• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    طريق لا يشقى سالكه (خطبة)
    عبدالله بن إبراهيم الحضريتي
  •  
    خطبة: مكانة العلم وفضله
    أبو عمران أنس بن يحيى الجزائري
  •  
    خطبة: العليم جلا وعلا
    الشيخ الدكتور صالح بن مقبل العصيمي ...
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / النصائح والمواعظ
علامة باركود

فضل العبادة في زمن الفتن

فضل العبادة في زمن الفتن
د. سالم جمال الهنداوي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 13/3/2012 ميلادي - 19/4/1433 هجري

الزيارات: 176708

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فضل العبادة في زمن الفتن

 

الحمد لله المحمود على ما قدَّره وقضاه، وأستعينه استعانةَ مَن يعلم أنه لا ربَّ له غيره ولا إلهَ له سواه، وأَسْتَهديه سبيلَ الَّذينَ أنعم عليهم من النبيِّين والصدِّيقين والشهداء وأستغفره من الذنوب التي تَحُولُ بين القلب وهداه.

 

وأَشْهَد أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريك له، شهادة أَشْهَدُ بها مع الشاهدين، وأَدَّخِرها عند الله عُدَّةً ليوم الدين.

 

وأَشْهَد أن محمدًا عبدُه المصطفى، ورسوله المُجْتَبَى، ونبيُّه المرتضى، أشرف البرية حسبًا، وأطهرهم نسبًا.

 

اللهم صلِّ وسلِّم، وبارك على عبدك ونبيك، ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آلِه وأصحابِه أهل العلم والعبادة، والهجرة والجهاد، ومَن تبِعهم بإحسان إلى يوم المعاد.

 

أما بعد:

إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عن وقوع الهرج في آخر الزمان:

فلقد أخبرنا نبيُّنا صلى الله عليه وسلم وهو صلى الله عليه وسلم الصادق المصدوق الذي لا ينطق عن الهوى - عن وقوع الهَرْج في آخر الزمان.

 

أخرج البخاريُّ ومسلمٌ عن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يتقارب الزمان، ويُقْبَضُ العِلمُ، وتظهر الفتنُ، ويُلْقَى الشُّحُّ، ويَكثُرُ الهَرْجُ))، قالوا: وما الهَرْجُ؟ قال: ((القتل))[1].

 

وأخرج البخاريُّ ومسلمٌ عن أبي وائل، قال: كنتُ جالسًا مع عبدالله وأبي موسى، فقالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن بين يَدَيِ الساعةِ أيامًا، يُرفَعُ فيها العلمُ، وينزلُ فيها الجهلُ، ويَكثُرُ فيها الهَرْجُ))، والهَرْجُ القتلُ[2].

 

وأخرج البخاريُّ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تقوم الساعة حتى يُقبَضَ العلمُ، وتَكثُرَ الزلازلُ، ويتقارب الزمان، وتظهر الفتن، ويَكثُرَ الهرْجُ - وهو القتلُ القتل - حتى يَكثُرَ فيكم المال فيَفِيض))[3].

 

وأخرج مسلمٌ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((والذي نفسي بيده لا تذهبُ الدنيا، حتى يأتيَ على الناس يوم لا يدري القاتلُ فيمَ قَتَل، ولا المقتولُ فيمَ قُتِل))، فقيل: كيف يكون ذلك؟ قال: ((الهَرْجُ، القاتلُ والمقتولُ في النارِ))[4].

 

وفي سنن ابن مَاجَهْ - بسند صحيح - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقوم الساعة حتى يَفِيض المال، وتظهر الفتن، ويكثر الهَرْج))، قالوا: وما الهَرْج يا رسول الله؟ قال: ((القتل، القتل، القتل)) ثلاثًا.

 

وأخرج مالك في الموطأ عن عبدالله بن عبدالله بن جابر بن عَتِيك، أنه قال: جاءنا عبدالله بن عمر في بَنِي معاوية - وهي قرية من قرى الأنصار - فقال: هل تدرون أين صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسجدكم هذا؟ فقلت له: نعم، وأشرتُ له إلى ناحية منه، فقال: هل تدري ما الثلاث التي دعا بهن فيه؟ فقلت: نعم، قال: فأخبرني بهن، فقلت: دعا بأن لا يُظهِر عليهم عدوًّا من غيرهم، ولا يُهْلِكهم بالسنين، فأعطيهما، ودعا بأن لا يجعل بأسَهم بينهم، فمُنِعها، قال: صدقت، قال ابن عمر: فلن يزال الهَرْج إلى يوم القيامة[5].

 

وأخرج أحمد في مسنده - بسند ضعيف - عن عمرو بن وَابِصة الأسدي، عن أبيهِ، قال: إني بالكوفة في داري، إذ سمعتُ على باب الدار: السلام عليكم، أأَلِجُ؟ قلت: عليكم السلام، فَلِجْ، فلما دخل، فإذا هو عبدالله بن مسعود، قلت: يا أبا عبدالرحمن، أية ساعة زيارة هذه؟ وذلك في نحر الظهيرة، قال: طال عليَّ النهار، فذكرتُ مَن أتحدث إليه، قال: فجعل يحدثني عن رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه، قال: ثم أنشأَ يحدثني، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( تكون فتنة: النائم فيها خير من المضطَجِع، والمضطَجِعُ فيها خير من القاعد، والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي خير من الراكب، والراكب خير من المُجْرِي، قتلاها كلها في النار))، قال: قلتُ: يا رسول الله، ومتى ذلك؟ قال: ((ذلك أيامَ الهَرْج))، قلتُ: ومتى أيام الهَرْج؟ قال: ((حين لا يَأمَنُ الرجلُ جليسَه))، قال: قلتُ: فما تأمرني إن أدركت ذلك؟ قال: ((اكْفُفْ نفسَك ويدك، وَادْخُلْ دارَك))، قال: قلتُ: يا رسول الله، أرأيتَ إن دخل رجل عليَّ داري؟ قال: ((فَادْخُلْ بيتَك))، قال: قلتُ: أفرأيتَ إن دخل عليَّ بيتي؟ قال: ((فَادْخُلْ مسجدَك، واصنع هكذا - وقَبَض بيمينِه على الكوعِ - وقل: ربي الله، حتى تموت على ذلك))[6].

 

هذا كلام المعصوم صلى الله عليه وسلم الذي لا يَنطِق عن الهوى، فيجب علينا أن نصدِّقه صلى الله عليه وسلم في كل كلمة ولفظة يقولها، قال تعالى: ﴿ وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ﴾ [النجم: 1 - 5].

 

فالله أقسم - تعالى - بالنجوم إذا غابت، ما حاد محمد صلى الله عليه وسلم عن طريق الهداية والحق، وما خرج عن الرشاد، بل هو في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد، وليس نطقه صادرًا عن هوى نفسه، ما القرآن وما السنة إلا وحي من الله إلى نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم.

 

ما المقصود بالهَرْج؟

قال ابن مَنْظور في "لسان العرب":

"الهرج: الاختلاط؛ هرج الناس يَهْرِجون، بالكسر، هَرْجًا من الاختلاط؛ أي اختلطوا.

وأصل الهَرْج: الكثرة في المشي والاتساع.

 

والهَرْج: الفتنة في آخر الزمان، والهَرْج: شدة القتل وكثرته؛ وفي الحديث: ((بين يَدَيِ الساعة هَرْج))؛ أي: قتال واختلاط.

 

ورُوِي عن عبدالله بن قيس الأَشْعَرِي، أَنه قال لعبدالله بن مسعود: أَتعلم الأيامَ التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها الهَرْج؟ قال: نعم، تكون بين يَدَيِ الساعة، يُرفَع العلم، ويَنزِل الجهل، ويكون الهَرْجُ.

 

قال أبو موسى: الهَرْج - بلسان الحبشة - القتلُ.

وفي حديث أشراط الساعة: يكون كذا وكذا، ويَكثُر الهَرْج، قيل: وما الهَرْج، يا رسول الله؟ قال: ((القتل)).

 

وقال ابن قَيْس الرُّقَيَّاتِ أيامَ فتنة ابن الزبير:

لَيْتَ شِعْرِي أَأَوَّلُ الهَرْجِ هَذَا ♦♦♦ أَمْ زَمَانٌ مِنْ فِتْنَةٍ غَيْرِ هَرْجِ؟

 

يعنِي: أأول الهرج المذكور في الحديث هذا، أم زمانٌ من فتنة سوى ذلك الهَرْجِ؟

الليث: الهَرْج: القتال والاختلاط، وأصل الهَرْج الكثرة في الشيء" انتهى[7].

 

فضل العبادة في زمن الفتن:

لقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن العبادة في زمن الهَرْج لها أجر عظيم، وثواب جزيل من الله تعالى أحكم الحاكمين؛ فيجب علينا أن نستبصر بكلامه صلى الله عليه وسلم ونستهدي بهَدْيه صلى الله عليه وسلم لنكونَ من الفائزين في الدنيا، الناجين الرابحين في الآخرة.

 

أخرج مسلمٌ وابن مَاجَهْ عن مَعْقِل بن يَسَار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ)).

 

وأخرج أحمد والطبراني في الكبير عن مَعْقِل بن يَسَار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العمل في الهَرْج كهجرةٍ إليَّ)).

 

وأخرج أحمد والطبراني في الكبير عن مَعْقِل بن يَسَار رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((العبادة في الفتنة كهجرة إليَّ)).

 

قال الإمام النَّوَوِي في شرح مسلم (18/88):

"قوله صلى الله عليه وسلم: ((العبادة في الهَرْج كهجرة إليَّ)).

المراد بالهَرْج هنا: الفتنة، واختلاط أمور الناس.

 

وسبب كثرة فضل العبادة فيه: أن الناس يَغْفُلون عنها ويَشْتَغلون عنها، ولا يتفرَّغ لها إلا أفراد".

 

وقال الطَّحَاوِي في "شرح مشكل الآثار" (15/250):

"فوجدنا الهَرْج إذا كان شُغل أهلِه في غيره، مما هو أَوْلى بهم من عبادة ربهم - عز وجل - ولزوم الأحوال المحمودة التي يجب عليهم لزومها، فكان مَن تشاغَل في العبادة في تلك الحال متشاغلاً بما أمر بالتشاغل به، تاركًا لما قد تشاغل به غيرُه من الهَرْج المذموم، الذي قد نُهِي عن الدخول فيه والكونِ من أهله، فكان بذلك مستحقًّا للثواب الذي ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث" انتهى.

 

وقال ابن حَجَر في فتح الباري (13/75):

"قال القرطبي: إن الفتن والمشقَّة البالغة، ستقع حتى يَخِفَّ أمر الدين، ويَقِلَّ الاعتناء بأمره، ولا يَبْقَى لأحد اعتناء إلا بأمر دنياه ومعاشِه نفسِه، وما يتعلق به؛ ومن ثَمَّ عَظُم قدرُ العبادة أيام الفتنة".

 

وفي كتاب تطريز رياض الصالحين (1/747):

"قال القرطبي: المتمسك في ذلك الوقت، والمنقطع إليها، المنعزل عن الناس، أجرُه كأجر المهاجر إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم لأنه ناسبه من حيث إن المهاجر فرَّ بدينه ممن يصده عنه للاعتصام بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم وكذا هذا المنقطع للعبادة فرَّ من الناس بدينه إلى الاعتصام بعبادة ربه، فهو في الحقيقة قد هاجر إلى ربه، وفرَّ من جميع خلقه".

 

وقال المُنَاوِي في فيض القدير (4/373):

"قوله صلى الله عليه وسلم: ((العبادة في الهرج))؛ أي: وقت الفتن واختلاط الأمور.

 

((كهجرة إلي)): في كثرة الثواب، أو يقال: المهاجر في الأول كان قليلاً؛ لعدم تمكُّن أكثر الناس من ذلك، فهكذا العابد في الهَرْج قليل.

 

قال ابن العربي: وجْه تمثيله بالهجرة أن الزمن الأول كان الناس يفرِّون فيه من دار الكفر وأهله، إلى دار الإيمان وأهله، فإذا وقَعَت الفتن تعيَّن على المرء أن يفرَّ بدينِه من الفتنة إلى العبادة، ويَهْجُر أولئك القوم وتلك الحالة، وهو أحد أقسام الهجرة".

 

وقال ابن الجوزي في "كشف المشكل من حديث الصحيحين" (2/42):

"الهَرْج: القتال والاختلاط، وإذا عَمَّت الفتن اشتغلت القلوب، وإذا تعبَّد حينئذٍ متعبِّدٌ، دلَّ على قُوَّة اشتغال قلبه بالله - عز وَجل - فيَكْثُر أجره".

 

وقال الحافظ ابن رجب:

"وسبب ذلك: أن الناس في زمن الفتن يتَّبعون أهواءهم، ولا يرجعون إلى دين؛ فيكون حالهم شبيهًا بحال الجاهلية، فإذا انفرد من بينهم مَن يتمسَّك بدينِه ويعبد ربَّه، ويتَّبع مراضيه، ويجتنب مساخطه، كان بمنزلة مَن هاجر من بين أهل الجاهلية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤمنًا به، متبعًا لأوامره، مجتنبًا لنواهيه" انتهى.

 

﴿ وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 99].

 

ما هي العبادة التي يريدها ويحبُّها الله - عز وجل - منا؟

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - في "العبودية":

"العبادة هي: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه، من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة.

 

فالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، وصدق الحديث، وأداء الأمانة، وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والجهاد للكفار والمنافقين، والإحسان للجار واليتيم، والمسكين، وابن السبيل، والمملوك من الآدميين والبهائم، والدعاء والذكر والقراءة، وأمثال ذلك من العبادة.

 

وكذلك حب الله ورسوله، وخشية الله، والإنابة إليه، وإخلاص الدين له، والصبر لحكمه، والشكر لنعمه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه، والرجاء لرحمته، والخوف من عذابه، وأمثال ذلك، هي من العبادة لله.

 

وذلك أن العبادة لله هي: الغاية المحبوبة له والمرضية له التي خَلَق الخلق لها، كما قال الله تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ﴾ [الذاريات: 56].

 

وَبهَا أرسل جَمِيع الرُّسُل كَمَا قال نوحٌ لقومه: ﴿ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ ﴾ [الأعراف: 59].

 

وكذلك قال هودٌ وصالحٌ وشُعَيبٌ وغيرهم لقومهم، وقال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللَّهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلَالَةُ ﴾ [النحل: 36].

 

وقال تعالى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 25].

 

وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [الأنبياء: 92]، كما قال في الآية الأخرى: ﴿ يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ * وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ ﴾ [المؤمنون: 51، 52]".

 

فمهمَّتنا في هذه الدنيا، ورسالتنا العظمى: أن نحقِّق العبودية لله وحده؛ من توحيده، وعبادته بما افترضه علينا من الصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والصدقة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر... إلخ.

 

وقال شيخ الإسلام ابن تيميَّة أيضًا:

"والعبادة أصل معناها الذل أيضًا، يقال: طريق معبَّد، إذا كان مذلَّلاً، قد وَطِئته الأقدام.

لكنَّ العبادة المأمور بها: تتضمَّن معنى الذل، ومعنى الحب؛ فهي تتضمَّن غاية الذل لله، بِغَاية المحبَّة له".

 

قال الله تعالى على لسان كليم الله موسى عليه السلام: ﴿ وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى ﴾ [طه: 84].

 

وأخرج البخاريُّ ومسلمٌ عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى، قام حتى تفطَّر رجلاه، قالت عائشة: يا رسول الله، أتصنع هذا، وقد غُفِر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟! فقال: ((يا عائشةُ، أفلا أكونُ عبدًا شكورًا)).

 

نريد أن نقبل في هذه الأيام التي كَثُرت فيها الفتن على الله - تعالى - بقلوب مطمئنَّة راضية بقضاء الله وقدره، ويجب علينا أن نعلم أن كل ما أصابنا من خير أو شر فهو الخير لنا.

 

أخرج مسلم عن صُهَيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عجبًا لأمر المؤمن، إنَّ أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرَّاء شكر، فكان خيرًا له، وإن أصابته ضرَّاء صبر، فكان خيرًا له)).

 

فله الحمد سبحانه على ما وهب، وله الحمد على ما منع، وهو على كل شيء قدير.



[1] أخرجه البخاري (6037)، ومسلم (157).

[2] أخرجه البخاري (7064)، ومسلم (2672).

[3] صحيح البخاري (1036).

[4] أخرجه مسلم (2908).

[5] الموطأ (35).

[6] مسند أحمد (4286).

[7] ابن منظور "لسان العرب" (2 /389).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • شرف العبادة وحقيقتها وثمرتها
  • شمولية مفهوم العبادة في الإسلام
  • لذة العبادة
  • البحث عن السعادة في زمن الفتن (خطبة)
  • همسة في زمن الفتن

مختارات من الشبكة

  • العبادة في زمن الفتن(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • مفهوم الفضائل والمناقب والخصائص والبركة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حسن العبادة أو العبادة الحسنة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل العفو والصفح - فضل حسن الخلق - فضل المراقبة (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • شمولية العبادة في الإسلام (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • فضل تكميل فرائض العبادات بنوافلها وعبادة الصوم والصوم في المحرم(محاضرة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • فضل عبادة الليل على عبادة النهار(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شهر رمضان فضله وبعض ما يشرع فيه من العبادة(مقالة - ملفات خاصة)
  • فضل العشر الأواخر من رمضان والحث على إحيائها في العبادة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • العبادة زمن الغفلة(مقالة - آفاق الشريعة)

 


تعليقات الزوار
2- شكر
حسين - الجزائر 08-03-2019 02:00 PM

السلام عليكم جزاك الله خيرا موضوع حسن جدا في هذا الزمان .

1- حبا للعلم واهله
صهيب الشمري - العراق 13-03-2012 05:29 PM

جزاك الله خيرا ولعلك بذكرك لحديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه :(بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم „„„„„„الى آخر الحديث ).تكون قد أتممت لنا الفائدة والنصح .بارك الله فيك وأكرمك في الدارين.

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 16:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب