• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: وسائل السلامة في الحج وسبل الوقاية من ...
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    العشر من ذي الحجة وآفاق الروح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    فضائل الأيام العشر (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة (خطبة)
    الشيخ عبدالرحمن بن سعد الشثري
  •  
    أحكام عشر ذي الحجة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    أدلة الأحكام المتفق عليها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    الأنثى كالذكر في الأحكام الشرعية
    الشيخ أحمد الزومان
  •  
    الإنفاق في سبيل الله من صفات المتقين
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    النهي عن أكل ما نسي المسلم تذكيته
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الحج: آداب وأخلاق (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    يصلح القصد في أصل الحكم وليس في وصفه أو نتيجته
    ياسر جابر الجمال
  •  
    المرأة في القرآن (1)
    قاسم عاشور
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (11)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    الإنصاف من صفات الكرام ذوي الذمم والهمم
    د. ضياء الدين عبدالله الصالح
  •  
    الأسوة الحسنة
    نورة سليمان عبدالله
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / نوازل وشبهات / شبهات فكرية وعقدية
علامة باركود

شبهات حول التسامح الإسلامي

شبهات حول التسامح الإسلامي
أ. د. عمر بن عبدالعزيز قريشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 28/5/2013 ميلادي - 18/7/1434 هجري

الزيارات: 14322

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

شبهات حول التسامح الإسلامي

الجهاد وحرية الاعتقاد


الجهاد:

ومن أهداف الإسلام حرب السلطات الطاغية، والفتن المضلِّلة، حتى تتوطد في الأرض حرية الضمير والعقل، فلا يذل حق، ولا يهون إيمان.. وذلك هو الجهاد الصحيح، والجهاد ضد الإرهاب، أو هو علاجه الكاسر لشكوته، الماحق لسطوته، فاستعمال القوة في البطش والتعدي إرهابٌ، ومصادرة هذه القوة حتى يأمن الناس وتقر العدالة، ويهدأ الروع جهادٌ، وهجوم المستعمرين على أقطار الشرق لانتهابها واسترقاق أهلها إرهابٌ، ومكافحة هذا الهجوم بكل ما وقع في اليد جهادٌ.

 

إن الجهاد المُثمِر يحوِّل الخير من علوم نظرية ومسالك فردية إلى حقائق ثابتة، وتقاليد عامة، ومناهج منظمة، وإلى جيل يحتضن فكرة لتتلقَّفها عنه أجيال، ومن ثَمَّ اهتم الإسلام به لعظم الفائدة المرجوَّة منه، ولسعة الدائرة التي يصنعها للحق، ولا شك أن الجهاد له أعظم أجر عند الله من إقبال المرء على خاصة نفسه، ولو قضى دهره يصوم النهار ويقوم الليل.

 

روى أحمد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لكل أمة رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في سبيل الله))[1]، وروَى أن رجلاً جاء أبا سعيد الخدري، وقال: أوصني، فقال: سألتَ عمَّا سألتُ عنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قبلك: ((أوصيك بتقوى الله؛ فإنها رأس كل شيء، وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام، وعليك بذكر الله، وتلاوة القرآن؛ فإنه رُوحك في السماء، وذكرك في الأرض...))[2].

 

والدولة التي يقيمها الإسلام لا صلة لها بالعلو في الأرض، ولا مكان فيها لتمجيد أشخاص أو تحقيق أهواء، إنها وسيلة لبلوغ أهداف ذكرنا آنفًا بعضها[3].

 

حرية الاعتقاد:

وهي حرية تَعِب العالَم كثيرًا في تقريرها، ولم نشعر - نحن المسلمين - بضراوة الصراع الذي دار من أجلها؛ لأننا توارثناها جيلاً بعد جيل، وتلقَّيناها في تعاليم ديننا وتقاليد أسلافنا حقيقة لا تحتمل لغطًا أو جدلاً.

 

يرفض الإسلام رفضًا حاسمًا إكراه أحد على الدخول فيه؛ إذ ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ ﴾ [البقرة: 256].

 

وخطته الفذة أن يشرح منهجه، وأن يتلو كتابه، وأن يدع الناس بعد هذا البيان أتم ما يكونون حرية في أخذه أو تركه، ﴿ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ﴾ [الكهف: 29]، ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا * قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا ﴾ [الإسراء: 105 - 107]، نعم، آمِنوا إذا شئتم، أو ابقوا على إنكاركم له وكفركم به إذا شئتم، لن يجبركم أحد على اعتناق ما تكرهون.

 

إن الوسيلة الوحيدة للإيمان المنشود هي المعرفة الحرة والاقتناع المجرد، والخشوع بعد ذلك لله عن عاطفة جيَّاشة بالصدق والإخلاص؛ ولذلك يقول مباشرة بعد: ﴿ قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لَا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنْ كَانَ وَعْدُ رَبِّنَا لَمَفْعُولًا * وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا ﴾ [الإسراء: 107 - 109]؛ أفهمت أيها القارئ؟ الإسلام ما قام يومًا - ولن يقوم أبدًا - على إكراهٍ؛ لأنه واثق من شيء واحد، من نفاسة تعاليمه وجَوْدة شرائعه.

 

كل ما يبتغي من الناس أن يجد مكانًا في السوق العامة يعرض فيه ما لديه على العيون المتطلعة والبصائر الناقدة، فإذا لم تكن جودة الشيء هي التي تغري بالإقبال عليه وقبوله فلا كان قبول ولا كان إقبال!

 

وهذا سر قانونه الوثيق: ﴿ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴾ [البقرة: 256].

 

وفي عراك الأحياء على ظهر هذه الأرض لشتى الأسباب قد يُجَرُّ الإسلام جرًّا لقتال لم يشعلْ نارَه، أتظنه إذا انتصر في هذا القتال، وأمكنته الفرص من وضع الأغلال في أعناق عبدة الأصنام، أتظنه يفعل ذلك، ويلزمهم بترك شركهم واعتناق عقيدة التوحيد؟ لا.. يقول الله - عز وجل - لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 6].

 

إنه لم يقل: فإذا سمع كلام الله فمُرْه فليترك دينه الخرافي، وليتبع دينك الحق.. لا..، أطلق سراحه، وردَّه آمنًا إلى وطنه، فإذا أحب أن يدخل في الإسلام بعدُ جاءتْ به قدماه إليك طائعًا لا كارهًا، ولِمَ ذلك الإرجاء والترك؟ ﴿ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ ﴾؛ فيجب إذًا أن يطاولوا حتى يعلموا، فإذا عَلِموا الدين، فسوف يدخلونه.

 

وعندما كانت الحرب الدينية تفتك بأرجاء العالَم، وتعتبر إرادات الناس صفرًا، وتعتبر إدخال الناس في دينٍ ما بالعنف والقسر كسبًا، في هذه الأوقات العصيبة كان الناس يقرؤون من آيات الحرية في كتب الفقه الإسلامي ما يستثير الدهشة.

 

نرى من عناية الإسلام بالحرية وقدرها حق قدرها، أن الفقهاء يقولون: إذا وجد صبي غير معروف نسبه مع مسلم وكافر، فقال الكافر: هو ابني، وقال المسلم: هو عبدي، يحكم بحريته وبنوته للكافر[4]؛ وذلك لأنه بهذا الحكم ينال الحرية حالاً، وسوف ينال الإسلام فيما بعد حين يكبر، ويفهم الدلائل على وجود الله، وعلى بعثة نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - بخير الأديان وأكملها، تلك هي أحكام الفقه الإسلامي، التي ورثناها نحن عن القرون الوسطى، فماذا يفعل روَّاد المدنية الحديثة؟

 

وما هي الأساليب المتبعة في سرقة عقائد المرضَى، والمُعْوِزين، واللقطاء، والسذج؟

 

إذا كان الإسلام يعاب بشيء فهو المثالية الغريبة في تقرير حرية الاعتقاد؛ إذ إنه يتشبَّث بهذه الحرية المطلقة في عالَم مشحون بأنواع الفتن والاضطهاد، وقد أصيب أتباعه بضر شديد من حدة هذا التعصب.

 

ومع ذلك فإن مبدأ المعاملة بالمثل لم يدخل في سياسته العامة، ولم ينتقص أطراف الحرية الواسعة التي رسمها للدخول فيه.. وقد حاول السلطان العثماني "سليم الأول" أن يوحِّد الدين في مصر، وأن يُكرِه الآخرين على الدخول في الإسلام، ولعل ذلك كان ردًّا سياسيًّا على توحيد الدين في إسبانيا، واستئصال شأفة الإسلام من أرضها، لكن شيخ الإسلام رفض هذا العمل، وأبَى إلا أن تكون حرية الاعتقاد على منهجها الإسلامي السمح مهما صنع الآخرون.

 

وكل ما نرجو ألاَّ يصاب المسلمون بالشر من احترامهم البالغ لحرية الاعتقاد، ومن وفائهم الظاهر لتعاليم دينهم في هذا الميدان المعقد[5].

 

محمد - صلى الله عليه وسلم - نبي الرحمة ونبي الملحمة:

لا يستطيع ذو خلق أن يتهم محمدًا - صلى الله عليه وسلم - بأنه كان يريد برسالته بسطة في المال، أو بسطة في الجاه، أو حظًّا من حظوظ الدنيا.. والمعروف في سيرته أنه كان أعلى الناس هتافًا بتوحيد الله وتمجيده، وأغيرَ الناس ضد نسبة الشركاء والشفعاء إليه، وأرغبهم في تنفيذ أمره، وتوقير وَحْيه، وإبعاد الأهواء عما شرع للخلائق، وقد كان يَحْزَن - إلى حد الاعتلال - لصدود الجهال عنه، ويأسف لمضيِّهم في عماهم، ولكن الله عرَّفه أنه مكلَّف بالبلاغ وحسب، ﴿ مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى * إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشَى ﴾ [طه: 2 - 3]، وأفهمه أنه لا يقتاد الناس إلى الصراط المستقيم قسرًا، وأن الحماس والإخلاص لا يحملانه على هذا المسلك: ﴿ وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [يونس: 99]، ولكن أتباع الأديان الأخرى أحسوا الخطر من الدعوة الجديدة، ورأوا أن ترك صاحبها يتحدَّث، معناه انصراف الناس عنهم، فإن الإسلام له بالنفس الإنسانية قرابة، أليس صدى للفطرة؟

 

إن العقل يتقبَّله على عجل، وإن القلب يرغب فيه دون تكلف، من أجل ذلك اتخذ أعداء الإسلام طرقًا عديدة للصد عنه!

 

ولو كانت هذه الطرق مقارنة دليل بدليل، لرحَّب الإسلام بهذا النِّزال، واطمأن إلى نتائجه!

 

لا.. إن الأمر مشى على سياسة الصلف والتحدي التي لا يحسن الأقوياء غيرها: ﴿ وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّكُمْ مِنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنَا ﴾ [إبراهيم: 13].

 

إن هذه السياسة فرضت على النبي الصبور المكافح أن ينتصب للدفاع عن رسالته، وعن المستضعفين الذين اضطهدوا معه لاعتناقِها، وإذا كنت تمشي في الظلام ومعك مصباح يضيء لك الطريق، فإنك قد ترفع مصباحَك ليهتدي معك غيرك، وإن كره أحد الانتفاع بسناكَ فليتعسف السير وحده، وليتعرض للحفر والمهالك ما شاء له هواه؛ ﴿ قَدْ جَاءَكُمْ بَصَائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ أَبْصَرَ فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ عَمِيَ فَعَلَيْهَا ﴾ [الأنعام: 104].

 

لكن ما العمل إذا حاول سفيه يهوى الظلمة أن يكسر مصباحك، ويطفئ شعاعك؟ أليس من حقك أن تقاتله لتستبقي الهدى لك ولغيرك؟ إن ذلك ما فعله محمد - صلى الله عليه وسلم -: ﴿ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ * هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾ [الصف: 7 - 9].

 

إن الذين يؤيدون سياسة تكسير المصابيح هم أشد الناس بغضًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وكرهًا للرسالة التي جاء بها، وهم يدركون أن الضوء عدوهم؛ لأنه يكشف باطلهم، ففي نور الحرية العقلية وحده يرفض الإنسان مبدأ التثليث في الألوهية، ولو قيل له تسويغًا لذلك: إن المثلث خط واحد، ويرفض رب إسرائيل المتعصِّب لشعبه وحده، المزدري لسائر الشعوب، الذي لم يتحدَّث عن الآخرة بكلمة.

 

وقد شرع محمد - صلى الله عليه وسلم - يدعو إلى دينه، فلننظر في دعوته، أترى فيه إثارة لمجد شخصي، أو تطلعًا لغاية دنيوية؟ هل رأينا من تراث إنسان آخر من هذا الحديث عن الله ووحدانيته، ووجوب التفاني في مرضاته؟

 

ثم لننظر في القتال الذي خاض ميدانه، هل رأيناه معتدًّا بقوته، أم مستندًا إلى قوة الله وحَوْله وطَوْله؟

 

هل رأيناه يبغي شيئًا غير إعلاء كلمة الله؟ هل رأيناه يقول: الويل للمغلوب، أو يجعل الظروف تقول ذلك، أم ترك حرية التدين عامة شاملة بعدما قلَّم أظافر الطغاة؟ لتستنطق التاريخ العادل[6].

 

كانت معركة بدرٍ أولَ قتال وقع بين الإسلام والوثنية، وذلك بعد خمس عشرة سنة من بَدْء الدعوة، ماذا كانت حال المسلمين خلال هذه المدة؟ كانوا مهددي الحقوق، كانوا غرضًا قريبًا لكل ذي عدوان.

 

وكان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يشكو إلى الله ضعف قوته وقلة حيلته.. ورفض الجاهليون كل الرفض الاعترافَ بالإسلام، وعدَّه دينًا يقبله المجتمع العربي.

 

أُخرِج المسلمون من مكة - وهي الحَرَم الآمِن - وكشَّرت الوثنية عن أنيابها، بعدما تم لها ما تريد، أعلنتْ أن الهوان والطرد نصيبُ كل مَن يدخل في الإسلام، فهل يلوم أحد المسلمين إذا تصدوا لهذا التحدي، وقرَّروا الوقوف أمامه في حدود قواهم القليلة؟

 

وماذا يفعلون؟ لقد ارتقبوا فرجًا مع الغد المجهول.. وجاء هذا الفرج من حيث لا يحتسب أحد؛ فقد فرضت الظروف على المسلمين معركة بدرٍ دون أن يستعدوا أو يخططوا لها، وشعر فريق منهم بالكره البالغ لهذا القتال المفروض، وتقدم المشركون للمعركة، وهم واثقون من دحر الإسلام، وحفر قبره هنا.. وأحس النبي - صلى الله عليه وسلم - أن التصدي لهؤلاء ما منه بُد، وأن جهاد الماضي المر بالغٌ قمَّته اليوم، وأن حكم الله قد تتمخض عنه هذه الساحة التي مهَّدها القدر، فاتجه - عليه الصلاة والسلام - إلى ربه ينشده النجدة والحمى.. وكان الله - عز وجل - قد تأذن بتغيير الوضع كله، فأغرى قريشًا بدخول معركة هي أغنى الناس عنها، ووضع المسلمين أمام أمر واقع لا يستطيعون عنه حِولاً، لِم؟ ﴿ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ * لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْبَاطِلَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ * إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ ﴾ [الأنفال: 7 - 9].

 

نعم استجاب الرحمن لاستغاثة نبيه - صلى الله عليه وسلم - وتنزل النصر المفاجئ، فكان صاعقة كسرت ظهر الكفر، وجائزة ملأت أيدي المؤمنين بالخير، وصبغت وجوههم بالبِشر[7].

 

ولم يكن انتصار المسلمين في "بدر" إلا فاتحة عهد آخر من الجهاد العسكري، تجمَّعت فيه كل القوى المعادية للإسلام في مكة تريد الإجهاز عليه والخلاص منه، كما أرادت قريش ذلك في غزوة أُحُد أولاً، ثم تجمعت القوى المعادية للإسلام في غزوة الأحزاب ثانيًا، واستأنف النبي - صلى الله عليه وسلم - وصحبه العمل لربهم وآخرتهم.

 

إن أطماع الدنيا لم تكن أمل هؤلاء الرجال الكبار، إن الموت من أجل المبدأ الجليل هو ما غرسه النبي - صلى الله عليه وسلم - فيهم، وهو أسعد نهاية يختم بها مؤمن حياته - الشهادة في سبيل الله - وقد تعلق المسلمون بهذا المعنى في أيام الرخاء والعافية، فهم في الأمن والصحة يسألون الله الشهادة!

 

وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حريصًا على أن يكون القتال لله، لا لدنيا عارضة، وكان يأبَى على رجاله أن ينشبوا الحرب أو يستفزوا الخصوم.

 

هذا، وقد تعرَّض المسلمون لانكسار شديد في معركة أحد، وقُتِل - من الرجال العظام - سبعون، هم من خيرة شهداء التاريخ، وأصيب النبي - صلى الله عليه وسلم - بجرح نافذ في خده.

 

ولا شك أن ضربة أُحُدٍ كانت موجعة، بَيْد أنها نفضت المجتمع الإسلامي نفضًا شديدًا، فامتاز المنافقون، وانعزلوا بغشهم وخداعهم، وتعلَّم المسلمون كيف يواجهون الأحداث بإيمان حر، وصفٍّ ملتئم.. وشمت اليهود للنكبة النازلة، ولكن لم تمضِ سنون حتى نزلت بهم أضعافها، ثم تركوا قلب الجزيرة إلى حيث ألقت بهم المقادير.

 

وكانت هذه الهزيمة سببًا في طمع أعداء الإسلام في النَّيْل منه أو القضاء عليه، فتجمعت كل القوى المعادية له، واجتماع الأحزاب لضربه عن يد واحدة، فلا تقوم له قائمه بعد، وأعد المسلمون عدتهم، وحفروا الخندق حول مدينتهم، واعتصموا بحبل الله، ولجؤوا إلى الله، وأحسنوا الثناء على الله، وأخلصوا في الدعاء، فكان فضل الله ونصر الله للإسلام والمسلمين، وهزيمة الأحزاب المعتدين، وهزيمة الأحزاب حول المدينة شأنها عجيب، فإن قوات الضلال من الجزيرة كلها أطبقت على المسلمين في مدينتِهم، فإذا المسلمون في مأزق خانق ينذر باستئصالهم، وليس هناك بصيص أمل في بشر، اللهم إلا ما قدره الله تعالى.

 

وكان الظن أن المسلمين قد احتبسوا في مصيدة هي لا محالة مهلكتهم، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - الضارعُ إلى ربه ينتظر منه العون لحظة بعد أخرى، فلا أمل إلا فيه.. وبوغتت الأحزاب الطامعة بالأجواء تتمخض عن عواصف أو أعاصير تخلع خيامهم، وتكب آنيتهم، وتبعثهم يطلبون النجاة من حيث جاؤوا، بعيدًا عن هذه المدينة المنيعة! وانطلق صوت الإيمان داخل المدينة التي أشرق عليها الفرج يقول: "الحمد لله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده، وهزم الأحزاب وحده".

 

قد يتحدَّث المؤرخون عن "محمد المقاتل"، وقد يصفون عبقريته العسكرية، ولكنهم يخطئون الخطأ الجسيم حين يعزلون هذا الجانب عن الجوانب الأخطر والأهم من سيرته الشريفة.. لقد قاتل حين كان سفك الدم قصاصًا لضمان الحياة، أو حين يأمر بقتل مجرمٍ، ولا يرون الطبيب مقاتلاً حين يأمر ببتر عضو، إن القتال الذي خاضه محمد - صلى الله عليه وسلم - وصحبه كان في سبيل الله، وما كان في سبيل مأرب شخصي، أو مجد ذاتي، أو توسُّع إقليمي، أو عرض آخر مما ألفه المؤرخون في سِير القادة والساسة على اختلاف العصور![8].

 

إن نبي الملحمة هو نبي المرحمة، هو نبي الصلاة والزكاة، والبر والتقوى، شخصية متكاملة، التقتْ فيها أمجاد الإنسانية الرفيعة كلها.. وإذا كنا نقدم تفسيرًا للقتال الذي أراده الإسلام، فمن حقنا أن نطلبَ من القوى المعادية للإسلام تفسيرًا لما صنعت ولا تزال تصنع بالإسلام وأمته..، إن الإسلام اصطدم أول تاريخه بالوثنية واليهودية والنصرانية، فهل تغيَّرت مواقف المشركين وأهل الكتاب منه بعد مرور أربعة عشر قرنًا؟ أم لا يزالون يضنون عليه بحق الحياة؟

 

في الهند - حيث تسودُ الوثنية - نقرأ بين الحين والحين أنباءً عن المذابح الطائفية هناك، وهذا هو العنوان المختار لقتل ألوف المسلمين بالجملة، وذكر المسلمون هناك أن القتل يستمر عندما يكون المسلمون في بلد ما أقل من خُمس السكان!

 

أما عندما يكون المسلمون حول النصف فإن المذابح تقل؛ "لأن المقاومة ترهب، وخسائر المهاجمين تزيد، وقد ذُبِح من المسلمين نحو المليون عندما أنشئت "باكستان"، ولا يزال القتل الجماعي مصير المسلمين في مئات القرى، هل راجَعَ الضمير الوثني نفسه في هذه المآسي؟ هل سيراجع نفسه يومًا؟ وقرأنا عن مقتل عشرة آلاف مسلم في "تشاد"! وهذا الخبر المشؤوم نموذج لأخبار كثيرة عن مذابح المسلمين في إفريقيا الوسطى، منذ بدأ النشاط التبشيري يرسخ أقدامه هناك، والصليبية الحديثة هي المسؤولة عن هده المجازر الكالحة.

 

لماذا صار دمنا أرخصَ دمٍ في دنيا الناس، ولو أن الكلاب قُتِلت بهذه الأعداد الكبيرة لغضب لها جماعات الرفق بالحيوان!

 

وفي أواسط هذا القرن الرابع عشر تحرَّكت اليهودية، وتذكرت بغتة أن لها صلةً بفلسطين، وبدأ الهجوم الصهيوني على مراحل، وفرض على العرب أن يستسلموا، فإذا وُجِدت رصاصة في بيتٍ نسفت جدرانه، وسوِّي بالرَّغَام، كم يبلغ قتلانا في فلسطين منذ بدأ غزوها؟ ألوفًا وألوفًا، ومطلوب من المسلمين الآن أن ينسوا ويستكينوا!

 

إن الذين قاتلوا الإسلام من قديم لا تزال قلوبُهم مغلفة بالضغائن، ولا يزالون يبيتون الشر لمحمد - صلى الله عليه وسلم - وتراثه..، والغريب بعد ذلك كله أن يتهموا الإسلام بالعدوان، وهم الذين وصل قلوبهم وصحائفهم بالمنكر من الأقوال والأفعال!

 

هل تترك هذا الطغيان يُحِق الباطل ويُبطِل الحق؟!


هل يترك ليُذِل العزيز، ويُعِز الذليل؟!

 

لقد أُمِر المسلمون أن يعتمدوا على الله، ويقاوموا هذا العنف، وقيل لهم: لا تقبلوا الضيم، ولا ترخصوا الحق: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ ﴾ [محمد: 35]

 

إن السلام هنا يعني الضياع المادي والأدبي، ولا يتقبله إلا جبان خاسر الدين والدنيا.

 

وهذا سر عشرات ومئات الأحاديث والآيات التي أوصت بالجهاد، وهو جهاد - كما علمت - في سبيل الله، لا إشباعًا لغرور، ولا تمشيًا مع طمع، ولا جريًا وراء جاه، ولا عصبية لجنس، ولا دعمًا لباطل في هذه الحياة! إنه منع للشرك أن يقهر التوحيد، ومنع للظلم أن يجتاح الحقوق، ومنع للقوة أن تَمحق العدل!

 

في جو من التوقير والتهيب نرمق رجالاً صنعهم محمد - صلى الله عليه وسلم - المحبُّ لربه، الراضي عنه، الفاني فيه، نفخ فيهم من رُوحه، فإذا هم ليوث بالنهار، رهبان بالليل، يُؤثِرون الله على أنفسهم، وينشدون قبوله بالنفس والنفيس.. هم مجاهدون أتقياء، أشداء على الكفار، رحماء بينهم، مَن قُتِل منهم مات شهيدًا في سبيل الله، ومَن عاش منهم بقي حارسًا يقظًا لكلمات الله.

 

كان الواحد منهم ينزع نفسه من أحضان عروسه ليلقى - في سبيل الله - حتفَه وهو سعيد!

 

كان الواحد منهم يذهل عن الأهل والعشيرة - في مجتمع قوامه العصبية للأهل والعشيرة - ويتغرَّب بعقيدته، مستبدلاً أهلاً بأهل، وعشيرة بعشيرة.. ذلكم الجيل الذي ثبَّت أركان الحق، وأرسى قواعده إلى آخر الدهر.

 

والويل للعالم إذا نام الشرطة، واستيقظ اللصوص، وقد أسهر محمد - صلى الله عليه وسلم - ليله وجنَّد رجاله؛ ليحرسوا مسيرة الحق، ويطاردوا العصابات التي ألفت الغارة عليه حينًا بعد حين.

 

إن الرجل الذي تورَّمت أقدامه من طول تهجده، هو الذي انطلق في ميادين الكفاح المرِّ يضرب ناشري الخرافات، ويمهد الأرض لغارس الحقائق..، ونؤكد مرة أخرى أنه ما اعتمد الإكراه وسيلة لغرس عقيدة، بل إن أنبياء الله كلهم - عليهم الصلاة والسلام - يأبون هذه الوسيلة في غراس الإيمان.. الذي حكاه التاريخ - ولا يزال يحكيه - أن الضلال المسلَّح هو الذي يقوم بأعمال الفتنة والنهب، وأن موقفه من الإسلام لا ينطوي على مهادنة أو شرف.

 

وهنا يجب أن نقدر محمدًا قدره!

 

إن توحيد الله - سبحانه وتعالى - هو الشيء الذي أطبق المرسلون عليه كلهم، فهذا التثليث غريب على السماء وعليهم، منكور الأصل والوجهة، ومن حق محمد - صلى الله عليه وسلم - والأنبياء كلهم وراءه، أن يصرخوا بالحقيقة الواحدة، وأن يمنعوا كل عقبة تعترضها.

 

إن الأرض والسماء وما بينهما تهتف مع محمد - صلى الله عليه وسلم - وهو يشق أجواء الفضاء بكلمات الأذان، فإدا استحمق بشر، وظن الإله عشرة، فليستحمق ما شاء، ولكن ليس له أن يستغل سلطته أو ثروته في إيذاء الموحدين، أو إغلاق أفواههم..، ويوم ينكسر سيفه وهو يحاول قطع الطريق على قافلة الحق، فليذهب إلى الجحيم، ولا مكان للعطف عليه.

 

وفي عصرنا هذا تقع مفارقات مستغربة، فهناك مَن يريد إقناع المسلمين بترك رسالتهم، والتنكر للحق الذي شرَّفهم الله به، والتخلف عن محمد - صلى الله عليه وسلم - خيرِ مَن جاهد لتكون كلمة الله هي العليا، وما أشك في أن هذا الصوت القبيح مستأجَر للإلحاد والعَلمانية، أو الصهيونية، أو الصليبية، ومصيره - إن شاء الله - إلى الاضمحلال والتلاشي، فإن الأوفياء لله ورسوله سيبقون على العهد إلى قيام الساعة، يؤمنون بالله، ويكفرون بالجبت والطاغوت.

 

وقد شاء الله أن تقترن الشهادة له بالوحدانية، مع الشهادة لمحمد - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة، وذلك لأمر واضح، أن محمدًا - عليه الصلاة والسلام - كان أشد الناس جؤارًا بذكر الله وحده، ومحو كل أثارة من شرك تتسلل إلى دينه، لقد تعلمنا منه أن نعرف الله معرفة اليقين، وأن نحبه الحب المكين، وأن نتابعه وهو يردِّد: ﴿ قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [الأنعام: 162، 163].

 

فماذا يقول الآخرون؟

إنهم يهرفون بما لا يعرفون، والموعد ساحة العرض: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [الزمر: 30، 31]، وإن الكتابة في شمائل محمد - صلى الله عليه وسلم - وعبادته وفروسيته ميدانٌ لا يزال ينتظر الرجال..."[9].

 

فريضة الجهاد:

ومهما اختلف فقهاء المسلمين في توجيه الآيات والاستنباط من الأحاديث في دوافع القتال، وترجيح أقوال على أقوال، فإن حقيقةَ موقف الإسلام من القتال إنما هو موقف معتدل شجاع، لا هو إلى الجبن، ولا هو إلى التهور، وإنما هو بين سلبية الدفاع ضد العدوان البادئ من العدو، وإيجابية نشر الدين البادئة من المسلمين، ومنه يبدو أن الإسلام قد يبدأ الحرب حينًا وقد يكون مثنِّيًا حينًا.

 

على أنه مهما بدأ أو ثنَّى فقد أوجب على نفسه ألا يسترق الظَّفَر أو ينتهب النصر، بل عليه أن يدعو عدوه أولاً إلى الإسلام وأعراضه الصالحة، وقد تقرر ذلك قاعدة في قوله - تعالى -: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].

 

وفيما أورده أبو يوسف من أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يقاتل قط - فيما بلغه - حتى يدعوَهم إلى الله ورسوله.

 

وقد تكون الدعوة والجند الإسلامي على رؤوس القوم، كما غزا "سلمان" المشركين من أهل فارس حتى إذا كان على رؤوسهم، قال لقومه: كفوا حتى أدعوَهم، كما كنت أسمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعوهم، فأتاهم فقال: "إنا ندعوكم إلى الإسلام، فإن أسلمتم فلكم مثل ما لنا، وعليكم مثل ما علينا، وإن أبيتم فأعطونا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإن أبيتم قاتلناكم، "قالوا: أما الإسلام فلا نسلم، وأما الجزية فلا نعطيها، وأما القتال فإنا نقاتلكم، فدعاهم كذلك ثلاثًا، فأبوا عليه، فقال للناس: "انهَدوا إليهم...".

 

وكدلك يرى الإسلام أن يدعو قبل القتال، ولكنه بعد أن يكون قد استعدَّ وقوي، ثم يرسل دعوته حتى لو كان على رؤوس القوم، وقد رأى بعض الفقهاء والتابعين أنه ليس أحد من أهل الشرك إلا وقد بلغتْه الدعوة، فحلَّ للمسلمين قتالُهم من غير دعوة، وقد جعلوا الدليل الأول قوله - تعالى -: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا ﴾ [الحج: 39]، والدليل الثاني قوله - تعالى -: ﴿ وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ ﴾ [الأنفال: 39].

 

ولم يكن الإسلام أن يغفل ويستر عقله، فيغتَر بسكون الحقد مِن حوله، فإن الحقد ما يزال يتطلب العلل حتى يستعرَ استعار النار؛ ولذا فقد حسب دائمًا أنه محصور بين أعداء لا يرقبون في مؤمن إلاًّ ولا ذمة، فأي قتال نشب بين المسلمين لإزهاق فتنه الكفر أو إرهاق وثبة الظلم، فإنه لا يعد بَدْءًا، وليست بداية واقعة بَدْر إلا مثلاً لما هو بين السلب والإيجاب، فإن عدَّت بَدْءًا من المسلمين بالقتال عدَّت كذلك ردًّا على طرد المسلمين من الديار والأموال.

 

ومن ثم صار الجهاد فريضة في الإسلام بغية الأمرين: نشر الدين، ورد المعتدين، والأهبة للأمرين على الدوام، وقد قرر ذلك رسول - صلى الله عليه وسلم - في قوله: ((والذي نفس محمد بيده، لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدًا))[10].

 

وفي قوله: ((مِن خير معاش الناس لهم رجلٌ مُمسِك بعنان فرسه في سبيل الله، يطير على متنه كلما سمع هيعة أو فزعة طار على متنِه، يبتغي القتل أو الموت مظانه))[11].

 

وقد عَرَف الرسول القائد - صلى الله عليه وسلم - وعَرَف الخلفاء والقواد مِن حوله ومِن بعده أن موهبة القتال لن تخمد عن المسلم مهما كانت القوى التي يلقاها؛ لأنه إنما يطلب دائمًا بقتاله أغراضًا صالحة هي التي تتحكم في سيفه، وهو يفترض دائمًا أن عدوه أضعف منه؛ إذ يحيط به الضعف مرتين، مرة من نفسه، ومرة من أغراضه، فما لم يكسره ضعف النفس يكسره ضعف الأغراض"[12].

 

ومسؤولية المسلمين نحو دينهم من حيث إنه دين الكافة، ومن حيث إنهم مكلَّفون بالدعوة ورد المرتدين عنه إليه حتى القيامة - مسؤوليةٌ ذاتُ خطر وبال، والعالم كله - متديِّنه وعاطله - مفطور على قبول الحجة القوية التي هي من صنع الداعي وحيلته؛ ولذا وجب على المسلمين متابعة ما بدؤوا به من دعوة كل إنسان إلى ما دعا إليه الإسلام منذ البَدْء، فإما إلى الإسلام، وإما إلى السلام.

 

وقد يكون من الرعب لذوي الحقد والعناد أن يقال: إن السيف من وراء تلك الدعوة، وكان من الحق أن يرتعدوا لو أن السيف سلطان على الرقاب من غير أن تصحبه وتسبقه دعوة صالحة وحجة قوية، فإذا صحبته الدعوة وسبقته الحجة، فمن ظلم القول أن يلقى الذنب إلا على العناد والكفران.

 

وما زالتْ حجة الإسلام قائمةً على أهل الأرض؛ فالأديان التي خاطبها من قبل لم تزل كما هي، بل اختلطت واضطربت فهي أشدها حاجة من ذي قبل إلى دعوتِه، وارتطام كتلٍ ضخمة من البشر في حضيض الوثنيات ما زالت له هدات ووجبات، ولم يجدَّ جديد سوى أنظمة مادية تسمَّى عقائد مجازًا، وليس في واحد منها إلا ما سار في ظل القرآن ما بلغ في خطورته عقائد الخوارج التي خالفت أهل السنة والشيعة جميعًا، ثم انتصر الإسلام عليها بيقين ثابت وبرهان متين"[13].

 

آداب القتال:

وقد أخذ الإسلام في الحرب بمبدأ السياسة واللين، ورآه أشد استئصالاً للعدو من صرعة المكابرة، وقد قال الرسول الحكيم - صلى الله عليه وسلم - في بعض غزواته لأصحابه -: ((أيها الناس، لا تتمنوا لقاء العدو، واسألوا الله العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا، واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف))[14].

 

قال ذلك علمًا منه بأن اللقاء قد يكون أضعف حِيَل الحرب، وأن أحزمَ القادة مَن لم يلتمس الأمر بالقتال وهو يجد إلى غيره سبيلاً.

 

وفي وصية "عمر بن الخطاب" "لسعد بن أبي وقَّاص" ومَن معه من الأجناد، جمع عمر كل آداب الجندي في زحفه للحرب، وكانت من قبل في وصايا النبي - صلى الله عليه وسلم - وأوامره ومراقباته؛ فكملتْ بها المحافظة على مكاسب النصر، والصبر على قروح الهزيمة، ثم صارت الوصايا في الحرب تقليد الخلفاء والقواد لكل بعث أو رباط.

 

وأول تلك الوصايا: الاستقامة في مسلك القائد والجندي معًا، فعلى كل منهما أن يلتزم التقوى ويحترس من المعاصي، لا كالجند الكافر الذي ينهم إلى اللذة والظلم حين يظن ملاقاة الموت، وقد جعلها عمر أفضل العدَّة على العدو، وأقوى المكيدة على الحرب، وضرب المثل بالانتصارات في الغزوات في عهد أبي بكر، وأنها لم تكن بكثرة عددٍ ولا بقوة عُدَّة، وإنما كانت بالاستقامة التي نصرت قلوبًا نقية سليمة على عدو متفوق منغمس في المعاصي".

 

وقد فصَّل عمر واجبات القتال؛ فأوجب على القائد رعاية الجند والسلاح، والمؤونة، وأمور الزحف، والتقهقر، والسرايا، وإذكاء الحراس على العسكر، والتيقظ للعدو، والمفاجأة، وأوصى القائد بالإصغاء إلى المُشِيرين النصحاء، فنفى بذلك كله أن يقود المعركة مجازفٌ أو مجنون، ومثلها تمامًا أن يقودها عاقل مستبد يتصرف كما يشاء، وأوجب عمر على الجندي المسلم - حتى في أشد أوقات حرجه وضيقه - أن يضبط نفسَه وأن يحاسبها، فإذا لم يكن بدٌّ من الاستشهاد فإن غضب الله في انتظار من يفر من الزحف إلا متحرفًا لقتال، أو متحيزًا إلى فئة من فئات المسلمين"[15].

 

ولقد كشف القرآن الكريم للمسلمين عن حقيقة أساسية من حقائق الحكاية هي أن الحرب ضرورة اجتماعية: ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 251]، ﴿ وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [الحج: 40، 41]، ولما كانت الحرب ضرورة اجتماعية فقد واجهها الإسلام - وهو الدين الواقعي - بالرأي الواضح والقانون الصحيح، وقد أذِن الله للمسلمين بالقتال متى ظلموا أو سدت الطريق أمامهم لتبليغ دعوتهم، أو لردع المعتدي.

 

فما دامت في الدنيا نفوس لها نوازع وأهواء ومطامع، وما دام هناك هذا الناموس الذي يطبق على الأفراد والجماعات على السواء: ناموس تنازع البقاء - فلا بد إذًا من الاشتباك والحرب، وحتى تكون الحرب لردع المعتدي وكف الظالم ونصرة الحق، والانتصاف للمظلوم تكون فضيلة من الفضائل، وتتيح الخير والبركة والسمو للناس، وحين تكون تجبرًا أو إفسادًا في الأرض واعتداءً على الضعفاء تكون رذيلة وتنتج السوء والشر والفساد في الناس، وبذلك كانت أولى نظرات الإسلام إلى الحرب أنها ضرورة اجتماعية، أو شر لا بد منه؛ لما يرجى من ورائه من خير، ويشهد القرآن الكريم بأن الإسلام يغلب السلم على الحرب؛ فإن الآيات التي جاء فيها ذكر الحرب لم تزد عن ست آيات، أما الآيات التي فيها السلم ومشتقاته، فقد بلغت (138) آية.

 

وقد أقام الإسلام مفهوم الحرب على أسس واضحة؛ فهو:

أولاً: من أجل رد العدران والدفاع عن النفس والأهل والوطن والدين، ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾ [البقرة: 190].

 

ثانيًا: من أجل تأمين الدين والاعتقاد للمؤمنين الذين يحاول الكافرون أن يفتنوهم عن دينهم.

 

ثالثًا: حماية الدعوة حتى تبلغ للناس جميعًا، ويتحدد موقفهم منها تحديدًا واضحًا؛ ذلك أن الإسلام رسالة اجتماعية إصلاحية شاملة، تنطوي على أفضل مبادئ الحق والخير والعدل، وتوجه إلى الناس جميعًا.

 

رابعًا: تأديب ناكثي العهد من المعاصرين، أو الفئة الباغية على جماعة المؤمنين التي تتمرد على أمر الله، وتنأى عن حكم العدل والإصلاح.

 

خامسًا: إغاثة المظلومين من المؤمنين أينما كانوا، والانتصار لهم من الظالمين.

 

سادسًا: تحريم الحرب لغير ذلك من الأغراض؛ فكل ما سوى هذه الأغراض الإنسانية الإصلاحية الحقة من المقاصد المادية، أو الشخصية، أو النفعية، فإن الإسلام لا يُجِيز الحرب من أجلها.

 

سابعًا: إضافة القتال دائمًا إلى سبيل الله، وتحريم كل قتال لغير هذه الأغراض.

 

لقد عَرَف المسلمون "الجهاد" وَفْق مفهوم الإسلام: دفاعًا عن حق مجتمع الإسلام في الحياة، ودعوة الإسلام في الامتداد، وذلك بالتضحية بالنفس، والتغلب على أهوائها من أجل تجديد بناء الأمة، وحماية الحوزة، ومفهوم إرادة القتال في الجهاد الإسلامي، مادة وروحًا، فيه الدعوة إلى الخير والسلام، وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفيه الإعراض عن الاستغلال والاستعباد.

 

أما في الشرق والغرب، فقد فهمت إرادة القتال "مادة فقط" في الدعوة إلى التسلط والاستعباد، وفي إشاعة المنكر والفساد، وفي حب الحرب، وكراهية السلام، وفي الاستغلال والاستعمار[16].

 

قال - تعالى -: ﴿ فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ * وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [البقرة: 194 - 195]، وإن المقصود من الآية الأُولى تقديم رائع المقصود من الآية التي تليها.

 

إن الله - عز وجل - يأمر بنصر الحق والنضال دونه، ومجاهدة الكافرين بالنفس والنفيس، ويوصي عباده ألا يستكينوا للظلم، ويحرِّضهم على مقابلة العدوان بمثله، وعلى ألا يتركوا الضلال يستعلن فلا يجد من يقمعه ويردعه.

 

كلا، فرسالة الله أعز في حقيقتها، وأعز لدى حملتها من أن يكودن لها أمام الباطل منزلة السوء والهوان، هذا - بداهة - يستتبع سيلاً جارفًا من النفقة المبذولة، وينابيع دافقة من الإيثار والتضحية، وبيع الدنيا بالآخرة، وقد وُجِّه المسلمون الأولون صراحة بهذه التكاليف الشاقة في هذه الآيات وفي غيرها من كتاب الله، لكن الآية التي نحن بصدد الحديث عنها بأنها تضمنت تهديدًا خطيرًا لم يجبنْ عن الكفاح ويَنكِص عن النفقة!

 

إذا اعتبرت الفارَّ بنفسه وماله ملقيًا بنفسه وماله في الهلاك، وأومأت إلى أن الأمة التي تتراجع عن الموقف الواجب في ميدان الشرف والفداء لا تلبث قليلاً حتى تذل وتَخْزَى، ثم يجر عليها التاريخ أذيال العفاء.

 

ردوا العدوان وابذلوا في سبيل الله الحق.. وإلا فالتسليم للعدوان والشح بالأموال طريق الضياع والفناء والتهلكة، فلا تلقوا بأيديكم إليها.

 

ألا ليت المسلمين يدركون هذه السنة في ازدهار الأمم واندثارها، لا سيما وهم مع اليهودية والصليبية في حرب حياة أو ممات.

 

غير أن فريقًا من المسلمين ظلم هذه الآية أقبح ظلم، وفهمها أغبى فهم، وظن أن الله يقول لعباده: احرصوا على أعماركم فلا تعرِّضوها للاستشهاد في سبيلي، واحرصوا على أموالكم، فلا تضيعوها بالإنفاق في سبيلي!

 

وهكذا لم يكفَّ الناس أن يعصوا، حتى ذهبوا يتلمسون لمعاصيهم الفتوى المشروعة!

 

عن أسلم أبي عمران قال: كنا بمدينة القسطنطينية فخرج علينا صف عظيم من الروم، فبرز إليهم من المسلمين مثلهم أو أكبر، وعلى أهل مصر "عقبة بن عامر"، وعلى أهل الشام "فضالة بن عبيد"، فحمل رجل من المسلمين على الروم حتى دخل فيهم ثم خرج إلينا، فصاح الناس إليه، فقالوا: سبحان الله! ألقى بيديه إلى التهلكة، فقال أبو أيوب: يا أيها الناس، إنكم لتتأوَّلون هذه الآية على غير التأويل، وإنما نزلت فينا معشر الأنصار، إنا لما أعز الله دينه وكثُر ناصروه، قلنا فيما بيننا: لو أقبلنا على أموالنا فأصلحناها... فأنزل الله هذه الآية.."[17].

 

وإقبال الناس على أموالهم يستصلحونها ليس جرمًا ينهون عن اقترافه، فإن تعهد المتاجر والمحاقل بما يزيد غلتها، ويضاعف ثمرتها، عملٌ مطلوب، لا قيام للدنيا إلا به، ثم لا قيام للدين إلا إذا ساندتْه دنيا، نمَّاها العمل، ثم أنهكها البذل في سبيل الله.

 

وإنما خيف على المسلمين الأوائل أن يقعدوا عن نصرة الدين، ويركنوا إلى ما بقي لهم من مال، ظانين أن الإسلام قد انتصر وفرغ من أعدائه، فلا ضرورة لإعداد ولا استعداد، وهذا خطأٌ؛ فإن أعداء الحق لا يخلو منهم جيل، ولا ينقطع لهم كيد، ولئن كان الهجوم المسلح غير مطلوب دينًا، فإن المسلم المسلح من أركان الدين؛ وذلك يقتضي من الأمة أن تأخذ أهبتها كاملة، فلا تبخل على عدد الحرب بمال، ولا تمسي إلا وهي واثقة من أنها على حذر وتهيؤ، فإذا بُغِتت ردَّت على العادين وهي عزيزة قادرة.

 

فأما الأمم التي تنام على تفريط، وتضن على حماية نفسها ورسالتها بالأرواح والأموال، فهي أمم لا شك هالكة، في عالم يقال فيه: مَن لم يتذأَّب أكلتْه الذئاب، إن النفقة في هذه الوجوه سياج يحمي المآثر ويصون الحياة[18].



[1] رواه الإمام أحمد، ج 3 ص 266، وقال الهيثمي في مجمع الزوائد (ج 5 ص 278): رواه أبو يعلى وأحمد، إلا أنه قال: ((لكل نبي رهبانية))، وفيه زيد العمي، وثَّقه أحمد وغيره، وضعَّفه أبو زرعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح.

[2] رواه أحمد ج 3 ص 82، وقال الهيثمي في الزوائد: ج 4 ص 215: رواه أحمد، وأبو يعلى، ورجال أحمد ثقات.

[3] ليس من الإسلام، للشيخ محمد الغزالي ص 24، 25 بتصرف.

[4] راجع: الدر المختار وحاشية ابن عابدين، عن: هذا ديننا ص49.

[5] هذا ديننا ص 47 - 50 بتصرف.

[6] فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء، محمد الغزالي، ص 139 - 141، ط دار الاعتصام.

[7] فن الذكر والدعاء، ص 141، 142، بتصرف.

[8] فن الذكر والدعاء ص (143 - 149) بتصرف.

[9] فن الذكر والدعاء عند خاتم الأنبياء (151 - 156) بتصرف.

[10] رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب الجهاد من الإيمان ج 1 ص 16، ومسلم، كتاب الإمارة - باب فضل الجهاد والخروج في سبيل الله ج 2 ص 145، 146، وابن ماجه، كتاب الجهاد باب فضل الجهاد في سبيل الله، ج 2 ص 920.

[11] رواه مسلم، كتاب الإمارة، باب فضل الجهاد والرباط ج 2 ص 150 - 151، والترمذي، كتاب فضائل الجهاد، باب ما جاء: أي الناس خير؟ ج 7 ص 155، وابن ماجه، كتاب الفتن، باب العزلة، ج 2 ص 1316.

[12] من حضارة الإسلام، د/ عبدالعزيز سيد الأهل، ص 110، 111، ط دار التحرير.

[13] من حضارة الإسلام ص 112، 113.

[14] رواه مسلم: كتاب الجهاد، باب كراهة تمني لقاء العدو، والأمر بالصبر عند اللقاء ج 2 ص 1362، وأحمد ج 4 ص 354).

[15] من حضارة الإسلام ص 113، 114.

[16] بماذا انتصر المسلمون؟ أنور الجندي ص 57 - 62، بتصرف ط/ دار الاعتصام.

[17] تفسير ابن كثير، ج 1 ص 228، 229.

[18] من معالم الحق في كفاحنا الإسلامي الحديث، محمد الغزالي ص 118 - 120، ط دار الصحوة طبعة رابعة (1984م).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • صور من التسامح الإسلامي
  • صور من التسامح الفعلي في واقع المسلمين
  • درجات التسامح وحظ المسلمين منها
  • التسامح بين الإسلام واليهودية والمسيحية
  • منهج لرد الشبهات حول التسامح الإسلامي
  • التسامح في الإسلام
  • التسامح والرحمة في الإسلام
  • التسامح في رمضان
  • خلق التسامح

مختارات من الشبكة

  • شبهات حول القرآن (2) شبهات علمية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شبهات معاصرة حول المصادر الأساسية للتشريع الإسلامي (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • شبهات المستشرقين حول السيرة النبوية (القائلين بها، أدلتهم، تفنيدها) دراسة نقدية(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • ندوة: شبهات وحلول حول صحيح البخاري (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شبهات المستشرقين حول السنة النبوية: القائلين بها، أدلتهم، تفنيدها (دراسة نقدية) (PDF)(كتاب - آفاق الشريعة)
  • شبهات حول موقف الأمويين من الإسلام والردود عليها (PDF)(كتاب - ثقافة ومعرفة)
  • شبهات حول الحجاب: مغالطة قسوة اليهود على المرأة أنموذجا(مقالة - ملفات خاصة)
  • محاضرات في شبهات حول السنة مع دفعها: الجزء الأول (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شبهات حول تعدد الزوجات في الإسلام(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)
  • شبهات حول الطلاق(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية
  • ختام ناجح للمسابقة الإسلامية السنوية للطلاب في ألبانيا
  • ندوة تثقيفية في مدينة تيرانا تجهز الحجاج لأداء مناسك الحج
  • مسجد كندي يقترب من نيل الاعتراف به موقعا تراثيا في أوتاوا

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 1/12/1446هـ - الساعة: 22:18
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب