِت الشفاعة والشفيع؛ مثل قوله - تعالى -: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255]، وقوله - تعالى -: ﴿ مَا مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ ﴾ [يونس: 3].


والجواب: أن الآيات التي تَنْفِي الشفاعة والشفيع، تنفي شفاعة معيَّنة، وهي التي تُطلَب من غير الله، وأما الشفاعة والشفيع المثبتان في الآيات، فهما بشروط:

1- قدرة الشافع على الشفاعة، كما قال - تعالى - في حق الشافع الذي يطلب منه وهو غير قادر على الشفاعة: ﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾ [يونس: 18]، وقال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفَاعَةَ إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ ﴾ [الزخرف: 86]؛ فعُلِم من هذا أن طلبَ الشفاعة من الأموات طلبٌ ممَّن لا يَمْلِكُها، فانتبِه.


2- إسلام المشفوع له، قال - تعالى -: ﴿ وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ ﴾ [غافر: 18]؛ والمراد بالظالمين هنا: الكافرون.


قال البيهقي في شعب الإيمان (1/205): فالظالمون ها هنا الكافرون، ويشهد لذلك مفتتح الآية؛ إذ هي في ذكر الكافرين.


3- الإذن للشافع، كما قال - تعالى -: ﴿ مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ ﴾ [البقرة: 255].


4- الرضا عن المشفوع له، كما قال - تعالى -: ﴿ وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى وَهُمْ مِنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ ﴾ [الأنبياء: 28]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَكَمْ مِنْ مَلَكٍ فِي السَّمَوَاتِ لَا تُغْنِي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئًا إِلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يَأْذَنَ اللَّهُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَرْضَى ﴾ [النجم: 26].


واعلم أن أهل السنة والجماعة وسطٌ بين فريقين ضلُّوا في باب الشفاعة:

الفريق الأول: أنكروا الشفاعة بالكلية؛ مثل: الخوارج والمعتزلة؛ فهم ينكرون الشفاعة لأهل الكبائر، وقد شابَهوا اليهود والنصارى.


الفريق الثاني: غالوا في إثبات الشفاعة حتى طلبوا الشفاعة من الأموات والأولياء والصالحين حتى أثبتوها للجمادات.


أما أهل السنة والجماعة، فقد أثبتوا الشفاعة، واعتمدوا على ما جاء به الكتاب والسنة؛ كما هو حالهم دائمًا وأبدًا، ولله الحمد والمنة.


أنواع الشفاعة:

أولاً: شفاعة النبي - صلى الله عليه وسلم -:

للنبي - صلى الله عليه وسلم - أكثر من شفاعة، منها خاصة به - صلى الله عليه وسلم - لا يشركه فيها أحد، وهي:

1- الشفاعة العظمى:

المقصود بها الشفاعة لبدء الحساب، ففي حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثًا، كل أمة تتبع نبيَّها، يقولون: يا فلان، اشفعْ، يا فلان، اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فذلك يومَ يبعثُه الله المقام المحمود))[5]، وكما في حديث الباب الذي مرَّ معنا.


2- الشفاعة في أهل الجنة لدخول الجنة:

عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا أول الناس يشفعُ في الجنة، وأنا أكثر الأنبياء تبعًا))[6].


وعنه أيضًا، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((آتِي بابَ الجنة يوم القيامة فأستفتح، فيقول الخازن: مَن أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أُمِرتُ، لا أفتح لأحد قبلك))[7].


3- شفاعته لعمِّه أبي طالب:

ففي الصحيحين من حديث عباس بن عبدالمطلب، قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنه كان يحوطُك ويغضبُ لك؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: ((نعم، هو في ضَحْضَاح من نارٍ، لولا أنا لكان في الدَّرْك الأسفل من النار))[8].


وهناك شفاعة عامَّة للنبي - صلى الله عليه وسلم - ويشترك معه سائر المؤمنين، وهي:

1- الشفاعة في أهل المعاصي والذنوب ليخرجوا من النار:

ففي حديث أنس بن مالك الطويل في الشفاعة، وفيه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ائتوا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - عبدًا غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، فيأتوني، فأنطلق حتى أستأذن على ربي، فيؤذن لي، فإذا رأيتُ ربي وقعتُ ساجدًا، فيَدَعُنِي ما شاء الله، ثم يقال: ارفعْ رأسَك، وسَلْ تُعْطَه، وقُلْ يُسْمَع، واشَفعْ تشفَّعْ، فأرفعُ رأسي، فأحمده بتحميد يعلِّمنيه، ثم أشفعُ فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدخِلهم الجنة، ثم أعود إليه فإذا رأيتُ ربي مثله، ثم أشفع فيَحُدُّ لي حدًّا، فأُدخِلهم الجنة، ثم أعود الرابعة، فأقول: ما بقي في النار إلا مَن حبسه القرآن، ووجب عليه الخلود))، قال أبو عبدالله: إلا مَن حبسه القرآن؛ يعني: قول الله - تعالى -: ﴿ خَالِدِينَ فِيهَا ﴾ [البقرة: 162][9].


2- الشفاعة في أهل الكبائر:

وهم مَن يموتون مصرِّين على بعض الكبائر، وعقيدتنا أنهم تحت المشيئة؛ إن شاء الله عذَّبهم، وإن شاء غفر لهم؛ يعني: قد يدخلون النار، ثم يخرجون بالشفاعة، وقد يشفع لهم قبل دخول النار ابتداءً؛ ففي الصحيح من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها، وأُرِيد أن أَختَبِئ دعوتي شفاعةً لأمتي في الآخرة))[10].


وعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي))[11].


3- الشفاعة في رفع الدرجات في الجنة:

لقوله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ ﴾ [الطور: 21].


وفي الحديث عن أم سلمة - رضي الله عنها - قالت: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أبي سلمة، وقد شق بصره، فأغمضه، ثم قال: ((إن الروح إذا قُبِض تبعه البصر))، فضجَّ ناسٌ من أهله، فقال: ((لا تدْعوا على أنفسِكم إلا بخير؛ فإن الملائكة يؤمِّنون على ما تقولون))، ثم قال: ((اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديِّين، واخلفْه في عقبه في الغابرين، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره، ونوِّر له فيه))[12].


4- الشفاعة لأهل الأعراف:

وهم قوم استوتْ حسناتهم وسيئاتهم، فيَقِفُون بين الجنة والنار، يرون أهل الجنة، فيقولون: ﴿ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ ﴾ [الأعراف: 46]، ويرون أهل النار فيقولون: ﴿ رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾ [الأعراف: 47]، فيأذن الله بالشفاعة فيهم، فيشفع فيهم النبيون، والصدِّيقون، والشهداء، والصالحون، ومما يدل على الشفاعة فيهم، عموم الشفاعة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: ((شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي)).


اعلم أن الشفاعة ليست كلها خاصة بالنبي - صلى الله عليه وسلم.

فعن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - في حديث الرؤية الطويل، وفيه -: ((فيقول الله - عز وجل -: شَفَعَت الملائكة، وشَفَع النبيُّون، وشَفَع المؤمنون، ولم يبقَ إلا أرحمُ الراحمين، فيَقبِض قبضةً من النار، فيُخرِج منها قومًا لم يعملوا خيرًا قط قد عادوا حُمَمًا، فيُلقِيهم في نهرٍ في أفواه الجنة يقال له: نهر الحياة، فيَخرُجون كما تخرج الحبَّة في حَمِيل السيل...))[13] [14].



[1] حسن: أحمد (15)، ولبعض فقراته شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري (3340)، ومسلم (194)، ومن حديث أنس بن مالك عند البخاري (4476)، ومسلم (193)، ويشهد له قصة الرجل الذي كان يسامح الناس في البيع، حديث حذيفة بن اليمان عند البخاري (2077)، ومسلم (1560)، ويشهد لقصة الرجل الذي أمر بحرقه، حديث أبي سعيد الخدري عند البخاري (3478)، ومسلم (2757)، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (10/679): (رواه أحمد، وأبو يعلى بنحوه، والبزار، ورجالهم ثقات)، وحسنه محققو المسند (1/195 - 196).

[2] الترمذي (2434)، وقال: هذا حديث حسن غريب، لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأحمد (12825)، وصححه الألباني في المشكاة (5595).

[3] المسند ( 1/196 - 197).

[4] تحفة الأحوذي (13/114).

[5] البخاري (4718).

[6] مسلم (196).

[7] مسلم (197).

[8] البخاري (6208)، ومسلم (209)، واللفظ له.

[9] البخاري (4476)، ومسلم (193).

[10] البخاري (6304)، ومسلم (198)، وعند البخاري (6305)، ومسلم (200)، من حديث أنس بن مالك، وعند مسلم (201)، من حديث جابر بن عبدالله.

[11] أبو داود (4741)، والترمذي (2435)، وأحمد (13222)، وصححه الألباني.

[12] مسلم (920)، وابن ماجه (1454).

[13] جزء من حديث عند مسلم (183).

[14] انظر: إتحاف أهل الألباب بمعرفة التوحيد في سؤال وجواب (2/101 - 132)، وكتاب الشفاعة؛ لمقبل بن هادي الوادعي، وماذا يعني انتمائي لأهل السنة والجماعة (175)، وإتحاف السائل بما في الطحاوية من مسائل (15/14 - 19).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الشفاعة الحسنة
  • حديث الشفاعة
  • الشفاعة
  • علام البكاء؟!!
  • اشفعوا تؤجروا
  • قصة الشفاعة العظمى ( خطبة )
  • المكرمون والمهانون يوم الدين (1)
  • من نواقض الإسلام: من جعل بينه وبين الله وسائط يتوكل عليهم (3)
  • الشفاعة وأنواعها
  • مشاهد القيامة: الشفاعة
  • تذكير أهل الطاعة بأقسام الشفاعة
  • الشفاعة لمن؟ (خطبة)
  • ربط الترتيب الزمني بين موقف الحشر والشفاعة لأهل الموقف
  • وقفة مع حديث أبي هريرة في الشفاعة وحال أهل الموقف
  • أعمال ينال بها المسلم الشفاعة
  • الشفاعة حق
  • شرح حديث: لكل نبي دعوة يدعوها
  • الشفاعة
  • شروط الشفاعة
  • المؤمنون في يوم القيامة (خطبة)
  • آثار الشفاعة في الآخرة
  • الشافعون في الآخرة
  • الشفاعة بين النفي والإثبات

مختارات من الشبكة

  • الشفاعة: معناها وأنواعها وأسباب نيلها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الشفاعة العظمى لنبينا صلى الله عليه وسلم يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الشفاعة المثبتة(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • الشفاعة في القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أنواع الشفاعة الشرعية(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • حكم طلب الشفاعة من الأموات(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإيمان بالشفاعة العظمى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شفاعة المؤمنين يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من فضائل النبي: شفاعته في عمه أبي طالب، وأنه أكثر الأنبياء عليهم السلام تبعًا يوم القيامة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شفاعة الصيام يوم القيامة(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
3- جاء في موقع الإسلام سؤال وجواب
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل علاوة - مصر 30-11-2015 11:37 PM

أولا :
" الذي قرَّرَهُ المحققون من أهل العلم أنَّ ترتيب ما يحصل يوم القيامة كالتالي :
1 - إذا بُعث الناس وقاموا من قبورهم ذهبوا إلى أرض المحشر ، ثم يقومون في أرض المحشر قياماً طويلا ، تشتد معه حالهم وظمؤُهُم ، ويخافون في ذلك خوفاً شديداً ؛ لأجل طول المقام ، ويقينهم بالحساب ، وما سيُجري الله - عز وجل – عليهم .
2 - فإذا طال المُقام رَفَعَ الله - عز وجل - لنبيه صلى الله عليه وسلم أولاً حوضه المورود ، فيكون حوض النبي صلى الله عليه وسلم في عرصات القيامة ، إذا اشتد قيامهم لرب العالمين ، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة .
فمن مات على سنّته ، غير مًغَيِّرٍ ولا مُحْدِثٍ ولا مُبَدِّلْ : وَرَدَ عليه الحوض ، وسُقِيَ منه ، فيكونُ أول الأمان له أن يكون مَسْقِيَاً من حوض نبينا صلى الله عليه وسلم ، ثم بعدها يُرْفَعُ لكل نبي حوضه ، فيُسْقَى منه صالح أمته .
3 - ثم يقوم الناس مُقاماً طويلاً ، ثم تكون الشفاعة العظمى - شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم- بأن يُعَجِّلَ الله - عز وجل - حساب الخلائق ، في الحديث الطويل المعروف : أنهم يسألونها آدم ثم نوحاً ثم إبراهيم ، إلى آخره ، فيأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم ويقولون له : يا محمد ، ويصِفُونَ له الحال ، وأن يقي الناس الشدة بسرعة الحساب ، فيقول صلى الله عليه وسلم بعد طلبهم اشفع لنا عند ربك ، يقول ( أنا لها ، أنا لها ) ، فيأتي عند العرش ، فيخر فيحمد الله - عز وجل - بمحامد يفتحها الله - عز وجل - عليه، ثم يقال : يا محمد ارفع رأسك ، وسل تُعْطَ واشْفَعْ تُشَفَّعْ ، فتكون شفاعته العظمى في تعجيل الحساب .
4 - بعد ذلك يكون العرض - عرض الأعمال - .
5 - ثم بعد العرض يكون الحساب .
6 - وبعد الحساب الأول تتطاير الصحف ، والحساب الأول من ضمن العرض ؛ لأنه فيه جدال ومعاذير ، ثُمَّ بعد ذلك تتطاير الصحف ، ويُؤْتَى أهل اليمين كتابهم باليمين ، وأهل الشمال كتابهم بشمالهم ، فيكون قراءة الكتاب .
7 - ثم بعد قراءة الكتاب : يكون هناك حساب أيضاً لقطع المعذرة ، وقيام الحجة بقراءة ما في الكتب .
8 - ثم بعدها يكون الميزان ، فتوزن الأشياء التي ذكرنا .
9 - ثم بعد الميزان ينقسم الناس إلى طوائف وأزواج ؛ أزواج بمعنى كل شكل إلى شكله ، وتُقَامْ الألوية -ألوية الأنبياء- لواء محمد صلى الله عليه وسلم ، ولواء إبراهيم ، ولواء موسى إلى آخره ، ويتنوع الناس تحت اللواء بحسب أصنافهم ، كل شَكْلٍ إلى شكله .
والظالمون والكفرة أيضاً : يُحْشَرُونَ أزواجاً ، يعني متشابهين كما قال : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللَّهِ ) الصافات/22-23 ؛ يعني بأزواجهم : أشكالهم ونُظَرَاءَهُمْ ، فيُحْشَرْ علماء المشركين مع علماء المشركين ، ويُحْشَرْ الظلمة مع الظلمة ، ويُحْشَرْ منكرو البعث مع منكري البعث ، وهكذا .
10 - ثُمَّ بعد هذا يَضْرِبُ الله - عز وجل - الظُّلمة قبل جهنم والعياذ بالله ، فيسير الناس بما يُعْطَونَ من الأنوار ، فتسير هذه الأمة وفيهم المنافقون ، ثُمَّ إذا ساروا على أنوارهم ضُرِبَ السُّور المعروف ( فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ * يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ قَالُوا بَلَى ) الحديد/13-14. الآيات ؛ فيُعْطِيْ الله - عز وجل - المؤمنين النور ، فيُبْصِرُون طريق الصراط ، وأما المنافقون فلا يُعْطَون النور ، بل يكونون مع الكافرين يتهافتون في النار ، يمشون وأمامهم جهنم والعياذ بالله .
11 - ثم يأتي النبي صلى الله عليه وسلم أولاً ويكون على الصراط ، ويسأل الله - عز وجل - له ولأمته فيقول : ( اللهم سلّم سلم ، اللهم سلّم سلم ) ؛ فَيَمُرْ صلى الله عليه وسلم ، وتَمُرُّ أمته على الصراط ، كُلٌ يمر بقدر عمله ، ومعه نور أيضاً بقدر عمله ، فيمضي مَنْ غَفَرَ الله - عز وجل - له، ويسقط في النار ، في طبقة الموحّدين ، من شاء الله - عز وجل - أن يُعَذبه .
ثم إذا انتهوا من النار : اجتمعوا في عَرَصَات الجنة ، يعني في السّاحات التي أعدها الله - عز وجل - لأن يقْتَصَّ أهل الإيمان بعضهم من بعض ، ويُنْفَى الغل حتى يدخلوا الجنة وليس في قلوبهم غل .
12 - فيدخل الجنة أول الأمر ، بعد النبي صلى الله عليه وسلم : فقراء المهاجرين ، فقراء الأنصار ، ثم فقراء الأمة ، ويُؤَخَّر الأغنياء لأجل الحساب الذي بينهم وبين الخلق ، ولأجل محاسبتهم على ذلك " .
"شرح الطحاوية" (ص 542) بترقيم الشاملة / للشيخ صالح آل الشيخ ، بتصرف يسير.
وينظر للاستزادة جواب السؤال رقم : (34719) ، (203411).

ثانيا :
لا نعلم حديثا صحيحا في أن الرجل عند الموت يقعد له شيطانان يتمثلان على هيئة أبويه فيأمرانه باتباع اليهودية والنصرانية ، أما قول القرطبي رحمه الله في "التذكرة" (ص 185) :
" روي عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( أن العبد إذا كان عند الموت قعد عنده شيطانان : الواحد عن يمينه ، والآخر عن شماله ، فالذي عن يمينه على صفة أبيه ، يقول له : يا بني إني كنت عليك شفيقاً ولك محباً ، ولكن مت على دين النصارى فهو خير الأديان ، والذي على شماله على صفة أمه ، تقول له : يا بني إنه كان بطني لك وعاء ، وثديي لك سقاء ، وفخذي لك وطاء ، ولكن مت على دين اليهود وهو خير الأديان ) ، ذكره أبو الحسن القابسي في شرح رسالة ابن أبي زيد له ، وذكر معناه أبو حامد في كتاب كشف علوم الآخرة " انتهى .

فهذا : لا نعلم له أصلا ؛ فلا يحتج به .

ولكن قد يعرض الشيطان لابن آدم عند موته ، فيأتيه بمثل هذا وغيره ليضله ، فقد روى أبو داود (1552) ، والنسائي (5531) عَنْ أَبِي الْيَسَرِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ صَلَّى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْعُو: ( اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الهَدْمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ التَّرَدِّي ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنَ الْغَرَقِ ، وَالْحَرَقِ، وَالْهَرَمِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ يَتَخَبَّطَنِي الشَّيْطَانُ عِنْدَ الْمَوْتِ ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ فِي سَبِيلِكَ مُدْبِرًا ، وَأَعُوذُ بِكَ أَنْ أَمُوتَ لَدِيغًا )
وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .

قال الخطابي رحمه الله :
" استعاذته من تخبط الشيطان عند الموت : هو أن يستولي عليه الشيطان عند مفارقة الدنيا فيضله ، ويحول بينه وبين التوبة ، أو يعوقه عن إصلاح شأنه ، والخروج من مظلمة تكون قِبَله ، أو يؤيسه من رحمة الله ، أو يتكره الموت ويتأسف على حياة الدنيا ، فلا يرضى بما قضاه الله من الفناء والنُّقلة إلى الدار الآخرة ، فيختم له بالسوء ، ويلقى الله وهو ساخط عليه .
وقد روي أن الشيطان لا يكون في حال أشد على ابن آدم منه في حال الموت ، يقول لأعوانه : دونكم هذا ؛ فإنه إن فاتكم اليوم ، لم تلحقوه " انتهى من "معالم السنن" (1/ 296) ، وينظر : "التذكرة" (ص 185).

قال صالح بن الإمام أحمد : " حضرت أبي الوفاة ، فجلست عنده وبيدي الخرقة ، لأشد بها لحيته ، فجعل يعرق ، ثم يضيق ، ويفتح عينيه ويقول بيده هكذا : لا بعد ، لا بعد ، ثلاث مرات !!
فقلت: يا أبت إيش هذا الذي قد لهجت به فِي هذا الوقت ؟
قَالَ: يا بني ما تدري ؟
قلت: لا .
قَالَ: " إبليس لعنه اللَّه ، قائم بحذائي عاضا عَلَى أنامله ، يقول: يا أَحْمَد فتّني ! فأقول: لا ؛ حتى أموت !!" . انتهى من "طبقات الحنابلة" (1/ 175).
وقال القرطبي :
" سمعت شيخنا الإمام أبا العباس أحمد بن عمر القرطبي بثغر الإسكندرية يقول : حضرت أخا شيخنا أبي جعفر أحمد بن محمد بن محمد القرطبي بقرطبة وقد احتضر. فقيل له : قل : لا إله إلا الله ، فكان يقول : لا ، لا.
فلما أفاق ذكرنا له ذلك ؟
فقال : أتاني شيطانان عن يميني وعن شمالي ، يقول أحدهما : مت يهودياً فإنه خير الأديان ، والآخر يقول : مت نصرانياً فإنه خير الأديان .
فكنت أقول لهما: لا لا . فكان الجواب لهما ، لا لكما .
قلت : ومثل هذا عن الصالحين كثير ، يكون الجواب للشيطان ، لا لمن يلقنه الشهادة " انتهى من "التذكرة" (ص 187).
والله تعالى أعلم .

2- جزاكم الله خيرا
اسماعيل محمد - مصر 04-11-2015 10:51 PM

هل هناك من أدلة ترتب لنا مشاهد يوم القيامة حتى تكتمل الصورة في ذهن القارئ....؟
جزاكم الله خيرا

1- عليكم بقراءة ...
أبو البراء محمد بن عبد المنعم آل علاوة - مصر 06-06-2015 11:25 AM

نوصي إخواننا بقراءة أبواب الشفاعة من كتاب الشريعة للآجُري.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 26/11/1446هـ - الساعة: 15:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب