• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تحية الإسلام الخالدة
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    الشباب والإصابات الروحية
    د. عبدالله بن يوسف الأحمد
  •  
    من فضائل الصدقة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

فضل الذكر

فضل الذكر
أ. د. فهمي أحمد عبدالرحمن القزاز

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 2/10/2012 ميلادي - 16/11/1433 هجري

الزيارات: 17606

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل الذكر


الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، وأترضَّى عن الصحابة والتابعين ومن والاه.

 

وبعد:

فإن الذِّكر عبادة فريدة، أمرنا الله بها من دون تقييد بزمان ولا مكان، ولا صفة ولا هيئة ولا عدد، قال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41].

 

وقال: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

 

وحثَّ عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حثًّا شديدًا، وأخبرنا أن هذه الحياة الدنيا اختبارٌ وامتحان، وصراعٌ بين الخير والشر، بين الإنسان والشيطان، ولا نجاة منه إلا بذكر الله؛ فعن الحارث الأشعري - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((وآمركم بكثرة ذكر الله، وإن مَثَلَ ذلك كمَثَلِ رجل ظلمه العدو، فانطلقوا في طلبه سراعًا، وانطلق حتى أتى حصنًا حصينًا، فأحْرَز نفسه فيه، وكذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد أنفسهم منه إلا بذكر الله))[1].

 

وأفضل العبادات الصلاة إنما شُرعت له؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي ﴾ [طه: 14].

 

وأمرنا بمواصلة الذكر بعد انقضائها، قال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

 

من أجل هذا طلب رسولنا الكريم - صلى الله عليه وسلم - من ربه أن يعينه على الاستمرار على هذه العبادة؛ فجاءت وصية المحب لحبيبه معاذ؛ فعن معاذ بن جبل، قال: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ بيدي يومًا، ثم قال: ((يا معاذ، إني لأحبك))، فقال له معاذ: بأبي وأمي يا رسول الله، وأنا والله أحبك، فقال: ((أوصيك يا معاذ، لا تدَعنَّ في دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك))[2].

 

وأمرنا ربنا بالسعي إليه وترك ما تميل إليه النفس من البيع في صلاة الجمعة، فقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الجمعة: 9].

 

وما خلت آيات الحج عن ذكر الله فيها؛ قال - تعالى -: ﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ وَاذْكُرُوهُ كَمَا هَدَاكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ ﴾ [البقرة: 198] إلى قوله - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴾ [البقرة: 203].

 

وهذا سيدنا موسى - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - يتوجه بأمر الله إلى أطغى طغاة الدنيا في زمانه فرعون، فيطلب من الله أن يجعل له وزيرًا يرافقه في هذه المهمة الشاقة؛ ليشترك معه، ويشاركه في عبادة الذكر، فقال: ﴿ وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا ﴾ [طه: 29 - 34].

 

وسيدنا يونس - عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام - ضيَّق الله عليه اليابسة، فركب البحر، فضيق عليه في القارب، فأُلقِي في قاع البحر، فضيق عليه البحر، فالتقمه الحوت، ولم يخرجه من ضيقه إلا ذكرُ الله، ولولاه للَبِث في بطنه إلى قيام الساعة، قال - تعالى -: ﴿ إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾ [الصافات: 140 - 144].

 

ومن المعلوم أن العشو يعني ضعف البصر ليلاً، وهو دون العمى بداهة؛ فأخبرنا ربنا أن من تغافل عن ذكره فعَشَى، قيَّض له شيطانًا فهو له قرين: ﴿ وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَانًا فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ ﴾ [الزخرف: 36].

 

وأكد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا المعنى، فعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إن الشيطان واضعٌ خَطْمَه على قلب ابن آدم، فإن ذكر الله - تعالى - خنس، وإن نسي الله الْتقم قلبه))[3].

 

وهذا ما فهمه ابن عباس - رضي الله عنه - فقال: ما من مولود إلا على قلبه الوسواس، فإن ذكر الله خنس، وإن غفل وسوس، وهو قوله - تعالى -: ﴿ مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ ﴾ [الناس: 4].

 

من المعلوم أن الشرع لا يحاسب على النسيان حسابه على التعمد، إلا "عند جلال الناسي أو المنسي"، وعلى هذا جاء حساب مَن نسي ذكره - سبحانه - لجلال الذكر، فقال - تعالى -: ﴿ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المجادلة: 19].

 

وعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - قال: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((مثل الذي يذكر ربه، والذي لا يذكر ربه: مثل الحي والميت))[4].

 

ومن معالم الرجولة في القرآن الإقامةُ على ذكر الله، دون الالتفات إلى غيره؛ قال - تعالى -: ﴿ رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ ﴾ [النور: 37].

 

والمتتبع للأعمال الصالحة في القرآن، يعلم أن نهايتها وغايتها ذكر الله تعالى؛ قال - عز وجل -: ﴿ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا ﴾ [الأحزاب: 35].

 

ومن علامات النفاق البارزة ذِكرُ الله قليلاً؛ قال - تعالى -: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 142].

 

وغاية المحب أن يذكره محبوبُه، وغاية العبد أن يذكره سيدُه، وغاية العابد أن يذكره معبوده، وسبيل ذلك كله ذكرُ الله؛ قال - تعالى -: ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ ﴾ [البقرة: 152].

 

وإن الذي يرى دلائل الذكر في القرآن والسنة، يخلص إلى نتيجة، هي: التنوع في هذه العبادة، فقد جاءت بصيغة الإخبار، وبصيغة الإنشاء، قال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [آل عمران: 191].

 

وقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41].

 

وللتكليف وللتشريف، وللعاقل وغيره من جماد وحيوان ونبات، قال - تعالى -: ﴿ تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا ﴾ [الإسراء: 44]، وعقب عليها رب العزة، فقال: ﴿ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ ﴾، ولم يقل: (لا تسمعون تسبيحهم)، فلو قال: (لا تسمعون) لما كان لذكر التسبيح معنى للاتعاظ به، وإنما قال: ﴿ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾؛ أي: تسمعونه ولا تفقهونه، ولعل ذلك واضح بقوله - تعالى -: ﴿ وَيُسَبِّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ وَالْمَلَائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ ﴾ [الرعد: 13].

 

ومما لا شك فيه أننا نسمع صوت الرعد، ولكن لا نفقه معناه، حتى قال العلماء: ليس الإعجاز في تسيبح الحصى بيده - صلى الله عليه وسلم - وإنما بسماع صوتها وهي تسبِّح، فعن أبي ذر الغفاري قال: "إني لشاهد عند النبي - صلى الله عليه وسلم - في حلقة وفي يده حصى فسبَّحْنَ في يده، وفينا أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فسمع تسبيحهن مَن في الحلقة، ثم دفعهن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى أبي بكر فسبحن مع أبي بكر، سمع تسبيحهن مَن في الحلقة، ثم دفعهن إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فسبحن في يده، ثم دفعهن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عمر فسبحن في يده، وسمع تسبيحهن مَن في الحلقة، ثم دفعهن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن عفان فسبحن في يده، ثم دفعهن إلينا فلم يسبحن مع أحد منا"[5].

 

وتنوعت مع أنواع الفعل الثلاثة: الماضي، والمضارع، والأمر، قال - تعالى -: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [الحديد: 1].

 

وقال - تعالى -: ﴿ يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ الْمَلِكِ الْقُدُّوسِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ﴾ [الجمعة: 1].

 

وقال - تعالى -: ﴿ سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ﴾ [الأعلى: 1].

 

بل حتى مع غير الزمن إذا خلا الأمر منه، كما في معجزة الإسراء، فقد جاء بصيغة اسم المصدر؛ لأنه لا يعتمد على الزمان، فقال - تعالى -: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ﴾ [الإسراء: 1].

 

كما جاءت متنوِّعة باللفظ من تسبيح واستغفار وغيره، وعلى درجات مختلفة في الطلب ما بين وجوب وندب، وأتت موزعة على القلب واللسان والعين، وأمها القلب، فعن الأغر المزني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((إنه ليغان على قلبي، وإني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة))[6].

 

وعن عبدالله بن بسر - رضي الله عنه - أن رجلاً سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله، إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ، فمُرْني بأمر أتشبث به، فقال: ((لا يزال لسانك رطبًا بذكر الله - عز وجل)) [7].

 

ثم إنها جاءت متنوعة في باب المفاضلة، فقد ورد أنه أفضل من باب القتال وضرب الرقاب، ومن ذلك قوله: ﴿ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾ [العنكبوت: 45].

 

وعن معاذ بن جبل - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند مليككم، وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم غدًا فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟))، قالوا: بلى يا رسول الله، قال: ((ذكر الله - عز وجل))[8].

 

وإذا كان الله - عز وجل - قد أمرنا بالثبات في ساحة القتال عند التحام الصفوف، فقد ثنَّى بالإكثار من الذكر في هذه اللحظات؛ فقال - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ﴾ [الأنفال: 45].

 

كما نوَّع في المُلْهِيات؛ كالشيطان، والتجارة، والأموال، والأولاد، فنبَّهنا ربنا ألاَّ ننشغل بهم عن ذكره، ومن فعل ذلك كان - في ميزانه - من الخاسرين: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ ﴾ [المنافقون: 9].

 

وقال - تعالى -: ﴿ الْمَالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِنْدَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا ﴾ [الكهف: 46].

 

ونوع أيضًا فيمن أعرض عن الذكر ما بين لاهٍ، ولاعب، ومعرِض، قال - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ يَكْلَؤُكُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مِنَ الرَّحْمَنِ بَلْ هُمْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [الأنبياء: 42].

 

ونوَّع القلوب المتلقية له ما بين قلوب وَجِلة، وأخرى قاسية أو مشمئزَّة، قال - تعالى -: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ﴾ [الأنفال: 2].

 

وقال - تعالى -: ﴿ أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ فَهُوَ عَلَى نُورٍ مِنْ رَبِّهِ فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الزمر: 22].

 

وقال - تعالى -: ﴿ وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ ﴾ [الزمر: 45].

 

حتى نوع في ذكر المتأثرات؛ من قلبٍ، وجلد، وعين؛ قال - تعالى -: ﴿ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَالصَّابِرِينَ عَلَى مَا أَصَابَهُمْ وَالْمُقِيمِي الصَّلَاةِ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ ﴾ [الحج: 35].

 

وقال - تعالى -: ﴿ اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: 23].

 

وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله ... ورجل ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه))[9].

 

ونوَّع في المطلوب منهم ما بين فرد وجماعة، بقوله: (اذكر) بلفظ المفرد، و(اذكروا) بلفظ الجمع.

 

كما نوَّع في الأداء ما بين سر وإعلان، قال - تعالى -: ﴿ وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعًا وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ وَلَا تَكُنْ مِنَ الْغَافِلِينَ * إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ ﴾ [الأعراف: 205، 206].

 

وقال - تعالى -: ﴿ قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ ﴾ [الأنعام: 63].

 

وعن أنس - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله: ((قال الله: يا بن آدم، إن ذكرتَني في نفسك، ذكرتُك في نفسي، وإن ذكرتَني في ملأ، ذكرتُك في ملأ من الملائكة، أو في ملأ خير منهم...))[10].

 

ومن هنا، فإن هذه القواعد الكلية، والعمومات القولية - لا تفتقر إلى مفسرات فعلية، وإنما الأفعال فيها مندرجات تحتها؛ كالفرد تحت النوع، أو كالنوع تحت الجنس، "وإفراد فرد بالذكر لا يخصصه".

 

وكل ما سبق ليس محل اختلاف كما هو معلوم، ويعد هذا أصلاً في جواز التنوع ومنه الجهر بالذكر، والله أعلم بالصواب.

 

وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.



[1] سنن الترمذي (5/148) (2863)، وقال الألباني: صحيح، ومسند أحمد (28/404)، (17170)، وصحيح ابن خزيمة (3/195) (1895)، والمستدرك (1/582)، (1534)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.

[2] ينظر سنن أبي داود (1/ 475) (1522)، قال الألباني: صحيح، وسنن النسائي (3/ 53) (1303)، ومسند أحمد (13/360) (7982)، والمستدرك (1/ 407) (1010)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه، وقال الذهبي: على شرطهما.

[3] مسند أبي يعلى: (7/ 278) (4301)؛ قال حسين سليم أسد: إسناده ضعيف.

[4] صحيح البخاري: (5/2353) (6044).

[5] المعجم الأوسط: (2: 59) (1244)، ومسند البزار: (9: 434)(4044)، قال الهيثمي: رواه الطبراني في الأوسط، وفيه محمد بن أبي حميد؛ وهو ضعيف، وله طريق أحسن من هذا في علامات النبوة، وإسناده صحيح؛ ينظر: مجمع الزوائد: (5: 214) .

[6] صحيح مسلم: (4/ 2075) ( 2702 ).

[7] مسند أحمد: (4/ 190) (17734)، قال شعيب الأرناؤوط: إسناده صحيح.

[8] مسند أحمد: (36/ 33) (21702)، والحاكم عن أبي الدرداء؛ ينظر المستدرك (1/673) (1825)، ثم قال بعده: وقال معاذ بن جبل: "ما عَمِل آدمي من عمل أنجى له من عذاب الله من ذكر الله - عز و جل"، وقال: هذا حديث صحيح الإسناد، ولم يخرجاه.

[9] صحيح البخاري: (1/ 234) (629)، وصحيح مسلم (3/ 93) (2427).

[10] جزء من حديثٍ أخرجه أحمد في مسنده: (3/138) (12428)، وعبدالرزاق في مصنفه: (11/293) (20576)، وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح؛ ينظر: مجمع الزوائد: (78:10).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فضل الذكر
  • فضل الذكر
  • فضل الذكر
  • في الذكر عند الخروج والدخول في المنزل
  • في فضل الذكر

مختارات من الشبكة

  • من فوائد ذكر الله تعالى (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الذكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الذكر والدعاء في شهر رمضان المبارك(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الذكر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل الذكر والدعاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • تلقيح الفكر بأربعين حديثا في فضل الذكر (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • أهمية الذكر وفضله(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • فضل الذكر - ب (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)

 


تعليقات الزوار
3- شكر وثناء
مظفر محسن العاني - العراق 28-07-2015 04:47 PM
بارك الله فيك شيخنا لطال ما افدتنا خاصتا ونحن في ايام تلت شهر رمضان المبارك ..وقد تفتر فيها النفوس عن الذكر .نسال الله لكم التوفيق والسداد.ولكم جزيل الشكر.
2- بوركت
يحيى عبد محجوب - العراق 27-07-2015 10:18 PM

بارك الله بك وجعله في ميزان حسناتك ياشيخ فهمي وأحب أن اضيف أن أذكارا تحيي القلب ترتكز على "الصلاة على النبي " فهي نور وبها تحصل صلاة الله علينا ليقبل "تسبيحنا" و"استغفارنا" ثم دعاءنا بأسماء الله وصفاته كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم "الظوا بان ياذا الجلال والاكرام" متْبعين كل فعل ناجح وحركة نقوم بها بل ونفس نتنفسه بكنز من كنوز الجنة "لا حول ولا قوة الا بالله" متسلحين ب" لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين" ونغرس غرسنا في الجنة ب"سبحان الله والحمد لله ولا إله الا الله والله أكبر" عل بعضنا ينتفع بتذكير فإن الذكرى تنفع المؤمنين وقد استفدت وأردت لكم الفائدة

1- بارك الله بك
حسام - المانيا 03-10-2012 01:57 AM

جزاك الله عنا كل خير و وفقك لكل خير
و جزا الله عنا القائمين على هذا الموقع كل خير و أتمنى لهذا الموقع المزيد من النجاح

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب