• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    تحريم صرف شيء من مخلوقات الله لغيره سبحانه وتعالى
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    الله يخلف على المنفق في سبيله ويعوضه
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الحذر من عداوة الشيطان
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    حث النساء على تغطية الصدور ولو في البيوت
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    حكم صيام عشر ذي الحجة
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    إمام دار الهجرة (خطبة)
    ساير بن هليل المسباح
  •  
    يوم عرفة وطريق الفلاح (خطبة)
    حسان أحمد العماري
  •  
    العشر مش مجرد أيام... هي فرص عمر
    محمد أبو عطية
  •  
    الدرس الثاني والعشرون: تعدد طرق الخير
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    الموازنة بين الميثاق المأخوذ من الأنبياء عليهم ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    أفضل أيام الدنيا: العشر المباركات (خطبة)
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    دلالة القرآن الكريم على أن الأنبياء عليهم السلام ...
    د. أحمد خضر حسنين الحسن
  •  
    عظيم الأجر في الأيام العشر
    خميس النقيب
  •  
    فضل التبكير إلى الصلوات (1)
    د. أمين بن عبدالله الشقاوي
  •  
    أحب الأعمال في أحب الأيام (خطبة)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    مدى مشروعية طاعة المعقود عليها للعاقد في طلب ...
    محمد عبدالرحمن صادق
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / التفسير وعلوم القرآن
علامة باركود

فيض الخاطر في أحوال الماضي والحاضر (2)

فيض الخاطر في أحوال الماضي والحاضر (2)
خالد الدرملي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/5/2012 ميلادي - 21/6/1433 هجري

الزيارات: 7232

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فيض الخاطر في أحوال الماضي والحاضر (2)

 

(5)

انظر في سورة البقرة آية (٦٢)، قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62]، وقال تعالى سورة المائدة آية (٦٩): ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [المائدة: 69]، وسورة الحج آية (١٧) قال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الحج: 17]، واذكُرِ الفرقَ، ولماذا؟ والآيات بها فروق كثيرة ولكنِ اذْكُر فرق كلمة (الصابئين) فقط.

 

هذا السُّؤال جاءت الآيات الخاصَّة به في ثلاثة مَواضِع في القُرآن؛ في سورة البقرة الآية (٦٢)، وذكر فيها: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾ [البقرة: 62]، ثم في سورة الحج (١٧): ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ [الحج: 17]، هنا سوف نُلاحِظ أنَّ الصابِئين قُدِّمَت مرَّةً على النصارى وأُخِّرَت مرَّةً عنها؛ وذلك أنَّ الصابِئين هم كانوا أتباع سيِّدنا إبراهيم، ثمَّ كوَّنوا جماعةً عبَدت الكَواكب، وهم جماعة صَغيرةٌ مِن حيث الحجْم، وسمُّوا الصابئين، ولكنَّهم أقدَم مِن النَّصارى مِن حيثُ الزَّمن، والنَّصارى هم جماعة كبيرة مِن حيثُ الحجْم، ولكنَّهم أحدث مِن حيث الزَّمن، فإذا راعى القُرآن الحجْم ذكَر النَّصارى أوَّلاً، وإذا راعى الزَّمن ذكَر الصَّابِئين أوَّلاً، وهذا هو ما عبَّرتْ عنه الآيتان في سورة البقرة وسورة الحجِّ.

 

أما في سورة المائدة، فجاءت ﴿ الصَّابئون ﴾ بالرَّفع، وذلك في قوله سبحانه: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾[المائدة: 69] فانظر معي إلى كلمة ﴿ الصابئون ﴾ جاءتْ مرفوعةً بين منصوبتَين، فكأنه عندما ذكَر المنصوبات قدَّم النَّصارى، وعندما ذكَر ﴿ الصَّابئون ﴾ بالرفع قَدَّم ﴿ الصَّابئون ﴾، فكأنه راعى تقديم الاثنَين معًا في وقْت واحد، وهذا لا تجده إلا في القرآن العظيم كلام الله المعجز - سبحانه وتعالى - وذلك لكي تتمَّ عَدالة الذِّكر حتَّى في المَواضِع القُرآنية مِن حيثُ التَّقديم والتأخير، وسُبحان مَن هذا كلامه!

 

(6)

انظر في سورة البقرة آية (٨٨)، قال تعالى: ﴿ وَقَالُوا قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَلْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾ [البقرة: 88]، وفي سُورة النِّساء آية (٤٦) قال تعالى: ﴿ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾ [النساء: 46]، مِن أوَّل قوله سُبحانه: ﴿ لَعَنَهُمُ اللَّهُ.... ﴾، اذكُرْ الفرْقَ؟ ولماذا؟

 

في سورة البقرة الآية (٨٨) يتكلَّم سُبحانه عن عدَدٍ، فقدَّم القِلَّة على الإيمان؛ لأنَّ الكلام عن العدد، فقال: ﴿ فَقَلِيلًا مَا يُؤْمِنُونَ ﴾، أما في سورة النساء الآية (٤٦)، فالكلام عن الإيمان، فقدَّم سُبحانه الإيمان على العدد، فقال: ﴿ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا ﴾.

 

(7)

كما أنَّ الرَّسول وُصِف بصفتَين، وسيِّدنا أبو بكر وُصِف بهما أيضًا، فقد وصَف الله أيضًا المؤمنين بهاتَين الصِّفتَين في الجزء الأول، فما هُما هاتان الصِّفتان؟


هاتان الصفتان هما العفو والصفح، وقد وصف الله بهما المؤمنين في سورة البقرة الآية (١٠٩)، قال تعالى: ﴿ وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [البقرة: 109]؛ وذلك لأنَّ الله إذا أمرَ المؤمِنين بفعْل شيءٍ - حتَّى لو لم يكن هذا الشيء فيهم - فإذا فعَلوا وأطاعوا الأمر، فقد أصبَح هذا الشيء مِن خصائصهم، وهكذا؛ فإنَّ الله يُنبِّه على أنَّه يجب على المؤمنين جميعًا أن يُطيعوا رسوله في كل شيء، ويَفعلوا مثل فعله؛ لأنَّ هذا هو الطَّريق الموصل إلى الله - سبحانه وتعالى - وهو طريق النَّجاة.

 

(8)

يقول الرَّسول - صلَّى الله عليه وسلَّم - ((أنا دعوة إبراهيم))[1]، فهل نحن مِن دعوة إبراهيم كذلك؟

الإجابة في الجزء الأول؛ إجابة هذا السؤال هي الآية (١٢٨) من سورة البقرة قال تعالى: ﴿ رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128] نعم، نحن دعوة سيِّدنا إبراهيم بنصِّ هذه الآية، فنحن الذين قال عنَّا: ﴿ أُمَّةً مُسْلِمَةً ﴾، وهو بذلك جَدُّنا الأكبر.

 

(9)

في سورة البقرة الآية (١٢٩): ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ [البقرة: 129] انظر في نفْس السورة الآية (١٥١): ﴿ كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 151]، وسورة آل عمران الآية (١٦٤): ﴿ لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [آل عمران: 164]، وسورة الجمعة الآية (٢): ﴿ هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ ﴾ [الجمعة: 2]، وقلْ لي ما الفرْق بينهم؟ ولماذا؟


الفرْق أنَّ الآية الأولى سورة البقرة (١٢٩) الذي يتكلَّم فيها هو سيِّدنا إبراهيم - عليه وعلى نبيِّنا الصَّلاة والسَّلام - وهو الذي قدَّم العِلم على التَّزكِيَة، أمَّا الثلاثُ الآيات التي تكلَّمتْ عن هذا الموضوع المُتكلِّم فيها هو الله، وهو يُصحِّح لسيِّدنا إبراهيم، ويقول: لا، التزكية أوَّلاً ثم العِلم؛ وذلك لأنَّ تربية النفْس وتَزكيتَها هو المَطلوب أولاً، وهذا هو الذي فعله الله مع نبيِّه وصحابته في مكَّة لمدة ثلاثة عشر عامًا، ثمَّ بعد ذلك نزلتْ آيات الأحكام التي فيها العِلم؛ فإذا جاء العِلم للنفْس الزكيَّة، استُعمِل العِلم في صالِح البشريَّة، أمَّا إذا جاء العلم ولم تُزكَّ النفْس، استُعمل العِلم في غير صالح البشريَّة، والأمثلة كثيرة على ذلك في عصْرنا هذا، وانظر إلى صُنَّاع أسلحة الدمار الشامل، ولو استُعمل هذا العِلم والمال المُنفَق على هذه الأسلحة في سد حاجة الفقراء، لما وجدْتَ مُحتاجًا على وجه الأرض.

 

(10)

في سورة البقرة آية (١٣٠) وسورة الحج آية (٧٥) معنى الاصطِفاء، وفي سورة آل عمران آية (٤٢) تكرَّر الاصطِفاء، لماذا؟

 

في سورة البقرة آية (١٣٠) قال تعالى: ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآَخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾[البقرة: 130]، اصطفى الله سيِّدنا إبراهيم عليه الصَّلاة والسَّلام في الدُّنيا، وهو اختيار الله لمَن يُريد مِن رسله وخَلقِه، فهو سُبحانه الخالِق والفاعِل لِما يُريد، ولا يُسأل عمَّا يَفعَل، وهو المالك المُتصرِّف في مُلكِه كَما يَشاء، وكذلك في سورة الحج آية (٧٥) قال تعالى: ﴿ اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [الحج: 75]، يَصطفِي الله مِن الملائكة ما يشاء؛ فهم أيضًا خَلقُه وعَبيده، فكما يَصطفي مِن البشر يَصطفي مِن الملائكة، وهذا الاصطِفاء هو الاختيار والتَّفضيل لا شكَّ فيه، وقد قال سبحانه: ﴿ وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ﴾ [الإسراء: 70]، وهذه منَّة وفضْل كبير على بني آدم جميعًا مِن الله - سبحانه وتعالى - ولم يَسألِ الإنسان نفسَه يومًا: ماذا كان حاله لو خلَقه الله حيوانًا أو جمادًا أو نباتًا؟ فهو مُفضَّل بتَفضيل الله له على جَميع الخَلائق، حتَّى إنَّ الملائكة جعَل الله منهم حفَظةً لهذا الإنسان، والكَون كلُّه مُسخَّر لخِدمته، وهو مَخلوقٌ لغاية واحِدة كان يجب أن يَنتَبِهَ إليها، وهي مذكورة في قوله سبحانه: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذَّاريات: 56]، ثم نأتي إلى لبِّ السؤال، وهو لماذا تكرَّر الاصطِفاء بالنسبة لمريم في سورة آل عمران آية (٤٢)، قال تعالى: ﴿ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42]؛ تكرَّر لتلتفت مريم إلى شيء عظيم سيَحدُث لها؛ فالاصطِفاء الأول هو اختيارها لكي تَكون ضِمنَ المَوكب المُشرَّف مِن الله، أما الاصطفاء الثاني، فهو لِتَعلم أنها سيَحدُث لها شيء لم يَحدُث لنساء العالمين؛ ولذلك أعقَبه سبحانه بقوله: ﴿ عَلَى نِسَاءِ الْعَالَمِينَ ﴾ [آل عمران: 42]؛ أيْ: إنها ستَلِد بدون زَواج بدون رجل، فهي تم تهيئتها لذلك الأمر؛ فإنها كانت تُرزق مِن عند الله بغير سبب، وهي التي قالت ذلك لزكريا - عليه السَّلام - ومن هنا جاء الاصطِفاء الثاني.

 

(11)

يتكلمُ كثيرٌ من الناسِ عن الحبِّ ولا يعلمون أن الحبَّ كله يجب أن يكون لله وحدهُ فلا يجوزُ أن تحبَّ معهُ سبحانهُ أحـداً ولكن من الممكنِ أن تحبَّ فيهِ أو لأجله ... استخرج من الجزء الثاني من سورة البقرة ما يدلُّ على ذلك.


إجابة هذا السؤال هو الآية رقم (١٦٥) من سورة البقرة، قال تعالى: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْدَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذَابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾ [البقرة: 165]، وكذلك الآية رقم (٥٤) في سورة المائدة، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54]، وكذلك الآية رقم (٢٢) في سورة المجادلة قال تعالى: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22]، وكذلك الآية رقم (٢٤) في سورة التوبة، قال تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]، وكذلك الآيات كثيرة في هذا الباب، والذين يقولون: إنهم يُحبُّون الله، ولا يُطيعون أمره، ولا يُقدِّمون أمره على أمرهم، فهم كاذبون فيما يدَّعون، وكذلك الذين يقولون: إنهم يُحبُّون رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - ولا يتلقَّفون كلامه وأوامِرَه تلقف المتلهِّف للماء في الصَّحراء، فهم كاذِبون، والحبُّ لا يكون له معنى إلا بالطاعة؛ (فإنَّ المُحبَّ لمَن يُحبُّ مُطيعُ)، والحبُّ لله ولرسوله هو الحُبُّ الذي يَنبُع منه بقية أنواع الحبِّ جميعًا.



[1] "المستدرك" (2: 453)، حديث رقم (3565).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • فيض الخاطر في أحوال الماضي والحاضر (1)
  • جبر الخاطر يقيك المخاطر

مختارات من الشبكة

  • جوزيات: خواطر من صيد الخاطر لتركي عبد الله الميمان(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • نزهة الخاطر بعبادة جبر الخواطر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوجيز في أصول التفسير بين الماضي والحاضر (2)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الوجيز في أصول التفسير بين الماضي والحاضر (1)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الدوافع والمنطلقات في البحث العلمي بين الماضي والحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • درء المفاسد مقدم على جلب المصالح بين الماضي والحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • غفلات علمية بين الماضي والحاضر(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الامتحانات المدرسية الإشهادية بين الماضي والحاضر(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الشعر الفلسطيني بين الماضي والحاضر(مقالة - حضارة الكلمة)
  • حاجة العالم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الماضي والحاضر(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
9- زادك الله علما
مداد / أحمد سمير - مصر 17-12-2012 08:25 PM

ألف مبارك على الجزء الجديد يا حاج خالد

بارك الله فيك وجعل علمك لنا نفعا وحسنات لك فى الآخرة

8- كنز حقيقي
غادة - ام الدنيا 30-06-2012 08:59 PM

ربنا يباركلك ياخال يارب وفتح الله عليك فأنت تعرض علينا كنوز ربانية لأنك كنز حقيقي موجود بيننا بارك الله لنا فيك وأطال لنا عمرك وأثقل الله موازين حسناتك بهذا العمل

7- تقدير وإجلال
أحمد مرشدي - مدرس هبة - الإمارات 26-05-2012 05:27 PM

إن العودة إلى كتاب الله تعالى وسنة رسوله الكريم ليست نافلة ولا اختيارا ولا تطوعا ولا تفضيلا ، إنما المسلمون مطالبون بها لتجديد إيمانهم، وتقوية صلتهم بربهم وتدبر أحكام الشريعة، ومحاولة فهم معاني القرآن الكريم، وجعله دستور حياتهم كما أمروا.
أسأل الله العلي القدير أن يردني والمسلمين جميعا إلى ما فيه الخير العميم على يديك وأيدي أمثالك، ولا نحرم من طريق نهتدي به إلى الصراط المستقيم؛وحتى تحرم أجسادنا على النار، ونرزق بجنة النعيم .

6- خبز الملائكه
دكتوره / هدى خطاب - egypt 26-05-2012 04:33 PM

كم إستمتعت بوقتي حين كنت أرى هذا الإبداع فى فترة حمله وما أسعدنى وأنا أرى ولادته
وكأنى جائع واقف بباب مخبز تخبز فيه الملائكه كلمات مضيئه ثم يأتى وقته السعيد ليتذوقه

5- خالد الدرملى
سمير ابو ليله - مصر 23-05-2012 09:05 PM

أحبك الله

4- خالد الدرملى
zizoharidy - مصر 22-05-2012 03:05 AM

اللهم ارزقه من الخيرات ومن عليه بالبركات وافتح عليه من جنات القران

3- تعليق
سارة الدرملي - egypt 21-05-2012 09:38 PM

جزاك الله كل خير يا أبى و ادعو من الله أن يمن عليك بالكثير وأن تحقق دائما كل النجاح والتوفيق

2- بارك الله لك
شارب الذهب 19-05-2012 10:49 AM

السلام عليكم
بارك الله لك في القرآن العظيم ، يا أخي الكريم ، يا خالد الدرملي
لقد أسعدني كثيرا هذا الاجتهاد.
أسأل الله العظيم أن يوفقك لإنجاز هذا العمل الطيب على أتم وجه و أكمله على النحو الذي يحبه الله سبحانه و يرضاه .
فتح الله لك و وفقك الله لكل خير .
و أسأل الله العظيم أن يثقل بهذا العمل موازين حسناتك و أن ينفع به المسلمين .
و الحمدلله رب العالمين .

1- إلي فيض الخاطر
الهمة أم هبة - الإمارات 14-05-2012 02:23 PM

جزاك الله خير الجزاء وجزى الله خيرا على من قام بنشر هذه الخواطر وجعله في ميزان حسناتك وحسناتهم وننتظر المزيد إن شاء الله

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد عامين من البناء افتتاح مسجد جديد في قرية سوكوري
  • بعد 3 عقود من العطاء.. مركز ماديسون الإسلامي يفتتح مبناه الجديد
  • المرأة في المجتمع... نقاش مفتوح حول المسؤوليات والفرص بمدينة سراييفو
  • الذكاء الاصطناعي تحت مجهر الدين والأخلاق في كلية العلوم الإسلامية بالبوسنة
  • مسابقة للأذان في منطقة أوليانوفسك بمشاركة شباب المسلمين
  • مركز إسلامي شامل على مشارف التنفيذ في بيتسفيلد بعد سنوات من التخطيط
  • مئات الزوار يشاركون في يوم المسجد المفتوح في نابرفيل
  • مشروع إسلامي ضخم بمقاطعة دوفين يقترب من الموافقة الرسمية

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 6/12/1446هـ - الساعة: 0:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب