• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: العدل ضمان والخير أمان
    يحيى سليمان العقيلي
  •  
    الورد والآس من مناقب ابن عباس (خطبة)
    السيد مراد سلامة
  •  
    الصلاة دواء الروح
    الشيخ إسماعيل بن عبدالرحمن الرسيني
  •  
    أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (خطبة)
    د. عبدالرزاق السيد
  •  
    فضل ذكر الله تعالى
    أحمد عز الدين سلقيني
  •  
    قواعد قرآنية في تربية الأبناء
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    مائدة التفسير: سورة الماعون
    عبدالرحمن عبدالله الشريف
  •  
    وقفات ودروس من سورة آل عمران (3)
    ميسون عبدالرحمن النحلاوي
  •  
    ما انتقد على «الصحيحين» ورجالهما، لا يقدح فيهما، ...
    د. هيثم بن عبدالمنعم بن الغريب صقر
  •  
    على ضفاف عاشوراء {ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه} ...
    وضاح سيف الجبزي
  •  
    وما ظهر غنى؟
    السيد مراد سلامة
  •  
    سؤال وجواب في أحكام الصلاة
    الشيخ صلاح نجيب الدق
  •  
    خطبة: يكفي إهمالا يا أبي
    عدنان بن سلمان الدريويش
  •  
    خطبة: فتنة التكاثر
    عبدالعزيز أبو يوسف
  •  
    تحريم الاستغاثة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه ...
    فواز بن علي بن عباس السليماني
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / دراسات شرعية / فقه وأصوله
علامة باركود

الزواج في القرآن الكريم

الزواج في القرآن الكريم
الشيخ د. عبدالمجيد بن عبدالعزيز الدهيشي

مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 3/1/2012 ميلادي - 9/2/1433 هجري

الزيارات: 1073403

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الزواج في القرآن الكريم

 

الحمد لله ربِّ العالمين، والصَّلاة والسَّلام على النبيِّ الأمين، نبيِّنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

أمَّا بعدُ:

فإنَّ الله تعالى خلَق هذا الكَوْن وجعل فيه سُنَنًا متنوعة، ومن هذه السنن سنَّة الزوجيَّة والتي لا تقتصرُ على نوعٍ دُون آخَر، بل تشملُ كلَّ الكائنات، وقد بيَّن الله تعالى هذه السُّنَّة في العديد من الآيات، منها ما يتعلَّق بالحيوان؛ كقوله تعالى: ﴿ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ ﴾ [الأنعام: 143]، ومنها ما يتعلَّق بالنَّبات، كما في قوله تعالى: ﴿ وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الْأَرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الرعد: 3]، وقوله تعالى: ﴿ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ مَهْدًا وَسَلَكَ لَكُمْ فِيهَا سُبُلًا وَأَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْ نَبَاتٍ شَتَّى ﴾ [طه: 53]، وقوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ ﴾ [الشعراء: 7]، بل نَصَّ - عزَّ وجلَّ - على أنَّ الزوجيَّة سُنَّةٌ في المخلوقات؛ قال تعالى: ﴿ سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ ﴾ [يس: 36]، وقال تعالى: ﴿ وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]، قال الإمام ابن كثير - رحمه الله تعالى -: "أي: جميع المخلوقات أزواج: سماء وأرض، وليل ونهار، وشمس وقمر، وبر وبحر، وضِياء وظَلام، وإيمان وكُفر، وموت وحياة، وشَقاء وسَعادة، وجنَّة ونار، حتى الحيوانات والنَّباتات، ولهذا قال: ﴿ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [الذاريات: 49]؛ أي: لتعلموا أنَّ الخالق واحدٌ لا شريك له".

 

ومن ذلك الإنسان؛ فقد خلقه الله أيضًا من زوجين كما في قوله - تعالى -: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ﴾ [النساء: 1]، وقوله - تعالى -: ﴿ وَأَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى ﴾ [النجم: 45].

 

ومن لوازم الزوجيَّة اجتماع الزوجين لتحقيق مُقتَضى الزوجيَّة ولازمها وتحصيل المراد من الزواج، وذلك يحصل بعقد الزواج، الذي يجتمع بموجبه ذكرٌ وأنثى، ويرتبطان ارتباطًا وثيقًا له ثمراتُه وآثارُه، وقد رغَّب القُرآن الكريم في الزواج في آياتٍ شتَّى؛ فتارةً يردُ ذلك بصيغة الأمر؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ﴾ [النور: 32]، وتارَةً يَصِفُ الزوجة بالسَّكن؛ كما في قوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا ﴾ [الأعراف: 189]، وذكر سبحانه أنَّه جعَل بين الزَّوجين مودَّة ورحمة؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾ [الروم: 21]، وفي هذا المعنى يقولُ سبحانه: ﴿ هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ ﴾ [البقرة: 187]، ولهذا قيل: "لا ألفة بين رُوحَيْن أعظم ممَّا بين الزوجين".

 

وتارَةً يذكُر القُرآن الكريم أنبياء الله تعالى صلوات الله وسلامه عليهم بأنَّه جعَل لهم أزواجًا وذريَّة؛ قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً ﴾ [الرعد: 38]، فالزوجيَّة آيةٌ من آيات الله سبحانه كما بيَّن في كتابه الكريم؛ كما في قوله تعالى: ﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ﴾ [الروم: 21]، وهي حَرِيَّةٌ بالتفكُّر فيها، وتدبُّر عظيم حكمة المولى سبحانه؛ إذ المرأة بعد عقد نكاحها تترُك أبويها وإخوانها وسائر أهلها، وتنتقلُ إلى صُحبةِ رجلٍ غريب عنها، تفضي إليه ويفضي إليها، تقاسمه السراء والضراء وتكون زوجةً له، ويكون زوجًا لها تسكُن إليه ويسكُن إليها، ويكون بينهما من المودَّة والرحمة أقوى من كلِّ ما يكون بين ذوي القُربَى، فسبحان الحكيم العليم!

 

ولما لهذه العلاقة الزوجيَّة من أهميَّةٍ وأثَر لم يترُك الشارع الحكيم هذه العلاقة دُون توجيه وبَيان لما يجبُ على كلِّ طرفٍ نحو الآخَر، وإيضاح ما يُملِيه هذا الاقتران من حُقوق؛ كي يسعد الزوجان ويَهْنَأا في حَياتهما، بل ورَد في الشريعة الإسلاميَّة بيانُ هذه الحقوق والواجبات المتبادلة بين الطرفين؛ كيلا تنحرف الأسرة عن المسار الصحيح، ولا ريب أنَّه بانحِراف الأسرة عن جادَّتها السويَّة ينحرفُ جزء من المجتمع، وما المجتمع إلا مجموعة أُسَر، فالأسرة هي النواة للمجتمع، وهي التي تُشكِّل سداه ولحمته وبصَلاح الأسرة يصلح المجتمع، وبفَسادها يفسدُ.

 

وللمركز المهمِّ الذي تحتلُّه العلاقة الزوجيَّة جاء في الشريعة الإسلاميَّة بيانُ الأحكام المنظِّمة للأسرة وأفرادها[1]، وإنَّ المتأمِّل في آيات القُرآن الكريم يجدُ أنَّ القُرآن الكريم قد اعتنى بالعلاقات الزوجيَّة وأحكامها أيما عِناية، ولم تخلُ مرحلةٌ من مراحل تكوُّن الأسرة من توجيهٍ رباني وهدي قُرآني، ولو استعرَضْنا ما ورد في القُرآن الكريم من التَّشريعات والأحكام المنظِّمة للأسرة وأمورها لطالَ بنا المقام، ولكنْ أكتفِي في هذه العُجالة باستِعراض جُزْءٍ يسير ممَّا ورَد في كتاب الله تعالى في أحكام الأُسرة، ففي الخِطبة - وهي سابقةٌ للزواج - يردُ حُكمٌ قُرآني؛ يقول تعالى: ﴿ وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ... ﴾ [البقرة: 235] الآية.

 

وبيَّن القُرآن الكريم المحرَّمات من النساء اللاتي يحرم نكاحهن؛ يقول تعالى: ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَمَقْتًا وَسَاءَ سَبِيلًا * حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ... ﴾ [النساء: 22، 23] الآية، وتحدَّث القُرآن الكريم عن عدد الزوجات اللاتي يحلُّ للرجل جمعهن في ذمَّته؛ يقول تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا ﴾ [النساء: 3].

 

وأكَّد القُرآن الكريم متانةَ عقد النكاح ومَكانته السامية؛ يقول تعالى: ﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾ [النساء: 21]، فقد وصَف القُرآن الكريم عقدَ النكاح بالمِيثاق الغَليظ لقوَّته وعظمته، كما بيَّن القُرآن الكريم ما يترتَّب على هذا العقد من حُقوق وواجبات لكلِّ واحدٍ من الزوجين وهما طرفا هذا العقد العظيم؛ يقول تعالى: ﴿ وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ ﴾ [البقرة: 228]، وهذه قاعدةٌ عظيمة في بَيان طبيعة الواجبات والحُقوق بين الزوجين.

 

والقُرآن الكريم يحثُّ الأزواج على إحسان العِشرة مع الزوجات، حتى لو لم يكن هناك ودٌّ كامل ومحبَّة خالصة؛ قال تعالى: ﴿ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ﴾ [النساء: 19]، وألزم الله تعالى الزوج بأنْ يُمسِك زوجته بمعروفٍ أو يُسرِّحها بإحسانٍ؛ قال الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وبيَّن القُرآن الكريم جملةً من الواجبات على الزوج، ومن ذلك حقُّ الزوجة في النَّفقة والسُّكنَى؛ قال تعالى: ﴿ أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ ﴾ [الطلاق: 6]، وقال سبحانه: ﴿ لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [الطلاق: 7]، ونهى عن مضارَّة الزوجة في قوله تعالى: ﴿ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ﴾ [الطلاق: 6]، وقوله سبحانه: ﴿ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا ﴾ [النساء: 34]، وبيَّن القُرآن الكريم مشروعيَّة الصُّلح والتنازُل عن بعض الحقوق؛ رغبةً في لَمِّ الشَّمل ومنْع الفراق؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِنْ بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا ﴾ [النساء: 128].

 

وإذا ضاقَ حالُ الزَّوجَيْن وخِيفَ الشِّقاق بينهما، دعا القُرآن الكريم إلى بعْث حكَمَيْن حكيمين قريبين من الزوجين يسعيان في الإصلاح ولَمِّ الشَّمْل؛ قال تعالى: ﴿ وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ﴾ [النساء: 35]، ومتى استَحال عيشُ الزوجين سويًّا وعزم الزوج على الفراق، فإنَّ القُرآن الكريم بيَّن أحكام الطلاق المهمَّة، وألزَمَ بها وحذَّر من التَّعدِّي فيها؛ قال تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ * فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 229 - 230]، كما بيَّن القُرآن الكريم أحكام ما قد يقعُ بين الزوجين من إيلاء أو ظهار أو لِعان، وذكَر القُرآن الكريم حُقوق الأولاد صِغارًا وكِبارًا، من الرضاع والإنفاق والرعاية؛ قال تعالى: ﴿ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 233]، وقال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم: 6].

 

وبالجملة فإنَّ القُرآن الكريم اعتَنَى بالأسرة، وبيَّن أهمَّ أحكامها وآدابها، وفي السُّنَّة النبويَّة المطهَّرة أضعاف ما في القُرآن الكريم من البَيان والتفصيل في هذا الشأن؛ ممَّا يُشعِرنا بعناية الإسلام بالأسرة وإعلاء شأنها، فما أحْرانا أخي المستمِع الكريم وأختي المستمعة الكريمة أنْ نعي ذلك، وأنْ نستشعِرَه، وأنْ نتفقَّه في أحكام دِيننا وشريعتنا؛ كي نتعبَّد لله تعالى بعلمٍ، ونُؤدِّي للعِباد حُقوقهم، أسألُ الله تعالى بمنِّه وكرمه أنْ يُفقِّهنا في الدِّين وأنْ يُعلِّمنا ما ينفَعُنا، إنَّه سميعٌ مجيبٌ.

 

والحمد لله ربِّ العالمين، والسَّلام عليكم ورحمةُ الله وبركاته.



[1] ما مضى منقولٌ بتصرف يسير من كتاب "محرمات العلاقة الزوجية في القرآن الكريم"؛ لفهد عبدالله محمد الحبيشي، من المكتبة الشاملة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الحلقة التمهيدية لبرنامج (فقه الأسرة) الإذاعي
  • مشروعية الزواج وفوائده
  • شرط الشهادة في عقد النكاح، وحكم كتمان النكاح
  • الكفاءة في عقد النكاح
  • أحكام الخِطبة (1)
  • الجهل الذي قضى على كثير من البيوت؟؟
  • القرآن الكريم
  • الزواج الإسلامي السعيد
  • المترفون في كتاب الله تعالى
  • مهارات إدارية وعلمية في القرآن الكريم
  • ميثاق الزواج
  • ما فوائد الزواج في الإسلام؟
  • الزواج تاج الفضيلة (خطبة)
  • القرآن الكريم دستور حياة
  • عظمة القرآن الكريم (خطبة)

مختارات من الشبكة

  • كلمات وصفت القرآن(مقالة - آفاق الشريعة)
  • واجبنا نحو القرآن الكريم (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • ذنبي يجعلني أرفض الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • الزواج العرفي وأحكامه وحكم تحديد سن الزواج ثمانية عشر عامًا (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • وقعت في محرم قبل الزواج: هل عقد الزواج صحيح؟(استشارة - الاستشارات)
  • خطيبتي تخاف من الزواج – فوبيا الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • أريد أن أحفظ القرآن بعد الزواج(استشارة - الاستشارات)
  • التربية في القرآن الكريم: ملامح تربوية لبعض آيات القرآن الكريم - الجزء الثاني (PDF)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (2) أسس حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطريقة النموذجية لحفظ القرآن الكريم (1) مدخل إلى حفظ القرآن الكريم(مقالة - آفاق الشريعة)

 



أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بعد انتظار طويل.. وضع حجر الأساس لأول مسجد في قرية لوغ
  • فعاليات متنوعة بولاية ويسكونسن ضمن شهر التراث الإسلامي
  • بعد 14 عاما من البناء.. افتتاح مسجد منطقة تشيرنومورسكوي
  • مبادرة أكاديمية وإسلامية لدعم الاستخدام الأخلاقي للذكاء الاصطناعي في التعليم بنيجيريا
  • جلسات تثقيفية وتوعوية للفتيات المسلمات بعاصمة غانا
  • بعد خمس سنوات من الترميم.. مسجد كوتيزي يعود للحياة بعد 80 عاما من التوقف
  • أزناكايفو تستضيف المسابقة السنوية لحفظ وتلاوة القرآن الكريم في تتارستان
  • بمشاركة مئات الأسر... فعالية خيرية لدعم تجديد وتوسعة مسجد في بلاكبيرن

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1447هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 20/1/1447هـ - الساعة: 9:57
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب