• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أحكام التعاقد بالوكالة المستترة وآثاره: دراسة ...
    د. ياسر بن عبدالرحمن العدل
  •  
    خطبة: أم سليم ضحت بزوجها من أجل دينها (1)
    د. محمد جمعة الحلبوسي
  •  
    خطبة: التربية على العفة
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    حقوق الأولاد (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    التلاحم والتنظيم في صفوف القتال في سبيل الله...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أسس التفكير العقدي: مقاربة بين الوحي والعقل
    الشيخ حذيفة بن حسين القحطاني
  •  
    ابتلاء مبين وذبح عظيم (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    فضل من يسر على معسر أو أنظره
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك
    الشيخ عبدالقادر شيبة الحمد
  •  
    كونوا أنصار الله: دعوة خالدة للتمكين والنصرة
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    لا تعير من عيرك
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    من مائدة التفسير: سورة النصر
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    أربع هي نجاة الإنسان في الدنيا والآخرة (خطبة)
    د. أحمد بن حمد البوعلي
  •  
    وحدة المسلمين (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    فوائد وأحكام من قوله تعالى: { إذ قال الله يا عيسى ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

آداب السفر (1)

آداب السفر
الشيخ عادل يوسف العزازي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/7/2013 ميلادي - 25/8/1434 هجري

الزيارات: 11560

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آداب السَّفر


(1) إخلاص النية في سفره:

لما ثبت في الحديثِ عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: سمعتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((إنَّما الأعمالُ بالنيات، وإنما لكلِّ امرئ ما نوى))[1].


فإذا صدق الإنسانُ في نيتِه، وأخلص لله في ذلك، كان سفرُه عبادة، حتى لو كان هذا السَّفرُ مباحًا؛ لما ثبت في الحديثِ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -: ((إنَّك لن تنفقَ نفقةً تبتغي بها وجهَ الله إلا أُجرتَ عليها))[2].


فقوله: ((تبتغي بها وجه الله))؛ أي: يكون مقصودُك بذلك وجهَ الله.


وعندما يصحح العبدُ نيتَه، فإنَّ الله يكتب له في سفرِه أجر أعمالِه الصَّالحة التي كان يقومُ بها في إقامتِه؛ فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إذا مرض العبدُ أو سافر كُتب له ما كان يعملُه مقيمًا صحيحًا))[3].


وعلى هذا، فينبغي للعبدِ أن يكونَ سفرُه إمَّا لواجبٍ؛ كحجٍّ أو جهادٍ أو طلبِ علم أو إصلاح نفس، أو نحو ذلك، أو لأمرٍ مستحب؛ كزيارةِ أخ له في الله، وإمَّا هروبًا من كفرٍ أو بدعة أو نحو ذلك، وإمَّا لسفرٍ مباح يقصد به إجمامَ النفس وتنشيطها لطاعة الله - عز وجل - لا لمجردِ التلذذ بالمباح فحسب.


ولا يحلُّ له السَّفر إلى بلادٍ يظهر فيها الفجورُ؛ كسفرِه إلى بلادِ الكفر، والسَّفرِ إلى تجمعاتِ المعاصي والدِّياثة والعُرْيِ، وقد ثبت في الحديثِ قولُ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أنا بريءٌ من كلِّ مسلم يقيمُ بين أظهرِ المشركين))[4].


ولا يحلُّ له السَّفر من أجلِ شراء أشياء محرَّمة، أو الاتجار فيها؛ فإنَّ سفره هذا يكون في معصيةِ الله، ويكون به آثمًا عند الله.


(2) الاستشارة:

يُستحبُّ لمن أراد سفرًا أن يشاورَ من يثقُ بدينه وخبرته في هذا السَّفر؛ قال - تعالى -: ﴿ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ ﴾ [آل عمران : 159].


وقد تظاهرت الأحاديثُ الصحيحة أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يشاورُ أصحابَه، وكانوا يشاورونه في أمورِهم.


والواجبُ على من طُلب منه النصيحة أن يبذلَها له، بعيدًا عن الهوى وحظوظِ النفس؛ لما ثبت في الحديثِ أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((حقُّ المسلمِ على المسلم خمس))، وذكر فيها: ((وإذا استنصحك فانصحْ لَه))[5].


وقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((المستشار مؤتَمَن))[6].


ملاحظات:

(أ) هل يقدِّمُ الاستخارةَ على المشورةِ أو العكس؟

قال الشيخ ابنُ عثيمين - رحمه الله -: "والصحيحُ أنَّ المقدَّمَ الاستخارة لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ، فليصلِّ ركعتين)) إلى آخره"[7].


(ب) يشترط فيمن تستشيرُه شرطان:

الأول: أن يكونَ ذا رأيٍ وخبرةٍ في الأمور، وله في ذلك تجرِبة.


الثاني: أن يكون صالحًا في دينِه، فلا تستشرْ أهلَ الفسقِ والفجور والمجون؛ لأنَّ هؤلاء يوقعونك في المهالك والمعاطب والمفاسد، ولا ينصحونك لدينك، بل وربَّما حسدوك إذا كان فيما تستشيرُهم فيه مصلحةٌ لك، فيغشون لك في النصح، والله أعلم.


(3) الاستخارة:

من السنَّةِ للمسافرِ أن يستخيرَ الله - تعالى - فيصلي ركعتين من غيرِ الفريضةِ، ثم يدعو بدعاء الاستخارة.


فعن جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - قال: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمور كلِّها كما يعلمنا السورةَ من القرآن، يقول: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركع ركعتين من غيرِ الفريضة، ثم ليقل: اللهمَّ إني أستخيرُك بعلمك، وأستقدرك بقدرتك، وأسألك من فضلِك العظيم، فإنَّك تقدرُ ولا أقدر، وتعلمُ ولا أعلم، وأنت علاَّم الغيوب، اللهمَّ إن كنتَ تعلم أنَّ هذا الأمر خيرٌ لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال عاجل أمري وآجله - فاقدرْه لي ويسِّره لي، ثم بارك لي فيه، وإن كنت تعلمُ أنَّ هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري - أو قال: عاجل أمري وآجله - فاصرفه عنِّي، واصرفني عنه، واقدرْ لي الخيرَ حيث كان، ثم رضِّني به - ويسمِّي حاجته))[8].


ويُلاحظ في ذلك أمور:

(أ) الاستخارة تكون في الأمورِ الاختيارية للعبد؛ أعني في الأمورِ المباحة، وأمَّا الأمور الواجبة والمستحبة، فليس فيها استخارة؛ لأنَّها كلَّها خير، وعليه أن يأتي بها، إمَّا وجوبًا وإما استحبابًا، وكذلك الأمور المحرمة والمكروهة ليس فيها استخارة؛ لأنَّها كلَّها شر، وعليه الانصرافُ عنها؛ لأنَّ التلبس بها إمَّا محرمٌ أو مكروه.


(ب) لا يحتقر العبدُ أمرَ الاستخارةِ مهما صغُر الأمر، فرب أمرٍ يستخفُّ به العبدُ يكون في الإقدامِ عليه ضررٌ عظيم، فتأمل قولَه في الحديث: ((يعلمنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها كما يعلمنا السورةَ من القرآن))، مما يدلُّ على تأكيدِ الاهتمام.


(جـ) تكون الاستخارةُ بعد صلاةِ ركعتين من غيرِ الفريضة، كما هو ثابتٌ في الحديث، وعلى هذا فلا يقعُ دعاءُ الاستخارةِ بعد الفريضةِ موقعَه، ولا يكون أتى بالاستخارةِ المشروعة.


ولكن هل تصحُّ الاستخارةُ مع نافلةٍ أخرى كسنةِ الظُّهرِ مثلاً؟

قال النووي - رحمه الله -: "قال العلماء: تستحبُّ الاستخارةُ بالصلاة والدعاء المذكور، وتكون الصلاةُ ركعتين من النَّافلة، والظَّاهرُ أنَّها تحصل بركعتين من السننِ الرواتب، وبتحيةِ المسجد، وغيرها من النَّوافل"[9]، ووافقه على ذلك ابنُ حجرٍ شريطة أن ينوي الاستخارةَ مع النَّافلة، وأمَّا إذا لم ينوِ لم تجزئ[10].


(د) هل يقدمُ الاستخارةَ على المشورةِ أو العكس؟

قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله -: "والصحيح أنَّ المقدَّمَ الاستخارة، فقدِّم أولاً الاستخارةَ؛ لقولِ النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليصلِّ ركعتين)).


(هـ) الظاهر من قولِه: ((ثم ليقل)) أنَّ دعاءَ الاستخارةِ يكون بعد الصَّلاة؛ أي: بعد السلام.


قال الحافظُ ابن حجر - رحمه الله -:

"ثم هو ظاهرٌ في تأخيرِ الدعاء عن الصَّلاة، فلو دعا أثناء الصَّلاةِ احتمل الإجزاء"[11].


(و) ماذا يفعل المستخيرُ بعدَ الاستخارة؟

هناك قولان للعلماء:

القول الأول: قالوا: يفعل ما تيسَّر له؛ أي: إنه يأخذُ بالأسبابِ، ويسير في أمرِه، وعليه أن يرضى بما انتهى أمرُه على أي حال.


قال ابن عبدالسلام - رحمه الله -: "يفعل ما اتفق"؛ أي: من الأسباب.


قال ابنُ حجرٍ - رحمه الله -:

"ويستدلُّ له بقولِه في بعض طرق حديث ابن مسعودٍ في آخره: ((ثم يعزم))، وأول الحديثِ: ((إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل))"[12].


القول الثاني: قالوا: يفعلُ ما ينشرح له صدرُه بعد الاستخارة؛ قال النووي - رحمه الله -: "وإذا استخار مضى بعدها لما ينشرحُ له صدرُه، والله أعلم"[13].


قال الشوكاني:

"فلا ينبغي أن يعتمدَ على انشراحٍ كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغي للمتسخيرِ ترك اختيارِه رأسًا، وإلا فلا يكون مستخيرًا لله، بل يكونُ مستخيرًا لهواه، وقد يكونُ صادقًا في طلبِ الخِيرة، وفي التبرؤ من العلمِ والقدرة وإثابتهما لله - تعالى - فإنْ صدق في ذلك تبرأ من الحولِ والقوة، ومن اختيارِه لنفسِه"[14].


قلت: والرأي الأول هو الأرجحُ عندي، فإنَّ المؤمنَ مشروع له الأخذ بالأسباب مع توكلِه على الله؛ فالاستخارة فيها معنى التوكلِ على الله، ثم عليه أن يأخذَ بالأسباب، وذلك كما وردَ في حديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((احرص على ما ينفعُك، واستعن بالله، ولا تعجِز))[15]، فجمع بين الأمرين: الاستعانة بالله، والحرص على ما ينفعُ مع عدمِ العجز، فهذا الحديثُ تفسير واضح لمعنى الاستخارة، والله أعلم.


وأمَّا ما ورد في حديثِ أنس - رضي الله عنه -: ((إذا هممتَ بأمرٍ فاستخرِ الله سبعًا، ثم انظر إلى الذي يسبقُ قلبك؛ فإنَّ الخيرَ فيه))، فإنه حديث ضعيف جدًّا.


قال الحافظ:

"فهذا لو ثبتَ لكان هو المعتَمدَ، لكنَّ سندَه واهٍ جدًّا"[16].


(ر) يعتقدُ كثيرٌ من الناس أنه لا بدَّ للمستخيرِ أن يرى رؤيا يتبين من خلالِها اختيار العمل أو الانصراف عنه، وهذا الاعتقادُ باطل، بل المشروع أن يستخيرَ وأن يمضي لحاجته آخذًا بالأسبابِ متوكلاً على الله، وليحرصْ على ما ينفعُه، فإن قُضي الأمرُ فذاك، وإن لم يُقْضَ وصُرف عنه فلا يجزع وليَرْضَ، وليسلِّم لقدر الله؛ فالاستخارةُ أولها توكلٌ، وآخرها استسلامٌ ورضا، ويفسر هذا ما ورد في حديثِ أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن أصابه شيءٌ فلا يقل: لو أني فعلتُ كذا لكان كذا وكذا، ولكن ليقل: قدَر الله وما شَاءَ فعل))[17].


وعلى هذا فلا يشترط أن يرى رؤيا، لكن إن رأى رؤيا، فتلك من المبشِّرات، وإلا فلا يلزمُ انتظارُ الرُّؤيا.


(جـ) بِناءً على ما تقدَّمَ، فإنَّ الاستخارةَ يقومُ بها صاحب الأمر متوكلاً على الله؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: ((إذا همَّ أحدُكم بالأمرِ فليركع ركعتين...)) إلخ، وأمَّا ما يفعلُه البعضُ بأنْ يذهبَ إلى آخر يعتقدُ فيه الصَّلاحَ، فيطلب منه أن يستخيرَ له، فهو عملٌ باطل لا دليلَ عليه، بل هو مخالفٌ للحديث، فالاستخارةُ توكلٌ على الله، ولا يتصورُ أن يتوكلَ أحدٌ على الله نيابةً عن آخر، ولعلَّ ذلك بسببِ سوء فَهمهم أنه لا بدَّ من رؤيا وهو كلامٌ غير صحيحٍ كما سبق.

 

(ي) هل يشرع تَكرار الاستخارة؟

لم يأتِ في الحديثِ ما يدلُّ على تَكرارِ الاستخارة، وأمَّا حديثُ أنس - رضي الله عنه - السَّابق بأن يكرِّرَ الاستخارة سبعًا، فإنه حديثٌ ضعيف كما تقدَّم.


ولكن قد يُقال: إنه يشرع تكرار الاستخارةِ ثلاثَ مراتٍ إذا لم يتبين له أمرٌ من بابِ الإلحاح في الدُّعاء، فإنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "كان إذا دعا دعا ثلاثًا"[18].


قال الشيخُ ابن عثيمين - رحمه الله -:

"وإنما قلنا: يستخيرُ ثلاث مرات؛ لأنَّ من عادةِ النبي - صلى الله عليه وسلم - أنَّه إذا دعا دعا ثلاثًا، والاستخارة دعاء"[19].


(ك) الرَّاجحُ أنه لا يجوزُ أن يزيدَ على دعاءِ الاستخارة بعد الركعتين، بل يكتفي به؛ لأنَّ العبادات توقيفيةٌ، فلا يشرعُ الزيادة فيها، ومما يؤيدُ هذا قولُه في الحديث: "كان يعلِّمُنا الاستخارةَ في الأمورِ كلِّها كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن"، فالتشبيه هنا يؤكد التحفظ في حروفِه، وترتيب كلماته، ومن الزيادةِ والنقصان منه.


واختلف العلماءُ:

هل يُشرعُ استفتاحُ دعاءِ الاستخارة بالثناء على الله - عز وجل - والصَّلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - فبعضُ العلماءِ أجازه، ومنعه آخرون، والأظهرُ المنع؛ لأنَّ العبادات توقيفية، فلا يشرع فيها شيءٌ إلا بدليل، ولأنَّ قوله: "كما يعلِّمُنا السورةَ من القرآن" يظهرُ منه عدم الزيادةِ، والله أعلم.

 

(ل) هل يكتفي بالدُّعاء دون الصلاة؟

ظاهرُ الحديث أنَّه لا بدَّ من صلاة الركعتين، وعلى هذا فإنَّه لو اكتفى بالدُّعاءِ فإنَّه لم يأتِ بالاستخارة المشروعة، ولكنَّه دعا دعاء مستقلاًّ، ولا يقال: إنه استخار، وأمَّا ما وردَ في الحديثِ عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا أراد أمرًا قال: ((اللهم خِرْ لي واختر لي))[20]، فإنه حديثٌ ضعيف؛ رواه الترمذي.

 

(4) من الآداب: عدم التطير والتشاؤم، وتحريم الذهاب إلى السحرة [21]:

عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنَّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا عدْوى ولا طِيَرَة))؛ متفق عليه[22].


ومعنى قوله: ((لا عدوى))؛ أي: على الوجهِ الذي يعتقدُه أهلُ الجاهليةِ من إضافةِ الفعل لغيرِ الله[23]، واعتقادهم أنَّ هذه الأمور تُعدي بطبعِها، فنفى النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا الاعتقاد، لكن قد يجعلُ الله مخالطةَ الصَّحيحِ للمريضِ سببًا لحدوث المرض للصَّحيح؛ ولذلك ورد في الحديث: ((فِرَّ من المجذومِ فرارَك من الأسد))[24].


وقال: ((لا يورد مُمْرِض على مُصِح))[25].


وقوله: ((لا طِيَرَة))؛ أي: لا تشاؤم، والمقصودُ: إبطال ما كان عليه أهلُ الجاهلية، فقد كان التشاؤم سائدًا عند العربِ، فكان الرجلُ إذا أراد سفرًا فعرض له غرابٌ ينعِقُ - تشاءَمَ ورجعَ عن سفرِه، وإذا طار أمامَه طائرٌ، فأخذ جهة اليسار تشاءَم وترك السَّفر، فإن طارَ جهة اليمينِ تفاءل.


وكانوا يستقسمون بالأزلام؛ وهي عبارةٌ عن ثلاثةِ أقداح مكتوب على أحدِها: "افعل"، وعلى الآخر "لا تفعل"، والثالث ليس عليه شيء، فإذا استسقم وخرج السَّهم: "افعل" فعل، وإن خرج: "لا تفعل" لم يفعل، وإذا كان الثَّالث أعادَ الاستقسام مرَّةً أُخرَى.


وربما ذهَبَ بعضُهم إلى ساحرٍ أو كاهن؛ ليشيرَ عليه في سفره أو موعد خروجِه ونحو ذلك، وقد أبطل الله - عز وجل - كلَّ هذه الشِّركيات، وهدانا إلى الاستخارةِ التي تحملُ معنى التوكلِ على الله وحده، والحمدُ لله على نعمةِ الإسلام.

 

كذب المنجمون ولو صدقوا:

جاء أحدُ المنجمين إلى علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - وعندما أراد أن يسيرَ لقتالِ الخوارج، قال له: يا أميرَ المؤمنين، لا تسافر؛ فإنَّ القمرَ في العقرب، فإنَّك إذا سافرتَ في العقربِ، هُزم أصحابُك، فقال علي - رضي الله عنه -: "بل نسافرُ ثقةً بالله وتوكلاً عليه، وتكذيبًا لك"، فسافر فبُورك له في ذلك السَّفر، حتى قتل عامَّة الخوارج، وكان ذلك من أعظمِ ما سُرَّ به - رضي الله عنه[26].


وحينما صرخت امرأةُ مسلم، وهي أسيرة في أيدي الرُّوم، صرخت مستنجدة بالخليفةِ المعتصم - رحمه الله - فقال: "لبيك"، وحلف أن يجيشَ جيشًا يكون أوله عند ملكِ الرُّوم، وآخره في بغداد، فقام أصحابُ الخرافاتِ والشَّعوذة والتنجيم وقالوا: إنَّ المعتصمَ لن يستطيعَ فتحَ عموريَّة، ولن ينتصرَ إلا في وقتِ نضوج التِّين والعنب، فضرب بقولِهم عُرضَ الحائط، وجيَّشَ الجيوش، وخرج بها فنصرَهُ الله نصرًا عظيمًا، وفتحت عمورية، والحمد لله، وأبطلَ الله قولَ المنجمين، وصدق القائل: "كذب المنجمون ولو صدقوا".



[1] البخاري (2)، ومسلم (1907)، وأبو داود (2201)، والترمذي (1647)، والنسائي (1/58).

[2] البخاري (1295)، ومسلم (1628)، وأبو داود (2864)، والترمذي (975).

[3] البخاري (2996)، وأبو داود (3091).

[4] أبو داود (2645)، والترمذي (1604).

[5] البخاري (1240)، ومسلم (2162)، وأبو داود (5030)، وابن ماجه (1435).

[6] صحيح: أبو داود (5128)، والترمذي (2369).

[7] شرح رياض الصالحين (2/588).

[8] البخاري (1162) (6386)، وأبو داود (1538)، والترمذي (480)، والنسائي (6/80)، وابن ماجه (1383).

[9] الأذكار؛ للنووي (1/277).

[10] فتح الباري (11/184).

[11] فتح الباري (11/186).

[12] فتح الباري (11/187).

[13] الأذكار (1/277).

[14] انظر نيل الأوطار (3/87).

[15] مسلم (2664)، وابن ماجه (79)، والنسائي في الكبرى (10457).

[16] فتح الباري (11/187)، وضعَّفه النووي في الأذكار.

[17] مسلم (2664)، وأبو داود (79)، والنسائي في الكبرى (10457).

[18] مسلم (1794).

[19] شرح رياض الصالحين (2/588).

[20] ضعيف: الترمذي (3516)، وضعفه الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (1515).

[21] انظر: أنيس المسافر؛ لناصر بن مسفر الزهراني.

[22] البخاري (5757)، ومسلم (2220).

[23] وحمل بعضُهم الحديث على أن "لا " للنهي، وليست للنفي، ويكون المعنى: لا يعدي بعضكم بعضًا، وعلى هذا المعنى فيكون الحديث مثبتًا للعدوى.

[24] البخاري (5757).

[25] مسلم (2221)، وأحمد (2/406).

[26] انظر: القرطبي (19/28)، والفتاوى الكبرى؛ لابن تيمية (1/57).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آداب السفر
  • السفر أحكام وآداب
  • من سنن السفر
  • السفر ( معنى - أقسام - فوائد – عيوب )
  • آداب السفر (2)
  • آداب السفر (3)
  • آداب السفر (4)
  • آداب السفر (5)
  • آداب السفر (6)
  • آداب السفر (7)
  • آداب السفر (8)

مختارات من الشبكة

  • آداب السفر لمن أراد السفر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب السفر لمن كان على سفر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • المنة الربانية في الآداب الإسلامية - آداب السفر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آداب الحج(مقالة - ملفات خاصة)
  • آداب الحج وما يتحلى به الحاج من حين خروجه من منزله حتى عودته إليه(مقالة - ملفات خاصة)
  • آداب الزيارة وشروطها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آداب السفر (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آداب السفر (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من آداب السفر وأحكامه، ويليه: وصايا لمن زار الحرمين (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • آداب السفر في الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/11/1446هـ - الساعة: 15:5
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب