• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    من صيام التطوع: صوم يوم العيدين
    د. عبدالرحمن أبو موسى
  •  
    حقوق الوالدين
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    تفسير سورة الكوثر
    يوسف بن عبدالعزيز بن عبدالرحمن السيف
  •  
    من مائدة العقيدة: شهادة أن لا إله إلا الله
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    الليلة الثلاثون: النعيم الدائم (3)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    العلم والمعرفة في الإسلام: واجب ديني وأثر حضاري
    محمد أبو عطية
  •  
    حكم إمامة الذي يلحن في الفاتحة
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / الرقائق والأخلاق والآداب
علامة باركود

الدين يقول: ماذا جنيت أنا فحق عقابي؟

أيمن بن عبدالعظيم الأصبح


تاريخ الإضافة: 23/12/2008 ميلادي - 24/12/1429 هجري

الزيارات: 12668

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر
إن الحمد لله - تعالى - نحمده، ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله - تعالى - من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، مَن يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله.

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [آل عمران: 102]، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا} [الأحزاب: 70، 71].

أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله - تعالى - وأحسن الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم - وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

الحمد لله على نعمة النعم، ومنَّة المنن، الحمد لله على النعمة العظمى، والمنة الكبرى، الحمد لله على أعظم نعمة أنعم بها علينا، الحمد لله على أجلِّ منة امتنَّ بها علينا، الحمد لله على "لا إله إلا الله محمد رسول الله"، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله، الحمد لله الذي أرسل إلينا رسولاً منا يتلو علينا آياته، ويُزَكِّينا، ويُعَلِّمنا الكتاب والحكمة، وإن كنا من قبل لفي ضلال مبين، الحمد لله على كل رسولٍ أرسله، الحمد لله على كل حق أحقه، الحمد لله على كل باطلٍ أزهقه، الحمد لله على كل مظلوم نصره، الحمد لله كل ظالمٍ قهره، الحمد لله على كل جبارٍ قصمه، والله أكبر كبيرًا.

الحمد لله الذي جمعنا في هذه الساعة الطيبة المباركة، في هذا اليوم الأزهر، في بيت من بيوت الله - عز وجل - نتدارس آية من كتاب الله - عز وجل - أو حديثًا من سنة نبينا محمد رسول الله - صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم - ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

وبعد:
فيا أيها الإخوة الأحباب، هذه أنَّات مكروب، وزفرات مهموم، في ظل ما يحدث لنا في هذه الأيام المنكوبة بأهلها، وفي كل ناحية من نواحي الحياة، وعلى مستوى الفرد والجماعة، ما هو إلا الفساد في الأرض، والشقاوة للناس، والارتكاس في حمأة الجاهلية التي عبدت الهوى من دون الله تعالى؛ فقال تعالى: {فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} [القصص: 50].

وعنوان خطبتنا في هذا اليوم: "الدين يقول: ماذا جنيت أنا فحق عقابي؟"، وهذه مقالة قالها شحرور ضعيف أمام ثعبان كبير، وقام بينهما حوار، فقالوا:
كَانَ  الرَّبِيعُ   الحَيُّ   رُوحًا   حَالِمًا        غَضَّ   الشَّبَابِ    مُعَطَّرَ    الجِلْبَابِ
يَمْشِي  عَلَى  الدُّنْيَا  بِفِكْرَةِ   شَاعِرٍ        وَيَطُوفُهَا    فِي    مَوْكِبٍ    خَلاَّبِ
وَالشَّاعِرُ  الشُّحْرُورُ  يَصْرُخُ  مُنْشِدًا        لِلشَّمْسِ   بَيْنَ   الوَرْدِ   وَالأَعْشَابِ
فَرَآهُ      ثُعْبَانُ      الجِبَالِ      فَغَمَّهُ        مَا  فِيهِ  مِنْ  مَرَحٍ   وَفَيْضِ   شَبَابِ
فَانْقَضَّ    مُضْطَغِنًا     عَلَيْهِ     كَأَنَّهُ        سَوْطُ   القَضَاءِ    وَفِرْيَةُ    الكَذَّابِ
بُغِتَ   الشَّقِيُّ   من    هل    الردي        مُتَلَفِّتًا         لِلصَّائِلِ         المُنْتَابِ
وَتَدَفَّقَ   المِسْكِينُ    يَصْرُخُ    قَائِلاً        مَاذَا   جَنَيْتُ   أَنَا    فَحُقَّ    عِقَابِي
لاَ    شَيْءَ    إِلاَّ     أَنَّنِي     مُتَعَزِّلٌ        بِالْكَائِنَاتِ    مُغَرِّدٌ    فِي     الغَابِ
أُلْقِي   عَلَى   الدُّنْيَا   حَنَانًا   طَاهِرًا        وَأَبُثُّهَا    نَزْوَ     المُحِبِّ     الصَّابِي
أَيُعَدُّ   هَذَا   فِي   الوُجُودِ    جَرِيمَةً        أَيْنَ   العَدَالَةُ    يَا    رِفَاقَ    شَبَابِي
لاَ  أَيْنَ  فَالشَّرْعُ  المُقَدَّسُ   هَا   هُنَا        رَأْيُ    القَوِيِّ    وَفِكْرَةُ     الغَلاَّبِ
وَسَعَادَةُ   الضُّعَفَاءِ   جُرْمٌ   مَا    لَهُ        عِنْدَ  القَوِيِّ   سِوَى   أَشَدِّ   عِقَابِ
وَلْتَشْهَدِ     الدُّنْيَا     الَّتِي     غَنَّيْتُهَا        حُلْمَ  الشَّبَابِ   وَرَوْعَةَ   الإِعْجَابِِ
أَنَّ     السَّلاَمَ     حَقِيقَةٌ     مَكْذُوبَةٌ        وَالعَدْلَ   فَلْسَفَةُ   اللَّهِيبِ    الخَابِي
لاَ  عَدْلَ  إِلاَّ  إِنْ   تَعَادَلَتِ   القُوَى        وَتَصَادَمَ     الإِرْهَابُ     بِالإِرْهَابِ
فَتَبَسَّمَ    الثُّعْبَانُ     بَسْمَةَ     هَازِئٍ        وَأَجَابَ  فِي  سَمْتٍ  وَفَرْطِ  إِهَابِ
يَا    أَيُّهَا     الغِرُّ     المُثَرْثِرُ     إِنَّنِي        أَرْثِي    لِثَوْرَةِ     جَهْلِكَ     التَّلاَّبِ
فَاكْبَحْ   عَوَاطِفَكَ   الجَوَامِحَ    إِنَّهَا        شَرَدَتْ  بِلُبِّكَ   وَاسْتَمِعْ   لِخِطَابِي
إِنِّي    إِلَهٌ    طَالَمَا    عَبَدَ    الوَرَى        ظِلِّي    وَخَافُوا    لَعْنَتِي     وَعِقَابِي
وَتَقَرَّبُوا    لِي    بِالضَّحَايَا     مِنْهُمُ        فَرِحِينَ    شَأْنَ    العَابِدِ     الأَوَّابِ
أَفَلاَ  يَسُرُّكَ   أَنْ   تَكُونَ   ضَحِيَّتِي        فَتَحُلَّ  فِي  لَحْمِي  وَفِي   أَعْصَابِي
وَتَكُونَ  عَزْمًا  فِي  دَمِي   وَتَوَهُّجًا        فِي   نَاظِرِيَّ   وَحِدَّةً    فِي    نَابِي
فَكِّرْ    لِتُدْرِكَ    مَا    أَقُولُ     وَأَنَّهُ        أَسْمَى  مِنَ  العَيْشِ  القَصِيرِ   النَّابِي
فَأَجَابَهُ الشُّحْرُورُ فِي غُصَصِ الرَّدَى        وَالمَوْتُ    يَخْنُقُهُ    إِلَيْكَ     جَوَابِي
لاَ رَأْيَ لِلحَقِّ الضَّعِيفِ  وَلاَ  صَدَى        وَالرَّأْيُ    رَأْيُ    القَاهِرِ     الغَلاَّبِ
فَاصْنَعْ  مَشِيئَتَكَ   الَّتِي   قَدْ   شِئْتَهَا        وَارْحَمْ جَلاَلَكَ مِنْ سَمَاعِ  خِطَابِي


وعن عروة بن الزبير: أن أسامة بن زيد حدَّثه: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركِب على حمارٍ عليه قطيفة فَدَكِيَّة، وأردف أسامةَ بن زيد وراءه، يَعود سعدَ بن عبادة ببني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، حتى مرَّ على مجلسٍ فيه عبدالله بن أُبيِّ بن سلول - وذلك قبل أن يُسْلم ابن أبي - وإذا في المجلس أخلاط من المسلمين، والمشركين عبدة الأوثان، وأهل الكتاب اليهود، وفي المجلس عبدالله بن رواحة، فلما غشيَتِ المجلسَ عَجاجةُ الدابة، خمَّر عبدالله بن أُبي أنفَه بردائه، وقال: لا تُغبِّروا علينا، فسلَّم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم وقف، فنزل ودعاهم إلى الله - عز وجل - وقرأ عليهم القرآن، فقال عبدالله بن أبي: أيها المرء، إنه لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلا تُؤذِنا به في مجالسنا، ارجع إلى رحلك، فمَن جاءك فاقصص عليه، فقال عبدالله بن رواحة - رضي الله عنه -: بلى يا رسول الله، فاغشنا به في مجالسنا؛ فإنا نُحب ذلك، فاستبَّ المسلمون والمشركون واليهود، حتى كادوا يتثاورون.

انظر كيف قابل نعمةَ الله تعالى! سمَّى نعمة الله وكلامه قصصًا، ولكن انظر أيضًا أنه قال للنبي - صلى الله عليه وسلم -: لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، أما الآن فانظر إلى زماننا، وُجد فيه من هو أخبث من عبدالله بن سلول، فعبدالله بن سلول يقول: لا أحسن مما تقول إن كان حقًّا، فلم يُنْكر جمال وكمال ما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - ولكن كلامه يؤذيه؛ لأن كلام الحق لا يؤذي إلا المنافقين، أما الآن فقد طلعت امرأة خبيثة المنهج، خبيثة الطبع، تقولُ في مشكلة العنوسة التي بلغت في بلدنا تسعة مليون عانس، فيقول لها المذيع: هل تعدد الزوجات حلٌّ لهذه المشكلة؟

فتقول: إن التعدد ليس من الدين في شيء، وإن التعدد بدعة عروبية، لم تظهر إلا في العرب، وتقول أخرى: جاهل من يقول: "أيما امرأة استعطرت وشُم ريحها، فهي زانية"، من يقول ذلك؟ من يقول إن امرأة تضع بعض برفان تصبح زانية؟!

انظروا ماذا تقول! تقول: التعدد بدعة عروبية، وإنه ليس من الإسلام، أيتها المرأة الجاهلة، الإسلامُ أنزل التعدُّد؛ لتحديد الزواج في المجتمعات، وأنتِ الأخرى أيتها الجاهلة، الذي قال: ((أيما امرأة استعطرت فشُم ريحها، فهي زانية)) هو النبي الأمين - صلى الله عليه وسلم - هذا هو الذي تَسبِّين، أيتها الجاهلة.

أيها الناس:
لماذا الدين هو هدفكم في الحرب؟ لماذا تحاربون دين الله تعالى؟ دين الله - عز وجل - لا يأمركم إلا بمكارم الأخلاق، دين الله - تعالى - لا يأمركم إلا بإصلاح المجتمعات، أم إنكم أُناس لا تحبون دين الله - تعالى - وإنما حظُّكم منه هو انتسابكم إليه فقط، وتقولون قول أسلافكم الأولين: {أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ} [الأعراف: 82]؟

وقال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آَمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ}  [المطففين: 29 - 31].

يخبر الله - تعالى - عن المجرمين أنهم كانوا في الدار الدنيا، يضحكون من المؤمنين – أي: يستهزئون بهم ويحتقرونهم - وإذا مرُّوا بالمؤمنين يتغامزون عليهم – أي: محتقرين لهم - ويقولون: لا تغترُّوا بهؤلاء؛ فإنهم دعاة أموال وسلطان، فإنهم يدخلون على الناس من باب الجنة والنار، لا تغتروا بهؤلاء، وإذا انقلب – أي: رجع - هؤلاء المجرمون إلى منازلهم، انقلبوا إلى الشقق الفارهة، انقلبوا إلى عماراتهم العالية، انقلبوا إليها فكهين، ومع هذا ما شكروا نعمة الله عليهم؛ بل اشتغلوا بالقوم المؤمنين، يحقرونهم ويحسدونهم.

وقال مالك بن الدخشم - وكان من المنافقين -: ألم أقل لكم لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا؟

انظر، هذه والله سنة ماضية في النفاق وأهله، قومٌ يرون أن الدعوة تنتشر، قومٌ يرون أن المارد العملاق قد قام، فيقولون: لا تنفقوا على هذه الدعوة؛ حتى ينفضَّ أولئك الشباب عن هؤلاء الأدعياء، قوم لا يرون إلا جهدهم، فينفقون هم؛ حتى يدفعوا هذا الزحف الجديد، حتى يدفعوا هذه الريح الإيمانية الجديدة، فينفقون أموالهم في البرامج والمسلسلات والأفلام، ينفقون سبعين مليونًا على مسلسلات رمضان؛ ليضلوا الناس عن سبيل الله، هذه لو وُزِّعت على فقراء المسلمين، لعاشوا عيشة هنية، بدلاً من تجرعهم الغصص من الجوع والفقر، فهؤلاء لا يعلمون سرَّ الدعوة؛ فإن الله - تعالى - يقول لنبيِّه: {فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ} [الغاشية: 21]، فوظيفته التذكير فقط، لا يعلمون أن ما من مولود يخرج من قُبل أمِّه، حتى يُكتب عند الله شقي أم سعيد، فلا يستطيع أحدٌ أن يُشقي مَن أسعده اللهُ، ولا يستطيع أحدٌ أن يُسعد من أشقاه الله، لو اجتمعت شياطين الإنس والجن، لو وقفت بعضها على بعض، فلا يستطيع أحدٌ أن يُشقي من أسعده الله، ولا يستطيع أحدٌ أن يُسعد من أشقاه الله تعالى؛ قال - تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ} [الأنفال: 36].

وبعد ذلك ماذا يريد أهل الضلال؟

قال - تعالى -: {وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا} [النساء: 27].

وقوله: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلًا عَظِيمًا}؛ أي: يريد أتباع الشياطين من اليهود والنصارى والزناة، أن تميلوا عن الحق إلى الباطل ميلاً عظيمًا.

يريدونك أن تكون زانيًا، يريدونك أن تكون مرابيًا، يريدونك أن تكون ماجنًا عاهرًا، يريدونك دَيُّوثًا؛ ليتمكنوا من أهلك ومالك، ليس هذا فحسب؛ بل يريدونك أن تميل معهم ميلاً عظيمًا، نسأل الله أن يتوفانا على الإيمان، ونعوذ بالله من الخزي والخذلان والحرمان من نور الإيمان.

ومع هذا، إذا نصحتَهم من باب حب الخير لهم، قالوا لك: إنما نحن مصلحون؛ قال - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ} [البقرة: 11].

ما الإصلاح في مطربٍ ساقط يقول: (أُحبك يا حمار)؟ ما الإصلاح في ذلك؟! إنا لله وإنا إليه راجعون.

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.


الخطبة الثانية
بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبعد:

فيا أيها الإخوة الكرام:
إن كل ذلك يحزن بلا شك، من سب الصحابة والصالحين، والهجوم على المسلمات؛ قال - تعالى -: {قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ} [الأنعام: 33].

انظر إلى قوله - تعالى - وكأن القرآن ينزل علينا الآن؛ ليصف لنا حال المنافقين وحالنا، فالله - تعالى - يقول قد أحطنا علمًا بتكذيبهم لك، وحزنك وتأسفك عليهم.

وقوله: {فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}؛ أي: لا يتهمونك بالكذب في نفس الأمر، {وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآَيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ}؛ أي: ولكنهم يعاندون الحق، ويدفعونه بصدودهم.

ما هو الحل إذًا؟

1- يبيِّن ربُّنا لنا الحل؛ فيقول - تعالى -: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} [البقرة: 45]، يقول - تعالى - آمرًا عبيده الذين يَرجون خير الدنيا والآخرة بالاستعانة بالصبر والصلاة، وقيل: المراد بالصبر الكف عن المعاصي؛ ولهذا قرنه بأداء العبادات، وأعلاها فعل الصلاة، وأما الصلاة، فلأنها من أكبر العون على الثبات. 

2- موقف العلماء المُرَبِّين، والدعاة العاملين، وطلبة العلم الجادين في تعليم الناس دينَهم الحنيف، ودعوتهم إلى ساحة الدعوة المفتوحة والمتاحة بكل ما أمكن، ودورهم أيضًا في الرد على هؤلاء المنافقين والفساق المجاهرين، ولا يَدَعُون لهم كلمة واحدة إلا أن يردوا عليهم فيها، وكما أن صوت هؤلاء المنافقين والفساق المجاهرين عالٍ ويُسمع، يجب أيضًا أن يكون صوت العلماء المربين، والدعاة العاملين، وطلبة العلم الجادين - عاليًا ويُسمع، بكل ما استطاعوا من قوة.

اللهم اجعل كيد هؤلاء في نُحُورهم، اجعل كيدهم في نحورهم، اجعل كيدهم في نحورهم، اللهم أَرِنا فيهم يومًا أسودَ، أرنا فيهم يومًا أسودَ، أرنا فيهم يومًا أسودَ، اللهم نصرك الذي وعدت، نصرك الذي وعدت، نصرك الذي وعدت.

وآخر كلمة أُشهدُ اللهَ أني أحبكم في الله - تعالى.

إلهي لا تعذب لسانًا يُخْبر عنك، ولا عينًا تنظر إلى علومٍ تدلُّ عليك، ولا قدمًا تمشي في خدمتك، ولا يدًا تكتب حديث رسولك - صلى الله عليه وسلم - فبعزتك لا تدخلني النار، فقد عَلم أهلُها أني كنت أذبُّ عن دينك، اللَّهم بلغني آمالي من العلم والعمل، وأطل عمري؛ لأبلغ ما أحب من ذلك.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك.




 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • جواب شبهة: نقصان الدين قبل نزول آية الإكمال واختلاف العلماء على مسائل الدين مع كمالها(مقالة - آفاق الشريعة)
  • إجازة بخط الحافظ شمس الدين السخاوي (831هـ - 902هـ) لتلميذه جمال الدين القرتاوي سنة (899هـ)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • قصيدة ثائية في أسماء المجددين وأن منهم الحافظ السيوطي جلال الدين للعلامة بدر الدين الغزي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • العلامة جلال الدين السيوطي في عيون أقرانه ومعاصريه (1) علاء الدين المرداوي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام علم الدين البلقيني لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام محيي الدين الكافيجي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • إجازة الإمام شمس الدين السيرامي لتلميذه العلامة جلال الدين السيوطي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم الشعراء: البهاء زهير - ابن سناء الملك - نجم الدين - مهذب الدين(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • من تراجم الشعراء: صلاح الدين الصفدي - صفي الدين الحلي - ابن سعيد المغربي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الدين المؤجل والمعجل ودين الله ودين الآدمي(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب