• الصفحة الرئيسيةخريطة الموقعRSS
  • الصفحة الرئيسية
  • سجل الزوار
  • وثيقة الموقع
  • اتصل بنا
English Alukah شبكة الألوكة شبكة إسلامية وفكرية وثقافية شاملة تحت إشراف الدكتور سعد بن عبد الله الحميد
 
الدكتور سعد بن عبد الله الحميد  إشراف  الدكتور خالد بن عبد الرحمن الجريسي
  • الصفحة الرئيسية
  • موقع آفاق الشريعة
  • موقع ثقافة ومعرفة
  • موقع مجتمع وإصلاح
  • موقع حضارة الكلمة
  • موقع الاستشارات
  • موقع المسلمون في العالم
  • موقع المواقع الشخصية
  • موقع مكتبة الألوكة
  • موقع المكتبة الناطقة
  • موقع الإصدارات والمسابقات
  • موقع المترجمات
 كل الأقسام | مقالات شرعية   دراسات شرعية   نوازل وشبهات   منبر الجمعة   روافد   من ثمرات المواقع  
اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة اضغط على زر آخر الإضافات لغلق أو فتح النافذة
  •  
    خطبة: (ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)
    الشيخ عبدالله محمد الطوالة
  •  
    سورة الكافرون.. مشاهد.. إيجاز وإعجاز (خطبة)
    د. صغير بن محمد الصغير
  •  
    من آداب المجالس (خطبة)
    الشيخ عبدالله بن محمد البصري
  •  
    خطر الميثاق
    السيد مراد سلامة
  •  
    أعظم فتنة: الدجال (خطبة)
    د. محمد بن مجدوع الشهري
  •  
    فضل معاوية والرد على الروافض
    الدكتور أبو الحسن علي بن محمد المطري
  •  
    ما جاء في فصل الشتاء
    الشيخ عبدالله بن جار الله آل جار الله
  •  
    من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: (الرحمن، ...
    فهد بن عبدالعزيز عبدالله الشويرخ
  •  
    تفسير: (فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته ...
    تفسير القرآن الكريم
  •  
    تخريج حديث: إذا استنجى بالماء ثم فرغ، استحب له ...
    الشيخ محمد طه شعبان
  •  
    الخنساء قبل الإسلام وبعده
    الشيخ محمد جميل زينو
  •  
    اختر لنفسك
    د. حسام العيسوي سنيد
  •  
    فاذكروا آلاء الله لعلكم تفلحون (خطبة) - باللغة ...
    حسام بن عبدالعزيز الجبرين
  •  
    آية المحنة
    نورة سليمان عبدالله
  •  
    توزيع الزكاة ومعنى "في سبيل الله" في ضوء القرآن ...
    عاقب أمين آهنغر (أبو يحيى)
  •  
    النبي عيسى عليه السلام في سورة الصف: فائدة من ...
    أبو مالك هيثم بن عبدالمنعم الغريب
شبكة الألوكة / آفاق الشريعة / روافد
علامة باركود

الطلاق (3)

د. محمد جميل غازي

المصدر: كتاب " من مفردات القرآن "
مقالات متعلقة

تاريخ الإضافة: 8/10/2008 ميلادي - 7/10/1429 هجري

الزيارات: 22569

 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
النص الكامل  تكبير الخط الحجم الأصلي تصغير الخط
شارك وانشر

الطلاق (3)

الفصل الثالث

الطلاق

 

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾  [الطلاق: 1].


إذا تأزمَت الأمور بين الزوجين وانعدم الأمل في التوفيق بينهما، فإن الطلاق يفرض نفسه كحل أخير لهذا الموقف المتوتر [1].

 

﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [النساء: 130].

 

لكن: كيف يتفرقان؟ هذا هو السؤال باختصار، والإجابة عليه قد تطول.

1 - الإحسان والمعروف:

وإذا كانت الحياة الزوجية في الإسلام - كما أسلفنا - تقوم على أساسٍ وطيدٍ من الإحسان والمعروف، فإنها أيضًا تنتهي على أساس من الإحسان والمعروف؛ يقول الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229].

ويقول تعالى: ﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [البقرة: 231].

 

ويقول تعالى: ﴿ فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 2].

2 - أسلوب الطلاق [2]:

وقد حدد القرآن الكريم، والسنة المطهرة أسلوبًا للطلاق لا ينبغي للمسلم أن يتعداه، ويمكن أن نوجز هذا الأسلوب في هذه النقاط:

يطلق الزوج زوجته[3] طلقة واحدة إذا طهرت من حيضتها - بعد أن تغتسل، وقبل أن يطأها - ثم يدعها فلا يطلقها حتى تنقضي عدتها، وتظل في بيت الزوجية أيام العدة لا تبرحه، فإن أراد أن يرتجعها في العدة فله ذلك، بدون رضاها، ولا رضا وليها، ولا مهرٍ جديدٍ، وإن تركها حتى تنقضي عدتها، فعليه أن يسرحها بمعروفٍ؛ فقد بانت منه، وإن أراد أن يتزوجها بعد انقضاء العدة، جاز له ذلك، لكن يكون ذلك بعقد جديد، كما لو كان يتزوجها ابتداء، ثم إذا ارتجعها، أو تزوجها مرَّةً ثانيةً، وأراد أن يطلقها فإنه يطلقها كما تقدَّم، فإذا طلقها الطلقةَ الثالثةَ، حرمت عليه حتى تنكح زوجًا غيره، وإن كانت المرأة ممن لا تحيض لصغرها، أو كبرها، فإنه يطلقها متى شاء، سواء أكان وطئها، أم لم يكن وطئها، فإن هذه عدتها بالشهور لا بالأقراء.

 

وهذا الإجمال في حاجة إلى تفصيل وتدليل، نذكره في الفقرات التالية.

3 - حكمة الطلقات الثلاث:

وإنما جعل الإسلام الطلقات ثلاثًا ليتيح للزوجين فرصةً يقيمان فيها المائل من أمرهما، ويقومان المعوج من سلوكهما، حتى إذا فشلا أفسح لهما الإسلام طريق الخلاص: ﴿ وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ ﴾ [النساء: 130].

يقول ابن القيِّم رحمه الله[4]: "ثم أكمل الله لعبده شرعه، وأتم عليه نعمته، بأن ملكه أن يفارق امرأته، ويأخذ غيره؛ إذ لعل الأولى لا تصلح له ولا توافقه، فلم يجعلها غلاً في عنقه، وقيدًا في رجله، وإصرًا على ظهره، وشرع له فراقها على أكمل وجه لها وله بأن يفارقها واحدة" [5].

ثم تتربص ثلاثة قروء، والغالب أنها في ثلاثة أشهر، فإن تاقت نفسه إليها، وكان له فيها رغبة، وصرف مقلب القلوب قلبَه إلى محبتها، ووجد السبيل إلى ردها ممكنًا، والباب مفتوحًا، فراجع حبيبته، واستقبل أمره، وعاد إلى يده ما أخرجته يد الغضب، ونزغات الشيطان منها.

ثم لا نؤمن غلبات الطباع، ونزغات الشيطان من المعاودة، فمكن من ذلك أيضًا مرة ثانية، ولعله أن يذوق من مرارة الطلاق، وخراب البيت، ما يمنعه من التسرع إلى الطلاق.

 

فإذا جاءت الثالثة، جاء ما لا مرد له من أمر الله، وقيل له: قد اندفعت حاجتك بالمرة الأولى والثانية، ولم يبق لك عليها بعد الثالثة سبيل.

فإذا علم أن الثالثة فراق بينه وبينها، وأنها القاضية أمسك عن إيقاعها، فإنه إذا علم أنها بعد الثالثة لا تحل له إلاَّ:

• بعد تربُّص ثلاثة قروء.

• وتزوُّج بزوج راغب في نكاحها وإمساكها.

 

• وأن الأول لا سبيل له إليها حتى يدخل بها الثاني دخولاً كاملاً، يذوق فيه كل واحد منهما عسيلة صاحبه، بحيث يمنعها ذلك من تعجيل الفراق، ثم يفارقها بموتٍ أو طلاقٍ أو خلعٍ، ثم تعتد من ذلك عدة كاملة - تبيَّن له حينئذ يأسه بهذا الطلاق الذي هو أبغض الحلال إلى الله، وعلم كل واحد منهما أنه لا سبيل له إلى العود بعد الثالثة، لا باختياره ولا باختيارها.


4 - الطلاق مرتان:

جاء في سورة البقرة قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229].

 

والمراد بالطلاق في هذه الآية: الطلاق الرجعي؛ إذ لا رجعة بعد الثالثة.

 

يقول أحمد بن حنبل رضي الله عنه: "تدبَّرت القرآن، فإذا كل طلاقٍ فيه فهو الطلاق الرجعي [6] غير قوله تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230].

وإنما قال سبحانه وتعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229] ولم يقل: "طلقتان"؛ إشارة إلى أنه ينبغي أن يكون الطلاق مرةً بعد مرةً لا طلقتين دفعةً واحدةً.

 

وقد حدد الإسلام عدد الطلقات ليقضي على عادةٍ جاهليةٍ قديمةٍ، كانت تتيح للرجل أن يطلق زوجته ما شاء من الطلقات، بأسلوب يستطيع به إلحاق الضرر بها، فتبقى معلقة: لا هي متزوجة ولا هي مطلقة.

فقد أخرج مالك والشافعي - وغيرهما، عن هشام بن عروة عن أبيه قال: "كان الرجل إذا طلق زوجته ثم أرجعها قبل أن تنقضي عدتها، كان ذلك له، وإن طلقها ألفَ مرَّة؛ فعمد رجل إلى امرأته فطلَّقَها حتى إذا ما دنا وقت انقضاء عدتها، ارتجعها، ثم طلقها، ثم قال: والله لا آوبك إلي، ولا تحلين أبدًا، فأنزل الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، فاستقبل الناس الطلاق جديدًا يومئذ من كان منهم طلق، ومن لم يطلق.

والمتأمل في آية البقرة يجد أنها قد اشتملت على الطلقات الثلاث، فقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم: "يا رسول الله، أرأيت قول الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229] فأين الثالثة؟

 

قال صلى الله عليه وسلم: ((التسريح بإحسان الثالثة)) [7].

وأخرج ابن أبي حاتم عن يزيد بن أبي حبيب قال: "التسريح في كتاب الله: الطلاق" [8].

ولفظ "مرتان" في الآية - يشير إلى أن هذا هو الطلاق الذي يمكن الرجعة بعده، أما الثالثة فلا تحل الزوجة لزوجها بعدها، حتى تنكح زوجًا غيره؛ لقوله تعالى: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ﴾ [البقرة: 230].

 

عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال في تفسير قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]: "وهو الميقات الذي تكون فيه الرجعة، فإذا طلق واحدة أو اثنتين، فإما أن يمسك ويراجع بمعروف، وإما أن يسكت عنها حتى تنقضي عدتها، فتكون أحق بنفسها".

5 - إيقاع الطلقات دفعة واحدة:

وإذا أساء الزوج استعمال هذا الحق، بأن طلَّق زوجتَه ثلاثًا في طهرٍ واحدٍ بكلمةٍ واحدةٍ، أو كلماتٍ مثل أن يقول: "أنت طالقٌ ثلاثًا" أو "أنت طالق، وطالق، وطالق"، أو "أنت طالق، ثم طالق، ثم طالق"، أو يقول "أنت طالق"، ثم يقول: "أنت طالق"، ثم يقول: "أنت طالق"، أو يقول: "أنت طالقٌ ثلاثًا، أو عشر طلقات، أو مائة، أو ألف طلقة"، ونحو ذلك من العبارات، فطلاقه محرم، ولا يلزم منه إلا طلقةٌ واحدةٌ.

وهذا القول منقول عن طائفة من السلف والخلف، مثل: الزبير بن العوام، وعبدالرحمن بن عوف، وعلي، وابن مسعود، وابن عباس، وهو قول كثير من التابعين، ومن بعدهم: مثل: طاوس، وخلاس بن عمرو، ومحمد بن إسحاق، وهو قول داود وأكثر أصحابه، ويروى ذلك عن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسن وابنه جعفر بن محمد، وقد ذهب إلى ذلك من ذهب من الشيعة، وهو قول بعض أصحاب أبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل [9].

 

وقد أخذ بذلك القانون رقم 25 لسنة 1929؛ فقد جاء في المادة الثالثة منه: "الطلاق المقترن بعدد، لفظًا أو إشارة - لا يقع إلا واحدة" [10].

وما دامت الآية تقول: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229]، فإن معنى ذلك أن الطلاق مرة بعد مرة، ولا يملك الزوج إيقاع مراته كلها دفعةً واحدةً.

 

ولذلك نظائر في الكتاب والسنة:

مثل: اللعان، والقسامة، والإقرار بالزنا، والذكر والاستئذان.

 

ففي اللعان: يقول الله تعالى: ﴿ وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَدَاءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهَادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ * وَالْخَامِسَةُ أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ * وَيَدْرَأُ عَنْهَا الْعَذَابَ أَنْ تَشْهَدَ أَرْبَعَ شَهَادَاتٍ بِاللَّهِ إِنَّهُ لَمِنَ الْكَاذِبِين * وَالْخَامِسَةَ أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ ﴾ [النور: 6 - 9].

 

فلو قال اللاعن: "أشهد بالله أربع شهاداتٍ، إني لمن الصادقين"، أو قالت الملاعنة: "أشهد أربع شهادات بالله، إنه لمن الكاذبين" - كان شهادةً واحدةً، لا أربع شهادات.

وفي القسامة [11]: يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آَخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلَاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لَا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآَثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآَخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [المائدة: 106 - 108].

 

فلو حلف في القسامة وقال: أقسم بالله خمسين يمينًا، إن هذا قاتله، كانت مرةً واحدةً.

وفي الإقرار بالزنا: فلو قال المقر: "أنا أقر أربع مرات أني زنيت"، كانت مرةً واحدةً.

وفي الذكر: يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسبحون وتحمدون وتكبرون دُبُر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين مرَّة".

 

فلو قال الذاكر: "سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثًا وثلاثين" لم يحصل له هذا الثواب حتى يقولها مرةً بعد مرةٍ، وهكذا سائر ضروب الذكر.

وفي الاستئذان: يقول الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ﴾ [12].

 

فلو قال الزائر: "أستأذن ثلاث مرات" كانت واحدة.

 

فهذه النصوص لا تخرُج في قليل ولا كثيرٍ عن قوله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ﴾ [البقرة: 229].

 

وما لاحظناه في هذه النصوص ينبغي أن نلاحظه في هذا النص الكريم [13].

6 - طلاق البدعة:

1 - أن يطلقها أكثر من طلقة واحدة دفعةً واحدةً.

2 - أو يطلقها وهي حائض.

3 - أو يطلقها في طهر قد مسَّها فيه.

وقد اختلف علماء الشريعة في طلاق البدعة، فذهب الحنفية، وجمهور من المالكية، والشافعية والحنابلة إلى أن طلاقه واقعٌ، ولكنه آثمٌ لمخالفته الطريق المشروع في الطلاق.

 

وعند الإمامية لا يقع الطلاق إذا كان ثلاثًا في دفعةٍ واحدةٍ، ولا الطلاق في الحيض؛ لأنه بدعةٌ محرمةٌ؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((من عمِل عملاً ليس عليه أمرنا فهو ردٌّ)) [14].

وجرى ابن تيمية وابن القيم على عدم وقوع طلاق البدعة، واعتبار الطلقات الثلاث دفعةً واحدةً - طلقةً واحدةً.

 

وحُجَّتُهم: حديث ابن عمر الذي رواه مالك في الموطأ [15] عن نافعٍ رضي الله عنه: إن عبدالله بن عمر طلّق امرأته وهي حائضٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرْه فلْيُرَاجِعْها))، فليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسكها بعدُ، وإن شاء طلق قبل أن يمسَّ، فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء.

ولهم في هذا الحديث استنتاجات:

الأول: قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((مُرْه فليراجعها)) ليس معناه أن الطلاق قد وقع، بل معناه على العكس من ذلك؛ لأن ابن عمر لمَّا فارق امرأته ببدنه كما جرت العادة من الرجل إذا طلق امرأته اعتزلها ببدنه واعتزلته ببدنها، فقال لعمر: ((مُرْه فليراجعها))، ولم يقل: "فلْيَرْتِجِعْها"، والمراجعة [16] مفاعلةٌ من الجانبين، أي: ترجع إليه ببدنها، فيجتمعان كما كانا؛ لأن الطلاق لم يلزمه، فإذا جاء الوقت الذي أباح فيه الطلاق حينئذ إن شاء.

الثاني: لو كان الطلاق قد لزم، لم يكن في الأمر بالرجعة ليطلقها طلقة ثانيةً فائدةٌ، بل فيه مضرَّةٌ عليهما؛ لأنه يكون حينئذ تكثيرٌ للطلاق، وتطويلٌ وتعذيبٌ للزوجين.

 

الثالث: لم يأمر ابن عمر بالإشهاد على الرجعة - كما أمر الله ورسوله - ولو كان الطلاق قد وَقَعَ، لأمر بالإشهاد على الرجعة.

 

الرابع: لو كان الطلاق المحرم قد لزم، لكان قد حصل الفساد الذي كرهه الله ورسوله، وذلك الفساد لا يرتفع برجعةٍ يباح له الطلاق بعدها، والأمر برجعةٍ لا فائدة فيها مما تنزه عنه الله ورسوله، فإنه إن كان راغبًا في المرأة فله أن يرتجعها، وإن كان راغبًا عنها فليس له أن يرتجعها، فليس في أمره برجعتها مع لزوم الطلاق له مصلحةٌ شرعيةٌ، بل زيادة مفسدة، ويجب تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلم عن الأمر بما يستلزم زيادة الفساد، والله ورسوله إنما نهى عن الطلاق البدعي لمنع الفساد، فكيف يأمر بما يستلزم زيادة الفساد[17]؟

7 - حديث الملاعنة:

هذا هو حديث ابن عمر، وما استنتج منه، وهو أصل في باب الطلاق، وقد اعتمد عليه القائلون بعدم وقوع الطلاق أثناء الحيض.

 

وأما حديث الملاعنة، فقد رواه أحمد والشيخان عن سهل بن سعد - أن عويمرًا العجلاني أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، أرأيت رجلاً وجد مع امرأته رجلاً، أيقتُله فتقتلونَه أم كيف يفعل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك قرآنًا فائْتِ بها))، فتلاعنا، وأنا مع الناس [18]، عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا قال عويمر: كذبتُ عليها، يا رسول الله، إن أمسكتُها، وطلقها ثلاثًا قبل أن يأمره رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

 

وفي لفظ لمسلم وأحمد: "وكان فراقُه إياها سنَّة في المتلاعنين".

وفي رواية أن عويمرًا قال بعد قوله: "كذبتُ عليها": "فهي الطلاق، فهي الطلاق، فهي الطلاق".

ولم يَرِدْ في الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم أنكر عليه ذلك.

 

والصحيح ما قاله الشوكاني [19]، أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سكت عن ذلك؛ لأن الملاعِنة تَبِين بنفس اللعان، فالطلاق الصادر عن الزوج بعد ذلك لا محل له.

8 - موقف عمر من الطلاق الثلاث:

كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر: طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "إن الناس قد استعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناةٌ، فلو أمضيناه عليهم"، فأمضاه عليهم [20].

 

وبذلك أصبح من يلفظ الطلاق ثلاثًا تبين زوجته منه، ولا يعد الطلاق واحدًا كما كان الحال في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

يقول ابن القيم في "إعلام الموقعين": "إن إجازة عمر الثلاث لما تتابع الناس في الطلاق - تأديبٌ لهم على مخالفة ما شرعه الله في الطلاق، من كونه يوقع المَرَّةَ بعد المرة ليرجعوا إلى السنّة، وقد وجد ذلك بالنسبة لذلك الوقت".

 

ثم يقول ابن القيم: "وإن المصلحة اليوم تقتضي بالرجوع إلى الكتاب وما نصت به، في عهد النبي صلى الله عليه وسلم والخليفة الأوَّل، فيَبقَى المطلق في فسحةٍ من أمرِه، وهو بالخيار بين الإمساك والتسريح في الطلقة الأولى، ثم الطلقة الثانية، فإذا بَتَّ الطلاق بالثلاثة فقد نُزِع الأمر من يده، بعد أن جرب الزوجان اشتراكهما في الحياة ثلاث مراتٍ، ففشلت تجربتهما" [21].


9 - الطلاق المعلق:

قسموا الطلاق إلى نوعين: منجز، ومعلق.

فالمنجز: هو الطلاق الذي يقع مرسلاً من غير تقييدٍ بصفةٍ ولا يمينٍ، كقوله: "أنت طالقٌ"، أو "مطلقةٌ"، أو "فلانةٌ طالقٌ"، أو "أنت الطلاق"، أو "طلقتك"، أو نحو ذلك مما يكون بصيغة الفعل، أو المصدر، أو اسم الفاعل، أو اسم المفعول.

 

وهذه الصيغة لا خلاف في وقوعها، إذا صادفت الشروط التي أوضحناها.

والمعلق: هو الطلاق بصفة، كقوله: "إذا دخلت الدار، فأنت طالقٌ".

يقول الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في كتابه القيم "نظام الطلاق في الإسلام" [22]: "والطلاق المعلق كله غير صحيحٍ ولا واقع؛ لأنه ليس من الطلاق المأذون فيه، والرجُل لا يملك من الطلاق إلا ما أذن به الله - سبحانه وتعالى - وأيضًا فإن تعليقه على شيء سيكون في المستقبل يجعله لفظًا باطلاً؛ لأنَّ الإنشاء إنما يكون في الحال فقط، ولا يمكن عقلاً أن يكون في الاستقبال".

 

ثم يقول: "والأدلة التي احتججنا بها فيما مضى لبطلان الطلاق البدعي - كافيةٌ في الحكم ببطلان الطلاق المعلق كله".

 

وقد قال الشيخ شاكر هذا تعليقًا على المادة الثانية من القانون 25 لسنة 1929م، والتي تقول: "لا يقع الطلاق غير المنجز، إذا قصد به الحمل على فعل شيءٍ أو تركه".

 

ثم يقول: "لا اعتراض لي على هذه المادة؛ إلاَّ أنها غير كافيةٍ في إبطال الطلاق المعلق مطلقًا".

10 - الحلف بالطَّلاق:

الحلف بالطلاق بدعةٌ، وكل بدعةٍ ضلالةٌ، وكل ضلالةٍ في النار.

ولم تكن هذه البدعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما ابتدعها الحجاج بن يوسف الثقفي.

 

يقول ابن تيمية [23]: "كانت السنّة في البيعة: أن الناس يبايعون الخليفة كما بايع الصحابة النبيَّ صلى الله عليه وسلم يعقدون البيعة كما يعقدون عقد البيع والنكاح، ونحوهما، إما أن يذكروا الشروط التي يبايعون عليها ثم يقولون: بايعناك على ذلك، كما بايعَت الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة، فلما أحدث الحجاج ما أحدث من الفسق، كان من جملته أن حلف الناس على بيعتهم لعبدالملك بن مروان: بالطلاق، والعتاق، واليمين بالله، وصدقة المال، فهذه الأيمان الأربعة كانت أيمانَ البيعة القديمة المبتدعة، ثم أحدث المستخلفون من الأمراء من الخلفاء والملوك وغيرهم أيمانًا كثيرةً أكثر من ذلك، وقد تختلف فيها عادتهم، ومَن أحدث ذلك، فعليه إثم ما ترتَّب على هذه الأيمان من الشر".

ثم يقول في موضع آخر من كتابه [24]: "إن اليمين بالطلاق بدعةٌ محدثةٌ في الأمة".

وقد صح عن عكرمة في حكم الحلف بالطلاق: "إنَّها من خطوات الشيطان، لا يلزم بها شيءٌ" [25].

وصح عن شريح وابن مسعود: "أنها لا يلزم بها الطلاق" [26].

 

إن الحلف بالطلاق داخلٌ تحت قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت))، وقوله: ((إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم))، وقوله: ((من حلف بغير الله فقد أشرك)).

وصفوة القول أن الطلاق الذي شرعه الله هو الطلاق الرجعي، وهو أن يطلق الرجل زوجته طلقةً واحدةً في طهر لم يجامعها فيه، ثم تظل معه في بيت الزوجية إلى أن تنقضي عدتها؛ يقول الله تعالى: ﴿ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ﴾ [الطلاق: 1]، هذا هو حكم الله، وتلك هي حدوده ﴿ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ﴾ [الطلاق: 1].

 

لكن: كيف يمسك الزوج امرأة طلقها في بيته؟ أو كيف تظل الزوجة في بيتٍ طلقها صاحبُه؟

 

يجيب الله العليم ببواطن الأمور، الخبير بطوايا النفوس: ﴿ لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا ﴾ [الطلاق: 1].

 


[1] وأنقل هنا فصلاً كتبه الفيلسوف الإنجليزي "بنتام" (1748 - 1832) يقول فيه: "لو وضع قانون ونُهِي فيه عن حل الشركات، ورغم الوصاية، وعزل الوكيل، ومفارقة الرفيق، لصاح الناس أجمعون: إنه غاية في الظلم، واعتقدوا صدوره عن مجنون أو معتوه، فالزوج رفيق، ووصي، ووكيل، وشريك"، ثم يقول: "وقد اعترضوا على الطلاق بأمور لا بد من الكلام عنها:

الاعتراض الأول: قالوا: إن الطلاق يولد عند الزوجين ريبةً في مستقبلهما؛ فالرجل يلتفت يمينًا وشمالاً ليجد امرأةً توافقه أكثر من التي في عصمته؛ وكذلك يكون للمرأة مقاصد وأسباب تحملها على تغيير زوجها، ونتيجة هذه الحالة اضطراب في المعيشة حاضرًا، وعدم يقينٍ بها في المستقبل.

والجواب: أولاً: يوجد شيء من هذا المحذور في الزواج الدائم وتختلف الأسماء فقط، ليدل على الزوجة الجديدة هناك، يقال: عشيقة أو رفيقة هنا، وبدل الزوج الجديد يكون العاشق أو الرفيق، وربما كان الزواج الدائم وقيوده الثقيلة القاسية من دواعي القلق وعدم الاستقرار، لا من دواعي الصبر والاستمرار، ألا يعلمون أن النهي والإكراه يحركان الشهوة ويقويانها، ثانيًا: لا يكفي أن ينظر إلى الضرر فقط، بل ينبغي أن يلتفت إلى المنفعة أيضًا، والطلاق ينبه كلا الزوجين على ما سيخسره لو أساء المعاملة، فيضطرهما إلى دوام المجاملة والملاءَمة، ويهتم كل واحدٍ منهما بمعرفة أخلاق صاحبه وطباعه حتى لا يعمل عملاً ينفره، ويعلم أنه لا بد من التواضع والتنازل حتى تستمرَّ الحياة بينهما.

الاعتراض الثاني: إذا أبيح الطلاق، أقبل كل واحد من الزوجين على الآخر مع الفتور والإعراض طامعًا في المنفعة المادية، غير ملتفت إلى الفوائد الأدبية، وذلك مما يحمل على التبذير والإهمال وسوء التصرف في الأمور كلها.

الجواب: إن سوء التصرف في الزواج من غير طلاق أكثر، والسبب في ذلك اشمئزاز كل زوج من الآخر، وتصير تربيتهم والاعتناء بمستقبلهم أمرًا ثانويًّا عند الوالدين، فيذهب كل واحد خلف منافعه الشخصية، وشهواته غير مبالٍ بما يكون من شأن صاحبه، ومتى وصل الزوجان إلى هذه الحالة ساء تصرفهما، وفسد حالهما، وكثيرًا ما كان التباعد بين القلوب موجبًا لذهاب الثروة، وزوال المال، ولا محل لهذا الضرر في الزواج مع الطلاق؛ لأن الاشمئزاز يكون قد فصل بين الزوجين.

هذا، وإمكان الطلاق يميل بالزوجين إلى جانب اللين في المعاملة لا الإسراف في سوئها؛ إذ يخاف كل منهما أن يغضب الآخر، وهو محتاج إلى استبقاء مودته؛ لذلك يسدل كل واحدٍ من الزوجين ثوب الإغضاء عن هفوات الآخر، ويغض الطرف عن زلاته، وبالجملة فالطلاق ينبه كل متزوجٍ إلى أنه لا يسهل عليه الاقتران ثانيةً؛ إلا إذا اشتهر بالاستقامة في الرأي والحزم والتدبير.

الاعتراض الثالث: ما الذي يؤول إليه حال الأطفال إذا تفرق أبواهم؟

الجواب: يصيرون إلى حالتهم عند موت أحدهما، وليست حالتهم عند التفرُّق بالطلاق أشد تعاسة منها عند الموت؛ ص12 من كتاب "الطلاق في الإسلام"، لمولانا محمد علي.

[2] عن ابن عباس وغيره من الصحابة: "الطلاق على أربعة أوجه: وجهان حلال، ووجهان حرام؛ فأما اللذان هما حلال: فأن يطلق امرأته طاهرًا في غير جماع، أو يطلقها حاملاً قد استبان حملها، وأما اللذان هما حرام: بأن يطلقها حائضًا أو يطلقها بعد الجماع لا يدري: أشتمل الرحم على ولدٍ أم لا؟"؛ رواه الدراقطني وغيره.

[3] بعد أن يستنفد الوسائل التي شرحناها في الفصلين السابقين.

[4] "إعلام الموقعين"، 3/ 59 وما بعدها.

[5] أي: يطلقها طلقةً واحدةً رجعيةً في طهرٍ لم يجامعها فيه

[6] يعني طلاق المدخول بها.

[7] أخرجه عبدالرزاق وسعيد بن منصور والبيهقي وغيرهم عن أبي رزين الأسري.

[8] جاء لفظ التسريح في القرآن الكريم أربع مرات: في البقرة، والأحزاب، هي:

﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229].

﴿ وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ﴾ [البقرة: 231].

﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 28].

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].

[9] "مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية"، 33/ 9.

[10] ويعقب الشيخ أحمد شاكر رحمه الله على هذه المادة بقوله: "إنها كانت فتحًا جديدًا ورفعت عن الناس كابوس الطلاق الثلاث، ولكنها لم تكن العلاج الصحيح لاندفاعهم في الطلاق وسوء استعمالهم إياه، ولم تكن كافيةً للرجوع بأحكامه إلى الطلاق المشروع الثابت في الكتاب والسنة"، ص 115 من كتابه "نظام الطلاق في الإسلام"، ثم يقترح أن تعدل المادة إلى ما يلي: (المعتدة لا يلحقها طلاق).

[11] القسامة: هي أن يقسم خمسون من أولياء الدم على استحقاقهم دم صاحبهم، إذا وجدوه قتيلاً بين قوم، ولم يعرف قاتله، أو يقسم المتهمون على نفي القتل عنهم، فإن حلف المدعون استحقوا الدية، وإن حلف المتهمون لم تلزمهم الدية.

[12] النور: 58.

[13] وراجع: "إعلام الموقعين"، لابن القيم 3/ 42.

[14] "نيل الأوطار"، 6/ 143.

[15] 4/ 96، والحديث صحيح؛ رواه البخاري ومسلم من طريق مالك.

[16] المراد بالمراجعة - هنا - المعنى اللغوي للكلمة، وأما استعمالها في مراجعة المطلقة الرجعية، فإنما هو اصطلاحٌ مستحدثٌ بعد عصر النبوة، ولم تستعمل بهذا المعنى في القرآن أصلاً، بل استعمل "الرد" و"الإمساك"، فقط ﴿ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ ﴾ [البقرة: 228]، ﴿ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [البقرة: 229]، ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [البقرة: 231]، ﴿ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا ﴾ [البقرة: 231]، وأما المراجعة فإنها استعملت في القرآن في غير هذا المعنى الاصطلاحي، استعملت في المطلقة الطلقة الثالثة إذا تزوجت رجلاً آخر، وطلقها ثم تعود بنكاحٍ جديدٍ إلى زوجها الأول: ﴿ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا ﴾ [البقرة: 230]، وراجع: "نظام الطلاق في الإسلام"، ص30، للشيخ أحمد شاكر.

[17] ص22 وما بعدها من الجزء 33 من "مجموعة فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية".

[18] يعني سهل بن سعد راوي الحديث.

[19] "نيل الأوطار"، 7/ 12، 13.

[20] رواه مسلم في صحيحه وأحمد في مسنده.

[21] "إعلام الموقعين"، 3/ 34.

[22] ص164.

[23] "القواعد النورانية الفقهية"، 323.

[24] ص953.

[25] "محاسن التأويل"، لجمال الدين القاسمي، 2/ 594.

[26] نفس الكتاب والصفحة.





 حفظ بصيغة PDFنسخة ملائمة للطباعة أرسل إلى صديق تعليقات الزوارأضف تعليقكمتابعة التعليقات
شارك وانشر

مقالات ذات صلة

  • الطلاق (1)
  • شبح الطلاق
  • الطلاق والحياة الجديدة
  • لي عندك طلب مهم
  • الزواج بنية الطلاق
  • أدركوا باقي الأسر المسلمة قبل أن يجرفها طوفان الطلاق!!!
  • خطبة المسجد النبوي 19 /3 /1431هـ
  • لست ابنتنا (قصة قصيرة)
  • الطلاق غول يهدد المجتمع العربي
  • خطر الطلاق وأسباب انتشاره
  • الطلاق وأحكامه وآدابه
  • الطلاق تعريفه ومشروعيته
  • الطلاق
  • من قال لزوجته: أنت طالق ثلاثا
  • الطلاق بالإشارة
  • الطلاق بصيغة الماضي
  • تعليق الطلاق على مستحيل
  • تعليق الطلاق بالشروط
  • التأويل في الحلف بالطلاق وغيره
  • الطلاق المعلق على شرط

مختارات من الشبكة

  • أقسام الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • الطلاق(مقالة - آفاق الشريعة)
  • أحكام الطلاق – شروط الطلاق (PDF)(كتاب - موقع الشيخ أحمد بن عبدالرحمن الزومان)
  • الطلاق من حقوق الله تعالى وحدوده - دراسة فقهية في سورة الطلاق (WORD)(كتاب - مكتبة الألوكة)
  • الخلع بلفظ الطلاق(مقالة - موقع الشيخ فيصل بن عبدالعزيز آل مبارك)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (1)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • يا من يريد الطلاق (خطبة)(مقالة - آفاق الشريعة)
  • من طرق إثبات الطلاق الإلكتروني: الإقرار(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • حالات عدم وقوع الطلاق الإلكتروني (2)(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)
  • الطلاق بالكتابة(مقالة - موقع أ. د. علي أبو البصل)

 


تعليقات الزوار
1- ......
الشاكر - جمهورية مصر العربية 12-04-2009 08:56 PM

ولعلاج هذه المشكلة فإن من الضروري أن يؤخذ بالأسباب التي تؤدي إلى منع حدوث الطلاق سواء كان ذلك قبل الزواج وأثناء الخطبة أو بعد الزواج وأثناء حياة الزوجين مع بعضهما

1 

أضف تعليقك:
الاسم  
البريد الإلكتروني (لن يتم عرضه للزوار)
الدولة
عنوان التعليق
نص التعليق

رجاء، اكتب كلمة : تعليق في المربع التالي

مرحباً بالضيف
الألوكة تقترب منك أكثر!
سجل الآن في شبكة الألوكة للتمتع بخدمات مميزة.
*

*

نسيت كلمة المرور؟
 
تعرّف أكثر على مزايا العضوية وتذكر أن جميع خدماتنا المميزة مجانية! سجل الآن.
شارك معنا
في نشر مشاركتك
في نشر الألوكة
سجل بريدك
  • بنر
  • بنر
كُتَّاب الألوكة
  • بمشاركة 75 متسابقة.. اختتام الدورة السادسة لمسابقة القرآن في يوتازينسكي
  • مسجد يطلق مبادرة تنظيف شهرية بمدينة برادفورد
  • الدورة الخامسة من برنامج "القيادة الشبابية" لتأهيل مستقبل الغد في البوسنة
  • "نور العلم" تجمع شباب تتارستان في مسابقة للمعرفة الإسلامية
  • أكثر من 60 مسجدا يشاركون في حملة خيرية وإنسانية في مقاطعة يوركشاير
  • مؤتمرا طبيا إسلاميا بارزا يرسخ رسالة الإيمان والعطاء في أستراليا
  • تكريم أوائل المسابقة الثانية عشرة للتربية الإسلامية في البوسنة والهرسك
  • ماليزيا تطلق المسابقة الوطنية للقرآن بمشاركة 109 متسابقين في كانجار

  • بنر
  • بنر

تابعونا على
 
حقوق النشر محفوظة © 1446هـ / 2025م لموقع الألوكة
آخر تحديث للشبكة بتاريخ : 13/11/1446هـ - الساعة: 23:33
أضف محرك بحث الألوكة إلى متصفح الويب