• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
  •  
    البشارة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    حديث: لا نذر لابن آدم فيما لا يملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    خطبة: شهر ذي القعدة من الأشهر الحرم
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    تفسير سورة الكافرون
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (4)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من مائدة الفقه: السواك
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أهمية عمل القلب
    إبراهيم الدميجي
  •  
    أسوة حسنة (خطبة)
    أحمد بن علوان السهيمي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

من حقوق النبي على أتباعه .. محبته صلى الله عليه وسلم

د. محمد بن عبدالسلام

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/8/2013 ميلادي - 26/9/1434 هجري

الزيارات: 39659

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

من حقوق النبي على أتباعه

محبته - صلى الله عليه وسلم


حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - ومكانته عند أتباعه تقوم على أصول تشمَل الارتباط القلبي المؤثِّر في كل عملٍ للجوارح اللازمة له.

 

والأصل الثاني: محبته - صلى الله عليه وسلم:

فإن محبة رسول - صلى الله عليه وسلم - حقٌّ وأصل عظيم من أصول الدين.

 

وبواعث هذه المحبة تَنبثِق مما يلي:

1- أن محبته - صلى الله عليه وسلم - تابعة لمحبَّة الله تعالى:

ولنستمع إلى هذا الكلام النفيس لشيخ الإسلام ابن تيميَّة - رحمه الله - قال: "وليس للخَلْق محبَّة أعظم ولا أكمل ولا أتم من محبة المؤمنين لربهم، وليس في الوجود ما يستحق أن يُحبَّ لذاته من كلِّ وجه إلا الله تعالى، وكل ما يحب سواه فمحبته تَبَعٌ لحبِّه؛ فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم - إنما يُحَب لأجل الله، ويُطاع لأجل الله، ويُتَّبع لأجل الله؛ كما قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 31] [1].

 

ويقول الإمام ابن القيم - رحمه الله -:

"وكل محبة وتعظيم للبشر، فإنما تجوز تَبَعًا لمحبة الله وتعظيمه، كمحبته - صلى الله عليه وسلم - وتعظيمه؛ فإنها من تمام محبة مُرسِله وتعظيمه سبحانه؛ فإن أمته يحبونه لحبِّ الله، ويُعظِّمونه ويُجِلونه لإجلال الله له؛ فهي محبة لله من موجبات محبة الله، وكذلك محبة أهل العلم والإيمان، ومحبة الصحابة - رِضوان الله عليهم - وإجلالهم تابِعٌ لمحبة الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم [2].

 

2- أن محبَّته وتعظيمه - صلى الله عليه وسلم - من شروط إيمان العبد، بل الأمر كما قال ابن تيميَّة: قيام المدح والثناء عليه والتعظيم والتوقير له - صلى الله عليه وسلم - قيام الدين كله، وسقوط ذلك سقوط الدين كله[3].

 

3- أن محبته - صلى الله عليه وسلم - تنبعِث من شدة محبته لأمته - صلى الله عليه وسلم - وشفقته عليها ورحمته بها، قال تعالى: ﴿ لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، وكم كان يسأل الخير لأمته ويفرح بفضل الله عليها، وكم تحمَّل من مشاقِّ نشْر الدعوة وأذى المشركين بالقول والفعل، حتى أتمَّ الله تعالى به الدين، وأكمل به النعمة؛ فقد صحَّ أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تلا قول الله - عز وجل - في إبراهيم: ﴿ رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [إبراهيم: 36] الآية، وقال عيسي - عليه السلام -: ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118]، فرفع يديه وقال: ((اللهم أمتي أمتي، وبكى، فقال الله - عز وجل -: يا جبريل، اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فسَلْه: ما يُبكيك؟ فأتاه جبريل - عليه السلام - فسأله، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قال وهو أعلم، فقال الله: يا جبريل، اذهب إلى محمد فقل: إنا سنُرضيك في أمتِكَ ولا نسؤوك))[4].

 

وقد قال له الله تعالى: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [الشعراء: 3].

 

أي: إنه يكاد يقتُل نفسه - صلى الله عليه وسلم - حرصًا عليهم حتى يؤمنوا بالله تعالى.

 

وكما ذكرنا أن محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هي دليل الإيمان الصادق مصداقًا لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين))[5].

 

ولقد حبا الله تبارك وتعالى نبينا محمدًا - صلى الله عليه وسلم - من الخصائص الجميلة الجليَّة والصفات النبيلة والأخلاق الفضيلة ما كان داعيًا لكل مسلم أن يُجِله ويُعظِّمه بقلبه ولسانه وجوارحه.

 

وقد اختار الله تعالى لنبيه اسم (محمد) المُشتمِل على الحمد والثناء، فهو - صلى الله عليه وسلم - محمود عند الله تعالى، ومحمود عند ملائكته، ومحمود عند إخوانه من المرسلين - عليهم السلام - ومحمود عند الناس، وعند أهل الأرض كلهم، وإن كَفر به بعضهم؛ لأن صفاته محمودة عند كل ذي عقل، وإن كابَر وجحَد، فصدَق عليه وصْفه لنفسه حين قال - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا سيد ولدِ آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع))[6].

 

وقد أغاث الله تعالى به البشرية المُتخبِّطة في ظلمات الشرك والجهل والخرافة، فكشَف به الظُّلمة، وأذهَب الغمَّة، وأصلح الأمة.

 

ومما يُحمَد عليه - صلى الله عليه وسلم - ما جبَله الله من مكارم الأخلاق وكرائم الشيم - وقد أوردنا بعضها في الكتاب - فإن مَن نظَر في أخلاقة وشيمه علِم أنها خير أخلاق الخَلْق وأكرم شمائل الناس.

 

ومحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - منها الواجب ومنها الفضل:

ذكر ابن رجب الحنبلي أن محبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على درجتين:

الدرجة الأولى: فرْض؛ وهي المحبة التي تقتضي قَبُول ما جاء به الرسول - صلى الله عليه وسلم - من عند الله، وتَلقِّيه بالمحبة والرضا والتعظيم والتسليم، وعدم طلَب الهدى من غير طريقه بالكليَّة، ثم حُسْن الاتباع له فيما بلَغه عن ربه؛ ومن تصديقه في كل ما أَخبَر به، وطاعته - صلى الله عليه وسلم - فيما أمر به من الواجباتِ، والانتهاء عما نهى عنه من المحرَّمات، ونُصرة دينه، والجهاد لمن خالَفه بحسَب القدرة، فهذا القَدْر لا بد منه، ولا يتم الإيمان بدونه.

 

والدرجة الثانية: فضل؛ وهي المحبة التي تقتضي حُسْن التأسي به - صلى الله عليه وسلم - وتحقيق الاقتداء بسنته وأخلاقه، وآدابه، ونوافله، وتَطوُّعاته، وأكله وشربه، ولِباسه، وحُسْن معاشرته لأزواجه، وغير ذلك من آدابه الكاملة، وأخلاقه الطاهرة[7].

 

وعلى هذا، فمحبة النبي - صلى الله عليه وسلم - فرضٌ من حيث الأصل، وأصل عظيم من أصول الدين.

 

قال الله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24].

 

قال القاضي عياض في شرح الآية:

فكفى بهذا حضًّا وتنبيهًا ودَلالة وحُجَّة على إلزام محبته - صلى الله عليه وسلم - ووجوب فرْضها، وعِظم خطَرها، واستحقاقه لها - صلى الله عليه وسلم - إذ قرع الله من كان ماله وأهله وولده أحب إليه من الله ورسوله، وتَوعَّدهم بقوله تعالى: ﴿ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ ﴾ [التوبة: 24]، ثم فسَّقهم بتمام الآية، وأعلمهم أنهم ممن ضلَّ ولم يهده الله[8].

 

وقال تعالى: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6]، وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ما من مؤمن إلا وأنا أَوْلى الناس به في الدنيا والآخرة، اقرؤوا إن شئتم: ﴿ النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ﴾ [الأحزاب: 6])) [9].

 

وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا أَوْلى بكل مؤمن من نفسه))[10].

 

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من والده وولَده والناس أجمعين))[11].

 

وعن عبدالله بن هشام - رضي الله عنه - قال: كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال له عمر: يا رسول الله، لأنت أحبُّ إليَّ من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((لا والذي نفسي بيده، حتى أكون أحب إليك من نفْسك))، فقال له عمر: ((فإنه الآن والله لأنت أحب إليَّ من نفسي))، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((الآن يا عمر))[12].

 

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاثٌ من كنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحبَّ إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يُقذَف في النار))[13].

 

نماذج سامية في التعبير عن محبة النبي - صلى الله عليه وسلم -:

1- سئل علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: كيف كان حبكم لرسول الله - صلى الله عليه وسلم؟ قال: كان والله أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ[14].

 

2- وسأل أبو سفيان بن حرب - وهو على الشرك حين ذاك - واحدًا من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو زيد بن الدثنة - رضي الله عنه - حينما أخرجه أهل مكة من الحرام ليقتلوه - وقد كان أسيرًا عندهم-: أَنشُدك بالله يا زيد! أتحب أن محمدًا الآن عندنا مكانك تُضرب عنقُه وأنك في أهلك؟ قال: والله، ما أحب أن محمدًا الآن في مكانه الذي هو فيه تُصيبه شوكة تؤذيه، وإني جالِس في أهلي، فقال أبو سفيان: ما رأيتُ من الناس أحدًا يحب أحدًا كحبِّ أصحاب محمد محمدًا[15].

 

3- ويوم بدر قال سعد بن معاذ - رضي الله عنه -: يا نبي الله، ألا نبني لك عريشًا تكون فيه، ونعد عندك ركائبك، ثم نلقى عدوَّنا؛ فإن أعزنا الله وأَظهَرَنا على عدونا كان ذلك ما أحببْنا، وإن كانت الأخرى جلستَ على ركائبك، فلحِقن بمَن وراءنا من قومنا، فقد تخلَّف عنك أقوام نحن بأشد حبًّا لك منهم، ولو ظنوا أنك تلقى حربًا ما تخلَّفوا عنك، يمنعك الله بهم، ويُناصِحونك ويُجاهدون معك، فأثنى عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا، ودعا له بخير[16].

 

4- وعن أنس - رضي الله عنه - قال: لما كان يوم أحد حاص أهل المدينة حيصةً، قالوا: قُتِل محمد، حتى كَثُرت الصوارخ في ناحية المدينة؛ فخرجت امرأة من الأنصار متحزِّمة، فاستُقبِلت بابنها، وأبيها، وزوجها، وأخيها - أي: ماتوا جميعًا في القتال - لا أدري أيهم استُقبِلت به أولاً، فلما مرَّت على آخرهم قالت: مَن هذا؟ قالوا: أبوك، أخوك، زوجك، ابنك، وهي تقول: ما فعَل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ يقولون: أمامك، حتى دُفِعتْ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخذت بناحية ثوبه، ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، لا أبالي إذ سلِمتَ من عَطَبٍ[17]، وفي رواية قالت: كل مصيبة بعدك جَلَل[18].

 

5- ولقد حكَّم الصحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أنفسهم وأموالهم، فقالوا: هذه أموالنا بين يديك فاحكم فيها بما شئتَ، وهذه نفوسنا بين يديك، لو استعرضتَ بنا البحرَ، لخضناه نُقاتِل بين يديك ومن خلْفك وعن يمينك وعن شمالك[19].

 

6- وها هو عروة بن مسعود الثقفي - رضي الله عنه - يَصِف محبة أصحاب محمد لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك قبل إسلامه - قال: فوالله ما تنخَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نُخامةً إلا وقعتْ في كفِّ رجل منهم، فدَلَك بها وجهه وجِلْده، وإذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتِلون على وضوئه، وإذا تكلَّم خفَضوا أصواتهم عنده، وما يُحِدون إليه النظر تعظيمًا له[20].

 

7- وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: وما كان أحد أحب إلي من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أجلَّ في عيني منهم، وما كنت أُطيق أن أملأ عيني منه إجلالاً له، ولو سُئلتُ أن أصِفه ما أطقتُ؛ لأني لم أكن أملأ عيني منه - صلى الله عليه وسلم[21].

 

8- ولما نزل قول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ ﴾ [الحجرات: 2]، قال ابن الزبير - رضي الله عنه - فما كان عمر يُسمِع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذه الآية حتى يَستفهِمه [22].

 

9- وهذا مشهد وموقف سامٍ وعظيم وجامع يَرويه لنا البخاري عن عبدالله بن مسعود؛ ذلكم المشهد الذي اجتمع فيه المسلمون بقيادة نبيهم وهم مُقبِلون على غزوة ومعركة بدر الكبرى، وحيت تحوَّل الموقف من لقاء صغير إلى معركة كبيرة لم يستعدَّ لها المسلمون بما يجب، فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القائد الأعظم يجمع صحابتَه من المهاجرين والأنصار للتشاور ويقول لهم: ((أشيروا عليَّ))، فقام أبو بكر فقال وأحسَنَ، وقام عمر بن الخطاب فقال وأحسَن، ثم قام المقداد بن عمرو فقال: يا رسول الله، امضِ لما أراك الله فنحن معك، والله لا نقول لك كما قالت بنو إسرائيل لموسى: اذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما مقاتِلون، فوالذي بعثك بالحق! لو سِرتَ بنا إلى برك الغماد لجالدنا معك من دونه حتى نبلغه؛ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرًا ودعا له [23].

 

وهؤلاء الثلاثةُ من المهاجرين، والمهاجرون قلة في الجيش، والكثرة من الأنصار، ثم إن الأنصار قد بايعوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أن يمنعوه في ديارهم؛ أي: في المدينة، ولم يُبايعوا على الخروج معه خارجها.

 

ولذلك كرَّر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السؤال ليتعرَّف على قادة الأنصار، فقال: ((أشيروا عليَّ أيها الناس))، ففطِن سعد بن معاذ - رضي الله عنه - قائد الأنصار وحامل لوائهم فقال: والله، لكأنك تُريدنا يا رسول الله؟ قال: ((أجل))، قال: فقد آمنَّا بك فصدَّقناك وشهِدنا أن ما جئتَ به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامضِ يا رسول الله لما أردتَ، فوالذي بعثك بالحق، لو استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَه لخضناه معك ما تخلَّف منا رجلٌ واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا، إنا لصُبُر في الحرب، صُدُق في اللقاء، ولعل الله يُريك منا ما تَقَرُّ به عينك، فسِر بنا على بركة الله[24].

 

وفي رواية أخرى قال سعد بن معاذ: فاظعَن حيث شئتَ، وصِلْ حبلَ مَن شئتَ، واقطع حبل من شئت، وخذ من أموالنا ما شئتَ، وأعطنا ما شئتَ، وما أخذتَ منا كان أحب إلينا مما تركت، وما أمرتَ فيه من أمر فأمرُنا تَبَعٌ لأمرك، فوالله لئن سِرتَ حتى تبلغ البرك من غمدان لنسيرنَّ معك، والله لئن استعرضتَ بنا هذا البحر فخضتَه لخضناه معك[25]، فهذا مشهد ومَثلٌ يُجسِّد مدى الحب والفداء والإقدام من قِبَل - صلى الله عليه وسلم.

 

والخلاصة:

إن ما يَنتُج عن اعتقاد تفضيله - صلى الله عليه وسلم - واستشعار هيبته - صلى الله عليه وسلم - وجلالة قدْره - صلى الله عليه وسلم - وعظيم شأنه - صلى الله عليه وسلم - واستحضار محاسنه ومكانته ومنزلته - صلى الله عليه وسلم - يجعل القلب ذاكرًا لحقه ممتلئًا بحبه، والجوارح مُنفعلة باتباعه.



[1] مجموعة الفتاوي 10/649.

[2] جلاء الأفهام؛ لابن القيم 1/187.

[3] الصارم المسلول؛ لابن تيمية 1/219.

[4] رواه مسلم 202 من حديث عبدالله بن عمرو - رضي الله عنهما.

[5] رواه البخاري 15، ومسلم 44.

[6] رواه مسلم 2278 عن أبي هريرة - رضي الله عنه.

[7] انظر: "استنشاق نسيم الأنس من نفحات رياض القدس"؛ لابن رجب الحنبلي 34، 35.

[8] انظر: الشفا بتعريف حقوق المصطفى؛ للقاضي عياض 2/17.

[9] رواه البخاري 2399، ومسلم 1619.

[10] رواه مسلم 867 من حديث جابر - رضي الله عنه.

[11] رواه البخاري 14، ومسلم 44.

[12] رواه البخاري 6632.

[13] رواه البخاري 16، ومسلم 43.

[14] ذكره القاضي عياض في كتابه الشفا 2/25 - 1218 وقال: ذكره السيوطي في المناهل 138 ولم يخرجه.

[15] ذكره القاضي عياض في الشفا 2/26 1224، وعزاه إلى البيهقي في الدلائل 3/326.

[16] انظر: أسد الغابة 1/643 والبداية والنهاية 3/268.

[17] أخرجه الطبراني في الأوسط 7499، وأبو نعيم في الحلية 2/71.

[18] رواه البيهقي في الدلائل 3/32، والطبري في التاريخ 2/74 مرسلاً.

[19] رواه البخاري 3952 بنحوه مختصرًا عن المقداد - رضي الله عنه - والفقرة بتمامها ذَكَرها ابن القيم في روضة المحبِّين 238، 239، طبعة ابن رجب.

[20] رواه البخاري 2731، 2732.

[21] رواه مسلم 121.

[22] رواه البخاري 4845 عن أبي مليكة.

[23] رواه البخاري مختصرًا 3952، ونحوه مسلم 1779 من قول سعد بن معاذ - رضي الله عنه.

[24] البداية والنهاية 1/279، سيرة ابن كثير 2/392 وسيرة ابن هشام 3/162.

[25] ذكره بنحوه ابن كثير في البداية والنهاية 3/264.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من حقوق النبي على أتباعه .. الإيمان به - صلى الله عليه وسلم
  • من حقوق النبي على أتباعه .. اتباعه صلى الله عليه وسلم
  • من حقوق النبي على أتباعه .. النصرة والتعزيز والتوقير
  • حقوق النبي - صلى الله عليه وسلم - على أمته
  • معنى شهادة أن محمدا رسول الله وحقوقه صلى الله عليه وسلم على أمته
  • من حقوق النبي: محبة أصحابه وأهل بيته وأزواجه
  • خطبة عن حقوق النبي صلى الله عليه وسلم
  • ثواب وآثار محبة النبي صلى الله عليه وسلم
  • حقوق النبي المصطفى (1)

مختارات من الشبكة

  • في حقوق الأخوة من النسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • بريطانيا: استبيان لمفوضية حقوق الإنسان عن حقوق المسلمين(مقالة - المسلمون في العالم)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • التبيان في بيان حقوق القرآن (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حقوق الطفل بعد الولادة .. حق المحبة والشفقة(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من حقوق النبي صلى الله عليه وسلم: الإيمان به ومحبته(مقالة - ملفات خاصة)
  • حق النبي صلى الله عليه وسلم على أمته (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تأكيد حقوق ولاة الأمر وشرح الحديث النبوي: "ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم"(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • خطبة: من أعظم حقوق الناس حق الجوار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الإسلام وحقوق المعاقين: دراسة فقهية في كيفية حماية حقوق المعاقين في المجتمعات الإسلامية وفق الشريعة(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 9:38
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب