• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    علامات الساعة (1)
    تركي بن إبراهيم الخنيزان
  •  
    تفسير: (يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان ...
    تفسير القرآن الكريم
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / سيرة
علامة باركود

من البعثة إلى الهجرة (7)

من البعثة إلى الهجرة (7)
الشيخ محمد طه شعبان

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 24/6/2012 ميلادي - 4/8/1433 هجري

الزيارات: 13629

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الأغصان الندية

شرح الخلاصة البهية

في ترتيب أحداث السيرة النبوية

من البعثة إلى الهجرة (7)

 

17 - وفي موسم الحج من هذه السَّنَة: وافاه اثنا عشرَ رجلاً من الأنصار، بعضُهم ممن لقي النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في الموسم السابق، فبايعوه عند العقبَة، فسُمِّيت بِبَيعة العقبة الأولى، وأرسل معهم مصعب بن عمير يُقْرِئهم القرآن، فأسلمَ على يديه كثيرٌ من أهل المدينة.

 

الشرح:

فلمَّا كان موسمُ الحجِّ من العام الثاني عشر من البعثة؛ أيْ: بعد عامٍ فقط من التقاء النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالأنصاريِّين الستَّة، أقبل على رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وفدٌ من الأنصار، قوامه اثنا عشر رجلاً:

عشرة من الخزرج وهم:

1- أسعد بن زرارة.

 

2- عوف بن الحارث بن رفاعة ابن عَفْراء.

 

3- رافع بن مالك بن العجلان.

 

4- قُطبة بن عامر بن حديدة.

 

5- عُقْبة بن عامر بن نابي.

 

6- معاذ بن الحارث بن عَفْراء.

 

7- ذَكْوان بن عبدقيس.

 

8- عبادة بن الصَّامت.

 

9- يزيد بن ثعلبة.

 

10- العباس بن عبادة بن نضلة بن مالك بن العجلان.

 

واثنان من الأوس وهم:

11 - أبو الهيثم بن التَّيِّهان، واسمه مالك[1].

 

12 - عُويم بن ساعدة[2].

 

لَم يتخلَّف من الستة الأُوَل إلاَّ جابر بن عبدالله بن رئاب فقط.

 

فبايع هذا الوفدُ رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بيعة العقبة الثانية.

 

يقول عُبَادة بن الصَّامت - رضي الله عنه - وكان ممن شهد البيعة: إني لمن النُّقباء الذين بايعوا رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وقال: بايَعْناه على ألا نشرك بالله شيئًا، ولا نَزْني، ولا نسرق، ولا نقتل النَّفْس التي حرَّم الله إلا بالحقِّ، ولا ننتهب، ولا نَعْصي؛ فالجَنَّة إن فعَلْنا ذلك، فإن غَشِينا من ذلك شيئًا، كان قضاءُ ذلك إلى الله[3].

 

وفي روايةٍ قال عُبادة - رضي الله عنه - أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: ((تعالَوْا بايِعُوني على ألا تُشْرِكوا بالله شيئًا، ولا تسرقوا، ولا تَزْنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا ببهتانٍ تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروفٍ، فمن وفَّى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئًا فعُوقب به في الدُّنيا فهو له كفارةٌ، ومن أصاب من ذلك شيئًا فستره الله، فأَمْرُه إلى الله؛ إن شاء عاقبه، وإن شاء عفا عنه))، قال: فبايعتُه على ذلك[4].

 

أول سفير في الإسلام:

فانطلق القومُ - بعد ذلك - عائدين إلى المدينة المنوَّرة، فأرسل معهم النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - مصعب بن عمير - رضي الله عنه - وأمره أن يقرئهم القرآن، ويعلِّمهم الإسلام، ويُفقِّهَهم في الدين، فكان مصعب يُسمَّى في المدينة بالمقرئ.

 

وكان مَنْزله على أسعد بن زرارة، وكان يصلِّي بهم؛ وذلك أنَّ الأوس والخزرج كره بعضُهم أن يؤمَّه بعض[5].

 

أوَّل جمعة بالمدينة المنورة وإمامها:

قام سفير الإسلام مصعب بن عمير بمهمَّته على أكمل وجه؛ فدعا إلى دين الله - عزَّ وجلَّ - وأقرأ الناس وعلَّمَهم وفقَّههم في الدين، وانتشر الإسلامُ بالمدينة، فأُقِيمت أوَّلُ جمعة في الإسلام بالمدينة المنورة، وأمَّ المسلمين فيها أسعدُ بن زرارة - رضي الله عنه[6].

 

عن عبدالرحمن بن كعب بن مالكٍ - وكان قائدَ أبيه بعدما ذهبَ بصَرُه - عن أبيه كعب بن مالكٍ أنه كان إذا سمع النِّداء يوم الجمعة، ترحَّمَ لأسعدَ بن زرارة، فقلتُ له: إذا سمعتَ النداء ترحَّمْتَ لأسعد بنِ زرارة؟ قال: لأنه أوَّل من جمع بنا في هَزْم النَّبيت[7] من حَرَّة بني بياضة[8] في نقيعٍ[9] يُقال له: نقيع الخضَمات[10]، قلتُ: كم أنتم يومئذٍ؟ قال: أربعون[11].

 

18 - وفي السنة الثالثة عشرة من البعثة في موسم الحج: وافاه سبعون رجلاً من الأنصار، فبايعوه عند العقَبة أيضًا؛ على أنْ يمنعوه إنْ هاجر إليهم مِمَّا يمنعون منه أنفسهم ونساءهم وأبناءهم، فأخرجوا له اثني عشر نقيبًا، فقال - صلَّى الله عليه وسلَّم - للنُّقَباء: ((أنتم على قومكم كُفَلاء))، فسُمِّيت ببيعة العقبة الثانية.

 

الشرح:

ثم كانت بيعة العقبة الثانية في الموسم التالي مباشرة.

 

يقول جابر بن عبدالله - رضي الله عنهما - وكان مِمَّن شهد هذه البيعة: مكث رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكَّة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم بعكاظٍ، ومجنَّة، وفي المواسم بِمِنًى يقول: ((من يُؤْويني؟ من ينصرني، حتى أبلِّغ رسالة ربي، وله الجنَّة؟))، حتى إنَّ الرجل ليَخْرج من اليمن أو من مُضَر، فيأتيه قومه فيقولون: احذر غلام قريشٍ، لا يفتنك، ويمشي بين رجالهم وهم يشيرون إليه بالأصابع، حتى بعثَنا الله إليه من يثرب، فآوَيْناه وصدَّقناه، فيخرج الرجل منا، فيؤمن به، ويقرئه القرآن، فينقلب إلى أهله فيُسْلِمون بإسلامه، حتى لم يبق دارٌ من دور الأنصار إلا وفيها رهطٌ من المسلمين يظهرون الإسلام، ثم ائتمروا جميعًا، فقلنا: حتَّى متى نترك رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - يُطْرَد في جبال مكَّة ويُخاف؟ فرحل إليه مِنَّا سبعون رجلاً حتى قدموا عليه في الموسم، فواعدناه شِعْبَ العقبة، فاجتمَعْنا عليه من رجلٍ ورجلين حتى توافَيْنا، فقُلنا يا رسول الله: علام نبايعك؟ قال: ((تُبايعوني على السَّمع والطاعة في النَّشاطِ والكسَل، والنَّفَقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وأن تقولوا في الله، لا تخافون في الله لومةَ لائمٍ، وعلى أن تنصروني، فتمنعوني إذا قَدِمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم، ولكم الجنَّة))، فقُمنا إليه، وأخذ بيده أسعدُ بن زرارة، وهو من أصغَرِهم - وفي رواية البيهقي: وهو أصغرُ السَّبعين إلا أنا - فقال: رُوَيدًا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب أكباد الإبل إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وإنَّ إخراجه اليوم مفارقة العرب كافَّةً، وقَتْل خياركم، وأن تعضَّكم السيوف، فإما أنتم قومٌ تصبرون على ذلك وأَجْرُكم على الله، وإمَّا أنتم قومٌ تخافون من أنفسكم خيفةً، فبَيِّنوا ذلك، فهو عذرٌ لكم عند الله، قالوا: أمِطْ عنَّا يا أسعد، فوالله لا ندَعُ هذه البيعة أبدًا، ولا نسلبها أبدًا، قال: فقُمنا إليه فبايَعْناه، وأخذَ علينا وشرَط، ويعطينا على ذلك الجنَّة[12].

 

وعن كعب بن مالك - رضي الله عنه - قال: خرَجْنا في الحجَّة التي بايَعنا فيها رسولَ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالعقبة مع مشركي قومِنا، ومعنا البراء بن معرورٍ كبيرنا وسيِّدنا، حتى إذا كُنَّا بظاهر البيداء، قال: يا هؤلاء، تعلموا إني قد رأيت رأيًا، والله ما أدري توافقوني عليه أم لا؟! فقلنا: وما هو يا أبا بِشْر؟ قال: إني قد أردتُ أن أصلِّي إلى هذه البِنْية، ولا أجعلها منِّي بِظَهرٍ، فقلنا: لا والله لا تفعل، والله ما بلَغَنا أن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - يصلي إلا إلى الشام، قال: فإنِّي والله لَمُصلٍّ إليها، فكان إذا حضرت الصلاة توجَّه إلى الكعبة، وتوجَّهْنا إلى الشام، حتى قدمنا مكة، فقال لي البراء: يا ابن أخي، انطَلِقْ إلى رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - حتى أسأله عمَّا صنعت، فلقد وجدت في نفسي بخلافكم إياي، قال: فخرجنا نسأل عن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فلَقِيَنا رجلٌ بالأبطح، فقلنا: هل تدلُّنا على محمد؟ قال: وهل تعرفانه إن رأيتماه؟ قلنا: لا والله، قال: فهل تعرفان العباس؟ فقلنا: نعم، وقد كنا نعرفه، كان يختلف إلينا بالتجارة، فقال: إذا دخلتما المسجد فانظروا العباس، قال: فهو الرجل الذي معه، قال: فدخلنا المسجد، فإذا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - والعباس ناحية المسجد جالسين، فسلَّمْنا، ثم جلسنا، فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((هل تعرف هذين الرَّجُلين يا أبا الفضل؟)) قال: نعم، هذا البراء بن معرورٍ سيِّد قومه، وهذا كعب بن مالكٍ، فوالله ما أنسى قول رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((الشَّاعر؟)) قال: نعم، قال له البراء: يا رسول الله، إنِّي قد رأيتُ في سفري هذا رأيًا، وقد أحببتُ أن أسألك عنه، قال: "وما ذاك؟" قال: رأيت ألاَّ أجعل هذه البِنْية منِّي بِظَهرٍ، فصلَّيتُ إليها، فقال له رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((قد كنت على قبلةٍ لو صبرت عليها))، فرجع إلى قبلة رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وصلَّى معنا إلى الشام.

 

ثم واعَدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - العقبة، أوسط أيام التشريق، ونحن سبعون رجلاً للبيعة، ومعنا عبدالله بن عمرو بن حرامٍ والد جابرٍ، وإنه لعَلى شِرْكه، فأخَذْناه، وقلنا: يا أبا جابرٍ، والله إنا لنرغب بك أن تموت على ما أنت عليه؛ فتكون لهذه النار غدًا حطبًا، وإنَّ الله قد بعث رسولاً يأمر بتوحيده وعبادته، وقد أسلم رجالٌ من قومك، وقد واعَدنا رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - للبيعة، فأسلَمَ، وطهَّرَ ثيابه، وحضَرَها معنا، فكان نقيبًا، فلمَّا كانت اللَّيلة التي واعدنا فيها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمنًى أوَّل الليل مع قومنا، فلمَّا استثقل الناس من النَّوم، تسلَّلْنا من فُرشِنا تسلُّلَ القطا، حتى اجتمعنا بالعقبة، فأتى رسولُ الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - وعمُّه العباس، ليس معه غيره، أحب أن يحضر أمر ابن أخيه، فكان أوَّل متكلمٍ، فقال: يا معشر الخزرج، إنَّ محمدًا منا حيث قد عَلِمتم، وهو في مَنعةٍ من قومه وبلاده، قد منعناه ممن هو على مثل رأينا منه، وقد أبى إلاَّ الانقطاع إليكم، وإلى ما دعوتُموه إليه، فإن كنتم ترون أنَّكم وافون له بما وعدتُموه، فأنتم وما تحمَّلتم، وإن كنتم تخشون من أنفسكم خِذْلانًا، فاتركوه في قومه، فإنه في مَنعة من عشيرته وقومه، فقلنا: قد سمعنا ما قلتَ، تكلَّمْ يا رسول الله، فتكلمَ ودعا إلى الله، وتلا القرآن، ورغَّبَ في الإسلام، فأجَبْناه بالإيمان والتصديق له، وقلنا له: خُذْ لربِّك ولنفسك، فقال: ((إنِّي أُبايعكم على أن تمنعوني مما منعتم منه أبناءكم ونساءكم))، فأجابه البراءُ بن معرورٍ، فقال: نعم والذي بعثك بالحقِّ، نَمْنعُك مما نَمنع منه أزُرَنا، فبايِعْنا يا رسول الله؛ فنحن أهل الحروب وأهل الحَلْقة، وَرِثْناها كابرًا عن كابرٍ، فعرضَ في الحديث أبو الهيثم بن التَّيِّهان، فقال: يا رسول الله، إنَّ بيننا وبين الرجال حبالاً، وإنا لقاطعوها، فهل عسيت إن الله أظهرك أن ترجع إلى قومك وتدَعَنا؟ فقال: ((بل الدَّم الدم، والهدم الهدم، أنا منكم وأنتم مني، أُسالم مَن سالَمْتُم، وأُحارب من حاربتم))، فقال له البراء بن معرور: ابسُطْ يدك يا رسول الله؛ نُبايِعْك.

 

فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((أخرِجوا إلَيَّ منكم اثني عشر نقيبًا))، فأخرجوهم له، فكان نقيب بني النجار: أسعد بن زرارة، ونقيب بني سلمة: البراء بن معرور، وعبدالله بن عمرو بن حرام، ونقيب بني ساعدة: سعد بن عبادة، والمنذر بن عمرو، ونقيب بني زريق: رافع بن مالك، ونقيب بني الحارث بن الخزرج: عبدالله بن رواحة، وسعد بن الربيع، ونقيب بني عوف بن الخزرج: عبادة بن الصامت - وبعضهم جعل بدل عُبادة بن الصامت خارجةَ بن زيد - ونقيب بني عمرو بن عوف: سعد بن خيثمة، ونقيب بني عبدالأشهل - وهم من الأَوْس - أُسَيد بن حضير، وأبو الهيثم بن التيِّهان، قال: فأخذ البراء بيدِ رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فضرب عليها، وكان أوَّل مَن بايع، وتتابع الناسُ فبايعوا، فصرخ الشَّيطان على العقبة بأنفذ صوتٍ سمِعْتُه قطُّ، فقال: يا أهل الجباجب[13]، هل لكم في مُذمَّمٍ والصباة معه، قد اجتمعوا على حربكم؟ فقال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - : ((هذا أزَبُّ العقبة، هذا ابن أزيب، أما والله لأفرغنَّ لك، ارفعوا إلى رِحالكم)).

 

فقال العبَّاس بن عبادة أخو بني سالم: يا رسول الله، والذي بعثك بالحق، لئن شئتَ لنميلن على أهل منًى غدًا بأسيافنا، فقال: ((إنا لم نُؤمَر بذلك))، فَرُحنا إلى رحالنا، فاضْطَجعنا، فلمَّا أصبحنا، أقبلَتْ جلَّة من قريشٍ فيهم الحارث بن هشام، فتًى شابٌّ وعليه نعلان له جديدتان، فقالوا: يا معشر الخزرج، إنَّه قد بلَغَنا أنكم قد جئتم إلى صاحبنا لتستخرجوه من بين أظهرنا، وإنه والله ما من العرب أحدٌ أبغض إلينا أن تنشب الحربُ بيننا وبينه منكم، فانبعث مِن هناك من قومنا من المشركين يحلفون لهم بالله، ما كان من هذا شيءٌ، وما فعلناه، فلمَّا تثور القوم لينطلقوا قلتُ كلمةً كأني أشركهم في الكلام: يا أبا جابرٍ - يريد عبدالله بن عمرو - أنت سيِّدٌ من سادتنا، وكهلٌ من كهولنا، لا تستطيع أن تتَّخذ مثل نعلَيْ هذا الفتى من قريشٍ، فسمِعَها الحارث، فرمى بهما إليَّ، وقال: والله لتلبسنَّهما، فقال أبو جابرٍ: مهلاً أَحْفَظْت لعمر الله الرجلَ - يقول: أخجَلْتَه - اردُدْ عليه نعليه، فقلت: لا والله لا أردهما، فقال: صلحٌ إنِّي لأَرْجو أن أسلبه[14].



[1] التَّيهان: يخفف ويثقل، كقوله: ميِّت ومَيْت؛ "سيرة ابن هشام" 2/ 24.

[2] ذكر ابن اسحاق أسماء أصحاب بيعة العقبة الأولى والثانية "سيرة ابن هشام" 2/ 22، 24 قال: حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن أشياخ من قومه.

قلتُ: وعاصم تابعي، قال ابن حجر: ثقة، عالم بالمغازي؛ "تقريب"، وقال الذهبيُّ: صدوق علاَّمة بالمغازي؛ "كاشف".

[3] متفق عليه: أخرجه البخاري (3893)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكة وبيعة العقبة، ومسلم (1709)، كتاب: الحدود، باب: الحدود كفارات لأهلها.

[4] متَّفَق عليه: أخرجه البخاري (3892)، كتاب: مناقب الأنصار، باب: وفود الأنصار إلى النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - بمكة وبيعة العقبة، ومسلم (1709)، كتاب: الحدود، باب: الحدود كفارة لأهلها.

[5] "سيرة ابن هشام" 2/ 24 بتصرف.

قال بعض أهل السير: إن النبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - أرسل مع مصعب بن عمير ابنَ أمِّ مكتوم - رضي الله عنهما - وممن قال بذلك العلاَّمةُ ابن سَيِّد الناس - رحمه الله - حيث قال في "عيون الأثر" 1/ 265: فلما انصرفوا - أيْ: أصحاب البيعة - بعث رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - معهم ابن أمِّ مكتوم، ومصعب بن عمير يُعلِّمان مَن أسلم منهم القرآن؛ اهـ.

قلت: الصواب أنَّ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - لم يرسل إلا مصعب بن عمير فقط، كما نص على ذلك أكثر أهل السير.

وأظن أن الوهم دخل على من قال بذلك مما رواه البخاري في "صحيحه" (3924، 3925) عن البراء بن عازبٍ - رضي الله عنه - قال: أول من قدم علينا مصعبُ بن عمير وابن أمِّ مكتوم، وكانوا يُقْرِئون الناس... الحديث.

قلتُ: الصحيح أن هذا الحديث إنما يتحدث فيه البراء - رضي الله عنه - عن الهجرة لا عن البيعة ولا عن من أرسله رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - مع أصحاب البيعة.

ومما يدلُّ على ذلك:

1- أنه لم يرد في الحديث قط ذكر البيعة، إنما ورد ذكر الهجرة صريحًا في إحدى روايات الحديث، كما ذكر ذلك ابن حجر في "فتح الباري" 7/ 306 حيث قال: في رواية عن شعبة عند الحاكم في "الإكليل" عن عبدالله بن رجاء في روايته (من المهاجرين)؛ اهـ.

2- ما ذُكر في الرواية نفسها حيث قال البراء - رضي الله عنه -: ثم قدم علينا عمَّارُ بن ياسر وبلالٌ وسعد، ثم قدم عمر بن الخطاب في عشرين من أصحاب النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - ثم قدم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -... الحديث، فهذا يوضح أنه يتكلم في شأن الهجرة.

وقد فهم ذلك الإمام البخاريُّ - رحمه الله - فبوَّبَ على الحديث باب: مقدم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - وأصحابه المدينة.

فيُعلم مما سبق أن النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - أرسل مصعب وحده، ثم إن مصعب رجع إلى مكة قبل البيعة الثانية - كما ذكر ذلك أهل السِّيَر - ثم هاجر إلى المدينة مرة أخرى لَمَّا أذن لهم النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - بالهجرة، وكان أوَّل المهاجرين إلى المدينة - كما دلَّ عليه حديثُ البراء - رضي الله عنه - السابق - ثم استأنف مصعب نشاطه السابق في إقراء الناس وتعليمهم، وتبعه ابنُ أمِّ مكتوم، وكان يساعده في مهمته، والله أعلم.

[6] رُوي أن الذي أمَّ المسلمين في هذه الجمعة مصعب بن عمير، وهو ضعيف.

قال ابن كثير - رحمه الله -: وقد روى الدارقطني عن ابن عباس أن رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - كتب إلى مصعب بن عمير يأمره بإقامة الجمعة، وفي إسناده غرابة، والله أعلم؛ "البداية والنهاية" 3/ 163.

[7] الهَزْم: المنخفض من الأرض، والنبيت: موضع.

[8] حَرَّة - بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء -: هي الأرض ذات الحجارة السود.

[9] هو المنخفض من الأرض يستنقع فيه الماء.

[10] نقيع الخَضَمات: موضع بنواحي المدينة.

[11] حسن: أخرجه أبو داود (1069)، كتاب: الصلاة، باب: الجمعة في القرى، وابن ماجه (1082)، كتاب: الصلاة، باب: فرض الجمعة.

والمعنى أنه جَمَّع في قرية يقال لها: "هزم النبيت"، هي كانت في حرَّة بني بياضة في المكان الذي يجتمع فيه الماء، واسم ذلك المكان: "نقيع الخضمات"، وتلك القرية هي على ميل من المدينة؛ "عون المعبود" 2/ 425.

[12] صحيح: أخرجه أحمد 3/ 32، 339 - 340، الحاكم 2/ 624، 625، وصححه وأقره الذهبي.

[13] الجُباجب: جمع جُبجب - بالضم - وهو المستوي من الأرض، وهي ها هنا أسماء منازل بمنيً؛ "نهاية".

[14] صحيح: أخرجه ابن إسحاق، في "السيرة" 2/ 27، 33، أحمد 3/ 46، 462، ابن جرير الطبري في "تاريخه" 2/ 90، 93، وقال الألباني في تحقيق "فقه السيرة" (177): هذا سند صحيح.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • من البعثة إلى الهجرة (1)
  • من البعثة إلى الهجرة (2)
  • من البعثة إلى الهجرة (3)
  • من البعثة إلى الهجرة (4)
  • من البعثة إلى الهجرة (5)
  • من البعثة إلى الهجرة (6)
  • من البعثة إلى الهجرة (8)

مختارات من الشبكة

  • الخطاب المكي من البعثة إلى الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من البعثة إلى الهجرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حول أخبار العالم الإسلامي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • الإكوادور: مركز الهجرة الإسلامي يسير أول بعثة حجاج(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مقاصد البعثة ميزان التوازن والوسطية(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • المختصر في السيرة النبوية من المولد إلى البعثة النبوية (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • البعثة النبوية (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حياة النبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الرؤيا الصادقة: طريقة الوحي للنبي صلى الله عليه وسلم قبل البعثة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نبي الأمة من الميلاد إلى البعثة(محاضرة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 9/11/1446هـ - الساعة: 17:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب