• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
  •  
    أحكام شهر ذي القعدة
    د. فهد بن ابراهيم الجمعة
  •  
    خطبة: كيف نغرس حب السيرة في قلوب الشباب؟ (خطبة)
    عدنان بن سلمان الدريويش
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / الآداب والأخلاق
علامة باركود

مجتمع المحبة

مجتمع المحبة
د. محمد بن لطفي الصباغ

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 14/2/2012 ميلادي - 21/3/1433 هجري

الزيارات: 37855

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

مجتمع المحبة

 

المجتمع الإسلامي هو مجتمعُ المحبة، فأمَّةُ الإسلام أمة متحابة متوادة متراحمة متعاونة على البرِّ والتقوى؛ يقول - تعالى -: ﴿ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ﴾ [الفتح: 29]، كانت كذلك على مرِّ العصور، وما تزالُ في كثيرٍ من قطاعاتِها كذلك، ولله الحمدُ والمنَّة.

 

ولكنَّ البعد عن القيمِ الإسلامية، والإقبال على الدُّنيا أثَّر شيئًا من التأثيرِ على عددٍ من الناس، فحرموا من السَّعادةِ التي كان يحياها آباؤهم، وعليهم أن يعودوا إلى رياضِ المحبة والتوادِّ والتراحم، فذلك يحقِّقُ لهم الحياةَ السعيدة الكريمة في الدُّنيا، والفوزَ بمرضاةِ الله.

 

ليس هناك حياةٌ أحلى من الحياةِ التي يسعد بها المرءُ بحبه للآخرين وحبِّ الآخرين له، يعيشُ وصدره خالٍ من الضغائن والكراهية والحقد والحسد، بل يكون صدرُه مملوءًا بالحبِّ والودِّ والرحمة للآخرين.

 

إنَّ الحاجةَ إلى التذكيرِ بأهمية المحبة في المجتمعِ حاجةٌ كبيرة، لا سيَّما ونحن نُواجَه بحربٍ فكرية واجتماعية وعسكرية.

إنَّ كلَّ مسلم أخٌ لكلِّ مسلم؛ قال الله تعالى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ ﴾ [الحجرات: 10].

 

وهذه الأخوةُ التي تتبعها المحبةُ درجاتٌ من القريب، والجار، والصديق، والزميل، والخادم، والأستاذ، والتلميذ، كلهم إخوة يجبُ على المسلم أن يحبَّهم في الله، قال رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((سبعةٌ يظلُّهم الله في ظلِّه يوم لا ظلَّ إلا ظله...، ورجلان تحابَّا في الله، اجتمعا عليه وتفرَّقا عليه..))؛ رواه البخاري برقم (660)، ومسلم (1031).

 

وقال في الأرِقَّاء: ويدخلُ في مفهومِهم الخدم، قال صلواتُ الله عليه: ((هم إخوانُكم جعلهم الله تحت أيديكم، فمن جعل الله أخاه تحت يدِه فليطعمْه مما يأكلُ، وليلبسْه مما يلبس ولا يكلفه من العملِ ما يغلبه، فإنْ كلَّفه ما يغلبه فليعنْه عليه))؛ رواه البخاري برقم (6050)، ومسلم (1661)، وأبوداود (5157)، والترمذي (1945).

 

أجل، إنَّ الرحمةَ والمحبة بين المسلمين هي الصفة التي تميز المجتمعَ الإسلامي الحق؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [المائدة: 54].

 

إنَّ الرحمةَ التي تكون بين المسلمين رحمةٌ تكاد تصلُ إلى درجةِ الذل كما جاء في برِّ الوالدين، وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ ﴾ [الإسراء: 24]؛ أي: كن رحيمًا بهما رحمةً تصلُ إلى درجةِ الذُّل.

 

والمسلمون أمةٌ واحدة تقوم بين أفرادِها المحبةُ والأخوة والألفة والولاء؛ قال تعالى: ﴿ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ ﴾ [الأنفال: 63]، إنهم متحابون متراحمون، بعضُهم أولياء بعض؛ قال تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [التوبة: 71].

 

إنَّ هذه الصفاتِ هي مقوماتُ أمة الإسلام؛ وهي: (الإيمان، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله)، ومن توافرت فيهم هذه الصفاتُ سيرحمهم الله، ما أعظمها من مكافأة!

 

هذا وقد ربط رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الإيمانَ بالتحاب، وجعل دخولَ الجنَّةِ محصورًا بالإيمان؛ فقال: ((لا تدخلون الجنَّةَ حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابُّوا)).

 

ثم دلَّ صلَّى الله عليه وسلَّم على الوسيلةِ التي توصل إلى التحاب؛ فقال: ((أولاَ أدلُّكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؛ أفشوا السَّلامَ بينكم))؛ رواه مسلم برقم (54). فإفشاءُ السلام وسيلةٌ من وسائلِ إيجاد التحاب بين أفراد الأمة.

 

وهناك وسائلُ أخرى تحقِّق الهدفَ نفسَه، نذكر بعضَها فيما يأتي:

♦ فمن هذه الوسائل: الهدية، فقد جاء في الحديثِ الحسن قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((تهادوا تحابُّوا))[1].

 

♦ وجاء في الحديثِ المتَّفقِ عليه قولُه صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا نساءَ المسلمات، لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتِها ولو فِرْسِن شاة))[2].

 

ينادي رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم النساءَ المسلمات، ويدعوهنَّ إلى إهداءِ جاراتهنَّ، وينهاهنَّ عن احتقارِ الهدية اليسيرة الذي يقودُ إلى الامتناعِ عن الهديةِ، يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تحقرنَّ جارةٌ لجارتِها ولو فرسن شاة))؛ والفِرسِنُ: بكسر الفاء والسين للبعيرِ كالحافرِ للدابة، وكالقدمِ للإنسان.

 

♦ والنساء يرغبن أن تكونَ الهديةُ قيمةً تنفع من تُقدَّم إليه، ويفتخر مقدمُها، وهذا شيء طيب إن تيسر، ولكنَّه لا يتيسر عند كلِّ الناس، وإن تيسر حينًا فلا يتيسَّرُ في كلِّ حين، ولو التزم النَّاسُ ألا يهدوا إلا القيمَ الجيد لقلَّ التهادي، وأصبح نادرًا، فيفوت بذلك المقصدُ الاجتماعي من الهدية، ولهذا خصَّ النبي - صلَّى الله عله وسلَّم - النساءَ المسلمات بندائه يدعوهنَّ إلى تقديمِ ما عندهنَّ من الطعامِ ولو كان قليلاً؛ لأنَّ القليلَ خيرٌ من العدم، ولأنَّ في تقديمِ القليل عند تعذرِ الكثير الفوائد الآتية:

♦ في ذلك تحقيقٌ لمعنى التحاب وترسيخ له في المجتمع، والنَّاس يقولون في أمثالِهم: "من تذكرني وأرسلَ لي عظمة كنتُ عنده عظيمًا".

 

♦ وفي ذلك تعويدٌ للمرءِ على البذلِ والعطاء، فمن اعتاد على تقديمِ ما عنده ولو كان قليلاً أعطى الكثيرَ عندما يوسِّعُ الله عليه.

 

هذا، واحتقارُ القليل من المهدي والمهدَى إليه أمرٌ قبيح، دلَّ على ذلك الحديثُ الذي أخرجه الطبراني من حديثِ أمِّ حكيمٍ الخزاعية قالت: قلتُ: يا رسولَ الله، تكره ردَّ الظِّلْف؟ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ما أقبحه! لو أُهدي إلي كُراعٌ لقبلت))[3].

 

والظِّلفُ للبقرةِ والشاة كالظفرِ من الإنسان، وجمعه أظلاف، مثل حِمْل وأحمال، والكُراع من الدَّوابِّ ما دون الكعب، ومن الإنسانِ ما دون الركبة.

فقرَّر رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ ردَّ الهدية لقلتها أمرٌ قبيح.

 

وأخرج البخاري عن أبي هريرة - رضي الله عنه - عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال: ((لو دُعيت إلى ذراعٍ أو كُراع لأجبت، ولو أُهدي إليَّ ذراعٌ أو كُراع لقبلت))[4].

 

وأخرج مسلمٌ عن أبي ذر - رضي الله عنه – قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يا أبا ذر، إذا طبختَ مرقةً فأكثر ماءها وتعاهدْ جيرانَك))[5].

 

وقد أدركنا النَّاسَ يعملون بهذه العادةِ الكريمة، فإذا طبخَ جارٌ طبخةً طيبة سكب لجارِه صحنًا، ويعيد الجارُ هذا الصَّحنَ وعليه هديةٌ إلى الْمُهدِي، وقد يتلقَّى المرءُ أكثر من هديةٍ من عددٍ من الجيران، فيسر ويكون ذلك سببًا للتحابِّ والتواد.

 

وفي بعضِ البلاد الإسلامية عادةٌ تقضي أنَّه إذا جاء ضيفٌ لجارٍ، سارع الجيرانُ إلى إرسالِ ما لديهم من طعام وحلوى، فإذا المائدةُ عامرة بما لذَّ وطاب، وهذا أمرٌ طيب.

 

♦ ومن وسائلِ إيجاد التحاب بين المسلمين، أن يكونَ كلُّ واحدٍ من المسلمين راغبًا في تفريجِ كربة أخيه المسلم، عاملاً في ذلك حسب استطاعتِه.

 

♦ ومنها أن يسترَ كلُّ واحد من المسلمين ما يطلعُ عليه من عيوب.

 

♦ ومنها أن يساعدَ المسلمُ القادر أخاه المسلمَ في حلِّ مشكلاته التي يقعُ فيها، سواء كانت مادية أم معنوية، وأن يغيثَه إذا كان ملهوفًا، وأن يشفعَ له لدى من تكون له حاجة عنده؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: "من نفَّس عن مؤمنٍ كربةً من كربِ الدنيا، نفَّسَ الله عنه كربةً من كُرَب يوم القيامة، ومن يسَّرَ على معسرٍ يسرَ الله عليه في الدُّنيا والآخرة، ومن ستَرَ مسلمًا سترَه الله في الدُّنيا والآخرة، والله في عَوْن العبد ما كان العبدُ في عونِ أخيه))؛ رواه مسلم (2699).

 

ولنذكرْ معاملةَ الأنصارِ للمهاجرين، ولله درُّ سيدنا أبي بكر الذي ذكَرَ فضلَ الأنصار، فقال: "ما مثلنا ومثلهم إلاَّ كما قال طفيل:

جَزَى اللهُ عَنَّا جَعْفَرًا حِينَ أَزْلَقَتْ
بِنَا نَعْلُنَا فِي الْوَاطِئِينَ فَزَلَّتِ
أَبَوْا أَنْ يَمَلُّونَا وَلَوْ أَنَّ أُمَّنَا
تُلاَقِي الَّذِي لاَقَوْهُ مِنَّا لَمَلَّتِ
هُمُ أَسْكَنُونَا فِي ظِلاَلِ بُيُوتِهِمْ
ظِلاَلَ بُيُوتٍ أَدْفَأَتْ وَأَظَلَّتِ[6]

 

♦ ومنها أن يستقرَّ في أعماقِ كلِّ واحد من المسلمين معنى الحديث الجميل الذي يقولُ فيه رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا يؤمنُ أحدُكم حتى يحبَّ لأخيه ما يحبُّ لنفسِه))[7]؛ متفق عليه.

 

وعندئذ فلا يقبلُ المؤمن أن يكونَ أخوه المسلم من المقصِّرين الآثمين، ولا أن يكون موضعَ انتقادٍ أو سخرية من الآخرين، فيكمل نقصَه، ويصلح عيبَه، ويواسيه بمالِه ومقاله، ويحرص على أن يظهرَ بالمظهرِ اللائق أمام الناس، ويحرص على أن يكونَ متحليًا بالفضائلِ؛ يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((المؤمن مرآةُ المؤمن))[8]، فإذا رأى قذًى على جبينِه، أو رأى ثوبَه منخرقًا من مكانٍ لم يطلع عليه، نبَّهه عليه.

 

وإذا رأى تقصيرَه في القيامِ بالواجبات التي أوجبها الله عليه، أو في التحلِّي بالفضائلِ التي يحبُّها الله حضَّه على فعلِها والتحلِّي بها، ولو تركَهُ وشأنه لكان في ذلك غاشًّا له، وليس هذا من شأنِ المسلم الصَّادق؛ لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس منَّا من غش))[9]، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((الدِّينُ النَّصيحة))، قلنا: لمن؟ قال: ((للهِ، ولكتابِه، ولرسولِه، ولأئمَّةِ المسلمين، وعامَّتِهم))[10].

 

ومن وسائلِ تحقيقِ المحبة بين المسلمين أن نستبعدَ من قلوبنا وحياتِنا المعكراتِ؛ من نحو سوء الظنِّ بالآخرين، وكثرة المعاتبة، والبغض للمسلم، ونستبعدَ الحسدَ والغيبة والنميمة، فقد شهدَ رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم لرجلٍ بالجنَّة، فلمَّا بحث أحدُ الصَّحابةِ عن سببِ ذلك عرف أنه كان يبيتُ كلَّ ليلةٍ وليس في قلبِه ضغن على أحدٍ من المسلمين.

 

♦ ومن وسائل تحقيقِ المحبة البشاشةُ في وجوهِ إخوانه المسلمين؛ يقول رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((لا تحقرنَّ من المعروفِ شيئًا ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق))[11].

 

♦ ومن وسائلِ تحقيق المحبة اهتمام المسلم بشؤون إخوانِه المسلمين، فإذا لقي أخاه سأَلَه عن أحوالِه، وعرض عليه خدماتِه، وإذا مرَّتْ بالمسلمين أزمةٌ تألَّم لها، وعمل على مُعالجتِها؛ لأنَّ من لم يهتم بأمرِ المسلمين كان مباعدًا لمحبتِهم؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((المؤمنُ للمؤمن كالبُنيان؛ يشدُّ بعضُه بعضًا))[12]، وقال صلواتُ الله عليه: ((مثلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثلِ الجسدِ؛ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائرُ الجسد بالسَّهرِ والحمى))[13]، ومن هذا الاهتمامِ أن يتفقدَ جيرانَه، فإذا علم أنَّ أحدَهم بحاجةٍ إلى طعام أو دواء سارع في إحضارِه له؛ قال صلَّى الله عليه وسلَّم: ((ليس المؤمنُ بالذي يشبع وجاره جائع إلى جنبه))[14]، وفي روايةِ أنس لهذا الحديث بلفظ: ((ما آمن بي من باتَ شبعان وجاره جائع بجنبِه وهو يعلَم)).

 

♦ ومن وسائل تحقيق المحبة احترام الإنسان لأخيه المسلم مهما كانت أوضاعُه ومكانته عند النَّاسِ؛ يقول صلَّى الله عليه وسلَّم: ((بحسبِ امرئ من الشَّرِّ أن يحقرَ أخاه المسلم))[15].

 

ويقول - صلواتُ الله وسلامه عليه -: ((المسلمُ أخو المسلم، لا يظلمُه ولا يسلِمُه))[16].

 

ذلكم هو مجتمعُ المحبة الذي أقامه الإسلام؛ مجتمع أنَّى تنقلتَ في أرجائه صافحتْك نسائمُ المودَّةِ والمحبة، وواجهتك حقائقُ المروءة والشهامة، فالزوجُ يحبُّ زوجتَه وهي تبادلُه المحبة، والأولاد يحبون والديهم، ووالداهم يحبونهم، والجار يحبُّ جارَه، والغني يحبُّ الفقير، والكبير يحب الصغير، والموظف يحب عملَه ورئيسه وزملاءه، وهذا الحب المتبادل يورِثُ التكافُلَ والتعاون، ويورث الأمَّةَ قوةً، وهذا الحب يقضي على الاكتئابِ والحزن والحسرة، فترى النَّاسَ راضين بحياتِهم، تلهج ألسنتُهم بشكرِ الله، يأنس المرءُ بمجالستهم، ويحظى بالمودَّةِ والاحترام والسلام.



[1] صحيح الجامع الصغير برقم (3004).

[2] رواه البخاري برقم (2566)، ومسلم برقم (1030).

[3] فتح الباري (5/199).

[4] صحيح البخاري برقم (2568).

[5] صحيح مسلم برقم (2625).

[6] زهر الآداب (1/ 70-71).

[7] صحيح البخاري برقم (13)، وصحيح مسلم برقم (45).

[8] صحيح الجامع الصغير برقم (6656).

[9] رواه مسلم برقم (101) و(102).

[10] رواه مسلم (55).

[11] رواه مسلم (2626).

[12] رواه البخاري برقم (481)، ومسلم (2585).

[13] رواه البخاري برقم (6011)، ومسلم (2586).

[14] صحيح الجامع الصغير والسلسلة الصحيحة (149).

[15] رواه الترمذي برقم (1927).

[16] رواه البخاري برقم (2442)، ومسلم (2580).





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • منزلة المحبة
  • لماذا فقدنا الأخوة والمحبة في الله
  • المحبة بين المؤمنين
  • العنف مؤذ وخطير
  • هل نحن نحبه حق المحـبة؟
  • المحبة امتثال لا احتفال (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • الأزمة بين المجتمع المسلم والمجتمع الغربي(مقالة - المسلمون في العالم)
  • جنوب إفريقيا: المجتمع الإسلامي يدعم تحسين أوضاع المجتمع(مقالة - المسلمون في العالم)
  • مؤسسات المجتمع المدني ودورها في حفظ الأمن المجتمعي(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • التربية الإنترنتية (الناشئ بين مجتمعه الحقيقي ومجتمعه الإنترنتي)(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تلاقح الحضارات والحوار مع الآخرين(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الإسلام والنبي والمجتمع المدني(مقالة - ثقافة ومعرفة)
  • الأخوة والمحبة في الإسلام قيمة تصنع المجتمعات(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • تطبيق شرائع الإسلام صمام أمان للناس كافة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من منطلقات العلاقات الشرق والغرب (الخصوصية)(مقالة - موقع د. علي بن إبراهيم النملة)
  • الحفاظ على الأسرة في زمن الحظر(مقالة - مجتمع وإصلاح)

 


تعليقات الزوار
1- إعجاب و تقدير
حسام حسام 20-03-2012 10:59 AM

بسم الله الرحمن الرحيم
الصلاة و السلام على سيد الخلق و حبيب الحق سيدنا محمد و على آله و أصحابه أجمعين
من عنوان المقال أبدأ لأقول مجتمع المحبة ... ما أحوجنا لذلك ... بعد أن اهترأت المجتمعات وتفككت وابتعدت عن شريعة الدين الحق .. وما أسعدني في هذه اللحظات عندما تجرئت لأسطر كلمات أمام الشيخ الوالد محمد الصباغ أطال الله بعمره
و أنا شخصياً لم أتشرف بلقاءه ولكنني فرد من مجتمع المحبة الذي ننشده لذلك أتقدم بكل شكر وامتنان لك أيها الشيخ والأستاذ و لوالد الفاضل وأرجو أن تغفر ركاكة أسلوبي ولكنني أحبك في الله وكان والدي من قبل كذلك

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 12/11/1446هـ - الساعة: 18:29
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب