• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    إلهام الله لعباده بألفاظ الدعاء والتوبة
    خالد محمد شيت الحيالي
  •  
    الإسلام يدعو لحرية التملك
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    تفسير قوله تعالى: ﴿ قد خلت من قبلكم سنن فسيروا في ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    تخريج حديث: جاءني جبريل، فقال: يا محمد، إذا توضأت ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    قصة الرجل الذي أمر بنيه بإحراقه (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    الإيمان بالقدر خيره وشره
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    الأمثال الكامنة في القرآن
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (6)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: السميع
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    سفيه لم يجد مسافها
    محمد تبركان
  •  
    ليس من الضروري
    د. سعد الله المحمدي
  •  
    خطبة: إذا أحبك الله
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    هل الخلافة وسيلة أم غاية؟
    إبراهيم الدميجي
  •  
    إساءة الفهم أم سوء القصد؟ تفنيد شبهة الطعن في ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    تعظيم شعائر الله (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    كثرة أسماء القرآن وأوصافه
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم قرآن
علامة باركود

إنهم فتية!

بثينة أحمد جمعة الشيدي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/7/2013 ميلادي - 12/9/1434 هجري

الزيارات: 19537

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إنهم فتية!

 

"إنني أؤمنُ بقوةِ المعرفةِ، أؤمنُ بقوةِ الثقافةِ، ولكنّي أؤمنُ أكثرَ بقوةِ التّربيةِ".

 

لاْ يكادُ يبلغُ العاشرةَ منْ عمرهِ حتى يحدثَ انقلابًا في مملكةَ شخصيتهِ الّتي لطالما اُحتضنتْ بالتدليلِ والسِّدانةِ؛ فهو يطالبُ بالحريةِ وينعتُ أيّ نقاشٍ بالتّدخلِ في خصوصياتهِ، فيقابلهُ بتيّارِ عارمِ من الانفعالاتِ الغاضبةِ التي تنبئُ أنّ منحَ الاستقلالِ فريضةُ عينٍ على الوالدينِ الذيْنِ أمسيا في لحظةِ انبهارِ تفضي إلى واحدِ من ثلاثةِ: هاكَ حريتكَ غيرَ مشروطةٍ، أو سلوككَ مَحوجٌ إلى قمعٍ لنسيطرَ على عاصفتكَ الهوجاءَ، أو هلُمَّ بنيَّ لنفهمكَ معًا!

 

وتلكَ السبلُ جميعها - في كثيرٍ من َ الأحايينِ - مجردُ انطلاقاتٍ من مفهومِ التربيةِ الذي رسمناهُ نحنُ المربين - من خبراتِ مرورنَا بالمرحلةِ نفسها منْ تاريخِ حياتِنا، متجاهلينَ في الانِ ذاتهِ أنْ لا بدَّ من تفاعلٍ معَ مقتضياتِ هذه المرحلة مبنيٍّ على قاعدةٍ راسخةِ من التوجيهِ الربانيِّ، تفاعل مستخلصٍ من السلوكِ النبويِّ الذي يشكّلُ الأنموذجَ الأرقى لتربيةِ الإنسانِ الخليفةِ، الإنسانِ الذي يحققُ إرادةَ اللهِ لهُ على نحوٍ منَ الاتزان النفسيّ، والرضا عن الذّاتِ، والانصرافِ إلى الإعمارِ منِ غير تضييعٍ للأزمانِ ولا الأثمانِ ولا الكيانِ.

 

وما الصيحاتُ الواهيةُ التي تنادي بوجودِ مرحلةٍ أسمتها بـ"المراهقةِ" إلا محاولاتٌ يتضاءلُ جرمُها المهتوتُ أمامَ النماذجِ الخالدةِ سيرُها والتي أنجزتْ لأممها آمالها حقيقةً رأيَ العينِ في سنًّ تأرجحتْ بينَ عشرٍ وعشرينَ سنةٍ، فهل كانوا بِدَعَا منَ البشرِ أو كانوا خرقَا لسننِ الله في العالمينَ؟.

 

وتأتيْ هذه الوريقاتُ لتزيلَ الوهمَ المنسدلَ بخيوطٍ معنْكبةِ، بأنوارٍ من شمسِ محمدِ.

 

وفي تعبٍ من يحسدُ الشمسَ ضوءَها
ويعجزُ أن يأتي لها بضريبِ!

 

سائلين المولى القديرِ أن يجعل نوايانا إلى الله المطايا، وأن يجعلَ جهدنا أذانًا نرفعُه فيبلّغه بقوته؛ إنه اهل ذلك والقادر عليه - سبحانه.

 

1- المعاني اللغوية لهذه المرحلة وتسمياتها وورودها في القرآن الكريم:

أطلق على هذه المرحلة تسميات متعددة كان أبرزها مرحلة: المراهقة، والفتوة، والشباب؛ فكان لزامًا أن نبحث عن معانيها المعجمية بحثا يصل بنا إلى التسمية الأحق إطلاقا تبعا للمعنى الأصدق لصوقا بها.

 

وبالرجوع إلى معجم لسان العرب والقاموس المحيط نجد المعاني التالية:

1- رَهِقَهُ، كفرِحَ: غَشِيَهُ ولَحقَهُ، أو دَنَا منه، سَواءٌ أخَذَهُ أوْ لَمْ يأخُذْهُ.

 

والرَّهَقُ، مُحرَّكةً: السَّفَهُ، والنَّوْكُ، والخِفَّةُ، ورُكوبُ الشَّرِّ والظُّلْمِ، وغِشْيانُ المَحارِمِ.

 

واسمٌ مِنَ الإِرْهاقِ، وهو: أن تَحْمِلَ الإِنْسانَ على ما لا يُطيقُه.

 

و=: الكَذِبُ، والعَجَلَةُ،

 

وراهَقَ الغُلامُ: قَارَبَ الحُلُمَ.

 

ودَخَلَ مَكَّةَ مُراهِقًا: مُقارِبًا لآِخِرِ الوَقْتِ حتى كادَ يَفوتُهُ التَّعْريفُ.

 

2- فتا:

الفتاء: الشَّباب.

 

والفَتى والفَتِيَّةُ: الشابُّ والشابَّةُ، والفعل فَتُوَ يَفْتُو فَتاء.

 

ويقال: افْعَلْ ذلك في فَتائِه.

 

وفُتّيَت الجارية تَفْتِيةً: مُنِعت من اللعب مع الصِّبيان والعَدْو معهم وخُدِّرت وسُتِرت في البيت. التهذيب: يقال تَفَتَّتِ الجارية إذاراهَقت فخُدِّرت ومُنعت من اللعب مع الصبيان.

 

وقوله عز وجل: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [النساء: 25]؛ المُحصناتُ: الحرائر، والفَتَياتُ: الإِماء.وقوله عز وجل: ﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ﴾ [يوسف: 36]؛ جائز أَن يكونا حَدَثين أَو شيخين لأَنهم كانوا يسمون المملوك فَتًى. الجوهري: الفَتى السخيّ الكريم.

 

3- شبب:

الشَّباب: الفَتاء والحداثةُ. شبَّ يشِبُّ شبابًا وشبيبةً.

 

وفي حديث شريح: تجوزُ شهادةُ الصِّبيان على الكبار يُسْتشَبُّون أَي يُسْتشْهَدُ من شبَّ منهم وكَبر إِذا بَلَغ، كأَنه يقول: إِذا تحمَّلوها في الصِّبا، وأَدَّوْها في الكِبر، جاز.

 

والاسم الشَّبيبةُ، وهو خِلافُ الشَّيبِ.

 

و الشباب: جمع شابٍّ، وكذلك الشُّبان. الأَصمعي: شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَبابًا وشُبوبًا وشَبِـيبًا، وأَشَبَّه اللّهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه، والقَرْنُ زيادة في الكلام؛ ورجل شابٌّ، والجمع شُبَّانٌ؛ سيبويه: أُجري مجرى الاسم، نحو حاجِرٍ وحُجْرانٍ؛ والشَّبابُ اسم للجمع؛ قال: ولقد غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ، * ومَعِـي شَبابٌ، كُـلُّهُمْ أَخْيَل وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ. زعم الخليل أَنه سمع أَعرابيًا فَصيحًا يقول: إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ، فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ.

 

2- ورود اللفظات الثلاث في النص القرآني

رهق:

1. سورة يونس:

﴿ لَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئَاتِ جَزَاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِهَا وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ مَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عَاصِمٍ ﴾ [يونس: 26، 27].

 

2. سورة الجن:

﴿ وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا ﴾ [الجن: 6].

 

﴿ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا ﴾ [الجن: 13].

 

3. سورة الكهف:

﴿ قَالَ لَا تُؤَاخِذْنِي بِمَا نَسِيتُ وَلَا تُرْهِقْنِي مِنْ أَمْرِي عُسْرًا ﴾ [الكهف: 73].

 

﴿ وَأَمَّا الْغُلَامُ فَكَانَ أَبَوَاهُ مُؤْمِنَيْنِ فَخَشِينَا أَنْ يُرْهِقَهُمَا طُغْيَانًا وَكُفْرًا ﴾ [الكهف: 80].

 

4.سورة القلم وسورة الحاقة:

﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ ﴾ [القلم: 43].

 

5. سورة المعارج، سورة نوح:

﴿ خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَانُوا يُوعَدُونَ ﴾ [المعارج: 44].

 

6. سورة المدثر:

﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُودًا ﴾ [المدثر: 17].

 

7. سورة عبس:

﴿ تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ ﴾ [عبس: 41].

 

ونستخلص من الآيات الكريمة المذكورة أن معنى رهق في القرآن ورد في معاني: لحقه وغشيه، ولم يرتبط أيٌّ منها بما يخص تحديد مدة ما من مراحل نمو الآدمي.

 

فتأ:

1. سورة الأنبياء:

﴿ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ ﴾ [الأنبياء: 60].

 

2. سورة الكهف:

﴿ إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً ﴾ [الكهف: 10].

 

﴿ نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ نَبَأَهُمْ بِالْحَقِّ إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى ﴾[الكهف: 13].

 

3. سورة النساء:

﴿ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ﴾ [النساء: 25].

 

4. سورة يوسف:

﴿ وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ فَتَيَانِ ﴾ [يوسف: 36].

 

5. سورة النور:

﴿ وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا ﴾ [النور: 33].

 

• ونستخلص من الآيات البينات أن كلمة فتى وردت في القرآن مفردة ومثناة ومجموعة وكلها وقعت في معنى الشباب أو المملوك.

 

شبّ:

فلم ترد هذه اللفظة قط في القرآن ولا أي من تصاريفها.

 

• ومن هنا سنطلق على هذه المرحلة (مرحلة الفتوة)

 

• الفتية والمربون يتصارعون!

 

ما أن يدخل الأبناء مرحلة الفتوة حتى تطفو الصراعات والتناقضات بينهم وبين آبائهم بناءً على العلاقات القائمة بينهم، وهذه الصراعات يمكن تلخيص أسبابها بالتالي:

• التدليل الزائد: المحبة تولد الشعور بالطمأنينة وتخلق جوا للاستقلال التدريجي أما الإفراط في التدليل يفضي إلى سوء التوافق وضعف الشخصية، وعدم تمكن الفتى من الاعتماد على نفسه فيما بعد.

 

• الضغط الزائد: الانصراف إلى الابن بالضرب أو العدوان اللفظي أو الفعلي قد يدفع به إلى التمرد والثورة على السلطة وهذه الثورة تدخله في صراع مسبب له عدم التكيف.

 

• الإهمال: وتتضح صوره في شكلين هما: الانطواء والعدوان، تعويضا عن الإهمال.

 

• التأرجح: وهو أخطر اتجاهات التعامل مع الفتيان فهو يؤدي إلى تفكك شخصيتهم وتناقضها وتمزقها.

 

وهذا كله ناتج عن سوء فهم لهذه المرحلة من العمر وحاجات الأفراد فيها تربويًّا ونفسيًّا.

 

تعريف المرحلة:

نفسا: " مرحلة الانتقال من مرحل الطفولة إلى مرحلة الرشد والنضج، وتمتد في العقد الثاني من حياة الفرد من الثالثة عشرة إلى التاسعة عشرة تقريبا أو قبل ذلك بعام أو عامين أو بعد ذلك بعام أو عامين (أي ما بين 11- 21سنة) (محمد،2008)، ويصحبها عدد من التغيرات تتمثل في صورتين رئيستين تندرج تحتها بقية التغيرات تتمثل في:

1- النمو الجسمي:

إن جسد الفتى يواجه عملية تحوّل كاملة في وزنه وجسمه وشكله وكذلك في الأنسجة والأجهزة الداخلية، وفي الهيكل والأعضاء الخارجية، وهذه التغيرات الجسمية السريعة تكون نتيجتها تشكّل مزاج جديد للفرد في مرحلة الفتوة؛ فإفرازات الغدد الهرمونية في الجسم ونشاطها المتزايد في هذه المرحلة يتسببان بصورة مباشرة في إزالة التعادل النفسي الذي يرافق مرحلة الطفولة.

 

2- التغيرات النفسية:

النمو الجسمي ينشأ عنه طاقات واستعدادات وقدرات تتفاعل فيما بينها مشكلة شخصية الفتى، فيكون الفرد في مرحلة حرج نفسي، تتمثل صورته الرئيسة في:

• الإرادة: فقد يتجه الفتى أحيانا إلى خلق المشاكل دون تفكير في العواقب ليضع نفسه في مواجهتها ويثبت بالتالي للمحيط بأنه أصبح يمتلك إرادة قوية لاسيما إذا كانت المشكلات من النوع الذي يستطيع حلها بهدف الوصول إلى الإحساس بالفخر والقوة والبهجة.

 

•الاستقلال: ويتبع الانتقال من الطفولة إلى الرجولة انتقال من الاعتماد على الاخر إلى الاعتماد على الذات ولهذا الاستقلال جانبان: الجانب الاجتماعي: وفيه يتطلع الفتى إلى تبوء مركز مسؤول في مجتمعه وإلى التخلص من تطفله الاقتصادي على والديه وقد تأخذ هذه الناحية شكلا معقدا وتصبح أحد محاور القلق عند الفتية، فهو قلق على مستقبله وتأمينه. والجانب الثاني يتمثل في: الجانب الوجداني العاطفي، وفيه يسعى الفتى إلى التخلص من التعلق الطفلي بالأبوين ويرغب فيه بالتحرر العاطفي عنهما وفي تكوين شخصيته وأن يبت في أموره بنفسه.

 

دور الأسرة في تكوين شخصية الفرد الفتى:

أكدت مجموعة من الدراسات على وجود اتجاهات أسرية في تربية الفرد الفتى تنقسم إلى:

الاتجاه النابذ: ويكون الأب في هذا الاتجاه دائم العدوان لا يبدي المحبة ولا يتفق بالرأي مع أولاده، ويكون بينه وبينهم تباعد عاطفي، والبيت الذي يكون هذا اتجاهه يفتقد لحرارة العلاقات الاجتماعية، ويكون مجالا للصراع، وفي مثل هذا الجو لا يشعر الفتى بالتقدير لرأيه ولأفكاره أو يقابل بالاستهجان والسخرية أو بالرفض إن هو أبدى رأيه لكونه في نظرهم ما يزال طفلا. وهذا الجو الأسري يعطي الفتى أنه فرد غير مرغوب فيه، ونتيجة لذلك يسعى الفتى إلى الوجود لساعات طوال خارج البيت يتتبع خلالها حاجاته إلى الحنان والاهتمام المفقوديْن ويحاول العثور على جماعة الرفاق أو قد يدفعه ذلك إلى الانحراف وقليل من المراهقين من يدفعهم هذا الجو إلى الاعتماد على أنفسهم واستقلالهم، إذا ما أتيح لهم أناس يعوضونهم حاجاتهم المفقودة. وتكون في الغالب شخصية الفتى الناشئ في هذا الجو الأسري شخصية تعاني سوء التكيف والتي من مظاهرها: الثورة الصريحة ومعاندة الأب وتحطيم أدوات المنزل، أو الانسحاب والانطواء الذي يأخذ شكل الاعتماد على النفس والجد والتحصيل والاستغراق في أحلام اليقظة وقراءة الكتب الدينية، وبالطبع فإن الاعتماد على النفس المبني على الاهمال والنبذ يأخذ مسارات أخرى عن ذلك الاعتماد المبني على المحبة والتقبل من قبل الوالدين.

 

الاتجاه نحو التقبل: جو أسري يسوده حسن التوافق بين الآباء والأبناء وتسوده العاطفة الحارة والدفء والتقبل الواضح والأسلوب الديموقراطي واحترام شخصية الفتى ورأيه وتفكيره، كل هذا يقود إلى فتوة هادئة متكيفة تخلو من الانفعالات والتوترات العاطفية خالية من الإسراف في أحلام اليقظة والانزواء، والشكوك الدينية والتمرد والفشل الدراسي.

 

الاتجاه المتأرجح: فهو تارة يتسم بالشدة والضغط وتارة أخرى باللين والخضوع والتساهل الزائد، وهذا الاتجاه ينتج لنا فتى فاقدا الثقة بنفسه وفاقدا الاتزان الانفعالي والاتساق العاطفي فيكون سيء التكيف مع نفسه ومع الآخرين وكذلك يعاني من مشكلات دراسية، وغير ذلك من صور الصراع في السلوك التي قد تفضي به إلى الانحراف والسلوك الشاذ.

 

زنوا أنفسكم قبل أن تستخفوا فتيانكم!

تربية الأبناء، ذلكم الجهد العظيم الذي إن لم ينبثق من دراية وعلم وفهم عميق لمسؤولياته وتكاليفه وتشعباته سيتطاير تطاير الهشيم في أنسام الرياح؛ فيغدو المربون حينها كمن يقلب كفيه على ما أنفق فيها وهي خاوية على عروشها!، وقد صدق علي بن أبي طالب حينما قال شعرا:

حرّض بنيك على الآداب في الصغر كيما تقرّ بهم عيناك في الكبر

فإنما مثل الآداب تجمعها في عنفوان الصبا كالنقش في الحجر

هي الكنوز التي تنمو ذخائرها ولا يُخاف عليها حادث الغير،

 

فطبيعة العلاقة بين المربي والمربى يجب أن تكون:

• قائمة على فهم عميق دقيق لنفسية المربى، فعن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال: إِنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا. فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ فَزَجَرُوهُ وَقَالُوا: مَهْ مَهْ. فَقَالَ: "ادْنُهْ". فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: "أَتُحِبُّهُ لأُمِّكَ؟" قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: "وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأُمَّهَاتِهِمْ". قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لابْنَتِكَ؟" قَالَ: لا. وَاللهِ يَا رَسُولَ اللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: "وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ". قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لأُخْتِكَ؟" قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: "وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لأَخَوَاتِهِمْ". قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟" قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: "وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ". قَالَ: "أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟" قَالَ: لا. وَاللهِ جَعَلَنِي اللهُ فِدَاءَكَ. قَالَ: "وَلا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالاتِهِمْ". قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: "اللهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ". قَالَ: فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إلى شَيْءٍ.

 

• إنسانية قائمة على المحبة.

 

• فعن أبي سليمان مالك بن الحويرث - رضي الله عنه - قال: أتينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن شبيبة متقاربون، فأقمنا عنده عشرين ليلة، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنا رحيمًا رفيقًا، فظن أن قد اشتقنا أهلينا فسألنا عمن تركنا من أهلنا، فأخبرناه فقال: (ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلّموهم وبروهم وصلوا كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، وصلوا كذا في حين كذا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن فيكم أحدكم وليؤمكم أكبركم).

 

• علاقة ايجابية بناءة تحمل روح الرعاية الأبوية والإرشاد الأخوي؛ فعَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدٍ أَنَّ أَبَاهُ زَيْدًا أَخْبَرَهُ أَنَّهُ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ - صلى الله عليه وسلم - الْمَدِينَةَ، قَالَ زَيْدٌ: ذُهِبَ بِي إلى النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - فَأُعْجِبَ بِي. فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا غُلامٌ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ مَعَهُ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ بِضْعَ عَشْرَةَ سُورَةً. فَأَعْجَبَ ذَلِكَ النَّبِيَّ وَقَالَ: "يَا زَيْدُ تَعَلَّمْ لِي كِتَابَ يَهُودَ، فَإِنِّي وَاللَّهِ مَا آمَنُ يَهُودَ عَلَى كِتَابِي". قَالَ زَيْدٌ: فَتَعَلَّمْتُ كِتَابَهُمْ مَا مَرَّتْ بِي خَمْسَ عَشْرَةَ لَيْلَةً حَتَّى حَذَقْتُهُ، وَكُنْتُ أَقْرَأُ لَهُ كُتُبَهُمْ إِذَا كَتَبُوا إِلَيْهِ، وَأُجِيبُ عَنْهُ إِذَا كَتَبَ.

 

متجددة نشطة فالجمود يفقدها الحيوية:

• فعن جابر بن عبدالله قال: أُصِيبَ أَبِي يَوْمَ أُحُدٍ فَجَعَلْتُ أَكْشِفُ الثَّوْبَ عَنْ وَجْهِهِ وَأَبْكِي، وَجَعَلُوا يَنْهَوْنَنِي وَرَسُولُ اللَّهِ لا يَنْهَانِي. قَالَ: وَجَعَلَتْ فَاطِمَةُ بِنْتُ عَمْرٍو تَبْكِيهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "تَبْكِيهِ أَوْ لا تَبْكِيهِ مَا زَالَتْ الْمَلائِكَةُ تُظِلُّهُ بِأَجْنِحَتِهَا حَتَّى رَفَعْتُمُوهُ".

 

• فبمثل هذا القول واساهم عليه الصلاة والسلام؛ ليخفف من حزنهم بينما تركهم قبل ذلك يفرغون مخزون الحزن من نفوسهم، فهو معهم في قضايهم المتجددة وأحداث حياتهم المتعددة.

 

شاملة لمجالات حياة المُربي وجوانب نفسيته المتعددة:

• وفي الحديث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ انْطَلَقَ يَخْطُبُ عَلَى فَتَاهُ زَيْدِ بْنِ حَارِثَةَ، فَدَخَلَ عَلَى زَيْنَبَ بِنْتِ جَحْشٍ الأَسَدِيَّةِ فَخَطَبَهَا، فَقَالَتْ: لَسْتُ بِنَاكِحَتِهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ: "فَانْكِحِيهِ". فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُؤَامِرُ فِي نَفْسِي. فَبَيْنَمَا هُمَا يَتَحَدَّثَانِ أَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ عَلَى رَسُولِهِ: ﴿ وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ ﴾ [الأحزاب: 36] إلى قَوْلِهِ: ﴿ ضَلَالًا مُبِينًا ﴾ [الأحزاب: 36]. قَالَتْ: قَدْ رَضِيتَهُ لِي يَا رَسُولَ اللَّهِ مُنْكِحًا؟ قَالَ: "نَعَمْ". قَالَتْ: إِذَنْ لاَ أَعْصِي رَسُولَ اللَّهِ، قَدْ أَنْكَحْتُهُ نَفْسِي.

 

• فالرسول العظيم حاضر في تربية الفتيان في مشاكلهم ليحلها، انحرافاتهم ليعالجها، أمنياتهم ليحققها، رغباتهم ليلبيها، كل هذا بقلب حنون وأذن صاغية، وإجراءات تنفيذية إيجابية.

 

أما صفات المربي:

فيمكن ان نوجزها بعبارة واحدة وهي: "يجب أن يتمتع بفطرة سليمة" مصداقا لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه)، ويمكن أن نوجز الصفات الرئيسة بالاتي:

• أن يشعر الابن أن مربيه أكبر منه وأنه في موقف الآخذ المتلقي.

 

• أن يشعر أن عند مربيه ما يقدمه له.

 

• أن يكون المربي حسن العطاء.

 

• أن يكون المربي مقدرا لمكانة التربية.

 

• أن يكون المربي قادرا على المتابعة والتوجيه.

 

• أن يتعهد المربي نفسه بالتربية الذاتية.

 

ويدخل تحت هذه الصفات ما لا يحصى من القواعد والأساليب.

 

ولك في حياة رسول الله الكريم وسيرته كلها قولاً وفعلاً ما لا يعد ولا يحصى من أمثلة على هذه الصفات.

 

التكوين السليم بين فهم الطبيعة، وتوفير الحاجة:

إن إخراج أبناء يتسمون بالاستقرار النفسي والاتزان الروحي والتفجر الإبداعي - في مرحلة عمرية شوهت بإلصاقها بالاضطراب والانحراف والتمرد، والتعاطي معها بشيء من ردود الفعل السلبية المتمثلة في العنف و التحرر المطلق من القيم الفاضلة والمبادئ الراقية والمعتقدات السليمة- ليس بالشيء المحال ولا ضربا من خيال، بل هو جهد له قطبان أساسيان إن ووزن بينهما حققنا لمعادلة مرحلة الفتوة ثباتها، وهذان القطبان هما: فهم طبيعة المرحلة، وتوفير حاجات الفتيان فيها، وسنتناولهما بشيء من التفصيل غير الممل، والإيجاز غير المخل - إن شاء الله.

 

أولاً: الطبيعة الفعلية للمرحلة، وتنقسم إلى:

1. الانفعالات السلبية الطبيعية:

• رهافة الحس: فالفتى يكون سهل الاستثارة فهو يثور لأتفه الأسباب ويكون سريع الشعور بالحزن والإحباط وخيبة الأمل، ويتحسس كثيرًا من النقد والنصح فهو بمنزلة الإهانة له عنده.

 

• عن أسامة بن زيد - رضي الله عنه وعن أبيه - قال: بعثنا" بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى الحرقة من جهينة فصبحنا القوم فهزمناهم ولحقت أنا ورجل من الأنصار رجلاً منهم فلما غشيناه قال: لا إله إلا الله، فكف عنه الأنصاري وطعنته برمحي حتى قتلته، قال: فلما قدمنا بلغ ذلك النبي فقال: (يا أسامة، أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله!) قال: قلت: يا رسول الله، قالها متعوذًا، فقال: (أقتلته بعدما قال لا إله إلا الله!، قال: " فما زال يكررها عليّ حتى تمنيت أني لم أكن أسلمت قبل ذلك اليوم".

 

• فالمدقق في هذا الموقف يلاحظ استثارة الجهاد وقتل العدو لأسامة الذي لم يتجاوز العشرين عاما حتى يقتل رجلا شهدا بلا إله إلا الله، على الرغم من كف صاحبه الأنصاري عن الرجل بعد نطقه بالشهادة، ثم يستقرئ خيبة أمل أسامة وشدة حساسيته اتجاه تصرفه بعد تأنيب الرسول المعلم له.

 

• الحدة الانفعالية: فنتيجة النمو الجسدي المتسارع الذي يقترن بضآلة الخبرة الحياتية يصبح الفتى ثوريا ولا تتسق انفعالاته مع حجم الدوافع المثيرة لها، فيكون محتاج إلى تغاضي المربين، فستجد الفتيان يحبون الكلام بصوت مرتفع والصراخ وركل الأثاث والدفع القوي للأبواب التي لا بد من مقابلتها بالتجاهل الذي يفضي بهم إلى الانحسار إلى حالة من الهدوء فيعبرون عن مشاعرهم بكلمات لا ثورات!.

 

• وقد فطن رسول الله لشباب الصحابة ونزعاتهم فهذبها بالرفق واللين، فعن خريم بن فاتك الأسدي قال: قال لي رسول الله -صلى اله عليه وسلم-: (نعم الرجل أنت يا خريم لولا خلتان فيك)، قلت: " وما هما يا رسول الله؟"، قال:( إسبال إزارك وإرخاؤك شعرك). فانظر بدء الرسول الكريم بالثناء الذي أعقبه بالاستثناء، فتعقبه الاستجابة المرجوة بالتخلص من الخلتين اللتين تقللان من تمام رجولته.

 

• التناقض والتقلب: فتجده بين سلوك الطفل وتصرف الكبير؛ فهو متذبذب بين الفرح والحزن والحماس والإحباط والأمل والتشاؤم والجرأة والخوف والتدين والتسيب والانعزال والاجتماعية.

 

• المشاعر الوهمية: فهو يشعر أنه لا احد في هذا العالم يحبه، يهتم به، يسعى لحل مشكلاته، يسانده في تحقيق آماله، وكلها مشاعر مختلقة تولد من رحم الضغوطات التي تواجهه داخليا وخارجيا.

 

• المثالية: الواقع يقول: "الشقاء هو الصورة المثلى للحياة الدنيا، والخير هو حالة الاستثناء النادرة الحصول فيها"، والفتيان يرون أن "العالم لا يسعهم إلا إذا غيروه بأيديهم ليصبح العالم الفاضل الذي يليق بهم العيش فيه"، فتراهم ينشدون إلى القيم السامية مثل الحق والعدالة والشهامة والفضيلة والنضال، وإن كانت سلوكاتهم مناقضة لما يدعون، وكلما تقدمت سنهم وجدتهم يتعاملون مع المثالية بآليات وتفهم أكثر منطقية.

 

• عن عبدالرحمن بن عوف قال: " بينما أنا في الصف يوم بدر إذ التفت عن يميني وعن يساري فإذا فتيان حديثا السن فقال لي أحدهما سرا من صاحبه: يا عم، أرني أبا جها، فقلت: يا ابن أخي، وما تصنع به؟، قال: عاهدت الله إن رأيته أن أقتله أو أموت دونه. فقال لي الآخر سرا من صاحبه مثله. فما سرني أني بين رجلين مكانهما. فأشرت لهما إليه فشدا عليه مثل الصقرين حتى ضرباه".

 

• الغيرة: فتكثر في هذه المرحلة مقارنة الذات بالآخر من إخوة وأتراب، مقارنة تتولد من عدم القناعة بالذات وضعف الثقة بالنفس، فيترجمونها بالنقد اللاذع أو الهجوم الكلامي أو المشاجرة او العناد او التمرد، والاعتداء اليدوي. وسهم هذه الغيرة في توليد روح المنافسة بين الفتيان، المنافسة الحادة البناءة أو الهدامة، فأما الأولى فتكون في صورة تفوق دراسي وتحديات رياضية واستغلال أمثل للمواهب والطاقات، وأما الثانية فترسم في هيئة خوف وخجل وإحساس بالإثم والظلم، وتنمية للأنانية التي تؤدي إلى الاعتداء وحب الانتقام.

 

• فقد أتاح الرسول الكريم لفتيان الصحابة التعبير عن غيرتهم ليوجهها التوجيه الذي يربي شخصياتهم ومن ذلك إتاحته - صلى الله عليه وسلم - لسمرة بن جندب ورافع بن خديج - رضي الله عنهما - وهما ابنا الخامسة عشر الفرصة في المشاركة بعد أن ردهما ثم أجاز رافعا لأنه كان راميًا، فقال سمرة: " يا رسول الله، لقد أجزت رافعا ولو صارعته لصرعته!" فقال الرسول العظيم: (فدونكه). فصارعه فصرعه سمرة فأجازه.

 

• الغضب: وهو الانفعال اللاكثر شيوعا في مرحلة الفتوة، وينتهي بإحدى الحالين: تبرم وبكاء أو عنف واستياء.

 

• وقد روى أنس قال: " قال أناس من الأنصار حين أفاء الله على رسوله - صلى الله عليه وسلم - ما أفاء من أموال هوزان فطفق النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي رجالاً المائة ناقة، فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم. فحزن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمقالتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يدع معهم غيرهم، فلما اجتمعوا قام النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: (ما حديث بلغني عنكم؟) فقال فقهاء الأنصار: أما رؤساؤنا فلم يقولوا شيئا، وأما ناس منا حديثة أسنانهم فقالوا: يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعطي قريشًا وسيوفنا تقطر من دمائهم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: (فإني أعطي رجالا حديثي عهد بكفر أتالفهم،، أما ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون بالنبي إلى رحالكم، فوالله لما تنقلبون به خير مما ينقلبون به).

 

• فانظر كيف تعامل الرسول الكريم مع استيائهم وغضبهم بإقناع جعلهم يرضون بفعله ويبكون على مقولتهم فيه - صلوات الله عليه وسلامه.

 

• القلق والخوف: تتسع دائرة المخاوف في مرحلة الفتوة لتشمل العلاقات الوالدية والصداقات وإزاء بعض الموضوعات الدينية والصحية والدراسية كما قد يحتفظون ببعض مخاوف الطفولة مثل الخوف من الظلام واالوحدة ونحوهما مما يجعل التوتر والقلق ملازما لشخصياتهم في أغلب الأحيان.

 

• أحلام اليقظة: وهي في جوهرها رحمة من الله -سبحانه وتعالى- للإنسان في هذه المرحلة التي يكون فيها الطموح أكبر من القدرات، فيلجأ إليها الفتى ليحقق آماله ويهزم أعداءه ويسمع صوته للعالم الذي في واقعه الحقيقي غير مهتم به - في وجهة نظره -، ولا بد من تقليص وقت المراهقين بالأعمال النافعة والمشاركة الاجتماعية الفعالة في حل المشكلات وعدم السماح للفتيان بالغرق فيها وقطع العمر بها فينجرفون في منحدر نفسي خطير جدا يحوجهم فيما بعد إلى علاج نفسي ويجعل من شخصياتهم تحمل سمة الهروب من المشكلات والعجز عن مواجهتها والتقوقع في قبو الانطواء والعزلة الاجتماعية، فيصبحون شخصيات غير قادرة على التكيف مع الحياة.

 

2. السلوكات السلبية الطبيعية:

الرفض والتمرد:

إنها مرحلة النقد لكل شيء لمعلومات قرأها أو رأي والد أو فكرة لأم أو أمر معلم ومتمرد على هذا كله؛ ليتحرر من ماضيه وليرسم ملامح شخصيته وليثبتوا ذواتهم وليكسروا قيودنا المحكمة من الأوامر والنواهي وليختاروا لأنفسهم ما يريدون ولتكون ردة فعل عن كل ما عاملناهم في طفولتهم.

 

عن أنس بن مالك خادم رسول الله قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللَّهِ لا أَذْهَبُ. وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللَّهِ، فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ؛ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي. قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ فَقَالَ: "يَا أُنَيْسُ، أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟" قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ يَا رَسُولَ اللَّهِ.

 

العناد:

ولا يقابل العناد بمثله بل بالاقتراب منه والاهتمام به والمشاركة للمعاند في أنشطته المفضلة لتقليص مساحات الاختلاف وتوسيع حقول التوافق والسماح له أن يعبر عما يجول في خاطره وبناء جسور التفاهم وتوجيهه نحو توجيه طاقاته في برامج فعالة وممارسة مفهوم التعايش، ولا بد من ترك العبارات الاستفزازية مثل: أنت عنيد وفاشل ومتمرد، فنسهم بها في البرمجة السلبية لأبنائنا، وقد يظهر العناد في صورة مشكلات ومشاجرات يدخل فيها الفتى ليعاقب بها أسرته التي ما أحسنت احتضانه فينتقمون بتلك الأمور منهم.

 

الجدال:

يجادلون ليفرضوا لهم مكانا في أسرهم ومجتمعاتهم وليدافعوا عما يرونه حقوقهم وعن أفكارهم، والدخول مع الفتيان في جدالاتهم ينمي فيهم الثقة في آبائهم وغرس التوازن بين غرس التوازن بين اهتماماتهم وإشباعهم بخبراتنا.

 

العصبية:

وتأتي من رغبة الفتى في تحقيق مطالبه والحصول على احتياجاته ولو بالقوة والعنف وهذا تعبير غير ناضج كمشاعره، وقد تعود العصبية لأسباب وراثية أو بيئية.

 

عدم التآزر الحركي:

وهو اختلاف نسب نمو أعضاء جسم الفتى مما يفقده السيطرة على أداء حركاته ويجعلها غير محكمة إلى حد ما فيختل توازنه وتتعثر خطاه وتسقط أشياء من يديه فيسبب له الكثير من الخجل والضيق، وفي نهاية المرحلة ينتهي عدم التناسق، ويزداد الاتساق الحركي وتعلّم المهارات الحركية المعقدة.

 

الملل السريع واللامبالاة:

ويكون هذا ظاهرا في تأرجحهم بين عدد من الأنشطة التي سرعان ما يتوقفون عن إكمالها، فلا بد أن نجد لهم أنشطة جديدة نثير بها انتباههم ويجدون فيها الترفيه المناسب والتنقيب عن هواياتهم وتسهيل مما رستهم لها.

 

• الخمول: العمليات الفسيولوجية المتسارعة والنمو الملحوظ يجعل من الفتى يميل إلى شيء من التراخي.

 

التكاسل في العبادة:

فطبيعة شخصية الفتى تلعب دورا مهما في أدائه للعبادات سواء أكان تحمسيًا أم مقلدًا أم شكاكًا، فهو يريد أن يجسد الدين تبعا لشخصيته ووفقا لحالته المزاجية أكثر من صياغة حياته تبعًا لتعاليم دينه!

 

فقد يخالط الإيمان عند بعض الفتية وخاصة الذكور شك قد يصل بهم إلى مرحلة الإلحاد، وكل هذا ترجمة للرغبة في التحرر من كل قيود تربوية سابقة وصولا إلى الاستقلال، وبغية البحث والاستكشاف والتقصي، كل شيء يعامله بسؤالي: ماذا، ولماذا؟. فقد يسأل الفتيان: لماذا الإسلام هو الدين الحق، لماذا يرتبط الإيمان بجزاء الجنة والكفر بالنار على الرغم من كون أخلاق بعض الكفرة راقية وأفعالهم سليمة؟.

 

ثانيًا: حاجات الفتيان التي لا بد من تلبيتها:

التربية العقدية الصحيحة:

• إنها اللبنة الاولى والحاجة الملحة التي تبني الفتية وترسخ الإيمان وتضبط السلوك وتنظم الرغبات وتقيم الشخصية على نحو عال من الاتزان والاستقرار، فثمارها صدق التعلق بالله والاعتماد عليه، ومن أبلغها أبناءه فقد كُفي.

 

ومما ورد عن رسول الله مع الفتيان في هذا الشأن الكثير:

• فها هو معاذ بن جبل رديفًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيقول له: (يا معاذ ن جبل)، فيقول: "لبيك يا رسول الله وسعديك"، فيكررها - صلى الله عليه وسلم - ثلاثًا، فيقول له: (هل تدري ما حق الله على العباد؟)، فيقول: "الله ورسوله أعلم. فيجيبه: (حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئًا)، ثم قال: (أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟)، فيقول: الله ورسوله أعلم، فيجيبه: (ألا يعذبهم).

 

• وابتداؤه لعبدالله بن عباس بقوله: (يا غلام إني أعلمك كلمات، احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده اتجاهك إذا سألت فسأل الله وإن استعنت فاستعن بالله...).

 

• وعن عبدالله بن عمر -رضي الله عنه- قال: "مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي غزاري استرخاء، فقال: (يا عبدالله، ارفع إزارك)، فرفعته ثم قال: (زد) فزدت، فما زلت أتحراها بعد "، فقال بعض القوم: إلى أين؟، فقال:" أنصاف الساقين".

 

الحب:

• حاجة ضرورية للألفة وإزالة الكلفة ويدعو إلى التفاؤل ويشعر الفتى بقيمته.

 

• قوة علاجية لكثير من المشكلات.

 

• يهتم الفتيان بنوعين من الحب: الحب الوالدي، وحب الجنس الآخر.

 

• قضاء الوقت الكافي معها يؤكد لهم هذا الحب، فتوفير الأشياء والمستلزمات لا يعبر عندهم عن الحب.

 

• لا تأمر ابنك بما لا يحب وإن كان في صالحه بل قدم له الأمر في قالب اقتراح أو رأي أو فكرة.

 

• شاركهم في فعل ما يحبون، واسمح لهم في أن يكونوا الآمر الناهي في تلك المشاركة.

 

• ففي تقدير الرسول الكريم لحاجة عائشة الفتاة حديثة السن إلى الترفيه: فقد نقل عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يسابقها فتسبقه ويسبقها، ويقول لها: "هَذِهِ بِتِلْكَ السَّبْقَةِ" وتقول أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها: "رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ يَسْتُرُنِي بِرِدَائِهِ، وَأَنَا أَنْظُرُ إلى الْحَبَشَةِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ وَأَنَا جَارِيَةٌ؛ فَاقْدِرُوا قَدْرَ الْجَارِيَةِ الْعَرِبَةِ الْحَدِيثَةِ السِّنِّ".

 

• اشكرهم وامدحهم عند فعلهم الصواب والحسن، ونبههم وسامحهم إذا ما أخطأوا.

 

• فعَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: أَمَّرَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - أُسَامَةَ عَلَى قَوْمٍ، فَطَعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ: "إِنْ تَطْعَنُوا فِي إِمَارَتِهِ فَقَدْ طَعَنْتُمْ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلِهِ، وَايْمُ اللَّهِ لَقَدْ كَانَ خَلِيقًا لِلإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ أبوه لمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَه".

 

• صرح عن محبتك بالكلمات والهمسات والعناق والتقبيل لهم.

 

• فعنه أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: "يَا مُعَاذُ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ، وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ" فَقَالَ: "أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِك". فسبحان الله العظيم يبدأ بتليين قلبه، ولفت نظره بقوله: "إِنِّي لأُحِبُّكَ"! وفي هذا تحفيز للعاطفة؛ فما بالك بفتى يخبره رسول الله أنه يحبه -فداه أبي وأمي-، ثم يشرع بعدها في التوجيه الذي تستقبله نفس شغوفة بتعرف ما يهديه إليها حبيبها.

 

• مرحلتهم موج من المشاعر والأحاسيس فلنكن المرافئ التي تحتوي بدفئها وسعتها تلاطماتها.

 

• احترم ما يصارحونك به من مشاعر ولا تتجاهلها.

 

• انجذابهم نحو الجنس الآخر.

 

• يطمئننا بالسلامة النفسية عندهم وأنهم يؤمنون بأنفسهم أنهم من يكونون أسر المستقبل.

 

• توفير الحب الوالدي بكل تفاصيل معانيه يسمح لهم أن يفتحوا لنا أبواب صدورهم وما تكن من مشاعر اتجاه من انجذبوا إليه من الجنس الآخر فتقابل بالتوجيه والتهذيب وتوسيع الأفق في هذا الباب ورسم صورة واضحة عن حقيقة ما يشعرون.

 

• حاورهم في هذا الأمر ووضح لهم ألوان النزوات والرغبات التي تطالبهم بها أنفسهم في هذه المرحلة العمرية وأكسبهم مهارات تأجيل تلبيتها بإشغالهم بأنشطة وكريم صحبة ورفع معدل الثقة فيهم ظاهرا مع دقيق مراقبة تغلف بالدفء الأبوي والتوجيه الحاني.

 

• اعلم أن حقيقة الدوافع من خوض تجربة الحب مع الجنس الآخر تتمثل في: الرغبة في تقدير الذات، ومحاولة لفت النظر، والرغبة في الارتواء والشعور بالرضى، تلبية الميل الفطري، وملء وقت الفراغ بمتعة، والتمرد على السلطة الوالدية، والاندفاع في المشاعر دون تفكير، والهروب من المشكلات الشخصية، والافتقار إلى العواطف الأسرية.

 

• عند معرفتك بهذا الحب فتجنب إظهار معارضتك له مباشرة أو إيقاع العقاب عليه

 

• احرص على إشعارهم أنك مراعٍ لمشاعرهم

 

القبول:

• حركات وأساليب وتعبيرات غير ناضجة.

 

• نزوع إلى التمرد والاستقلال وبحث عن الهوية.

 

• يدعونا كل هذا إلى التنبه إلى حاجتهم للقبول.

 

• فعلينا تقبلهم كما هم إلا إذا خالفوا أمر الله في شيء.

 

الخصوصية:

• الخصوصية حاجة ماسة لا بد أن تحترم لا أن تخترم

 

• تقلص الخصوصيات عن طريق الحوارات البناءة والإصغاء المتفهم لهم.

 

الأصدقاء:

عالمه الذي:

• يجد فيه المساندة والتقدير.

 

• يتلقى فيه التدريب.

 

• مصدر مهم للمعلومات والخبرات.

 

• المجتمع الذي يسلم له الفتى كل الانتماء والولاء ويتخلى من أجله عن القيم والمبادئ وإن كانت سامية.

 

• الاختيار مبني على تشابه الاهتمامات والميول.

 

• التعلق يخيم على العلاقة

 

• صداقتهم غالبا مما يرفضه الآباء لكونها ليست بالمستوى الديني والأخلاقي والدراسي المطلوب.

 

• على الآباء دخول عالم صداقات أبنائهم لكن بشروطهم ورغبتهم وقوانينهم.

 

• العلاقة الصحيحة بين المربين والفتيان تساوي المصاحبة التي تعني المساندة النفسية والموقف السوي في حل مشكلاتهم.

 

• والمثال المحمدي الأجل لأهمية الصداقة حدث المؤاخاة الذي أحدثه الرسول العظيم في المدينة حين وصوله بالمهاجرين وكان أغلب من أسلم حينها من الشبان والفتيان؛ فقد أسلم علي وهو ابن ثمان سنين، والزبير بن العوام ابن 18، وطلحة بن عبيد الله ابن 11، وسعد بن أبي وقاص ابن 17، وعبدالله بن مسعود ابن 14، والأرقم بن أبي الأرقم ابن 12، وسعيد بن زيد ابن 19،وكلهم في سن الفتوة إلا أن دولة الإسلام بنيت بهم فكرا وأفق وسلوكا وخلقا فكانوا سادة العالمين وأسوة حسنة للأولين والآخرين.

 

الاستقلال والفطام النفسي:

• حاجة ملحة لنضج الفتى ولتكوين شخصيته وتجسيم هويته وإكسابه خبراته، وتظهر هذه الرغبة في ف لغة وهندام وذوق واهتمامات وأفكار خاصة تميزهم عن غيرهم، فيرفضون أفكار الوالدين وآرائهم ومعتقداتهم، ويرفضون التعاون والطاعة لهم ويتملصون من الخروج مع أهلهم، فالطاعة والتعاون بالنسبة إليهم شكل من أشكال الاستخفاف بقدراتهم والاستغار لإمكاناتهم، فعلى الآباء أن يتفهوا الاستقلال كونه حاجة نفسية ضرورية، التدريب التدريجي على الاستقلال منذ الطفولة، وتعويدهم الاعتماد على النفس والتعلم من الأخطاء وتكرار المحاولات.

 

الأمان:

• وهو الشعور الذي يسمح للفتيان بالتمتع بقدرة عالية على التكيف مع الواقع، والتخكم في انفعالاته وتقبل مسؤولياته الاجتماعية. وتدفعه للسلوك الإيجابي في مواقف الحياة، وتستطيع الأسرة أن توفر الأمان عن طريق حسن الرعاية وكريم الاهتمام واحترام مشاعرهم وإشباع حاجاتهم قدر الجهد والاتزان في التعامل معهم فلا عنف ولا تدليل،ومنح الحرية المشروطة، والاستقرار الأسري وتفهم الدوافع، والمساعدة في حل مشكلاتهم الشخصية وتقبلهم مثل ما هم.

 

• يقول عبدالله بن عمر - رضي الله عنهما - عن نفسه: كان الرجل في حياة النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي صلى الله عليه وسلم، وكنت غلامًا أعزب، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فرأيت في المنام كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار، فإذا هي مطوية كطي البئر، وإذا فيها ناس قد عرفتهم، فجعلت أقول: أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي: لن تراع، فقصصتها على حفصة، فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "نعم الرجل عبدالله لو كان يصلي بالليل" قال سالم: فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلًا.. حين سئل نافع رحمه الله عما يفعله ابن عمر -رضي الله عنهما- في منزله قال: لا تطيقونه: الوضوء لكل صلاة، والمصحف فيما بينهما.

 

• في هذه الحادثة يعطي الرسول الكريم سبيل الأمان لعبدالله بن عمر الأخروي لا الدنيوي فقط، ويدله على الطريق الذي يجعل من الغلام الأعزب الإمام الأشب؛ فقد كان الصحابة يحتكمون إليه بعد موت رسول الله الكريم ويأخذون برأيه وهو أصغرهم.

 

الثقة:

• تتأرجح ثقة الأفراد الفتية بأنفسهم وينخفض التأرجح أو يزداد تباعا لردود فعل من حولهم من والديهم وإخوتهم واصدقائهم للسلوكات الصادرة منهم، ويعوض الفتيان هذا التأرجح بصورتين: إيجابية وسلبية، فأما السلبية فتظهر في أعمال القوة والقسوة والعنف والشدة والحزم لكي يغطي ما يعتلج صدره من مشاعر فقد الثقة، وقد يبالغ في أساليب جذب الانتباه إليه والاهتمام به، وذلك مثلا بالإسراف في النفقة على المظهر، والتعامل مع من دونه في المستويات العلمية والاقتصادية والاجتماعية ليظهر تفوقهم عليه فيشعر بالثقة من ذلك.

 

• وأما المظاهر الإيجابية فيكرس جهده في التفوق الدراسي والنجاح في المهام التي توكل إليه، والاشتراك في الأعمال الخيرية،.

 

ومن السلوكات المؤثرة على ثقة الفتيان:

• ارتفاع مستوى الطموح وأفق الأمنيات وقصور مستوى القدرات والإمكانات.

 

• الضعف الجسمي للفرد الفتي أو ضعف إمكاناته العقلية.

 

• النقد المستمر لتصرفات الفتى وأساليبه.

 

ومن أمثلة الثقة التي ربى بها الرسول - صلى الله عليه وسلم - فتيان الصحابة:

• أمره لأسماء بن حارثة تبليغ قومه صيام عاشوراء، فقال صلوات ربي عليه وسلامه-: (مُر قومك فليصوموا هذا اليوم). قال: "أرأيت إن وجدتهم قد طعموا؟"، قال: (فليتموا بقية يومهم).

 

• واختيار النبي الكريم دار الأرقم بن أبي الأرقم الذي كان عمره يقارب العشرين عاما لتكون موطنا لاجتماعه بأصحابه ولقائه بهم ليختفوا من قريش ومكائدها.

 

الاحترام والتقدير:

• الاحترام هو الحاجة النفسية للفتاة وهو يوفر لها الراحة والأمان والسكينة ويفجر فيها الأنوثة التي نريد، ويدفعها لبذل الكثير من الجهد لتطور نفسها وتتحسن، والتقدير هو الحاجة النفسية للفتى وهو الذي يحفظ عليه رجولته وتصنع منه متحملا لمسئولياته قائما بواجباته.

 

• عن سهل بن سعد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتي له بشراب فشرب منه وعن يمينه غلام وعن يساره الأشياخ، فقال للغلام: (أتأذن أن أعطي هؤلاء؟)، فقال الغلام: "والله يا رسول الله لا أؤثر في نصيبي فيك أحدا". قال: فتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في يده. ففي هذا الموقف ثلاث إشارات تربوية: بدؤه بالميامن التي احتلها الغلام، فرفعه مقام الرجال الذين هم عن ميسرته -صلوات ربي عليه وسلم-، ثم "أتأذن" الكلمة التي تقدر الغلام منزلةً، وتفتح باب الحوار والمناقشة الإيجابية، "فتله في يده" التي يحترم بها رأي الغلام.

 

هذا، وانتهى بتوفيق الله وهدايته الجهد القاصر، فما كان من صواب فمن الله وفضله وما كان من خطأ فمن نفسي والشيطان وليضرب به عرض الحائط، وأستغفر الله من الزلل والخلل، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • كلامُ الله .. قصيدة للفتية
  • إنهم فتية
  • الطموح الاجتهاد (قصة للفتية)

مختارات من الشبكة

  • الليلة الرابعة عشرة: قوله تعالى ﴿ إنهم فتية آمنوا بربهم ﴾(مقالة - ملفات خاصة)
  • تفسير: (نحن نقص عليك نبأهم بالحق إنهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات مع مسلسل عمر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفوهم إنهم مسؤولون (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من أجل أوصاف الطائفة المنصورة أنهم ظاهرون على الحق(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • تفسير: (فأعرض عنهم وانتظر إنهم منتظرون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بركات النبي على أمته: أنهم أول الأمم إجازة على الصراط، وأول من يحاسب(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بركات النبي على أمته: أنهم أكثر أهل الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من بركات النبي على أمته: أنهم يشهدون للأنبياء عليهم السلام بتبليغ الرسالة إلى أقوامهم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقيل ادعوا شركاءكم فدعوهم فلم يستجيبوا لهم ورأوا العذاب لو أنهم كانوا يهتدون)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 22/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب