• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

حدث في السنة الأولى من الهجرة (1)

السنة الأولى من الهجرة .. الحدث الأول
الشيخ محمد طه شعبان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 18/9/2012 ميلادي - 2/11/1433 هجري

الزيارات: 32625

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

حدث في السنة الأولى من الهجرة (1)

الحدث الأول

(هجرة النبي -صلي الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة)

 

في ربيع الأول من هذه السنة: هاجر النبي -صلي الله عليه وسلم- من مكة إلى المدينة.

 

الشرح:

ثم رد الله تعالى كيد المشركين واستطاع النبي -صلي الله عليه وسلم- أن يخرج ومعه أبو بكر من مكة متوجهين إلى المدينة لم يرهما أحد.

 

وتعود بداية هذه الرحلة المباركة عندما كان أبو بكر جالسا في بيته وقت الظَّهِيرَةِ قَالَ له قَائِلٌ: هَذَا رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- مُتَقَنِّعًا فِي سَاعَةٍ لَمْ يَكُنْ يَأْتِينَا فِيهَا، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: فِدَاءٌ لَهُ أبي وَأُمِّي، وَاللَّهِ مَا جَاءَ بِهِ فِي هَذِهِ السَّاعَةِ إِلَّا أَمْرٌ، قَالَتْ عائشة: فَجَاءَ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- فَاسْتَأْذَنَ، فَأُذِنَ لَهُ، فَدَخَلَ فَقَالَ النَّبِيُّ -صلي الله عليه وسلم- لِأبي بَكْرٍ: «أَخْرِجْ مَنْ عِنْدَكَ»، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: إِنَّمَا هُمْ أَهْلُكَ بِأبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: «فَإِنِّي قَدْ أُذِنَ لِي فِي الْخُرُوجِ»، فَقَالَ أبو بَكْرٍ: الصَّحَابَةُ بِأبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم-: «نَعَمْ»، قَالَ أبو بَكْرٍ: فَخُذْ بِأبي أَنْتَ يَا رَسُولَ الله إحدى رَاحِلَتَيَّ هَاتَيْنِ، قَالَ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم-: «بِالثَّمَنِ»، قَالَتْ عَائِشَةُ: فَجَهَّزْنَاهُمَا أَحَثَّ الْجِهَازِ وَصَنَعْنَا لَهُمَا سُفْرَةً فِي جِرَابٍ فَقَطَعَتْ أَسْمَاءُ بنتُ أبي بَكْرٍ قِطْعَةً مِنْ نِطَاقِهَا فَرَبَطَتْ بِهِ على فَمِ الْجِرَابِ فَبِذَلِكَ سُمِّيَتْ ذَاتَ النِّطَاقَيْنِ، قَالَتْ: ثُمَّ لَحِقَ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- وَأبو بَكْرٍ بِغَارٍ فِي جَبَلِ ثَوْرٍ، فَكَمَنَا فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ يَبِيتُ عِنْدَهُمَا عبد الله بن أبي بَكْرٍ وَهُوَ غُلَامٌ شَابٌّ ثَقِفٌ لَقِنٌ فَيُدْلِجُ مِنْ عِنْدِهِمَا بِسَحَرٍ فَيُصْبِحُ مَعَ قُرَيْشٍ بِمَكَّةَ كَبَائِتٍ فَلَا يَسْمَعُ أَمْرًا يُكْتَادَانِ بِهِ إِلَّا وَعَاهُ حتى يَأْتِيَهُمَا بِخَبَرِ ذَلِكَ حِينَ يَخْتَلِطُ الظَّلَامُ، ويرعى عَلَيْهِمَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ مولى أبي بَكْرٍ مِنْحَةً مِنْ غَنَمٍ فَيُرِيحُهَا عَلَيْهِمَا حِينَ تَذْهَبُ سَاعَةٌ مِنْ الْعِشَاءِ فَيَبِيتَانِ فِي رِسْلٍ وَهُوَ لَبَنُ مِنْحَتِهِمَا وَرَضِيفِهِمَا حتى يَنْعِقَ بِهَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ بِغَلَسٍ يَفْعَلُ ذَلِكَ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ تِلْكَ اللَّيَالِي الثَّلَاثِ[1].

 

وفي تلك الأثناء تفطَّن المشركون أن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وأبا بكر قد خرجا فأخذوا يبحثون عنهما في كل مكان حتى وصلوا إلى الْغَارِ وهما فيه، ثم قربوا منه بشدة حتى إن أبا بكر -رضى الله عنه- سمع صرير أقدامهم حول الغار فرفع رأسه فَإِذَا هو بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ فقال: يَا رسول الله لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا، قَالَ: «اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ اثْنَانِ الله ثَالِثُهُمَا»[2].

 

ثم اسْتَأْجَرَ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- وَأبو بَكْرٍ رَجُلًا مِنْ بني الدِّيلِ وَهُوَ مِنْ بني عبد بن عَدِيٍّ[3] هَادِيَا خِرِّيتًا - وَالْخِرِّيتُ الْمَاهِرُ بِالْهِدَايَةِ- قَدْ غَمَسَ حِلْفًا فِي آلِ الْعَاصِ بن وَائِلٍ السَّهْمِيِّ وَهُوَ على دِينِ كُفَّارِ قُرَيْشٍ فَأَمِنَاهُ فَدَفَعَا إِلَيْهِ رَاحِلَتَيْهِمَا وَوَاعَدَاهُ غَارَ ثَوْرٍ بَعْدَ ثَلَاثِ لَيَالٍ بِرَاحِلَتَيْهِمَا صُبْحَ ثَلَاثٍ[4].

 

ثم انتظروا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلَا الطَّرِيقُ لَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ[5].

 

فانْطَلَقَ مَعَهُمَا عَامِرُ بن فُهَيْرَةَ وَالدَّلِيلُ فَأَخَذَ بِهِمْ طَرِيقَ السَّوَاحِلِ[6].

 

يقول أبو بكر -رضى الله عنه-: فأَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا كُلَّهَا حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ وَخَلَا الطَّرِيقُ فَلَا يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ حَتَّى رُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ بَعْدُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهَا فَأَتَيْتُ الصَّخْرَةَ فَسَوَّيْتُ بِيَدِي مَكَانًا يَنَامُ فِيهِ النَّبِيُّ -صلي الله عليه وسلم- فِي ظِلِّهَا ثُمَّ بَسَطْتُ عَلَيْهِ فَرْوَةً، ثُمَّ قُلْتُ: نَمْ يَا رَسُولَ الله! وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ فَإِذَا أَنَا بِرَاعِي غَنَمٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إلى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا الَّذِي أَرَدْنَا فَلَقِيتُهُ فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلَامُ؟ فَقَالَ: لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ، قُلْتُ: أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: أَفَتَحْلُبُ لِي؟ قَالَ: نَعَمْ، فَأَخَذَ شَاةً، فَقُلْتُ لَهُ: انْفُضْ الضَّرْعَ مِنْ الشَّعَرِ وَالتُّرَابِ وَالْقَذَى فَحَلَبَ لِي فِي قَعْبٍ مَعَهُ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ، قَالَ: وَمَعِي إِدَاوَةٌ أَرْتَوِي فِيهَا لِلنَّبِيِّ -صلي الله عليه وسلم- لِيَشْرَبَ مِنْهَا وَيَتَوَضَّأَ، قَالَ: فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ وَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ مِنْ نَوْمِهِ فَوَافَقْتُهُ اسْتَيْقَظَ فَصَبَبْتُ على اللَّبَنِ مِنْ الْمَاءِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله اشْرَبْ مِنْ هَذَا اللَّبَنِ فَشَرِبَ حَتَّى رَضِيتُ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ؟»، قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: فَارْتَحَلْنَا بَعْدَمَا زَالَتْ الشَّمْسُ وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بن مَالِكٍ، قَالَ: وَنَحْنُ فِي جَلَدٍ مِنْ الْأَرْضِ[7]، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ الله أُتِينَا فَقَالَ: «لَا تَحْزَنْ إِنَّ الله مَعَنَا»، فَدَعَا عَلَيْهِ رَسُولُ الله -صلي الله عليه وسلم- فَارْتَطَمَتْ - ساخت- فَرَسُهُ إلى بَطْنِهَا فَقَالَ: إِنِّي قَدْ عَلِمْتُ، أَنَّكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِي فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ فَدَعَا الله فَنَجَا[8].

 

فلما نجا سراقة قصَّ على رسول الله -صلي الله عليه وسلم- أخبار قريش وأنهم جعلوا فيه الدِّيَةَ، وَأَخْبَرَهُمْ أَخْبَارَ مَا يُرِيدُ النَّاسُ منهِمْ ثم عَرَضْ على النبي -صلي الله عليه وسلم- الزَّادَ وَالْمَتَاعَ يقول سراقة: فَلَمْ يَرْزَآنِي، وَلَمْ يَسْأَلَانِي إِلَّا أَنْ قَالَ: أَخْفِ عَنَّا، فَسَأَل سراقة النبي -صلي الله عليه وسلم- أَنْ يَكْتُبَ لِي كِتَابَ أَمْنٍ فَأَمَرَ عَامِرَ بن فُهَيْرَةَ فَكَتَبَ فِي رُقْعَةٍ مِنْ أَدِيمٍ[9].

 

ثم وفى سراقة بما وعد به رسول الله -صلي الله عليه وسلم- حيث وعده أن يرد عنهما الطلب- فكان لَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا قَالَ: قَدْ كَفَيْتُكُمْ مَا ههُنَا فَلَا يَلْقَى أَحَدًا إِلَّا رَدَّهُ[10].

 

وكان من شأن سراقة -رضى الله عنه- أنه كان جالسا فِي مَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ قَوْمه بني مُدْلِجٍ يقول سراقة: فأَقْبَلَ رَجُلٌ مِنْهُمْ حَتَّى قَامَ عَلَيْنَا وَنَحْنُ جُلُوسٌ فَقَالَ: يَا سُرَاقَةُ إِنِّي قَدْ رَأَيْتُ آنِفًا أَسْوِدَةً بِالسَّاحِلِ أُرَاهَا مُحَمَّدًا وَأَصْحَابَهُ، قَالَ سُرَاقَةُ: فَعَرَفْتُ أَنَّهُمْ هُمْ فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّهُمْ لَيْسُوا بِهِمْ وَلَكِنَّكَ رَأَيْتَ فُلَانًا وَفُلَانًا انْطَلَقُوا بِأَعْيُنِنَا ثُمَّ لَبِثْتُ فِي الْمَجْلِسِ سَاعَةً، ثُمَّ قُمْتُ فَدَخَلْتُ فَأَمَرْتُ جَارِيَتِي أَنْ تَخْرُجَ بِفَرَسِي وَهِيَ مِنْ وَرَاءِ أَكَمَةٍ فَتَحْبِسَهَا عَلَيَّ، وَأَخَذْتُ رُمْحِي فَخَرَجْتُ بِهِ مِنْ ظَهْرِ الْبَيْتِ فَحَطَطْتُ بِزُجِّهِ الْأَرْضَ وَخَفَضْتُ عَالِيَهُ حَتَّى أَتَيْتُ فَرَسِي فَرَكِبْتُهَا فَرَفَعْتُهَا تُقَرِّبُ بِي حَتَّى دَنَوْتُ مِنْهُمْ فَعَثَرَتْ بِي فَرَسِي فَخَرَرْتُ عَنْهَا فَقُمْتُ فَأَهْوَيْتُ يَدِي إلى كِنَانَتِي فَاسْتَخْرَجْتُ مِنْهَا الْأَزْلَامَ تُقَرِّبُ بِي حَتَّى إِذَا سَمِعْتُ قِرَاءَةَ رَسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم- وَهُوَ لَا يَلْتَفِتُ وَأبو بَكْرٍ يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ سَاخَتْ يَدَا فَرَسِي فِي الْأَرْضِ حَتَّى بَلَغَتَا الرُّكْبَتَيْنِ فَخَرَرْتُ عَنْهَا ثُمَّ زَجَرْتُهَا فَنَهَضَتْ فَلَمْ تَكَدْ تُخْرِجُ يَدَيْهَا فَلَمَّا اسْتَوَتْ قَائِمَةً إِذَا لِأَثَرِ يَدَيْهَا عُثَانٌ[11] سَاطِعٌ فِي السَّمَاءِ مِثْلُ الدُّخَانِ فَاسْتَقْسَمْتُ بِالْأَزْلَامِ فَخَرَجَ الَّذِي أَكْرَهُ فَنَادَيْتُهُمْ بِالْأَمَانِ فَوَقَفُوا فَرَكِبْتُ فَرَسِي حَتَّى جِئْتُهُمْ وَوَقَعَ فِي نَفْسِي حِينَ لَقِيتُ مَا لَقِيتُ مِنْ الْحَبْسِ عَنْهُمْ أَنْ سَيَظْهَرُ أَمْرُ رَسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم-[12].

 

ثم ذكر سراقة -رضى الله عنه- الحوار الذي دار بينه وبين النبي -صلي الله عليه وسلم-.

 

ثم مضى رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فلقي في الطريق الزبير في ركب من المسلمين كانوا تجارًا قافلين من الشام فكسا الزبيرُ رسولَ الله -صلي الله عليه وسلم- وأبا بكر ثياب بياض.

 

ومرَّ النبيُ -صلي الله عليه وسلم- وأبو بكر -رضى الله عنه- ومولى أبي بكر عامر بن فهيرة ودليلهما الليثي عبد الله بن أريقط على خيمتي أم معبد الخزاعية وكانت امرأة برزة جلدة تحتبي بفناء الخيمة ثم تسقي وتطعم فسألوها لحمًا وتمرًا ليشتروا منها فلم يصيبوا عندها شيئًا من ذلك، وكان القوم مرملين مسنتين فنظر رسول الله -صلي الله عليه وسلم- إلى شاة في كسر الخيمة فقال: «ما هذه الشاة يا أم معبد» قالت: شاة خلفها الجهد عن الغنم قال: «هل بها من لبن» قالت: هي أجهد من ذلك، قال: «أتأذنين لي أن أحلبها» قالت: بأبي أنت وأمي إن رأيت بها حلبًا فاحلبها، فدعا بها رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فمسح بيده ضرعها وسمى الله تعالى ودعا لها في شاتها فتفاجت عليه ودرت فاجترت فدعا بإناء يربض الرهط فحلب فيه ثجًا حتى علاه البهاء، ثم سقاها حتى رويت وسقى أصحابه حتى رووا وشرب آخرهم حتى أراضوا ثم حلب فيه الثانية على هدة حتى ملأ الإناء، ثم غادره عندها ثم بايعها وارتحلوا عنها، فقل ما لبثت حتى جاءها زوجها أبو معبد يسوق أعنزًا عجافًا يتساوكن هزالاً مخهن قليل، فلما رأى أبو معبد اللبن أعجبه، قال: من أين لك هذا يا أم معبد والشاء عازب حائل ولا حلوب في البيت؟ قالت: لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا قال: صفيه لي يا أم معبد، قالت: رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة أبلج الوجه حسن الخلق لم تعبه ثجلة ولم تزريه صعلة وسيم قسيم، في عينيه دعج وفي أشفاره وطف وفي صوته صهل وفي عنقه سطع، وفي لحيته كثاثة، أزج أقرن إن صمت فعليه الوقار وإن تكلم سماه وعلاه البهاء، أجمل الناس وأباه من بعيد وأحسنه وأجمله من قريب، حلو المنطق فصلاً لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن، ربعة لا تشنأه من طول ولا تقتحمه عين من قصر غصن بين غصنين، فهو أنضر الثلاثة منظرًا وأحسنهم قدرًا، له رفقاء يحفون به إن قال سمعوا لقوله، وإن أمر تبادروا إلى أمره، محفود محشود لا عابس ولا مفند، قال أبو معبد: هذا والله صاحب قريش الذي ذكر لنا من أمره ما ذكر، ولقد هممت أن أصحبه ولأفعلن إن وجدت إلى ذلك سبيلاً، وأصبح صوت بمكة عاليًا يسمعون الصوت ولا يدرون من صاحبه وهو يقول:

جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلاها بالهدى واهتدت به
فقد فاز من أمسى رفيق محمد
فيا لقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا تجازى وسؤدد
ليهن أبا بكر سعادة جده
بصحبته من يسعد الله يسعد
وليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
ودعاها بشاة حائل فتحلبت
عليه صريًا ضرة الشاة مزبد
فغادره رهنًا لديها لحالب
يرددها في مصدر بعد مورد [13]

 

ثم مضى النبي -صلي الله عليه وسلم- هو وأبو بكر -رضى الله عنه- فَالْتَفَتَ أبو بَكْرٍ فَإِذَا هُوَ بِفَارِسٍ قَدْ لَحِقَهُمْ فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله هَذَا فَارِسٌ قَدْ لَحِقَ بنا فَالْتَفَتَ نَبِيُّ الله -صلي الله عليه وسلم- فَقَالَ: «اللَّهُمَّ اصْرَعْهُ» فَصَرَعَهُ الْفَرَسُ ثُمَّ قَامَتْ تُحَمْحِمُ[14]، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ الله مُرْنِي بِمَا شِئْتَ قَالَ: «فَقِفْ مَكَانَكَ لَا تَتْرُكَنَّ أَحَدًا يَلْحَقُ بنا» قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ النَّهَارِ جَاهِدًا على نَبِيِّ الله -صلي الله عليه وسلم- وَكَانَ آخِرَ النَّهَارِ مَسْلَحَةً لَهُ[15].

 

وكان النبي -صلي الله عليه وسلم- قد أشرف على الْمَدِينَةِ وَهُوَ مُرْدِفٌ أَبَا بَكْرٍ، وَأبو بَكْرٍ شَيْخٌ يُعْرَفُ وَنَبِيُّ الله -صلي الله عليه وسلم- شَابٌّ لَا يُعْرَفُ[16] قَالَ: فَيَلْقَى الرَّجُلُ أَبَا بَكْرٍ، فَيَقُولُ: يَا أَبَا بَكْرٍ مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْكَ؟ فَيَقُولُ: هَذَا الرَّجُلُ يَهْدِينِي السَّبِيلَ، قَالَ: فَيَحْسِبُ الْحَاسِبُ أَنَّهُ إِنَّمَا يَعْنِي الطَّرِيقَ وَإِنَّمَا يَعْنِي سَبِيلَ الْخَيْرِ[17].

 

وَسَمِعَ الْمُسْلِمُونَ بِالْمَدِينَةِ مَخْرَجَ رَسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم- مِنْ مَكَّةَ فَكَانُوا يَغْدُونَ كُلَّ غَدَاةٍ إلى الْحَرَّةِ فَيَنْتَظِرُونَهُ حَتَّى يَرُدَّهُمْ حَرُّ الظَّهِيرَةِ فَانْقَلَبُوا يَوْمًا بَعْدَ مَا أَطَالُوا انْتِظَارَهُمْ فَلَمَّا أَوَوْا إلى بُيُوتِهِمْ أَوْفَى رَجُلٌ مِنْ يَهُودَ على أُطُمٍ مِنْ آطَامِهِمْ[18] لِأَمْرٍ يَنْظُرُ إِلَيْهِ فَبَصُرَ بِرَسُولِ الله -صلي الله عليه وسلم- وَأَصْحَابِهِ مُبَيَّضِينَ[19] يَزُولُ بِهِمْ السَّرَابُ[20] فَلَمْ يَمْلِكْ الْيَهُودِيُّ أَنْ قَالَ بِأَعلى صَوْتِهِ: يَا مَعَاشِرَ الْعَرَبِ هَذَا جَدُّكُمْ الَّذِي تَنْتَظِرُونَ[21] فَثَارَ الْمُسْلِمُونَ إلى السِّلَاحِ فَتَلَقَّوْا رَسُولَ الله -صلي الله عليه وسلم- بِظَهْرِ الْحَرَّةِ[22].

 

المصدر: (الأغصان الندية شرح الخلاصة البهية في ترتيب أحداث السيرة النبوية)



[1] صحيح: أخرجه البخاري (3905)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وأحمد 6/198.

لقنٌ ثقِف: أي حسن الاستماع لما يقال، الدلجة: السير أول الليل، المنيحة: الناقة، رسْل: لبن، خريتًا: دليلاً.

[2] متفق عليه: أخرجه البخاري (3922)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، مسلم (2381)، كتاب: فضائل الصحابة، باب: من فضائل أبي بكر.

[3] هو عبد الله بن أُريقط.

[4] صحيح: أخرجه البخاري (3905)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، أحمد 6/198.

[5] متفق عليه: أخرجه البخاري (3917)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، مسلم (2009)، كتاب: الزهد، باب: في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل.

[6] صحيح: أخرجه البخاري (3905)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، أحمد 6/198.

[7] أرض جلْدة: أي أرض صُلبة. (النهاية).

[8] متفق عليه: أخرجه البخاري (3917)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، مسلم (2009)، كتاب: الزهد والرقائق، باب: في حديث الهجرة ويقال له حديث الرحل.

[9] صحيح: أخرجه البخاري (3906)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.

[10] متفق عليه: انظر: التخريج قبل السابق.

[11] دخان.

[12] صحيح: أخرجه البخاري (3906)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.

[13] حسن: الحاكم 3/9، 10، وحسنه الألباني، تخريج «فقه السيرة» (179).

[14] الحمحمة: صوت الفرس دون الصهيل (نهاية).

[15] صحيح: أخرجه البخاري (3911)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، وقيل: هذا الفارس هو سراقة بن مالك فالقصة واحدة. والله أعلم.

[16] أي من حيث الشيب، فالشيب كان قد دخل على أبي بكر -رضى الله عنه- دون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- - وهو الأكبر سنًا- يظهر كأنه شاب.

[17] الحديث السابق.

[18] الأطم: الحصن.

[19] أي عليهم الثياب البيض.

[20] قيل معناه ظهرت حركتهم للعين «فتح الباري».

[21] جدكم: بفتح الجيم أي حظكم وصاحب دولتكم الذي تتوقعونه (فتح).

[22] صحيح: أخرجه البخاري (3906)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: هجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • دروس من الهجرة النبوية
  • عبرة الهجرة
  • أسباب ونتائج الهجرة النبوية
  • ماذا يعرف المسلمون حقًّا عن الهجرة؟
  • سبعة من الدروس والعبر من هجرة سيد البشر
  • فلنتأمل دروسا من الهجرة
  • هل يحتفل المسلم برأس السنة الهجرية؟
  • السنة الأولى من الهجرة
  • حدث في السنة الأولى من الهجرة (3)
  • حدث في السنة الأولى من الهجرة (4)
  • حدث في السنة الأولى من الهجرة (5)
  • حدث في السنة الأولى من الهجرة (6)
  • حدث في السنة الأولى من الهجرة (7)
  • حدث في السنة الثانية من الهجرة (1)
  • حدث في شهر المحرم عبر القرون
  • غزوات الرسول صلى الله عليه وسلم
  • طرف من إنجازات محمد صلى الله عليه وسلم الحضارية في شهر ذي القعدة

مختارات من الشبكة

  • نموذج تطبيقي لتنمية المجتمع المحلي الإسلامي(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • خاتم النبيين (42) أحداث السنة التاسعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (35) أحداث السنة الثامنة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • خاتم النبيين (32) أحداث السنة السابعة من الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حدث في السنة الحادية عشرة من الهجرة (4)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حدث في السنة الحادية عشرة من الهجرة (3)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حدث في السنة الحادية عشرة من الهجرة (2)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حدث في السنة الحادية عشرة من الهجرة (1)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حدث في السنة العاشرة من الهجرة (5)(مقالة - ملفات خاصة)
  • حدث في السنة العاشرة من الهجرة (4)(مقالة - ملفات خاصة)

 


تعليقات الزوار
1- شكر الله لكم
عبد الكريم الدرويش - مصر 23-10-2012 12:08 AM

الإخوة الأعزاء بشبكة الألوكة
شكر الله لكم ما تبذلون من جهد وكل عام وأنتم بخير أرجو معرفة مصدر مقالات الشيخ عبد الفتاح إبراهيم سلامة الخمس عن الهجرةالنبوية؛ وهل الشيخ عبد الفتاح إبراهيم سلامة هو الدكتور عبد الفتاح سلامة المصرى؛ صاحب كتاب: حتى تشرق الشمس من جديد لا تتخذو القبور مساجد ولا الأضرحة معابد ؟. أفيدونى شكر الله لكم ؛ وذلك لنحفظ هذه المقالات بتراث فضيلته بالمركز العام لجماعة أنصار السنة المحمدية بالقاهرة؛
ولكم كل الشكر والتقدير
أخوكم عبد الكريم الدرويش
مركز التراث لجماعة أنصار السنة بالقاهرة
إبن أحد ثلامذة الشيخ رحمه الله ومن المعنيين بتراثه رحمه الله

سكرتير التحرير:

شكرا لكم وكل عام وأنتم بخير والمقالات التي ذكرتها هي للشيخ الدكتور عبدالفتاح إبراهيم سلامة (المصري).

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب