• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة العيد بين التكبير والتحميد
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    تفسير: ﴿وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    علامات صحة القلب
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    علو الهمة
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    المرأة في القرآن (2)
    قاسم عاشور
  •  
    خواتيم الأعمال.. وانتظار الآجال (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    مع العيد... يتجدد الأمل
    افتتان أحمد
  •  
    وانتهى موسم عشر ذي الحجة (خطبة)
    أحمد بن عبدالله الحزيمي
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (14)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    حين تبتعد القلوب
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    الاستقامة بعد الحج (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    أحكام العِشرة بين الزوجين
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
  •  
    شموع (108)
    أ.د. عبدالحكيم الأنيس
  •  
    خطبة عيد الأضحى المبارك لعام 1446هجرية (PDF)
    وائل بن علي بن أحمد آل عبدالجليل الأثري
  •  
    عيد الأضحى بين الروح والاحتفال: كيف نوازن؟
    محمد أبو عطية
  •  
    مسائل وأحكام تتعلق برمي الجمرات في الحج
    عبد رب الصالحين أبو ضيف العتموني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / خطب المناسبات
علامة باركود

لك الحمد يا رحمن ما هل صيب

لك الحمد يا رحمن ما هل صيب
الشيخ عبدالله بن محمد البصري

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 4/5/2013 ميلادي - 24/6/1434 هجري

الزيارات: 14138

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

لك الحمد يا رحمن ما هل صيب


أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِرَاشًا وَالسَّمَاءَ بِنَاءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 21، 22].


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، بَينَمَا الأَرضُ مُجدِبَةٌ وَالمَيَاهُ غَائِرَةٌ، وَالمَرعَى يَابِسٌ وَالأَنعَامُ جَائِعَةٌ، وَنُفُوسُ النَّاسِ مُنقَبِضَةٌ وَصُدُورُهُم ضَائِقَةٌ، إِذْ آذَنَ اللهُ لَهُم بَعدَ الشِّدَّةِ بِالفَرَجِ، وَجَعَلَ لَهُم بَعدَ العُسرِ يُسرًا، فَعَمَّ أَرجَاءَهُمُ بالغَيثِ، وَأَنزَلَ عَلَيهِم مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَت أَودِيَةٌ بِقَدَرِهَا، فَإِذَا الأَرضُ تَهتَزُّ وَتَربُو، وَتَلبَسُ مِنَ المَاءِ ثَوبَ حُسنٍ وَبَهَاءٍ وَصَفَاءٍ، فَتَسُرُّ النَّاظِرِينَ وَتُبهِجُ السَّائِرِينَ، وَإِذَا الوُجُوهُ مُشرِقَةٌ وَالثُّغُورُ بَاسِمَةٌ، فَسُبحَانَ مَن جَعَلَ مِنَ المَاءِ كُلَّ شَيءٍ حَيٍّ، وَأَنزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا، وَأَحيَا بِهِ بَلدَةً مَيتًا وَأَسَقَاهُ ممَّن خَلَقَ أَنعَامًا وَأَنَاسِيَّ كَثِيرًا ﴿ وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ ﴾ [النحل: 65] ﴿ اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ * فَانْظُرْ إِلَى آثَارِ رَحْمَتِ اللَّهِ كَيْفَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ ذَلِكَ لَمُحْيِ الْمَوْتَى وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الروم: 48 - 50].

 

لَكَ الحَمدُ يَا رَحمَنُ حَمدًا مُبَارَكًا
كَثِيرًا وَلا نُحصِي ثَنَاءً وَلا شُكرَا
لَكَ الحَمدُ كَم قَلَّدتَنَا مِن صَنِيعَةٍ
وَأَبدَلتَنَا بِالعُسرِ يَا رَبَّنَا يُسرَا
لَكَ الحَمدُ يَاذَا الكِبرِيَاءِ وَمَن يَكُنْ
بِحَمدِكَ ذَا شُكرٍ فَقَد أَحرَزَ الشُّكرَا
لَكَ الحَمدُ يَا ذَا الجُودِ وَالمَجدِ وَالعُلا
تَبَارَكتَ تُعطِي مَن تَشَاءُ وَتَمنَعُ
إِلَهٌ وَخَلاَّقٌ وَحِرزٌ وَمَوئِلٌ
إِلَيكَ لَدَى الإِعسَارِ وَاليُسرِ نَفزَعُ
لَكَ الحَمدُ يَا مُستَوجِبَ الحَمدِ دَائِمًا
عَلَى كُلِّ حَالٍ حَمدَ فَانٍ لِدَائِمِ
وَسُبحَانَكَ اللَّهُمَّ تَسبِيحَ شَاكِرٍ
لِمَعرُوفِكَ المَعرُوفِ يَا ذَا المَرَاحِمِ
فَكَم لَكَ مِن سِترٍ عَلَى كُلِّ خَاطِئٍ
وَكَم لَكَ مِن بِرٍّ عَلَى كُلِّ ظَالِمِ
وَجُودُكَ مَوجُودٌ وَفَضلُكَ فَائِضٌ
وَأَنتَ الَّذِي تُرجَى لِكَشفِ العَظَائِمِ
وَبَابُكَ مَفتُوحٌ لِكُلِّ مُؤَمِّلٍ
وَبِرُّكَ مَمنُوحٌ لِكُلِّ مُصَارِمِ

 

عِبَادَ اللهِ، مَا مِنَ النَّاسِ مِن أَحَدٍ إِلاَّ وَهُوَ يَفرَحُ بِالغَيثِ وَيُسَرَّ بِهِ، وَلا مُسلِمٍ إِلاَّ وَهُوَ يَعلَمُ أَنَّهُ مِن أَجَلِّ نِعَمِ اللهِ، وَمِن ثَمَّ فَإِنَّ مِنَ الدِّينِ وَالعَقلِ وَالمُرُوءَةِ، أَن تُحفَظَ هَذِهِ النِّعمَةُ وَتُطلَبَ الزِّيَادَةُ مِنهَا وَالمُبَارَكَةُ فِيهَا. وَإِنَّهُ لا حِفظَ لِهَذِهِ النِّعمَةِ الجَلِيلَةِ، وَلا ازدِيَادَ مِنهَا ولا مُبَارَكَةَ فِيهَا، إِلاَّ بِشُكرِهَا الشُّكرَ الحَقِيقِيَّ، المَبنيَّ عَلَى العِلمِ أَنَّهُ لا وَاهِبَ لها إِلاَّ اللهُ، رَبُّ الأَربَابِ وَمُسَبِّبُ الأَسبَابِ، وَخَالِقُ المَطَرِ وَمُجرِي السَّحَابِ، الوَاسِعُ العَلِيمُ الَّذِي بِيَدِهِ الفَضلُ يُؤتِيهِ مَن يَشَاءُ، وَالَّذِي يَختَصُّ بِرَحمَتِهِ مَن يَشَاءُ ﴿ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ ﴾ [النور: 43] وَإِذَا عَلِمَ العَبدُ هَذَا وَأَيقَنَ أَنَّ مَا عِندَ اللهِ لا يُنَالُ إِلا بِرِضَاهُ وَالمُسَارَعَةِ إِلى تَقوَاهُ، وَلا يُحفَظُ إِلاَّ بِشُكرِهِ وَكَثرَةِ ذِكرِهِ، رَطَّبَ لِسَانَهُ حِينَئِذٍ بِشُكرِ اللهِ، وَشَغَلَ جَوَارِحَهُ بِعِبَادَتِهِ، وَجَعَلَ مِنَ النِّعَمِ قُوَّةً لَهُ عَلَى ذِكرِهِ وَعَونًا عَلَى طَاعَتِهِ، وَجَانَبَ طَرِيقَ أَهلِ الجَهلِ وَالغُرُورِ وَالغَفلَةِ وَالجُحُودِ، الَّذِينَ يَنسِبُونَ النِّعَمَ إِلى غَيرِ المُنعِمِ - سُبحَانَهِ - أَو يَتَعَلَّقُونَ بِغَيرِهِ في جَلبِهَا وَتَحصِيلِهَا.

 

عِبَادَ اللهِ، لم يَزَلِ اللهُ - تَعَالى - مُنعِمًا مُتَفَضِّلاً، وَمَا زَالَت نِعَمُهُ عَلَى عِبَادِهِ تَتَجَدَّدُ، فَفِي كُلِّ يَومٍ بَل في كُلِّ سَاعَةٍ وَلَحظَةٍ، لَهُ عَلَى عَبدِهِ فَضلٌ وَنِعمَةٌ، وَلَكِنَّ النَّاسَ لَيسُوا في الشُّكرِ سَوَاءً، بَل مَا زَالَ مِنهُمُ المُؤمِنُ الشَّاكِرُ وَالجَاحِدُ الكَافِرُ، فَعَن زَيدِ بنِ خَالِدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - صَلاَةَ الصُّبحِ بِالحُدَيبِيَةِ في إثْرِ سَمَاءٍ كَانَت مِنَ اللَّيلِ، فَلَمَّا انصَرَفَ أقبَلَ عَلَى النَّاسِ، فَقَالَ: "هَل تَدرُونَ مَاذَا قالَ رَبُّكُم؟" قَالُوا: اللهُ وَرَسُولُهُ أعلَمُ. قَالَ: "قَالَ: أصبَحَ مِن عِبَادِي مُؤمِنٌ بي وَكَافِرٌ، فَأَمَّا مَن قَالَ: مُطِرنَا بِفَضلِ اللهِ وَرَحمَتِهِ، فَذلِكَ مُؤمِنٌ بي كَافِرٌ بِالكَوكَبِ، وَأَمَّا مَن قَالَ مُطِرنَا بِنَوءِ كَذَا وَكَذَا، فَذَلِكَ كَافِرٌ بي مُؤمِنٌ بِالكَوكَبِ" مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.

 

نَعَم - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - إِنَّ الغَيثَ فَضلٌ مِنَ اللهِ يُبتَلَى بِهِ العِبَادُ، وَيَظهَرُ بِهِ مَا في قُلُوبِهِم مِن إِيمَانٍ وَضِدِّهِ، وَمَعَ هَذَا فَمَن شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشكُرُ لِنَفسِهِ، وَمَن كَفَرَ فَإِنَّمَا يَضُرُّ نَفسَهُ، وَاللهُ غَنيٌّ عَن عِبَادِهِ، وَهُمُ الفُقَرَاءُ إِلَيهِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ وَإِنْ تَشْكُرُوا يَرْضَهُ لَكُمْ... ﴾ [الزمر: 7] وَقَالَ - تَعَالى - حِكَايَةً لِقَولِ مُوسَى - عَلَيهِ السَّلامُ - لِقَومِهِ: ﴿ وَقَالَ مُوسَى إِنْ تَكْفُرُوا أَنْتُمْ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ اللَّهَ لَغَنِيٌّ حَمِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 8] قَالَ ذَلِكَ بَعدَ أَن أَخبَرَهُم قائلاً: ﴿ وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ ﴾ [إبراهيم: 7] وَقَالَ - تَعَالى - عَن سُلَيمَانَ - عَلَيهِ السَّلامُ -: ﴿ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ﴾ [النمل: 40] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ * إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ * وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى إِنَّمَا تُنْذِرُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ ﴾ [فاطر: 15 - 18] أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَزَكُّوا أَنفُسَكُم وَكُونُوا مِن عِبَادِهِ المُتَّقِينَ الشَّاكِرِينَ، يُضَاعِفْ لَكُمُ البَرَكَةَ فِيمَا أَنزَلَ عَلَيكُم وَيَحفَظْهُ لَكُم، وَلا تَكُونُوا مِنَ المُكَذِّبِينَ الفَاسِقِينَ، فَتُحرَمُوا بَرَكَةَ مَا نَزَلَ وَطَهَارَتَهُ وَنَقَاءَهُ، فَإِنَّ اللهَ قَد وَصَفَ مَاءَ الغَيثِ بِالبَرَكَةِ وَالطَّهَارَةِ، فَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُبَارَكًا فَأَنْبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ ﴾ [ق: 9] وَقَالَ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُورًا ﴾ [الفرقان: 48] وَلَكِنَّ لِلشُّكرِ وَالإِيمَانِ مِنَ المُنعَمِ عَلَيهِم أو التَّكذِيبِ وَالجُحُودِ أثرًا في تَضَاعُفِ البَرَكَةِ وَازدِيَادِهَا، أَو ذَهَابِهَا وَاضمِحلالِهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنْ كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾ [الأعراف: 96] وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - عَنِ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " بَينَمَا رَجُلٌ يَمشِي بِفَلاَةٍ مِنَ الأَرضِ، فَسَمِعَ صَوتًا في سَحَابَةٍ: اِسقِ حَدِيقَةَ فُلانٍ، فَتَنَحَّى ذَلِكَ السَّحَابُ فَأفرَغَ مَاءَهُ في حَرَّةٍ، فإِذَا شَرْجَةٌ مِن تِلكَ الشِّرَاجِ قَدِ استَوعَبَت ذَلِكَ المَاءَ كُلَّهُ، فَتَتَبَّعَ المَاءَ، فإذَا رَجُلٌ قَائمٌ في حَدِيقَتِهِ يُحَوِّلُ الماءَ بِمسحَاتِهِ، فَقَالَ لَهُ: يَا عَبدَ اللهِ، ما اسمُكَ؟ قال: فُلانٌ لِلاسمِ الَّذِي سَمِعَ في السَّحابةِ، فَقَالَ لَهُ: يا عبدَ الله، لِمَ تَسألُني عَنِ اسمِي؟ فَقَالَ: إنِّي سَمِعتُ صَوتًا في السَّحابِ الَّذِي هَذَا مَاؤُهُ يقولُ: اسْقِ حَدِيقَةَ فُلاَنٍ لاسمِكَ، فَمَا تَصنَعُ فِيهَا؟ فَقَالَ: أمَّا إِذْ قُلتَ هَذَا، فَإنِّي أنظُرُ إِلى مَا يَخرُجُ مِنهَا، فَأتَصَدَّقُ بِثُلُثِهِ، وَآكُلُ أنَا وَعِيَالي ثُلُثًا، وَأردُّ فِيهَا ثُلُثَهُ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. وَقَالَ - تَعَالى -: ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ﴾ [الروم: 41] وَقَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾ [الشورى: 30] وَقَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: "لِيسِتِ السَّنَةُ بِأَن لا تُمطَرُوا، وَلَكِنَّ السَّنَةَ أَن تُمطَرُوا وَتُمطَرُوا، وَلا تُنبِتُ الأَرضُ شَيئًا" رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ. اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا في أَسمَاعِنَا وَأَبصَارِنَا وَقُلُوبِنَا وَأَزوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا، وَاجعَلْنَا شَاكِرِينَ لِنِعمَتِكَ مُثنِينَ بها وَقَابِلِيهَا، وَأَتِمَّهَا عَلَينَا، وَتُبْ عَلَينَا إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ، وَاشكُرُوا لَهُ وَلا تَكفُرُوهُ ﴿ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ﴾ [الطلاق: 2، 3]


أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الشُّكرَ لَيسَ كَلِمَاتٍ تُقَالُ أَو عِبَارَاتٍ تُرَدَّدُ دُونَ أَن يَكُونَ لها أَثَرٌ في الوَاقِعِ، كَمَا أَنَّ الجُحُودَ لَيسَ بَعدَمِ التَّحَدُّثِ بِنِعَمِ اللهِ فَحَسبُ، وَإِنَّمَا الجُحُودُ الحَقِيقِيُّ وَكُفرُ النِّعَمِ هُوَ التَّقصِيرُ في جَنبِ اللهِ وَتَركُ العَمَل ِبما يُرضِيهِ، وَقَد قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ ﴾ [سبأ: 13] وَفي الصَّحِيحَينِ عَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيلِ حَتَّى تَتَفَطَّرَ قَدَمَاهُ، فَقُلتُ لَهُ: لِمَ تَصنَعُ هَذَا وَقَد غُفِرَ لَكَ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ؟ قَالَ: "أَفَلا أُحِبُّ أَن أَكُونَ عَبدًا شَكُورًا" أَلا فَلْيَتَّقِ اللهَ مَن لم يَزَالُوا يَتَقَلَّبُونَ في نِعَمِ اللهِ، ثم هُم يَترُكُونَ الفَرَائِضَ وَيَهجُرُونَ المَسَاجِدَ، لِيَتَّقِ اللهَ مَن يَمنَعُونَ زَكَاةَ أَموَالِهِم وَلا يَحُضُّونَ عَلَى طَعَامِ المِسكِينَ، لِيَتَّقِ اللهَ مَن يُطلِقُونَ لِجَوَارِحِهِمُ العِنَانَ لِتَرتَعَ في كُلِّ خَبِيثٍ مِن مَأكُولٍ أَو مَشرُوبٍ أَو مَسمُوعٍ، لِيَتَّقِ اللهَ أَهلُ العُقُوقِ وَالقَطِيعَةِ، لِنَتُبْ إِلى اللهِ جَمِيعًا مِن كُلِّ ذَنبٍ وَخَطِيئَةٍ، فَإِنَّ مَا عِندَ اللهِ لا يُنَالُ إِلاَّ بِطَاعَتِهِ، وَالذُّنُوبُ سَبَبُ كُلِّ شَرٍّ وَفَسَادٍ وَبَلِيَّةٍ، وَقَد وَصَفَ القُرآنُ الكَرِيمُ مَن يَجحَدُ بِآيَاتِ اللهِ بِالكُفرِ وَالظُّلمِ، وَوُصِمُوا بِأَنَّهُم أَصحَابُ خَترٍ وَغَدرٍ، قَالَ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ﴾ [العنكبوت: 47] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الظَّالِمُونَ ﴾ [العنكبوت: 49] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ ﴾ [لقمان: 32] وَأَمَّا أَقسَى عُقُوبَةٍ لِلجَاحِدِينَ في الدُّنيَا، فَإِنَّهَا صَرفُهُم عَنِ الحَقِّ، وَخِذلانُهُم وَحِرمَانُهُم مِنَ التَّمَتُّعِ بِأَبصَارِهِم وَأَسمَاعِهِم وَعُقُولِهِم، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ كَذَلِكَ يُؤْفَكُ الَّذِينَ كَانُوا بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ ﴾ [غافر: 63] وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَجَعَلْنَا لَهُمْ سَمْعًا وَأَبْصَارًا وَأَفْئِدَةً فَمَا أَغْنَى عَنْهُمْ سَمْعُهُمْ وَلَا أَبْصَارُهُمْ وَلَا أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِذْ كَانُوا يَجْحَدُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ... ﴾ [الأحقاف: 26] وَأَمَّا النَّتِيجَةُ الحَتمِيَّةُ لِلجُحُودِ فَإِنَّهَا الخُلُودُ في النَّارِ وَاستِحقَاقُ عَدَاوَةِ اللهِ ﴿ ذَلِكَ جَزَاءُ أَعْدَاءِ اللَّهِ النَّارُ لَهُمْ فِيهَا دَارُ الْخُلْدِ جَزَاءً بِمَا كَانُوا بِآيَاتِنَا يَجْحَدُونَ ﴾ [فصلت: 28] اللَّهُمَّ اجعَلْنَا مِمَّن إِذَا أُعطِيَ شَكَرَ، وَإِذَا ابتُلِيَ صَبَرَ، وَإِذَا أَذنَبَ استَغفَرَ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل العلم ومصيبة الموت
  • لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا
  • جمعة الثناء والحمد والتعظيم
  • حمد الله تعالى: معناه وفضائله ومواضعه
  • ربنا لك الحمد ملء السماوات والأرض

مختارات من الشبكة

  • تفسير قوله تعالى: {ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك...}(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تبارك الذي إن شاء جعل لك خيرا من ذلك جنات ويجعل لك قصورا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (قال فاذهب فإن لك في الحياة أن تقول لا مساس وإن لك موعدا لن تخلفه)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ربنا واجعلنا مسلمين لك ومن ذريتنا أمة مسلمة لك)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إطلالة على شرفات السبع المثاني (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فاستقم كما أمرت (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • سلام من الله على خديجة (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)
  • لبيك إن الحمد لك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حمد المؤمنين لربهم (خطبة)(مقالة - موقع د. محمود بن أحمد الدوسري)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 15/12/1446هـ - الساعة: 0:30
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب