• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد / التوحيد
علامة باركود

قوة التوحيد (خطبة)

قوة التوحيد (خطبة)
د. محمد بن عبدالله بن إبراهيم السحيم

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/5/2013 ميلادي - 3/7/1434 هجري

الزيارات: 21675

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

قوة التوحيد

 

الحمد لله ناصر المؤمنين، وماحق الكافرين، ديان يوم الدين، ياه نعبد وإياه نستعين. وأشهد ألا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله خيرَ المرسلين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أما بعد، فاتقوا الله - عباد الله -؛ فتلك وصيته للأولين والآخرين: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [النساء: 131]، ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ [البقرة: 278].

 

أيها المؤمنون!

القوة مطلب مستقرٌ حسنُه في الفطر على تفاوت الأعمار والطبقات والديانات؛ إذ لا حمى إلا بقوة، وما استُرِدَّتْ الحقوق ولا حفظت الهيبة ورعيت الذمام بمثل القوة. وظل طلب تلك القوة منى من يبغي السيادة وعيش الكرامة، وطفق أولئك ينشدونها من كل طريق يرونه موصلاً لها.  وبطغيان النظرة المادية انجفل الأغلب خلف طلب القوة الحسية، وقصروا مفهوم القوة بها؛ الأمر الذي أدى إلى تشويه حقيقتها، وافتتان فئام من المسلمين بها، وإصابتهم بهزيمة نفسية حين يرون تفوّق أعدائهم عليه فيها.  ومع أهمية القوة الحسية وضرورة الأخذ بها، لا أنها تتقاصر عن قوةٍ تميّزَ أهلُ الإيمان بها وتفردوا؛ إذ كانت قوة غيرهم جامدة أرضية تكتنف اللحاء والمظهر وتنتهي بعمر محدود؛ فما من شيء من أمور الدنيا ارتفع إلا وضعه الله،  بينما كانت قوة المؤمنين إلهيةً تبني اللباب والأصول ولا يقف مداها ما دام في النفْس عرق ينبض، تلكم هي قوة التوحيد والإيمان الله - جل وعلا.

 

أيها المسلمون!

إن قوة التوحيد مستمدة من قوة من وُحِّد - سبحانه -؛ ومن ذا الذي يغالب المولى في سلطانه؟! أو يفوت من قدرته؟! يقول تعالى: ﴿ وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾ [الحج: 40]. وذلك ما جعل المؤمن يعادل عشرة من الكفرة في ميدان المعركة، وإن ضعف فلا أقل من أن يكون نصابه الضعف، يقول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتَالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفًا مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ * الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِين ﴾ [الأنفال:65، 66]. ويقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: «خَيْرُ الصَّحَابَةِ أَرْبَعَةٌ، وَخَيْرُ السَّرَايَا أَرْبَعُ مِائَةٍ، وَخَيْرُ الْجُيُوشِ أَرْبَعَةُ آلَافٍ، وَلَنْ يُغْلَبَ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا مِنْ قِلَّةٍ» رواه أبو داود والترمذي وحسنه وصححه الحاكم. والتاريخ شاهد على أنه ما من معركة خاضها المسلمون وانتصروا فيها إلا وهم أقل من عدوهم عدداً وعدة، وما زالت الأيام تثبت تلك الحقيقة، ونسأل الله أن يرينا إياها عينَ يقينٍ في جهاد الشام.

 

عباد الله!

إن العالم مطبق على تفوق القوة المعنوية على الحسية؛ إذ القوى الحسية لا تجدي شيئاً إن كانت الروح المعنوية منهارة أو ضعيفة؛ ولذا باتت الحرب النفسية وإرهاب الخصوم أنكى أنواع الحروب وأقواها مفعولاً وأقلها كلفة. وقوة التوحيد قد تفردت في بناء الروح المعنوية للمؤمنين بناء محكماً لا يضاهى ولا يبارى؛ قوة في المبدأ، والإرادة، والقلب، والصف.

 

أما قوة المبدأ؛ فإن توحيد الله هو سر الوجود وحكمة الحياة، وإعداد القوة من لدن أهل الإيمان إنما هو لأجل تحقيق هذه الغاية السامية ومجاهدة من عارضها، يقول الله - تعالى -: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَق ﴾ [التوبة: 29]. وكذلك، فإن من قوة المبدأ الذي يحمله أهل التوحيد سموَّ الوسيلة في قتال المشركين؛ إذ لم يُبَحْ إلا قتالُ من كان منهم صاداً عن دين الله أو صائلاً على عباده، فقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوصي أمراء جيوشه قائلاً: "اغْزُوا بِاسْمِ اللهِ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللهِ، اغْزُوا وَلَا تَغُلُّوا، وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تَمْثُلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، وَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ، فَادْعُهُمْ إِلَى ثَلَاثِ خِصَالٍ - أَوْ خِلَالٍ - فَأَيَّتُهُنَّ مَا أَجَابُوكَ فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ، فَإِنْ أَجَابُوكَ، فَاقْبَلْ مِنْهُمْ، وَكُفَّ عَنْهُم" رواه مسلم.

 

أيها الإخوة في الله!

وقوة الإرادة التي يصنعها التوحيد في أهله تحملهم على أنفة الاستعباد لغير الله - جل وعلا - والتخلص من ربقة التبعية المهينة لأعدائه، كما قال الله - تعالى -: ﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾ [القصص:4، 6]. وذلك ما يجعلهم ذوي صبرٍ وثبات تندقُّ على جلامده فؤوس اليأس والاستعجال، يقول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [آل عمران: 200]. والنصر - كما قيل - صبر ساعة.

 

معشر المؤمنين!

والتوحيد أقوى قوة تحل في القلب؛ إذ فيه التوكل الذي به ولاية الله - سبحانه - عبدَه، ﴿ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ ﴾ [الطلاق: 3] ، وذلك حين يكون اعتماده وثقته بمولاه، ومن ثَمّ تكون مباشرته - حسب استطاعته - أسبابَ القوة الحسية بشتى صورها: العسكرية والاقتصادية والسياسية والتقنية، وفرق بين من يباشر الأسباب واعتماده على الله وبين من يباشرها وعليها معتمده.  وبالتوحيد تطرد المخاوف والأوهام من القلب؛ فيغدو قلباً شجاعاً لا تزعزعه الخطوب والكروب؛ وذلك ما يُفهم من قول الله - تعالى -: ﴿ سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِمَا أَشْرَكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا ﴾ [آل عمران: 151]. والتوحيد يفيض على القلب اليقين الذي ما أعطي العبد خيراً منه؛ فلا يهاب المنون والنزال وصولة العداة وتهديداتهم، كما أخبر الله - سبحانه - عن المؤمنين: ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل ﴾ [آل عمران: 173]، كتب خالد بن الوليد - رضي الله عنه - لملك مدائن كسرى: "أمَّا بَعْدُ، فَإِذَا جَاءَكُمْ كِتَابِي فَابْعَثُوا إليَّ بالرَّهن وَاعْتَقِدُوا منِّي الذِّمة، وَإِلَّا فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ لأبعثنَّ إِلَيْكُمْ قَوْمًا يحبُّون الْمَوْتَ كَمَا تحبُّون أَنْتُمُ الْحَيَاة". والتوحيد يكسب قلب صاحبه طمأنينة برضاه بالقدر والصبر عليه؛ فلا يجزع للأهوال والمجازر والفظائع، ﴿ وَلَمَّا رَأَى الْمُؤْمِنُونَ الْأَحْزَابَ قَالُوا هَذَا مَا وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَصَدَقَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَمَا زَادَهُمْ إِلَّا إِيمَانًا وَتَسْلِيمًا ﴾ [الأحزاب: 22]. بل يقارع القدر بالقدر، والدنيا بتوحيده في عينيه أهون من جناح بعوضة، وهو موعود بإحدى حسنيين؛ نصر أو شهادة، وقد احتسب مصابه حين علم أنْ قد فاق عدوَّه بالأجر بعد إن استويا في الألم، ﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 104]، سيما والكون كله معه سائر في فلك العبودية للخالق - جل وعلا - إلا شذاذ الكفرة، كما قال تعالى: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء ﴾ [الحج: 18]، بل لربما سخّر الله لعباده المؤمنين بعض عظيم خلقه كالملائكة والبحار والريح والرعب؛ تثبتهم وتقاتل معهم، ﴿ وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ ﴾ [المدثر: 31]؛ فأيُّ قوةِ قلبٍ تفوق قوةَ قلبِ الموحِّد؟!

 

بارك الله...

 

الخطبة الثانية

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله.

وبعد، فاعلموا أن أحسن الحديث كتاب الله...

 

أيها المؤمنون!

وقوة الصف تبنى بالتوحيد بناءً محكماً مرصوصاً؛ إذ بالتوحيد تتمايز الصفوف وتصفو، ويبين العدو من الولي؛ وذلك ما تمليه عقيدة الولاء للمؤمنين ومناصرتهم ومعاداة الكافرين وعدم مظاهرتهم، كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾ [التوبة: 71]، وقال سبحانه: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا مُبِينًا ﴾ [النساء: 144]. وأكثر ما تخترق صفوف أهل الإسلام وتهترئ بترك هذه العقيدة؛ وذلك هو الفتنة والفساد الكبير كما قال الله - تعالى -: ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ ﴾ [الأنفال: 73]. وعقيدة التوحيد ذات أثر وثيق في تماسك الصف المؤمن بنصرة المظلوم ورفد الضعيف وإعانة العاجز؛ فإن دعَّ اليتيم وترك الحضِّ على طعام المسكين من صفات المكذِّب بالدين، ولَيْسَ الْمُؤْمِنُ الَّذِي يَشْبَعُ وَجَارُهُ جَائِعٌ، وقال النَّبِيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ» رواه البخاري. والنصيحة والسمع والطاعة في غير معصية الله لمن ولاه الله أمر الأمة مما يمليه الإيمان، وبه يُحفظ تماسك الصف المؤمن من الانفلات والاضطراب. يقول الله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ ﴾ [النساء: 59].

 

أيها المسلمون!

ذلكم وميض من سنا التوحيد، وأثره في بناء قوة الفرد والأمة. وتالله ما ضربت أمة الإسلام بالذلة والصغار والهوان على الأعداء إلا حينما ضعفت في قلبها هذه العقيدة التي جعلها الله قَدَرَها في القوة. قال طارق بن شهاب - رضي الله عنه -: خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ إِلَى الشَّامِ وَمَعَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ فَأَتَوْا عَلَى مَخَاضَةٍ وَعُمَرُ عَلَى نَاقَةٍ لَهُ فَنَزَلَ عَنْهَا وَخَلَعَ خُفَّيْهِ فَوَضَعَهُمَا عَلَى عَاتِقِهِ، وَأَخَذَ بِزِمَامِ نَاقَتِهِ فَخَاضَ بِهَا الْمَخَاضَةَ، فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، نْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟! تَخْلَعُ خُفَّيْكَ وَتَضَعُهُمَا عَلَى عَاتِقِكَ، وَتَأْخُذُ بِزِمَامِ نَاقَتِكَ، وَتَخُوضُ بِهَا الْمَخَاضَةَ؟! مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أَهْلَ الْبَلَدِ اسْتَشْرَفُوكَ، فَقَالَ عُمَرُ: «أَوَّهْ! لو لَمْ يَقُلْ ذَا غَيْرُكَ أَبَا عُبَيْدَةَ لجَعَلْتُهُ نَكَالًا لَأُمَّةِ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -؛ إِنَّا كُنَّا أَذَلَّ قَوْمٍ فَأَعَزَّنَا اللَّهُ بِالْإِسْلَامِ؛ فَمَهْمَا نَطْلُبُ الْعِزَّةَ بِغَيْرِ مَا أَعَزَّنَا اللَّهُ بِهِ أَذَلَّنَا اللَّهُ» رواه الحاكم وصححه على شرط البخاري ومسلم ووافقه الذهبي. ألا ما أحوج الأمة إلى الرجوع إلى سر قوتها؛ وذلك يوجب نشر التوحيد وتعليمه ومحاربة ما يضاده من بدع وشركيات تجني على المجتمع وأمنه.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • في تحقيق التوحيد (خطبة)
  • حق الجار أمانة (خطبة)
  • التوحيد في القرآن الكريم (1)
  • ويل لك يا آكل الميراث (خطبة)
  • التوحيد أولا (خطبة)
  • من فضل التوحيد

مختارات من الشبكة

  • قوة النبي صلى الله عليه وسلم أنموذجا لبناء قوة الأمم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • قوة الرسالة وقوة الإقناع(مقالة - موقع الشيخ د. أسامة بن عبدالله خياط)
  • قوة النبي صلى الله عليه وسلم(مقالة - ملفات خاصة)
  • غزوة بدر الكبرى(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أيها الإعلامي: ذكر العالم بنقاط قوتك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • هزيمة الغرب للإسلام أمر غير ممكن نظرية دافيد سيلبورني(مقالة - موقع الدكتور أحمد إبراهيم خضر)
  • المقاومة سلاح الردع الإسلامي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نبي الله داود عليه السلام أنموذجا لبناء قوة الأمم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خطبة وسائل القوة(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
1- جزاك الله خير
محمد - المملكه العربيه السعوديه 14-05-2013 04:18 PM

جزاك الله خير يا شيخنا

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب