• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    في تحريم تعظيم المذبوح له من دون الله تعالى وأنه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
  •  
    كل من يدخل الجنة تتغير صورته وهيئته إلى أحسن صورة ...
    فهد عبدالله محمد السعيدي
  •  
    محاضرة عن الإحسان
    د. عطية بن عبدالله الباحوث
  •  
    ملامح تربوية مستنبطة من قول الله تعالى: ﴿يوم تأتي ...
    د. عبدالرحمن بن سعيد الحازمي
  •  
    نصوص أخرى حُرِّف معناها
    عبدالعظيم المطعني
  •  
    فضل العلم ومنزلة العلماء (خطبة)
    خميس النقيب
  •  
    البرهان على تعلم عيسى عليه السلام القرآن والسنة ...
    د. محمد بن علي بن جميل المطري
  •  
    الدرس السادس عشر: الخشوع في الصلاة (3)
    عفان بن الشيخ صديق السرگتي
  •  
    القرض الحسن كصدقة بمثل القرض كل يوم
    د. خالد بن محمود بن عبدالعزيز الجهني
  •  
    الليلة التاسعة والعشرون: النعيم الدائم (2)
    عبدالعزيز بن عبدالله الضبيعي
  •  
    حكم مشاركة المسلم في جيش الاحتلال
    أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
  •  
    غض البصر (خطبة)
    د. غازي بن طامي بن حماد الحكمي
  •  
    كيف تقي نفسك وأهلك السوء؟ (خطبة)
    الشيخ محمد عبدالتواب سويدان
  •  
    زكاة الودائع المصرفية الحساب الجاري (PDF)
    الشيخ دبيان محمد الدبيان
  •  
    واجب ولي المرأة
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    وقفات مع القدوم إلى الله (9)
    د. عبدالسلام حمود غالب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / مقالات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الصلاة في شدة الخوف وخوض المعركة

الصلاة في شدة الخوف وخوض المعركة
نايف بن محمد بن سعد الراجحي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 5/1/2012 ميلادي - 10/2/1433 هجري

الزيارات: 39231

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الصلاة في شدة الخوف وخوض المعركة

 

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.

أما بعد:

فلا شك ولا ريب بأن الصلاة أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين وهي عظيمة ومهمة جداً وواجبة على كل مجاهد في الإسلام ما دام حياً وهو سليم العقل فلا تسقط عنه بأي حال من الأحوال.

 

ولهذا فإن أوضح آية محكمة في القرآن العظيم في صلاة الخوف في سورة النساء قول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَنْ تَضَعُوا أَسْلِحَتَكُمْ ﴾ [النِّسَاء: 102] إن هذه الآية العظيمة قد شرحها بعض المفسرين رحمهم الله، ومن ضمنهم القرطبي في تفسيره، حيث ذكر أكثر من عشر مسائل:

الأولى: قول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ﴾ [النِّسَاء: 102] قال الراوي: «كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان، فاستقبل المشركين وهم بيننا وبين القبلة وصلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم فلم يجدوا فرصة، ثم قالوا: تأتي الآن عليهم الصلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم، قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآية العظيمة بين الظهر والعصر: ﴿ وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ﴾ [النِّسَاء: 102].

 

وقد ذكر الرب العظيم الجليل أن الصلاة لا تسقط بعذر السفر ولا بعذر الجهاد، وقتال العدو، ولكن فيها رخص، وهذه الآية خطاب للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم من الرب العظيم الجليل، وهو يتناول الأمراء وولاة الأمر من بعده إلى يوم القيامة. ومثال هذه الآية قول الله عز وجل في موضع آخر: ﴿ خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً ﴾ [التّوبَة: 103].

 

خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم ولأمته من بعده في الصلاة والزكاة، وقد أمر باتباعه كقوله عز وجل: ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ﴾ [آل عِمرَان: 31] وحذر من مخالفته، لقول الله عز وجل: ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [الأنعَام: 68] وقد أمرنا باتباعه والتأسي به صلى الله عليه وسلم، والسير على سيرته.

 

وقد جاء في الحديث الصحيح قوله صلى الله عليه وسلم: «صلوا كما رأيتموني أصلي». فيجب اتباعه مطلقاً بعد أن يثبت الدليل من الكتاب والسنة.

 

وقد حارب خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق من تأول في أمر الزكاة، ثم قال رضي الله عنه: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة». علماً بأن الصلاة أمرها عظيم وفضلها كبير للإمام والمأموم، ولكن الزكاة تقتصر على مستحقيها وتوصيلها إليهم.

 

الثانية: قول الله عز وجل: ﴿ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ ﴾ [النِّسَاء: 102] وهذا يعني جماعة منهم تقف في الصلاة مع الرسول صلى الله عليه وسلم، ﴿ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ ﴾ [النِّسَاء: 102] أي الذين يصلون معك وهم واقفون أمام العدو، ولم يذكر سبحانه وتعالى في الآية الكريمة لكل طائفة إلا ركعة واحدة، ولكن رُوي في الأحاديث أنهم أضافوا إليها أخرى على ما سيأتي تفسيره وإيضاحه.

 

هذا إذا كانوا تجاه العدو حذراً وخوفاً من توقع هجومه، وقد اختلفت الروايات في هيئة صلاة الخوف، وذكر ابن القصار من المالكية أنه صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواضع، وقيل أكثر كما ذكره ابن العربي إذ صلاها النبي صلى الله عليه وسلم أربعاً وعشرين مرة.

 

قال الإمام أحمد بن حنبل إمام أهل الحديث: «لا أعلم أنه روي في صلاة الخوف إلا حديث ثابت، وكلها صحاح ثابتة، فعلى أي حديث صلى منها المصلي صلاة الخوف أجزأه ذلك إن شاء الله».

وبه قال أبو جعفر الطبري.

 

وذهب الإمام مالك _ح إلى أن في صلاة الخوف يقوم الإمام ومعه طائفة من أصحابه وطائفة مواجهة العدو فيركع الإمام ركعة ويسجد بالذين معه ثم يقوم، فإذا استوى قائماً ثبت وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلمون وينصرفون والإمام قائم، فيكونون وجاه العدو، ثم يأتي الذين لم يصلوا مع الإمام فيكبرون وراء الإمام فيركع بهم الركعة ويسجد ثم يسلم، فيقومون ويركعون لأنفسهم الركعة الباقية ثم يسلمون محتجاً من جهة الأثر بما جاء في حديث سهل بن أبي حتمة رضي الله عنه.

 

ومن جهة النظر القياس على سائر الصلوات في أن الإمام ليس له أن ينتظر أحداً سبقه بشيء منها وأن السنة المجمع عليها أن يقضي المأمومون ما سبقوا به بعد سلام الإمام.

 

وذهب الأوزاعي وأشهب إلى ما جاء في حديث عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «صلى صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدو، ثم انصرفوا وقاموا مقام أصحابهم مقبلين على العدو، وجاء أولئك ثم صلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثم سلم النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة، وقال ابن عمر: فإذا كان الخوف أكثر من ذلك صلى راكباً أو قائماً يومئ إيماء».

 

وهذا الذي ارتضاه أبو عمر بن عبد البر، قال: لأنه أصحها إسناداً، وقد ورد بنقل أهل المدينة وبهم الحجة على من خالفهم، ولأنه أشبه بالأصول، لأن الطائفة الأولى والثانية، لم يقضوا الركعة إلا بعد خروج النبي صلى الله عليه وسلم من الصلاة.

 

أما الكوفيون أبو حنيفة وأصحابه إلا أبا يوسف القاضي يعقوب فذهبوا إلى حديث عبد الله بن مسعود، قال «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقاموا صفين، صفاً خلف النبي صلى الله عليه وسلم وصفاً مستقبل العدو، فصلى بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة وجاء الآخرون فقاموا مقامهم واستقبل هؤلاء العدو، فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سلم، فقام هؤلاء فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا،ثم ذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبلين العدو، ورجع أولئك إلى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا» وهذه الصفة والهيئة هي المذكورة في حديث ابن عمر إلا إن بينهما فرقاً، وهو أن قضاء أولئك في حديث ابن عمر يظهر أنه حالة واحدة، ويبقى الإمام كالحارس وحده، وهنا قضاؤهم متفرق على صفة صلاتهم.

 

وذهب إسحاق إلى ما جاء حديث حذيفة وأبي هريرة وابن عمر أنه عليه الصلاة والسلام صلى بكل طائفة ركعة ولم يقضوا، وهذا مقتضى حديث ابن عباس رضي الله عنه: «وفي الخوف ركعة».

 

قال القرطبي والصلاة أولى بما احتيط لها، وحديث ابن عباس لا تقوم به حجة وقوله في حديث حذيفة - وغيره «لم يقضوا، أي في علم من روى ذلك؛ لأنه قد روي أنهم قضوا ركعة في تلك الصلاة بعينها، وشهادة من زاد أولى، ويحتمل أن يكون المراد لم يقضوا: أي لم يقضوا إذ أمنوا وتكون فائدة أن الخائف إذا أمن لا يقضي ما صلى على تلك الهيئة من الصلوات في الخوف.

 

وفي رواية لمسلم عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلى بالطائفة الأخرى ركعتين، قال: «فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات وللقوم ركعتان».

 

وفي رواية أخرى عن الحسن عن جابر «أن معاذاً كان يصلي مع النبي العشاء ثم يأتي فيؤم القوم...» الحديث واحتج به من أجاز اختلاف نية الإمام والمأموم في الصلاة، وهو مذهب الإمام الشافعي والإمام أحمد والإمام الأوزاعي، وعضدوا هذا واستدلوا به.

قال الطحاوي: إنما كان هذا في أول الإسلام إذ كان يجوز أن تصلي الفريضة مرتين ثم نسخ ذلك والله أعلم.

 

الثالثة: هذه الصورة المذكورة في الآية يحتاج إليها إذا كان المسلمون مستدبري القبلة ووجه العدو إلى القبلة كما أتفق بذات الرقاع، وأما بعسفان فقد كان المسلمون قبالة القبلة. وما ذكر من سبب النزول في قصة خالد بن الوليد لا يلائم تفريق القوم إلى طائفتين لأن في الحديث بعد قوله سبحانه وتعالى: ﴿ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ ﴾ [النِّسَاء: 102] أي فحضرت الصلاة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذوا السلاح ويصفوا صفين، قال الراوي: «فركع فركعنا جميعاً، ثم رفع فرفعنا جميعاً، قال: ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم في الصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونه، فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم؛ ثم تقدم هؤلاء في مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء، ثم ركع فركعوا جميعاً، ثم رفع فرفعوا جميعاً ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونه، فلما جلس الآخرون سجدوا، ثم سلم عليهم" وقد صلى بهم الرسول صلى الله عليه وسلم صلاتين، مرة بعسفان ومرة في حي بني سليم.

 

وفي رواية أخرى عن أبي هريرة رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان...» الحديث. وفيه أنه عليه الصلاة والسلام «صدعهم صدعين وصلى بكل طائفة ركعة، فكانت للقوم ركعة ركعة، وللنبي صلى الله عليه وسلم ركعتان».

 

وقد ذكر الخطابي بأن صلاة الخوف أنواع صلاها النبي صلى الله عليه وسلم في أيام مختلفة وأشكال متباينة يتوخى فيها كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ للحراسة.

 

الرابعة: اختلفوا في كيفية صلاة المغرب، فذكر بأنه صلى الله عليه وسلم صلى بهم ثلاث ركعات، ثم انصرفوا وجاء الآخرون فصلى بهم ثلاث ركعات، فكانت للنبي صلى الله عليه وسلم ستاً وللقوم ثلاثاً ثلاثاً.

 

والجمهور في صلاة المغرب على خلاف هذا وهو أنه يصلي بالأولى ركعتين وبالثانية ركعة، وتقضي ما تبقى على اختلاف أصولهم في السلام متى يكون هل قبل سلام الإمام أو بعده، وهو قول مالك وأبي حنيفة، لأنه أحفظ لهيئة الصلاة.

 

وقال الشافعي: يصلي بالأولى ركعة، لأن علياً رضي الله عنه فعلها ليلة الهرير ليالي صفين، والله أعلم.

 

الخامسة: اختلفوا في صلاة الخوف عند التحام الحرب وشدة القتال وخيف خروج الوقت، فقال مالك والثوري والأوزاعي والشافعي وعامة العلماء: يصلي كيفما أمكن، لقول ابن عمر، فإن كان خوف أكثر من ذلك فيصلي راكباً أو قائماً يومئ إيماء.

قال في الموطأ: مستقبل القبلة أو غير مستقبلها.

 

وقال الأوزاعي وإن كان تهيأ الفتح ولم يقدروا على الصلاة صلوا إيماءً، كل امرئ لنفسه، فإن لم يقدروا على الإيماء أخروا الصلاة حتى ينكشف القتال ويأمنوا فيصلوا ركعتين، فإن لم يقدروا صلوا ركعة وسجدتين، فإن لم يقدروا لم يجزهم التكبير ويؤخروها حتى يأمنوا، وبه قال مكحول.

 

وإذا كان الخوف أشد من ذلك وكان التحام القتال فإن المسلمين يصلون على ما أمكنهم مستقبلي القبلة ومستدبريها، وأبو حنيفة وأصحابه الثلاثة متفقون على أنهم لا يصلون والحالة هذه بل يؤخرون الصلاة وإن قاتلوا في الصلاة قالوا: فسدت الصلاة وحكي عن الشافعي أنه إن تابع الطعن والضرب فسدت صلاته.

 

وهذا القول يدل على صحة قول أنس رضي الله عنه: «حضرت مناهضة تستر» عند إضاءة الفجر واشتد اشتعال القتال فلم تقدر على الصلاة إلا بعد ارتفاع النهار فصليناها مع أبي موسى رضي الله عنه وفتح لنا، قال أنس رضي الله عنه: «وما يسرني بتلك الصلاة الدنيا وما فيها».

 

وهو اختيار البخاري فيما يظهر لأنه أردفه بحديث جابر قال: جاء عمر يوم الخندق فجعل يسب كفار قريش ويقول: يا رسول الله والله ما صليت العصر حتى كادت الشمس أن تغرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «وأنا والله ما صليتها. قال: فنزل إلى بطحان» فتوضأ وصلى العصر بعدما غربت الشمس ثم صلى المغرب بعدها.

 

السادسة: واختلفوا في صلاة الطالب والمطلوب فقال مالك وجماعة من الصحابة: هما سواء كل واحد منهما يصلي على دابته، وقال الشافعي والأوزاعي: الطالب لا يصلي إلا على الأرض، وهو الصحيح، لأن الطلب تطوع، والصلاة المكتوبة فرضها أن تؤدى حيثما أمكن ذلك، ولا يصليها راكب إلا خائف شديد الخوف، وليس الطالب كذلك والله أعلم.

 

السابعة: اختلفوا أيضاً في العسكر أو في الجند إذا رأوا سواداً عظيماً وظنوا أنه عدوا فصلوا صلاة الخوف، ثم تبين بعد ذلك أنه ليس بشيء على روايتين في مذهب مالك:

أحداهما: يعيدون الصلاة، وبه قال أبو حنيفة.

والثانية: لا إعادة عليهم، وهذا أظهر قولي الشافعي.

 

وجه الأولى: أنهم تبين لهم الخطأ فعادوا إلى الصواب كحكم الحاكم.

 

ووجه الثانية: أنهم عملوا على اجتهادهم؛ فجاز لهم كما لو أخطأوا القبلة، وهذا أولى، لأنهم فعلوا ما أمروا به.

وقد يقال يعيدون في الوقت، فأما بعد خروجه فلا، والله أعلم.

 

الثامنة: هذا وصلاة بالحذر وأخذ السلاح لئلا ينال العدو أمله ويدرك فرصته قال ابن عباس: يعني الطائفة التي وجاه العدو؛ لأن المصلية لا تحارب، وقال غيره: هي المصلية، أي: وليأخذ الذين صلوا أولاً أسلحتهم ذكره الزجاج قال: ويحتمل أن تكون الطائفة الذين هم في الصلاة أمروا بحمل السلاح أي فلتقم طائفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإنه أرهب للعدو.

 

وقال النحاس: يجوز أن يكون للجميع؛ لأنه أهيب للعدو، ويحتمل أن يكون للتي وجاه العدو خاصة.

 

قال أبو عمر: أكثر أهل العلم يستحبون للمصلي أخذ سلاحه إذا صلى في الخوف، ويحملون قوله: على الندب؛ لأنه شيء لولا الخوف لم يجب أخذه؛ فكان الأمر به ندباً.

 

وقال أهل الظاهر: أخذ السلاح في صلاة الخوف واجب لأمر الله به، إلا لمن كان به أذى من مطر أو مرض، فإن كان ذلك جاز له وضع سلاحه.

 

قال ابن العربي: إذا صلوا أخذوا سلاحهم عند الخوف وبه قال الشافعي وهو نص القرآن.

 

وقال أبو حنيفة: لا يحملونها لأنه لو وجب عليهم حملها لبطلت الصلاة بتركها قلنا: لم يجب حملها لأجل الصلاة؛ وإنما وجب عليهم قوة لهم ونظراً.

 

التاسعة: الضمير يعود للطائفة المصلية فيلنصرفوا، هذا على بعض الهيئات المروية. وقيل المعنى: فإذا سجدوا ركعة القضاء على الهيئة الحديث سهل بن أبي حثمة، ودلت الآية على أن السجود قد يعبر به عن جميع الصلاة وهو كقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد فليسجد سجدتين» أي فليصل ركعتين، والضمير يحتمل أن يكون للذين سجدوا، ويحتمل أن يكون للطائفة القائمة أولاً بإزاء العدو والله أعلم.

 

العاشرة: قوله عز وجل: ﴿ وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [النِّسَاء: 102] أي تمنى الكافرون غفلتكم عن أخذ السلاح ليصلوا إلى مقصودهم، فبين عز وجل بهذا وجه الحكمة في الأمر بأخذ السلاح، وذكر الحذر في الطائفة الثانية دون الأولى، لأنها أولى بأخذ الحذر، لأن العدو لا يؤخر قصده عن هذا الوقت، لأنه آخر الصلاة.

 

وفي هذه الآية العظيمة دليل على تعاطي الأسباب واتخاذ كل ما ينجي ذوي والألباب، ويوصل إلى السلامة ويبلغ دار الكرامة، ومعنى قوله عز وجل: ﴿ فَيَمِيلُونَ عَلَيْكُمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً ﴾ [النِّسَاء: 102].

مبالغة أي مستأصلة لا يحتاج معها إلى ثانية.

 

الحادية عشرة: قول الله عز وجل: ﴿ وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كَانَ بِكُمْ أَذىً مِنْ مَطَرٍ أَوْ كُنْتُمْ مَرْضَى ﴾ [النِّسَاء: 102] الآية للعلماء في وجوب حمل السلاح في الصلاة كلام قد مضى ذكره، فإن لم يجب فيستحب للاحتياط، ثم رخص في المطر وضعه لأنه يثقل حمله وتبتل المبطنات وتثقل ويصدأ الحديد، وبهذا رخص في عدم حمله.

 

وبشرح وذكر ما سبق فقد تم توضيح الصفات التي صلى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه في المعركة وهي على عدة صفات كلها ثابتة عن الرسول صلى الله عليه وسلم وإن على كل من عمل بأي صفة منها فصلاته صحيحة. ولهذا فقد اتضح وتبين من شرح هذه الصفات كما جرى ذكرها من أجل العمل والتطبيق لكل مجاهد وحارس ومرابط في سبيل الله وفي ثغور المسلمين ونسأل الله العلي العظيم أن يوفق الجميع لما يحب ويرضى والله أعلم.

 

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • هديه - صلى الله عليه وسلم - في الخوف

مختارات من الشبكة

  • الخوف من الله(مقالة - آفاق الشريعة)
  • توحيد الله تعالى في الخوف والرجاء: مسائل عقدية وأحكام في عبادة الخوف والرجاء (كتاب تفاعلي)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • لماذا الخوف من الله؟ الخوف من التقصير(محاضرة - مكتبة الألوكة)
  • الخوف كل الخوف على من لا تعرف التوبة إليه سبيلا(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الخوف من علاج الخوف(استشارة - الاستشارات)
  • عبودية الخوف والرجاء(مقالة - آفاق الشريعة)
  • نحن وثنائية الخوف والحزن(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • الخوف من الناس والخوف من الله(مقالة - مجتمع وإصلاح)
  • من حافظ على الصلاة والزكاة أمن الخوف في الآخرة(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ملخص أحكام صلاة المسافر ( القصر والجمع ) و صلاة الخوف(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار
  • تكريم 500 مسلم أكملوا دراسة علوم القرآن عن بعد في قازان
  • مدينة موستار تحتفي بإعادة افتتاح رمز إسلامي عريق بمنطقة برانكوفاتش

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 11/11/1446هـ - الساعة: 0:55
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب