• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (القريب، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    قبسات من علوم القرآن (3)
    قاسم عاشور
  •  
    من دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اتقوا الأرحام
    أ. د. زكريا محمد هيبة
  •  
    ورع وإخلاص طلاب علم الأمس... مشاعل تنير دروب ...
    نوال محمد سعيد حدور
  •  
    {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة} (خطبة)
    د. محمود بن أحمد الدوسري
  •  
    تفسير قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تطيعوا ...
    سعيد مصطفى دياب
  •  
    إزالة الغفلة (خطبة)
    الشيخ د. إبراهيم بن محمد الحقيل
  •  
    اتقوا فتنة التبرج
    د. لحرش عبد السلام
  •  
    كثرة تلاوته صلى الله عليه وسلم القرآنَ على فراشه ...
    الشيخ أ. د. عرفة بن طنطاوي
  •  
    عمى البصيرة يورد المهالك
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    شرح أحاديث الطهارة
    لطيفة بنت عبداللطيف
  •  
    خطبة: موسى عليه السلام وحياته لله عز وجل
    د. أيمن منصور أيوب علي بيفاري
  •  
    حقوق اليتيم (1)
    د. أمير بن محمد المدري
  •  
    الإسلام كفل لأهل الكتاب حرية الاعتقاد
    الشيخ ندا أبو أحمد
  •  
    أثر الأدلة الشرعية في تحقيق مقصد حفظ الدين (دليل ...
    عمرو عبدالله ناصر
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / منبر الجمعة / الخطب / عقيدة وتوحيد
علامة باركود

ومن يتولهم منكم فإنه منهم

ومن يتولهم منكم فإنه منهم
الشيخ عبدالله بن محمد البصري


تاريخ الإضافة: 3/4/2012 ميلادي - 12/5/1433 هجري

الزيارات: 10721

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

ومن يتولهم منكم فإنه منهم

 

أَمَّا بَعدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾ [التوبة: 119].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

رَوَى الإِمَامُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ عَن أَبي هُرَيرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ: " وَالَّذِي نَفسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ، لا يَسمَعُ بي أَحَدٌ مِن هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِيٌّ وَلا نَصرَانيٌّ، ثم يَمُوتُ وَلم يُؤمِنْ بِالَّذِي أُرسِلتُ بِهِ، إِلاَّ كَانَ مِن أَصحَابِ النَّارِ " هَذَا الحَدِيثُ العَظِيمُ، حَدِيثُ صِدقٍ لا شَكَّ فِيهِ، وَحُكمُ حَقٍّ لا مِريَةَ فِيهِ، إِنَّهُ لَيَقطَعُ شَكَّ النُّفُوسِ المَرِيضَةِ، وَيَمحُو ظَنَّ القُلُوبِ المُتَرَدِّدَةِ، وَالَّتي كُلَّمَا مَاتَ يَهُودِيٌّ أَو نَصرَانيٌّ في شَرقِ العَالمِ أَو غَربِهِ، رَئِيسًا أَو زَعِيمًا أَو صَاحِبَ مَالٍ أَو صَنعَةٍ، أَفَاضُوا في مَدحِهِ وَالثَّنَاءِ عَلَيهِ وَتَكَلَّفُوا ذِكرَ مَحَاسِنِهِ، مُحَاوِلِينَ إِقنَاعَ السُّذَّجِ وَضِعَافِ الإِيمَانِ، أَنَّهُ رُبَّمَا شَفَعَت لِهَذَا المَيِّتِ أَعمَالُهُ الَّتي قَدَّمَهَا خِدمَةً لِلبَشَرِ في صِنَاعَةٍ أَو طِبٍّ أَوِ اقتِصَادٍ، أَو نَفَعَتهُ جُهُودُهُ الَّتي بَذَلَهَا في نَشرِ السَّلامِ بَينَ شُعُوبِ الأَرضِ، وَأَنَّهُ قَد يَدخُلُ بِذَلِكَ الجَنَّةَ وَينجُو مِنَ النَّارِ، نَاسِينَ أَو مُتَنَاسِينَ أَنَّهُ مَهمَا عَمِلَ عَامِلٌ مَا يَظُنُّهُ خَيرًا أَو بِرًّا أَو إِحسَانًا، أَوِ اجتَهَدَ مُجتَهِدٌ وَقَلبُهُ لِغَيرِ رَبِّهِ، فَمَا سَعيُهُ إِلاَّ في ضَلالٍ وَوَبَالٍ، قَالَ - سُبحَانَهُ - في حَقِّ الكَافِرِينَ: ﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا ﴾ [الفرقان: 23].

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ:

قَبلَ عِدَّةِ أَشهُرٍ، هَلَكَ أَحَدُ صَانِعِي أَجهِزَةِ الحَاسِبِ وَالجَوَّالاتِ، وَإِذْ ذَاكَ جَعَلَتِ الأَقلامُ تَتَبَارَى في مَدحِهِ آسِفَةً عَلَى مَوتِهِ، بَل رَفَعَهُ بَعضُهُم وَلَمَّعَهُ، حَتى لَكَأَنَّمَا هُوَ الفَاتِحُ المُغَيِّرُ شَأنَ العَالمِ، ثم لَمَّا مَاتَ قَبلَ أَيَّامٍ كَبِيرُ النَّصَارَى في مِصرَ، ممَّن لم يُعرَفْ عَنهُ إِلاَّ العِدَاءُ لِلمُسلِمِينَ وَتَحرِيضُ دُوَلِ الغَربِ عَلَيهِم، وَإِيذَاءُ الفَتَيَاتِ ممَّن يَدخُلْنَ في الإِسلامِ بِسَجنِهِنَّ أَو قَتلِهِنَّ، وَرَفعُ صَوتِهِ بِأَنَّ مِصرَ هِيَ أَرضُ الأَقبَاطِ، وَأَنَّ المُسلِمِينَ فِيهَا إِنَّمَا هُم مُحتَلُّونَ وَمُغتَصِبُونَ، أَقُولُ لَمَّا نَفَقَ هَذَا الهَالِكُ نُفُوقَ البَهَائِمِ، خَرَجَ كُتَّابٌ في بَعضِ بَرَامِجِ التَّوَاصُلِ الاجتِمَاعِيِّ في الشَّبَكَةِ العَالَمِيَّةِ، لِيَتَرَحَّمُوا عَلَيهِ وَيَدعُوا لَهُ، ثم فُوجِئَ المُسلِمُونَ في مِصرَ بِمُفتِيهِم وَهُوَ يَعُدُّ مَوتَهُ فَاجِعَةً لِمِصرَ وَأَهلِهَا، وَآخَرَ مِن عُلَمَائِهِم يُعَزِّيهِم فِيهِ، وَثَالِثَ يُشَبِّهُ جِنَازَتَهُ بِجِنَازَةِ الإِمَامِ أَحمَدَ، ثم يُعلَنُ الحِدَادُ رَسمِيًّا عَلَى ذَلِكَ الهَالِكِ، وَتَبُثُّ بَعضُ القَنَوَاتِ آيَاتٍ مِن كِتَابِ اللهِ عَلَى رُوحِهِ.

 

فَلا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ! وَلا حَولَ وَلا قُوَّةَ إِلاَّ بِاللهِ! وَإِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيهِ رَاجِعُونَ! المُسلِمُونَ يُقَتَّلُونَ وَتُنتَهَكُ أَعرَاضُهُم، وَنِسَاؤُهُم تُرَمَّلُ وَأَطفَالُهُم يُيَتَّمُونَ، وَحُقُوقُهُم تُسلَبُ وَمُقَدَّرَاتُهُم تُنهَبُ، وَدِيَارُهُم تُحتَلُّ وَمَسَاجِدُهُم تُهَدَّمُ، فَلا يَتَحَرَّكُ مِن هَؤُلاءِ سَاكِنٌ، بَل وَلا تَنتَفِضُ لهم شَعَرَاتٌ وَلا يَنصُرُونَ إِخوَانَهُم وَلَو بِكُلَيمَاتٍ، ثم يَمُوتُ عَدُوٌّ نَصرَانيٌّ كَافِرٌ، فَيَنطَلِقُونَ لِيُعَظِّمُوا أَمرَ مَوتِهِ، مُتَجَاهِلِينَ مَا عَلَيهِ النَّصَارَى وَاليَهُودُ مِن كُفرٍ وَشِركٍ، وَأَنَّ اللهَ لا يَغفِرُ لِمُشرِكٍ وَلا كَافِرٍ وَلا يُدخِلُهُمَا جَنَّتَهُ، إِذْ لا ذَنبَ عِندَهُ - تَعَالى - أَعظَمُ وَلا ظُلمَ أَكبَرُ مِنَ الشِّركِ، فَكَيفَ إِذَا كَانَ هَؤُلاءِ يَجمَعُونَ إِلى كُفرِهِم بِرَبِّهِم عَدَاوَةَ أَولِيَائِهِ، وَلا يَألُونَ جُهدًا في إِيقَادِ الحُرُوبِ ضِدَّ عِبَادِهِ، وَلا يَنَامُونَ عَنِ التَّخطِيطِ لِصَدِّهِم عَن دِينِهِم وَإِفسَادِ عَقَائِدِهِم، وَصَرفِهِم عَن كُلِّ خُلُقٍ حَمِيدٍ وَفَضِيلَةٍ، وَإِيقَاعِهِم في كُلِّ شَرٍّ وَرَذِيلَةٍ ؟ لَكَأَنَّ هَؤُلاءِ القَومَ لم يَقرَؤُوا قَولَ الحَقِّ تَبَارَكَ وَتَعَالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا ﴾ [النساء: 48] وَقَولَهُ سُبحَانَهُ عَلَى لِسَانِ لُقمَانَ: ﴿ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ ﴾ [لقمان: 13] وَقَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ﴾ [البقرة: 217] وَقَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ * خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ ﴾ [البقرة: 161، 162] وَقَولَهُ سُبحَانَهُ: ﴿ لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ * لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 72، 73] وَقَولَهُ - جَلَّ وَعَلا -: ﴿ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ * وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ ﴾ [التوبة: 113، 114].

 

لَقَد كَانَ مِنَ المُشرِكِينَ في عَهدِ رَسُولِ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - وَقَبلَهُ مَن كَانُوا يُطعِمُونَ الطَّعَامَ وَيَبذُلُونَ، وَيَسقُونَ الحُجَّاجَ وَيُحسِنُونَ، وَأَمَّا عَمُّهُ أَبُوطَالِبٍ فَقَد رَبَّاهُ مُنذُ صِغَرِهِ، وَكَانَ مُحِبًّا لَهُ وَمَدَحَهُ في شِعرِهِ، وَنَافَحَ عَنهُ وَلم يَألُ جُهدًا في الذَّبِّ عَنهُ وَنَصرِهِ، بَل وَتَحَمَّلَ الحِصَارَ مَعَهُ في الشِّعبِ، وَمَعَ هَذَا لم يُنجِهِ وَلا الكُفَّارَ الآخَرِينَ مِنَ الخُلُودِ في النَّارِ مَا عَمِلُوهُ مِن خَيرٍ وَلا مَا قَدَّمُوهُ مِن بِرٍّ إِذْ مَاتُوا وَهُم كُفَّارٌ وَلم يَكُونُوا مُسلِمِينَ، قَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ ﴾ [التوبة: 19، 20] وَقَالَ تَعَالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْرًا لَنْ تُقْبَلَ تَوْبَتُهُمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الضَّالُّونَ * إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ﴾ [آل عمران: 90، 91].

 

وَفي صَحِيحِ مُسلِمٍ عَنِ العَبَّاسِ بنِ عَبدِ المُطَّلِبِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، هَل نَفَعتَ أَبَا طَالِبٍ بِشَيءٍ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يَحُوطُكَ وَيَغضَبُ لَكَ ؟ قَالَ: " نَعَم، هُوَ في ضَحضَاحٍ مِن نَارٍ، وَلَولا أَنَا لَكَانَ في الدَّركِ الأَسفَلِ مِنَ النَّارِ " وَفِيهِ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أَهوَنُ أَهلِ النَّارِ عَذَابًا أَبُو طَالِبٍ، وَهُوَ مُنتَعِلٌ بِنَعلَينِ يَغلِي مِنهُمَا دِمَاغُهُ " وَعَن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهَا - قَالَت: قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، ابنُ جُدعَانَ كَانَ في الجَاهِلِيَّةِ يَصِلُ الرَّحِمَ وَيُطعِمُ المِسكِينَ، فَهَل ذَاكَ نَافِعُهُ ؟ قَالَ: " لا يَنفَعُهُ، إِنَّهُ لم يَقُلْ يَومًا رَبِّ اغفِرْ لي خَطِيئَتي يَومَ الدِّينِ " رَوَاهُ مُسلِمٌ وَغَيرُهُ، وَرَوَى مُسلِمٌ عَن أَنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَجُلاً قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَينَ أَبي ؟ قَالَ: " في النَّارِ " فَلَمَّا قَفَّى دَعَاهُ فَقَالَ: " إِنَّ أَبي وَأَبَاكَ في النَّارِ " وَعَن أبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: زَارَ النَّبيُّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَبرَ أُمِّهِ فَبَكَى وَأَبكَى مَن حَولَهُ فَقَالَ: " اِستَأذَنتُ رَبِّي في أَن أَستَغفِرَ لها فَلَم يُؤذَنْ لي، وَاستَأذَنتُهُ في أَن أَزُورَ قَبرَهَا فَأَذِنَ لي، فَزُورُوا القُبُورَ فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ المَوتَ " رَوَاهُ مُسلِمٌ. فَصَلَّى عَلَيهِ اللهُ وَسَلَّمَ مَا كَانَ أَصدَقَهُ وَأَفصَحَهُ! لم يُجَامِلْ وَلم يُلَمِّحْ، بَل بَيَّنَ وَصَرَّحَ وَوَضَّحَ، فَمَاذَا بَعدَ هَذَا ؟! إِذَا كَانَ أَبُوهُ وَأُمُّهُ وَعَمُّهُ لم يَنتَفِعُوا بِقُربِهِم مِنهُ لَمَّا مَاتُوا عَلَى الشِّركِ، وَلم يُؤذَنْ لَهُ في التَّرَحُّمِ عَلَيهِم، فَكَيفَ يَنتَفِعُ غَيرُهُم بما قَدَّمَ مِن دُنيَا مَعَ شِركِهِ وَكُفرِهِ، وَهَل يُتَرَحَّمُ عَلَى مَن يُعِدُّ العُدَّةَ لِحَربِ المُسلِمِينَ وَصَدِّهِم عَن دِينِهِم ؟! أَلا فَلْنَتَّقِ اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - فَإِنَّهُ لا نَجَاةَ إِلاَّ لأَهلِ الإِسلامِ وَالإِيمَانِ ﴿ وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [آل عمران: 85].

 

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالى حَقَّ التَّقوَى، وَتَمَسَّكُوا مِنَ الإِسلامِ بِالعُروَةِ الوُثقَى، وَاحذَرُوا مَا يُسخِطُ رَبَّكُم جَلَّ وَعَلا فَإِنَّ أَجسَامَكُم عَلَى النَّارِ لا تَقوَى.

 

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، إِنَّ الوَلاءَ لِلمُؤمِنِينَ وَمُوَدَّةَ المُسلِمِينَ، وَالبَرَاءَ مِنَ الكَافِرِينَ وَبُغضَ المُشرِكِينَ، إِنَّهَا لَعَقِيدَةٌ دَلَّ عَلَيهَا الكِتَابُ وَالسُّنَّةُ، فَآمَنَ بها الحُنَفَاءُ وَمَضَى عَلَيهَا المُوَحَّدُونَ، وَتَلَقَّتهَا الأُمَّةُ خَلَفًا عَن سَلَفٍ، إِنَّهُ مَبدَأٌ رَاسِخٌ لا تُغَيِّرُهُ الآرَاءُ وَلا تُبطِلُهُ الأَهوَاءُ، وَلا تَنتَزِعُهُ مِنَ القُلُوبِ مَحَبَّةُ الدُّنيَا، وَلا يُخمِدُ جَذوَتَهُ وَلا يُضعِفُ تَوَقُّدَهُ رُكُونٌ إِلى شَهَوَاتِهَا أَوِ انجِرَافٌ مَعَ مُغرِيَاتِهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].

 

وَقَالَ جَلَّ وَعَلا: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾[التوبة: 23، 24].

 

وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ * فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ * وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ﴾ [المائدة: 51 - 57].

 

وَقَالَ سُبحَانَهُ: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ ﴾ [آل عمران: 32] أَلا فَلْيَخشَ اللهَ مَن يُحِبُّ أَعدَاءَهُ أَو يَمدَحُهُم وَهُوَ تَعَالى يَقُولُ: ﴿ فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ ﴾ [البقرة: 98] وَيَقُولُ: ﴿ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ﴾ [فاطر: 39] إِنَّ كُلَّ مُؤمِنٍ لا بُدَّ أَن يَكُونَ في نَفسِهِ عَدَاوَةٌ لِكُلِّ عَدُوٍّ لِخَالِقِهِ وَمَولاهُ، فَإِن لم يَجِدْ في قَلبِهِ عَدَاوَةً لأَعدَاءِ رَبِّهِ فَلْيَبكِ عَلَى إِيمَانِهِ، فَقَد قَالَ عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ: " مَن أَحَبَّ للهِ وَأَبغَضَ للهِ، وَأَعطَى للهِ وَمَنَعَ للهِ فَقَدِ استَكمَلَ الإِيمَانَ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيرُهُ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر


مختارات من الشبكة

  • من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • تخريج حديث: لا تستنجوا بالروث، ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: عليكم بالإثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: لا تلبسوا الحرير فإنه من لبسه في الدنيا لم يلبسه في الآخرة(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حديث: ولا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي(مقالة - ملفات خاصة)
  • شرح حديث أنس: "إن أحدكم إذا قام في صلاته فإنه يناجي ربه"(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تخريج حديث: لا تفعلي يا حميراء فإنه يورث البرص(مقالة - آفاق الشريعة)
  • تفسير: (ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • {وإن تجهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى}(مقالة - مكتبة الألوكة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • موافقة رسمية على مشروع تطويري لمسجد بمدينة سلاو يخدم التعليم والمجتمع
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 16:46
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب