• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطر الظلمات الثلاث
    السيد مراد سلامة
  •  
    تذكير الأنام بفرضية الحج في الإسلام (خطبة)
    جمال علي يوسف فياض
  •  
    حجوا قبل ألا تحجوا (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    تعظيم المشاعر (خطبة)
    الشيخ محمد بن إبراهيم السبر
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرفيق، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (10)
    د. عبدالسلام حمود غالب
  •  
    القلق والأمراض النفسية: أرقام مخيفة (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    آفة الغيبة.. بلاء ومصيبة (خطبة)
    رمضان صالح العجرمي
  •  
    تخريج حديث: أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الإسلام هو السبيل الوحيد لِإنقاذ وخلاص البشرية
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    خطبة: فاعبد الله مخلصا له الدين (باللغة
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    المحافظة على صحة السمع في السنة النبوية (PDF)
    د. عبدالعزيز بن سعد الدغيثر
  •  
    اختيارات ابن أبي العز الحنفي وترجيحاته الفقهية في ...
    عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد التويجري
  •  
    القيم الأخلاقية في الإسلام: أسس بناء مجتمعات ...
    محمد أبو عطية
  •  
    فوائد من حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث ...
    محفوظ أحمد السلهتي
  •  
    لم تعد البلاغة زينة لفظية "التلبية وبلاغة التواصل ...
    د. أيمن أبو مصطفى
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / علوم حديث
علامة باركود

فليس منا

عبدالعزيز بن سريان العصيمي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 26/10/2008 ميلادي - 25/10/1429 هجري

الزيارات: 20563

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

فليس منَّا

 

يعد الغش ظاهرة سلبية تفشت في مجتمعنا حتى صارت عند بعض ضعاف النفوس مهنة يمتهنها في بيعه ومعاملته للناس، فالطالب في امتحانه قد غش، ورب الأسرة بسوء تربيته قد غش، والتاجر في ترويج بضاعته قد غش إلا من رحم الله فإلى المشتكى.

أخي الحبيب:

تصور أن هناك امتحانًا خالطه الغش كيف لك أن تميز بين المجتهد والبليد؟

 

تصور لو أنه عرضت عليك بضاعة مغشوشة لتشتريها أتستطيع أن تفرق بين القديم والجديد، والصرف من الزائف إذ الأمر سواء في نظرك، وفي الحقيقة شتان بينهما.

 

الغش صفة ذميمة اتصف بها المنافقون، فهم غششة، والمؤمنون نصحة، والغاش ممقوت عند الله وعند خلقه، وممحوق البركة في عمله وماله، ولهذا يجب علينا أن نحد من انتشار هذه الظاهرة بتوعية الناس وتحذيرهم منها ومن سوء عاقبتها[1].

 


وقفة مع طالب مجتهد

أخي الطالب المجتهد:

يا من طلب العلا فسهر الليالي، جد واجتهد، وقام وقعد كل ذلك من أجل أن ينال أعلى الدرجات ويحصل على أرفع الأوسمة بكل شرف وطموح، ولكن في الامتحان لماذا...؟

 

نعم لماذا أراك قد تنازلت عن جهدك وتخليت عن مضمار السباق وأعلنت الاستسلام لوساوس الشيطان من الإنس الجن؟

 

قل لي كيف ترضى لنفسك أن ترهقها وتحرمها لذة النوم والراحة وغيرك (هامل) يتجول في الشوارع أو متسلق ٍ على ظهره في سبات عميق ثم تأتي في ساعة الامتحان وبكل بساطة لتقدم له الخدمة الشيطانية (الغش).

أخي:

العاقل العامل لا يكون فريسة الخامل.


وقفة مع......

أخي:

لم أستطع أن أصفك بالغاش لأنني أرجو أن تصبح غدًا أمينًا إن شاء الله.

 

أخي:

الغش من الإثم هو قول نبيك صلى الله عليه وسلم " البر حسن الخلق والإثم ما حاك [2]في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس" [3].

 

أخي:

هل تحب أن يطلع عليك المراقب في الامتحان أو السوق ويكشف أمرك للناس؟

الجواب: بالطبع لا. بل أنت تكره ذلك وتخشى على نفسك الفضيحة.

 

وهذا دليل على أن الغش من الإثم وعلى هذا فاسمع إلى قوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].


مظاهر الغش[4]

أولاً: غش الراعي لرعيته، والقائد لجنوده، والرئيس لمرؤوسيه، ورب الأسرة لأبنائه.

 

فعن معقل ابن يسار المزني رضي الله عنه قال: سمعت الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة " [5].

ثانيًا: الغش التجاري الذي يعتدي فيه المسلم على مال غيره ولو كان شيئًا يسيرًا ليحصل عليه بالحرام عن طريق الكذب والكتمان، أو إخفاء عيوب السلعة أو البخس في الميزان.

خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم إلى الناس في سوقهم في حملة تفتيشية للبضائع والسلع، وفي أثناء حملته صلى الله عليه وسلم مر ّ على صبرة طعام، فأدخل يده فنالت بللاً، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟! فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ فقال: أصابته السماء يا رسول الله، فقال صلى الله عليه وسلم " أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس! من غشنا فليس منا " [6].

ثالثًا: الغش في العلم وهو من أخطر أشكال الغش وأبلغها أثرًا وضررًا، فعندما يحصل الغاش على شهادة تعليمية بالغش فإنه يكتسب بها مالًا حرامًا.

 

وعملية الغش في الاختبارات تعد من أخطر الكوارث التربوية التي تتعرض لها مسيرة التربية والتعليم، فتعرقل تقدمها، وتخل موازينها، وتؤدي بالطالب الغاش إلى حياة الخمول والانحراف.

رابعًا: الغش في القول، كالإدلاء بالشهادات، والأقوال والمعلومات التي يقدمها المسلم أمام القضاء، أو أي جهة مسؤولة بشكل مخالف للحقيقة، ليوقع الضرر بالناس ظلمًا وزورًا.

خامسًا: الغش في الصداقة والصحبة، وهو الأمر الذي غفل عنه كثير من الشباب، بل تساهلوا في هذا الأمر، حتى بلغوا درجة كبيرة من الضياع والخسران المبين. في ذلك يقول الله جل وعلا: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾ [الفرقان: 27 - 29].

 

فليس من أهداك سواكًا وشريطًا نافعًا كمن أعطاك سيجارة وشريطًا ماجنًا، فالأول ناصح ومحب لك، والآخر عدو غاش لك. قال تعالى: ﴿ الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ﴾ [الزخرف: 67].


أسباب الغش

من الأسباب التي تدعو الإنسان إلى الغش سواء في المعاملات أو الامتحانات:

1- ضعف الإيمان، وقلة الخوف من الله، والتهاون بنظره، وعدم مراقبته في كل دقيقة وجليلة.

2- جهل بعض الناس بحرمة الغش، وأنه من خصال المنافقين.

3- عدم الإخلاص لله في العمل - سواء طلب علم، أو تجارة - فمتى قل حظ الإنسان من الإخلاص، أو فقده فإنه لا تردعه نفس أبية، ولا ضمير يؤنبه، فتراه يغش ويخدع على مرأى من الناس ومسمع.

4- الحرص على جمع المال من أي طريق كان، فنجد بعض الناس أكبر همه هو جمع المال، وتحصيل الربح الأكثر، سواء عن طريق بضاعة مغشوشة، أو شهادة مزيفة يحصل بها على وظيفة، أو أي وسيلة أخرى. قال الرسول صلى الله عليه وسلم: " يأتي على الناس زمان لا يبالي المرء ما أخذ منه أمن الحلال أم من الحرام "؛ رواه البخاري.

5- وجود المراقب المتساهل بظاهرة الغش في قاعة الامتحان، أو في الأسواق العامة، فوجود مثل هذا النوع من المراقبين يتيح لضعاف النفوس الطمع في الغش.

6- عدم الجدية، ترى الغاش مخفق الاهتمامات، فكل همه إضحاك زملائه في الفصل بكثرة مشاغباته، فإذا جاء الامتحان أتت عليه ساعة الصفر، فطأطأ رأسه يقلب عينيه يمنة ويسرة، لعله يظفر بشيء ينجو به من الرسوب.

7- مصاحبة (الهمل) وجاملتهم، والاستماع لوساوسهم الشيطانية - الغش - فمتى طلب منه الغش، أو المساعدة في ذلك أومأ برأسه متناسيًا قول ربه: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [المائدة: 2].

8- ضعف التربية منذ الصغر في المنزل، والمدرسة، بحيث يراه أستاذه في المرحلة الابتدائية يغش، فلا ينهاه بالتي هي أحسن، بل ربما شجعه على ذلك، وكذلك وليه.

9- ضعف الثقة في النفس، فمتى شعر بأنه لا يستطيع أن يكون مثل أقرانه المجتهدين في التحصيل العلمي، لجأ إلى الغش ليكمل النقص في شخصيته.

10- الاتكالية على غيره، وعدم تحمل المسئولية، بحيث أنه إذا جاء وقت الاختبارات كان همه البحث عن وسائل جديدة للغش.

11- عدم الرضا بما قسم الله له، فتجد بعضهم ممن ليست لد يه قناعة بما وهبه الله من تحصيل علمي أو كسب تجاري فيطمع في المزيد فيقع في الوعيد: ((من غشنا فليس منا))[7].

12- ترك معاقبة الغاش يساعد على انتشار الظاهرة وتفاقمها، لأن من أمن العقوبة أساء الأدب.

13- الغفلة عن الموت، وهذا والله سبب وقوع العبد في المعاصي وتماديه فيها، فمتى قلّ تذكر العبد للموت كثر تجرؤه على حدود الله.


حكم الغش
[8]

الغش حرام بإجماع أهل العلم من خلال الأدلة القاطعة، والبراهين الساطعة من الكتاب والسنة، وأقوال العلماء في ذلك.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: مر ّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على صبرة [9]طعام، فأدخل يده فيها فنالت أصابعه بللاً فقال: " ما هذا يا صاحب الطعام؟، قال: أصابته السماء[10]يا رسول الله. فقال: صلى الله عليه وسلم ((أفلا جعلته فوق الطعام حتى يراه الناس! من غشنا فليس منا))[11].

يقول سماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز (رحمه الله): (فالواجب على البائع أن يبين العيوب ولخفية في السلعة للمشتري والمستأجر، وكذلك يبين حقيقة الثمن والسوم عند الإخبار عنهما، لأن ستر عيوب السلعة أو الزيادة في السوم، أو الثمن ليبذل المشتري أو المستأجر مثل ذلك أو قريبًا منه يعد من الغش.

وقد حرم الله الغش لما فيه من الفساد والضرر بالعباد بظلم بعضهم لبعض، وبإجاد الشحناء بينهم، أو بأكل أموالهم بالباطل، فذلك يجب على جميع المسلمين تقوى الله في المعاملة، والحذر من أسباب غضب الله، وأليم عقابه الذي توعد به أصحاب الغش[12].

أضرار الغش

1- اكتساب الإثم من فاعله ومن رضي به.

2- براءة النبي صلى الله عليه وسلم من فاعله، وذلك في قوله: ((من غشنا فليس منا)).

3- مقت الناس للغاش، وكراهية التعامل معه.

4- الغش خيانة للأمة، وضياع للأمانة.

5- الغش صفة من صفات المنافقين.

6- الغش سبب في محق البركة.

7- الغش يضعف الثقة فيما بين المسلمين.

8- الغش سبب في إيجاد مجتمع فاشل في كافة المجالات.

9- ظلم الآخرين، وذلك بالتعدي عليهم بغير حق.

10- ضعف التحصيل العلمي لدى الغاش.

11- إيجاد الشحناء والبغضاء بين المسلمين.

12- الوقوع في التهاون بنظر الله.

13- الوقوع في المجاهرة عند التحدث بالذنب لغير حاجة.

14- كسب الحرام من وراء شهادة مزيفة، أو بضاعة مغشوشة.


علاج الغش

1- الاقتناع التام بحرمة الغش، وأنه خيانة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.

2- قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27].

3- استشعر مراقبة الله واطلاعه عليك، فلا تجعله أهون الناظرين إليك، قال الله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ ﴾ [آل عمران: 5].

4- اخلص العمل فإن الناقد بصير، فإن من قل أو عدم نصيبه من الإخلاص دفعته نفسه الأمارة بالسوء إلى الغش والتحايل على أوامر الله. ابتعد عن الكسب الحرام القائم على الغش في البيع والشراء، أو الحصول على شهادة مزيفة لكسب المال بها، مهما كانت الظروف المادية، لأن ذلك ينافي حقيقة التوكل، قال الله تعالى: ﴿ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [آل عمران: 122].

5- عليك بالرفقة الصالحة، فإنها خير معين بعد الله بالنصح والتذكير متى هممت بأمر سوء.

6- الدعاء وسؤال الله أن يتوب عليك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.

7- تذكر اليوم الآخر، فإن النفس إذا ذكرتها بيوم الحساب فإنها تلجم عن المعصية لخوفها من شديد العقاب.

8- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فإنه ما حل في بلاد إلا وقل فيها الفساد، ومتى عدم منها طم الفساد فيها وعم.

9- اتخاذ الإجراءات اللازمة والعقوبات الصارمة وتطبيقها في حق من غش لردعه وزجره، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، وذلك لضعف إيمان الناس في هذا الزمان.

10- الهمة العالية والمصابرة في تحصيل العلم، وكسب الرزق الحلال يبعدك عن الوسائل غير المشروعة في ذلك.

وقفة تأمل

إن وجدان المسلم المرهف الصادق لا يطيق الغش ولا يصبر عليه، بل إنه ليرتجف هلعًا منه، إذ يرى في ارتكابه انخلاعًا من الانتساب للإسلام، كما يقرره رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه مسلم: ((من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا))[13].

فإذا تأملنا هذا الحديث العظيم وجدنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم قرن وساوى في الجزاء والوعيد بين صنفين من الناس لكل منهما عمله ظاهرهما الاختلاف في المقصد والهدف، ولكننا إذا أمعنا النظر قليلًا وجدنا بينهما الائتلاف في تحقيق الأهداف، وذلك من عدة أمور منها:

1- اشتراكهما في العداوة للمسلمين، فالأول أظهرها برفعه للسلاح عليهم، والآخر أسرها في نفسه ولم يبدها لهم، وتلك خصلة المنافق، إظهار الخير والصلاح وإبطان الشر والفساد.

2- اشتراكهما في الفساد المتحقق من مزاولتهما لعملهما ولهذا نجد أن الله عز وجل قال في كتابه على لسان شعيب - عليه السلام -: ﴿ وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ ﴾ [هود: 85]، فسمى عملهم - الغش في الموازين - فسادًا في الأرض.

3- شدة خطورتهما علينا، ولهذا يجب علينا أن نحد من هذه الظاهرة، ونحذر منها، ومن أولئك الغششة ومن التعامل معهم بقدر حرصنا وحذرنا ممن حمل السلاح علينا.

4- مما لا شك فيه أن حامل السلاح لا بد من ردعه، وإيقافه عند حده، فكذلك - أيضًا - الغاش يحتاج إلى من يردعه، ويقف له بالمرصاد لكفه من الإفساد، ومن ثم لا يبقى للغششة مكان بيننا.


لا تجاهر

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((كل أمتي معافى إلا المجاهرين، وإن من الإجهار أن يعمل العبد بالليل عملا ثم يصبح قد ستره ربه عز وجل، فيقول: يا فلان قد عملت البارحة كذا وكذا، وقد بات يستره ربه عز وجل ويصبح يكشف ستر الله عنه "[14].

قال النووي (رحمه الله): عن قوله ((إلا ّ المجاهرين)): هم الذين جاهروا بمعاصيهم وأظهروها، وكشفوا ستر الله عليهم، فيتحدثون بها لغير ضرورة و لا حاجة [15].

فاحذر يا من وقعت في الغش وقد ستر الله عليك من أن تتبجح أمام أقرانك وتكشف ستر الله عليك بأنك فعلت كذا و كذا، بل وربما تقول ذلك وأنت تضحك، فلا حول ولا قوة إلا بالله.


موقف تربوي

روى أسلم قال: كنت مع عمر رضي الله عنه وهو يعسبالمدينة، إذ سمع امرأة تقول ابنتها: قومي يا بنية إلى هذا اللبن فامذقيهفقالت البنت: إن عمر نهى عن ذلك.

فقالت الأم: - التي غفلت عن نظر الله - وما يدري عمر؟!!

فقالت لأمها: - وهي تعظها - إن لم يدر عمر فرب عمر يدري.

أخي:

أليس الغش من محارم الله والتي تنتهك حرمتها في الخلوات بعيدًا عن أنظار الناس والمراقبين منهم خاصة؟

أقول لك:

بلى وربي، ووالله أخشى ما أخشاه أن يعمك قول الرسول صلى الله عليه وسلم وأنت لا تعلم!

عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((لأعلمن أقوامًا من أمتي يأتون يوم القيامة بحسنات أمثال جبال تهامة بيض، فيجعلها الله هباءً منثورًا)).

قال ثوبان: صفهم لنا، جلّهم لنا ألا ّ نكون منهم ونحن لا نعلم.

قال: ((أما إنهم إخوانكم، ومن جلدتكم، ويأخذون من الليل كما تأخذون، ولكنهم أقوام إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))[16].


فتاوى في الغش

س: ما حكم الغش في أوقات الامتحانات علمًا بأني أرى كثيرًا من الطلبة يغشون وأنصح لهم، ولكنهم يقولون ليس في ذلك شيء؟

ج: الغش في الامتحانات، وفي العبادات، والمعاملات محرم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: " من غشنا فليس منا "، ولما يترتب عليه من الأضرار الكثيرة في الدنيا والآخرة، فالواجب الحذر منه والتواصي بتركه. وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: " من غشنا فليس منا " يعم الغش في المعاملات، والامتحانات، ويعم اللغة الإنجليزية وغيرها، فلا يجوز للطلبة والطالبات الغش في جميع المواد لعموم الحديث، وما جاء في معناه. والله ولي التوفيق.

(فتاوى وتنبيهات ونصائح لسماحة الشيخ: عبد العزيز بن باز رحمه الله، ص 438).
س:
ما حكم الغش في الامتحانات؟

ج: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

في ظني أن السائل ينبئ عن الجواب، بحيث إن السائل يقول: ما حكم الغش في الامتحان؟ فالسائل مقر بأنه غش، والغش أمره بين، وحكمه ظاهر، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " من غشنا فليس منا "، ثم إن الغش في الامتحان من أعظم ما يكون خطرًا، لأن خطره ليس كخطر المال الذي من أجله ورد الحديث، بل هو أعظم لأنه خيانة للأمة جميعًا.

فالطالب الذي ينجح بالغش معناه أنه هيأ نفسه لأن يتبوأ مركزًا عظيمًا بقدر ما تؤهله هذه الشهادة، وهو في الواقع لا يستحقه، وحينئذ يكون وجوده في هذا المركز الذي لا يناله إلا من نال هذه الشهادة ضررًا على المجتمع، وضرر آخر للغش وهو من الناحية الثقافية، فالأمة إذا خرج مثقفوها بالغش صار مستواهم الثقافي هابطًا لا ينبئ عن علم، فيكونون عالة على غيرهم، لأنه من المعلوم أن من ينجح بالغش لا يستطيع أن يجابه الطلاب في التعليم والتثقيف، ناهيك عما في ذلك من غش للدولة التي لا ترضى بهذا أبدًا، فاتخذت الاحتياطات اللازمة لمنع هذا الغش من المراقبين وغيرهم، فإن غش أحد فقد ناقض الحكومة في هدفها وخانها، وقد قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنفال: 27]، ولا فرق في هذا بين مادة وأخرى، فلا فرق مثلاً بين أن نغش في مادة التفسير أو مادة اللغة الإنجليزية، لأن الكل يترتب عليه صعود الطالب من مرحلة إلى مرحلة أخرى، ويتوقف عليه إعطاء الطالب وثيقة الشهادة، فالكل غش والكل محرم، وإني أربأ بشبابنا أن يكونوا منحطين إلى هذا الحد، وأهيب بهم أن يكونوا حريصين جدًا على أن ينالوا المراتب بجدارة، فذلك خير لهم في دينهم ودنياهم.

(الشيخ: ابن عثيمين، فتاوى إسلامية - المجلد الرابع - ص 331، 332).
س: فضيلة الشيخ: أنا ممن غش في الامتحانات ونجح، وغش ونجح، حتى توظف في إحدى الشركات حتى بدأ يأخذ مالاً. هل هذا المال يكون حرامًا؟ وهل هو من أكل الربا؟ أفيدوني جزاكم الله خيرًا.

ج: أقول: إذا كان الطالب نجح بغش فما قبل الشهادة تكفي فيه التوبة، يعني مثلًا نجح في السنة الأولى والثانية والثالثة، هذا في الثانوي، ولكن في الثالثة لم يغش.

غش في الأولى والثانية، وفي الثالثة لم يغش نجح بصدق، نقول هذا يكفيه أن يتوب إلى الله، لأن الوظيفة مثلًا مرتبة على الشهادة، والشهادة نظيفة، وكذلك لو تخرج من الكلية وكان يغش في الأولى و الثانية و الثالثة، لكن في ا لرابعة كان الاختبار نزيهًا فهذا يكفيه أن يتوب لا إشكال فيه عندنا - إن شاء الله تعالى، أن ما يأخذه و يتقاضاه من الراتب المبني على هذه الشهادة حلال له ما دامت الشهادة نزيهة، لكن المشكل إذا كان الغش في آخر شيء في الشهادة فهذا يعني أن الشهادة الآن مزيفة و الوظيفة مبنية على هذه الشهادة فيبقى المال الذي يأخذه فيه شبهة لكن أقول:

إذا تاب إلى الله توبة نصوحًا وكانت المادة التي غش فيها ليس لها صلة بالعمل الذي يقوم به، فنرجو أن يكون راتبه حلالاً. مثل أن يكون غش في مادة لا صلة لها بالوظيفة التي توظف فيها، كأن يكون في ا للغة الإنجليزية مثلًا، و الوظيفة التي هو فيها لا تحتاج إلى اللغة الإنجليزية ولا صلة لها بها، فإننا نرجو إذا تاب أن يكون الراتب الذي يأخذه حلالاً.

اللقاء الشهري (4) ص15.

س: فضيلة الشيخ: أرجو التنبيه على ما أشرتم إليه أنه إذا غش في الأولى والثانية، فيكون راتبه حلالاً، فمن الممكن أن يسمع هذا الكلام بعض ضعاف الإيمان فيقول:

إذن أغش ثم أتوب، فأرجو - وفقك الله - أن تبين عظم هذا الأمر؟

ج: هذا وقع في قلبي، ولكنني قلت: إذا غش في السنة الأولى والثانية دون سنة الشهادة، فأرجو أن يكون راتبه حلالاً بعد أن يندم، ويتوب إلى الله تعالى وتجدون كلمة (أرجو) ليس فيها جزم بأن يسلم إذا غش في الأولى والثانية، وأنا أكرر أن الغش حرام في ا لأولى، والثانية، لكن هذا تلميذ وقع منه الأمر لكنه في الشهادة لم يغش، وجاء يسأل وهو تائب إلى الله، هليحل لي الراتب أم لا.

ولسنا نهون من الغش لا في الأولى ولا في الثانية ولا في الثالثة، لكن هناك فرق بين إنسان ندم وجاء تائبًا، ويريد أن يحلل الراتب الذي بني على ا لشهادة، وهي شهادة نزيهة نرجو ألا يكون عليه حرج فيما يأخذه من الراتب.

(الشيخ: ابن عثيمين - رحمه الله - اللقاء الشهري (4)، 17، 18


الخاتمة

وبعد:

ها نحن نصل وأنت إلى نهاية المطاف بعد تلك الجولة والصولة التي عشناها سويًّا مع بيان حكم الغش في الكتاب والسنة، وأقوال العلماء في ذلك.
أخي:

ها أنت قد علمت فاعمل بما علمت، ثم إياك والتسويف فإنه ينسيك التذكير بالله والتخويف، فهب وبادر بالتوبة قبل الحوبة، وما دام في الحياة بقية تذكر بأن الله لا تخفى عليه خافية.
وختامًا:

أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لكل خير، وأن ينفع بك الإسلام والمسلمين، وأن يوسع لك في رزقك، وأن يغنيك بحلاله عن حرامه.

هذا وما أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب.

وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.


[1] وذلك بالكتابة والنصيحة، والخطبة وغير ذلك.

[2] حاك: أي تردد فيه.

[3] رواه مسلم، (45/ 2553).

[4] الغش في الاختبارخيانة وانهيار، أحمد كرزون، ص 33- 36 (بتصرف).

[5] رواه مسلم، (33 / 1829).

[6] رواه مسلم، (1 / 102).

[7] رواه مسلم،(1/102).

[8] آثرت أن لا أطيل هنا، لأنني سأذكر جملة من الفتاوى المتعلقة بهذا الموضوع.

[9] أي كومة من طعام.

[10] أي نزل عليه المطر.

[11] رواه مسلم، (1/102).

[12] مجموع فتاوى ومقالات متنوعة، الجزء الرابع للشيخ العلامة / عبد العزيز بن باز (رحمه الله)، بتصرف.

[13] انظر شخصية المسلم كما يصوغها الإسلام في الكتاب والسنة، ص، 164، محمد الهاشمي.

[14] أي يتفقد أحوال الناس ليلاً.

[15] هو خلط اللبن بالماء.

[16] صحيح ابن ماجه، كتاب الزهد، ص 417 للألباني (رحمه الله).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • حديث: فمن لم يوتر فليس منا
  • ليس منا من تشبه بغيرنا (خطبة)
  • ليس منا من لم يوقر كبيرنا (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • تخريج حديث: من استنجى من ريح فليس منا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • حديث: من حمل علينا السلاح، فليس منا(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • شرح حديث (من غشنا فليس منا)(محاضرة - موقع الشيخ د. خالد بن عبدالرحمن الشايع)
  • من غشنا فليس منا (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • شرح حديث: من غشنا فليس منا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • شرح حديث: من حمل علينا السلاح فليس منا(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن حمود الفريح)
  • ما ينبغي في آخر رمضان(مقالة - موقع الشيخ عبدالله بن صالح القصيِّر)
  • فليس منا (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • حديث: فمن رغب عن سنتي فليس مني(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)
  • حديث: من أودع وديعة فليس عليه ضمان(مقالة - موقع الشيخ عبد القادر شيبة الحمد)

 


تعليقات الزوار
1- السلام عليكم
najwa - maroc 21-12-2009 04:09 PM
أسأل الله جل وعلا أن يغفر لنا ذنوبنا
والله يا شيوخ
أنا أغش في الامتحانات
ادعو معي لكي اتوب من هذه الظاهرة
وسوف اجرب هل اصبر ام لا
أسال الله جل وعلا أن يساعدني
لكي ابتعد من هذه الظاهرة
إنه ولي ذلك والقادر عليه
1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • دفعة جديدة من خريجي برامج الدراسات الإسلامية في أستراليا
  • حجاج القرم يستعدون لرحلتهم المقدسة بندوة تثقيفية شاملة
  • مشروع مركز إسلامي في مونكتون يقترب من الانطلاق في 2025
  • مدينة روكفورد تحتضن يوما للمسجد المفتوح لنشر المعرفة الإسلامية
  • يوم مفتوح للمسجد يعرف سكان هارتلبول بالإسلام والمسلمين
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/11/1446هـ - الساعة: 15:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب