• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    أوصاف القرآن الكريم في الأحاديث النبوية الشريفة
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    تحريم أكل ما لم يذكر اسم الله عليه
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    المسارعة إلى الاستجابة لأمر الله ورسوله صلى الله ...
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أفضل أيام الدنيا (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    الحج وما يعادله في الأجر وأهمية التقيّد بتصاريحه ...
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    تفسير قوله تعالى: { إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...
    الشيخ أ. د. سليمان بن إبراهيم اللاحم
  •  
    سمات المسلم الإيجابي (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    المصافحة سنة المسلمين
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    الدرس الثامن عشر: الشرك
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    مفهوم الموازنة لغة واصطلاحا
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    ملخص من شرح كتاب الحج (5)
    يحيى بن إبراهيم الشيخي
  •  
    من نفس عن معسر نجاه الله من كرب يوم القيامة
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

آيات من القرآن في العلم (2)

آيات من القرآن في العلم (2)
فتحي حمادة

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 7/5/2013 ميلادي - 26/6/1434 هجري

الزيارات: 27839

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

آيات من القرآن في العلم

(استكمال الآيات السابقة)


القلم أول ما خلقه الله؛ ولذلك فإن الله أقسم به، وهذا دليل على عظم القلم، وما يتعلق به من كتابة وخط:

جاء في تفسير ابن كثير:

وقوله: ﴿ وَالْقَلَمِ ﴾ الظاهر أنه جنس القلم الذي يكتب به؛ كقوله: ﴿ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 3 - 5]؛ فهو قَسَم منه -تعالى- وتنبيه لخلقه على ما أنعم به عليهم من تعليم الكتابة التي بها تنال العلوم؛ ولهذا قال: ﴿ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾؛ قال ابن عباس، ومجاهد، وقتادة: يعني: وما يكتبون.


وقال أبو الضُّحى، عن ابن عباس: ﴿ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾؛ أي: وما يعملون.


وقال السدي: ﴿ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾؛ يعني: الملائكة وما تكتب من أعمال العباد.


وقال آخرون: بل المراد ها هنا بالقلم الذي أجراه الله بالقدر حين كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرضين بخمسين ألف سنة.


قال الوليد بن عبادة بن الصامت: دعاني أبي حين حضره الموت، فقال: إني سمعتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: ((إن أول ما خلق الله القلمُ، فقال له: اكتبْ، قال: يا رب، وما أكتب؟ قال: اكتب القدر ما كان وما هو كائن إلى الأبد)).


فلذلك وضع الله - عز وجل - القلم في المكان الرفيع، ونوَّه بذِكره في المنْصِب الشريف حين قال: ﴿ ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ ﴾ [القلم: 1]؛ فأقسَمَ بالقَلَم كما أقسمَ بما يُخَطُّ بالقلم؛ إذ كان اللسانُ لا يتعاطى شأوَه، ولا يشق غباره، ولا يجرى في حلبته، ولا يتكلف بُعْد غايتِه، لكن لما أن كانت حاجات الناسِ بالحَضْرة أكثرَ من حاجاتهم في سائر الأماكن، وكانت الحاجةُ إلى بيان اللسان حاجةً دائمة واكدة، وراهنةً ثابتة، وكانت الحاجةُ إلى بيانِ القلم أمرًا يكونُ في الغَيبة وعند النائبة، إلا ما خُصَّت به الدواوين؛ فإن لسانَ القلم هناك أبسطُ، وأثره أعَمُّ، فلذلك قدَّموا اللسانَ على القلم"[1].


العلماء يشهدون مع الله - تعالى - وملائكته أنه الواحد الأحد، وهذا فضل كبير أن يقترن العلماء في شيء مع الله، ويشهدون أن الدين عند الله الإسلام بعلمهم:

جاء في تفسير الطبري:

القول في تأويل قوله: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18].


قال أبو جعفر: يعني بذلك - جل ثناؤه -: شهد الله أنه لا إله إلا هو، وشهدت الملائكة، وأولو العلم؛ فـ: "الملائكة" معطوف بهم على اسم "الله".


عن السدي: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ ﴾ إلى ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ قال: الله يشهد هو والملائكة والعلماء من الناس: أن الدين عند الله الإسلام.


قال أبو جعفر: وأما قوله: ﴿ قَائِمًا بِالْقِسْطِ ﴾؛ فإنه بمعنى: أنه الذي يلي العدل بين خلقه، "والقسط"، هو العدل، من قولهم: "هو مقسط"، و "قد أقسط" إذا عَدَل.


وأما تأويل قوله: ﴿ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾، فإنه نفى أن يكون شيء يستحق العُبودَة غير الواحد الذي لا شريك له في ملكه.


قال أبو جعفر:

وإنما عَنَى- جل ثناؤه - بهذه الآية نَفْيَ ما أضافت النصارى الذين حاجُّوا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- في عيسى من البنوة، وما نسب إليه سائرُ أهل الشرك من أن له شريكًا، واتخاذهم دونه أربابًا؛ فأخبرهم الله عن نفسه أنه الخالقُ كل ما سواه، وأنه رب كلِّ ما اتخذه كلُّ كافر وكل مشرك ربًّا دونه، وأن ذلك مما يشهد به هو وملائكته وأهلُ العلم به من خلقه؛ فبدأ - جل ثناؤه - بنفسه، تعظيمًا لنفسه وتنزيهًا لها عما نسب الذين ذكرنا أمرهم من أهل الشرك به ما نسبوا إليها، كما سنَّ لعباده أن يبدؤوا في أمورهم بذكره قبل ذكر غيره، مؤدِّبًا خلقَه بذلك، والمرادُ من الكلام الخبرُ عن شهادة مَن ارتضاهم من خلقه فقدَّسوه: من ملائكته وعلماء عباده.


جاء في تفسير ابن كثير:

شهد - تعالى - وكفى به شهيدًا، وهو أصدق الشاهدين وأعدلهم، وأصدق القائلين ﴿ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ﴾؛ أي: المتفَرِّد بالإلهية لجميع الخلائق، وأن الجميع عبيدُه وخلقه، والفقراء إليه، وهو الغني عما سواه كما قال -تعالى-: ﴿ لَكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ بِمَا أَنْزَلَ إِلَيْكَ أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ وَالْمَلَائِكَةُ يَشْهَدُونَ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 166]، ثم قرن شهادة ملائكته وأولي العلم بشهادته، فقال: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ ﴾، وهذه خصوصية عظيمة للعلماء في هذا المقام.


وروى الإمام أحمد من حديث الزبير بن العوام، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو بعرفةَ يقرأ هذه الآية: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [آل عمران: 18]، ((وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب)).


وقال الحافظ أبو القاسم الطبراني في المعجم الكبير: حدثنا عبدان بن أحمد، وعلي بن سعيد الرازي قالا: حدثنا عَمَّار بن عمر بن المختار، حدثني أبي، حدثني غالب القطان، قال: أتيت الكوفة في تجارة، فنزلت قريبًا من الأعمش، فلما كانت ليلة أردتُ أن أنْحَدِرَ قام فتهجد من الليل، فمرَّ بهذه الآية: ﴿ شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ [آل عمران: 18 - 19]، ثم قال الأعمش: وأنا أشهد بما شَهِد الله به، وأستودع الله هذه الشهادة، وهي لي عند الله وديعة: ﴿ إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ﴾ قالها مرارًا، قلت: لقد سمع فيها شيئًا، فغدوت إليه فودعته، ثم قلت: يا أبا محمد، إني سمعتك تردِّد هذه الآية، قال: أو ما بلغك ما فيها؟ قلت: أنا عندك منذ شهر لم تحدِّثني، قال: والله لا أحدثك بها إلى سنة، فأقمت سنة فكنت على بابِه، فلما مضت السنة قلت: يا أبا محمد، قد مضت السنة، قال: حدثني أبو وائل، عن عبدالله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يُجَاء بصاحبها يوم القيامة، فيقول الله - عز وجل -: عبدي عهد إليَّ، وأنا أحق مَن وفَّى بالعهد، أَدخِلوا عبدي الجنة)).


جاء في تفسير القرطبي:

في هذه الآية دليل على فضل العلم، وشرف العلماء وفضلهم؛ فإنه لو كان أحد أشرف من العلماء لقرنهم الله باسمه واسم ملائكته؛ كما قرن اسم العلماء، وقال في شرف العلم لنبيه -صلى الله عليه و سلم-: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]، فلو كان شيء أشرف من العلم لأمر الله -تعالى- نبيه -صلى الله عليه وسلم- أن يسأل المزيد منه، كما أمر أن يستزيده من العلم، وقال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن العلماء ورثة الأنبياء))، وقال: ((العلماء أمناء الله على خلقه))، وهذا شرف للعلماء عظيم، ومحل لهم في الدين خطير.

 

العالم الحق هو مَن يستنبط الأمور، ويتتبع العلم الصحيح، ولا يقول ما لا يعلم، ويرد أقواله إلى الكتاب والسنة:

جاء في تفسير الطبري:

﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83].


عن السدي: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾؛ يقول: ولو سكتوا وردُّوا الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وإلى أولي أمرهم حتى يتكلم هو به؛ ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ يعني: عن الأخبار، وهم الذين يُنَقِّرون عن الأخبار.


عن قتادة: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾؛ يقول: إلى علمائهم؛ ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾ لعلمه الذين يفحصون عنه ويهمهم ذلك.


عن ابن جريج: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ ﴾؛ حتى يكون هو الذي يخبرهم ﴿ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾؛ الفقه في الدين والعقل.


عن أبي العالية: ﴿ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ ﴾؛ العلم.


﴿ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ يتتبعونه ويتحسسونه.


عن مجاهد: ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ قال: الذين يسألون عنه ويتحسَّسونه.


عن ابن عباس: ﴿ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ يقول: لعلمه الذين يتحسسونه منهم.


قال الضحاك في قوله: ﴿ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ قال، يتتبعونه.

 

جاء في تفسير ابن كثير:

﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 83].

"يقول -تعالى- آمرًا عباده بتدبر القرآن، وناهيًا لهم عن الإعراض عنه، وعن تفهُّم معانيه المحكَمة وألفاظه البليغة، ومخبرًا لهم أنه لا اختلاف فيه ولا اضطراب، ولا تضادَّ ولا تعارض؛ لأنه تنزيل من حكيم حميد، فهو حق من حق؛ ولهذا قال -تعالى-: ﴿ أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ﴾ [محمد: 24]، ثم قال: ﴿ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ ﴾ [النساء: 82]؛ أي: لو كان مفتعلاً مختلقًا - كما يقوله مَن يقوله من جهلة المشركين والمنافقين في بواطنهم - ﴿ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا ﴾؛ أي: اضطرابًا وتضادًّا كثيرًا؛ أي: وهذا سالم من الاختلاف؛ فهو من عند الله، كما قال -تعالى- مخبرًا عن الراسخين في العلم حيث قالوا: ﴿ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا ﴾ [آل عمران: 7]؛ أي: محكمه ومتشابهه حق؛ فلهذا ردُّوا المتشابه إلى المحكم؛ فاهتدوا، والذين في قلوبهم زيغ ردُّوا المحكم إلى المتشابه فغَووا؛ ولهذا مدح -تعالى- الراسخين، وذم الزائغين.


قال الإمام أحمد:

حدثنا أنس بن عياض، حدثنا أبو حازم عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده قال: لقد جلستُ أنا وأخي مجلسًا ما أحب أن لي به حُمْر النَّعَم، أقبلت أنا وأخي وإذا مشيخة من صحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على بابٍ من أبوابه، فكرهنا أن نفرق بينهم، فجلسنا حَجْرَة، إذ ذكروا آية من القرآن، فتماروا فيها حتى ارتفعت أصواتهم، فخرج رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- مُغْضَبًا حتى احمرَّ وجهه، يرميهم بالتراب، ويقول: ((مهلاً يا قوم، بهذا أهلكت الأمم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم، وضربهم الكتب بعضها ببعض، إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضًا، بل يصدِّق بعضه بعضًا، فما عَرَفتم منه فاعملوا به، وما جهلتم منه فردُّوه إلى عالمِه)).


وقوله: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ ﴾؛ إنكار على مَن يبادر إلى الأمور قبل تحققها، فيخبر بها ويفشيها وينشرها، وقد لا يكون لها صحة، وفي الصحيح: ((مَن حَدَّث بحديث وهو يرى أنه كذبٌ فهو أحد الكاذبِين)).


ويذكر ها هنا حديث عمر بن الخطاب المتفق عليه، حين بلغه أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طَلَّق نساءه، فجاءه من منزله حتى دخل المسجد فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فاستفهمه: أطلقتَ نساءك؟ قال: ((لا))، فقلت: الله أكبر، وذكر الحديث بطوله.


وعند مسلم: فقلت: أطلقتَهن؟ فقال: ((لا))، فقمت على باب المسجد فناديتُ بأعلى صوتي: لم يطلِّق رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نساءه، ونزلت هذه الآية: ﴿ وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ ﴾؛ فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.


ومعنى قوله: ﴿ يَسْتَنْبِطُونَهُ ﴾؛ أي: يستخرجونه ويستعلمونه من معادنه، يقال: استنبط الرجل العين، إذا حفرها واستخرجها من قعورها.

 

أهل العلم هم أولى بالسؤال، ولا يجوز سؤال مَن لا علم له حتى لا يحدث فوضى وتضارب في الفتاوى، والأحكام فيضيع الدين بين ألسنة الرويبضات والجهال:

جاء في تفسير الطبري:

القول في تأويل قوله -تعالى-: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنبياء: 7].


وقيل: أهل الذكر: أهل القرآن.


حدثني أحمد بن محمد الطوسي، قال: ثني عبدالرحمن بن صالح، قال: ثني موسى بن عثمان، عن جابر الجعفي، قال: لما نزلتْ: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾؛ قال علي: نحن أهل الذِّكر.


قال ابن زيد، في قوله: ﴿ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ﴾؛ قال: أهل القرآن، والذِّكر: القرآن، وقرأ: ﴿ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ﴾ [الحجر: 9].



[1] الحيوان للجاحظ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • آيات من القرآن في العلم (1)
  • العلماء الربانيون يخشون الله تعالى
  • القرآن أصل العلم
  • العالم والجاهل .. والعلم الذي يرفع أهله

مختارات من الشبكة

  • زبدة الأحكام من آيات الأحكام: تفسير آيات الأحكام (2) (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تفسير: (بل هو آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم وما يجحد بآياتنا إلا الظالمون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عدد آيات سورة الفاتحة وكلماتها وحروفها(مقالة - موقع الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي)
  • أهم ما ترشد إليه الآية الكريمة: آيات مختارة من سورة الفاتحة والبقرة وآل عمران (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الرياح آية من آيات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الماء آية من آيات الله (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عشر آيات كونية من الآيات القرآنية(مقالة - آفاق الشريعة)
  • عدد آيات الفاتحة، وهل البسملة آية منها؟(مقالة - آفاق الشريعة)
  • وقفات حول آية: تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق وإنك لمن المرسلين(مقالة - آفاق الشريعة)
  • آيتان من آيات الله: الخسوف والكسوف (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 21/11/1446هـ - الساعة: 10:16
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب