• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

نفحات قرآنية (31)

بخاري أحمد عبده

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 27/3/2013 ميلادي - 15/5/1434 هجري

الزيارات: 4286

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

نفحات قرآنية (31)


﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ * أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 183 - 185].

 

عَوْد على بَدْء:

في رحلتنا البصيرة مع نفحات آيات الصيام راعتْنا "مفاعلات" التحرير تشعُّ خلال الآيات، تُبْطِل رِقَّ الهوى، وتَنقض أحابيل الشيطان، ثم تنقَضُّ - بفتح القاف وتشديد الضاد - على مرابض الباطل؛ تدمَغ الفِرَى - بكسر الفاء، وفتْح الراء، جمْع فِرْيَة - وتُوهِي العُرى - جمع عُروة - وتردُّ كيْد الكائدين.

 

ومفاعلات التحرير التي تنعش خلال الآيات تعتق الرِّقاب العانية - الأسيرة - وتحرِّك قُوَى الإيمان الكامنة، وتُبارِك الأنفس؛ حتى تُحدِّد الوجْهة، وتُسلم الوجْه المبارك إلى الله وحْده، فلا تستفزُّها رُقَى - بضم الراء وفتْح القاف، جمع رُقْية بضم الراء وإسكان القاف - الشيطان، ولا يستأثِرُ بها تراثُ الآباء، أو تقاليد البيئة؛ ﴿ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ الشَّيْطَانُ يَدْعُوهُمْ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ * وَمَنْ يُسْلِمْ وَجْهَهُ إِلَى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ ﴾ [لقمان: 21 - 22].

 

وعلى هدى تلك المفاعلات، أبصرنا أقنعة الزَّيف تتطايَر فتشي بالخُبثاء الماكرين، وتَفضَح تدابير المجرمين المتربِّصين.

 

وفي رحلتنا تلك واكبْنا - بعقيدة مَجلوَّة، وقلبٍ مؤمن - أرواحَ الحريَّة تُرفرف عبر كلِّ الهدايات القرآنيَّة، وتستنقذ من ظُلمة الطين، وأسْر المحسوس، ومن ذُلِّ الأنداد المتدافعة المتشاكسة، التي لا تفتأ تغرُّ وتُغري الإنسان؛ حتى يذلَّ وينحني، ثم يمضي مُكِبًّا على وجْهه، حَشْو أديمه تُرَّهات وخدَعٌ تتفاعل مع مركب النقْص الذي أحْكَم عُقدته ذُلُّ السنين، يمضي يَنْعِق نعيقَ البُهْم، ويَنِبُّ نبيبَ التيوس، ويهرُّ هريرَ الكلاب.

 

ورأينا أُمَّة احتواها الفراغ، فغَدَت تختنق، وتتخبَّط صمَّاءَ عمياءَ، نُهْبَ حملات غزْوٍ فكري وغير فكري، والقرآن يتداركهم فيُوسع الخِناق، ويملأ الفراغ، ويُطلق من حقِّه قذائفَ تُهشِّم الأغلال، فتَفكُّ الرِّقاب.

 

وأرواح الحرية الخفَّاقة لا يَطْعَمها ولا يَجد شَذاها، إلاَّ مَن رهَفَتْ مشاعره، وسَلِمتْ له حواسُّه، فغدَت تستقبل وتُرسل ما تستقبل، تغزو به كلَّ قُوى الإدراك التي تنشط؛ كي تَعِي وتتأثَّر، وتمثِّل وتختزن.

 

أما المبتلون ذَوُو الحواسِّ المتبلِّدة، فأنَّى لهم أن يُحِسُّوا؟

ولقد ابْتُلِيت أُمَّتنا بذَوِي الحسِّ الصفيق المتبلِّد، الذي يُورث الجمود، ويُنذر بالعَتَه والعَمَه.

 

والعَمَه نعني به: عمى الفؤاد؛ ﴿ أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ﴾ [الحج: 46].

 

والعَمَه بهذا المفهوم: مظهر من مظاهر غضب الله ومَقْته، وازدرائه للضالِّين ذَوِي الحسِّ الصفيق؛ ﴿ اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [البقرة: 15].

 

وهو - بهذا المفهوم - دليلُ تخلِّي المولَى عن العامهين، وأنه - سبحانه - وكَلَهم إلى أنفسهم الساقطة المتهالكة على الشِّعاب المنحرفة المضلة؛ ﴿ فَنَذَرُ الَّذِينَ لَا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ ﴾ [يونس: 11].

 

ومُهْوَى العَمَه؛ مشحون بالعَفن، مُتْرَع بأجواء الغفلة، مُنْذَر بالأخْذ الوشيك؛ ﴿ لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ * فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ مُشْرِقِينَ * فَجَعَلْنَا عَالِيَهَا سَافِلَهَا وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ * إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْمُتَوَسِّمِينَ ﴾ [الحجر: 72 - 75].

 

والعَتَه نعني به: الغفلة التي تُسلم إلى السكرة، والتي تُعَطِّل أو تَسْلُب قُوَى الحواس والإدراك، فيُمسي الغافلون أنعامًا، بل أضل؛ ﴿ وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ [الأعراف: 179].

 

وأولئك وهؤلاء استبانتْ سبيلُهم، وتحدَّد مصيرهم، فلا ينبغي أن يُدْعَوا - بالبناء للمجهول - لرِيَادة، أو يُمَكَّنوا من قيادة، أو يُتْرَكوا في موقع تأثيرٍ؛ ﴿ وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا ﴾ [الكهف: 28].

 

وأولئك وهؤلاء منهم الجاحدون المخْلِدون إلى الأرض، المتشدِّقون بالماديَّة، والعلمانية، المتخذون دينَ الله هُزوًا ولعبًا، المحْتَذُون - حَذْوَ النَّعل بالنَّعل - خُطى الكافرين الموتورين؛ شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراع.

 

والكافرون الموتورون نُهينا عن أن نتَّخذَهم أولياءَ، أو وليجةً، أو بِطَانةً؛ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 57].

 

وهذه الآية التي تُحرِّم الموالاة، وتُجَرِّم - بضم التاء، وفتْح الجيم، وكسر الرَّاء المشددة - الموالين، دون أن تتعرَّض لأكثر من هذا، الآية تُشرع لحالة من حالات المسلمين، قد لا تكتمل فيها القُدرة على ردْعِ المستهزئين، أمَّا إذا كان الإسلام في ذِروة القوَّة والقدرة، فإن دستورَهم ما جاء في آية التوبة: ﴿ قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ ﴾ [التوبة: 29].

 

وتنفيذ أمْر القطعية والمفاصلة حسبما ورَد في آية المائدة جِهادٌ، ولكنَّه جهادُ المستضعفين الملتبسين بحالة من حالات الضَّعف.

 

وأستطرد[1]، فأقول: إن القوى المناوئة للإسلام تَعْتريها في مواجهتها للمسلمين حالات:

1- حالة الهيبة البالغة؛ ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ﴾ [الحشر: 13]، وفيها يحذرون أن تبدرَ منهم بادرة تشي بما في قلوبهم، فلا عجب إذا اتخذوا اللسان غِطاءً لِمَا يعتمل في الجَنان فأثنوا وهنَّؤوا، ونَمَّقوا الكلام، وداهنوا وأبدوا المودَّة، وتشدَّقوا واعتذروا عن مواقف الشُّبهات، وبرَّروا… إلخ، ولعل هذا إيحاءُ قول الله: ﴿ يَقُولُونَ بِأَفْوَاهِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [آل عمران: 167]، وقوله: ﴿ يَقُولُونَ بِأَلْسِنَتِهِمْ مَا لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ ﴾ [الفتح: 11]، ﴿ كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لَا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلَا ذِمَّةً يُرْضُونَكُمْ بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ ﴾ [التوبة: 8]، ﴿ لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَفْقَهُونَ ﴾ [الحشر: 13].

 

2- حالة الفرصة الآمنة، وهذه تَلْمسها وأنت تقرأ قوله - سبحانه -: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14]، وقوله - سبحانه -: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَا بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ قَالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ ﴾ [البقرة: 76].

 

3- حالة انكشاف الغُمَّة وإفلات اللسان؛ ﴿ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ﴾ [الأحزاب: 19].

 

4- حالة الظهور والتمكُّن، فلا مودَّة، ولا مُجاملة، ولا مسالَمة، بل عُدوان وإساءة، وطِعان؛ ﴿ إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ ﴾ [الممتحنة: 2].

 

وواضح أن كلَّ حالة من هذه الحالات ردُّ فعلٍ بليغٍ ينمُّ عن مكانة المسلمين ومستواهم العسكري، والمستوى الذي يُرضي الله هو مستوى الظهور والتمكُّن، مستوى القمة والذُّرَى، أما مستوى الحُفَر والقِيعان والسفوح، فهو مسارح الدِّيدان، ومكامِن الحشرات.

 

والمسلم في أدنى حالاته، لا ينبغي أن يَهبط عن المستوى الذي يُمْكنه فيه أن يتَّخذ القرارَ ويَصمد، أمَّا أنْ يُحْشر إلى الله هشيمًا تَذروه الرياح، فذلك من الخُسران المبين.

 

فإذا كان ذلك هو موقف الإسلام ممن اتَّخذ آيات الله هُزوًا من غير المسلمين، فماذا عسى أن يكون موقفه من مسلمين يتطاولون على الشريعة، ويستهزئون بأحكامها، ويرتضون أن يُصبحوا - بألسنتهم وأقلامهم، وكلِّ إمكاناتهم - سهامًا من جعبة الشيطان، ونِصالاً في كِنانة الأعداء؟

إن المسلم الذي مسَّ الإيمان شغاف قلبِه يَحكم للتَّوِّ على أصحاب مثل تلك الأقلام بالرِّدَّة والمروق، ثم يكرُّ عليهم بالوعظ الشافي، والقول البليغ، والإعراض الزاجر الأليم؛ إعمالاً لقول الله: ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ يَعْلَمُ اللَّهُ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ وَقُلْ لَهُمْ فِي أَنْفُسِهِمْ قَوْلًا بَلِيغًا ﴾ [النساء: 63].

 

ذلك هو المتاح في ظروف غيبة الشريعة، وانتشار مدِّ الطاغوت؛ ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ ﴾ [النساء: 60].

 

ومِن أولئك وهؤلاء جامدون يشتملون بمعلوماتهم اشتمالَ الصماء، والإسلام مع دقَّة تعاليمه مَرِنٌ، فِضْفاض، يَسَع ببُحبوحته الأوَّلين والآخِرين.

 

هؤلاء تَمرق بهم الأيام، فلا ينتبهون، وتُغْرِي أُمَّتهم الأحداث ولا ينتفضون، وتُدَحْرجهم الأقدام، فلا يتأوَّهون، تحسبهم - حين تُنْعِم فيهم النظرَ - أيقاظًا وهم رُقود، وتظنُّهم - بجامع السَّمت والهيئة - وَحْدة متعاطفة، والحقُّ أنَّهم صورة ناطقة لقول الحقِّ - جل وعلا -: ﴿ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى ﴾ [الحشر: 14].

 

فاتَهم فَهْمُ مُقتضى الحال، وإدراك عامل الزمن، وعامل المكان.

 

وهؤلاء أفْزعتْهم فَرْقَعة السِّياط، وحَشَرتْهم صَيْحات الزَّجْر، ودَفعات الرَّكْل؛ حتى انْزَوَوا وتَقَوْقَعوا في محارات ضيِّقة، ظنُّوها كلَّ الدِّين، والدين أرحبُ وأرغدُ، وأرفعُ مما رأَوْا وخَالوا.

 

هؤلاء الجامدون أيضًا آفتُهم تبلُّد الحِسِّ:

والبَلادة كما تتأتي مما رانَ على القلب من شرٍّ، تتولَّد كذلك من طول المعاناة، أو من عضَّة اليأْس، أو من غمرة الحَيْرة، أو من استفحال عُقدة النقْص، أو..، أو..، وحينئذ تَركُد العقول، ويَجمد الفكر، ويتَسنَّه ويأْسَن، فيعجز المصابون بهذا الداء عن مُجاراة العالَم، ومُلاحقة الرَّكب، وعن إدراك سُنن المولى في الكون، وعن استثمار نِعَم الله المبثوثة في تضاعيف الوجود.

 

والجامدون قد ينطوون على خيرٍ، ولكنَّهم في مَسيس الحاجة إلى يدٍ آسية؛ تفتح لذلك الخير المنافذ، وتَجلو ما انعقَد حوْله أو فوْقه من قَتَام وغَمام، وعِلَلٍ نفسيَّة جَليَّة وخفيَّة، تفقدُ التوازُن، وتُغري بعِشْق الذَّات، والتمحْوُر - بلا فِقهٍ - حول ما عرَفوا وألِفُوا.

 

نعم هم في مسيس الحاجة إلى قيادة رشيدة تجمع بين خصائص إمام الدعوة، وإمام السياسة والدولة، ولكن لِمَ هذا اللف والنشر والحديث ذو الشجون عن الجمود والجامدين؟

 

ثم ما علاقة هذا الحديث الساخن بالنفحات وآيات الصيام؟ أهي الملابسة الوثيقة التي بين الجمود والقيود، وبين التطور والتحرُّر؟

 

قد يكون إدراك تلك العلاقة حافزًا من الحوافز، ولكنَّ الذي أهمَّني أمرٌ وراء هذا، أمرٌ محورُه رمضان والعيد، وزَيْغة الحُكماء، فإلى لقاءٍ قريب، والله المستعان.



[1] أمْلَى هذا الاستطراد غُربةُ الإسلام ومِحنة المسلمين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • نفحات قرآنية (25)
  • نفحات قرآنية (26)
  • نفحات قرآنية (27)
  • نفحات قرآنية (28)
  • نفحات قرآنية (29)
  • نفحات قرآنية (30)
  • نفحات قرآنية (32)
  • نفحات قرآنية (33)
  • نفحات قرآنية (34)
  • نفحات قرآنية (35)

مختارات من الشبكة

  • نفحات رمضانية تدبرية: ثلاثون نفحة تدبرية (PDF)(كتاب - ملفات خاصة)
  • وأطل علينا شعبان بنفحة من نفحات الخير(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات قرآنية (17)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من خصائص رمضان: لله نفحات من رحمته يصيب بها من شاء من عباده وشهر رمضان أرجى الأزمنة لذلك(مقالة - ملفات خاصة)
  • نفحات قرآنية في سورتي الكافرون والإخلاص(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الماعون والكوثر(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سور الشمس والضحى والعصر(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الفجر والبلد(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي البروج والأعلى(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)
  • نفحات قرآنية في سورتي الانفطار والمطففين(مقالة - موقع الشيخ محمد بن صالح الشاوي)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب