• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    شرح متن طالب الأصول: (1) معنى البسملة
    أبو الحسن هشام المحجوبي ويحيى بن زكرياء ...
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / من ثمرات المواقع
علامة باركود

إن الحكم إلا لله

إن الحكم إلا لله
محمد الجهمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/9/2012 ميلادي - 17/10/1433 هجري

الزيارات: 45357

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

إن الحكم إلا لله

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد؛

 

فلقد أنزل الله لنا شريعة مباركة هي خير الشرائع وأكملها، تقيم العباد على منهج العبودية الحقة لله رب العالمين، وجعلها الله خاتمة الشرائع صالحة لتحكم المجتمع الإسلامي مهما اتسع وامتد ﴿ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا ﴾ [المائدة:10].

 

ونَعِمَ المسلمون في ظل هذه الشريعة المباركة عصورًا متتالية، وقد عصم الله الأمة الإسلامية بهذه الشريعة من أن تضل في مسارها، كما حفظ الله على الأمة الإسلامية دينها وعقيدتها، وعقولها، ونفوسها، وأعراضها، وأموالها بهذه الشريعة.

 

كما حفظ أيضًا بهذه الشريعة الضعفاء من ظلم الأقوياء، والمحكومين من استبداد الحكام، والفقراء من حيف الأغنياء، وأصبحنا بهذه الشريعة عندما استقمنا عليها خير أمة أخرجت للناس، وقادة لركب البشرية إلى الخير والرشاد، كما أصبحنا في موقع الصدارة نقف من البشر موقف المعلم من التلاميذ.

 

وقد حاول كثير من المسلمين حكامًا ومحكومين عبر القرون أن يتفلتوا من شريعتهم، ولكن كان في الأمة رجال يعيدونها إلى الرشد والصواب، ويقيمونها على أمر الله، وبقي المسلمون على مدار ثلاثة عشر قرنًا ليس لهم قانون يحكمهم غير القانون الإسلامي، وغير الشريعة الإسلامية، وإن وقع ثلم في تطبيق بعض الأحكام خاصة في مسائل الحكم ومسائل الأموال، إلا أن الخط العام كان التحاكم إلى شرع الله وحكمه.

 

وبقي الحال إلى ما قبل قرن من الزمان، فقد تنبه أعداؤنا إلى أن استمساك المسلمين بدينهم وشريعتهم هو سر قوتهم وسبب تماسكهم؛ فوضعوا مخططـًا يهدف إلى اغتيال عقيدة المسلمين من جانب، وإقصاء الشريعة الإسلامية من حياة المسلمين جانب آخر، ومنذ وقت طويل وأعداء الإسلام يفتلون لنا في الذروة والغارب؛ ليقصونا عن ديننا وعقيدتنا.

 

وقد شاهدنا كثيرًا من مخططات أعداء الإسلام التي وضعوها في الماضي وبذلوا جهودًا هائلة لتنفيذها، فوجدناهم قد بذلوا الكثير والكثير من أجل إقناع حكامنا وشبابنا ورجالنا ونسائنا بأن سبب تأخرنا وهزائمنا هو ديننا وشريعتنا، وأنه لا غنى لنا إن أردنا أن نتقدم ونتحضر من نبذ الشريعة، وعلينا إن أردنا العزة والكرامة أن نأخذ أنفسنا بما أخذ به الغرب نفسه من إقصاء الدين عن الحياة، وبذل أعداء الإسلام جهودًا متواصلة وكثيرة حتى غرس هذه الفكرة في نفوس أبناء المسلمين، وربي جيلاً في مختلف أنحاء العالم الإسلامي يعمل على هدم معاقل الإسلام، ويدمر حصونه وينسف الأسوار الحامية للإسلام وأهله، وأخذت القلاع تسقط واحدة واحدة، وكان المخدوعون من هذه الأمة يصفقون ويفرحون وهم يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي أعدائهم ظانين أنهم يبنون الأمجاد!

 

لقد انهارت الخلافة العثمانية في الربع الأول من القرن العشرين، وتمزقت البقية الباقية من الأمة الإسلامية؛ فأصبحت دولاً متفرقة اُحتلت أراضيها وديست كرامتها، ودُمر اقتصادها، وأفسد التعليم فيها، وأبعدت شريعتها عن الحكم، ومكن في الحكم للرجال الذين رضعوا ثقافة الغرب وتغذوا بلبانه، وأصبح حمى المسلمين مستباحًا لكل دخيل، ولكل منافق عليم اللسان، وجرت على أمتنا خطوب في مشارق العالم الإسلامي ومغاربه كنا فيها أضيع من الأيتام على موائد اللئام، وتداعت علينا الأمم كما تداعت الأكلة إلى قصعتها، وما كان ذلك من قلة، ولكننا كما قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- غثاء كغثاء السيل، وزرع في قلوبنا الوهن: حب الدنيا وكراهية الموت.

 

وكان نتاج هذه الجولة إقصاء الشريعة في ديار الإسلام عن الحكم وإحلال القوانين الوضعية محل الشريعة الإسلامية، وكانت الثمار المرة التي يتجرعها العالم الإسلامي وهذا الضياع الذي نعيشه والذي يلف العالم الإسلامي بأسره؛ فتلاعب بنا أعداؤنا كما يتلاعب الصبيان بالكرة.

 

إن الفرقة والتشتت الذي أصابنا بعد زوال دولة الخلافة وإقصاء الشريعة أضعفت قوتنا وأذهبت ريحنا؛ فاستطال علينا أعداؤنا وزرعوا فينا الفرقة والبغضاء فأصبح بأسنا بيننا شديد، وتقاتلنا وتناحرنا، ودمر بضعنا بعضًا، وسفك بعضنا دم بعض، وأعداؤنا علينا يتفرجون.

 

وجاءت القوانين الغربية؛ لتمكن للفساد والإفساد في ديار المسلمين، لقد أفسحت هذه القوانين المجال للجريمة كي تطل برأسها وتضرب بجذورها إلى الأرض؛ فانتشرت الفواحش، وانتشر شر الخمر والمخدرات وجرائم الزنا وهتك العرض؛ لأنها لمجتمعات غير إسلامية تتسم بالانحلال وتمجيد الفاحشة والولوغ في الرذيلة.

 

إن القوانين الوضعية أذنت للمنافقين وأصحاب النفوس المريضة أن ينشروا الفاحشة في ديار المسلمين، وقد بلغ الأمر بأصحاب هذه النفوس أن ينزلوا في بعض البلاد إلى الأسواق؛ لينزعوا بالقوة الحجاب من فوق رؤوس المحجبات، كما بلغ الأمر بالقوى السياسية الحاكمة في بعض البلاد الإسلامية إلى منع المحجبات من دخول المدارس والجامعات، وغير ذلك الكثير والكثير من صور الفساد والإفساد في الأرض التي تخالف شريعة الله.

 

شريعة الله هي المنهج الحق الذي يصون الإنسانية من الزيغ ويجنبها مزالق الشر ونوازع الهوى؛ شفاء الصدور وحياة النفوس، ومعين العقول ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ * قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾ [يونس:57-58].

 

لذلك فإن هذا الدين بأصوله ومبادئه وفَّى ويفي بحاجات البشرية في كل عصر ومصر، انتشر في أنحاء الدنيا، ودخل تحت سلطانه أجناس البشر، فوسع بمبادئه وقواعده كل ما امتد إليه نفوذه من المعمورة، وعالج كافة المشكلات على اختلاف البيئات، وما عجز في يوم من الأيام عن أن يقدم لكل سؤال جوابًا، ولكل واقعة فتوى، ولكل قضية حكمًا، ومدونات الفقه والفتاوى برهان للمتشككين، وكيف لا يكون ذلك وهذه الشريعة كما قال الحافظ ابن القيم -رحمه الله-: "مبناها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، عدل كلها، رحمة كلها، ومصالح كلها، وحكمة كلها، فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور وعن الرحمة إلى ضدها، وعن المصلحة إلى المفسدة، وعن الحكمة إلى العبث فليست من الشريعة".

 

فلقد كانت هذه الشريعة أساس الحكم والقضاء والفتيا في العالم الإسلامي كله أكثر من ثلاثة عشر قرنًا، انضوت تحت لوائها أعراق شتى، وامتزجت بها بيئات متعددة؛ فما ضاقت ذرعًا بجديد، ولا قعدت عن الوفاء بمطلوب.

 

إن من مقتضيات الإيمان الإقرار بحق التشريع لله وحده، فالحكم لله وحده: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ أَمَرَ أَلا تَعْبُدُوا إِلا إِيَّاهُ ﴾ [يوسف:40]، فالحكم لله، والعبادة لله، ولا يجوز منازعة الله في حكمه، ولا يجوز صرف شيء من ذلك لغير الله. والتولي والإعراض عن تحكيم شرع الله من مسالك المنافقين والظالمين ﴿ وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ * وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ * أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [النور:48-50].

 

على الرغم من هذا الوضوح والجلاء إلا أن أعداء الإسلام أبوا إلا وضع العراقيل وتلفيق التهم، واختلاق الشبه حول الشريعة وشمولها وصلاحيتها، ولقد استطاع أعداء الإسلام أن يجعل ممن ينتسب إلى الإسلام من يحارب الشريعة ويقاوم تطبيقها بكل قوة؛ أما سمعوا قول الله: ﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ ﴾ [محمد:9]؟!

 

فالله -سبحانه وتعالى- يريدنا أن نتخذه إلهًا وربًا وحاكمًا، ونرضى بذلك ونخضع لعظمته ونرضى بشريعته؛ لأنه خالقنا ورازقنا، ومحيينا ومميتنا وإليه مآبنا؛ فهو المستحق لأن يجعل حاكمًا، والله لا يرضى عنا حتى نقيم دولة الإسلام التي تسلم مقاليد الحكم إلى الذين يجعلون التشريع لله -تعالى- وتنبذ الطواغيت والظلمة الذين اعتدوا على سلطان الله ونازعوه في حكمه وقضاءه.

 

وقد قرر الإسلام بصورة واضحة هذه القضية فقال -تعالى-: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالا بَعِيدًا ﴾ [النساء:60].

 

فكل من ادعى الإيمان بالله فعليه أن يكفر بالطاغوت، فإن ادعى أنه مؤمن وهو يرضى بحكم الطاغوت فقد تناقض في دعواه.

 

والله لا يرضى أن يشاركه أحد في حكمه ﴿ وَلا يُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾ [الكهف:26]، وفي القراءة الأخرى: ﴿ وَلا تُشْرِكُ فِي حُكْمِهِ أَحَدًا ﴾، أي لا تشرك أيها العبد مع الله غيره في حكمه، والقراءتان معناهما متلازم.

 

وقد جعل الله التحاكم إلى غير شرعه تحاكمًا إلى الجاهلية فقال -تعالى-: ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة:50]، وحكم على الذين لا يحكمون شرعه المنزل ودينه العظيم بالكفر والظلم والفسق، فقال -تعالى-: ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ ﴾ [المائدة:44]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ [المائدة:45]، ﴿ وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ [المائدة:47].

 

وهذه القضية -الحكم لله- عقيدة عند المسلمين، ولا يمكن تحقيق هذه العقيدة إذا بقيت مقاليد الحكم بأيدي الطواغيت ﴿ فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ﴾ [النساء:65]، فلا يتحقق الإيمان إلا بإقامة شرع الله وتحكيمه في كل شئون الحياة، فهذه عقيدة يجب على كل مسلم أن يعتقدها ويؤمن بها، ويعمل على تحقيقها في واقع نفسه وواقع أمته.

 

ولقد كثرت الأدلة من الكتاب والسنة لترسيخ وتوضيح هذه القضية، شأنها كشأن كل قضايا العقيدة، فقد قال الله -سبحانه وتعالى- أيضًا: ﴿ قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ مَا عِنْدِي مَا تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ يَقُصُّ الْحَقَّ وَهُوَ خَيْرُ الْفَاصِلِينَ ﴾ [الأنعام:57]، وقال -تعالى-: ﴿ إِنِ الْحُكْمُ إِلا لِلَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَعَلَيْهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ ﴾ (يوسف:67].

 

وقال -تعالى-: ﴿ وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ ﴾ [الشورى:10]، وقال -تعالى-: ﴿ ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ﴾ [غافر:12]، وقال -تعالى-: ﴿ وَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ﴾ [القصص:88]، ﴿ أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ ﴾ [المائدة:50]، وقال -تعالى-: ﴿ ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ ﴾ [الأنعام:62]، وقال -تعالى-: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا وَاللَّهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [الرعد:41].

 

وهذه الآيات تدل دلالة قاطعة أن الحكم لله وحده لا يشركه في ذلك أحد، سواء كان ملكًا مقربًا أو نبيًا أو رسولاً؛ فضلاً عن أن يكون فردًا أو طائفة من عموم الناس.

 

فكما يجب على المسلم اعتقاد أن الله له الخلق والرزق والإحياء والإماتة؛ فكذلك يجب عليه أن يعتقد أن الله له الأمر النهي والحكم والتشريع، وقال -سبحانه وتعالى- مقرعًا ومنكرًا على من جعل الله شركاء فيما يشرع للناس ﴿ أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ ﴾ [الشورى:21].

 

قال الشنقيطي -رحمه الله-: "فقد سمى الله -تعالى- الذين يشرعون من الدين ما لم يأذن به شركاء".

 

وما دلت عليه الآيات القرآنية من كون الله هو الحَكَم وأن الحكم والتشريع له وحده قد دلت عليه أيضًا السنة الصحيحة؛ فعن شريح بن هانئ عن أبيه هانئ أَنَّهُ لَمَّا وَفَدَ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- مَعَ قَوْمِهِ سَمِعَهُمْ يَكْنُونَهُ بِأَبِي الْحَكَمِ، فَدَعَاهُ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: (انَّ اللَّهَ هُوَ الْحَكَمُ، وَإِلَيْهِ الْحُكْمُ، فَلِمَ تُكْنَى أَبَا الْحَكَمِ؟). فَقَالَ: إِنَّ قَوْمِي إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَتَوْنِي، فَحَكَمْتُ بَيْنَهُمْ فَرَضِيَ كِلاَ الْفَرِيقَيْنِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: (مَا أَحْسَنَ هَذَا، فَمَا لَكَ مِنَ الْوَلَدِ؟). قَالَ: لِي شُرَيْحٌ، وَمُسْلِمٌ، وَعَبْدُ اللهِ، قَالَ: (فَمَنْ أَكْبَرُهُمْ؟). قُلْتُ: شُرَيْحٌ، قَالَ: (فَأَنْتَ أَبُو شُرَيْحٍ) (رواه أبو داود والنسائي، وصححه الألباني).

 

يقول ابن الأثير معلقًا على الحديث: "وإنما كره له ذلك؛ لئلا يشارك الله في صفته"، وفي دعاء الاستفتاح في صلاة التهجد يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ) (متفق عليه)، أي: رفعت الحكم إليك ولا حكم إلا لك.

 

فهذه عقيدة المسلمين في الله ربهم، وهي مسألة متميزة في حسهم ووعيهم، لا تختلط بشيء ولا يغطيها شيء.

 

وأختم هذا المقال بما قاله الشيخ الشنقيطي -رحمه الله- في أضواء البيان (4/83): "إن الذين يتبعون القوانين الوضعية التي شرعها الشيطان على ألسنة أوليائه مخالفة لما شرعه الله -عز وجل- على ألسنة رسله -صلى الله عليهم وسلم- أنه لا يشك في كفرهم وشركهم إلا من طمس الله بصيرته وأعماه عن نور الوحي مثلهم".

 

نسأل الله أن يردنا إلا دينه ردًا جميلاً، وأن يمكِّن لدينه في الأرض ويفتح له قلوب الناس، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

المصدر: موقع شبكة طريق السلف





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • تفسير قوله تعالى { إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله }
  • حكم الله أولى
  • الحكم بغير ما أنزل الله
  • التشريع والتحليل والتحريم حق خالص لله
  • إن الحكم إلا لله

مختارات من الشبكة

  • حديث: لا طلاق إلا بعد نكاح، ولا عتق إلا بعد ملك(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • من كمال الأدب مع الله تعالى ألا ينسب له إلا كل جميل(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: لا يرد القدر إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • معنى لا إله إلا الله (لا معبود بحق إلا الله)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير قوله تعالى: { ومنهم أميون لا يعلمون الكتاب إلا أماني وإن هم إلا يظنون }(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير آية: {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك..}(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • تخريج حديث: صلو خلف من قال: لا إلا إلا الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من السنة ألا يصلي الرجل بالتيمم إلا صلاة واحدة(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب