• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

الهجرة

الهجرة
فكري ياسين

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 20/1/2013 ميلادي - 8/3/1434 هجري

الزيارات: 14306

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الهجرة


أخرج البخاري في خبر طويل عن عائشة - رضي الله عنها - أن النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - قال: ((قد أُريتُ دارَ هجرتكم، ذات نخل بين لابَتَيْن))، وفيه أيضًا أنه قال لأبي بكر - رضي الله عنه -: ((قد أُذن لي في الخروج)).

 

من أعظم الحوادث الإسلامية الكبرى التي اهتزت لها أندية مكة، ودوى صداها في أطراف الجزيرة العربية، وحولت مجرى التاريخ، وغيَّرت الأوضاع المألوفة حينذاك، وقوَّضت دعائم الجهالة والشرك، وأقامت صروح المعرفة والتوحيد: حادثُ هجرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة.

 

ولقد سجل القرآنُ الكريم هذا الحادث الخطير في نصوصه القاطعة؛ فقال: ﴿ إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 40]، وإنه لتمر بنا في كل عام ذكرى هذا الحادث الفذ دون أن نحسن الانتفاع بما فيه من عظة وعبرة، ودون أن نحاول استغلال ما يوحيه إلينا من قدوة طيبة، وأسوة حسنة.

 

وكل أمانينا أن تنهض الأممُ الإسلامية في جميع بقاع الأرض، وأن تبدي من الأعمال - لا الأقوال - ما يتناسب وعظمةَ هذه الذِّكرى الكريمة، وما يسير بها قدمًا نحو معارج الفرح والرقي، وأن تنتهز هذه الفرصة، لتنشط في العمل على استعادة مكانة الإسلام التالدة، وإحياء مجده الأَثيل.

 

الهجرة:

تطلق بمعنى الذهاب في الأرض، وبمعنى الانتقال عن الشيء، والمفارقة له، إما بالبدن، أو باللسان، أو بالقلب، وأصلها من الهَجْر، وهو ضد الوصل، ومنه قوله تعالى: ﴿ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ﴾ [مريم: 46]، وقوله تعالى: ﴿ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ﴾ [المدثر: 5]، فإنه حثَّ على المفارقة بالوجوه كلها؛ وقد غلب استعمالها على الخروج من أرض إلى أرض، وترك الأولى إلى الثانية.

 

وهي في لسان أهل الشرع: مفارقة دارِ الكفر إلى دار الإسلام؛ لخوف الفتنة، وطلب إقامة الدين.

 

والمهاجرة:

المجانبة والمتاركة أيضًا، ومنه المهاجر، وقوله -تعالى-: ﴿ وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ﴾ [النساء: 100]؛ فالظاهر منه المجانب والتارك لدارِ الكفر إلى دار الإسلام؛ ومن ذلك سمِّي الذين تركوا توطُّن مكة، وتحولوا إلى المدينة من الصحابة بـ: المهاجرين.

 

وقيل: مقتضى ذلك هِجران الشهوات والأخلاق الذميمة والخطايا، وتركها ورفضها؛ كما قال - صلى الله عليه وسلم -: ((والمُهاجِر من هجر ما نهى الله عنه))؛ ولهذا قالوا: إن الهجرة في الحقيقة عبارةٌ عن مفارقة ما يكرهه الله -تعالى- إلى ما يحبُّه.

 

والهجرة - كما ذكر العلماء - تأتي على أنحاء كثيرة؛ فإنها قد تكون بالخروج من دار الحرب إلى دار الإسلام، وهذه كانت فرضًا في أيام النبي - صلى الله عليه وسلم - وهي باقية مفروضة إلى يوم القيامة، والتي انقطعت بفتح مكة؛ لقوله - عليه الصلاة والسلام -: ((لا هجرةَ بعد الفتح)) إنما هي الهجرةُ إلى المدينة، حيث كان القصد بها إلى النبي - صلى الله عليه وسلم.

 

وقد تكون بالخروج من أرض غلبتْ عليها المنكراتُ، وسادت فيها المحرماتُ؛ لأن المؤمن إذا لم يقدر على تغيير المنكر، وجب عليه أن يزولَ عنه، ولأن طلب الحلال فرضٌ على كل مسلم.

 

وقد تكون بالفرار من أذًى يلحق البدن أو المال؛ فإنه إذا خشِي الإنسان على نفسه ضررَ شيء من ذلك، فقد أذِن اللهُ له في الخروج عنه، والفرار بنفسه؛ ليخلصها من ذلك المحذور، ولأن حُرمةَ مال المسلم كحُرمة دمه.

 

وقد تكون بالخروج من خوف المرض في البلاد الموبوءة إلى الأرض السليمة؛ فقد أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - للرعاة حين استوخموا المدينة أن يخرجوا إلى المسرح، فيكونوا فيه حتى يصحوا.

 

وقد تكون الهجرة أيضًا بالضرب في الأرض، والمشي في مناكبها؛ طلبًا للعِظَة والاعتبار، وأداءً لعبادة الحج، وللاشتغال بالجهاد، والرباط في الثغور؛ للذب عنها، وتكثير سواد المسلمين بها، وللدفاع عن الأوطان، والحصول على المعاش والكسب من طريق التجارة والعمل، وفي سبيل طلب العلم، وزيارة البقاع المباركة؛ كالمسجد النبوي، والمسجد الأقصى، ولزيارة الإخوان في الله تعالى، كما تكون بامتثال الأوامر، واجتناب النواهي، وبهجرة أهل المعاصي حتى يتوبوا ويرجعوا.

 

من أنواع الهجرة التي ذكرناها - فيما تقدم من الكلام - هجرةُ النبي - صلى الله عليه وسلم - من مكة إلى المدينة، وهي موضوع حديثنا في هذا الفصل.

 

وصفوة القول فيها: إنه لما أقبل كفار قريش على المؤمنين يُؤْذُونهم ويعذِّبونهم؛ ليردوهم عن دينهم، أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسلمين بالهجرة إلى الحبشة؛ فهاجر إليها جماعة منهم، وخرج أبو بكر مهاجرًا إليها أيضًا، فلقِيه في الطريق ابنُ الدغنة، وحبَّب إليه الرجوعَ وأجاره، فقبِل أبو بكر ورجع، ولكنه قد ردَّ على ابن الدغنة جوارَه بعد ذلك، ورضِي بجوار الله ورسوله.

 

وكان النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - قد أُرِي في منامه ما يجمع بين صِفَة المدينة واليمامة وهَجَر؛ فوقع في ظنه أن الهجرة ستكون إلى إحدى هاتين الأخيرتين، ولكنه قد أُري في منامه بعد ذلك ما يدلُّ على صِفة المدينة وحدها؛ فقال للمسلمين وهو يومئذٍ بمكة: ((إني قد أُريتُ دارَ هجرتكم، ذات نخل بين لابَتَين[1]))؛ فهاجر مَن هاجر قِبَل المدينة، وتجهَّز أبو بكر للهجرة إليها أيضًا؛ فقال له الرسول - عليه الصلاة والسلام -: ((على رِسْلك؛ فإني أرجو أن يُؤذَنَ لي)).

 

وبَيْنا أهلُ أبي بكر جلوسٌ في دارهم في نحر الظهيرة، إذ شاهد واحد منهم رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - مُقبِلاً في ساعة لم يكن يأتيهم فيها؛ فقال لأبي بكر: هذا رسول الله متقنعًا، فقال أبو بكر: فداءً له أبي وأمي، والله ما جاء به في هذه الساعة إلا أمرٌ حدث، فلما أقبل النبيُّ، استأذن في الدخول، فأذن له أبو بكر، فدخل، فلما استقر به المقام، قال لأبي بكر: ((أَخرِجْ مَن عندك))، فقال له أبو بكر: إنما هم أهلك، بأبي أنت يا رسول الله، فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((فإنه قد أُذن لي في الخروج إلى المدينة)) فسأله أبو بكر الصحبة، فاتفقا عليها.

 

وكانت قريش بمكة قد علمتْ أن المسلمين قد صاروا إلى المدينة، وقدَّرتْ أن محمدًا لا بد أنه سيلحق بهم فيها، فقالوا: هذا شر شاغل لا يطاق، وأجمَعوا أمرهم على قتله - صلى الله عليه وسلم - ورصدوه على باب منزله؛ ليقتلوه إذا خرج، وعلِم بذلك النبيُّ، فأمر عليَّ بن أبي طالب أن ينام على فراشه، ودعا اللهَ أن يعمي عليهم أثره، فطمس اللهُ على أبصارهم، وخرج النبي، وقد غشِيهم النومُ، فوضع التراب على رؤوسهم، وهو يتلو قول الله -تعالى-: ﴿ وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾ [يس: 9].

 

ولما أصبحوا، خرج عليهم عليٌّ، وأخبرهم أن ليس في الدار أحدٌ، فعلموا أن النبيَّ قد فات ونجا، وكان الرسول قد تواعد مع أبي بكر للهجرة، ودفعا راحلتيهما إلى خبيرٍ بالطريق، وقصدا نحو الغار في جبل ثور، وجعل أبو بكر يمشي مرة أمام النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - ومرة خلفه، ومرة عن يمينه، ومرة عن يساره، فقال له الرسول: ما هذا يا أبا بكر؟ فقال: يا رسول الله، أَذكر الرصد فأكون أمامك، وأذكر الطلب فأكون خلفك، ومرة عن يمينك، ومرة عن يسارك؛ لا آمن عليك.

 

ومشَيَا حتى وصلا الغار، فقال أبو بكر: والذي بعثك بالحق، لا تدخل حتى أدخله؛ فإن كان فيه شيء، نزل بي قبلك، فدخل فلم يَرَ فيه شيئًا، فحمله فأدخله، وكان في الغار خروق، فخشِي أبو بكر أن يخرجَ منها شيءٌ يؤذي الرسولَ، فجعل يقطع ثوبَه قطعًا، ويسد كل خرق منها بقطعة، وبقِي خرق، فسده بعقِبه، وجعلت الهوامُّ تؤذيه، وتلسعه، وهو لا يرفع قدمه؛ حبًّا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما بالطعام، وعبدالله بن أبي بكر يأتيهما بالأخبار، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر يتلوهما بالغنم، فيعفي آثارهما.

 

ولما فقدت قريشٌ النبي - صلى الله عليه وسلم - طلبته من طريق اقتفاء الأثر، فوقف القائفُ على الغار وقال: هنا انقطع الأثر، وسمع أبو بكر حديثَهم، فقال: يا رسول الله، لو أن أحدهم رفع قدمه لأبصرنا! فقال - عليه الصلاة والسلام -: ((يا أبا بكر، ما ظنُّك باثنين اللهُ ثالثهما؟ لا تحزن؛ إن الله معنا)).

 

وبعد أن هدأ الطلبُ عنهما، خرجا من الغار متوجِّهينِ تلقاء المدينة، وفي أثناء سيرهما التفت أبو بكر وراءه، فإذا هو بفارسٍ على فرس له، فقال: يا رسول الله، هذا الطلب قد لحقنا، فقال: ((لا تحزن؛ إن الله معنا))، وقال: ((اللهم اكفِناه بما شئت))، فغاصت فرسُه إلى بطنها في أرض صلدة، ووثب عنها، وقال: يا محمد، إن هذا عملك، فادع اللهَ ينجيني مما أنا فيه، فوالله لأعمِّين على من ورائي من الطلب، وهذه كنانتي، فخُذ منها سهمًا، فإنك ستمرُّ بإبلي وغنمي في موضع كذا وكذا، فخُذ منها حاجتَك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا حاجة لي فيها))، ودعا له؛ فانطلق ورجع إلى أصحابه؛ ومضى رسولُ الله وأبو بكر إلى المدينةِ.

 

وكان المسلمون بالمدينة، قد تسامعوا بخروج النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - من مكة، فكانوا يخرجون كل يوم إلى الحَرَّة لانتظاره، ولا يردهم إلى بيوتهم إلا حرُّ الظهيرة، وبعد عودتهم في يوم من الأيام، صعِد رجل من اليهود فوق بناءٍ مرتفع لأمر ينظر إليه؛ فبصر بالنبي وأصحابه في الطريق، فلم يملِكْ نفسه أن صاح بأعلى صوته قائلاً: يا معاشر العرب، هذا حظُّكم، وصاحب دولتكم الذي تنتظرون السعادة بمجيئه؛ فقام المسلمون إلى السلاح، وتلقَّوا الرسول، ونزل بهم في بني عمرو بن عوف، وطفِق من جاء من الأنصار ممن لم يكن رأى النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - يحسبه أبا بكر، حتى إذا أصابته الشمس، قام أبو بكر يظلِّله بردائه، فعرف الناسُ رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك، ثم أسس - عليه الصلاة والسلام - المسجدَ الذي أُسِّس على التقوى، وهو مسجد قباء، وصلَّى فيه، ثم ركب راحلته، ومشى معه الناس حتى بركت به عند موضع مسجده بالمدينة، فقال: هذا - إن شاء الله - المنزل، ثم دعا الغلامين اليتمين، واشترى منهما المكان، وبناه مسجدًا، وكان ينقل اللَّبِن في بنيانه، ويقول:

اللهم إن الأجرَ أجرُ الآخِرَه
فارحمِ الأنصارَ والمُهَاجِرَه

 

هذه صورة وافية محررة لمراحل الهجرة ووقائعها من مبدئها إلى غايتها، وقد أثبتناها هنا تسجيلاً لمجرى الحوادث في ذاتها، وإن كان المهم في الموضوع هو استخلاصَ العبرة من ظروف الهجرة، واستخراج العظة من منطق الفكرة، والانتفاع بكل ذلك فيما يعود على الدين والفضيلة والخلق والجماعة الإسلامية بالخير والفائدة.

 

فهناك وفاء عليٍّ وأبي بكر، وتفانيهما في تفدية النبي - صلى الله عليه وسلم - والمحافظة على سلامته.

 

وهناك ثباته - عليه الصلاة والسلام - وقوة نفسه، ورباطة جأشه، وشجاعته النادرة في أوقات الشدائد والملمَّات، وهناك إيمانُه بالله، واعتمادُه عليه، وثقته في نصره وتأييده، وهناك آيات الله، ومعجزاتُ النبي في الغار، وفي الطريق، وفي كل مكان نزل به.

 

وهناك إخلاص المسلمين بالمدينة، وحبُّهم لنبيهم، وحرصهم على إعلاء شأن دينهم، والثبات على فكرتهم، والتضحية في سبيل عقيدتهم.

 

وهناك غير هذا وذاك مما يحتاج كله إلى الدرس والتحليل.

 

ولولا الإطالة لفصَّلنا جميع ذلك تفصيلاً وافيًا، ولكننا نكتفي بهذا القدر الآن، ونرجو أن نوفَّق إلى العودة إليه في فرصة أخرى إن شاء الله.

 

تأتي بعد ذلك كله نقطة جديرة بالتنبيه عليها، ولفت النظر إليها؛ هي أن كثيرًا من الناس يتوهَّمون أن الهجرةَ كانت في شهر المحرم، وأنها كانت في العاشر منه، والواقع غير هذا؛ فإن الهجرةَ الفعلية - بداية ونهاية، إذا اعتبرنا مبدأها الخروج من الغار - قد تمت في شهر ربيع الأول، وكل ما كان في شهر المحرم هو حصول العزم عليها.

 

ويجب أن يكون مفهومًا كذلك أن هناك فَرْقًا بين الوقت الذي جعلوه مبدأً للتاريخ الهجري، والوقت الذي وقعت فيه الهجرة فعلاً؛ فإنه لما تشاور عمرُ مع الصحابة - رضوان الله عليهم أجمعين - وقال: بأي شهرٍ نبدأ فنصيره أول السَّنة؟ فقالوا: رجب؛ فإن أهل الجاهلية كانوا يعظِّمونه، وقال آخرون: الشهر الذي خرج فيه من مكة، وقال: أرِّخوا من المحرم أول السنة، وهو شهر حرام، وهو أول الشهور في العدة، وهو منصرف الناس من الحج، فصيروا أول السَّنة المحرَّم.



[1] اللابَتَان: تثنية لابَة، بتخفيف الباء الموحدة، وهي الحَرَّة، وهي شبه الجبل من حجارة سود، يريد المدينة، وهي بين الحرَّتين.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الهجرة النبوية
  • من وحي الهجرة
  • الهجرة وعبقرية الحل
  • حدث الهجرة ومشروع النهضة
  • دروس من الهجرة النبوية
  • ماذا يعرف المسلمون حقًّا عن الهجرة؟
  • جنود على طريق الهجرة
  • جلال الهجرة

مختارات من الشبكة

  • قصة الهجرة النبوية - ليلة الهجرة ووداع الوطن الحبيب(مقالة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • قصة الهجرة النبوية - ليلة الهجرة ووداع الوطن الحبيب(مادة مرئية - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • قصة الهجرة النبوية - ليلة الهجرة ووداع الوطن الحبيب(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • الهجرة فريضة على هذه الأمة من بلد الشرك إلى بلد الإسلام(مقالة - آفاق الشريعة)
  • رمضان بين الهجرة والهجر(مقالة - ملفات خاصة)
  • للمبتعث الهجرة لله والهجرة المضادة لها(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • دعوة للهجرة في ذكرى الهجرة(مقالة - ملفات خاصة)
  • نموذج تطبيقي لتنمية المجتمع المحلي الإسلامي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الهجرة باقية إلى قيام الساعة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • "إن الله معنا" درس من دروس الهجرة النبوية (خطبة)(مقالة - ملفات خاصة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب